أخبار لبنان...ثقة بـ63 «لحكومة المغمورين»: المطرقة تقاوم الإنتفاضة!.. مجلس وزراء غداً ودياب يلتزم بـ«خطة طوارئ» وواشنطن لمواجهة إقتصادية... طلب مشورة صندوق النقد وسلامة يحجب جردة الموجودات: لبنان يتّجه لوقف سداد الدين...حكومة "النصف ناقص 1" دياب يُعوّم "بواخر" باسيل ويُقرّ بالفيتو الخارجي...الأزمة تُقفل محلّات في النبطية... النواب وصلوا «تَسَلُّلاً» والنصاب الملتبس للجلسة أثار جدلاً... توازن سلبي في البرلمان بين معارضة غير جبْهوية وموالاة غير متماسكة...المتظاهرون حاصروا البرلمان... وسقوط 400 جريح..حدة الأزمة تشتد... وبنوك لبنان في حاجة للإنقاذ....

تاريخ الإضافة الأربعاء 12 شباط 2020 - 3:36 ص    عدد الزيارات 2560    التعليقات 0    القسم محلية

        


ثقة بـ63 «لحكومة المغمورين»: المطرقة تقاوم الإنتفاضة!.. مجلس وزراء غداً ودياب يلتزم بـ«خطة طوارئ» وواشنطن لمواجهة إقتصادية...

اللواء......خرجت حكومة الرئيس حسان دياب بثقة 63 نائباً كما اشارت «اللواء» في جلسة اقتصرت على يوم واحد، وبحضور نيابي، جمع الكتل النيابية منحت الثقة (تكتل لبنان القوي، حزب الله، حركة أمل، كتلة المردة، واللقاء التشاوري)، وتلك التي حجبت الثقة (كتلة «المستقبل»، كتلة الجمهورية القوية، وكتلة اللقاء الديمقراطي) واتجهت إلى العمل الفوري، وهي تحمل كرة النار، فتقرر عقد جلسة لمجلس الوزراء غداً في بعبدا.. عبثاً واجه الحراكيون الشجعان الحكومة، ليس بأشخاصها، بل بانعدام الثقة بالطبقة السياسية، التي أفرزتها، في معمعة لم يشهد لها تاريخ لبنان ما بعد الطائف، أو حتى قبله، سابقة لا في الانهيارات المتتالية ولا في الاحتجاجات.. ليس المهم ان الجلسة انعقدت، وكان يتعين ان تنعقد، بعد ما اصرت القوى الأمنية المولجة بالخطة التي وضعت لتوفير أمن المجلس والسراي والنواب على انفاذها، ولو اقتضى الأمر، بعض من العنف، وفقاً لما اشارت إليه «اللواء» في حال لم تفلح الاتصالات الاستثنائية في إقناع الحراكيين بسلمية الحراك والإقلاع عن المواجهة.. ورد الرئيس دياب، على كلمات النواب، التي جاء بعضها من قبيل لزوم ما يلزم، بوضع موازنة بين حدّين: حدّ شرعية «النواب المنتخبين» (حيث من هناك تمنح الثقة)، وحدّ مشروعية الانتفاضة التي تمثل شرعية كبيرة من الشعب اللبناني (والتي لولاها لما رأت الحكومة الماثلة لنيل الثقة النور). الأبرز ان اللعبة الديمقراطية أخذت مجراها، ولو على الطريقة اللبنانية، فساهمت المعارضة النيابية في تأمين نصاب الجلسة، من زاوية الحرص على دور المؤسسات الدستورية المنتخبة، وان كانت الثقة مضمونة، فالكتل التي سمت دياب كان بإمكانها تأمين الثقة. والمهم في هذا السياق، انه على الرغم من إصابة العشرات بجروح، من ناس الانتفاضة وجمهورها، فإن المطرقة النيابية التي كانت بيد رئيس المجلس، وإن بدا انها كانت «تقاوم» الانتفاضة إلى ان المحصلة جاءت لمصلحة الشرعيتين النيابية والشعبية. بانتظار ما سيحصل، من زاوية تحذير الرئيس دياب من انه «إذا افلتت كرة النار من يد هذه الحكومة، فإن ألسنة النار ستتطاير بكل اتجاه، ولن يكون أحد بمنأى عن خطرها وحريقها»، فإن الرئيس دياب التزم بـ«إنجاز خطة طوارى قبل نهاية شباط لمعالجة، حاجات النّاس الطارئة ومواجهة الاستحقاقات والخدمات الراهنة». وإزاء ما يتعين عمله في ما خص الديون السيادية، افادت مصادر مطلعة لـ«اللواء» ان التوجه الجدي الوحيد لدى رئاسة الجمهورية هو ان تكون هناك خطة كاملة اصر رئيس الجمهورية على ان يذكر البيان انها تعرض وتقر قبل نهاية شباط الجاري لمعالجة الوضع النقدي والمالي والمصرفي كي يندرج اي خيار من خيارات 9 اذار او نيسان او حزيران اي استحقاقات اليوروبوند من ضمن هذه الخطة وإلا يأتي القرار منفردا ومعزولا عن اي خطة كما اعتباطيا. ولفتت المصادر الى ان هناك خيارا أولا هو عدم الدفع وخيارا ثانيا هو الدفع وكل خيار من هذين الخيارين له تداعياته ونتائجه وهناك خيار ثالث يقوم على المفاوضة والأستمهال والمبادلة ولكن الأهم ان يندرج اي قرار او خيار ضمن خطة متكاملة تعكف عليها وزارة المالية ووزارة الاقتصاد وحاكمية مصرف لبنان للتقدم بها من الحكومة قبل نهاية شباط . وكانت معلومات تحدثت عن ان بعض المصارف باعت جزءا من عملات اليوروبوند الى شركات عالمية بهدف الربح ما يؤدي الى اشكالية ورجحت معلومات اخرى ان يتم تكليف المصرف المركزي بالخيار المناسب في ما خص هذه الأستحقاقات دون العودة الى الحكومة. لكن الموقف الأميركي بعد نيل الثقة لم يكن مشجعاً.. وقال مسؤول في الخارجية الاميركية: ان التدبيرات الأمنية التي اتخذت في لبنان لنيل حكومة دياب الثقة مخزية ولا تُلبّي مطالب الشعب المنتفض وسنواجه حكومة اللون الواحد اقتصاديا ووجب إعادة النظر بالمساعدات للقوى الأمنية.

ثقة ملتبسة

ومهما كان من أمر، فإن الثقة التي نالتها حكومة الرئيس حسان دياب، بـ63 صوتاً، كانت محسوبة بدقة، تبعاً للكتل النيابية التي صوتت لها، لكنها ستبقى ملتبسة، نظراً للجدل الذي دار حول نصاب الجلسة، لدى افتتاحها، وبالتالي من المنطقي القول، ان انعقاد الجلسة كان غير دستوري، وهي مخالفة للنظام الداخلي للمجلس، تصبح الثقة بالحكومة غير دستورية في حدّ ذاته، وبالتالي يجوز الطعن بها، بحسب ما لوح رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل الذي قاطع الجلسة، معتبراً ان المجلس والحكومة سقطا امام امتحان شرعية تمثل الشعب، في إشارة إلى «الإنتفاضة» التي رافقت انعقاد الجلسة في الشارع ورفعت شعار لا ثقة، لمنع وصول النواب إلى ساحة النجمة، غير انها لم تتمكن من تحقيق ذلك، تحت ضغط «القوة المفرطة» التي أستخدمتها القوى الأمنية والجيش ضد المنتفضين، لتأمين الجلسة ومعها الثقة المطلوبة. وهكذا دارت على مدى ساعات النهار، منذ ساعات الفجر الأولى، وحتى رفع الجلسة الصباحية، رحى مواجهات عنيفة من الكر والفر، بين المتظاهرين الذين تجمعوا امام مداخل المنطقة المحصنة بالباطون والاسلاك الشائكة، والقوى الأمنية التي استعانت بالجيش بشكل كثيف للغاية، في حين كان النواب يحاولون الوصول إلى المنطقة العازلة، فنال بعضهم نصيبه من الضرب كالنائب القومي سليم سعادة، الذي تعرض لاصابة في الرأس ما أدى إلى نقله إلى مستشفى الجامعة الأميركية حيث تمت معالجته وعاد لاحقاً إلى الجلسة، فيما تعرّضت سيّارة وزير التنمية الإدارية دميانوس قطار إلى الرشق بالبيض الفاسد، بينما لجأ آخرون إلى «تمويه» نفسه، فحضر في سيّارات عادية، أو على «موتوسيكلات»، مثل وزير الاشغال ميشال نجار، أو النائب في كتلة التنمية والتحرير محمّد نصر الله، أو النائب في كتلة «المستقبل» هنري شديد (قبل ان يتبلغ قرار الكتلة بعدم الدخول قبل تأمين النصاب). وبحسب معلومات ترددت في كواليس المجلس، ان الخطة الأمنية التي وضعت بناءً لتوجيهات المجلس الأعلى للدفاع لتأمين انعقاد الجلسة، تسربت إلى الحراك، الذي حرك مجموعات منذ الفجر، عند المداخل التي وضعتها الخطة لوصول النواب إلى المجلس، وكان يفترض ان تكون سرية، وانه لهذا السبب استطاعت المجموعات كشف ورصد سيّارات النواب لدى محاولتها الدخول، على غرار ما حصل مع عضو كتلة التحرير والتنمية النائب أنور الخليل والنائب سعادة وسيارة الوزير قطار، فيما كشف الرئيس نبيه برّي في بداية الجلسة عن تكسير أكثر من خمس سيّارات تابعة للنواب، مشدداً على ان هذا المجلس سيبقى للجمع وليس للفتنة، وخاطب الحراك قائلاً: «هل يُبرّر لنا وللقضاء، وهل يرضى بالاعتداءات التي حصلت على قوى الجيش وقوى الأمن، والاعتداء الذي طاول النائب سعادة وسيارات النواب والوزراء؟».

