لبنان.....أحلام الرئاسة «تفرطع» عدّة شغل العهد: عون وباسيل vs طموح المال والعسكر.....اللواء.....مكوِّنات الحكومة تغرق في الأوراق.. والتصويب على الرواتب!....الجمهورية....إجتماعات وتصريحات... ولا إصلاحات... ومخاوف من الغلاء...عون يفرْمل التوتر مع الحريري: التفاهم بيننا أقوى من أن تزعزعه الإشاعات....لبنان يقف أمام «تسوية عرجاء» وتعويمها ينقذ الحكم والحكومة..«الاشتراكي» يعد ورقة إصلاحات لتجنب انهيار الاقتصاد اللبناني...تحذيرات من استغلال تسهيلات الدولار للالتفاف على عقوبات سوريا وإيران...

تاريخ الإضافة الخميس 3 تشرين الأول 2019 - 6:14 ص    عدد الزيارات 2344    التعليقات 0    القسم محلية

        


أحلام الرئاسة «تفرطع» عدّة شغل العهد: عون وباسيل vs طموح المال والعسكر...

الاخبار....هيام القصيفي ...

كلما زاد الدفاع عن سلامة وتحميل العهد مسؤولية التدهور النقدي زادت ريبة عون وباسيل من الحاكم ...

لافتة هي علاقة العهد بحاكم مصرف لبنان والجيش. ففي حين يظهر العهد محكوما بعلاقة مثلثة لا تنقطع، يتحول اي حدث مناسبة ليصبح الحاكم او الجيش في دائرة التساؤلات والتشكيك....

مع بداية عهد الرئيس ميشال عون، كان واضحاً، له ولفريقه، انه باتت لديه القدرة على ان يحكم بذراع عسكرية، اي الجيش، واقتصادية مع تثبيت علاقته بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، فضلا عن اتكائه في شكل فريد على التيار الوطني الحر والوزير جبران باسيل. بعد ثلاث سنوات على عمر العهد، ثمة تحوّلات كثيرة جرت على خط العلاقة بين عون والطرفين الاقتصادي والعسكري، وأصبح باسيل الرجل الأقوى والأكثر حضوراً ونفوذاً الى جانب رئيس الجمهورية، في مقابل انفراط عقد حلقة المستشارين والوزراء وتغيرهم، وتبدل العلاقة بين القصر - واستطراداً التيار الوطني الحر - مع الطرفين المذكورين. فهل احلام رئاسة الجمهورية، وحدها، هي التي غيرت النظرة الى من كان يعتبرهم عون من عدة الشغل الضرورية؟.... في أيار 2017، لم يكن عون قد اكمل ثمانية اشهر في قصر بعبدا حين رفع وزير المال علي حسن خليل، طلب التجديد لحاكم مصرف لبنان للمرة الرابعة بعد 1999 و2005 و2011. كان رئيس تكتل الاصلاح والتغيير أكثر من عبّر عن رفضه لسياسات التجديد المستمرة للحاكم وقادة الجيش ومجلس النواب. لكن عون، في قصر بعبدا، بدّل موقفه، وجدّد للحاكم تحت وطأة التسوية التي فرضت ايقاعاً، اضطر معه، في بداية عهده وتشكيل حكومة الرئيس سعد الحريري الاولى، الى التزام يلتزم بنودها قبل ان يثبت مع باسيل موقعهما ، ويعيدا النظر في تفاصيلها الصغيرة وتغير شروطها. واذا كان لم يتبق من تلك التسوية سوى الحريري الذي بات موقعه فيها موازياً، بأهميته، لمصير مستقبله السياسي والاقتصادي، ويحتاج اليها اكثر من حاجة عون له، فان عناصر التركيبة الامنية والاقتصادية لم تعد ترضي عون وباسيل. في المرحلة الأولى من التسوية، لم يتعامل عون مع الحاكم بصفته من تركة العهود الماضية، بل استفاد منه كونه يشكل ضمانة ازاء الدوائر المالية الغربية والاميركية التي يتفاعل معها ولا تكنّ وداً لرئيس الجمهورية، لا سيما مع بروز ملف العقوبات، وقدرة الحاكم على ايجاد مخارج بالتنسيق مع فارضي العقوبات. وهذا امر كان يسمح للحكم بأن يرتاح داخليا. في موازاة ذلك، تم غضّ النظر عن اداء سلامة، بسبب تسويات هندسات مالية لمصلحة ما اصبح يعرف بـ«مصرف العهد»، سيدروس بنك، وتفاصيل اخرى لم تظهر كثيرا الى العلن. لم تكن التفاعلات النقدية التي جرت اخيرا، هي وحدها ما اثار هواجس عون وباسيل معاً من اداء حاكم مصرف لبنان. إذ أن موقفهما منه مزمن، لكنه - كما في الموقف من رئيس مجلس ادارة طيران الشرق الاوسط محمد الحوت - بات مغلفاً بالحاجة اكثر منه بالرضى عن الاداء. والمفارقة انه كلما زادت حملة الدفاع عن سلامة مع تحميل العهد مسؤولية التدهور النقدي، من اطراف لا يكن لها عون وباسيل ودا، زادت الريبة لدى كليهما من الحاكم. ورغم ان اقتصاديين وخبراء ماليين ابدوا منذ اكثر من سنتين ملاحظات مزمنة على اداء سلامة، ومنهم من فريق باسيل نفسه، الا ان ذلك ظل ضمن اطر محكومة بحاجة الفريقين الى بعضهما بعضاً. وهذا يبدو احيانا كساحة عرض وطلب بينهما، ترتفع حدّته يوماً وتنخفض يوما آخر، وان انعكس سلبا على مسار الوضع الاقتصادي والمعيشي العام. في المقابل، وعلى وقع محاولة العهد صياغة تركيبة امنية، جاء تعيين جوزف عون قائدا للجيش ومعه مدير المخابرات العميد طوني منصور. وفق ذلك، بدا المشهد الامني متناغماً، لا سيما في ظل العلاقة بين عون والمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم. ورغم ان باسيل لم يكن راضيا على اختيار رئيس الجمهورية، الا انه بقي على مسافة منهما ومن تعيينهما، لا سيما انه مدرك تماما ان اي ضابط ماروني يصل الى اليرزة يتحول منذ اللحظة الاولى الى مرشح رئاسي، وهو كان يرغب باختيار ضابط موال له، كما اختار نوابه ووزراءه. لكن، في الاونة الاخيرة، بدأت تظهر تدريجا اعتراضات لدى عون وباسيل على التركيبة العسكرية وليس على الاداء الامني، تطورت الى الحديث عن طرح تغيير المسؤولين، الى ان ظهرت معارضات داخلية وخارجية لهذا التغيير. اضيفت الى ذلك سلسلة ملاحظات لباسيل، لاقت اصداء ايجابية لدى رئيس الجمهورية، ورغبات بحضور باسيلي اقوى في الجهاز العسكري.

