تقارير..دعوة هنيّة.. مناورة أم بحث عن مخرج؟....في مصر تكون الولايات المتحدة أفضل حالاً عندما لا تفعل شيئاً

أكراد تركيا قلقون من أردوغان... وأبناؤهم ما زالوا يتوجهون الى الجبال...غارات صاروخية من 4 مدمرات ضد أهداف منتقاة وحساسة.. متى وكيف سيتم "تأديب" نظام بشّار... و(جنيف 2) قائم...فقر الإسلاميين الى ثقافة التوافق

تاريخ الإضافة الأربعاء 28 آب 2013 - 7:58 ص    عدد الزيارات 1818    التعليقات 0    القسم دولية

        


 

أكراد تركيا قلقون من أردوغان... وأبناؤهم ما زالوا يتوجهون الى الجبال
الحياة...ديار بكر (تركيا) - فيكين شيتيريان
قاطعت مرات عدّة الطائرات العسكرية التي تحلّق على علوّ منخفض، الحديث الذي كان يدور بيني وبين الصحافية ومنتجة الأفلام الوثائقية هاتيس كامر. وحين سألتُها عن سبب كثافة تحليق الطائرات العسكرية، قلّلت من أهمية الموضوع بالقول: «لقد اعتدنا على الأمر»، ومن ثمّ أضافت: «إنهم يسيّرون ربما دوريات على الحدود السورية والعراقية». فالجيش منتشر في كل مكان في مدينة ديار بكر التي تعدّ مركزاً حضرياً أساسياً في جنوب شرقي تركيا والعاصمة الكردية غير الرسمية. كما تحلّق الطائرات العســـكرية والطائرات المروحـــية فوق رؤوس الناس. خارج البلدة القدـــيمة، تمّ تصنيف مناطق كبيرة على أنها «مناطق أمنية» وهي محاطة بجدران وُضعت عليها أسلاك شائكة فيما يتولى حراستها الجنود الموجودون في الثكنات وفي المباني المخصصة لسكن عائلات العسكريين.
وحين ينتقل المرء من مدينة ديار بكر باتجاه القرى المجاورة، يمرّ أحياناً بجانب مواكب عسكرية ويلاحظ وجود تحصينات عسكرية واسعة على مسافات منتظمة وفي أماكن مطلة على الطرقات الإستراتيجية.
فنحن في أراض يوجد فيها ثوار فيما الجيش موجود هنا من أجل الحفاظ على الأمن.
لكن، حصل تغيير منذ كانون الثاني (يناير) 2013 حين أعلن كلّ من الجيش التركي والثوّار الأكراد التابعين لحزب العمّال الكردستاني عن وقف لإطلاق النار وعن بدء عملية سلام أخرى عُرفت في تركيا باسم «عملية الحل». ومنذ ذلك الحين، تراجعت حدّة التضييق الذي كان يمارسه الجيش. فتمّت إزالة نقاط التفتيش والحواجز على رغم أنّه لا يزال ممكناً رؤية بقاياها على الطرقات الأساسية. والأهم هو أنّ الاشتباكات المسلحة التي بلغت ذروتها عام 2012 قد توقّفت. إذ لم يتمّ قتل أي جندي أو عضو عصابة خلال هذه السنة (على رغم قتل مدنيين غير مسلحين خلال اشتباكات في حزيران (يونيو) الماضي). كما يقول سكان مدينة ديار بكر إنّ وجود الشرطة في الشوارع والتضييق الذي كانوا يمارسونه قد تراجع منذ ذلك الحين.
على رغم التغيّرات التي حصلت، لا يزال عدد كبير من الأشخاص يشكّك في إمكان بلوغ الهدف المرجو من عملية السلام، أي إحلال السلام. أعلن باريش ألن وهو عضو في حزب السلام والديموقراطية، الجناح السياسي لحزب العمّال الكردستاني، ومستشار في العلاقات الخارجية في بلدية ديار بكر الــكبرى: «لا نظنّ أنّ العملية الحالية ستؤدي إلى إحلال السلام، إلا أننا نأمل في أن تغيّر منطق النضال من نضال عسكري إلى نضال سياسي».
يرغب حزب الســلام والديموقراطية أن يكون فاعلاً في النضال السياسي الشرعي، إلا أنّ الدولة لا تزال تحول دون ذلك. يسيطر الحزب الكردي على بلدية ديار بكر منذ انتخابات عام 2009. إلا أنّ إمكانياته محدودة. إذ إنه يتمّ انتخاب المجلس البلدي ورئيس البلدية فيما تعيّن أنقرة الحاكم البلدي. أما القرار النهائي فيعود الى الحاكم غير المنــتخب الذي يجدر به وضع توقيعه على كل وثيقة وتسليمها إلى الســلطة الشــرعية، مع العلم أنّ هذا الوضع غريب من وجهة نظر ديموقراطية بحيث يُفترض بممثلي الشعب المنتــخبين مراقبة السلطة التنفيذية وليس العكس. نتيجة لذلك، غالباً ما يتمّ رفض المشاريع التي تقترحها البلدية. عرضت مثلاً البـــلدية إقامة مــشروع إعادة تدوير مموّل من مصرف التنمية الألماني. لكن، حين اتهمت السلطات التركية هذا المصرف بـ «تمويل الإرهاب»، تمّ إهمال هذا المشروع.
عقب النجاح الانتخابي الذي حققه الحزب الكردي عام 2009، تضاعف عدد البلديات التي تقع تحت سيطرته من 56 إلى 98. وتلت ذلك موجة قمع أدّت إلى اعتقال نحو مئة نائب كردي منتخب بتهمة التعامل مع «إرهابيين».
