الحركة التنظيمية لـ«التيار الوطني الحر» تدور حول الحل... ولا تتلمسه

تاريخ الإضافة الإثنين 31 آب 2009 - 8:21 ص    عدد الزيارات 3792    التعليقات 0    القسم محلية

        


كلير شكر

هل أطلق العماد ميشال عون صفارة «المأسسة» داخل «التيار الوطني الحر» أم هي مجرّد مناورة لا أفق لها؟ الأكيد أن ثمة مشاورات مكثفة، لا يمكن التكهن مبكراً بخاتمتها، وثمة حركة مستجدة اليوم في التنظيم اللامنظم لم يعهدها منذ أكثر من سنتين، تسودها روح انفتاحية يبديها سكان الرابية وضواحيها، على حدّ سواء. البعض يتأمل خيراً، والبعض الآخر يحاذر التفاؤل. نادرة هي المؤشرات التي تشي بإمكانية وضع «قطار المصالحة» على سكته، رغم المناخ الإيجابي السائد، إلا أن الجولات المكوكية التي يقودها البعض بين الرابية والساحل، لم تتمكن حتى اللحظة من وضع الأصبع على الجرح لتخرج بخلاصات عملية تترجم نوايا «الإصلاح والتغيير»، وإن اعتمد «البرتقاليون» سياسة اليد المفتوحة... بانتظار اليد الأخرى.


يقف قطار «التيار الوطني الحر» على مفترق طريق، مترقباً الإشارة، فإما يسلك سكة الانطلاقة التنظيمية الجماعية، وإما سيضطر إلى مواجهة «قدر انحداري» تُعرف بدايته لا نهايته. هناك من ينتظر الإشارة الخضراء ويرى نفسه جاهزاً لـ«التقليع»، والبعض يخاطر ويتقدّم ببطء رغم الإشارة البرتقالية التي تنذر بالخطر.


هي حركة لا تزال في بدايتها، طرية العود، قوامها مبادرات إيجابية تبادلها الطرفان، الفريق «الحاكم»، والفريق المعترض. الحاجة باتت ملحّة لنفضة شاملة. ثمة لقاءات عدة عقدت بين الجناحين، منها يحمل طابعاً اجتماعياً ومنها تنظيمي، آخرها كان اجتماع الهيئة التأسيسية لـ«التيار» الذي شارك فيه معظم الكوادر «العونية». حملت هذه الخطوة التي شهدت نقاشاً مفصلاً في الأوضاع الداخلية، مبادرة إيجابية تجاه «صهر الجنرال» أراد تسجيلها «المعترضون» في أعلى الصفحة الجديدة، مفادها أن الاعتراض الذي يبديه بعض «العونيين» لا يحمل طابعاً شخصياً تجاه جبران باسيل. القاعدة المعترضة تنتظر ردّ المبادرة من جانب «رفيقهم الوزير»، يفترض أن تكون على مسرح التنظيم، على أن يقف باسيل إلى جانب هؤلاء في مطلبهم «التصحيحي».


سبق هذه الخطوة لقاءان جمعا «الفريقين»، الأول خلال حفل عشاء أقيم في منزل القيادي في «التيار» لواء شكور حضره الوزير باسيل، ومجموعة من القيادات التي كانت على مسافة من الرابية، فيما غاب عنه بعض مسؤولي لجان حاليين، تبعه لقاء ثانٍ حصل في منزل الوزير باسيل وضم حشداً من «المعترضين». الأجواء الإيجابية سادت كلّ هذه اللقاءات، وكانت قراءة موحّدة لواقع «التيار»، وضع التنظيم على طاولة البحث، وثمة اعتراف مشترك باقتراف الأخطاء خلال المرحلة الماضية.


تلاقى الفريقان عند تشخيص موحّد لحالة «التيار»: الوضع دقيق يحتاج إلى معالجة يشارك في صياغتها الجميع. النوايا صافية والأفكار متقاربة. لذا يفترض فتح صفحة جديدة تكرس واقعاً جديداً، تؤمن استنهاض الحزب وصيانته من الهزات الداخلية، وتعبئة قواعده أولاً وجمهوره ثانياً. أما المطلوب اليوم فهو «قرار»، يطلق الورشة التنظيمية التي يدرك الجميع مكامن خللها وأوجه تصحيحها. الجميع ينتظر تحديد ساعة الصفر، ليس أكثر.