النصاب الملتبس

على ان مشاهد الفوضى ومعارك الكر والفر في الشارع، صاحبتها «فوضى دستورية» في شأن النصاب القانوني للجلسة، مع تضارب المعلومات حول عدد النواب داخل القاعة، حينما دق الجرس، معلناً افتتاح الجلسة بتأخير 36 دقيقة، قبل ان يحسمها رئيس المجلس نبيه برّي بأن الجلسة افتتحت بحضور 67 نائباً. وافادت مصادر نيابية انه حينما قرع الجرس كان عدد النواب في الداخل 58 فدخل الرئيس بري القاعة العامة بعدما اُبلغ ان نواباً من الديموقراطي في طريقهم الى القاعة العامة اضافة الى اربعة نواب آخرين وصلوا الى المطار وتوجهوا فورا الى المجلس بما يؤمن النصاب القانوني. وفي حين افادت المعلومات ان دخول رئيس المجلس الى القاعة يفترض ان يتم فور اكتمال النصاب استنادا الى الدستور اكد نائب رئيس المجلس ايلي الفرزلي انه يحق له الدخول ما دام النواب الباقون داخل حرم المجلس. إلا ان عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب وائل أبوفاعور نفى ان يكون نواب الكتلة أمنوا نصاب الجلسة، مؤكداً في تصريح «انه عندما دخل اربعة نواب من اللقاء الديمقراطي الى الجلسة، هم بلال عبدالله، هادي ابو الحسن، فيصل الصايغ وأكرم شهيب، كانت الجلسة بدأت، ومن ثم انا انضممت اليهم». ولفت إلى «ان ليس من واجبنا ان نقول ان كان النصاب قد تأمّن وليس من مسؤوليتنا عدّ النواب. نحن شاركنا انطلاقا مما كنا قد اعلناه سابقًا بالمشاركة وحجب الثقة». ورفض تكتل «الجمهورية القوية» في البداية الدخول الى قاعة المجلس قبل تأمين النصاب، لان معركة النصاب على حدّ قوله من مهمة الاكثرية النيابية التي ستؤمّن الثقة، قبل ان يشارك لاحقا في الجلسة. اما كتلة «المستقبل» فلم تحضر بشكل جماعي الى المجلس. ونُقل عن مصادر الكتلة تأكيدها «ان النصاب مسؤولية الاكثرية النيابية التي ستمنح الحكومة الثقة وليس من مسؤولية الكتل المعارضة التي اعلنت حجب الثقة». في كل الأحوال، نجحت السلطة في عقد الجلسة، ونجح الرئيس برّي في ان تكون جلسة غير مسبوقة في تاريخ مجلس النواب منذ ما بعد الطائف، حيث للمرة الأولى تتم مناقشة البيان الوزاري والتصويت على الثقة في يوم واحد، بدلاً من يومين أو ثلاثة بحسب ما جرت العادة، لكن الذي فرض إنجاز هذا الاستحقاق في أقل من سبع ساعات هو الحراك الشعبي الذي ضغط لحجب الثقة عن الحكومة، من دون ان ينجح في ذلك، وان كان نجح في ان تخرج الحكومة مثخنة بجراح ثقة هزيلة بـ63 صوتاً وحجب عنها 20 نائباً وامتناع نائب واحد، علماً ان الرئيس برّي بذل مساع حثيثة مع الكتل النيابية لتخفيض عدد طالبي الكلام من 43 نائباً إلى 17 نائباً، تحدث عشرة منهم في الجولة الصباحية، و7 في الجولة المسائية، قبل الاستماع إلى ردّ الحكومة والتصويت على الثقة، حيث تحدث نائب واحد باسم كتلة الوفاء للمقاومة هو رئيسها النائب محمّد رعد، ونائبان باسم كتلة التنمية والتحرير ونائب واحد باسم كل من كتلة «المستقبل» (محمد الحجار) وتكتل لبنان القوي (رئيسه النائب جبران باسيل) وكتلة اللقاء الديمقراطي (هادي أبو الحسن) وكانت الحصة الكبرى في الكلام لكتلة «القوات اللبنانية» (4 نواب بينهم السيدة ستريدا جعجع) ونواب مستقلين.

ردّ دياب

اما ردّ رئيس الحكومة على المداخلات النيابية، فقد جاء مختصراً، خلافاً لردود الرؤساء السابقين، لكنه رسم لنفسه «معادلة» صعبة وهي التوفيق بين الانتفاضة التي لا تريد الثقة، وبين ثقة مجلس النواب، وأعطى لحكومته ادواراً كبيرة من غير المعروف عمّا إذا كانت ستتمكن من القيام بها، خصوصاً وان معظم هذه الأدوار «انتحارية» بحسب تعبيره، فضلاً عن عبارات أخرى مؤثرة، مثل «الزلزال» الذي احدثته الانتفاضة، و«كرة النار» التي تحملها الحكومة، مشددا على ان الحكومة محكومة بحمل مطالب اللبنانيين وإطلاق مسار الانقاذ، معتبرا ان التحديات التي تواجه البلد تكاد تكون كارثية، بينما القدرة على تجاوزها هشة. وأوضح ان لبنان يمر بمرحلة عصيبة جداً وهي غير مسبوقة، وعبور هذه المرحلة بأمان، هو أمر أقرب إلى المستحيل من دون قوة دفع خارجية بالإضافة إلى القوة الداخلية، وبما ان الخارج منشغل عنا أو يدير ظهره لنا، أو يحاسبنا على الخطايا التي ارتكبت خلال عقود، فإن القوى السياسية الداخلية والحراك الشعبي معنيون جميعاً بتأمين قوة دفع ليتمكن لبنان من تجاوز الاخطار الكبيرة المحدقة بنا. وحذر من انه إذا افلتت كرة النار من يد هذه الحكومة فإن ألسنة النار ستتطاير في كل الاتجاه ولن يكون أحد في منأى عن خطرها وحريقها، مشددا على ان حكومته ليست هي من أوصل البلد إلى هذا الوضع الخطير. وتجنب الرئيس دياب إطلاق الوعود في رده على النواب خلافاً لما تضمنه البيان الوزاري الذي تلاه صباحاً، موضحاً بأنه لا يريد الدخول في سجالات سياسية مع أحد، كما انه لا يريد أوسمة ولا نصباً تذكارية ولا نريد شيئاً لانفسنا، بل اتركونا نعمل، متعهداً الحفاظ على المال العام والموجودات من العملات الأجنبية وأموال المودعين في المصرف المركزي، وقال انه يدرس جميع الاحتمالات المتعلقة باستحقاقات سندات «اليوروبوند» لهذه السنة، من دون ان يعطي تفاصيل. ولم تستبعد مصادر مطلعة، ان يكون هذا الموضوع أوّل نقطة ستطرح في الجلسة الأولى التي ستعقدها الحكومة غداً الخميس في القصر الجمهوري في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون، والتي سيوزع جدول أعمالها اليوم.

جلسة الثقة: دياب يلمّح إلى عدم دفع الديون

الاخبار....تقرير ميسم رزق ....المواقف المعارضة والمؤيدة ظلّت تحتَ سقف التركيز على مرحلة ما بعد منح الحكومة الثقة

