أخبار وتقارير.. الحرب الروسية على اوكرانيا..روسيا تقصف دونيتسك وقمح أوكراني «محتل» للشرق الأوسط..أوكرانيا: 40 انفجاراً في تشيرنيهيف.. وقتلى وجرحى في سلوفيانسك..مَن يقبل تجرّع الخسارة في أوكرانيا... الولايات المتحدة أم روسيا؟..حاكم لوغانسك: القوات الروسية تزحف صوب دونيتسك الأوكرانية..هل تستمر ليتوانيا في منع البضائع الروسية من الوصول إلى كالينينغراد؟.. القمح سلاح دبلوماسي في قلب أزمة الغذاء العالمية..انضمام السويد وفنلندا للناتو يحيي ذكريات دموية..بكين تفتح ممراً اقتصادياً مع تايلند وتبذل جهداً لاستمالة الفلبين.. أقوى جفاف منذ ألف عام في جنوب أوروبا..

تاريخ الإضافة الأربعاء 6 تموز 2022 - 5:40 ص    عدد الزيارات 1213    التعليقات 0    القسم دولية

        


روسيا تقصف دونيتسك وقمح أوكراني «محتل» للشرق الأوسط...

الجريدة.. قصفت القوات الروسية أهدافاً في أنحاء منطقة دونيتسك بشرق أوكرانيا، اليوم، لتمهد الطريق لتدخل موقع بالمدرعات في محاولة للسيطرة على المزيد من الأراضي مع دخول الحرب المستمرة منذ 5 أشهر مرحلة جديدة. وجاءت الضربات، التي أبلغ عنها حاكم المنطقة والجيش الروسي، في أعقاب سيطرة موسكو على مدينة ليسيتشانسك الأوكرانية في مطلع الأسبوع، في خطوة منحتها السيطرة الكاملة على منطقة لوغانسك، أحد أهدافها الحربية الرئيسية. والسيطرة الكاملة على دونيتسك، وهي الإقليم الآخر في منطقة دونباس، الجزء الصناعي بشرق أوكرانيا، الذي أصبح مسرحاً لأكبر معركة في أوروبا على مدى أجيال، هدف آخر لما تسميه موسكو «عمليتها العسكرية الخاصة». وقال سيرهي جايداي، حاكم لوغانسك، إن القوات الأوكرانية، التي انسحبت من ليسيتشانسك في مطلع الأسبوع، اتخذت مواقع دفاعية جديدة في دونيتسك اليوم. وفي استعراض مسبق لما قد يحدث بعد ذلك، قال بافلو كيريلينكو، حاكم منطقة دونيتسك المجاورة، في التلفزيون إن منطقته تعرضت للقصف خلال الليل. وأضاف «تعرضت سلوفيانسك وكراماتورسك للقصف. وهما تشكلان الآن أيضاً خط الهجوم الرئيسي للعدو من اتجاه ليمان… لا يوجد مكان آمن من دون قصف في منطقة دونيتسكوقالت وزارة الدفاع الروسية، التي تقول إنها لا تستهدف مناطق سكنية، إنها استخدمت ما أسمته أسلحة عالية الدقة لتدمير مراكز القيادة والمدفعية في دونيتسك، حيث لاتزال أوكرانيا تسيطر على مدن رئيسية. ودعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين القوات المشاركة في الاستيلاء على لوغانسك، والتي ستشارك أيضاً في أي محاولة للاستيلاء على مدن في دونيتسك، إلى «الراحة واستعادة جاهزيتها العسكرية»، بينما تواصل الوحدات في أجزاء أخرى من أوكرانيا القتال. وتطالب روسيا أوكرانيا منذ بداية الصراع بتسليم لوغانسك ودونيتسك للانفصاليين الذين تدعمهم موسكو والذين أعلنوا استقلالهم. قال أوليكسي أريستوفيتش مستشار الرئيس فولوديمير زيلينسكي في مقطع فيديو نُشر على الإنترنت «هذا هو الانتصار الأخير لروسيا على الأراضي الأوكرانية». ويرى بعض الخبراء العسكريين أن النصر الذي تم تحقيقه بشق الأنفس لم يعد على القوات الروسية إلا بالقليل من المكاسب الاستراتيجية، وظلت نتيجة ما أطلق عليها اسم «معركة دونباس» متوازنة. إلى ذلك، نقلت وكالة «تاس» الروسية للأنباء، اليوم، عن السلطات التي عينتها روسيا في منطقة زابوريجيا التي تحتلها قواها في جنوب شرقي أوكرانيا، توصلت إلى اتفاق لبيع الحبوب في الخارج، وفي الأساس بالشرق الأوسط. واتهمت أوكرانيا روسيا بسرقة الحبوب من المناطق التي استولى عليها الجيش الروسي. وتنفي موسكو ذلك. ونقلت «تاس» عن يفغني باليتسكي، رئيس الإدارة الروسية لمنطقة زابوريجيا، أن الدول المعنية هي العراق وإيران والسعودية. وقال باليتسكي: «هناك عقد لتوريد 150 ألف طن من الحبوب إلى إيران»، مضيفاً أن «التجار الروس والشركات الحكومية يشترون الحبوب من مزارعي المنطقة». وتابع: «الأسعار ليست سيئة في الوقت الحالي، ويحصل المزارع على نحو 200 دولار لكل طن من الحبوب، وهو أمر رائع، لأن تكلفة إنتاجه تبلغ نحو 120 دولاراً، حتى مع الأخذ في الاعتبار وقت التخزين الطويل الذي تم فرضه».

أوكرانيا: 40 انفجاراً في تشيرنيهيف.. وقتلى وجرحى في سلوفيانسك

موسكو: إمداد أوكرانيا بالأسلحة يطيل أمد الصراع والعملية ستتواصل حتى تحقيق الأهداف.. والرئيس الأوكراني: إعادة إعمار أوكرانيا ستكلف 750 مليار دولار

العربية.نت، وكالات... أكدت وسائل إعلام أوكرانية وقوع 40 انفجاراً بمنطقة تشيرنيهيف بقصف مدفعي روسي، اليوم الثلاثاء، بينما أعلنت السلطات الأوكرانية مقتل شخصين وإصابة 7 جراء القصف الروسي على سلوفيانسك. وقال مسؤولون إن القوات الروسية قصفت سوقاً ومنطقة سكنية في مدينة سلوفيانسك الواقعة على خط المواجهة في منطقة دونيتسك. هذا ويواصل الجيش الروسي اليوم ضرب مواقع القوات والبنية التحتية العسكرية الأوكرانية وتحرير أراضي دونباس ضمن عمليته العسكرية التي انطلقت في 24 فبراير الماضي، فيما تستمر كييف في تلقي الدعم المادي والعتاد العسكري. وفي آخر التطورات الميدانية، أفاد عمدة سلوفيانسك الأوكرانية بتعرض المدينة لقصف روسي هائل. وحثت السلطات الأوكرانية مرات عدة سكان سلوفيانسك على ترك المنطقة مع اقتراب خط الجبهة من هذه المدينة اثر سيطرة روسيا على سيفيرودونيتسك وليسيتشانسك في منطقة لوغانسك المجاورة. وصرح رئيس جمهورية دونيتسك الشعبية، دينيس بوشيلين بأن وحدات جمهوريته التي كانت تساعد في تحرير أراضي جمهورية لوغانسك الشعبية، يتم نقلها الآن إلى اتجاه دونيتسك. يأتي ذلك فيما أعلنت وزارة الدفاع الروسية تدمير معسكر لمقاتلين أجانب ومحطة رادار لمنظومة صواريخ S-300 تابعة للجيش الأوكراني في ميكولايف. وقالت الوزارة في بيانها اليومي، إن القوات الجوية الروسية دمرت 4 مستودعات ذخيرة ومخازن للصواريخ ومواقع قيادة تابعة للجيش الأوكراني في 18 منطقة، وذلك بضربات صاروخية عالية الدقة. وأضاف البيان أن أنظمة الدفاع الجوي أسقطت 3 طائرات بدون طيار، واعترضت 3 صواريخ باليستية في خيرسون وخاركيف. وقال وزير الدفاع الروسي سيرجيو شويغو، إن زيادة إمداد الغرب لأوكرانيا بالأسلحة تطيل أمد الصراع. وأضاف أن العملية العسكرية في أوكرانيا ستتواصل حتى تحقيق الأهداف التي حددها بوتين. وأضاف أن الأسلحة التي أرسلها الغرب لأوكرانيا يتم بيعها في السوق السوداء. وستكلف إعادة إعمار أوكرانيا حوالي 750 مليار دولار، حسب تقدير الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي طالب - خلال مؤتمر لوغانو في سويسرا - بتقديم مساعدة دولية لبلاده لإعادة إعمارها. وقبلها، أفاد رئيس مقاطعة كورسك الروسية بتعرض نقاط حدودية في منطقة غلوشكوفسكي للمقاطعة لقصف جديد من جانب أوكرانيا. وكتب في صفحته على "تليغرام": "بدأ صباح اليوم من جديد قصف مدفعي على مستوطنات حدودية في منطقة غلوشكوفسكي. تم تسجيل القصف في قرية ماركوفو، كما انفجرت قذائف من جديد في قرية تيوتكينو. لا يزال القصف مستمرا. سأقدم تفاصيل أخرى لاحقا". وكانت وزارة الدفاع الروسية قالت، الأحد، إن القوات الأوكرانية قصفت بشكل متعمد أراضي مقاطعتي كورسك وبلغورود بصواريخ "توتشكا -أو" وباستخدام الطائرات المسيرة من طراز "ريس". وأشارت الوزارة إلى أن القصف استهدف الأحياء السكنية التي لا توجد فيها أي منشآت عسكرية. يأتي ذلك فيما نفت مصلحة السجون الفيدرالية الروسية معلومات نشرتها عدة وسائل إعلام، حول احتجاز مقاتلي كتيبة "آزوف" القومية الأوكرانية في سجن "ليفورتوفو" في موسكو. وجاء في رد رسمي من المصلحة على طلب وكالة "نوفوستي" الروسية للأنباء بهذا الخصوص: "ردا على طلبكم نفيد بأن الأشخاص المذكورين في الطلب ليسوا متواجدين في مركز احتجاز "سيزو-2" (سجن "ليفورتوفو"). اتهمت وزارة الدفاع الروسية الاثنين، القوات الأوكرانية بتلغيم مداخل المدارس التي تتحصن بها بمناطق دونيتسك ومقاطعة أوديسا، وإعداد نقاط قنص لإطلاق للنار منها، وتفخيخ الجسور في مقاطعة سومي. وأعلن رئيس مركز مراقبة الدفاع الوطني الروسي ميخائيل ميزينتسيف، أن القوات الأوكرانية جهّزت في شيربينوفكا بجمهورية دونيتسك في المدرسة رقم 21 بشارع دزيرجينسكي، مواقع لإطلاق النار ونقاط قنص. وقال أيضاً إنها لغمت المسارات المؤدية إلى المبنى، فيما السكان لم يتم إخطارهم عن عمد بهذا الأمر، وفق تعبيره. هذا واتخذت القوات الأوكرانية خطوطاً دفاعية جديدة في الشرق، أمس الاثنين، استعداداً لمرحلة جديدة صعبة في الحرب، بينما أعلن الرئيس فلاديمير بوتين انتصار روسيا في معركة لوغانسك التي استمرت لأشهر. ووضع استيلاء روسيا على مدينة ليسيتشانسك، الأحد، حداً لواحدة من أكبر المعارك في أوروبا منذ أجيال، والتي شهدت قيام موسكو بجلب قوتها البرية كاملة لتغير على جيب صغير على خط المواجهة لمدة شهرين. وتكمل المعركة غزو روسيا لمقاطعة لوغانسك، وهي إحدى منطقتين تطالب موسكو بتنازل أوكرانيا عنهما للانفصاليين في منطقة دونباس.

