نقلت رسالة من أوباما إلى سليمان وزارت ضريح الحريري كلينتون: ندعم انتخابات حرّة بعيداً من التدخلات

كتبت هدى شديد:
في ساعة امضتها في قصر بعبدا، اسست وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون في زيارتها الاولى السريعة للبنان للنهج الذي ستعتمده ادارة الرئيس باراك اوباما ازاء الملف اللبناني. فحملت التزامات بلادها لسيادة لبنان واستقلاله ومبادئ "ثورة الارز" ودعم خط الاعتدال فيه، الى دعم قواه العسكرية والامنية. وهذه الالتزامات وردت في رسالة خطية من اوباما الى رئيس الجمهورية ميشال سليمان.
وفي معلومات لمصادر ديبلوماسية شاركت في الاجتماع الموسع بين الجانبين ان كلينتون اكدت دعم ادارتها للجيش اللبناني والقوى الامنية اللبنانية وانها ستعمل على الاسراع في ارسال المساعدات التي سبق ان وعدت بتقديمها اليها.
وذكرت المصادر الديبلوماسية ان سليمان ركّز في محادثاته مع كلينتون على مسألتين في عرض سريع قدمه لتطور المسيرة السياسية منذ تسلمه مهماته وهما ضرورة دعم الجيش والقوى الامنية بمساعدات للحفاظ على الاستقرار ومكافحة الارهاب، وضرورة دعم حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة الى بلادهم وعدم توطينهم في لبنان، تماما كما نصت عليه مبادرة السلام العربية التي اقرت في قمة بيروت 2002.
ونوه بالدعم الاميركي للبنان ولمؤسساته الامنية والذي اكده اوباما في الاتصال الهاتفي الذي اجراه معه اخيرا.
واضافت المصادر ان كلينتون كررت التزام بلادها سيادة لبنان واستقلاله، متعهدة الا تكون اي مفاوضات او اتصالات اقليمية على حسابه.
وفي ما يتعلق بعملية السلام في المنطقة، اوضحت كلينتون ان ادارتها ملتزمة قيام دولتين فلسطينية واسرائيلية جنبا الى جنب، وقالت ان المبعوث الاميركي الى عملية السلام في الشرق الاوسط جورج ميتشل سيزور لبنان في فترة قريبة.
كما ركزت كلينتون على ضرورة دعم نهج الاعتدال في لبنان، لانه الانسب لبلد يتميز بالتنوع. ونوهت بما تحقق في مسيرة الاستقرار منذ انتخاب سليمان قبل نحو سنة.
وكانت كلينتون وصلت الى مطار بيروت قبيل الحادية عشرة في طائرة عسكرية آتية من الكويت يرافقها مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الاوسط جيفري فيلتمان ووفد ديبلوماسي وكانت السفيرة الاميركية ميشيل سيسون في استقبالها.
ووزع بيان على الصحافيين الذين رافقوها في الطائرة، شددت فيه كلينتون على اهمية اجراء انتخابات نيابية هادئة.
وقالت: "يجب ان يتمكن اللبنانيون من اختيار ممثليهم في انتخابات شفافة وعادلة خارج دائرة العنف او التخويف وبدون تأثيرات خارجية". واضافت: "ننضم الى الاسرة الدولية في دعم جهود الحكومة اللبنانية لتحقيق هذا الهدف".
واكدت ان بلادها "ستواصل دعم اصوات الاعتدال في لبنان ومؤسسات الدولة والقوى المسلحة الشرعية"، وقالت: "بعد الانتخابات سنستمر في دعم اصوات الاعتدال في لبنان ودعم مؤسسات الدولة اللبنانية التي يعملون بقوة لانشائها".
وتوجهت كلينتون فورا الى قصر بعبدا حيث استقبلها سليمان وعقدا خلوة سلمته خلالها رسالة خطية من الرئيس الاميركي.

 