حصَدت حكومة الرئيس حسان دياب ثقة 63 نائباً من أصل 84 نائباً حضروا جلسة مناقشة البيان الوزاري. عشرون نائباً رفضوا منح الثقة، وواحد امتنع عن التصويت. وقبل أن يدلي النواب بمواقفهم، برز كلام رئيس الحكومة الذي لمّح إلى تراجعه عن تأييد خيار دفع سندات اليوروبوند بقوله إننا «نريد الحفاظ على الموجودات من العملات الأجنبية من أجل أولويات الناس من السلع الحيوية، مثل الأغذية والأدوية والوقود، وقد أبلغنا حاكم مصرف لبنان بهذه الثوابت» .... هي أوّل جلسة ثقة لحكومة في عهد الرئيس ميشال عون بوجوه وزارية «غير مُستعملة». وأول جلسة منذُ أكثر مِن ثلاث سنوات لا يتربّع على عرشها رُكنا التسوية الرئاسية: سعد الحريري وجبران باسيل. لا الحريري رئيساً ولا باسيل «وزيراً أولاً». تغيّب الأول عن الحضور. لكن شريكه السابِق في «تفاهم المصالِح» كانَ أقوى. أتى وجلسَ في المقاعد الأمامية، مُثبتاً أنه أقدر من الحريري على لعب كل الأدوار بكلّ الوجوه، ولو أنه لم يكُن نجم الحاضرين. كان ثاني المتحدثين في جلسة أمس، ولعب دور الناصِح لحكومة دياب: افعلوا هذا ولا تفعلوا ذاك… اسمحوا بهذه ولا تسمحوا بتِلك. وقَف على المنبَر لنصف ساعة من أجلِ تقديم الإرشادات، وتصحيح ما اقترفته الحكومات السابقة، وكأن ليسَ بينها من حكومات للعهد!.... لم يكُن لغياب الحريري وقعٌ قاسٍ على الحياة البرلمانية التي بدأت تعتاد السير من دونِه. رئيس مجلس النواب نبيه برّي افتتح الجلسة غيرَ آبه إلا بتأمين النصاب والتصويت على الثقة. لكن المتحدث باسم الحريري وكُتلتِه «كفّى ووفّى». في الماضي تناوَب نواب كُثر على مِنبر المجلس كي يقولوا آراءهم في «الحريرية». يوم أمس أتى من يتكفّل بذلك من قلب الطاقم الأزرق. النائب محمد الحجار لم يطبُخ خطابه بمهارة. كانَ يظنّ أنه يخدُم الحريري بالهجوم على البيان الوزاري لحكومة دياب، فاتهمه بأنه بيان «مُستنسخ عن الحكومات السابقة، وكلها أفكار سبَق أن طُرحت»، مُسجّلاً هدفاً في مرمى الحريري بدلاً من دياب! واستكمالاً لمشهد عدم المصالحة مع الذات، يُمكن الى هذا كله إضافة «سقطتين» للحجار: الأولى إطلاق اسم حكومة العهد على حكومة دياب، وذلك يعني أن الحكومتين السابقتين اللتين ترأسهما الحريري لا قيمة لهما. والثانية بدت واضحة في أن من طرّز كلمة الحجار «استنسخها» من البيان الأخير للنائب نهاد المشنوق الذي أعلن عبرَه عدم المشاركة وحجب الثقة، لناحية مهاجمة خطة الكهرباء والتطرق إلى الاستراتيجية الدفاعية. مرّت ثلاث سنوات من دون أن يتجرأ المستقبليون على فعل ذلك. في الخارِج لم يكَد المارّون يطلّون بسياراتهم صوب برج المرّ، حتّى ينهال عليهم المُتظاهرون بالصراخ للنزول الى الشارع. يتسابَق «الثوار» في اتجاه السالكين الى عملهم لـ«توبيخهم»، لكونهم «فقراء صامتين غير مشاركين في الثورة». وعلى بُعد مئات الأمتار نزولاً، خطّ تماس فاصِل بينهم وبين نقطة باب ادريس المؤدية الى ساحة النجمة. على المدخل، تجمّع كبير للقوى الأمنية. مُقابلها ناشطون يمسِكون لافتات الـ«لا ثقة» بالحكومة، ويتمسّكون بقرار منع النواب والوزراء من الوصول الى الجلسة. يختلِط الحابل بالنابل. عسكريّون و«حراكيّون» وسيارات ومارّة ودراجات نارية وزحمة سير. مِئات أمتار إضافية، يتكرّر المشهد عندَ الواجهة البحرية. طُرق مقفلة وعوائق حديدية ودشم إسمنتية وبوابات سود وجدران عازلة وأسلاك شائِكة، تمتدّ الى ساحة الشهداء. من حولِها خيم المُنتفضِين وصولاً الى مسجد محمد الأمين. تتعدّد الشعارات المُناهِضة للسلطة وتتنوّع المطالِب، على شكل غرافيتي وكتابات مُلوّنة ويافطات تصِل الى مدخل آخر عند مبنى «الإسكوا»، يستحيل الولوج منه الى محيط البرلمان الذي أصبح كمن أحاطَ نفسه بسور كبير. لا يُمكن للناس رؤية مجلس النواب، كما لا يُمكن لمن في داخله أن يرى الناس. النواب والوزراء الذين حضروا الى البرلمان بدوا أسرى هذا السور. تسلّلوا إلى ساحة النجمة بسيارات مموّهة أو عادية بلا مواكبة. ومع ذلك لم يأمنوا من غضبة المتظاهرين الذين كمنوا لهم بالبيض والبندورة والحجارة والاتهامات بالسرقة والفساد. الجميع دخل سالماً، باستثناء نائب الحزب السوري القومي الإجتماعي سليم سعادة الذي أنزل زجاج السيارة للتحدث الى المتظاهرين، لكنه تعرّض للرشق بالحجارة، وأصيب بإحداها، ما استدعى نقله إلى أحد المستشفيات. في الداخل اقتربت عقارب الساعة من الحادية عشرة والثلث. لم تكُن الجلسة قد بدأت بعد بسبب عدم اكتمال النصاب. تردّد أن عدداً من النواب باتَ ليلته في المجلس، لكن قاعة الهيئة العامة بعد وقت من موعِد الجلسة لم يدخلها إلا 45 نائباً لتكتل «لبنان القوي» وكتلتي «التنمية والتحرير» و «الوفاء للمقاومة»، إضافة الى النائب جميل السيد. في هذه الأثناء، سادت حالة من البلبلة أروقة المجلس بسبب تداول معلومات عن عدم مشاركة كُتلتي «المُستقبل» و«اللقاء الديمقراطي»، بينما حبسَ نواب كتلة «الجمهورية القوية» أنفسهم في إحدى القاعات بانتظار اكتمال النصاب، وفجأة رنّ الجرس ودخل جميع الذين نجحوا في الوصول الى المجلس، باستثناء نواب القوات. افتتح الرئيس نبيه بري الجلسة بالإشارة إلى أن «المستقبل والقوات سيحضرونها»، فيما كان نواب التيار الوطني الحر وحزب الله وحركة أمل والمردة والسيد والنواب عبد الرحيم مراد وفريد الخازن وفيصل كرامي قد لزموا مقاعدهم. دقائق قليلة بعدَ انطلاق الجلسة انضم النواب «الاشتراكيون» بلال عبد الله، وأكرم شهيب، وفيصل الصايِغ وهادي أبو الحسن، وبعدهم بنصف ساعة النائب وائل أبو فاعور. انطلقَت جلسة مناقشة البيان الوزاري لحكومة الرئيس حسّان دياب على عكس الوتيرة التي كانت متوقعة منها. المداخلات بدت هامدة، والمواقف الُمعارضة والمؤيدة ظلّت تحتَ سقف التركيز على مرحلة ما بعد منح الحكومة الثقة وإنجازاتها على مختلف الصعُد. بعدَ أن تلا دياب أمام الهيئة العامة البيان الوزاري لـ«حكومة مواجهة التحديات»، بدأت مداخلات النواب التي استمرت حتى الساعة الرابعة من بعد الظهر، مع النائب محمد رعد الذي قال إن «الحكومة لا تُشبه فريقنا السياسي، إلّا أنه لتسهيل مهمة التأليف ارتضينا بها ونحن واثقون من إمكانية الحوار». بعد رعد باسيل، فستريدا جعجع وجميل السيد الذي اختصر الطريق الوحيد لنجاح حكومة دياب بجملة «عليها أن تفعَل تماماً عكس ما فعلته الحكومات السابقة»، ثم هادي أبو الحسن والحجار. ومن بعدهم النائب سليم سعادة وميشال الضاهر وميشال معوض. يُمكن القول إن كلام النواب الثلاثة سعادة والضاهر ومعوّض كانَ الأبرز. الضاهر ربطَ ثقته بالحكومة بتعهدها بعدم دفع استحقاق اليوروبوند في آذار 2020. ورغم الاعتداء الذي تعرّض له، لم يحِد سعادة عن أسلوبه الذي يتبعه في الجلسات، من خلال توصيف الواقع بلغة شعبية واضحة وصريحة، فقال إن «نصف الودائع بالدولار صُرف، وما حصل ليس (كابيتال كونترول) بل حجز للأموال».

باسيل كانَ أقرب الى الناصِح لحكومة دياب

حصر سعادة كلامه بالأزمة الراهنة مسلطاً الضوء على مصدر الوجع، أي مصرف لبنان، الذي نفّذ الهندسات المالية، وسحب السيولة من المصارف اللبنانية وحاول كبح الصرافين، ما أدى إلى تفلّت سعر الدولار في نهاية المطاف». وأوضح سعادة أنه «عند الانكماش الاقتصادي، تضخ المصارف المركزية السيولة في الاقتصاد، ولكن العكس يحصل في لبنان»، سائلاً عن «المحاسبة... فلنبدأ بوزارة المالية منذ الاستقلال إلى اليوم، من حاسبها؟ أشهد أن مجلس النواب ليس في حوزته أي رقم على الإطلاق متعلق بقطع الحسابات وتدقيقها»، أكد سعادة. أما معوّض، فقد دعا الدول الى الاعتراف «بالحقيقة الموجعة أن دولتنا أفلست واقتصادنا انهار وأن كل يوم إضافي نتنكّر فيه لهذه الحقيقة تصبح إمكانية الإنقاذ أصعب وأطول والكلفة أكبر بأضعاف». ...في الجولة المسائية التي استؤنفت عند الساعة الخامسة من بعد الظهر، تحدث النواب ياسين جابر وجهاد الصمد وجورج عدوان وزياد حواط وفادي سعد وهاكوب تريزان. وبعد جلسة استمرت نحو ثماني ساعات حضرها 84 نائباً من أصل 128، أعلن الرئيس بري أن 63 نائباً صوتوا لصالح منح الثقة للحكومة الجديدة، مقابل رفض 20 منهم وامتناع نائب واحد، فيما برز موقف جديد لرئيس الحكومة الذي يعتبر من مؤيدي خيار دفع سندات اليوروبوند، إذ أشار إلى أننا «نريد الحفاظ على الموجودات من العملات الأجنبية، من أجل أولويات الناس من السلع الحيوية، مثل الأغذية والأدوية والوقود، وقد أبلغنا حاكم مصرف لبنان بهذه الثوابت»، مضيفاً «ندرس كل الاحتمالات للتعامل مع السندات الدولية المستحقة السداد هذا العام».

طلب مشورة صندوق النقد وسلامة يحجب جردة الموجودات: لبنان يتّجه لوقف سداد الدين

الاخبار....محمد وهبة .... مع اقتراب استحقاق سندات اليوروبوندز في 9 آذار المقبل بقيمة 1.2 مليار دولار، يحتدم النقاش حول خيارَين: الاستمرار في سداد الدين أو التخلّف عنه. على ضفّة السداد، يقف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وحيداً، فيما يتموضع رؤساء الجمهورية والمجلس النيابي والحكومة في موقع أقرب الى رفض السداد، والسعي الى مشورة تقنية من صندوق النقد الدولي تساعدهم على تغطية اتخاذ القرار ....

بعد 25 يوماً يستحق دَين على لبنان بقيمة 1.2 مليار دولار. هذا الدين هو عبارة عن سندات خزينة بالعملة الأجنبية (يوروبوندز) أصدرتها وزارة المال في آذار 2010 لمدّة 10 سنوات وبفائدة سنوية 6.375%، أي أن الخزينة دفعت سنوياً لحملة هذه السندات 76.5 مليون دولار، أو ما مجموعه 765 مليون دولار خلال السنوات العشر الماضية. ويأتي هذا الاستحقاق في ذروة الأزمة المالية ــــ النقدية التي بدأت منذ سنوات وتفاقمت مؤشراتها منذ ظهور سعرَين لصرف الليرة مقابل الدولار، بفارق يزيد 55% على السعر المدعوم من مصرف لبنان (1507.5 ليرات وسطياً مقابل 2325 ليرة في السوق الموازية) وعدم قدرة مصرف لبنان على اتّخاذ تدبير نهائي مقبول في مواجهة تمويل السلع الأساسية مثل المحروقات والدواء والقمح والمستلزمات الطبية، بل اختبر المقيمون في لبنان تقنيناً في هذه السلع لعدّة أيام، ودفعوا فروقات سعر الصرف من رواتبهم التي تآكل أكثر من 34% منها بفعل وجود سعرَين لليرة (نسبة تآكل الليرة محتسبة من قبل جهات متخصّصة على أساس سلّة من السلع المستوردة بسعر الليرة في السوق الموازية). والأسوأ من ذلك كلّه، أن حاكم مصرف لبنان أقرّ بأن المصارف تودع لديه 70 مليار دولار بالعملات الأجنبية، بينما هو لا يملك أكثر من 30 ملياراً في احتياطاته بالعملات الأجنبية؛ من ضمنها احتياطات إلزامية بقيمة تفوق 19 مليار دولار.

موقف حاسم

إزاء هذا الوضع، واصلت القوى السياسية عقد اجتماعات ولقاءات منذ تأليف الحكومة إلى اليوم، من دون أن تحسم موقفها النهائي بعد. إلا أنه ظهرت مؤشرات في الأيام الأخيرة عن موقف ستتخذه الحكومة في اجتماع يُعقد في قصر بعبدا ظهر الخميس المقبل مع بروز أرجحية تدعم التوقف عن السداد وإطلاق عملية التفاوض مع الدائنين بالاستناد إلى مشورة صندوق النقد الدولي. وبحسب مصادر مطّلعة، فإن رئيس الحكومة حسان دياب دعا إلى اجتماع للجنة الوزارية ــــ المالية قبل ساعتين من موعد جلسة الحكومة لمناقشة القرار النهائي، علماً بأنه تبلّغ من معظم الوزراء رفضهم مواصلة سداد الديون. في الواقع، إن اللقاءات التي عقدت بعد تأليف الحكومة لم تتوصّل إلى نتيجة سوى تلك التي كشف عنها رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي أشار إلى أن بتّ سندات آذار ينبغي أن يستند إلى مشورة (تقنية) من صندوق النقد الدولي. بعض المراقبين يشيرون إلى أن برّي كما غيره من زعماء الكتل السياسية في لبنان، يبحثون عن وصيّ ما يلصقون به أخذ لبنان نحو هذا الخيار أو ذلك، وهم لا يبدون أي نيّة لتحمّل المسؤولية، ليس فقط لأنهم ليسوا قادرين على تحديد الخيار الأنسب، بل لأنهم ليسوا قادرين على الخروج من حدود اللعبة المحليّة التي تنطوي على تبادل الاتهامات كسباً للشعبية.