كما تمّت إدانة النائب المنتخب هاتيب ديكل الذي سُجن على مدى عشر سنوات من عام 1994 لغاية عام 2004 لأنّه قال إنّ «لون الدمعة التي تذرفها والدة جندي مقتول أو عضو عصابة مقتول هي نفسها». فاتُّهم بأنه يوازي ما بين الجيش التركي ومقاتلي حزب العمّال الكردستاني الذين تعتبرهم الدولة التركية إرهابيين. وحين كان في ما بعد مرشحاً مستقلاً وانتُخب نائباً في البرلمان التركي عام 2011، تمّ إبطال انتخابه وتمّ استبداله بعضو في حزب العدالة والتنمية بسبب إدانته السابقة بموجب قانون الإرهاب.
قال عبدالله دميرباش وهو رئيس بلدية سور التاريخية في مدينة ديار بكر والواقعة ضمن جدران المدينة: «يجب أن أقر بأنّ الحكومة المركزية لا تنظر إلينا بإيجابية. وتنعكس هذه النظرة على العلاقة بين المجالس البلدية والحكام الذين تعيّنهم. ففي حال أقام الحكام علاقات جيّدة مع السلطات المحلية، قد يتمّ عزلهم من منصبهم، وثمة أمثلة كثيرة على ذلك». كما أضاف أنّ الحاكم الجديد انتُخب منذ أشهر قليلة وأنّ الانطباع الأوّل الذي تركه كان إيجابياً فيما رفض الحاكم السابق إقامة أي علاقة مع البلدية. فهل يشكّل ذلك دليلاً على تغيير في السياسات في أنقرة؟
تعدّ حقوق اللغة إحدى نقاط الخلاف الأساسية بين السلطات البلدية في ديار بكر وبين الدولة التركية. حين تمّ انتخاب دميرباش عام 2004، وعد ناخبيه باستخدام لغته المحلية في إدارته. وشدّد على أنّه يعني باللغات المحلية، اللغة الكردية والعربية والأرمنية والآشورية. كما أعدّ خرائط للجزء التاريخي من المدينة وإرشادات سياحية في هذه اللغات. وبسبب هذه الأفعال، تمّ عزله من منصبه بين عامي 2007 و2009 ومن ثمّ تمّ سجنه على مدى خمسة أشهر.
ولفت دميرباش إلى أنّ «بدء المفاوضات بين الحكومة المركزية وزعيم حزب العمال الكردستاني المسجون أوجلان هو أمر إيجابي. فبناءً على ذلك، سحب حزب العمّال الكردستاني قواته من الحدود التركية. ويدلّ ذلك على أنّه من الآن فصاعداً سيتمّ اللجوء إلى الأدوات الديموقراطية والسياسية في النضال على حدّ تعبير أوجلان».
وأضاف: «غير أنّ الحكومة لا تعطي فرصة للشعب كي يستخدم أدوات نضال سياسية».
يتذمّر السياسيون الأكراد في ديار بكر من عدم وفاء أنقرة بوعودها على رغم مشاركة حزب العمّال الكردستاني في الحلّ السياسي وسحب عصاباته من داخل تركيا.
ثمة مشكلة أساسية وهي وجود آلاف الأكراد والسجناء السياسيين الآخرين في السجون التركية. تنص الاتفاقية التي أُبرمت بين أنقرة والزعيم الكردي المسجون أوجلان، على وجوب إطلاق سراح السجناء تدريجاً، إلا أنّ ذلك لم يحصل. فضلاً عن ذلك، طالب الجانب السياسي الكردي بإعادة محاكمة عبدالله أوجلان، مؤسس حزب العمّال الكردستاني المسجون. وتتضمّن الإصلاحات المهمّة الأخرى التي تتمّ المطالبة بها الإقرار بالهوية الكردية الوطنية والمساواة بين الرجل والمرأة وخفض الحد الأدنى الانتخابي لدخول البرلمان الذي تبلغ نسبته 10 في المئة. كما أنه يطالب بإقرار قوانين جديدة تسمح باستخدام اللغة الأم (اللغة الكردية) في التربية وفي الأمكنة العامة.
يرفض دميرباش الفكرة القائلة بأنّ الحركة السياسية الكردية ترغب في تقسيم تركيا فقال: «لقد اتخذنا قرارنا: نحن نرغب في الحصول على استقلالنا بطريقة ديموقراطية في تركيا الديموقراطية وفي الشرق الأوسط الديموقراطي. نرغب في أن تعيش جميع شعوب المنطقة بسلام من دون تغيير الحدود القائمة حالياً. لم تنشئ الحكومة البيئة القادرة على منح الشعب وسائل تخوّله خوض نضال سياسي. فهذا ما يقلقنا. كما نخشى من أن تكون الحكومة التركية تحاول كسب الوقت لحين إجراء الانتخابات المقبلة».
يبرّر البيان الأخير الصادر عن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان هذه المخاوف الكردية. إذ أعلن أردوغان في إطار زيارة قام بها إلى تركمانستان في 16 آب (أغسطس) أنّ حزب العمّال الكردستاني لم يسحب مقاتليه من تركيا. ونُقل عن أردوغان قوله إنه «لم يتمّ الوفاء بالوعود التي قطعت بشأن الانسحاب من تركيا. رحل نحو 20 المئة من السكان، معظمهم من النساء والأولاد والشيوخ عن البلد. فالانسحاب ليس مطروحاً». كما هدّد رئيس الوزراء حزب العمّال الكردستاني في حال بدء أنشطة نضالية داخل تركيا من جديد بالقول: «لن ترحب قوات الأمن في هذا البلد بأولئك الذين يهدّدون بشنّ هجوم بل ستتخذ الإجراءات اللازمة ضدهم».