اي منازلة بين باسيل مرشحا وقائد الجيش، ستضع الفريق العوني في خانة لا يُحسد عليها

لم يؤثر وجود وزير دفاع محسوب على باسيل وحزبه في تخفيف توجهات رئيس التيار ، بل ان العلاقة غير السوية بين فرعي اليرزة، السياسي والعسكري، ساهمت اكثر في تعميق رغبة باسيل في فرض ايقاعه لصالح طلبات محددة لم تترجم عمليا بعد، علما ان بعض الضباط الطموحين بدأوا يولون باسيل الثقة. ناهيك عن السبب الاساسي المتعلق بالعلاقة التي باتت تربط قائد الجيش بواشنطن واستقبالها له اكثر من مرة، في مقابل الامتناع عن استقبال وزير الخارجية. تبعا لذلك، تضيع احيانا كثيرة بوصلة العونيين والموالين للعهد، في انحيازهما الى الجيش او باسيل، حين يصبح الاختيار محكا اساسيا. لان التيار بنى شعبيته على قاعدة الجيش. لكن حادثة قبرشمون، مثلا، جعلت بعض سهام التشكيك العونية تصيب اداء الجيش. واي منازلة بين باسيل مرشحا وقائد الجيش، ستضع الفريق العوني في خانة لا يُحسد عليها. بذلك، تبدو لافتة علاقة العهد بركنين اساسيين في التركيبة القائمة (المارونية) وهو امر لم تشهده عهود سابقة، لأن مثلث رئيس الجمهورية كان قائما على التنسيق والتفاعل بين الاركان الثلاثة. قد يكون السبب الوحيد، والابرز، ان هذه العلاقة الثلاثية محكومة بلاعب رابع اساسي هو وزير الخارجية، تحت سقف انتخابات رئاسة الجمهورية، لان الثلاثة دخلوا الترشيح الرئاسي من بابه العريض. وباسيل، رغم ملاحظاته، وتغطية رئيس الجمهورية المطلقة له، غير قادر على فرض ايقاع التغيير لدى الموقعين، وابعادهما عن طريق الرئاسة. فولاية الحاكم لا تزال في منتصفها، وهو وقائد الجيش (وان كان لا ولاية محددة له)، لا يمكن استبدالهما الا بموافقة القوى السياسية قاطبة، والاهم موافقة واشنطن. وهي قطعا تنحاز اليهما من دون باسيل. وهذا ما يجعل العلاقة الثلاثية حاليا من باب الضرروة، لا اكثر ولا اقل.

