الأوراق البيض في الانتخابات اللبنانية

الأوراق البيض في الانتخابات اللبنانية رسائل سلبية اعتراضاً على طرفي الصراع

تاريخ الإضافة الأربعاء 1 تموز 2009 - 7:05 ص    عدد الزيارات 4475    التعليقات 0    القسم محلية

        


لا يزال الأطراف السياسيون في لبنان يعكفون على دراسة النتائج المفصلة للانتخابات النيابية التي أظهرت في ما أظهرت، أن11461 ناخباً وضعوا أوراقاً بيضاً في الصناديق في 22 دائرة من أصل 26 دائرة انتخابية. قد يبدو العدد قليلاً إذا ما أخذت نسبته المئوية من العدد الاجمالي للمقترعين والذي بلغ مليوناً و761 ألفاً و385 ناخباً، لكنه بالتأكيد حمل رسالة سياسية كان أبلغ من فسّرها رئيس المجلس النيابي نبيه بري بأنه الصوت الأبيض يدل إلى أحد أمرين: سلاح أبيض أو قلب أبيض.

لكن حساب حقل الناخبين البيض لا ينطبق على بيدر بياض قلب تفسير رئيس البرلمان، بل هو «السلاح الأبيض» بعينه الذي استخدم في كل الساحات وبخاصة في الدوائر التي لم تدر فيها رحى المعارك الانتخابية وكانت نتيجتها معروفة سلفاً بينما كان استخدامها أقل في ساحات المنافسة، بحسب ما لاحظ المستشار السياسي في «الجمعية اللبنانية من اجل ديموقراطية الانتخابات» عمار عبود.

ويوضح عبود أن التصويت بورقة بيضاء «لا يكون صدفة بل عن سابق تصور وتصميم». وهذا تماماً ما فعله الكاتب والصحافي يوسف بزي في هذه الدورة الانتخابية. فبزي الذي بلغ من العمر42 سنة، لم يشارك أبداً في الانتخابات وجاءت مشاركته الأولى بصوت أبيض. قصد مدينته بنت جبيل التي تبعد عن بيروت أكثر من 120 كيلومتراً، ليوجّه رسالة تعكس قناعته بأن «من الهرطقة بمكان التعايش بين الديموقراطية والسلاح الميليشوي».

ويقول بزي إنه امتنع في الدورات السابقة من 1992 إلى دورة 2009 لـ «شعوري بوطأة المحدلة او البوسطة أو بنوع من سيطرة كاسحة لرأي واحد في منطقتي ... وأعتبر على المستوى النظري أن الانتخاب في الجنوب دائماً غير شرعي». لكن في انتخاب 2009 لم يكن «لدي أي وهم بفوز الموالاة ولا بتأثير صوتي في نتيجة الانتخابات في منطقتي، لكن ضمن الانقسام الحاد والانحياز الواضح وددت أن أظهر وجود اقلية في الطائفة الشيعية تختلف مع «حزب الله» وسياساته وخياراته واعتبرت الانتخابات مناسبة لإعلان هذا الامر عبر صناديق الاقتراع، لهذا السبب كنت متحمساً جداً للذهاب أكثر من 120 كيلومتراً وانزال الورقة البيضة في مدينة بنت جبيل التي يسمونها عاصمة المقاومة».

ويعتقد بزي ان الذين صوّتوا مثله بورقة بيضاء في الجنوب ينقسمون إلى ثلاث فئات: فئة قليلة جداً تنتمي صراحة الى 14 آذار، وفئة تضم سكان قرى مسيحية يشعرون ان لا قيمة لصوتهم، وفئة تضم بقايا حنين الى احزاب لديها اعتراض مبدئي على حزب ديني.

وحين ظهرت النتائج شعر بزي بأن «هناك نواة من الاعتراض السلمي الديموقراطي قد تتطور مستقبلاً وتتحول إلى اعتراض مؤثر، وكذلك قد تتحول من اعتراض سلبي الى قدرة على خوض معارك».

لكن أماني غريب (28 سنة) التي قصدت دائرتها في منطقة بعلبك لتضع صوتاً أبيض، تقدم تفسيراً آخر لما فعلت، خصوصاً أنها تحتج على أمور اضافية غير السيطرة الحزبية في منطقتها. فهي تعترض على قانون الانتخابات الذي تصفه بـ «الطائفي» وتعترض على «عدم وجود برنامج لدى المرشحين يمثلنا نحن الشباب».

أجرت أماني بحثاً في البرامج الانتخابية للمرشحين على لائحة «أمل» و«حزب الله» وللمرشحين المنافسين، ووجدت أن لا «أحد لديه برنامج حقيقي يخاطب الشباب». استقلت حافلة من بيروت إلى منطقة بعلبك، فدخلت إلى قلم الاقتراع وضعت الورقة البيضاء في الصندوق وعادت فوراً إلى بيروت. وتقول: «شعرت ان عليّ أن أمارس حقي وانتخب، ويوماً ما سيعملون حساباً لاصحاب الاوراق البيض كما يحصل في أوروبا. لم أحمّل ضميري واقترع لمرشح غير لائق ليكون نائباً يمثلني».