والأخطر هو أنّ أردوغان رفض الخطط الإصلاحية الكردية. ففي ما خصّ «حزمة التحوّل إلى الديموقراطية» التي تمّ الحديث عنها بكثرة، أعلن أردوغان أنه لن يسمح باستخدام اللغة الأم، مشيراً إلى أنّه «لن يكون ممكناً استخدام اللغة الأم في المدارس الخاصة. لا نستطيع معالجة هذه المسألة الآن. فلا أحد يعرف حسنات هذا التحرّك وسيئاته. يجب أن نفكّر بكل هذه المواضيع. لن يتخذ حزب العدالة والتنمية أيّ خطوات حيال مسائل قد تقسّم بلدنا» مضيفاً أنّ حكومته أعطت الطلاب فرصة تعلّم لغتهم الأم في المدرسة.
كما رفض رئيس الوزراء تقليص الحد الأدنى الانتخابي لدخول البرلمان والبالغ 10 في المئة.
هل يشكل ذلك حجر عثرة في وجه عملية السلام التركية-الكردية؟ أم أنها مجرّد مناورة من رئيس الوزراء التركي للاستهلاك السياسي الداخلي ومن أجل طمأنة الناخبين الوطنيين؟ في ديار بكر، يشعر دميرباش بالقلق من أن تؤدي مناورة الحكومة التركية المستمرة إلى استنفار المقاتلين من جديد. كما يخشى من أن تندلع حرب جديدة «في حال لم ننجح في نقل السكان من الجبال إلى العملية السياسية. في الشهرين الأخيرين، توجّه نحو ثلاثة آلاف شاب إلى الجبال. كما أنني أعرف 230 حالة مماثلة. إذ يأتي الأهالي ويتذمرون أمامي من هذا الوضع. كما أنّ ابني يعيش في هذه الجبال».
 
 غارات صاروخية من 4 مدمرات ضد أهداف منتقاة وحساسة.. متى وكيف سيتم "تأديب" نظام بشّار... و(جنيف 2) قائم
إيلاف..نصر المجالي
مع كثافة التصريحات الأميركية ومن الحلفاء الغربيين عن تورط النظام السوري في استخدام السلاح الكيميائي، وهو ما كان الرئيس الأميركي باراك أوباما اعتبره "خطاً أحمر" وبعد بيان وزير الخارجية جون كيري القوي مساء الإثنين، فإن العالم يحبس أنفاسه انتظاراً للإجراءات العسكرية التأديبية التي يمكن اتخاذها ضد النظام السوري.
كان وزير الدفاع الأميركي شاك هاغل قال إنه إذا تأكدت المزاعم بشأن استخدام قوات الأسد سلاحا كيميائيا ضدّ شعبه، فإنّه ستكون هناك حاجة إلى ردّ سريع من أجل منع احتمال شنّ مماثل آخر. ومع التساؤلات عن متى وكيف ستتم الضربة العسكرية التأديبية الوشيكة للنظام السوري، فإن غالبية المصادر الاستراتيجية تكاد تجزم أنها ستكون على شكل غارات صاروخية "كروز" تنطلق من البحر إلى البر.
وتعتقد المصادر الاستراتيجية أن أية غارات صاروخية قد تتم في غضون ساعات أو أنها قد تتم في غضون أيام. وكانت صحيفة (إنديبندنت) البريطانية لمحت إلأى أنه قد تتم في غضون أسبوعين. وتشير هذه المصادر إلى أن الغارات التأديبية ستستهدف عصب القوات السورية النظامية والقوات الجوية وقوات النخبة فضلا عن بعض المواقع التي يعتقد أن النظام السوري استخدمها كمخابئ لأسلحتة الكيميائية.
ورأى دبلوماسيون أمام (إيلاف) أن أية ضربات عسكرية وشيكة لن تهدف إلى إطاحة نظام بشار الأسد بقدر ما تهدف إلى إضعافه وحمله على المشاركة في مؤتمر (جنيف 2).
4 مدمرات
وقال مسؤول رفيع في وزارة الدفاع الأميركية، فجر الثلاثاء، إن أربع مدمرات تابعة للبحرية الأميركية على أهبة الاستعداد لتنفيذ أي أوامر توجه لها خلال ساعات. وأضاف المصدر "إذا دعت الحاجة فإن المدمرات يمكنها تنفيذ المهام المتعلقة بسوريا في الوقت ذاته الذي يمكنها توفير الحماية لإسرائيل".
وأضاف المسؤول، حسب ما نقله عنه موقع شبكة (سي إن إن) بأن الجيش الأميركي في حالة تأهب في حال قرر الرئيس الأميركي اتخاذ قرار عسكري، مشيرا إلى "اذا اختار الرئيس اوباما أحد الخيارات العسكرية سيتم تنفيذها.
وبين المصدر أنه ومن باب الحفاظ على الخيارات مفتوحة لا يوجد جدول زمني لعودة المدمرة USS Mahan للوطن، الا أن أوامر قائد الاسطول السادس ابقت عليها في البحر الأبيض المتوسط حتى بعد وصول المدمرة USS Ramage، التي من المفترض أن تحل محل المدمرة ماهان.
ويشار إلى أن هذه التصريحات تأتي في الوقت الذي انهى فيه رئيس هيئة الأركان الأميركية، مارتن ديمبسي، اجتماع له في الأردن، تناول فيه الأوضاع في سوريا بشكل خاص وتداعيات وصول الصراع إلى الدول المحيطة والتأثير سلبا على الأمن الإقليمي. وشارك في الاجتماع الذي عقد ليومين متتالين في مكان سري خارج العاصمة الأردنية عشرة من رؤساء اركان جيوش غربية وإقليمية.
أوباما يقيّم الموقف
ومن جهته، أوضح جاي كارني، المتحدث باسم البيت الأبيض، الاثنين أن الرئيس الأمريكي، باراك اوباما يقيم حاليا ردا على استخدام السلاح الكيميائي في سوريا. وقال كارني "لا يوجد شك يذكر في عقولنا في ان الحكومة السورية مذنبة"، واضاف انه لا سبيل لانكار ان الاسلحة استخدمت فيما وصفه بانه انتهاك للعرف الدولي.