من القمة إلى القاعدة


في هذه الأثناء يبدو أن العماد عون يريد أن يستهل «الورشة» من «نقطة الصفر»، وتحديداً من النظام الداخلي الذي جرى إقراره في العاشر من حزيران من العام 2006، اقترع خلالها 62 شخصاً لمصلحة النظام المقترح وعارضه 54. يبدي «قبطان السفينة» اليوم رغبته بإعادة دراسة النظام الداخلي والذي كان من أشد المؤيدين له، وإن كان ثمة علامة استفهام حول أسباب التعديل المرجو لا سيما وأن القاعدة لا تسجل اعتراضها عليه وينقل عن بعض الكوادر موافقتهم على أي نظام يقترح شرط أن يكون مقروناً بالتطبيق السليم والعادل الذي يعطي لكل ذي حق حقه، علماً بأن العماد عون هو صاحب قول ومفاده أن أفضل الأنظمة غير المطبقة بشكل صحيح تصاب بالفشل، والعكس صحيح. لا تزال اللجنة التي ستكلف وضع دراسة التقييم للنظام الداخلي، مجهولة المكونات، ومن شأن «الإفراج» عنها أن يضاعف من المؤشرات الإيجابية المرسلة من الرابية، أو يقلل منها.


وفي هذا السياق يسجل للنظام الحالي افتقاده للتطبيق الشامل، لا سيما في أدق مفاصله، ومنها على سبيل المثال عدم انتخاب هيئات الأقضية حيث جرى الاستعانة بالتعيين بدلاً من الانتخاب، عدم تعيين لجنة مركزية لـ«التيار» منذ وضع هذا النظام على سكة التطبيق، استحداث مناصب لم يأت النظام الداخلي على ذكرها. وفي قناعة الكثير من «البرتقاليين» فإن «التيار» لا يعاني من شحّ الأفكار التنظيمية، ولو كانت مطلوبة في مسائل معينة، لأن الحاجة هي إلى مساحة حوار داخلي تستوعب تعددية الرأي، أسوة بما كان يحصل قبل العام 2005 حيث كان الجميع يلتقي على طاولة اللواء المتقاعد نديم لطيف، لا سيما وأن «التيار» يعجّ بالكفاءات البشرية التي لو استثمرت بشكل صحيح لتمكّن من تجاوز حالة الجمود التنظيمي التي يشكو منها اليوم.


بتقدير «البرتقاليين» فأن دينامية «التيار» هي خشبة خلاصه، وهي التي تبقى على هذا الجسم متماسكاً رغم كلّ النكسات التي أصابته. شعار التحرر الذي رفعه «القائد» أصعب في تطبيقه من مهمة التحرير، وأصحاب القناعات القوية تحملوا كل ما حصل من «مواجهات» داخل التيار وقاوموا كل أنواع الإغراءات البديلة للتيار، وحافظوا على «خط الرجعة» لأن إيمانهم بالتنظيم الذي تربوا على أفكاره كان أقوى من كل الفرص التي كان من الممكن أن يستعينوا بها للتمرّد على واقع يرفضونه.


حالة التحرر التي بثها عون في نفوس «أبناء التيار» هي التي تميزه عن بقية التنظيمات التي لو شهدت محطات مماثلة لكانت انضمت إلى فصيلة «الخوارج» الحزبية التي لا تذكرها حتى كتب التاريخ. ولذا فإن الجزء الأكبر من المسؤولية، بحسب «العونيين»، تقع على عاتق «الأب» الذي يفترض أنه صاحب هذا الفكر والحاضن له، والذي لولا اقتناعه بهذه الديموقراطية وتأمينه بيئة صحيّة لها ـ رغم الصورة المعاكسة التي يحاول البعض الترويج لها ـ لما تمكنت هذه الحالة من العيش. إذ رغم كلّ المعارك التي خيضت في الداخل، ورغم موجات المدّ والجزر التي عاشها «التيار» فقد نجح في الإبقاء على تماسك صفوفه ووحدتها، وهو أمر لم يعرفه تاريخ التجارب الحزبية في لبنان.


«البرتقاليون» يترقبون بحذر اليوم ولادة الصيغة الجامعة، شكلها، تركيبتها، هل ستكون شاملة أم جزئية، سلة واحدة أم على مراحل، تضمن مشاركة كل القيادات ومنها تلك التي عزلت كيدياً أو عزلت نفسها إرادياً خلال الفترة الأخيرة أم تكون أنتقائية؟ وعليه تكون الكلمة الأخيرة...


في هذه الأثناء تشهد البلاد نقلة نوعية في المواقف والمواقع، لا بدّ من مواكبتها بأرضية متينة، متجانسة ومتراصة تتيح لدائرة القرار هامشاً واسعاً من التحرك والمناورة السياسية. يواجه المسيحيون تحالفات جديدة قد تنشأ على أنقاض القديمة، لا «خبز» لهم في صفوفها إذا لم يبرهنوا عن نديتهم في القدرة على المقارعة وفرض الذات. فهل ستكون الفرصة الأخيرة لـ«التيار» قبل أن يبتلعه تيار التطورات المتسارعة؟


المصدر: جريدة السفير

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,102,025

عدد الزوار: 6,752,793

المتواجدون الآن: 106