مشاورات ما قبل المشورة

وتشير المصادر إلى أن المشورة المنتظرة من الصندوق، سبقتها تحضيرات مع صندوق النقد والبنك الدولي من أجل إنجاز خطّة تمهيدية لاتخاذ القرار النهائي، على أن تكون جاهزة خلال بضعة أيام لعرضها على الدائنين الأسبوع المقبل إذا اتخذ القرار بالتوقف عن السداد. وتتضمن هذه التحضيرات الآتي:

ــــ مشاورات عقدت بين مسؤولين محليين مع ممثلي صندوق النقد الدولي في منطقة الشرق الأوسط، لدرس «الإخراج» المناسب لما يسمّى «مساعدة تقنية» سيقدّمها صندوق النقد الدولي بشأن إعادة هيكلة الدين العام. وهذه المساعدة تشمل تقديم الدعم العلني لعملية إعادة هيكلة الدين العام، وتقديم الدعم التقني للسيناريوات المحتملة بشأن إعادة الهيكلة ونتائجها على الوضع المالي للخزينة ومصرف لبنان والمصارف. هذا الدعم هو البديل من لجوء لبنان إلى برنامج مع الصندوق. وهناك الكثير من القوى السياسية التي تعتقد بأن الحصول على هذه المساعدة التقنية أهون مما قد تفرضه تطورات الأزمة المالية ــــ النقدية ــــ المصرفية في الأيام المقبلة، إذ ستصبح الخيارات مؤلمة جداً وقد تفرض على لبنان اللجوء «مكرسحاً» إلى برنامج مع صندوق النقد، بينما يمكنه اليوم الحصول على مساعدة تقنية وهو يملك بضعة مليارات من ذخيرة الاحتياطات بالعملات الأجنبية.

ــــ بعد يومين يفترض أن يُنجز البنك الدولي بالتعاون مع وزارة المال خطّة متوسطة الأمد تمتد على ثلاث سنوات لتحفيز النموّ الاقتصادي ستعرض على اللجنة الوزارية، ثم على الدائنين، في إطار خطّة شاملة مع سيناريوات صندوق النقد الدولي. وقد سبقتها موافقة البنك الدولي على منح لبنان قرضاً ميسّراً بقيمة 400 مليون دولار سينفق في مجمله على برنامج استهداف الأسر الفقيرة الذي يعدّ برنامجاً زبائنياً لتوزيع المساعدات على الأزلام والتابعين لهم سياسياً المسجّلين في البرنامج المعتمد كسياسة عامة بدلاً من أن يكون برنامجاً ظرفياً لمساعدة هذه الأسر على تخطّي مرحلة الفقر.

مواصلة الهندسات

إزاء هذا الواقع، ستتمحور مشورة صندوق النقد الدولي حول مسارين: مواصلة الهندسات المالية التي ينفّذها مصرف لبنان لشراء مزيد من الوقت بالكلفة الباهظة، والقيام بعملية منظمة لإعادة هيكلة للدين العام بعد استشارة صندوق النقد ومشاركة البنك الدولي في صياغة الخطة الاقتصادية للسنوات الثلاث المقبلة. عملياً، يقف رياض سلامة وحيداً على ضفّة خيار مواصلة الهندسات المالية. وتقول المصادر إن سلامة يفضّل القيام بعملية «سواب» لاستبدال سندات يوروبوندز تستحق على المدى الطويل بالسندات التي تستحق في آذار المقبل وفق السعر السوقي لكل منها، وفوقها هندسة تتضمن إقراض المصارف مبالغ بالليرة فائدتها متدنية وتوظيف هذه الأموال لديه بفائدة مرتفعة. سلامة يعتقد بأن هذه العملية تتيح شراء مساحة وافرة من الوقت بكلفة غير كبيرة نسبياً، وعلى هذا الأساس حاول استمالة رئيس الحكومة، لافتاً إلى أن الاستبدال لن يؤثّر على احتياطاته بالعملات الأجنبية المخصصة لتمويل السلع الأساسية، وبالتالي لن تكون هناك ردّة فعل شعبية تجاه تسديد الأموال للخارج، فيما المودعون في لبنان لا يتمكنون من الحصول على ودائعهم. ومن الواضح أن ما يقوله مصرف لبنان ينطوي على الآتي: تصدر وزارة المال سندات جديدة بنفس قيمة الإصدار المستحق وفوائده، ويضمن مصرف لبنان أن تشتري جهات خارجية سندات قيمتها توازي قيمة ما دفعه لحملة السندات الأجانب في الإصدار المستحق (لا أحد لديه فكرة من هو المجنون الذي سيخاطر بشراء سندات بلد على قاب قوس أو أدنى من التخلف عن سداد الديون).

بعد يومين يفترض أن يُنجز البنك الدولي ووزارة المال خطّة متوسطة الأمد لتحفيز النموّ الاقتصادي

ويتوقع ألا يكون خيار الاستبدال والاستمرار في الهندسات المالية موافقاً عليه من صندوق النقد الدولي الذي وجّه انتقادات لاذعة لمصرف لبنان على تنفيذ الهندسات المالية المكلفة جداً على ميزانية مصرف لبنان، وانتقده أيضاً بسبب السياسات النقدية غير التقليدية التي تكبده المزيد من الخسائر. وهذا أحد الأسباب الذي يدفع سلامة إلى رفض فكرة وجود صندوق النقد الدولي من أساسها، إذ إنه يعتقد بأن الصندوق سيجبره على فتح دفاتره وكشف موجوداته الفعلية والالتزامات الحقيقية المترتّبة عليه. وهو أصلاً يرفض تقديم جردة واضحة وشفّافة عن هذه الموجودات والالتزامات لرئيس الحكومة بما تشمل من ديون وتسليفات للقطاع المصرفي والعلاقة بينه وبين المصارف. قبل بضعة أيام، سأله دياب عن هذه الجردة فأجاب سلامة بأنه يحتاج الى أسبوعين لإعدادها، ما جعل دياب يستغرب الموقف، فأوضح سلامة محرجاً: هي موجودة، لكنها بحاجة الى تدقيق. مصادر قريبة من دياب تنفي حتى الآن تلقّيه أي معلومات مفصّلة عن هذه الجردة، رغم الاهتمام الذي أبداه دياب أخيراً في متابعة أوضاع القطاع المصرفي واستقباله رئيس لجنة الرقابة على المصارف سمير حمود (لم تتّضح حتى الآن أسباب زيارة سمير حمود أمس للرئيسين سعد الحريري وفؤاد السنيورة).

نحو إعادة الهيكلة

في المقابل، فإن التوقف عن السداد هو سلوك يقود نحو الاستعانة التقنية بصندوق النقد الدولي. هذا الأمر يعزّز صدقية الخطة التي ستقدمها الحكومة للدائنين الأجانب ويضمن، إلى حدّ ما، موافقتهم عليها. هذه الخطّة تعني أن لبنان سينتقل إلى مرحلة منظمة في عملية إعادة الهيكلة، ويتطلب الأمر ثلاثة فرق: فريق اقتصادي (البنك الدولي)، فريق تقني (صندوق النقد الدولي واللجنة الوزارية وخبراء محليون)، وفريق قانوني (مكاتب محاماة عالمية يرجح أن يكون بينها مكتب الوزير السابق كميل أبو سليمان). يبدأ هذا المسار من خلال تعيين لجنة للتفاوض مع الدائنين (Credit committe) سيكون لديها نحو 6 أشهر للتوصل إلى اتفاق مع الدائنين. في هذه الفترة، على لبنان تدبير أموره، أي تأمين تمويل استيراد السلع الأساسية، ومعالجة العقود الخاصة التي وقّعتها الشركات المصدرة، ومعالجة عقود الاستيراد أيضاً، وتأمين حماية لأصحاب الرواتب المتوسطة وما دون من انخفاض قيمة الليرة وتآكل رواتبهم، وتأمين الحماية لأموال الضمان الاجتماعي، والحفاظ على الودائع... هناك الكثير للقيام به. على لبنان اليوم الاختيار بين تجربة الأرجنتين التي تواصل التخلّف عن السداد، وبين فنزويلا التي تناضل من أجل استيراد السلع الأساسية.

«مساعدة تقنية» سيقدّمها صندوق النقد الدولي بشأن إعادة هيكلة الدين العام

في ظل هذه المفاضلة، قد تبدو هناك حاجة إلى إقصاء الآراء السياسية عن القرار. فهناك من يعتقد بأن الاستعانة التقنية بصندوق النقد الدولي الذي يوفّر على القوى السياسية أعباء اتخاذ قرار التوقف عن السداد ويوفّر لها الغطاء المناسب لإلقاء اللوم على مشورة الصندوق، قد يشكّل فرصة لتسويق أو إغراق لبنان ببرنامج مع صندوق النقد الدولي، وهو أمر يختلف بآلياته عن آليات تقديم المشورة التقنية لكنه يشكّل حافزاً سياسياً لدى هؤلاء من أجل تعزيز الحصار المالي والاقتصادي الذي بدأته الولايات المتحدة بفرض العقوبات المالية على مصارف ورجال أعمال وشركات لبنانية.

ترحيب أوروبي ودولي

رغم المناخات السلبية المحيطة بالوضع المالي والسياسي، يتوقع أن تصدر مجموعة العمل الدولية لدعم لبنان (الدول المانحة) بياناً يرحب بنيل الحكومة الثقة ويجدد الوقوف إلى جانب لبنان ودعمه لمواجهة الأزمات. يفترض أن يتضمّن البيان إشارات واضحة عن مطالب هذه الدول بإجراء إصلاحات جذرية في الإدارات العامة والسياسات المالية والنقدية في لبنان. هذا المناخ موجود أيضاً بين ممثلي الاتحاد الأوروبي، ولا سيما بريطانيا وفرنسا.

حملة تهويل

لا يقف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بعيداً عن حملة تهويل مفادها أن الدائنين سيضعون يدهم على موجودات تخص لبنان؛ من بينها الذهب وطائرات الميدل إيست ومصادرة الاعتمادات التي قد تفتحها المصارف لشراء النفط والأدوية والقمح، لكن تبيّن أن هذا التهويل غير حقيقي، لأن عقود اليوروبوندز تميّز بين أصول المصارف المركزية وأصول وزارة المال، على اعتبار أن المصارف المركزية لديها استقلالية عن الدولة المركزية، أي أن أصول مصرف لبنان بمقاييس القوانين الدولية هي غير أصول الدولة اللبنانية، ولا يحقّ لأحد مصادرتها بحجّة تخلّف وزارة المال عن الدفع.