اللواء.....مكوِّنات الحكومة تغرق في الأوراق.. والتصويب على الرواتب!...

الهيئات تنتفض على الضرائب واليد العاملة الأجنبية.. وبعبدا تنأى بنفسها عن خلاف البرتقالي والأزرق..

غداً الجمعة تعود اللجنة الوزارية المكلفة دراسة الإصلاحات المالية والاقتصادية إلى الاجتماع، بعد جلسة مجلس الوزراء العادية اليوم، في محاولة للاتفاق على مضمون الإصلاحات الواجب اتخاذها على المديين القصير والبعيد، وسط تركيز على المضي في تهميش رواتب موظفي الدولة، والبحث عن إمكان فرض ضرائب جديدة، سارعت الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام والمجلس الاقتصادي والاجتماعي لرفض أية زيادة على الضرائب، بهدف زيادة مداخيل الخزينة، واعتبارها ليست الحل، بل باتت إحدى أبرز مسببات تفاقم الأوضاع الاقتصادية والمالية، مطالبة بتحجيم القطاع العام وهيكلة نفقات قطاع الكهرباء، ووقف التهرب الضريبي.

ملاحظات عون

وعلى الرغم من ان جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد قبل ظهر اليوم في بعبدا، غير مخصصة للموازنة، الا ان مصادر مقربة من رئيس الجمهورية ميشال عون، توقعت ان يتطرق في افتتاحية الجلسة إلى موضوع الموازنة، وإلى التطورات التي جرت في الأيام الماضية، وتتصل بجوانب كثيرة منها بالأزمة المالية، وبالمضاربات التي حصلت في السوق الموازية وتحركات الشارع. وقالت انه ستكون للرئيس عون ملاحظات بشأن ما جرى، وان ما سيقوله سيكون منسجماً مع ما صدر عنه في اليومين الماضيين، سواء من خلال مواقفه المباشرة أو غير المباشرة. ولفتت إلى انه من ضمن الملاحظات اعتقاده بأن الحكومة كانت في حالة غياب عن الوعي، خلال الفترة التي حصلت فيها التطورات المتصلة بتقلبات سعر الدولار وصولاً إلى يوم الإضراب والتحرك في الشارع، وانه كان يجب ان تأخذ زمام المبادرة لمعالجة تردي الوضع النقدي ومصارحة الرأي العام بحقيقة ما حصل من تقلبات في الأسواق المالية. وبحسب المقربين، فإن هذه الملاحظة لا تعني سحب ثقة من الحكومة، ولا أن هناك اشكالاً ما في العلاقة بين الرئيسين عون وسعد الحريري، الذي سيغادر الاثنين إلى أبو ظبي للمشاركة في مؤتمر للاسثتمارات لا بل ان رئيس الجمهورية يُشدّد على تفعيل عمل الحكومة وانه ما يزال متمسكاً بها، وان العلاقة بين الرئيسين تحكمها المودة والأنظمة المرعية والدستور، وان لا علاقة للرئيس عون بما يجري من تأزيم في العلاقة بين تيّار «المستقبل» و«التيار الوطني الحر» على خلفية الحملة التي يقودها عضو تكتل «لبنان القوي» النائب زياد أسود على منجزات الرئيس الشهيد رفيق الحريري والرئيس الحريري، من دون ان يُبادر التيار العوني ولا رئيسه الوزير جبران باسيل إلى وقف هذه الحملة أو كشف اغراضها، علماً ان النائب أسود واصل أمس هجومه على الحريرية السياسية، من خلال الرد على عضو كتلة «المستقبل» النائب هادي حبيش، ما دفع نائباً الكتلة حبيش وديمة جمالي وعضو المكتب السياسي لتيار المستقبل النائب السابق مصطفى علوش الذي