روسيا تنفذ تهديدها.. والبرلمان يبحث إلغاء معاهدة حدودية مع النرويج

رويترز... طلب رئيس مجلس النواب الروسي، الثلاثاء، من لجنة برلمانية، النظر في إلغاء معاهدة ترسي الحدود البحرية للبلاد مع النرويج، العضو في حلف شمال الأطلسي. وتهدف المعاهدة، التي تم توقيعها عام 2010، إلى إنهاء النزاعات بين روسيا والنرويج في بحر بارينتس، وهو الجزء من المحيط المتجمد الشمالي المتاخم للسواحل الشمالية للنرويج وروسيا. يأتي هذا الطلب، ردا على ما تصفه روسيا بمنع النرويج وصول البضائع إلى تجمعات سكنية للروس في أرخبيل سفالبارد بالقطب الشمالي. وكانت روسيا هددت باتخاذ إجراءات للرد لم تحددها، إذا لم تحل أوسلو هذه المشكلة. وسفالبارد، التي تقع في منتصف الطريق بين ساحل شمال النرويج والقطب الشمالي، جزء من النرويج، لكن روسيا لها الحق في استغلال الموارد الطبيعية للأرخبيل بموجب معاهدة موقعة عام 1920، وبعض المستوطنات هناك يسكنها الروس بشكل أساسي. وقالت النرويج، التي ليست عضوا في الاتحاد الأوروبي، لكنها تطبق العقوبات التي فرضها الاتحاد على روسيا، إن العقوبات لن تؤثر على نقل البضائع بالسفن إلى سفالبارد. لكن الكثير من البضائع الموجهة للمستوطنات الروسية في الأرخبيل يمر أولا عبر نقطة تفتيش تؤدي لبر النرويج الرئيسي، وهو مغلق أمام البضائع الخاضعة للعقوبات. واستدعت وزارة الخارجية الروسية، الأسبوع الماضي، القائم بالأعمال النرويجي للاحتجاج على القيود التي قالت إنها عطلت تسليم الإمدادات الحيوية، ومنها مواد غذائية وأجهزة طبية.

موسكو تعين قائدا بالاستخبارات لإدارة خيرسون المحتلة

الحرة / ترجمات – واشنطن... تولى مسؤول من جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، المعروف اختصارا باسم "إف إس بي" FSB، رئاسة حكومة منطقة خيرسون، التي تحتلها موسكو، جنوبي أوكرانيا، بحسب السلطات التابعة لموسكو. والأمن الفيدرالي، هو جهاز الاستخبارات الروسية، الذي تم إنشاؤه بدلا من جهاز استخبارات العهد السوفيتي "كيه جي بي". وقال فلاديمير سالدو، الذي يرأس إدارة مناطق الاحتلال الروسية في أوكرانيا، على تطبيق "تليغرام"، إن سيرغي يليسييف، نائب رئيس الحكومة في منطقة كالينينغراد الروسية، "أصبح رئيسا للحكومة في منطقة خيرسون، ويتولى مهامه بدءا من اليوم". وأضاف أن روسيا ستبقى في خيرسون إلى الأبد. وحسب ما نقل موقع "ياهو نيوز"، فقد تخرج يليسييف، من جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، وعمل لنحو 51 عاما في خدمات أمنية غير محددة، وفقا لموقع منطقة كالينينغراد على الإنترنت. والأمن الفيدرالي، هو جهاز الاستخبارات الروسية، الذي تم إنشاؤه بدلا من جهاز استخبارات العهد السوفيتي "كيه جي بي". كانت مدينة خيرسون، التي تقع بالقرب من شبه جزيرة القرم التي استولت عليها موسكو في 2014، أول مدينة كبرى تسقط في أيدي القوات الروسية منذ أن بدأ الكرملين غزوه لأوكرانيا في 24 فبراير الماضي. وتزايدت في الأيام الأخيرة، محاولات القوات الأوكرانية، استعادة المدينة، من خلال استهداف المواقع العسكرية الروسية. وقبل إقدام روسيا على غزو أوكرانيا بعشرة أيام فقط، كان مسؤولون بريطانيون كشفوا أن جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، قد جرى تكليفه بهندسة انقلابات في المدن الأوكرانية الرئيسية، في أعقاب أي غزو قد يشنه الكرملين، بحسب صحيفة "الغارديان".

"هندسة الانقلابات".. خطة روسية للسيطرة على أوكرانيا من الداخل

يعتقد مسؤولون بريطانيون أن وكالة الاستخبارات الروسية القوية (جهاز الأمن الفيدرالي) المعروف اختصار باسم"إف إس بي" FSB قد جرى تكليفها بمحاولة هندسة انقلابات في المدن الأوكرانية الرئيسية في أعقاب أي غزو قد يشنه الكرملين، بحسب صحيفة "الغارديان". وتوقع المسؤولون أن الهجوم سيشهد قيام روسيا بضرب أهداف عسكرية أولاً، ثم تطويق العاصمة كييف ومدن رئيسية أخرى، مع ترجيح إقدام عناصر من "إف إس بي" على محاولة تثبيت قادة موالين لروسيا في الداخل. لكن يبدو أن روسيا طورت خطتها وأقدمت على تعيين مسؤولين أمنيين من الجهاز بدلا من تعيين أوكرانيين موالين لموسكو، الذين زادت ضدهم عمليات الاغتيال في الفترة الأخيرة، واستعدادا لاستفتاء محتمل على انضمام خيرسون أوبلاست إلى الاتحاد الروسي بحلول خريف 2022. واعتقلت القوات الروسية، رئيس بلدية خيرسون المنتخب، إيهور كوليخاييف، في محاولة لقمع معارضة الاحتلال.