استحقاق داهم

تسيطر الاستحقاقات المالية الداهمة على كل النقاشات. من ضمن هذه الاستحقاقات، هناك مبلغ 592 مليون دولار مضطر أن يدفعها مصرف لبنان للمصارف في 22 شباط لسداد شهادات إيداع استحقت. مصرف لبنان غير قادر على الدفع، فيما المصارف تريد الحصول على سيولة، أي أنها ترفض تجديد الاكتتابات بشهادات الإيداع.

حكومة "النصف ناقص 1" دياب يُعوّم "بواخر" باسيل ويُقرّ بالفيتو الخارجي

نداء الوطن.. بنصاب منقوص وشرعية مشكوك بدستوريتها، حازت حكومة حسان دياب الثقة البرلمانية رغماً عن أنوف الناس الذين سُحلوا في الشوارع المحيطة بالمجلس النيابي أمس على أيدي الأجهزة الأمنية والعسكرية المكلفة حماية السلطة من غضب الثوار، فكانت الحصيلة أن سقطت حكومة دياب بأكثرية 360 جريحاً حجبوا الثقة عنها بدمائهم، بينما كانت أكثرية 8 آذار تعاني الأمرّين في سبيل شرعنة حكومتها، بدءاً من عجزها الفاضح عن تأمين النصاب القانوني اللازم لانعقاد الهيئة العامة ما اضطر رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى الاتصال بصديقه وليد جنبلاط لإسناده بأربعة من نواب "اللقاء الديمقراطي" على جناح السرعة، وصولاً إلى مشهدية نيل الحكومة ثقة "النصف ناقص واحد" بواقع 63 نائباً من أصل إجمالي أعضاء المجلس الـ128. وفي وقائع جلسة الثقة المهزوزة، انتظر بري أكثر من نصف ساعة بعد تمام الساعة 11 موعد جلسة الثقة من دون أن يتأمن نصاب الـ65 نائباً لانعقاد الجلسة، فنقل بعض النواب لـ"نداء الوطن" أنّ رئيس المجلس أبدى حينها استياءه الشديد من الرئيس سعد الحريري الذي لم يحضر نواب كتلته، وكذلك من "القوات اللبنانية" التي حضر 8 نواب من كتلتها لكنهم آثروا عدم تأمين النصاب، فلجأ بري عندئذ إلى جنبلاط مستعجلاً وصول نواب كتلته، ليبادر عند الساعة 11:36 وقبل اكتمال النصاب داخل القاعة العامة إلى الإيعاز بـ"قرع الجرس"، تمهيداً لدخوله القاعة العامة مفتتحاً الجلسة بحضور 58 نائباً، فأضفى عليها نصاباً قانونياً افتراضياً "على اعتبار ما سيكون" بعد وصول نواب "الاشتراكي" فضلاً عن أربعة من كتلة "التنمية والتحرير" الذين كانوا في طريقهم من المطار إلى البرلمان. وإزاء تأكيد "مدوّن محضر الأسماء" للصحافيين أنّ عدد النواب الحاضرين في القاعة العامة لم يتخطّ عدد الـ58 عند انعقادها، اعتبرت مصادر رئاسة المجلس النيابي لـ"نداء الوطن" أنّ "من حق رئيس المجلس الدخول إلى القاعة والطلب إلى الموظف المعني أن ينادي على النواب الموجودين خارجاً، خصوصاً وأنه تم إبلاغ الرئيس بري حينها أنّ نواب "اللقاء الديموقراطي" باتوا في حرم المجلس وهم في طريقهم إلى القاعة العامة"، في وقت نقلت مصادر نيابية لـ"نداء الوطن" أنّ لجوء بري إلى جنبلاط أتى بعدما "سمع كلاماً مفاده أنّ الحريري لن يتولى تأمين النصاب للجلسة وأنّ ذلك من مهمة الأكثرية النيابية، مستغرباً الاتكال على فريق المعارضة للقيام بمهمة الموالاة!"..... أما في الشكل، فبدا نواب السلطة المكلفون تأمين النصاب أقرب إلى ضفة "تهريب الثقة" من منحها، خصوصاً في ظل لجوء عدد منهم إلى أن يبيت ليلته إما في مكاتب المجلس (لا سيما من نواب تكتل "لبنان القوي") أو في الفنادق القريبة، في وقت حرص بعضهم على الوصول فجراً إلى ساحة النجمة هرباً من مواجهة الثوار على الطرقات، كما حصل صباحاً مع النائب سليم سعادة الذي أكل نصيبه من غضب الناس، فأصيب إصابة سطحية في وجهه نقل على إثرها إلى المستشفى حيث أجريت له الإسعافات الأولية اللازمة، قبل أن يعود إلى الهيئة العامة ليلقي كلمته ويحجب الثقة عن حكومة دياب من ضمن 20 نائباً حجبوها، مقابل امتناع واحد هو النائب ميشال ضاهر. وكان بري قد سعى جاهداً إلى تقليص عدد طالبي الكلام واختصار الجلسة بيوم واحد بدل اثنين، تحت وطأة اعتراض الشارع وتضعضع الجبهة المانحة للثقة، كما حصر فترة الاستراحة بين الجلستين الصباحية والمسائية بساعة بدل ساعتين طالباً للنواب سندويشات من مطعم "الديوان"، لتعذّر خروجهم كي يتناولوا الغداء خارج المجلس خشية مواجهة المتظاهرين. وفي المضمون، إستوقف المراقبين تسليم دياب بالأمر الواقع واعترافه بالفيتو الخارجي على حكومته، لا سيما من خلال الإشارة في كلمته الجوابية على مداخلات النواب إلى حاجة الحكومة إلى "قوة دفع داخلية (...)، بما أن بعض الخارج منشغل عنا أو يدير ظهره لنا أو يحاسبنا". وتوازياً، إستحوذ ملف الكهرباء على حصة الأسد من إضبارة مآخذ المعارضة على حكومة دياب، خصوصاً وأنه أبرز ميوله الواضحة نحو تعويم خطة "البواخر" التي أعدها رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، الذي شدد في كلمته أمس على أنّ حل مشكلة الكهرباء مرهون بتنفيذ هذه الخطة "لأن لا خطة غيرها". وفي المقابل، لا تستبشر مصادر المعارضة "بحلول إصلاحية جذرية ستتخذها الحكومة الحالية لهذا الملف، الذي يستنزف الخزينة العامة طالما أنها استنسخت خطة استئجار البواخر تحت عنوان "الحلول المرحلية" بانتظار الحل الدائم، وهذا بحد ذاته استمرار لسياسة هدر المال العام بشكل يعطي انطباعاً سلبياً لدى الجهات الخارجية المعنية بمراقبة مسار الإصلاح، الذي ستنتهجه الحكومة والذي من المفترض أن يشكل قطاع الكهرباء معياراً أساسياً فيه سواء بالنسبة للبنك الدولي أو للدول الراعية لمؤتمر "سيدر" ومجموعة الدعم الدولية للبنان"، موضحةً أنّ "الهدر في هذا القطاع تسبب بأكثر من 52 في المئة من حجم الدين العام أو ما يعادل 47 مليار دولار". وفي هذا الإطار، تلاقت مداخلتا "الاشتراكي" و"المستقبل" في جلسة الأمس عند الإضاءة على عتمة الكهرباء "فبعد سنة على إقرار خطة الوزيرة البستاني في 2019 وثلاث سنوات على إقرار خطة 2017 و10 سنوات على إقرار خطة 2010، ما زالت التغذية بالكهرباء تتراجع إلى أن وصلنا إلى 12 ساعة وعجز سنوي يلامس الملياري دولار"، حسبما قال النائب محمد الحجار، خصوصاً وأنّ "وزارة الطاقة اعترفت بنسبة هدر إجمالية قدرها 34% العام 2018، بينما تقديرات البنك الدولي تشير إلى نسبة 40%"، وفق ما لفت النائب هادي أبو الحسن سائلاً الوزارة عما حققته لجهة الالتزام بتوصية تعيين مجلس الإدارة والهيئة الناظمة خلال فترة ستة أشهر... وحتى عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب أنور الخليل لم تحُل تغطية كتلته السياسية للحكومة دون تشديده على كونها "في بيانها الوزاري مستمرة باعتماد سياسات خاطئة" في مقاربة ملف الكهرباء. ... وبالانتظار، تتجه الأنظار إلى ما ستخرج به أول جلسة لمجلس الوزراء بعد منح الحكومة الثقة ظهر الخميس المقبل، خصوصاً وأنّ الدعوة لانعقاد الجلسة في قصر بعبدا حدّدت جدول أعمال فضفاضاً من بند واحد يتمحور حول "بحث الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي" في البلاد.