وكان وزير الخارجية الاميركي جون كيري قد قال يوم الاثنين في بيان قوي ان كل الدول يجب ان تتخذ موقفا لاجل المحاسبة عن استخدام الاسلحة الكيميائية في سوريا. وأضاف ان المعلومات حتى الان ومنها لقطات فيديو وروايات ميدانية تبين ان "الاسلحة الكيميائية استخدمت في سوريا. وعلاوة على ذلك نعرف ان النظام السوري يواصل حيازة تلك الاسلحة الكيماوية."
لا جدول زمنياً
ومن ناحيتها، قالت وزارة الخارجية الاميركية يوم الاثنين ان ادارة اوباما لم تحدد جدولا زمنيا للرد على استخدام اسلحة كيميائية في سوريا لكن المسؤولين يعدون الخيارات للرئيس باراك اوباما بشعور بالحاجة الملحة.
وقالت المتحدثة باسم الوزارة ماري هارف للصحافيين في واشنطن "يشعر الناس بأنه يوجد احساس بالالحاح... لكن لا يوجد جدول زمني". وجاءت تصريحات هارف بعد قليل من اصدار وزير الخارجية جون كيري بيانا قويا قال ان الادلة على وقوع هجوم كيماوي قاتل على نطاق واسع الاسبوع الماضي "لا سبيل لانكارها".
موقف مجلس النواب
وإلى ذلك، أبلغ جون بينر رئيس مجلس النواب الاميركي البيت الابيض يوم الاثنين انه يجب عليه ان يتشاور مع الكونجرس قبل أي رد على استخدام الحكومة السورية فيما يبدو اسلحة كيميائية.
وقال بريندان باك المتحدث باسم بينر في بيان "اوضح رئيس مجلس النواب انه قبل القيام بأي عمل يجب اجراء مشاورات ذات مغزى مع اعضاء الكونجرس وان يكون هناك ايضا اهداف محددة بوضوح واستراتيجية اوسع لتحقيق الاستقرار".
وفي لندن، قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ إن الضغط الدبلوماسي على سوريا لم يأت بنتيجة، وإن بريطانيا تدرس خياراتها، ومن المحتمل أن ترد دون إجماع من الأمم المتحدة. وأشار هيغ، في تصريحات لبي بي سي، إلى أن مجلس الأمن الدولي، المنقسم بشأن الصراع في سوريا، لم "يتحمل مسؤولياته".
وأوضح هيغ في مقابلة أجراها معه البرنامج الإخباري الصباحي في "راديو 4" أنه في الوقت الذي لا يستطيع فيه الخوض في الخيارات أو الجدول الزمني لأي عمل، فإنه لن "يستثني، أو يضمّن، أي خيار".
وقال "لا نستطيع في القرن الحادي والعشرين السماح بفكرة استخدام سلاح كيمائي مع حصانة (المستخدم)". وعندما سئل عن طلبات استدعاء مجلس العموم للانعقاد، قال هيغ إن بريطانيا "لديها سجل جيد" في استشارة أعضاء البرلمان، إن كان هناك قرار باتخاذ عمل عسكري.
مواقف مختلفة
وقد توالت التصريحات الغربية حول تحضير رد على الهجوم المفترض بالأسلحة كيميائية. فإلى جانب تصريحات هيغ، أعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن ردا غربيا "سيُحسم في الأيام المقبلة"، مؤكدا أنه لم "يتخذ بعد" أي قرار.
كما أبدت تركيا استعدادها للانضمام إلى ائتلاف دولي ضد سوريا حتى في غياب إجماع في الأمم المتحدة، وفق ما أعلن الاثنين وزير الخارجية أحمد داود أوغلو.
كما أجرى وزير الخارجية الأميركي اتصالات هاتفية بالأمين العام للأمم المتحدة ونظرائه البريطاني، والفرنسي، والكندي، والروسي، أبلغهم خلالها أنه يعتبر "من شبه المؤكد" أن يكون النظام السوري قد شن هجوما بالأسلحة الكيماوية في 21 أغسطس/آب على ريف دمشق، بحسب ما أفاد دبلوماسي.
وفي مواجهة هذه التصريحات، اتصل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بنظيره الأميركي لتحذيره من العواقب الخطيرة جدا على المنطقة لأي تدخل عسكري.
وأعلنت وزارة الخارجية في بيان أن "لافروف لفت انتباه محاوره الى العواقب البالغة الخطورة التي قد تنجم عن تدخل عسكري محتمل في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حيث لا تزال بلدان مثل العراق وليبيا تعاني من انعدام الاستقرار".
 وشدد لافروف على أن روسيا "قلقة جدا" من تصريحات أمريكية صدرت مؤخرا مفادها أن واشنطن مستعدة "للتدخل" في النزاع السوري.
وختاما، دعت الصين الاثنين، على لسان وزير خارجيتها وانغ لي، إلى "الحذر لتفادي أي تدخل" في سوريا إثر الهجوم المفترض، مشددة على أن "الحل السياسي" هو وحده الحل المطروح لتسوية الأزمة السورية.
 
فقر الإسلاميين الى ثقافة التوافق
المستقبل..د. عبد الاله بلقزيز
للإسلاميين، اليوم، حساسية شديدة تجاه مفاهيم مثل التوافق والشراكة في السلطة؛ لا يرون فيها سوى محاولة لسرقة سلطة جاء بها صندوق الاقتراع، أو لاقتسامها معهم من غير حق! لم تكن هذه حالهم قبل "الثورات" العربية؛ حيث كانوا في المعارضة، وكانوا يبحثون لوجودهم السياسي عن غطاء شرعي يدثرهم من عري قانوني فرضته عليهم سياسات المنع والعزل، للنخب الاستبدادية الحاكمة، أو سياسات الحصار الدولي لهم ولمواردهم، ولقد كان الليبراليون والقوميون واليساريون، أو ـ للدقة ـ قسم كبير منهم، هم من وفّر للاسلاميين ذلك الغطاء السياسي، من خلال التحالف معهم في النقابات والمنظمات الشعبية والمهنية، والجمعيات والمؤسسات المدنية القطرية، والعابرة للقطريات، أو من طريق الدفاع عنهم ورفض مظلوميتهم: في المحاكم، والإعلام، والتعبئة السياسية، والانتاج الفكري..!