مَن يقبل تجرّع الخسارة في أوكرانيا... الولايات المتحدة أم روسيا؟

من يتراجع أولاً؟

الراي.. |بقلم - إيليا ج. مغناير |

تسقط المدن الأوكرانية في الشرق، الواحدة تلو الأخرى، لتبدد تمنيات الغرب بهزيمة روسيا بسرعة وبضرب اقتصادها وإخراجها من صف الدول العظمى، كما كشف وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، عن أهداف بلاده في الأسابيع الأولى من الحرب. ويبدو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غير مستعجل لإنهاء المعركة، ما دام الغرب مصمماً على منع أوكرانيا في التوقيع على معاهدة ترضي روسيا ويصر على إمداد كييف بالسلاح رغم ما يعانيه من تعطش لمصادر الطاقة وارتفاع أسعار النفط التي صارت تراوح بين 108 و120 دولاراً للبرميل الواحد. بالإضافة إلى ذلك، فإن موسكو ترى كيف تتضرر أميركا وأوروبا اقتصادياً باستنزافهما مالياً وعسكرياً بسبب دعمهما المباشر والمتواصل لكييف والذي يكلف الغرب، وسكانه، أثماناً باهظة لن يستطيع تحملها طويلاً. وبسبب العقوبات الأوروبية على روسيا وقرار القارة العجوز بتقليص الاعتماد على الطاقة الروسية، فإن صناعات أوروبية بأكملها تتعرض لخطر الانهيار الدائم، خصوصاً تلك المرتبطة بالألمنيوم والزجاج والصناعات الكيماوية والتدفئة. مثل هذا الانهيار سيكون له عواقب وخيمة على الاقتصاد الأوروبي بأكمله، ويؤشر إلى اضطرابات اجتماعية وعمالية مقبلة لا محالة بعد فصل الصيف. وقد خفضت روسيا الشحنات عبر خط أنابيب «نورد ستريم 1» بنسبة 60 في المئة، ومن المقرر قفل خط الأنابيب بالكامل هذا الشهر، للصيانة. وأثارت المانيا شكوكاً في أن «نورد ستريم» سيستأنف الضخ بعد ذلك. ومن الصعب فهم مقاربة أوروبا التي تفرض عقوبات قاسية على روسيا وتمد أوكرانيا بالسلاح، وتنتظر أن يتدفق الغاز الروسي إلى دولها في انتظار إيجاد البدائل.

لكن المشكلة الكبرى تكمن في السؤال الآتي: هل ستتقبل إحدى الدول العظمى الخسارة؟ وكيف سيكون رد فعلها؟

توجه الرئيس جو بايدن إلى أوروبا للاجتماع بدول مجموعة السبع G7 الغنية وبإهداف واضحة، وهي كيفية الصمود والتعاون لإبقاء التضامن في ما بينها في مواقف موحدة ضد روسيا مهما بلغت الكلفة المؤلمة. وقد استطاعت الولايات المتحدة، إقناع بريطانيا وكندا واليابان بالانضمام إليها بفرض عقوبات على إصدار الذهب الروسي، والذي يورد بنسبة 90 في المئة إلى بريطانيا، ويدر على موسكو أكثر من 19 مليار دولار سنوياً، ويأتي بالمرتبة الثانية بعد الطاقة. وتتوجه أميركا نحو محاولة غير ناجحة، لإقناع العالم (ثلثي الدول) بالانضمام إلى الغرب وعدم التعامل مع روسيا أو بفرض عقوبات على الدول التي تصر على إبقاء العلاقات مع موسكو (آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا وأميركا اللاتينية)... وهذه التدابير تدل على تصميم أميركا على عدم الخسارة أمام روسيا. وما دامت واشنطن تستخدم العقوبات الاقتصادية الأحادية وغير الأممية، فهذا يعني نقطتين: الأولى أن أميركا مقتنعة بأن روسيا لن تهزم بالوسائل العسكرية وأن ذلك سيتطلب استخدام القوة العسكرية النووية التي لا يريد أحد اللجوء إليها لما تسببه من دمار شامل. والثانية ان العقوبات الاقتصادية هي الوسيلة الوحيدة لإكمال الحرب الناعمة على موسكو على أمل إخضاعها أو الدفع نحو انقلاب اقتصادي داخلي يغيّر النظام. وهذا افتراض لا تستطيع أميركا البناء عليه لأسباب عدة. أهم هذه الأسباب أن روسيا توحدت داخلياً حول خيار الحرب أو انضمام كييف إلى حلف «الناتو» الذي يشكل خطراً على الأمن القومي الروسي. بالإضافة إلى ذلك، فان التدابير الاقتصادية المضادة التي اتخذها بوتين أعطت قوة للعملة المحلية (الروبل) وانتعش الاقتصاد من جراء ارتفاع أسعار الطاقة التي يحتاجها الغرب بشدة. وأوجدت روسيا أيضاً أسواقاً آسيوية أخرى مثل (الصين والهند وباكستان ودول أخرى لبيع نفطها)، لا تلتزم بالعقوبات الأميركية، وتالياً فان القرارات الغربية تسبّبت بأذى كبير للدول التي فرضت العقوبات وعلى رأسها القارة الأوروبية حيث بدأت التظاهرات في الشوارع ضد الغلاء والتضخم. ولو كانت العقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب على روسيا أضرّت بها، لما كان يفرض الحزمة تلو الأخرى من العقوبات من دون التأثير على مجرى الحرب التي تتقدم فيها موسكو، وتسيطر على كامل مقاطعة لوغانسك وآخرها كانت مدينة ليشيتشانسك. ومن الواضح أن الحرب مستمرة من دون أي سقف زمني ما دامت تستنزف الغرب وتدمر الجيش الأوكراني وتزيد الإيرادات الروسية من بيع الطاقة بأسعار مرتفعة بسبب ارتفاع الطلب وخوف الأسواق من الآتي الأعظم. ولن تقبل موسكو الخسارة مهما حصل، لأن مكانتها الدولية على المحك، وهي لم تعد ضعيفة كما كانت عام 1991 عندما أعلنت «البريسترويكا» وتخلت عن دعم الدول التي تسيطر عليها. بل غيرت مفهومها وعقيدتها وقدمت الإغراءات لأوروبا للاعتماد عليها في الطاقة وجمعت ثروتها لليوم الذي ستجابه به الغرب كما حصل في معركة أوكرانيا وتحسباً للمستقبل الأسود. وقد لجأت أميركا إلى خطوة أخرى خطرة. فقد دفعت ليتوانيا لفرض حظر على الصادرات الروسية المحظورة أوروبياً المصدرة إلى كالينينغراد، المقاطعة الروسية التي تضم أسطول بحر البلطيق الروسي، وهي محاصرة بين البحر وبولندا وليتوانيا. ويأتي هذا القرار مخالفاً للائحة العقوبات الأوروبية التي نشرتها المجموعة الأوروبية والتي تستثني جيب كالينينغراد وجميع البضائع الترانزيت التي تضمنتها معاهدة موقعة عام 2003 بين روسيا وليتوانيا، الدولة العضو في المجموعة الأوروبية وحلف شمال الأطلسي. وهذا يعني عدم احترام معاهدة دولية قائمة ما يشجع أي دولة في العالم على اتباع التدابير نفسها وخرق المعاهدات الدولية ما دامت أوروبا فعلت ذلك... وأوجدت سابقة. إلا أن روسيا تعودت الرد بعد أن تأخذ وقتها الكافي لتضرب الدولة المستهدفة (ليتوانيا) بإجراءات يبدو أنها ستبدأ عبر عقوبات تمنع عنها الطاقة وتحجم صادرات تؤثر في الاقتصاد الليتواني الذي يستورد ما قيمته 9 مليارات دولار سنوياً من روسيا. هل ستتقبل أميركا والغرب الخسارة أمام روسيا، التي تتقدم في أوكرانيا عسكرياً، والاكتفاء بالعقوبات الاقتصادية؟.... لقد ذهبت الأمور إلى نقطة خطرة، بعد الإعلان عن وجود قوات أميركية وبريطانية وفرنسية وكندية وليتوانية في أوكرانيا، تدعم جيشها وتقاتل روسيا. فهذا الأمر هو بمثابة دعوة لموسكو لاتخاذ خطوات تصعيدية أقله ضد ليتوانيا، لربما عسكرية، تتمناها أميركا ليصبح «الناتو»، جزءاً من الحرب المباشرة على روسيا، وليس من خلف الكواليس أو من خلال بعض التسريبات الإعلامية. وهذا يدل على خطورة الوضع في أوروبا حيث تشن أميركا حرباً على روسيا، أرادها بايدن، على أمل إبقاء بلاده على عرش العالم، وفي اعتقاده أن الربح السريع في انتظاره. إلا أن الانزلاق نحو الهاوية ليس صعباً، خصوصاً أن الدولتين العظمتين تسيران على حافتها. فروسيا لن تقبل الخسارة وهذا أيضاً ينطبق على أميركا. وتبدو الحلول صعبة ما دامت لغة الحرب العسكرية والاقتصادية هي السائدة بين دولتين تمتلكان أكثر من 11 ألف قنبلة نووية تستطيع القضاء على العالم بأسره.