الأزمة تُقفل محلّات في النبطية... والثوّار شاركوا باحتجاجات في بيروت

نداء الوطن....رمال جوني..... تحت عنوان "لا ثقة" شارك ثوار النبطية في التحركات الشعبية امام المجلس النيابي. شدّ الثوار رحالهم منذ ساعات الصباح الباكر، الى العاصمة بيروت. ابناء الفلاحين والكادحين والمناضلين، كلهم صعدوا في باص الثورة، بحثاً عن وطنهم التائه في دهاليز السياسة، تحدوا الصقيع وانطلقوا في رحلة رفض سياسة "التجويع" الممنهجة التي تتبعها السلطة بحق ابناء الوطن. يسعى الثوار الى سياسات اصلاحية، وقانون عادل، والى استغلال موارد البلد في الاتجاه الصحيح. يؤكد موسى ان "ساحات النبطية وكفررمان جزء لا يتجزّأ من ساحات لبنان، ومشاركتنا في تحركات اللاثقة واجب وطني، لاننا ندافع عن حقوقنا المهدورة، وعن حق كل مواطن بحياة كريمة. شاركت ايلدا الثوار متسلحة بالعلم اللبناني، هي نفسها التي خسرت عملها قبل شهر، وهي نفسها التي تدافع عن كل الفقراء، اذ تقول لـ"نداء الوطن": "نريد وطننا، لن نسمح بأن يحكمنا من سرقنا، آن أوان التغيير، والضغط الشعبي بات يرعبهم". حمل ثوار النبطية كما كفررمان، مخاوف المواطنين الى ساحة الشهداء، اكدوا جميعاً ان " الجوع هو الذي سيتحكم في الأيام القادمة، وان الفقر الذي وصل الى اكثر من 80 بالمئة في منطقة النبطية سيكون الصرخة المدوية في وجه السلطة الفاسدة. وفق يوسف فإن "الوضع الاقتصادي المتردي، والغلاء الفاحش في الاسعار، وانقطاع المازوت والغاز وربما بعد أزمة بنزين قريبا، ناهيك عن حجر المصارف على اموال صغار المودعين كلها ستدفع بالناس للشارع، الأمر يحتاج خضة ما، وليس هناك اخطر من صرخة الجائع". وتسجل افلاسات بالجملة، تشهدها دكاكين النبطية، نتيجة عجز أصحابها عن شراء البضائع. يواجه ابو محمد خطر فقدان مصدر رزقه، "الدكنجي" العتيق الذي يعتمد على دكانه الصغير في مواجهة ازمته الاقتصادية، بات عاجزاً عن شراء السلع، لم يتقاعد من دكانه، فهو مورده الوحيد له ولزوجته وابنته، يقول: "إن اقفلت الدكان كيف أعيش؟ لا احد ينظر للخطر المحدق بالعائلات الفقيرة، نعتمد على الدكان في قوت يومنا، حتى هذا القوت بات مهدداً، فلعبة الاسعار انهكتنا، كنت "مخبي" القرش الابيض، حتى هذا استهلكته، لشراء بضائع"، المشكلة برأيه بـ"جشع التجار، الكل يريد دولاراً، ونحن نبيع باللبناني، كيف نؤمن الدولار، هم يرموننا للهلاك، والدولة غائبة". مؤخرا، بدأ ابو محمد شراء بعض السلع السورية، متحايلاً على سوء الاحوال، عساها تمده بدعم ليصمد لشهرين مقبلين، يرى الامور "تتجه نحو الاسوأ، غالبية الناس فقدت السيولة، وبدأ ناقوس الفقر يدق، واكثر ما يخيفني انني لو مرضت كيف سأعالج، وانا الذي بالكاد انتج الـ10 آلاف باليوم. للاسف جوعونا وتركونا، صار لازم كل الناس تنتفض". وإرتفاع الاسعار لا يتوقف على المواد الإستهلاكية بل يشمل الغاز والمازوت والبنزين وكل القطاعات "اننا امام حلقة خطيرة جدا، انفجارها سيؤدي الى كارثة" وفق ما يؤكد محمد بائع الغاز ويشكو اصحاب المحطات "يمتنعون عن تسليمنا اكثر من عشر قنانٍ، وهي كمية غير كافية في هذا البرد"، ويشير الى "سياسة التقنين المتبعة من قبل محطات الغاز التي تفرض قانونها من دون اي رادع والمواطن المتضرر الوحيد من لعبة الكر والفر بيننا وبينهم".

لبنان: حكومة دياب انتزعتْ الثقة... تحت جنْح الظلام.. المتظاهرون حاصروا البرلمان... وسقوط 400 جريح

الراي.....الكاتب:بيروت - من وسام أبو حرفوش,بيروت - من ليندا عازار .... النواب وصلوا «تَسَلُّلاً» والنصاب الملتبس للجلسة أثار جدلاً... توازن سلبي في البرلمان بين معارضة غير جبْهوية وموالاة غير متماسكة

خَرَج الائتلافُ الحاكم في لبنان من جلسةِ الثقةِ بحكومةِ الرئيس حسان دياب في البرلمان أمس، مُثْخَناً بـ«ندوبٍ» تَرَكَها المسارُ الدستوري والسياسي والشعبي ليومٍ صاخِبٍ ملأه الشارع بتحركاتٍ غاضبة بعنوان «لا ثقة» لم تفرْملها ضراوةُ المواجهاتِ التي خاضتْها القوى الأمنية مع المحتجّين «على أسوار» مقرّ مجلس النواب الذي شهد مناقشاتٍ ومفارقاتٍ عكستْ ارتباك السلطة و«طراوة» الأرض التي تقف عليها «حكومة مواجهات التحديات». وقبل أن تفْرك الشمس عينيْها بعد ليلٍ من البرد القارس، ارتسمتْ مؤشراتُ «يوم ساخِنٍ» أعدّت له «ثورة 17 أكتوبر» بعنايةٍ في محاولةٍ لمنْع انعقاد جلسة الثقة أو محاصرة النواب داخل مقرّ البرلمان، وقابلتْه السلطة بخطّة أمنية لفرْض اكتمال النصاب الدستوري لحكومةٍ يفترض أن تكون انطلاقتها مدجّجة بكل «محركات الدفْع» في مهمّتها لإنقاذ البلاد من «أزمة القرن» السياسية - المالية - المصرفية - النقدية - الاقتصادية - المعيشية التي لم تعرف مثيلاً لها منذ مئة عام، هي عمر لبنان. ولم تخيّب وقائع «يوم الثقة» التوقعات، سواء في الشارع الذي شهد «ثلاثاء غضب» تخلّلتْه صِداماتٍ بين «أبناء الانتفاضة» والقوى الأمنية في محيط مجلس النواب أفضت إلى سقوط ما يناهز 400 جريح بينهم نحو 50 نُقلوا إلى المستشفيات والباقون عولجوا ميدانياً، أو تحت قبّة البرلمان الذي وصل إليه «ممثّلو الشعب» بما يشبه «التسلل» فجراً أو على دراجات نارية أو من ممرات آمنة استُحدثت للالتفاف على الحواجز البشرية للثوار أو من مكاتبهم التي باتوا ليلتهم فيها، وذلك لتأمين نصابٍ توافَر «على المنخار» (تتطلب الجلسة حضور النصف زائد واحداً أي 65 نائباً) وبعد «دخول شاقّ» لبعض النواب الذين وقعت سياراتهم في قبضة المحتجّين فتعرّضت لأضرار بفعْل رشْقها بالحجارة وصولاً إلى التعرض للنائب سليم سعادة. ومن قلْب دخان القنابل المسيّلة للدموع التي كانت تنْهمر على المُنْتَفِضين خارج «زنّار الاسمنت» الذي عَزَلَ البرلمان، وهو الدخان الذي «لَمَسه» النواب عند وصولهم وكأن «نار الغضب» تطرق أبواب البرلمان، خرجتْ «حكومة نصف لبنان» بعد نحو 7 ساعات من المناقشات التي جرى تكثيفها واختصارها لتنتهي في يوم واحد، بثقةٍ «مسلوقة» (63 نائباً فيما حجب 20 نائباً الثقة وامتنع نائب واحد عن التصويت) وتحت خطّ النصف زائد واحد من الأعضاء الذين يؤلفون البرلمان (128 نائباً)، في تطوّر اختزل دلالات كبيرة داخلية ذات انعكاسات خارجية. وسارعت أوساطٌ واسعة الاطلاع في بيروت، إلى اعتبار أن مشهدية الأمس وجّهت رسالة بالغة السلبية حيال الأرضية غير الصلبة التي تنطلق منها حكومةٌ تحتاج إلى كامل الزخم السياسي والشعبي وإلى ثقة «قياسية» لطمأنة المجتمعين العربي والدولي إلى وجود «شبكة أمان» داخلية ومظلّة دعْم حقيقية لكل الإجراءات المؤلمة التي يتعيّن أن تتخذها في إطار «الجراحة المالية» التي لا مفرّ منها للإفلات من الانهيار الكبير والتي لا بد أن يكون الخارج شريكاً فيها. وقالت الأوساط لـ«الراي»، إن نيل الحكومة أمس تحت جنح الظلام ثقة جاءت أقلّ من التي كُلف بها دياب (69 نائباً) ولم تصل إلى الأكثرية المطلقة (65 نائباً)، وإن كان ذلك لا يشكّل عيْباً دستورياً (الثقة تتطلب النصف زائد واحد من عدد الحاضرين)، إلا أن ذلك يعكس أمريْن: الأوّل أن حتى الائتلاف الحاكم الذي تشكّل ركيزته الأكثريتان الشيعية («حزب الله» ورئيس مجلس النواب نبيه بري) والمسيحية (فريق رئيس الجمهورية ميشال عون) لم ينجح بالحفاظ على منسوب الدعم نفسه للرئيس دياب الذي يعاني أساساً من عدم وجود غطاء سني كافٍ له، وهو ما يُعتبر «ضربة معنوية» له. والأمر الثاني، أن خروج الحكومة بثقةٍ «ضئيلة» أعاد إلى الأذهان تجربتيْن سابقتيْن فقط لم تنل فيهما حكومةٌ منذ 1992 رضى الغالبية المطلقة، وهما حكومة الرئيس عمر كرامي العام 2004 (نالت 59 صوتاً) وحكومة الرئيس نجيب ميقاتي في 2011 (63 صوتاً). وقد اعتبرتْ الأوساطُ واسعة الاطلاع، أن هاتين المحطتين رافقتا حكومتيْ «لون واحد» وأسّستا لمرحلةٍ انقسامية عمودية، ذلك أن الأولى كانت «حكومة التمديد» للرئيس إميل لحود وسبقتْ اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 فبراير 2005 وفتحت البلاد على فصل دموي - سياسي ما زالت تداعياته ماثلة حتى اليوم، في حين أن حكومة ميقاتي التي جاءت بعد الانقلاب على حكومة الرئيس سعد الحريري شقّت الطريق أمام بدء المسار الانحداري المالي - الاستثماري الذي بلغ أوجه اليوم، وذلك بعدما برزت معه أول «عين حمراء» عربية - خليجية على لبنان على خلفية مؤشرات توالت على خروج بيروت من الحضن العربي وعلى تغطية انغماس «حزب الله» العسكري في ساحاتٍ عربية. واستوقف الأوساط نفسها، أن هذه الإشارات الخطيرة لم تدفع السلطة إلى التروي بالتعاطي مع المحتجين، بل على العكس فهي مارست ما يشبه «الهروب إلى الأمام»، إلى مزيد من الإفراط باستخدام «الحزم» مع المحتجين في واحدة من أكثر الصدامات حدة منذ بدء الانتفاضة وتخللها اللجوء إلى الرصاص المطاطي والعصي والقنابل المسيلة للدموع وخراطيم المياه في سياق مواجهاتٍ نقالة في شوارع مؤدية إلى مقرّ البرلمان وفي ساحات كان الثوار باتوا ليلتهم فيها. ولم تحجب سخونة الأرض وبعض مشاهد الشغب الذي لم يوفّر أحد المصارف في وسط بيروت الذي بدا كأنه «ساحة حرب»، وقائع جلسة الثقة التي حرص بري على إنهائها في يوم واحد (عوض يومين) والتي كان شابَها إرباكٌ دستوري في بدايتها بعد «شُبهة» افتتاحها قبل أن يكتمل النصاب، وهو ما نفاه رئيس البرلمان الذي أعلن أنه افتتح الجلسة بحضور 67 نائباً، الأمر الذي خالَفه ضمناً كلام النائب وائل أبو فاعور (من كتلة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط) الذي أعلن أنه «عندما دخل أربعة نواب من اللقاء الديموقراطي الجلسة كانت بدأتْ، ومن ثم انا انضممتُ اليهم»، مضيفاً «ليس من واجبنا قول إن كان النصاب تأمّن وليس من مسؤوليتنا عدّ النواب. نحن شاركنا انطلاقاً مما كنا أعلناه سابقاً بالمشاركة وحجب الثقة». وإذ تمّ التعاطي مع كلام ابو فاعور على أنه دليل على «عدم دستورية الجلسة»، وسط اعتبار بعض الأوساط أن رئيس البرلمان ربما لجأ إلى قرع الجرس إيذاناً ببدء الجلسة لقطْع الطريق على محاذرة نواب «القوات اللبنانية» دخول القاعة قبل ان يتوافر النصاب كي لا يكونوا هم مَن أمّنوه ولا سيما في ظل تأخُّر نواب «المستقبل» (كتلة الحريري) في الحضور واقتصار المشاركة على خمسة منهم (عادوا والتحقوا بالجلسة)، لفتت الأوساط المطلعة إلى مسألتين رافقتا الجلسة على مقلبيْ السلطة والمعارضة. ولاحظت الأوساط ان «حزب الله» وبلسان رئيس كتلة نوابه محمد رعد، حرص على محاولة ردّ تهمة أن هذه «حكومة الحزب»، وذلك بكلامه على «ان هذه الحكومة لا تشبه فريقنا السياسي»، في موازاة تقديم رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل ما يشبه «الوصايا» للحكومة الجديدة في ما خص مقاربة الأزمة المالية، داعياً بعدما «صار الوضع افلاساً»، إلى «وقف سياسة تثبيت سعر الصرف بأي ثمن لأنها بكلفة عالية وبكذبة كبيرة، وقوننة الـCapital Control وانتظامه، وإعادة هيكلة الدين بحسب الأصول بعد التفاوض وبعد إنهاء درس ومسح شامل مع حماية المودعين الصغار». وعلى مقلب المعارضة التي أعلنتْ عن نفسها أمس وإن من خارج أي إطار جبْهوي، على لسان نواب «المستقبل» و«التقدمي الاشتراكي» و«القوات اللبنانية» الذين حجبوا الثقة، فقد لفت في موازاة التركيز على شكل الحكومة «المحاصصتي» وملفّ الكهرباء «المستنسخة» خطته من الحكومة السابقة، تصويب النائب محمد الحجار (من كتلة الحريري) على سلاح «حزب الله» بكلامه عن «أن البيان الوزاري لم يشر إلى ضرورة عقد طاولة حوار حول استراتيجية دفاعية تضع سلاح حزب الله تحت إمرة الدولة وقرارها». وأضاف: «وكلنا يعلم أن عدم بت هذا الموضوع يشكل نقطة سلبية في تعاطي المجتمع العربي والدولي مع الدولة اللبنانية، إلا إذا كانت حكومة العهد قررت خصخصة الدفاع عن الأرض والسيادة».