وأفادت معلومات رسمية في قصر بعبدا ان اوباما جدد التزام بلاده مساعدة لبنان في الحفاظ على سيادته واستقلاله ودعم المؤسسات الشرعية فيه. واشاد بالخطوات التي ينتهجها سليمان في الحفاظ على الوحدة والاستقرار، وتعهد العمل عن قرب معه لما فيه مصلحة البلدين ومصلحة الاستقرار في المنطقة وتحقيق السلام الشامل والعادل فيه.
واشار الى ان الولايات المتحدة تعمل على سلام عادل وشامل في المنطقة، وهو ما شدد عليه في زياراته الخارجية التي قام بها اخيرا لافتا الى انه طلب من موفده ميتشل الوقوف على رأي سليمان بالنسبة الى مسار السلام في المنطقة عند زيارته لبنان.
وبعد اللقاء الثنائي، اجريت محادثات موسعة بين الجانبين اللبناني والاميركي حضرها وزير الخارجية فوزي صلوخ. وابرز سليمان العلاقات الثنائية الجيدة بين لبنان والولايات المتحدة، فقال انه يتطلع الى الدور الذي سيقوم به اوباما في المنطقة لاحلال السلام العادل والشامل، مشيرا الى وجوب مساعدة اميركا في الضغط على اسرائيل كي تكمل انسحابها من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من الغجر، لافتا الى حاجة الجيش والقوى الامنية اللبنانية الى مساعدات في سبيل الحفاظ على الاستقرار والسلم الاهلي، مبديا امله في وجوب حل ازمة الشرق الاوسط وايجاد حل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين.
وعقدت كلينتون على الاثر مؤتمرا صحافيا في القصر الجمهوري قالت فيه: "دعوني ابدأ بالاعراب عن سروري لزيارة لبنان في هذا اليوم الجميل. وانا اقدر الفرصة التي سنحت لي للقاء فخامة الرئيس ووزير الخارجية وعدد من المسؤولين. وانا ممتنة لهذه الفرصة لتسليم رسالة من الرئيس الاميركي باراك اوباما الى الرئيس سليمان تعبر عن الدعم القوي للادارة الاميركية للبنان حر سيد ومستقل. ومن المهم ان اشدد على الروابط المميزة التي تربط بين لبنان واميركا. ان الولايات المتحدة قد اغنتها مساهمات الاميركيين من اصل لبناني، كما اغتنت ايضا بتعدد المجتمع وخصوصا ان لبنان يتمتع بهذه الميزة وهي مصدر قوة كما هي بالنسبة الى بلادي.
على مر السنين، مر لبنان بكثير من التحديات وارغب في الاشادة بشجاعة المواطنين من المجموعات الذين عملوا على بناء وطن ديموقراطي ومستقل. وان الانتخابات النيابية المقبلة في حزيران، تعتبر مؤشرا مهما في هذا المجال. ونحن نؤمن بقوة ان على الشعب اللبناني ان يختار ممثليه في انتخابات نزيهة وعادلة، دون القلق من تخييم اجواء عنف وتهديد، وبالتأكيد بعيدا من اي تدخلات خارجية. وننضم الى المجتمع الدولي في دعم جهود الحكومة اللبنانية في سبيل تحقيق هذا الهدف، وسنواصل دعم اصوات الاعتدال في لبنان والمؤسسات الحكومية وسيستمر دعمنا للقوى المسلحة اللبنانية كصورة عن تعاوننا الثنائي".
واضافت: "ان قرارات مجلس الامن كانت واضحة بان القوى المسلحة اللبنانية هي القوات الشرعية الوحيدة التي يحق لها امتلاك السلاح في لبنان والمسؤولة عن جميع اللبنانيين، وارغب ان اثني على القوات المسلحة اللبنانية على جهودها في الدفاع عن حدود لبنان، ومحاربة الارهاب وتطبيق قرار مجلس الامن 1701 بشكل تام.
وانا هنا ايضا لاتعهد الدعم الكامل للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وسأغادر بعبدا متوجهة الى ضريح رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري لاقدم تعازي. هناك حاجة الى وضع حد نهائي لحقبة من عدم المعاقبة للاغتيالات السياسية في لبنان، وهذا امر لا يمكن ويجب الا يستخدم كورقة مساومة. ان المبادئ الاساسية لـ"ثورة الارز" التي تلت اغتياله والهادفة الى تحقيق سيادة الشعب اللبناني وحريته هي قيمة جوهرية نحترمها وسنعمل على ترجمتها الى حقيقة دائمة.
انا مؤمنة بان للبنان دورا محوريا في الجهود الطويلة المدى لبناء سلام دائم واستقرار في المنطقة، وانني الى جانب الرئيس اوباما والادارة التي امثلها اضافة الى حكومة الولايات المتحدة الاميركية وشعبها نتطلع الى شراكة وتعاون دائمين".