حاكم لوغانسك: القوات الروسية تزحف صوب دونيتسك الأوكرانية

الراي... ذكر الحاكم الإقليمي لمنطقة لوغانسك الأوكرانية سيرهي جايداي إن القوات الروسية تخوض قتالا عنيفا وتزحف صوب منطقة دونيتسك بعد سيطرتها على آخر بلدتين في لوغانسك المجاورة. وقال جايداي إن القوات الروسية تكبدت خسائر فادحة خلال العملية الطويلة للسيطرة على مدينتي سيفيرودونيتسك وليسيتشانسك، لكنها توجه جهودها نحو التحرك جنوبا. وأضاف للتلفزيون الأوكراني «القتال العنيف مستمر على أطراف منطقة لوغانسك. أُعيد توجيه جميع قوات الجيش الروسي وقوات الاحتياط إلى هناك. إنهم يتكبدون خسائر فادحة». ولم يتسن لرويترز التحقق من مزاعم جايداي في شأن تقدم القوات الروسية.

واشنطن تدعو مجموعة العشرين لحث روسيا على إعادة فتح الطرق البحرية لتسليم الحبوب

الراي.... قال مسؤول أميركي كبير أمس الثلاثاء إن أمن الغذاء والطاقة سيكون بين أبرز الموضوعات في اجتماع وزراء خارجية مجموعة العشرين في بالي هذا الأسبوع، وإنه ينبغي لأعضاء المجموعة أن يصروا على أن تدعم روسيا جهود الأمم المتحدة لإعادة فتح الطرق البحرية التي أغلقتها حرب موسكو في أوكرانيا. وأبلغ مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون الاقتصادية والتجارية رامين تولوي الصحافيين أن وزير الخارجية أنتوني بلينكن سيثير أمن الطاقة في الجلسة الرئيسية لوزراء مجموعة العشرين يوم الجمعة وفي اجتماعات ثنائية في بالي. وقال «ينبغي لدول مجموعة العشرين أن تحاسب روسيا وأن تصر على أن تدعم جهود الأمم المتحدة الجارية لإعادة فتح الطرق البحرية لتسليم الحبوب». وأضاف «سواء حدث ذلك على مستوى مجموعة العشرين أو على مستوى الدول المنفردة في المجموعة، فهذه نقطة مهمة سيطرحها الوزير بلينكن». وقال كبير الديبلوماسيين الأميركيين لشؤون شرق آسيا دانيال كريتنبرينك في الإفادة نفسها إنه يتوقع تبادل آراء «صريحا» في شأن أوكرانيا عندما يلتقي بلينكن بوزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش مجموعة العشرين. وأضاف «ستكون هذه فرصة أخرى للتعبير عن توقعاتنا في شأن ما نتوقع أن تفعله الصين وما لا تفعله فيما يتعلق بأوكرانيا». وقبل وقت قصير من الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير، أعلنت الصين وروسيا عن شراكة «بلا حدود». لكن المسؤولين الأميركيين قالوا إنهم لم يروا الصين تتهرب من العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة على موسكو أو تزود روسيا بمعدات عسكرية. ومع ذلك، رفضت الصين التنديد بتصرفات روسيا وانتقدت العقوبات الغربية الشاملة. وحذر المسؤولون الأميركيون من العواقب، ومن بينها العقوبات، إذا بدأت الصين في تقديم دعم مادي للجهود الحربية الروسية. وتصف واشنطن الصين بأنها منافستها الاستراتيجية الرئيسية وتخشى أنها قد تحاول يوما ما الاستيلاء بالقوة على جزيرة تايوان الديموقراطية المتمتعة بالحكم الذاتي، تماما كما هاجمت روسيا أوكرانيا. وقال كريتنبرينك إنه من «الأهمية بمكان» الحفاظ على خطوط اتصال مفتوحة مع نظراء الولايات المتحدة الصينيين «لضمان منع أي سوء تقدير يمكن أن يؤدي عن غير قصد إلى صراع ومواجهة».

هل تستمر ليتوانيا في منع البضائع الروسية من الوصول إلى كالينينغراد؟

الاتحاد الأوروبي بدأ مراجعة توجيهاته حول تطبيقها... لكن فيلنيوس ترى أن ذلك سيدفع موسكو لطلب المزيد