ضربة على رأس النائب سعادة

تعرّض النائب اللبناني سليم سعادة (من الحزب السوري القومي الاجتماعي) لضربة على رأسه استدعتْ نقله الى مستشفى الجامعة الأميركية وإخضاعه لعمليّة «تقطيب» عاد بعدها للمشاركة في الجلسة النيابية. وأعلن سعادة في بيان، أن «لا الفساد ولا بعض المخربين الملتصقين بالثورة سينالون من عزيمتي».

حضور أكثرية خجولة... وتبريرات بالجملة... جنبلاط: نحترم الأصول ولا نزايد لكسب أصوات شعبية

الشرق الاوسط....بيروت: كارولين عاكوم... عقدت جلسة البرلمان المخصصة لمناقشة البيان الوزاري لحكومة الرئيسحسان دياب، والتصويت على الثقة، بأكثرية خجولة تمثلت بحضور 68 نائباً، قبل أن ينضم إليهم نواب كتلتي «تيار المستقبل» و«حزب القوات»، فيما النصاب المطلوب دستورياً هو نصف عدد النواب، زائداً واحداً، أي 65 نائباً. وقبيل موعد الجلسة، الذي كان محدداً عند الساعة الحادية عشرة صباحاً، ظهر ارتباك في صفوف الكتل النيابية، لا سيما منها تلك التي كانت قد أعلنت مسبقاً أنها ستحضر الجلسة، إنما لن تمنح الحكومة الثقة، وهي «المستقبل» و«الجمهورية القوية» و«اللقاء الديمقراطي»، حيث كان واضحاً أن نوابها ينتظرون اكتمال النصاب قبل الدخول إلى قاعة الهيئة العامة، كي لا يكون وجودهم هو الذي ساهم في تأمين النصاب. وبعد نصف ساعة على موعد الجلسة المفترض، كانت مصادر عدّة قد أكدت أن عدد النواب لم يكن قد تجاوز الـ58 نائباً، ليعود بعدها رئيس البرلمان نبيه بري، ويعلن انطلاقها من دون تحديد عدد الحاضرين، وعند انتهاء رئيس الحكومة حسان دياب، من كلمته، عارضاً خلالها البيان الوزاري، أعلن بري أن «جلسة الثقة افتتحت بحضور 67 نائباً، والآن العدد هو 68»، ومعظم هؤلاء من كتل «حزب الله» و«حركة أمل» و«التيار الوطني الحر» و«المردة»، وحلفائهم. وتأكد لاحقاً أن دخول نواب «اللقاء الديمقراطي» إلى الجلسة أدى إلى تأمين النصاب، وهو ما لم ينفه رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط، ليدخل بعد ذلك نواب «تيار المستقبل» و«القوات اللبنانية» الذين كانوا قد أعلنوا أنهم لن يدخلوا القاعة قبل اكتمال النصاب. وانطلاقاً من هذا الجدل الذي أدى بالبعض إلى التشكيك في دستورية الجلسة، أكد وزير العدل السابق إبراهيم نجار، أنه لا يمكن القول بعدم دستوريتها. وأوضح لـ«الشرق الأوسط»: «عند اكتمال النصاب تأمنت شرعية الجلسة انطلاقاً من أن الوكالة اللاحقة كالوكالة السابقة، أي أن النصاب اللاحق كالنصاب السابق». وحول عدم ذكر بري عدد النواب الحاضرين عند انطلاق الجلسة، وإرجاء ذلك إلى حين انتهاء رئيس الحكومة من كلمته، قال نجار: «هناك مخالفات كبيرة، وأخرى ثانوية، لا تؤدي إلى إبطال الجلسة، وما قام به بري هو مخالفة ثانوية». من جهته، قال النائب في حزب «الكتائب اللبنانية» إلياس حنكش، الذي أعلن مقاطعته الجلسة، لـ«الشرق الأوسط»، «من الواضح، وباعتراف النائب وائل أبو فاعور (كتلة جنبلاط)، أنه لم يكن هناك نصاب عند بدء الجلسة»، منتقداً الكتل النيابية التي شاركت في الجلسة، معلنة معارضتها للحكومة، وقال «كان يفترض بالنواب عدم الحضور احتراماً لصرخة الشارع. هذه الحكومة وإن حصلت على الثقة هي فاقدة لشرعية الشعب، وهي التي ينتمي وزراؤها للأحزاب بعدما كانت الوعود بتعيين وزراء مستقلين، ثم تبنت موازنة لحكومة سقطت في الشارع، وها هي اليوم تواجه الناس في الشارع». ويلفت حنكش إلى أن «الكتائب» اتخذ قرار المقاطعة انسجاماً مع قناعاته، التي تلتقي مع مطالب الناس، وسأل: «كيف يمكن للقوى الأمنية أن تحمي النائب من الناس، وهو الذي يفترض أنه يمثلهم»، معتبراً أن السلطة تراهن على تعب الناس الذين حققوا الكثير منذ 17 أكتوبر (تشرين الأول) لغاية الآن، مؤكداً: «التغيير بدأ ولن يتوقف». وتعليقاً منه على مشاركة نواب «اللقاء الديمقراطي» في الجلسة، قال جنبلاط في حديث لقناة «العربية»، «نحن نحترم الأصول البرلمانية، ونزلنا إلى المجلس النيابي، وربما اكتمل النصاب بوجودنا، لكننا لسنا كغيرنا من الكتل المعارضة نزايد حول اكتمال النصاب، كي نكسب أصواتاً شعبية، بل نحن نحترم الأصول، وخارج المزيدات لبعض المعارضين». وكتب جنبلاط عبر «تويتر»: «‏لقد تأمن النصاب وفق الأصول الدستورية، بغض النظر عن المزايدات من قبل بعض الأطراف، و(اللقاء الديمقراطي) له سياسته الواضحة، وليس أسير تحالفات ثلاثية أو ثنائية»، مضيفاً: «أما حضور الجلسة فهو وفق الأصول البرلمانية، ولن نعطي الثقة لبيان وزاري فارغ». من جهته، أوضح النائب وائل أبو فاعور: «عندما دخل أربعة نواب من (اللقاء الديمقراطي) إلى الجلسة، هم بلال عبد الله، وهادي أبو الحسن، وفيصل الصايغ، وأكرم شهيب، كانت الجلسة قد بدأت، ومن ثم أنا انضممت إليهم». ولفت في تصريح إلى «أن ليس من واجبنا أن نقول إن كان النصاب قد تأمّن، وليس من مسؤوليتنا عدّ النواب. نحن شاركنا انطلاقاً مما كنا قد أعلناه سابقاً بالمشاركة وحجب الثقة». وأضاف: «نواب (القوات) و(المستقبل) أعلنوا في الأمس أنهم سيشاركون، ويصوتون ضد الحكومة. لم نكن نعلم بالقرار الذي اتخذوه اليوم، ولم يتم التنسيق معنا بهذا الموضوع. لو حصل التنسيق، لكان من الممكن أن يتم النقاش حول جدوى هذا الأمر». وأضاف: «أقول لهم: من دون ادعاء بطولات فارغة، ها هم موجودون في الجلسة. نحن لم نرتكب معصية كبرى، نحن لم نؤمن النصاب، نحن دخلنا وكانت الجلسة قد بدأت». وحول مشاركة «المستقبل» في الجلسة، قالت النائبة في «المستقبل» ديما جمالي، في حديث تلفزيوني، «لم نكن مقتنعين بالجلسة قبل اكتمال النصاب، ولكن بعدما تأمّن النصاب أصبح حضورنا الجلسة ضرورياً لكي نستطيع أن نعبر عن صوتنا من داخل المجلس وفق المعايير الدستورية». كذلك، أكد نواب «حزب القوات»، قبيل الجلسة، أنهم لن يساهموا في تأمين النصاب، وهم حضروا إلى البرلمان، وانتظروا في مكاتبهم حتى انطلاق الجلسة. وقال النائب في «القوات» فادي سعد، «توجهنا اليوم إلى مجلس النواب بهدف إيصال الصوت، وتسجيل موقفنا من الحكومة، وحجب الثقة عنها. نحن بانتظار اكتمال النصاب للدخول والقيام بدورنا كممثلين للشعب، وإلا لن نكون أداة تأمين النصاب». من جهتها، قالت النائبة ستريدا جعجع، عبر «تويتر»، «مجتمعون في إحدى قاعات المجلس، ولن ندخل الجلسة قبل تأمين النصاب، لأننا لسنا نحن من نؤمن النصاب، وهذا انسجاماً مع قناعاتنا»، كذلك قال النائب جورج عدوان: «كتلة (الجمهورية القوية) مجتمعة في مكاتب مجلس النواب ولن يدخلوا إلى القاعة إلا إذا تأمّن النصاب».