كشف ان إلغاء اللقاء الذي كان مقرراً بين الوزير باسيل وكوادر «المستقبل» في الأمانة العامة، كان بسبب تغريدة النائب أسود، مشيراً إلى انه طالما ان التيار لم يتبرأ من تغريدة أسود فإن ذلك يعتبر تبنياً لها، لافتاً إلى ان زيارة باسيل للأمانة العامة تحتاج إلى تمهيد قبل اجرائها. من ناحية ثانية، تداول ناشطون يفترض انهم من «التيار الحر» على مواقع التواصل الاجتماعي صور دعوا من خلالها إلى النزول إلى الشارع يوم الأحد المقبل والتظاهر في ساحة الشهداء دعماً للعهد وللرئيس عون، في ما يشبه الرد على تظاهرات الأحد الماضي، قابلتها دعوات من ناشطين في المجتمع المدني للنزول إلى الشارع في نفس المكان والزمان، في وقت أوضحت فيه مصادر قريبة من بعبدا، بأن إعادة المكتب الإعلامي في رئاسة الجمهورية التذكير بمواد قانون العقوبات في ما يتصل بالجرائم المالية، لا يقصد منه لا التهديد ولا الوعيد، ولا كم الأفواه، بل هو فقط نوع من الضوابط التي يجب ان تكون معروفة لدى النّاس، انطلاقاً من الحرص على سلامة النقد الوطني. وذكرت معلومات ان الرئيس عون تابع أمس التطورات النقدية في البلاد، في ضوء الإجراءات التي اخذها مصرف لبنان في تعميمه، وتلقى تقارير من المراجع المعنية تفيد ان وضع الأسواق المالية مستقرة، وان الدولار حافظ على سعر يتداوله الصرافون بحدود 1530 ليرة للدولار الواحد، لكنه لم يصل بعد إلى السعر الرسمي الذي يحدده البنك المركزي.

الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي

وسط هذه الأجواء، انعقد في مقر غرفة بيروت وجبل لبنان، اجتماع عمل بين الهيئات الاقتصادية اللبنانية، برئاسة الوزير محمّد شقير وهيئة مكتب الاتحاد العمالي العام برئاسة رئيس الاتحاد بالانابة حسين فقيه، خرج ببيان مشترك تلاه أمين عام الهيئات الاقتصادية نقولا الشماس شدّد فيه على التضامن الوطني للدفاع عن الاقتصاد والمؤسسات والعمال، مشيراً إلى ان قوى الإنتاج ما تزال تمتلك الكثير من المقدرات والمقومات التي بامكانها إعادة البلد إلى طريق التعافي والنهوض. ورأت قوى الإنتاج في بيان، ان سلّة الاقتراحات لعلاج الأزمة يجب ان تتضمن اجراءات تعنى بشكل أساسي بتحسين ظروف المؤسسات التي تبقى صمام الأمان للاقتصاد الوطني ومالية الدولة وديمومة عمل العمال. وقالت: ان زيادة الاعباء الضريبية بهدف زيادة مداخيل الخزينة ليست الحل، إنما باتت في الوقت الراهن إحدى أبرز مسببات تفاقم الاوضاع الاقتصادية والمالية»، ودعت السلطة الى أن تحزم أمرها وأن تباشر فورا باتخاذ اجراءات اصلاحية جذرية، يأتي في طليعتها خفض حجم القطاع العام وإعادة هيكلة نفقاته وإصلاح قطاع الكهرباء، وأيضا الضرب بيد من حديد لوقف التهريب والتهرب الضريبي والاقتصاد غير الشرعي والفساد». وفي السياق المالي أيضاً، قال مصدر مطلع لرويترز ان «لبنان يختار بلوم وستاندرد تشارترد وسيتي بنك وإس.جي.بي.إل لإدارة إصدار سندات دولية جديدة في حدود ملياري دولار رغم أن التفويض ما زال قيد النقاش».