وسئلت كلينتون هل ان زيارتها هي للتعبير عن دعمها للانتخابات، فأجابت: "اود ان اعبر عن دعم الرئيس اوباما ودعمي للشعب اللبناني وللبنان سيد حر ومستقل، ولاجراء انتخابات حرة بعيدة من اي تدخلات وتهديدات كي يتمكن اللبنانيون من ايصال صوتهم بصورة سلمية خلال هذه الانتخابات".
• كيف ستتعامل الادارة الاميركية مع حكومة لبنانية جديدة اذا فازت المعارضة او "حزب الله" في الانتخابات المقبلة؟
- لن اخوض في تكهنات حول نتائج الانتخابات في بلدكم. هذا امر يعود الى الشعب اللبناني لتقريره فاللبنانيون يضعون رهانات كبيرة على هذه الانتخابات وانا اعلم كم ان المرشحين يقومون بحملات انتخابية جدية في انحاء البلاد. لكننا نأمل ان تجري الانتخابات دون اي تهديد وبعيدا عن التدخلات الخارجية وان تأتي نتائجها في اتجاه موقف معتدل ايجابي يعود بالفائدة على جميع اللبنانيين، فنحن نريد لبنان بلدا قويا مستقلا حرا وسيدا، ولا شك ان الانتخابات ستكون مؤشرا اساسيا لهذا الدرب.
• هل ستعيدون النظر في التعاون مع الجيش في حال فاز "حزب الله" او حلفاء سوريا في الانتخابات؟
- انه من دواعي الفرح وجودك معي هنا اليوم. وكما يعلم بعضكم فان الصحافية كيم لبنانية وكانت متحمسة كثيرا للمجيء الى بلد تحبه، وانا مسرورة لكوني سبب عودتها. في هذا الوقت، لا ارغب في التكهن بنتائج الانتخابات، وكمسؤولة من الخارج فانا امثل رئيسي وحكومتي، وآمل ان تكون الانتخابات حرة وغير خاضعة للتهديد وان يتخذ الشعب اللبناني قرارا يكمل التطور الذي شهدناه خلال السنوات الاخيرة. وقد يكون من المفاجئ لكم ان تسمعوا انه في رأيي فان الاعتدال مهم في شؤون الدولة، لانه يعطي الشعب الذي ينتمي الى مختلف العقائد والخلفيات فرصة للمشاركة، وهذا يعود الى الشعب اللبناني، ولكننا نتطلع الى العمل والتعاون مع الحكومة اللبنانية الجديدة.
* هل يمكن ان يدفع لبنان ثمة التسوية مع سوريا وخصوصا على صعيد المحكمة الدولية؟ ولماذا لن تزوري الرئيسين بري والسنيورة؟
- في ما خص برنامجي، فان هذه الزيارة كانت قصيرة جدا، لاضطراري الى العودة الى واشنطن بعدما زرت العراق والكويت. ولكنني جئت الى هنا لتوجيه اشارة قوية عن دعمنا لانتخابات حرة وعادلة، ولدولة لبنان التي يرمز اليها رئيس الجمهورية. لذلك التقيت فخامة الرئيس وكان لي شرف ان يستقبلني مع عدد من المسؤولين، وآمل ان اعود الى هنا. وقد ابلغت فخامة الرئيس انني غير سعيدة لاضطراري الى المجيء هنا لفترة وجيزة فقط، فالامر شبيه بوجود مأدبة فاخرة ولا يمكنني ان اتذوق منها سوى القليل من المقبلات، لانني سمعت الكثير عن هذا البلد الجميل، ولدي العديد من الاصدقاء الاميركيين اللبنانيين اخبروني عن جمال لبنان وضيافة الشعب اللبناني، لذلك آمل ان اعود مجددا وقضاء بعض الوقت هنا.
اما بالنسبة الى سوريا، فاننا مرتاحون الى تبادل السفراء بين لبنان وسوريا. ومن المهم ان يتمتع لبنان بعلاقات جيدة مع جيرانه بما فيهم سوريا، انما مع الاخذ في الاعتبار ان لبنان هو بلد حر سيد ومستقل ولا يمكن ان نقوم باي عمل من شأنه ان يؤذي سيادته، فلا نتمتع بهذا الحق ولا نؤمن بان هذا هو الامر الصائب للقيام به. لذلك ارغب في طمأنة اللبنانيين الى ان الولايات المتحدة لن تعقد اي صفقة مع سوريا تتخلى بموجبها عن لبنان وشعبه. فقد عانيتم الكثير ومن حقكم ان تحظوا بفرصة لاتخاذ قراراتكم بانفسكم ايا تكن، ومع اناس يدعون لبنان وطنهم ويحبونه وبقوا فيه وقاموا بكل ما في استطاعتهم لتخطي السنوات الصعبة. انكم تعيشون في جوار معقد ومن حقكم ان تحظوا بمستقبلكم الخاص، وهذا ما نؤمن به.

 

ثم زارت كلينتون ضريح الحريري في وسط بيروت يرافقها فيلتمان وسيسون وكان في استقبالها رئيس كتلة "المستقبل" النائب سعد الحريري. وقد وضعت اكليلا من الزهر على الضريح.
وتخلل الزيارة حديث على انفراد بين كلينتون والحريري استمر قرابة عشر دقائق، بعدها دونت الوزيرة الاميركية كلمة في سجل الشرف قالت فيها: "ان الذين قتلوا رفيق الحريري لم يقتلوا حلمه في لبنان حر سيد مستقل ومزده     ... ولن يتمكنوا م ن ذلك ابدا. ان حياته وتراثه سيستمران في الهام الشعب في كل مكان.
فليبارك الرب ذكراه وعائلته وبلده الحبيب".
ولاحقا غادرت كلينتون بيروت.