ولقد كان العديد من حوارات الفريقين (الاسلامي والعلماني) ومؤتمراتهم دائراً، في الأعم الأغلب منه، على مسألة التوافق، وما تقتضيه من بناء مساحات التفاهم، وتعظيم المشتركات، في قضايا عدة مثل الديموقراطية، ونصرة شعب فلسطين، ورفض التدخل الأجنبي، ومواجهة جميع صور التجزئة في الأمة بما فيها الطائفية والمذهبية، وجسر الفجوة بين رابطتي العروبة والاسلام.. الخ. ولقد قيل الينا ان عشرين عاما من العمل الدؤوب، على طريق تنمية وشائج الصلة والثقة، وتعظيم ثقافة التفاهم والتوافق، فعلت فعلها في النفوس، ووفرت ـ بالتالي ـ اساسات يبنى عليها لشراكة في المستقبل.
حين بدأ موسم "الثورات" العربية، كان الفريقان ما يزالان على موجة التفاهم، والعمل المشترك، في غير بلد من البلدان العربية التي شهدت تلك الأحداث الكبرى. وكان لا بد لـ"ثقافة التوافق" من ان تختبر نفسها، صلابتها وصدقيتها، في امتحان التغيير. ولقد اعتقدنا جميعاً، وعلى تفاوت بيننا في التقدير، ان الفريقين خرجا من الاختبار ناجحين، وأنهما باتا شريكين في "الثورة"، وبالتالي في ما سينجم عنها من نتائج. غير ان التطورات اصابتنا بالخيبة، في ساحة الاختبار الأكثر اهمية: مصر! فلقد جنح الاسلاميون الى الانفراد بالسلطة، مع علمهم ان مرشحهم للرئاسة (محمد مرسي) ما فاز في الجولة الثانية الا بأصوات القوميين والليبراليين واليساريين، الذين تجندوا لاسقاط احمد شفيق بحسبانه ـ في نظرهم ـ "مرشح الفلول". ثم جنحوا لإقصاء المعارضة الديموقراطية، وتجاهل مطالبها المشروعة في كتابة دستور توافقي، ليفرضوا النص الدستوري الذي أرادوه؛ مسقطين مبدأ التوافق، معتمدين الاحتكام الى الصناديق في استفتاء قاطعه الجسم الأعظم من القضاة وطعن في شرعيته!
ورب قائل ان "حزب حركة النهضة" في تونس شذّ عن هذه القاعدة، ولم يندفع كـ"الاخوان" نحو احتكار السلطة، والسيطرة على مفاصل الدولة، بل "اختار" تأليف سلطة وحكومة بالشراكة مع "حزب التكتل الديموقراطي" وحزب السيد المنصف المرزوقي، وان هذا الخيار ربما كان بأثر من افكار زعيم "النهضة"، راشد الغنوشي، وتشبعه بفكرة التوافق والشراكة.. الخ. والقول هذا مردود لأكثر من سبب: لأن "حزب حركة النهضة" كان مجبراً على التحالف مع غيره، لتشكيل الحكومة، لانه لم ينل اغلبية في "المجلس التأسيسي" تخوله تأليف حكومة منسجمة منه، ولأنه لم يختر "الشراكة" مع القوى الثورية التي تعاونت معه في عهد بن علي، وكان لها دور كبير في الثورة على نظامه، ثم لأن حزب "النهضة" ظل يصم الآذان في وجه مطالب حلفاء الأمس، وأوصل البلد الى ازمة سياسية مفتوحة بسبب رفضه التوافق على حلول ترضي الأطراف كافة!
ان هذه الحساسية الشديدة، التي للاسلاميين، تجاه مبادئ التوافق والشراكة انما تعبر عن فقر حاد في الثقافة الديموقراطية لديهم، فالديموقراطية، كما يتصورون وكما لم يفتأوا يرددون، هي ما تقوله صناديق الاقتراع. وهذا مفهوم مبتذل لها لانه وسائلي (Instarumentaliste): يختزلها الى مجرد وسيلة الوصول الى الحكم، ولا ينظر اليها بوصفها منظومة كاملة من القيم. والى ذلك، فهو يتجاهل ان ارقى قيم الديموقراطية هو التوافق، وهو سابق المنافسة زمنياً ومنطقياً، اذ من دون تعاقد (عقد اجتماعي) وتوافق على قواعد نظام الحكم وأساسياته، لا معنى للمنافسة وللعبة الغالبية والأقلية، فكيف اذا كان الامر يتعلق بمرحلة انتقالية تأسيسية يراد فيها بناء نظام سياسي جديد.؟ كيف يبنى مثل هذا النظام من دون التفاهم على قواعده؟!
ان مجتمعاتنا العربية اكبر وأعسر من ان ينفرد فريق سياسي واحد بحكمها وادارة الدولة فيها؛ إذ ماذا يكون قد تغير ـ حينها ـ عما كانت عليه الحال من استبداد فريق واحد بالسلطة؟! ومن الاسف ان الاسلاميين لا يقرأون جيداً هذه الحقيقة كي يبنوا على الشيء مقتضاه!
 
في مصر تكون الولايات المتحدة أفضل حالاً عندما لا تفعل شيئاً
روبرت ساتلوف
روبرت ساتلوف هو المدير التنفيذي لمعهد واشنطن.