لقاء الأربعاء

إلى ذلك، أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري ان «رئاسة المجلس النيابي مؤتمنة على السيادة النظامية والتشريعية والرقابية للمجلس النيابي»، معتبرا ان «الطريق معروفة ومفتوحة امام المعالجة الحقيقية لإنقاذ البلد، خصوصا ان هناك إجماعا حصل في لقاء بعبدا وتم الإتفاق بالإجماع على 22 بندا من أصل 49 بندا»، متسائلا امام النواب خلال لقاء الأربعاء في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة «على ماذا الإختلاف ولماذا معاودة البحث من جديد في الإصلاحات الإقتصادية»، مطالبا مجددا «بضرورة تفعيل هيئة الطوارئ الإقتصادية من اجل بت هذا الموضوع»، منوها «بالشق المتعلق بمناقشة الموازنة والتي على ما يبدو انها لا تحتاج لأكثر من نصف جلسة كما اوضح وزير المالية». وأبلغ بري النواب انه سيدعو الى «جلسة في الخامس عشر من الشهر الجاري لإنتخاب أميني المجلس النيابي طبقا لأحكام الدستور إضافة الى الجلسة التي سبق ودعا إليها في السابع عشر من تشرين الأول لتفسير المادة 95 من الدستور». وتطرق بري الى «مضمون المادة 103 من النظام الداخلي لمجلس النواب والتي تتعلق بحق رئيس الحكومة بإسترداد أي مشروع قانون وهو ما درجت عليه العادة خاصة بعد إتفاق الطائف»، مستندا الى حالات حصلت في هذا الإطار.