حدة الأزمة تشتد... وبنوك لبنان في حاجة للإنقاذ

بيروت: «الشرق الأوسط أونلاين»... لم تبلغ الأزمة أسوأ مراحلها بالنسبة للبنوك اللبنانية حتى الآن، فقد كان الأسلوب القديم في إدارة الاقتصاد، متمثلاً في جذب الأموال من خلال استثمارات اللبنانيين في المهجر، أساس قيام سادس أكبر نظام مصرفي في العالم من حيث حجم الأصول نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي؛ إذ تضخمت الودائع لتبلغ نحو 280 في المائة من الناتج الاقتصادي السنوي. غير أنه في ضوء توقف الأموال من الخارج الآن وعجز الحكومة عن تمويل العجز في الميزانية أصبحت البنوك محط الانتقاد في وقت يعاني فيه لبنان أسوأ أزمة مالية يشهدها منذ الحرب الأهلية عام 1990. نضبت الودائع وأصبحت البنوك في حاجة عاجلة لتدعيم قوائمها المالية، وتتراوح تقديرات المبلغ الذي يحتاج إليه القطاع لزيادة رؤوس الأموال بين 15 مليار و25 مليار دولار، كما أن أكبر هذين التقديرين قائم على افتراض التخلي عن بعض ما بحوزة البنوك من الديون السيادية. وقال جان رياشي رئيس بنك «إف إف إيه برايفت» اللبناني: «إذا كنا نريد خدمة الاقتصاد فنحن بحاجة لقطاع مصرفي قوي»، وأضاف أن وجود نظام مصرفي ضعيف سيعني ضياع عشر سنوات على البلاد، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء. ولم تحقق مساعي البنوك لزيادة رأسمالها نجاحاً حتى الآن، فقد حاولت زيادة رأسمالها من النسق الأول بنسبة 20 في المائة بنهاية يونيو (حزيران)، أو ما يعادل نحو أربعة مليارات دولار، من خلال ضخ أموال سائلة وفق متطلبات المصرف المركزي، ووافقت بضعة بنوك على تدبير جزء من هذا المبلغ من المساهمين الحاليين. وقال جاب ميجر المحلل لدى «أرقام كابيتال» إنه كان من المستبعد نجاح زيادة رأس المال لأن هذه الخطوة كانت ستقلل من قيمة مراكز المساهمين بأكثر من مائة في المائة إذ إن تقييمات البنوك أقل بنسبة 80 في المائة من القيمة الدفترية. وفي ضوء خطة إنقاذ حكومية هدفها انتشال البلاد من الأزمة من المتوقع أن يوافق عليها مجلس النواب هذا الأسبوع، أصبحت البنوك مُطالبة ببيع استثماراتها في الخارج للمساعدة في تدعيم أوضاعها المالية. ويُجري بنك «عودة» محادثات مع بنك أبوظبي الأول لبيع وحدته المصرية. ويتمثل أحد مصادر القلق الحالية لدى البنوك في كيفية تصرف الحكومة إزاء إصدار لسندات دولية بقيمة 1.2 مليار دولار يحين موعد استحقاقه في مارس (آذار). وبعد سنوات من تحويل جانب كبير من الودائع إلى الحكومة بدلاً من إقراض القطاع الخاص أصبح نحو 70 في المائة من أصول البنوك مربوطاً بأدوات دين على الدولة. وفي ضوء انكشافها على الحكومة والبنك المركزي بأضعاف رأس المال المتاح فمن الممكن أن يلحق عجز محتمل عن السداد ضرراً بالغاً بالبنوك. وقالت مصادر في وقت سابق لـ«رويترز» إن الحكومة تميل لسداد حائزي السندات الأجانب واستبدال دين جديد بما في حوزة البنوك المحلية. وتملك البنوك المحلية أكثر من نصف هذا الدين. وقال جاب ميجر المحلل لدى «أرقام كابيتال» إن أي إنقاذ للبنوك يتوقف في النهاية على حجم الدين الحكومي الذي يتعين إعادة هيكلته، مضيفاً أنه لا يستبعد عملية إنقاذ يتعين فيها على الدائنين وحائزي الودائع بالعملة المحلية والعملات الأجنبية قبول بعض الخسائر. وأضاف: «قد ينتهي بنا الحال إلى تأميم كامل لقطاع كبير من النظام المصرفي اللبناني». وقبل تفجر الأزمة كانت حصص المساهمين في البنوك، التي تعتبر منذ فترة طويلة أساس القوة المالية، تبلغ نحو 25 مليار دولار وتمتعت تلك البنوك بمستويات ملاءة مالية (أي القدرة على سداد الالتزامات عند استحقاقها) تزيد بقدر مريح على المعايير الدولية. غير أن مصرفيين قالا إن مراكزها المالية تآكلت مع اشتداد حدة الأزمة وفقدت البنوك عشرة مليارات دولار من الودائع بين أغسطس (آب) وديسمبر (كانون الأول). وانخفض المتاح للبنوك من النقد الأجنبي لدى البنوك المراسلة ليقل عن مستواه في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) والذي بلغ ثمانية مليارات دولار. وفي مسعى للحفاظ على السيولة فرضت البنوك قيوداً على السحب النقدي والتحويلات للخارج، وهو ما تسبب في اعتداءات غاضبة على أجهزة الصرف الآلي التابعة لها وفروعها، بل إن زبوناً غاضباً استخدم رافعة تابعة لشركته وشاحنتين في سد مدخلها. وإحدى الخطوات التي قد تساعد في تخفيف بعض الضغوط على البنوك هي إلغاء جزء من الودائع؛ وذلك رغم أن المصرف المركزي استبعد اتخاذ أي خطوة من هذا النوع. ومع طول أمد الأزمة اللبنانية أصبحت البنوك تواجه النبذ على نحو متزايد في النظام المالي العالمي. وقال رئيس سابق لوحدة الخزانة بواحد من أكبر بنوك لبنان «نحن قرب الصفر من حيث الدولارات لدى بنوك المراسلة (شبكة البنوك الأجنبية التي يستخدمها البنك المحلي لتقديم خدمات تحويل الأموال) في الخارج وهو ما تحتاج إليه لتغطية سحوبات العملاء بالدولار في لبنان وللسماح بالسداد العاجل للتحويلات للخارج». وهو يقدر أن السيولة الدولارية لدى البنوك في الخارج انخفضت من نحو خمسة في المائة من مركزها المالي الإجمالي في أكتوبر (تشرين الأول) إلى ثلاثة في المائة. وقال مصرفي دولي إن مؤسسته تخفض مستوى علاقات المراسلة المصرفية الحالية مع البنوك اللبنانية ولا تزيد انكشافها على لبنان لحين تحقيق تقدم ملموس في معالجة الأزمة. وقال جان رياشي رئيس بنك «إف إف إيه برايفت» اللبناني مشيراً إلى تخفيض وكالات التصنيف الائتماني تصنيفها لعدة بنوك «البنوك عندها مشاكل في فتح خطابات اعتماد وعليها أن تقدم ضماناً نقدياً لتحقيق ذلك بسبب تخفيض التصنيفات الائتمانية». ويشهد لبنان حراكاً شعبياً بدأ في 17 أكتوبر ضد الطبقة السياسية الحاكمة التي يتهمها بالفساد، ولا يزال مستمراً حتى اليوم.

شجار بين سجين وأخيه يؤدي لمقتل عسكريين وفرار 24 موقوفا بلبنان..

المصدر: دبي – العربية.نت.. قُتل عسكريان، أحدهما ضابط، اليوم الثلاثاء، في شجار وقع خلال زيارة المشتبه به لشقيقه الموقوف في مخفر شرطة قرب بيروت. وأكدت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية مقتل "نقيب وعسكري بعدما اقتحم أحد الأشخاص مخفر الأوزاعي وأطلق النار على آمر الفصيلة وبعض العسكريين، لإطلاق بعض الموقوفين". من جهته، أوضح مصدر أمني لوكالة "فرانس برس" أن أحد الأشخاص وخلال زيارته ووالدته لشقيقه الموقوف، حصل تلاسن وإشكال بين الشقيقين، ما تطلب تدخل عناصر الأمن في المخفر في منطقة الأوزاعي، جنوب بيروت. واحتجاجاً على كتابة محضر باسمه، "عمد الشقيق الزائر إلى سحب مسدس الضابط المسؤول وأطلق النار عليه وعلى عسكريين آخرين، ما أسفر عن مقتل الضابط وعنصر آخر في قوى الأمن الداخلي قبل أن ينتحر"، حسب المصدر. وسارع الشقيق الموقوف بعد الحادثة إلى الفرار مع 24 موقوفاً آخرين في المخفر. وتم القبض لاحقاً على خمسة منهم.



السابق

أخبار وتقارير...الصين: ارتفاع حصيلة وفيات كورونا إلى 1016....نتنياهو: طهران فشلت في إطلاق قمر كما فشلت بنقل أسلحة لسورية ولبنان... واشنطن تتهم 4 عسكريين صينين بأكبر اختراق لبيانات الأمريكيين...ترامب يطلب 20 مليار دولار لتطوير برامج منظومات صاروخية أمريكية...البيت الأبيض يقترح تخصيص 700 مليون دولار لـ "مواجهة روسيا"..

التالي

أخبار العراق......«حزب الله» يوجه الجماعات المسلحة العراقية منذ مقتل سليماني......الصدر يهدد بالتبرؤ من علاوي... ويحل «القبعات الزرق»... العامري يتوسط لمصالحته مع المالكي....لماذا "خلع" الصدر قبعاته الزرقاء؟...الفياض يندد باغتيال المهندس وسليماني في أربعينيتهما.. رئيس هيئة الحشد الشعبي تجنب الإشارة إلى أميركا...مشاورات اللحظة الأخيرة قبيل تحديد مصير الحكومة العراقية الجديدة.... الأمن يعيد فتح جسر السنك وسط بغداد....إغتيال مسؤول بقناة فضائية عراقية في بغداد...

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,666,525

عدد الزوار: 6,907,614

المتواجدون الآن: 97