تحولت ليتوانيا إلى ساحة صراع جديدة بعدما قررت منع عبور البضائع إلى كالينينغراد

الشرق الاوسط.. كيبارتاي (الحدود الليتوانية مع كالينينغراد): راغدة بهنام

على بعد أمتار قليلة من كالينينغراد، تتوقف القطارات القادمة من عمق الأراضي الروسية، في بلدة كيبارتاي الليتوانية. يقترب حرس الحدود الليتواني من القطارات المحملة بالركاب أو البضائع، ويدخلون لتفتيشها. فهم يبحثون عن مواد «ممنوعة» قد تكون هذه القطارات تنقلها إلى كالينينغراد. والعثور على أي من المواد التي باتت على لائحة العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا نتيجة حربها على أوكرانيا، يعني بأن العربة لن يسمح لها بإكمال طريقها. منذ دخول العقوبات الأوروبية الاقتصادية على روسيا حيز التنفيذ في 18 يونيو (حزيران) الماضي، تحولت ليتوانيا إلى ساحة صراع جديدة، بعد أن قررت منع بضائع العبور المشمولة بالعقوبات من الوصول إلى كالينينغراد. ورغم أن فيلنيوس تقول، إن واحداً في المائة فقط من البضائع القادمة من روسيا إلى مدينة البحرية المعزولة عنها، خاضعة للعقوبات، فإن روسيا تتهمها بفرض حصار على كالينينغراد. فالمدينة الروسية محاصرة براً بين ليتوانيا وبولندا، ولا منفذ برياً مباشر لها على روسيا. ولضمان حرص نقل البضائع والركاب؛ وقّعت موسكو اتفاقية مع فيلنيوس بعد سقوط الاتحاد السوفياتي وخسارة روسيا للممرات البرية التي تصلها بمدينتها البحرية الاستراتيجية. ثم وقّعت اتفاقاً شبيهاً مع الاتحاد الأوروبي عام 2002 بعد انضمام ليتوانيا إلى الاتحاد، يضمن حرية التنقل والنقل بين روسيا وكالينينغراد التي بات الوصول إليها يعبر في أراضي الاتحاد الأوروبي. وكانت كالينينغراد جزءاً من بروسيا (ألمانيا اليوم) واسمها كونيغزبيرغ حتى العام 1946 عندما خسرتها ألمانيا للاتحاد السوفياتي بعد الحرب العالمية الثانية وطردت سكانها الألمان واستبدلتهم بالروس. وتحولت اليوم إلى شريان حيوي بالنسبة لموسكو. فهي تضم الميناء الروسي الوحيد الذي لا يتجمد. وهي أيضاً مقر أسطول البلطيق التابع للبحرية الروسية. وحتى الآن تقتصر البضائع التي تمنع ليتوانيا روسيا من نقلها إلى كالينينغراد على المعدن، ولكن اللائحة تتوسع تدريجياً، وستشمل في الأيام المقبلة بضائع أخرى مثل الذهب والفحم وحتى موارد الطاقة في أغسطس (آب) المقبل. ورغم أن هذه العقوبات تستهدف منع البضائع الروسية من دخول أراضي الاتحاد الأوروبي، فإن ليتوانيا قررت تطبيقها على البضائع التي تعبر أراضيها للوصول إلى كالينينغراد؛ وهو ما دفع روسيا لاتهامها بأنها تخرق الاتفاقات الثنائية السابقة بينهما وحذرتها من عواقب استمرار منعها لمرور البضائع. وتدافع ليتوانيا عن قرارها هذا رغم أن الاتحاد الأوروبي بدأ الآن في مراجعة توجيهاته حول تطبيق تلك العقوبات لتحديد ما إذا كان يتوجب إعفاء بضائع المرور منها، ومن المفترض أن يبلغ ليتوانيا، الدولة العضو في الناتو، بها قريباً. وقبل أيام، قال الرئيس الليتواني غيتاناس نوزيدا، إن ليتوانيا «ستحتفظ بالسيطرة على البضائع المنقولة عبر أراضيها ولا يمكن الحديث عن أي ممرات» للبضائع المحظورة. ليس خافياً أن ليتوانيا تخشى أن تؤدي «مهادنة» روسيا إلى رد فعل عكسي. والتضامن مع أوكرانيا في هذه الدولة الصغيرة، أخذ أبعاداً اجتماعية وليس فقط سياسية. في شوارع العاصمة، العلم الأوكراني في كل مكان. على شرفات المنازل، في واجهات المحال وإلى جانب العلم الليتواني أمام البرلمان ومعظم المقرات الرسمية وغير الرسمية، ويغطي حتى واجهة وزارة الدفاع. ويقول أندريوس بروشورانكو، الخبير في معهد دراسات أوروبا الشرقية في فيلنيوس، في حديث مع «الشرق الأوسط»، إن التوصيات التي تسلمتها ليتوانيا من الاتحاد الأوروبي حول العقوبات على روسيا «كانت قابلة للتفسير»، ولم تحدد ما إذا كانت تطبق أيضاً على بضائع المرور. ويضيف، أن ليتوانيا قررت «أن تفسرها بشكل صارم، وهذا يعني أنها منعت مرور البضائع الخاضعة للعقوبات». ويقول بروشورانكو، إن الحكومة الليتوانية «متمسكة بقرارها» رغم أن بروكسل تدرس منح بعض بضائع المرور إعفاءات، ويشرح السبب بالقول «ليتوانيا لا تريد أن تقدم تنازلات لروسيا لأنها تعتقد أن أي تنازل الآن سيدفع موسكو لطلب تنازلات إضافية». وتدفع ألمانيا الاتحاد الأوروبي لإصدار استثناء لبضائع العبور الروسية، وقد عبّر المستشار الألماني أولاف شولتز عن عدم رضاه لقرار فيلنيوس قائلاً «نحن نتحدث عن جزأين تابعين لروسيا». ويقول بروشورانكو، إن ألمانيا هي الآن التي تدفع لإصدار هذه الإعفاءات، وإن ليتوانيا رغم عدم موافقتها على ذلك، فهي لن تدخل في مواجهة مع ألمانيا التي تعتبرها شريكاً رئيسياً هي في حاجة إليه اليوم. وتهدد روسيا ليتوانيا بعواقب لم تحددها في حال لم تتراجع عن قرار منع عبور البضائع إلى كالينينغراد، ولكن من الواضح بأن فيلنيوس لا تعتبر هذه التهديدات جادة، أو أنها تعتقد بأن خيارات روسيا للرد محدودة. فعلى الصعيد العسكري، لم ترفع فيلنيوس من تأهب قواتها على الحدود مع كالينينغراد، بحسب ما أكدت المتحدثة باسم القوات المسلحة الليتوانية إيستي ليليكايتي لـ«الشرق الأوسط». وقالت ليليكايتي في رد مكتوب، رداً على سؤال حول رفع مستوى الجهوزية للجيش الليتواني «إن التدريبات العسكرية للقوات المسلحة لا تتوقف ولا تتأثر بالوضع الجيوسياسي الحالي، وما زال الاستعداد العسكري لوحدات القوات المسلحة معتاداً». وأضافت حول تعزيز القوات المسلحة انتشارها على الحدد مع كالينينغراد «نحن يقظون، وبالتنسيق مع الدول الحليفة نراقب عن كثب الوضع الأمني في الجوار ونقيم التحديات الأمنية بشكل واقعي». وأكدت، أن الوضع على الحدود «ما زال هادئاً؛ ولذلك لم يتم إرسال أي قوات إضافية باتجاه منطقة كالينينغراد». ولكن المتحدثة أكدت بأن حلف «الناتو» أرسل تعزيزات أمنية إضافية «ضمن رد الدول المتحالفة على التحديات الأمنية» التي استجدت في الأشهر الماضية. وقالت، إن قوات «الناتو»، «تجري تدريبات عسكرية في ليتوانيا بالمشاركة مع القوات الوطنية». وأكدت ليليكايتي، أن من ضمن التعزيزات التي أرسلها «الناتو» بعد الحرب في أوكرانيا، أسلحة مدفعية مضادة للدفاع الجوي والمدفعية. ورغم هذه التعزيزات، يستبعد محللون في فيلنيوس أن تقدِم روسيا على عملية عسكرية في ليتوانيا. ويقول بروشورانكو، إن «روسيا تهدد الآن كل جيرانها من بينهم ليتوانيا؛ ولذلك لا يجب أن نكون خائفين جداً من هذه التهديدات». ويقول بأن خبراء عسكريين في فيلنيوس يقولون، إن روسيا عاجزة عن تنفيذ أي عملية عسكرية إضافية الآن «لأنه ليس لديها جنود كافين في كالينينغراد». وأضاف «قبل الحرب، يُعتقد بأن روسيا كان لديها قرابة 40 ألف جندي متمركز في كالينينغراد، والآن انخفض العدد إلى النصف». ويستعبد كذلك بروشورانكو، أن تنفذ روسيا تهديداتها بفرض حصار بحري على ليتوانيا، ولكنه يتحدث عن خطوات أخرى يمكن لروسيا أن تأخذها بحق ليتوانيا لجعلها تدفع الثمن، تحديداً من الناحية الاقتصادية. ويشير إلى إمكانية منع البضائع الليتوانية من العبور إلى بيلاروسيا أو الأراضي الروسية إلى دول أخرى. كما يتحدث عن إمكانية تدخل روسيا في الحياة السياسية في ليتوانيا، ولكنه يضيف بأن «هذا يحصل منذ سنوات في كل الأحوال». ولكن السيناريو الأكثر واقعية، يقول بروشورانكو، هو أن تستمر وتكثف روسيا هجماتها مثل التي تحصل منذ أكثر من أسبوعين وتستهدف البنى التحتية في البلاد. ويقول بأن هذه الهجمات التي تشنّها مجموعة من القراصنة الروس، ولم تتبناها موسكو رسمياً، نجحت بإحداث أضرار رغم أنها كانت محدودة، والأهم أنها «كشفت نقاط ضعف» يمكن لروسيا استغلالها عبر تنفيذ هجمات إلكترونية على مواقع بنى تحتية. ورغم أن هذه الهجمات نجحت فعلاً بتعطيل عدد من المواقع الإلكترونية التابعة للحكومة ولشركات خاصة، تحديداً في المجال المالي، إلا أنها لم تحدِث أضراراً دائمة كما تؤكد وزارة الدفاع في تصريحات لـ«الشرق الأوسط». وقالت أوسرا فاتكيفيكيوت، المتحدثة باسم الوزارة في رد مكتوب، إن الهجمات السيبرانية استمرت قرابة الأسبوعين، إنها عطلت عدداً من المواقع لفترة محدودة، ولكنها لم تحدث أضراراً دائمة. وأضافت أن الخطوات التي اتخذها وحدة مواجهة الهجمات السيرانية التابعة لوزارة الدفاع نجحت بتقليص حجم الأضرار التي أحدثتها مجموعة «كلينت» للقراصنة الروس. وتوقعت المتحدثة باسم وزارة الدفاع وقوع المزيد من الهجمات السيبرانية «المدمرة» قريباً، وقالت بأن الوزارة تنصح جميع الشركات الخاصة باتخاذ تدابير وقائية فورية. وأكد كذلك جوناس سكاردينسكاس، رئيس وحدة الهجمات السيبرانية في وزارة الدفاع الليتوانية لـ«الشرق الأوسط»، أن الهجمات السيبرانية «لم تحدث أضراراً كبيرة، ولكنها نجحت بوقف خدمات بعض المواقع لوقت قصير، وهذا لا يمكن اعتباره حوادث واسعة التأثير». وأضاف سكاردينسكاس، أن هجمات كهذه «ليست جديدة ونحن نواجهها منذ فترة؛ لذلك دفاعنا ضدها جيد»، مضيفاً أن الفارق بين هذه الهجمات وسابقاتها «أنها استمرت لفترة طويلة مقارنة بالسابقة وكان لديها أهداف عدة، وهذا أمر جديد لأنها عادة تركز على هدف واحد أو هدفين على الأكثر». وأكد سكاردينسكاس، أن وحدته «في حالة تأهب قصوى» لمواجهة أي هجمات إلكترونية أخرى قد تتعرض لها ليتوانيا. وجاءت هذه الهجمات رداً على بدء ليتوانيا تطبيق العقوبات الأوروبية ومنع مرور بعض البضائع إلى كالينينغراد، وأيضاً رداً على قرار البرلمان الليتواني وقف الاعتماد كلياً على موارد الطاقة الروسية وحظر شراء النفط والغاز منها؛ ما جعلها أول دولة أوروبية تقوم بخطوة مماثلة. وحجم ليتوانيا الصغير بعدد سكانها الذي لا يتجاوز المليونين و700 ألف شخص، ساعدها بالتخلي على موارد الطاقة الروسية، وهو ما تعجز عنه الدول الأوروبية الكبيرة حتى الآن. واستعاضت ليتوانيا بباخرة «الاستقلال» للتعويض عن الغاز الروسي، وهي باخرة أميركية راسية في ميناء كلايبيدا على بحر البلطيق تحولت إلى خزان للغاز المسال تملؤه ليتوانيا من النرويج ودول أخرى تستورد منها الغاز.