لجنة الإصلاحات

وفيما ينتظر ان تتأخر جلسة مجلس الوزراء المخصصة لاستكمال درس موازنة العام 2020 إلى ما بعد عودة الرئيس الحريري من أبو ظبي الثلاثاء، عاودت اللجنة الوزارية لدرس البنود الإصلاحية في الموازنة اجتماعاتها برئاسة الرئيس الحريري في السراي، وتركز البحث في خلال الاجتماع على أوراق العمل التي قدمتها القوى السياسية وإمكانية التوصّل إلى توافق على بنود مشتركة تمّ فيها الاتفاق على مشروع قانون الإجراءات الجمركية الذي قدمه وزير المال علي حسن خليل، والذي من شأنه ان يضبط عمليات التهريب وزيادة الواردات المالية للخزينة، وهو كان مطلباً من مطالب الدول المانحة في مؤتمر «سيدر». علمت «اللواء» انه تم ايضاً عرض موضوع كلفة الكهرباء والاصلاحات الواجبة في القطاع، وبعض الاجراءات المالية والادارية التي من شأنها تخفيف الاعباء على الخزينة. وتم الاتفاق على عقد جلسة اخرى للجنة عندالسابعة من مساء اليوم وجلسة اخرى بعد ظهر غد الجمعة. وذكرت بعض المعلومات ان ممثّل «التيار الوطني الحر» طلب اضافة بعض البنود الواردة في ورقة التيار والتي تتضمن بعض الضرائب والرسوم، وجرى نقاش مطوّل في ورقة التيار، لكن اغلب القوى السياسية رفضت بشكل مطلق زيادة اي ضريبة او رسوم (امل وحزب الله والحزب الاشتراكي والقوات اللبنانية والمردة). واكدت مصار المعلومات ان بعض البنود التي يُتفق عليها ستدخل ضمن مشروع الموازنة والبعض الاخر سيحال الى المجلس النيابي بصفة مشاريع قوانين. ونقلت قناة «ان ابي ان» عن وزير المال علي حسن خليل قوله قبل اجتماع اللجنة الوزارية: ان اعتماد ثلاثة بنود اصلاحية من الاصلاحات المطروحة يكفي حالياً لتجاوز الازمة، وهي قانون الجمارك وقانون المناقصات وقانون التهرب الضريبي وهي محالة الى الامانة العامة لمجلس الوزراء وتنتظر ادراجها على جدول اعمال مجلس الوزراء.وعندها لا نضطر الى فرض اي ضرائب جديدة كما يقترح البعض. وأوضح الوزير خليل بعد الجلسة ان اللجنة ستأخذ وقتاً غير طويل في دراسة قانون الجمارك ورفعه إلى مجلس الوزراء لاقراره وفق الإجازة للحكومة بالتشريع الجمركي، من دون حاجة لإصداره بقانون، مشيراً إلى انه حصل تداول في بعض ملامح النظام التقاعدي الذي قدمه البنك الدولي، وقد نوقش بعناوينه العامة، وهو بحاجة إلى نقاش أكثر عمقاً. وقال انه تمّ إحراز تقدّم كبير في الموازنة إلى حدّ انها باتت شبه منتهية على مستوى الأرقام وهناك مراجعة لبعض المواد. ووصف خليل مطالبة وزراء «القوات اللبنانية» بضرورة ان تسير الإصلاحات بالتوازي مع الموازنة، بأنه أمر مشروع وطبيعي، وأنا قلت في فذلكة الموازنة اننا بحاجة إلى إقرار مجموعة من القوانين والمراسيم والإجراءات والقرارات التي تواكب إنجاز الموازنة، لكننا لا نريد ان نربط الأمور ببعضها البعض. وقال رداً على سؤال ان الجميع أكّد على ضرورة وأهمية ان تقر الموازنة في مواعيدها الدستورية وهذا التزام من كل القوى السياسية. واستبعد خليل رداً على سؤال آخر، احتمال وجود ضرائب أو رسوم في الموازنة، لكنه قال إذا كانت هناك بعض الأفكار من بعض القوى بفرض ضرائب ورسوم فإن هذه الأفكار ما زالت تناقش.. ووصفت مصادر وزارية مشاركة باللجنة اجواء النقاش بالايجابية جداً، مؤكدة ان ما حصل في الاجتماع يعتبر تقدما بارزا، وكشفت ان اجتماع اليوم سيتركز على نقاش الاجراءات القصيرة المدى اي التي يمكن اتخاذها بشكل سريع لتنفيذها حاليا، وشددت المصادر على ان هناك التزاما جديا من قبل جميع اعضاء اللجنة بتنفيذ الاصلاحات الواردة ضمن اوراق مقدمة من جميع الاطراف والافرقاء السياسيين، وأملت ان يفي وزير الاتصالات بما وعد به اللجنة من اجراء عرض شامل لقطاع الاتصالات ووارداته. وكشفت مصادر مطلعة على أعمال اللجنة وبعض ما دار من نقاشات خلال الجلسة التي انعقدت في حضور المجلس الأعلى للجمارك، وموقف وزيري «القوات اللبنانية» لجهة ضرورة البت بالاصلاحات تزامناً مع الموازنة فنقلت عن الوزير كميل أبو سليمان تأكيده من جديد ان وزراء «القوات» سيعترضون على إقرار الموازنة دون اتفاق على سلسلة من الإجراءات الإصلاحية، وجاء كلامه رداً على مداخلة لوزير المال غمز فيها من قناة موقف «القوات»، مؤكدا على ضرورة احترام المهل الدستورية. وحين علق الوزير جمال الجراح بأن الموازنة تنقسم إلى شقين: الأرقام وهي على وشك الإقرار والمواد التي يُمكن ان تتضمن مواد إصلاحية، علق نائب رئيس الحكومة غسّان حاصباني مؤكدا على موقف أبو سليمان حول رفض السير بموازنة عادية دون إصلاحات، رغم حرصه على المهل الدستورية. ولاحظت مصادر سياسية أن هناك محاولات التفاف على ما تم الإتفاق عليه سابقاً حول مواكبة الموازنة بسلسلة من الإجراءات المتفق عليها سابقاً لوضعها قيد التنفيذ، إضافة إلى إجراءات جديدة يتم بحثها في اللجنة تزامناً مع بحث الموازنة. وأضافت المصادر أن المهلة الدستورية كافية لبحث الإصلاحات المنشودة كما أن هناك مهلا أخرى مالية واقتصادية ضاغطة، وهذا ما حدا بالقوات إلى الربط بين الموازنة والإصلاحات لقطع الطريق على جدال البيضة والدجاجة تحت طائلة عدم «المشي بالماشي».

الجمهورية....إجتماعات وتصريحات... ولا إصلاحات... ومخاوف من الغلاء...