وترى أماني أن الذين اقترعوا بأوراق بيض «هم علمانيون يرفضون الاطروحات التي تخاطب الناس بمذاهبهم «أيها الشيعة» و«أيها السنة» و «أيها المسيحيون»، ولا أحد منهم يقول «أيها اللبنانيون»، فهؤلاء العلمانيون لا يمكن أن يكونوا مع «حزب الله» حتى لو أيدوا المقاومة ولا يرون أن 14 آذار يمثلون الدولة الحقيقية بل يكرسون زعامات... لذا اقترعوا بالورقة البيضاء».

وبين الجنوب وبعلبك، تقع منطقتا الشوف وعاليه اللتان سجّلتا رقماً مرتفعاً من الأوراق البيض. لكن هنا تختلف الحسابات ولا تتعلق بعدم القبول بأفكار حزب عقائدي، بل باحتجاج على مواقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط الناخب الأكبر في المنطقة. ويقول وليد (رفض ذكر اسم عائلته) الذي اقترع بورقة بيضاء، إن صوته «موجه» إلى جنبلاط وليس إلى منافسيه «الذين يصعب عليهم منافسته هنا». ويعتبر أن المقترعين بورقة بيضاء في الشوف وعاليه هم «مسيحيون غاضبون من تصريحات جنبلاط، ودروز محتجون على التغيرات في مواقفه».

واذا كانت هذه نماذج من الرسائل الموجهة إلى الأطراف الحزبيين والسياسيين، فكيف تمت قراءتها؟ «حزب الله» لا يريد التعليق على الأمر. اتصلت «الحياة» بمكتبه الإعلامي وبعثت إليه أسئلة عن رؤيته وقراءته لهذه الأصوات لكن الجواب جاء هاتفياً «لا نريد التحدث في الموضوع». أما الحزب التقدمي الاشتراكي فلم يعتبرها «رسالة سياسية»، بحسب ما قال لـ «الحياة» مفوض الإعلام رامي الريّس.

وأضاف: «الورقة «البيضة» حق نحترمه، ولكن لا أعتقد أن هناك قراراً جماعياً بأن تكون هناك ورقة بيضاء. جلّ ما في الأمر أن مجموعة أفراد قرروا الاعتراض على هذا الشكل وليس بالضرورة ان يكون موجهاً الى الحزب، وبالتالي لا ننظر بعين الريبة الى هذا الامر لأنه مقابل 1500 صوت أبيض في الشوف، كانت هناك عشرات الآلاف صبت في مصلحتنا». واوضح أن «الفوز في الانتخابات لا يعني أيضاً أن ليس هناك ضرورة لدراسة الامر، وهذا ما ستقوم به اللجنة الانتخابية المركزية التي تعكف على دراسة كل النتائج».

وعن رأيه في اعلان عدد الأصوات البيض قال الريس: «هذا يعني أنه من الخطوات التي تزيد العملية الانتخابية شفافية وتظهر النتائج بشكل ايجابي، وهذه خطوة نؤيدها خصوصاً أن من حق الرأي العام أن يعرف النتائج وكذلك السياسيون ليدرسوا هذا الأمر».

أما عبّود فيقدم تفسير الجمعيات الأهلية للورقة البيضاء بأنها «رمزية، وهي أن الناخب عبّر عن رأيه بأنه لا يؤيد أي مرشح وفي الوقت نفسه يقترع، لم يقاطع و لم يمتنع عن الاقتراع بل مارس حقاً ديموقراطياً جداً». ويضيف: «الانتخابات ليست واجباً بل هي حق، وفكرة ان تشارك ولا تصوت لأحد بل تضع ورقة بيضاء تعني أن موقفك السياسي لا يتلاءم مع السياسيين المرشحين». ويوضح أن «نسبة الأصوات البيض لا تغير شيئاً في الانتخابات التي أجريت، لكن اذا اعتمد النظام النسبي فقد يكون لها تأثير طفيف».

ولا يرى عبود أن الأصوات البيض موجهة ضد حزب أو زعيم سياسي «بل يمكن احتسابها بالجهتين، فهي لا تجيّر إلى الخصوم... في لبنان لا تصوت لأحد بل ضد أحد، أي أن التصويت سلبي، وهنا تكمن أهمية الأوراق البيض بأنها ليست عفوية».

وجاءت الأصوات البيض التي أعلنتها وزارة الداخلية، باستثناء 4 دوائر ربما حال خطأ فني دون اعلانها وهي صيدا وزحلة والزهراني وجبيل، على النحو الآتي: عكار 354، مرجعيون - حاصبيا 506، الشوف 1502، المنية - الضنية 436، بيروت الثالثة 991، بيروت الثانية 315، بيروت الأولى 183، طرابلس 1027، بعبدا 414، المتن 360، بشري 134، صور 1073، الكورة 161، زغرتا 175، البترون 117، عاليه 1013، كسروان 215، بعلبك 869، البقاع الغربي 264، النبطية 92.


المصدر: جريدة الحياة

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,722,534

عدد الزوار: 6,910,378

المتواجدون الآن: 106