القمح سلاح دبلوماسي في قلب أزمة الغذاء العالمية

اقتصادي فرنسي: يأكله الجميع لكن لا يستطيع الجميع إنتاجه

باريس: «الشرق الأوسط»... يعاني أكثر من 200 مليون شخص في العالم جوعاً شديداً، بحسب الأمم المتحدة التي تخشى «إعصار مجاعة» جديداً، جرّاء ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل حاد منذ بداية الصراع في أوكرانيا. وفي غضون أشهر قليلة، أصبح القمح الذي طالما كان عامل سلام في فترات الوفرة، سلاحاً دبلوماسياً. لكن المجاعات «لا ترتبط بإنتاج الغذاء؛ بل دائماً ما تكون ناجمة عن مشكلات الحصول عليها»، وفق عارف حسين، كبير الاقتصاديين في برنامج الأغذية العالمي. ويؤكد الاقتصادي الفرنسي برونو بارمنتييه، أنه «في زمن الحرب، تتحكّم الدول المنتجة الكبرى في مصير الدول الأخرى»؛ لأنه «لا يمكن أن تترك أي دولة عاصمتها تجوع». وتعتبر حبوب القمح التي يستهلكها مليارات الأشخاص والمدعومة في دول كثيرة: «الحبوب الرئيسية للأمن الغذائي العالمي»، كما يؤكد سيباستيان أبيس، الباحث المشارك في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس (إيريس). أما الذُّرة «فتستخدم قبل كل شيء لتغذية الحيوانات، أو للحاجات الصناعية». ويقول برونو بارمنتييه مؤلف كتاب «نورير لومانيتيه»، إن «القمح يأكله الجميع؛ لكن لا يستطيع الجميع إنتاجه». هناك عشرات الدول فقط تنتج ما يكفي من القمح لتتمكن من تصديره: الصين هي أكبر منتج في العالم للقمح؛ لكنها أيضاً مستورد رئيسي لهذه الحبوب؛ إذ إن إنتاجها لا يكفي لإطعام سكانها البالغ عددهم 1.4 مليار شخص. أما الدول المصدرة الرئيسية، فهي روسيا والولايات المتحدة وكندا وأستراليا وأوكرانيا. وارتفعت أسعار الحبوب بشكل كبير قبل الحرب، وبدأ سعر القمح يرتفع في الأسواق العالمية بدءاً من خريف عام 2021، وبقي عند مستويات عالية في ظل الانتعاش الاقتصادي بعد الجائحة. وهناك عوامل أخرى وراء هذا المنحنى التصاعدي: الارتفاع الحاد في تكاليف الطاقة جراء ارتفاع أسعار النفط والغاز، والأسمدة النيتروجينية (المصنوعة من الغاز والتي ازداد سعرها 3 مرات في عام)، والنقل (ازدحام المواني ونقص اليد العاملة) والطقس غير المواتي، وخصوصاً المحصول الكارثي في كندا التي اجتاحتها موجة حر شديد الصيف الماضي. وتفاقم الوضع مع بداية الحرب في 24 فبراير (شباط) الماضي، وسجّل سعر القمح أرقاماً قياسية: ارتفع سعر الطن إلى أكثر من 400 يورو في مايو (أيار) في السوق الأوروبية، ضعف ما كان الصيف الماضي. وهذه الزيادة لا يمكن أن تتحملها البلدان الفقيرة؛ خصوصاً تلك التي تستورد «30 في المائة على الأقل من حاجاتها من أوكرانيا وروسيا» كما تؤكد منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو). ومثّلت روسيا وأوكرانيا 30 في المائة من صادرات الحبوب العالمية. وفي السنوات الأخيرة، ازداد إنتاجهما بشكل مطرد، مع احتلال روسيا قائمة الدول المصدرة، بينما كانت أوكرانيا في طريقها إلى أن تصبح ثالثة. وأدى إغلاق بحر آزوف والحصار الذي فُرض على المواني الأوكرانية الواقعة على البحر الأسود، إلى حرمان الأسواق من أكثر من 25 مليون طن من الحبوب التي أصبحت الآن عالقة في المزارع أو في مستودعات المواني. وبينما صُدّرت بعض الكميات برّاً، وعن طريق السكك الحديدية، ما زالت الصادرات أقل بست مرات مما كانت عليه عندما كانت تُنقل بحراً. وواجه المزارعون الأوكرانيون موسم زراعة خطيراً، بينما اضطر بعضهم للعمل بسترات واقية من الرصاص، والاستعانة باختصاصيين لإزالة الألغام والذخائر الأخرى من الحقول. ومن المتوقع أن تنخفض المحاصيل بنسبة 40 في المائة للقمح و30 في المائة للذرة، وفق تقديرات الرابطة الرئيسية للمنتجين والمصدرين في أوكرانيا. وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الاثنين، كما جاء في تقرير «الصحافة الفرنسية»، إن أوكرانيا تجري محادثات مع تركيا والأمم المتحدة للحصول على ضمانات فيما يتعلق بصادرات الحبوب من المواني الأوكرانية. وقال: «هذا أمر مهم جداً، أن يضمن أحد أمن سفن هذا البلد أو ذاك، باستثناء روسيا التي لا نثق بها. لذلك نحن بحاجة إلى الأمن لتلك السفن التي ستأتي إلى هنا لتحميل المواد الغذائية». وتابع زيلينسكي قائلاً إن أوكرانيا تعمل «مباشرة» مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، فيما يتعلق بهذه المسألة، وإن المنظمة «تلعب دوراً رائداً وليس كوسيط». وتتهم أوكرانيا -وهي واحدة من أكبر مصدري الحبوب في العالم- روسيا بعرقلة حركة سفنها. وقال زيلينسكي إن 22 مليون طن من الحبوب عالقة حالياً، ومن المتوقع حصاد نحو 60 مليون طن أخرى في الخريف. كان يمكن أن يقضي الحل بأن تفرج البلدان التي تملك مخزونات عن احتياطاتها في الأسواق. لكن معظم المخزون موجود في الصين التي لن تعيد بيعه، في حين أن الهند التي تعهدت زيادة مبيعاتها من الحبوب تراجعت عن قرارها، بعدما تعرضت لموجة حر مدمرة، فحظرت الصادرات موقتاً ما أدى إلى زيادة الأسعار. أما روسيا التي سيكون محصولها من القمح استثنائياً هذا العام: «فتواصل التصدير إلى دول معينة؛ خصوصاً في الشرق الأوسط، والتي في المقابل لن تصوت ضدها في الأمم المتحدة»، كما يشير أحد مراقبي الأسواق. على المدى القصير، ستتمثل الحلول في المحاصيل الجديدة التي يبدو أنها ستكون «جيدة إلى حد ما» في أميركا وأوروبا وأستراليا. من المتوقع أن يصل محصول القمح في عام 2022 إلى 775 مليون طن، وفق وزارة الزراعة الأميركية. والأسعار التي ارتفعت بشكل كبير لأسباب جيوسياسية، تراجعت في الأسابيع الأخيرة لأسباب عدة: بداية موسم الحصاد، وأخذ الأسواق بالوضع في أوكرانيا، والخوف من ركود اقتصادي، كما يوضح إدوار دو سان دوني. ومن جانبها، تقول إليزابيث كلافري دو سان مارتان، من منظمة للبحوث الزراعية والتعاون الدولي من أجل التنمية، إن على المدى المتوسط «يجب أن نضمن أن لدينا مزيداً من المواد الغذائية المنتجة والمعالجة محلياً».

انضمام السويد وفنلندا للناتو يحيي ذكريات دموية

من جبهة صراع مع روسيا إلى حياد تام ثم السعي لعضوية حلف شمال الأطلسي

الشرق الاوسط.. شادي عبد الساتر... شكّل طلب السويد وفنلندا الرسمي الانضمام إلى حلف الناتو، في 18 مايو (أيار) الفائت، منعطفاً تاريخياً في السياسة الخارجيّة للدولتين. فعلى وقع الضربات العسكريّة الروسيّة في أوكرانيا، أنهت السويد بخطوتها هذه سياسة حياد طبعت علاقاتها الخارجيّة منذ سنة 1814، فيما شكّلت الخطوة الفنلندية باتجاه الناتو نهاية حياد الدولة المجاورة لروسيا، الذي استمرّ طوال مرحلة الحرب الباردة حتى الأشهر الأولى من العام الحالي. المنعطف التاريخي الذي نشهده حالياً يعيد للأذهان ماضي العلاقة العدائية بين السويد وفنلندا من جهة، وروسيا من جهة أخرى.

