باشرت حملة ترويج واسعة لـ «النصر» في غزة

تاريخ الإضافة الثلاثاء 24 شباط 2009 - 11:01 ص    عدد الزيارات 4828    التعليقات 0    القسم دولية

        


القدس المحتلة - امال شحادة

قد لا تعني شجرة التوت الواقعة في أحد المفارق المركزية في غزة شيئاً لأي من الفلسطينيين عموماً، ومقاتلي «حماس» والتنظيمات الفلسطينية، خصوصاً. وقد يكون تصدع طرف عامود الكهرباء الواقع في منطقة مجاورة بالنسبة لأي فلسطيني إهمالاً أو نتيجة لشحّ في الموازنات منع تصليحه، لكنه وشجرة التوت وما يحطيهما من أبنية بارزة وعلامات مميزة للشوارع كانت بمثابة كنز «الشاباك» الإسرائيلي وأوراق بازل ساعدت رجال الاستخبارات بالتعاون مع عملائهم في أثناء حملة «الرصاص المسكوب»، في توجيه ضربات ضد أهداف في غزة.

فالعملاء، وبحسب ما أعلن مسؤولون في أجهزة الاستخبارات في عدد من التقارير التي حرصوا على ترويجها في مختلف وسائل الإعلام في الأيام الأخيرة، شكلوا مصدراً أساسياً لـ «النصر» الذي تحدثت عنه إسرائيل في غزة وقدموا مساعدة فاقت توقعاتها منهم، حيث حولوا خلالها المناطق الواسعة التي زرعها مقاتلو «حماس» بالمتفجرات والعبوات الناسفة استعداداً لمواجهة الجيش الإسرائيلي، الى كمين ومنعوا بتعاونهم مع إســرائيل مقتل العشرات وربما المئات من الجنود الإســرائيليين خلال الحرب العدوانية الأخيرة على قطاع غزة. وباعتراف المسؤولين الإسرائيليين، فان معلومات حصلوا عليها من عملائهم «بالخطأ»، أدت الى مقتل فلــسطيــنيين مدنيين أبرياء، وأبرز هذه العمليات قتل الجيش امرأة فلسطينية عن بعد عــشرين متراً بــسبب «خــطأ مــعلومات» من عــميلهم في المنطقة.

ولاختصار ما يحاول الإسرائيليون إظهاره في هذه الفترة ضمن حملتهم الإعلامية للترويج لـ «نصرهم» في غزة، فان ما افتقدوه في حرب لبنان من مساعدة العملاء وتوفير المعلومات الاستخبارية والدخول الى ارض المعركة من دون تنسيق أو دراسة للعملية ومن دون خرائط مدروسة ودقيقة، وجدوه في حرب غزة جاهزاً بامتياز. وكان العملاء «جيشاً مخلصاً» لعب دوراً كبيراً في تحقيق ما يسمونه بـ «النصر».

قائد وحدة المظليين، هارتسي هليفي، ونائبه، يقودان حملة ترويج لهذا «النصر» في الأيام الأخيرة. فقد ظهرا في قناتين للتلفزيون الإسرائيلي (القناة العاشرة والقناة الثانية التجاريتان) وراحا يتحدثان بإعجاب عن هؤلاء العملاء. وانهم كانوا «إحدى الضمانات لنجاح الجيش في ضرب البنية التحتية لـ «حماس» والقضاء على الكمية الأكبر من معداتها العسكرية وصواريخها وقتل عدد من مقاتليها».