بوسطن غلوب
إن "عدم فعل أي شيء" يكون دائماً بنفس أهمية "فعل شيء ما". لقد بعث الرئيس أوباما برسالة قوية حول الأولويات الاستراتيجية للولايات المتحدة عندما قدّم إدانة شفهية دون أي إجراء عقابي جاد ضد حكام مصر بسبب قمعهم العنيف للمتظاهرين المناصرين للرئيس المخلوع محمد مرسي. ومع ما تواجهه الولايات المتحدة من خيارات سيئة في ظل ظروف سيئة، فإن ما قاله أوباما كان الخيار المناسب.
إن العلاقات بين الولايات المتحدة ومصر في صورتها الحديثة وُلدت منذ 40 عاماً أثناء حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، عندما أطلق وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر مبادرة دبلوماسية بين مصر وإسرائيل، أسفرت عن توقيع اتفاق سلام تاريخي في عام 1979. وقد أصبحت واشنطن شريكاً لا غنى عنه لكل من إسرائيل - الدولة الديمقراطية الرائدة في المنطقة، ومصر - الدولة العربية الأقوى والأكثر اكتظاظاً بالسكان.
وقد استمر نجاح كيسنجر على مدار أربعة عقود دون اندلاع حرب بين الدول على الساحة العربية الإسرائيلية. ورغم أن المنطقة عرفت إرهاباً مروعاً وصراعاً نجم عن فاعلين من غير الدول مثل «حزب الله»، إلا أن التهديد الذي هيمن على التفكير الاستراتيجي منذ الأربعينيات - حرب تقليدية على الطراز القديم - قد أصبح الآن شيئاً من الماضي. فالمساعدات الأمريكية لمصر لم تحافظ فقط على ذلك السلام الضعيف بل دعمت كذلك قيام علاقة ثنائية أوسع نطاقاً شملت التعاون الأمني ​​والتنسيق لمكافحة الإرهاب والمعاملة التفضيلية للسفن الأمريكية العابرة لقناة السويس والطائرات الامريكية التي تحلق فوق الأراضي المصرية.
وعلى مدار سنوات، سعى الأمريكيون بشكل مبرر إلى تحقيق المزيد من هذا الاتفاق. فعلى المستوى الإقليمي، أرادت الولايات المتحدة من مصر قيادة دائرة موسعة من الدول العربية نحو تحقيق سلام مع إسرائيل؛ وعلى المستوى الداخلي، أرادت واشنطن أن تشهد تطوراً لنظام سياسي في مصر يحمي الأقليات الدينية، وخاصة المسيحيين، ويحترم حقوق الإنسان ويوفر مساحة لمعارضة شرعية وغير عنيفة.
وفي ظل حكم حسني مبارك، صدّت مصر واشنطن على وجه العموم في جميع هذه المسائل؛ فكل ما أرادته كان الصفقة التقليدية. وقد تقبل الرؤساء الجمهوريون والديمقراطيون ذلك على مضض وقبلوا بشروط الصفقة القديمة.
وعندما أرغمت انتفاضة "ميدان التحرير" على الإطاحة بمبارك في عام 2011، بدا أن خطاب الرئيس أوباما المحلق يعتنق دعوات المتظاهرين إلى الديمقراطية. إلا أن سياسة الولايات المتحدة كانت في الواقع أقل نبلاً؛ فقد دعمت واشنطن نقل السلطة من جنرال سابق في سلاح الجو (مبارك) الذي كان آنذاك في الثانية والثمانين من عمره إلى جنرال سابق في الجيش المصري محمد طنطاوي، الذي كان حينها وزيراً للدفاع في الخامسة والسبعين من عمره. وكانت واشنطن تأمل أن يستطيع الجيش المصري الحفاظ على الجوانب الأكثر أهمية من العلاقة بين الولايات المتحدة ومصر مع قيادة مرحلة انتقالية نحو حكم مدني منتخب.
وفي ضوء ندرة المؤسسات الفعالة في البلاد، فقد كانت تلك السياسة معقولة ومنطقية، إلا أنها كانت أيضاً خطأ استراتيجياً، ويعود ذلك بصفة أساسية إلى أن الجنرالات كانوا ساذجين من الناحية السياسية. فتخبطهم نتج عنه إصدار سلسلة من الإعلانات الدستورية المعيبة والاستفتاءات والانتخابات التي أسفرت عن إقامة حكم أغلبية مناهض للسلام ومعادي للولايات المتحدة تحت سلطة «الإخوان المسلمين» الذين يفتخرون بتضخيم الذات وتفخيمها.
وبعد وصولها إلى السلطة بعام، عندما خرج ملايين المصريين إلى الشوارع للمطالبة باستقالة مرسي، تدخلت القوات المسلحة. وظاهرياً، يهدف الجيش إلى إعادة عقارب الساعة إلى الوراء - أي إلى شباط/فبراير 2011، وإعادة المحاولة مرة أخرى لإرساء الأسس لقيام حكم مدني - ولكن هذه المرة لن يعيد المفاتيح إلى جماعة «الإخوان».
وفي الشهر الماضي أوصت واشنطن بعدم القيام بذلك التدخل كما نصحت ضد اتباع حملة القمع التي مارسها الجيش هذا الشهر؛ وفي كلا المرتين رفض الجنرالات في مصر نصيحة الولايات المتحدة. ويرجع ذلك جزئياً إلى أن القوات المسلحة اعتبرت أن مواجهتها مع «الجماعة» هي مسألة حياة أو موت. وربما يكون الجيش قد اختار نهج القبضة الحديدية لسحق مظاهرات «الإخوان» بدلاً من التوصل إلى حل وسط أو اتباع نهج أكثر دهاءً بـ "منع وصول الطعام" إليهم [لإجبارهم على فض الاعتصامات]، وتحديداً لأن واشنطن بدت أكثر اهتماماً بإنقاذ «الجماعة» كفاعل سياسي بدلاً من الانحياز مع الكثير من المصريين - وربما أغلبيتهم - الراغبين في ابتعاد «الإخوان» كلية عن المشهد السياسي.