سقوط إمبراطوريّة وصعود أخرى

السويد خاضت ضد روسيا حروباً كثيرة على مدى قرون سابقة، لكنّ حربين كبريين حاسمتين في هذا الصّراع، لا تزال انعكاساتهما مستمرة حتّى يومنا هذا. إنّهما حرب الشّمال الكبرى (1700 – 1721) والحرب الفنلنديّة (1808 – 1809). فالحرب الأولى سطّرت نهاية الإمبراطوريّة السّويديّة وصعود القوّة الرّوسيّة، والثّانية كانت من العوامل الرئيسة الّتي جعلت السويد تعتمد سياسة الحياد في علاقاتها الخارجيّة. عرفت السويد في عصر الملك غوستافوس أدولفوس، الّذي صعد إلى العرش سنة 1611، عصراً ذهبيّاً، واعتبرت الإمبراطوريّة السّويديّة طوال القرن السابع عشر حتّى بدايات القرن الثامن عشر دولة أوروبيّة كبرى. وبلغت مساحتها ضعفي مساحتها الحاليّة تقريباً، إذ ضمّت فنلندا وأستونيا ولاتفيا وكلّ المناطق المطلّة على بحر البلطيق، التي هي جزء من روسيا حالياً، إضافة إلى مناطق أخرى في شمال أوروبا. فشكّل عددٌ من الدّول الأوروبيّة المجاورة للإمبراطوريّة السّويديّة، ومن بينها روسيا، وكانت آنذاك قوّة إقليميّة، تحالفاً لكسر نفوذ السويد في حوض البلطيق، والتوسّع على حسابها. وهكذا اندلعت حرب الشمال الكبرى، الّتي أسفرت عن خسارة السويد لأراضيها في شرق البلطيق وشمال أوروبا، وحصلت روسيا بالمقابل على جزء كبير من الأراضي السويدية المطلّة على البلطيق، فنتجت عن هذه الحرب نهاية الإمبراطوريّة السويدية وصعود روسيا في المقابل إلى مصاف الدول الكبرى، وكان ذلك في عهد القيصر الروسي بطرس الأكبر. هذه الصفحة التاريخية استدعاها فلاديمير بوتين، حينما صرح مؤخراً: «بطرس العظيم خاض حرب الشمال الكبرى طوال 21 عاماً. وبدا أنه في حربه مع السويد قد أخذ شيئاً منها. هو لم يأخذ أي شيء منها، بل أعاد ما كان ملكاً خاصاً لروسيا... وعندما أسس العاصمة الجديدة (في سانت بطرسبرغ)، لم تعترف أي من الدول الأوروبية بأنها أرض روسية، بل اعتبروها جزءاً من السويد. ومع ذلك، فإنه من قديم الأزل كان السلافيون يعيشون مع الشعوب الفنلندية الأوغرية، وكانت هذه الأرض تحت سيطرة روسيا». وأضاف بوتين: «من الواضح أنه من قدرنا أن نعود ونقوى أيضاً. وإذا عملنا على أساس أن هذه القيم تمثل أساس وجودنا، فإنه من المؤكد أننا سوف ننجح في تحقيق أهدافنا».

الحياد السويدي وانعكاساته

بقيت السويد لاعباً مهماً على الساحة الأوروبيّة في القرن الثامن عشر، واستمرّ الصّراع الروسي - السويدي قائماً، كما اندلعت حربان بين الدولتين في تلك الحقبة، لكنّ حرباً جديدة بينهما في مطلع القرن التالي، هي الحرب الفنلندية، التي نتجت عنها خسارة السويد فنلندا لمصلحة روسيا سنة 1809، وكذلك اندلاع الحرب النرويجيّة - السويديّة سنة 1814، جعلتا من السويد تعتمد سياسة الحياد في علاقاتها الخارجيّة. وقد أثبتت هذه السياسة نجاحها، إذ إنّها جنّبت البلاد أهوال الحروب التي دارت على أراضي القارّة الأوروبيّة، وأبرزها الحربان العالميّتان، وجنّبتها كذلك استقطابات الحرب الباردة.

استقلال فنلندا وحربها مع السوفيات

إذا كان تاريخ السويد المتوتر مع روسيا لافتاً فإن وضع فنلندا لا يقل أهمية، كما أنّ موقع فنلندا الجيوسياسي هو أكثر حساسية من السّويد، إذ تجاور روسيا الفيدراليّة (وسابقاً الاتّحاد السوفياتي) مباشرة فتمتلك حدوداً مشتركة معها، يصل طولها إلى نحو 1300 كيلومتر. وقد شهدت فنلندا بُعيد استقلالها حرباً أهليّة وجيزة (سنة 1918)، واتّسمت علاقتها مع الاتّحاد السّوفياتي في مرحلة ما بعد الحرب العالميّة الأولى بالتّوتّر. ثمّ جاءت الحرب العالميّة الثّانية، فوجد ستالين الظّرف ملائماً للتّوسّع على حسابها، فشنّ عليها حرباً عُرفت باسم حرب الشّتاء (1939 – 1940) الّتي أظهر فيها الفنلنديّون، رغم التّفوّق العسكري الروسي الكبير في العديد والعتاد، مقاومة كبيرة أدهشت المراقبين، وأظهرت مكامن الضّعف في الجيش السوفياتي. لكنّ الأخير تمكّن من الانتصار بعد أشهر من القتال، وأُرغمت فنلندا في معاهدة موسكو على التنازل عن حوالي 10 في المائة من مساحتها للاتحاد السوفياتي.

تحوّلات جذريّة في سياسة فنلندا الخارجيّة

خسارة فنلندا لجزء من أراضيها في حرب الشتاء دفعتها إلى التحالف مع ألمانيا النازيّة بهدف استعادة الأراضي الّتي خسرتها لصالح الاتحاد السوفياتي. لكنّ هزيمة الألمان في الحرب جعلتها تتكبّد خسائر إضافيّة في الأراضي لصالح السوفيات، وفُرضت عليها تعويضات ماليّة باهظة. وبفعل موقعها الجغرافي المجاور للاتّحاد السّوفياتي وخطر اندلاع حرب جديدة بينهما، اعتمدت فنلندا منذ بدء الحرب الباردة، سياسة حياد عن الأحلاف العسكريّة، ووقّعت اتّفاقيّات صداقة وتعاون مع الاتحاد السوفياتي حماية لأمنها، مع حفاظها على هذا الحياد. ومع سقوط الاتحاد السوفياتي مطلع التّسعينات، بات بإمكان فنلندا التّوجّه نحو الغرب، فانضمّت وجارتها السويد إلى الاتحاد الأوروبي مطلع العام 1995. وحافظت كالسويد على جيش قويّ مجهّز ومدرّب على أعلى المستويات، تعزيزاً لأمنها القومي، وحرصت على امتلاك ترسانة عسكريّة حديثة، ونسّقت بشكل وثيق مع الناتو قبل طلب انضمامها إلى الحلف في مايو (أيّار) الماضي.

حياد تبدّده الحرب في أوكرانيا

رغم نجاح حياد السويد وفنلندا، فإنّ الاجتياح الروسي لأوكرانيا وأهوال المشاهد التي تناقلتها وسائل الإعلام، والدّمار الشّامل الّذي لحق بأوكرانيا، إضافة إلى عامل أساس، هو القرب الجغرافي لفنلندا والسويد من روسيا، ما جعلهما تخشيان أن تكونا الوجهة التالية لطموحات بوتين التّوسعيّة، أحدثت تغييراً جذرياً لدى الرّأي العام السّويدي والفنلندي، من معارض للدّخول في أيّ تحالفات عسكريّة إلى مؤيّد متحمّس للانضواء في حلف الناتو، لما يشكّله هذا التحالف من ضمانة لأمن البلدين، ولا سيّما أنّه يُلزم الأعضاء المنتمين إليه، بموجب البند الخامس من اتّفاقيّته، اعتبار أيّ هجوم ضدّ أي دولة من الدول الأعضاء هجوماً على كلّ دول الحلف. فقد أشارت استطلاعات الرّأي وأبرزها استطلاعات عدّة لشركة «ديموسكوب» السويدية أجرتها منذ مارس (آذار) الفائت، إلى أن أغلبيّة واضحة من السويديين مؤيّدة للانضمام إلى الحلف. ولعلّ أفضل تعبير عن هذا التّبدّل الكبير في توجّه السويد على صعيد العلاقات الخارجيّة، هو تأييد الحزب الاشتراكي الديمقراطي السويدي، بجلسة له في 15 مايو الماضي، تقديم طلب انتساب السويد إلى الناتو، علماً أنّ هذا الحزب اليساريّ العريق الذي تنتمي إليه رئيسة الوزراء ماغدالينا أندرسون، لطالما كان مؤيّداً للحياد ورافضاً الانضمام إلى الحلف. وكذلك أظهرت استطلاعات الرّأي في فنلندا تبدّلاً جذريّاً بموقف الفنلنديين الّذي كان مؤيّداً للحياد، وتأييدهم الانضمام إلى الناتو بأغلبيّة ساحقة فاقت 75 في المائة، وفق استطلاع نشرته محطّة البثّ العامة الفنلنديّة في 9 مايو الماضي.