«انه وضع لوكسوس»، هكذا يصف «أ»، مركز نشاط العملاء. ويقول: «منذ انسحابنا من غزة عام 2005 بذلنا جهوداً كبيرة لتجنيد العملاء ونجحنا خلال السنوات الثلاث الأخيرة في تجنيد عدد كبير منهم بالتركيز على وجود عملاء لنا قريبين من «حماس» والتنظيمات الأخرى». ويضيف: «ومع وصول التقارير حول تعزيز القدرات العسكرية لحماس والمساهمة الكبيرة لإيران وحزب الله في ذلك ومن ثم تصريحات مسؤولين في الجناح العسكري للحركة عن قدراتهم لمواجهة جيشنا والتهديد في حال توغلنا الى عمق غزة، بدأنا بالإعداد لخطة تضمن مواجهة هذا الوضع. وكان العنصر الأساس فيها الاعتماد على العملاء. وعلى مدار فترة طويلة نشط هؤلاء في جمع المعلومات بالتركيز على نشاط «حماس» وأماكن وجود مقاتلي الحركة وتنقل قيادتها وشمل نشاطهم أيضاً المساجد والأبنية التي يمكن لحماس استخدامها».

وبحسب ادعاء مركز نشاط العملاء، فان التقارير التي وصلت الى أجهزة الاستخبارات كانت مزودة بخرائط مفصلة عن عدد كبير من المساجد وأيضاً عن مناطق عامة في غزة قريبة من المراكز التي ينشط فيها الحمساويون. واحدة من الخرائط كانت تحمل رسماً عن منطقة تتميز بوجود شجرة توت كبيرة ومداخل متميزة ومنطقة أخرى تميزت بوجود عامود كهرباء كبير الحجم وقد تصدع طرفه وهذه، بحسب ادعاء المسؤول الإسرائيلي، «جعلتنا نشاهد غزة ونحن في تل أبيب تماماً كالفلسطيني الذي ينظر من نافذة بيته ويشاهد المنطقة المحاذية لمنطقة سكنه».

قائد وحدة المظليين، هارتسي هليفي، قال ان التفاصيل التي حصلوا عليها من العملاء «كانت دقيقة جداً ومنعت تحويل غزة الى مقبرة لجنودنا». وأضاف: «بصراحة فان دخولنا الى غزة كان بمثابة الدخول الى أرض كلها ألغام ومتفجرات، وما واجهناه هناك لا أذكر أننا واجهناه في لبنان حيث الألغام منتشرة على مساحة واسعة وقد جهزت معدات حربية بكميات كبيرة».

وفي حديثه عن سير العمليات في أرض المعركة في غزة قال هليفي: «عندما نتلقى المعلومات عن وجود ألغام بالقرب مثلاً من شجرة توت أو بناية لها بعض ميزاتها كانت الأوامر التي تنقل من العميل الى مركز جمع المعلومات الاستخبارية تصلنا على الفور ما يؤدي الى تراجع جنودنا وعدم اقتحام موقع ملغوم. وإلا ما كان شيء سيمنع قتل العشرات وربما المئات من جنودنا». ويشير هليفي الى ان العديد من العمليات كان يمكن للقناصة في «حماس» تنفيذها وبدقة «لولا المعلومات التي تلقيناها من العملاء. فعلى الفور كان يختفي الجنود داخل الدبابة ويتراجعون من المكان».

وفي سياق المعلومات التي تعتبرها إسرائيل الأهم وحققت لها أحد أكبر الإنجازات ما يتعلق باغتيال القائد في «حماس» نزار ريان. فالمعلومات التي أوصلها العملاء كانت دقيقة وساعدت على تنفيذ العملية. وكما يدعي هليفي فإن المعلومات التي وصلت الى مركز الاستخبارات حول وجود قيادة «حماس» في مستشفى «الشفاء» كانت في منتهى الدقة، وجعلتهم يدركون الوضعية الأقرب للحقيقة عن مكان وجود القيادة وكيفية اختفائها في المستشفى.