وعلى غرار سابقيه من الرؤساء الأمريكيين، أرغم الجيش المصري أوباما على إعطاء الأولوية للمصالح الأمريكية، وهو أيضاً وضع المصالح أولاً، والقيم ثانية. فمع كل أخطاء الجنرالات، فإن فرص ظهور حكومة مدنية فعالة ومنتخبة في النهاية ربما تكون أكبر مع سيطرة الجيش على الحكم بدلاً من مرسي و «الإخوان»، لكن ينبغي الاعتراف بالاحتمالية الحقيقية لهذا الأمر - وهي أرجحية منخفضة جداً. ولكي نقيِّم فرص تحقيق التقدم في هذا الموضوع، علينا التدقيق عن كثب فيما إذا كانت النخبة من الوزراء المدنيين الذين وضعهم الجيش في السلطة الشهر الماضي سوف يظلون في مناصبهم ويبدؤون في ممارسة السلطة.
واستطراداً في هذه النقطة، فإن تردد أوباما في عقاب الجنرالات بتعليق المعونات هو حقاً رهان من المرجح أن يلتزموا بموجبه بالمحافظة على الشراكة الأمنية مع أمريكا والسلام الإقليمي المصاحب لها أكثر من التزام أعضاء «الإخوان» ذوي الدوافع الأيديولوجية بهذه الشراكة. وبالنسبة لرئيس دولة عظمى، الذي كثيراً ما يمجد قيم وفضائل "الحقوق العالمية" فإن ذلك أمر منهك ومتعب بشكل مؤكد. لكن يبدو أن أوباما لا يريد المخاطرة بإدارته من خلال التدخل لتغيير مجرى الأحداث الإقليمية التي تسير في الاتجاه الخطأ، كما هو الحال مع الحرب الأهلية في سوريا أو الانهيار الداخلي في العراق. وفي ضوء هذا التردد، فقد حالفه الصواب والحكمة بعدم تقليل النفوذ الأمريكي إلى حد أبعد من خلال قطع العلاقات مع الجيش المصري.
 
دعوة هنيّة.. مناورة أم بحث عن مخرج؟
السفير..هاني المصري
أثارت دعوة إسماعيل هنيّة إلى الفصائل للمشاركة في السلطة القائمة في قطاع غزة اهتمامًا لا بأس به من الفصائل، حيث رحبت الجبهة الشعبيّة بها، واعتبرتها على لسان رباح مهنا مدخلاً للوحدة الوطنيّة، ورحبت بها كذلك «الجهاد الإسلامي» بحذر، مع التشديد على عدم اتخاذ موقف نهائي، لأن الدعوة لم تقدّم رسميًا، بينما رفضت بقيّة الفصائل، وعلى رأسها «فتح»، الدعوة، لأنها تعزيز للانقسام، ومجرد مناورة من «حماس» ترجع إلى محاولتها لتحميل الآخرين الأعباء في ظل المخاطر الجديدة التي تحاصرها بعد عزل مرسي والحرب التي يشنها الحكم الجديد في مصر على «الإخوان المسلمين»، وعلى «حماس» بوصفها امتدادًا لهم، بدليل إغلاق معبر رفح بصورة شبه دائمة، وتدمير الأنفاق بصورة غير مسبوقة.
بالرغم من أن دعوة هنيّة يمكن أن تكون مناورة إلا أن إطلاقها في هذا الوقت بالذات يدلّ على أن «حماس» تحاول أن تجد مخرجًا من الورطة الشديدة التي تشهدها هذه الأيام. على الفصائل مساعدة «حماس»على إيجاد المخرج، لأن عدم وجوده سيدفع ثمنه ليس «حماس» وحدها، وإنما قطاع غزة برمته، والفلسطينيون جميعًا.
لا تكفي الردود العدميّة على دعوة هنيّة بذريعة أنها تعزز الانقسام، فالكثير مما يجري في الضفة الغربيّة وقطاع غزة من إجراءات وأعمال وإصدار قوانين واعتماد سياسات وإيجاد أوضاع اقتصاديّة واجتماعيّة وثقافيّة هو تعزيز للانقسام، أو يصب في خانة إدارة الانقسام والتعايش معه، ولكن بعضه برغم ذلك ضروري لاستمرار الحياة وتحسينها في ظل الانقسام.
إن عدم تطبيق الاتفاقات الموقعة من أجل إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنيّة أدى إلى تعزيز الانقسام وإدارته، والآن أتت التطورات الأخيرة في مصر وانعكاساتها على القضيّة الفلسطينيّة بصورة عامة، وعلى قطاع غزة و«حماس» بصورة خاصة، لتبعد الوحدة أكثر على خلفيّة خشية «حماس» من الوحدة أكثر من السابق، لأنها في وضع صعب للغاية، وستأتي الوحدة على حسابها، ومن شأنها تقوية «فتح».
بمقدور «فتح» أن تصرّ على تحقيق الوحدة بشروطها كاملة، مثلما نراها تفعل حتى الآن من خلال دعوة «حماس» إلى التوجه إلى انتخابات فورًا، ولا تخشى من عدم تحقيقها، لأن خصمها «حماس» في وضع لا تحسد عليه. وبمقدورها أن تزود «حماس» بـ«طوق نجاة» حقيقي مثل الاستعداد لتطبيق الاتفاقات كرزمة متكاملة، وسد النواقص فيها مثل غياب البرنامج السياسي، أو إبداء المرونة إزاءها لتشجيعها، وهي مرونة من موقع القوي ولا خشية من عواقبها.