الترقب سيّد الموقف، الى حين ظهور المفاعيل الحقيقية لتعميم مصرف لبنان، والهدوء الذي يشهده سوق الصيرفة منذ ما بعد صدور التعميم، يُقارب بحذر على مستويات سياسية واقتصادية، وبقلق لدى مختلف الفئات الشعبية من أن يكون هدوء ما قبل العاصفة.

على أهمية التعميم الذي أوجد من جهة الحصانة للسلع الثلاث: الدواء، المحروقات والطحين، بتوفير دولارات استيرادها، ومن جهة ثانية، إعادة بعض الانضباط لسوق الصيرفة، بعد التفلّت الأخير الذي شهده، الّا انّ مجموعة أسئلة تواجه السلطة الحاكمة في المقابل:

- ماذا عن مصير السلع والمواد الاستهلاكية الأخرى التي تستورد من الخارج وتتصِل مباشرة بحياة المواطنين، وتتطلب بدورها توفير الدولار لاستيرادها؟

- كيف ستتصرف هذه السلطة حيال هذه المشكلة، وهل هي بصدد اتخاذ إجراءات لمعالجة هذه المشكلة من دون ان تستنزف من احتياطي مصرف لبنان؟ خصوصاً انّ صرخات التجار والمستوردين بدأت تتعالى، وتفوقها صرخات الناس ممّا هم مقبلون عليه من شح في المواد الاستهلاكية، ومن ارتفاع كبير في أسعار ما قد يتوافر منها، في وقت يجمع الخبراء الاقتصايون على الانحدار المريع في القدرة الشرائية للمواطن اللبناني، وتراجعها الى حدود خطيرة، فاقت حتى الآن الـ20 في المئة.

- وهل هذه السلطة تملك في الاساس قدرة استرداد ثقة الناس التي انعدمت بها؟ وهل يصدق اللبنانيون انّ سلطة غير موثوقة، أهّلت البلد للسقوط في المحظور، بأداء تحوم حوله الشبهات، قادرة على اجتراح حل إنقاذي؟ والأسوأ من ذلك انها تحجب عمداً هذا الاداء بمحاضرات فارغة ليلاً ونهاراً، عن العفة السياسية والاقتصادية!

- هل تدرك السلطة انّ الكلام لا يعالج المشكلة القائمة، وانّ المطلوب عملاً صادقاً وجدياً وبطرق غير تقليدية، تطمئن المواطن من جهة، وتمنع هبوب عاصفة الشارع التي تتكوّن، وأوّل غيثها كان تحركات الأحد الماضي؟

من البديهي القول في ظل هذه الازمة انّ الكرة كانت وما زالت في ملعب السلطة الحاكمة، ولكن المزاج الشعبي العام لا يرى أملاً في الرهان عليها، ولعل الجواب جاء تغريدة لأحد المواطنين وفيها : "انّ حكامنا الاعزاء وفّروا علينا انتظار وكالات التصنيف، وقراراتها لإسقاط لبنان من فئة الى فئة أدنى، فقد نابوا عنها وأسقطوا اللبنانيين وبلدهم في الحضيض... شكراً ايها الحكام، فقد أصبحنا بفضلكم ضحايا مُلقاة على طريق الانهيار السريع".

بري

منذ صدور تعميم مصرف لبنان لتنظيم فتح اعتمادات بالدولار لتأمين استيراد المحروقات والطحين والدواء، شهد السوق المحلي بعض الارتياح، وتراجعت، وإن بشكل محدود، حدّة أزمة الطلب على الدولار. هذا التعميم تلقّاه رئيس المجلس النيابي نبيه بري بإيجابية، وقال لـ"الجمهورية": لاحظنا بعض الهدوء بعد صدور التعميم، وبالتالي دعونا نعطيه وقتاً، لنرى مفاعيله. ورداً على سؤال حول عمل الحكومة، قال بري: الامور كما نراها تؤشر الى اّن هناك عملاً يحصل، واجتماعات تجري بصورة مكثفة، بما يؤشر الى حالة طوارىء، لكن المهم مع كل هذه الاجتماعات، اضافة الى تعميم مصرف لبنان، هو أن نرى النتائج. والمطلوب هو ان نصل الى نتائج سريعة بما يؤدي الى الانفراج المطلوب للأزمة.