بكين تفتح ممراً اقتصادياً مع تايلند وتبذل جهداً لاستمالة الفلبين

لقاء بين وزيري خارجية الصين وأميركا بقمة «العشرين»

الجريدة... في إطار جولة في جنوب شرقي آسيا، جاءت بمنزلة ردّ على جولة للرئيس الأميركي جو بايدن وجهها ضد الصين، أعلن وزير الخارجية الصيني وانغ يي، أمس، خلال زيارة تايلند، حليفة الولايات المتحدة، أن البلدين اتفقا على فتح «الممر الاقتصادي الشرقي - التايلندي» الذي سيمر بلاوس ويساعد في نقل البضائع إلى أوروبا عبر إقليم يونان الصيني. وقال وانغ يي، بعد اجتماع مع نظيره التايلندي دون برامودويناي في بانكوك، إن «الممر سيعزز الصادرات الزراعية التايلندية إلى الأسواق الصينية»، مضيفاً أن «الصين ترمي إلى تعزيز اللوجيستيات والتجارة والاستثمارات لجلب تنمية صناعية وفوائد اقتصادية للدول الثلاث». ومن بانكوك، توجه وانغ يي إلى عاصمة الفلبين، مانيلا للقاء الرئيس الجديد فرديناند ماركوس جونيور. وبعث ماركوس رسائل متضاربة بشأن العلاقة مع بكين، علماً أن بلاده تجمعها صلات وثيقة مع الولايات المتحدة. وبعد انتقادات لاذعة لبكين في الأسابيع الماضية، قال ماركوس، أمس، إنه يريد أن تتجاوز علاقات بلاده مع بكين القضايا المتعلقة بقضية بحر الصين الجنوبي، بل وتشمل التبادلات العسكرية. إلى ذلك، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، أمس، أن وزير الخارجية أنتوني بلينكن ينوي الاجتماع مع نظيريه الصيني على هامش قمة العشرين، مشيرة إلى أن بلينكن سيزور بانكوك كذلك. ويأتي اجتماع وانغ وبلينكن، اللذين اجتمعا في أكتوبر الماضي بروما، بينما يبدي الرئيس جو بايدن تفاؤلاً إزاء محادثات جديدة في الأسابيع القادمة مع نظيره الصيني شي جينبينغ، الذي لم يجر أي رحلة دولية منذ تفشي جائحة «كوفيد 19». وقالت الخارجية الأميركية، إن بلينكن سيجري أيضاً محادثات مع نظيره الإندونيسي ومسؤولين آخرين، قبل أن يتوجه السبت إلى تايلند، في زيارة ألغيت العام الماضي بعد إصابة أعضاء من وفد بلينكن بـ «كورونا». وبعد أن كانت روتينية، كادت الاجتماعات بين الولايات المتحدة والصين تتوقف خلال الوباء وعلى وقع تصاعد التوتر بين أكبر اقتصادين في العالم. وكان بلينكن ومستشار بايدن للأمن القومي جيك سوليفان، التقيا في مارس 2021 في آلاسكا بنظيريهما في اجتماع تحول إلى مواجهة مع قيام المسؤولين الصينيين علناً بتوبيخ الولايات المتحدة. لكن منذ الشهر الماضي، تتوالى الاجتماعات على ما يبدو، والتقى سوليفان المسؤول الصيني الكبير عن السياسات الخارجية يانغ جيشي في لوكسمبورغ الشهر الماضي، فيما أجرى وزيرا الدفاع الأميركي والصيني محادثات على هامش مؤتمر في سنغافورة. وأجرى بايدن محادثة هاتفية مع شي في مارس تركزت على أوكرانيا، ودانت فيها الولايات المتحدة دعم بكين لروسيا لكنها لفتت إلى غياب مؤشرات تذكر على دعم مادي للغزو. وفي وقت تدرس واشنطن رفع الرسوم الجمركية المشددة المفروضة على بعض المنتجات الصينية سعياً لاحتواء التضخم، أجرى نائب رئيس الوزراء الصيني ليو هي ووزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، أمس، محادثات، وصفتها «وكالة أنباء الصين الجديدة» الرسمية (شينخوا) بأنها «بنّاءة وجرت بطلب من الولايات المتحدة». وسجل تدهور كبير في العلاقات بين الصين والولايات المتحدة في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب (2017-2021) الذي شن حرباً تجارية على العملاق الآسيوي، ترافقت مع فرض رسوم جمركية مشددة متبادلة طالت مجموعة واسعة من المنتجات ولا يزال بعضها قائماً رغم توقيع البلدين هدنة في يناير 2020. وأشار ليو، الذي يشرف على المسائل الاقتصادية ويلين خلال محادثاتهما عبر الفيديو، إلى أن «الاقتصاد العالمي يواجه تحديات خطيرة». ولم تذكر «شينخوا» سوى بشكل موجز مسألة الرسوم الجمركية المشددة لكنها نقلت «قلق» بكين حيال هذه التدابير التي تضر بالمنتجات الصينية في الولايات المتحدة.

أقوى جفاف منذ ألف عام في جنوب أوروبا

الجريدة... الجفاف يشعل حالة الطوارئ في 5 مناطق ايطالية... في موجة هي الأسوأ من نحو 1200 عام، ووسط مخاوف متزايدة من التداعيات لذلك على الغذاء و​السياحة​، بات الجفاف يهدد إسبانيا والبرتغال، في تحول يطال الإعصار العكسي في جزر الأزور تحت تأثير تغير المناخ، بحسب دراسة نُشرت، أمس، تحذر تائجها من عواقب وخيمة على زراعة الكروم وأشجار الزيتون. وفي ​إيطاليا،​ أعلنت السلطات حال الطوارئ​ في 5 مناطق شمال البلاد يضربها الجفاف، فيما كافحت اليونان في الايام الماضية موجة حرائق مرتبطة بالجفاف.

قبرص: انتخابات رئاسية في 5 فبراير المقبل

الجريدة... أعلنت وزارة الداخلية القبرصية، اليوم، أن الجزيرة ستجري الانتخابات الرئاسية في 5 فبراير من العام المقبل، على أن تعقد جولة الإعادة بعد ذلك بأسبوع إذا لزم الأمر. وأعلن 7 مرشحين على الأقل نيّتهم الترشح لخوض الانتخابات، ولا يسعى الرئيس نيكوس أنستاسيادس، الذي يتولى الحكم لفترة ثانية ويرأس حكومة يمين وسط، لإعادة انتخابه. وتجرى الانتخابات الرئاسية كل 5 سنوات.



السابق

أخبار مصر وإفريقيا.. السيسي: العلاقات المصرية - الإماراتية إستراتيجية..مصر: حوار حول جمهورية جديدة تسعى إلى دولة حديثة تتسع للجميع..لقاء بين البرهان وأبي أحمد يُبعد شبح الحرب..ليبيا.. "الرئاسي" يعلن خطة لحل الأزمة تقوم على الانتخابات.. تونس تجمّد أرصدة مالية وحسابات مصرفية.. احتفالات كبرى بالجزائر في الذكرى الـ 60 للاستقلال..مقتل 34 شخصاً بهجومين إرهابيين في بوركينا فاسو..مقتل جنديين من قوات الأمم المتحدة في هجوم بشمال مالي.. المغرب يؤكد تمسكه بالمفاوضات لحل النزاع حول الصحراء الغربية.. الحكومة الإثيوبية وجماعة مسلحة تتقاذفان مسؤولية «مقتلة أوروميا»..

التالي

أخبار لبنان...الحكومة عالقة.. والعهد يستثمر بالترسيم البحري..الحكومة "فاصل ونواصل": "دعاية عونية" للترسيم والغاز!.. هل تؤجَّل معركة الغاز بين حزب الله وإسرائيل إلى الخريف؟.. «حزب الله» يتحدّى إسرائيل وعليها إعادة النظر بسياستها.. لبنان نجا من «بلاك اوت»... فهل انتهى كابوس العتمة؟..جعجع يرفض استغلال مسألة الحدود مع إسرائيل.. الغرب يضغط: ممنوع إعادة النازحين..إسقاط مسيّرات المقاومة خرقٌ للقانون الدولي...


أخبار متعلّقة

أخبار وتقارير..الحرب الروسية على اوكرانيا..الأوكرانيون يلملمون جراحهم في الشرق ويهاجمون في الجنوب..أوكرانيا ترفض «التجنيس الروسي»..3 ملايين لاجئ أوكراني في أوروبا عادوا إلى ديارهم..الناشط الروسي المسجون نافالني يؤسس منظمة لمكافحة الفساد.. روسيا وبيلاروسيا تناقشان «خطوات مشتركة» ضد ليتوانيا.. الجيش الروسي يضيف غواصة «نهاية العالم» إلى ترسانته.. الصين تقترح قواعد للتعايش مع الأميركيين في منطقة آسيا والمحيط الهادي..بعد 27 عاماً.. هولندا تعتذر لضحايا الإبادة الجماعية في سريبرينيتشا..

أخبار وتقارير..الحرب الروسية على اوكرانيا..بريطانيا: روسيا تكثف هجماتها في دونباس لإحباط هجوم أوكراني محتمل.. البرلمان التشيكي يوافق على انضمام السويد وفنلندا إلى «الناتو»..روسيا لإنشاء مفاعلين نوويين في المجر..الشركة المشغلة لمحطة زابوريجيا: هناك مخاطر «انتشار مواد مشعّة»..موسكو: 170 دولارا شهريا لمن غادروا أوكرانيا إلى روسيا..مصرع 45 شخصاً وإصابة 113 آخرين في نوبات مطيرة عبر باكستان.. مطاردات ومنازل سرية.. طالبان تشن حملة لملاحقة القوات الأفغانية السابقة..تايوان: الصين تواصل أنشطتها حولنا..كوبا تطلب مساعدة أميركية لإعادة بناء مستودع نفط..روسيا تُعرقل تبنّى إعلان أممي في شأن نزع السلاح النووي..هولندا: مقتل عدة أشخاص جراء اندفاع شاحنة وسط حفل في الشارع..

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,081,089

عدد الزوار: 6,751,901

المتواجدون الآن: 101