إن هذا الواقع يجعل إدارة الانقسام والتقليل من أضراره أفضل، أو الأصح، أقل سوءًا من تعميقه ومن الدعوات (غير المعتمدة رسميًّا) التي تطلقها أصوات فتحاوية جزافًا: مثل الدعوة إلى إعلان قطاع غزة «إقليمًا متمردًا» في ترديد لمقولة إسرائيليّة؛ وتنظيم حركة «تمرد» فلسطينيّة تسعى إلى إسقاط سلطة «حماس» مثلما أُسقِط حكم «الإخوان المسلمين» في مصر، مع أن تحقيق ذلك متعذر، ولكن لو سلمنا جدلاً أنه ممكن، فمن الذي سيستفيد من اقتتال فلسطيني - فلسطيني جديد غير الاحتلال، عدو الجميع؟ ومثل الدعوة إلى إجراء انتخابات بمن حضر في الضفة الغربيّة من دون قطاع غزة، سواء من خلال الزعم بتقسيم إجراء الانتخابات على مرحلتين، الأولى تجري في الضفة، والثانية تجري في غزة عندما تتوفر الظروف الملائمة لذلك، أو من خلال الدعوة إلى مشاركة الناخبين الغزاويين إلى التصويت إلكترونيًّا وضم مرشحين غزاويين في القوائم الوطنيّة لكون الانتخابات ستجرى على أساس التمثيل النسبي الكامل، مع أن التصويت الإلكتروني لا يمكن في ظل الظروف الفلسطينيّة القائمة أن يكون حلاً ولا يُمكّن من تحقيق مشاركة حقيقيّة ولا انتخابات حرة ونزيهة، فضلاً عن أن تكرار الانتخابات تحت الاحتلال ومن دون أفق سياسي قادر على إنهائه يمثل تعايشًا مع الاحتلال وتكريسًا له. فمَن الأسوأ، التعايش مع الانقسام، أم مع الاحتلال؟ طبعًا، كلاهما سيئ وشر.
في المقابل، هناك دعوات تفضّلها «حماس» تسعى إلى تكريس الأمر الواقع إلى أن يقضي الله أمرًا كان مفعولاً، من ضمنها دعوة أحمد يوسف إلى إقامة كونفدراليّة بين الضفة وغزة، في قفزة على واقع أن المنطقتين يقطنهما شعب واحد، والكونفدراليّة تكون ـ عادة - بين شعبين، إضافة إلى أنهما جزء من أراضٍ محتلة لا يصح الحديث فيها عن إقامة دولة أو دولتين تحت الاحتلال، فلا دول تقام تحت الاحتلال. فالاحتلال هو صاحب السيادة، والدولة لا تقوم إلا إذا كانت ذات سيادة، ولا تكون الدولة الفلسطينيّة دولة إلا إذا استطاع الشعب الفلسطيني إنهاء الاحتلال، فكيف يتصور أحد إمكانيّة قيام دولتين ليقيما في ما بينهما كونفدراليّة؟
حتى لا يتحول التعايش مع الانقسام وإدارته إلى تعميقه ويساهم في تحويله إلى انفصال دائم، يجب أن يكون جزءًا من خطة متكاملة، أي يجب أن يكون هناك أفق سياسي يتم العمل استنادًا إليه. هذا الأفق يتجسد في عدم التنازل عن هدف إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنيّة، التي من دونها لا يمكن للشعب الفلسطيني أن يحقق أهدافه بإنهاء الاحتلال وتقرير المصير وإقامة دولة فلسطينيّة على حدود 1967.
يمكن مطالبة هنيّة بتحويل مبادرته حول مشاركة الفصائل في السلطة في قطاع غزة إلى تشكيل «هيئة وطنيّة» جديدة لحكم القطاع (وهذا يساعد على إنهاء العداء بين السلطة القائمة في غزة ومصر) انسجامًا مع المبادرة التي سبق أن قدمها النائب عن «حماس» يحيى موسى، التي دعا فيها إلى تشكيل «هيئة وطنيّة» لإدارة غزة حتى تتفرغ «حماس» وغيرها من الفصائل للمقاومة التي تضررت من طغيان الصراع على السلطة تحت الاحتلال على أي شيء آخر.
إن إدارة قطاع غزة من خلال «هيئة وطنيّة مؤقتة» تشكل من جديد وليس عبر إشراك (إلحاق) الفصائل بالسلطة القائمة تحت قيادة «حماس» قد تكون شرًا لا بد منه، ويمكن أن تكون - إذا جاءت ضمن خطة معروفة بدايتها ونهايتها وجدولها الزمني - خطوة انتقاليّة على طريق الوحدة.
حتى يكون ذلك منطقيًّا، لا بد من تنظيم حوار وطني شامل يستهدف بلورة استراتيجيّة أو استراتيجيّات فلسطينيّة لمواجهة التحدّيات والمخاطر الجسيمة التي تهدد القضيّة الفلسطينيّة والاستفادة من الفرص المتاحة إن وجدت. وإذا لم تفعل الاستراتيجيّات الجديدة أي شيء سوى المحافظة على ما لدينا من أرض وتواجد بشري ومقومات صمود ومكاسب وحقوق ودرء الأخطار وتقليل الخسائر وإحباط المشاريع والخطط الإسرائيليّة، نكون قد حققنا إنجازًا كبيرًا. فالحفاظ على ما لدينا الآن وعدم التدهور أكثر يعتبر بحد ذاته إنجازًا كبيرًا، لأن هناك مؤشرات على إمكانيّة تدهور الوضع أكثر، فالأولويّة يجب أن تكون لإحباط هذا التدهور قبل أن نندم ساعة لا ينفع فيها الندم.

المصدر: مصادر مختلفة

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,252,812

عدد الزوار: 6,984,343

المتواجدون الآن: 53