ولا ينكر هليفي ان عدداً من الفلسطينيين المدنيين قتلوا نتيجة معلومات خاطئة من العملاء. ويتحدث عن أبرز هذه الحوادث لامرأة كانت تسير في أحد الأحياء وقد اقتربت حوالي عشرين أو ثلاثين متراً من وحدة الجنود ويقول: «وصل الى مركز الاستخبارات معلومات عن التخطيط لعملية تنفذها امرأة فلسطينية بواسطة حزام متفجرات وحصلنا على تفاصيل دقيقة تصف المكان الذي خطط لأن تنفذ فيه العملية وكان شبيهاً بالمكان الذي اقتربت منه المرأة». ويضيف: «كانت الأوامر من مركز الاستخبارات ان تطلب وحدة الجيش من المرأة ان تبتعد عن المكان وهكذا حصل لكنها لم تتجاوب لأسباب لا نعرفها. فاعتقدنا أنها المرأة التي ابلغنا العميل إنها تنوي تنفيذ العملية. فكرر الجنود طلبهم أكثر من مرة لكنها لم تبتعد بل قامت بحركة التفافية أخافت الجنود عندها قرروا تصفيتها. وبعد مقتل المرأة تبين أنها لا تحمل حزاماً ناسفاً ولا أي نوع من أسلحة تهدد الجيش».

هليفي الذي تحدث بكل هدوء وارتياح عن هذه الجريمة قال بكل صراحة ان أمن جنوده وسلامتهم فوق أمن وسلامة الآخرين.

حديث هليفي جاء رداً على المعطيات التي تقول ان عدداً من العمليات التي نفذها الجيش كشفت تفاصيل العميل التي أوصلها ومع إدراك جهاز «الشاباك» والمسؤولين الذين تلقوا المعلومات بما تشكله عملياتهم من خطورة على حياة العملاء إلا انهم قرروا تنفيذها ضاربين بعرض الحائط سلامة عميلهم. وبرأيه «ان يعود الجيش من العملية بأقل ما يمكن من خسائر كان الهدف المركزي. فيما تعاملنا وما زلنا نتعامل بأن سلامة الجنود أهم بكثير من أمن وسلامة أي عميل».

 لا شك في أن نشاط الاستخبارات الإسرائيلية خلال السنوات الثلاث الأخيرة، كان واحداً من الدروس التي أكدت لجنة فينوغراد، حول إخفاقات حرب لبنان الثانية عام 2006، ضرورة استدراكها.

ولكن في معركة غزة لم يكن هذا الدرس الوحيد، فعملية التنصت التي قام بها «حزب الله» خلال الحرب واعترفت إسرائيل بنجاحه في معرفة تفاصيل تحركات جيشها ونجاح عمليات استهدفته، من جهة، وتقارير استخبارية تدعي حصول «حماس» على أجهزة تنصت متطورة من إيران بعضها أكثر تطوراً مما كان يملكها «حزب الله» في حرب لبنان، من جهة أخرى، جعلته يستعد لاحتمال تكرار السيناريو في حربه على غزة.

ولمواجهة هذا الوضع فقد استخدمت إسرائيل راداراً يطلق عليه اسم «هامر» تمكن عبر الأقمار الاصطناعية من التشويش على وسائل الاتصالات الحمساوية. ويتفاخر الجيش ضمن تقريره حول الموضوع بنجاح تشويش حديث لرئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل ويظهر فيه إعلان مشعل ان هناك مشكلة اتصالات أدت الى قطع مكالمته. وفي مكان آخر يتفاخر بالتشويش عبر هذا الجهاز على الإذاعة الفلسطينية وجعل البرامج متشابكة.

وبحسب تقارير الجيش فان ابرز النجاحات لهذا الرادار تشويش الاتصالات بين مقاتلي «حماس» ومنع التنصت على مكالمات الجيش الإسرائيلي.

وأما الرسالة الأكبر التي أراد الجيش تحقيقها من حملته الإعلامية هذه فموجهة لحزب الله، الذي بحسب قول عسكريين، يتفاخر بما حققه من إنجاز في ضرب دبابة «ميركافا» خلال حرب تموز. وأعلن الجيش انه في الحرب على غزة حقق إنجازاً كبيراً في استخدامه مدرعة «نمير» المتطورة.

وفي مدرعة «نمير» تم تشغيل السلاح أمام مقاتلي «حماس» من داخل المدرعة ومن دون ان يظهر الجندي رأسه. فهي مزودة بمكيف ومياه وكل ما يحتاجه الجنود.


المصدر: جريدة الحياة

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,103,383

عدد الزوار: 6,752,879

المتواجدون الآن: 101