مفاعيل التعميم

فبعد أقل من 24 ساعة على صدور التعميم، بَدت الامور متعثّرة بدليل انّ قطاعين من أصل ثلاثة شملها التعميم تحفّظت على آليته. من جهتها، توجهت نقابة أصحاب الشركات المستوردة للنفط في لبنان الى رئيس الحكومة سعد الحريري للاعتراض على الآلية المحددة في التعميم. وانتهى الاجتماع الى توافق على عقد اجتماع لكافة المعنيين بالتعميم، من أجل ايجاد الحلّ العملي لتنفيذ الآلية. من جهته، أعلن تجمّع أصحاب المطاحن في لبنان انّ مشكلة استيراد القمح ما زالت قائمة، لأنّ عملية استيراده لا تخضع للاعتمادات، وبالتالي ليس بمقدور أصحاب المطاحن تأمين 115 بالمئة من قيمة المستوردات من مادة القمح، فضلاً عن عمولة مصرف لبنان البالغة 0,05 في المئة. وكشف مصدر في القطاع لـ"الجمهورية" انّ المصارف أبلغتهم كمستوردين للقمح، انّ التعميم لا يشملهم ولا يستطيعون الافادة منه.

الهيئات والعمال

الى ذلك، كان لافتاً أمس عقد اجتماع مشترك ضم الهيئات الاقتصادية اللبنانية وهيئة مكتب الاتحاد العمالي العام، في حضور رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي شارل عربيد. وفي بيان مشترك صدر عن الاجتماع، تمّت المطالبة بإجراءات عدة، من أبرزها مطالبة "السلطة أن تحزم أمرها وتباشر فوراً باتخاذ اجراءات اصلاحية جذرية، يأتي في طليعتها خفض حجم القطاع العام وإعادة هيكلة نفقاته وإصلاح قطاع الكهرباء، وأيضاً الضرب بيد من حديد لوقف التهريب والتهرب الضريبي والاقتصاد غير الشرعي والفساد". بالاضافة الى رفض الزيادات الضريبية، وضرورة البدء في تنفيذ مشاريع مؤتمر سيدر.

حراك... متأخر

في الصورة السياسية، تبدو السلطة وكأنها بدأت في الايام الاخيرة بحراك احتوائي للأزمة؛ ويتبدّى ذلك في زحمة اجتماعات حكومية، ولجان وزارية، وتنقيب عن اجراءات وإصلاحات، ووعد بموازنة غير كل الموازنات، الّا انه حراك بَدا انه تأخّرَ سنوات عن موعده المفترض قبل تفاقم الازمة، وبات بالتالي أشبه بحراك ما بعد خراب البصرة! وقد حضرت هذه الازمة في اجتماع المطارنة الموارنة الشهري في بكركي، حيث اعتبروا انه "لا يمكن أن ترى الاصلاحات النور ما لم يعمل الجميع على وقف مزاريب الهدر، ووقف تهريب السلع عبر المعابر الشرعية وغير الشرعية، ومحاربة الفساد بشجاعة وشمول لا يقيمان وزناً إلّا للصالح العام". أبدوا ارتياحهم للقرار الوسيط الذي اصدره حاكم مصرف لبنان، آملين أن يزيل هذا التدبير القلق والهلع لدى اللبنانيين، ويفتح أمام الحكومة طريق الحل للأزمة الاقتصادية والمالية.

إجتماعات

وفي سياق الحراك المتجدد، تندرج الاجتماعات المتلاحقة في السراي الحكومي، سواء حول دراسة مشروع موازنة 2020 او بحث الخطوات الاصلاحية التي تمّ تناولها في اجتماع اللجنة الوزارية، التي عقدت في السراي الحكومي برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري. ووصف وزير المال علي حسن خليل الاجتماع بالمفيد جداً، والبحث تمّ في جو ايجابي جداً، خلافاً للأجواء التي تحدثت عن انقسام واختلاف داخل اللجنة حول هذا الموضوع.

خليل

وقال خليل لـ"الجمهورية": نحن في حاجة الى مجموعة إجراءات تتوزع بين قوانين او مراسيم او قرارات، تصدر في موازاة مشروع الموازنة. اضاف: بالنسبة لي قبل 15 تشرين الاول يجب ان تكون الموازنة في طريقها الى المجلس النيابي، وبهذا الوقت نستطيع إقرار مشاريع قوانين، أقلّه قانون المناقصات وقانون التهرب الضريبي وقانون الجمارك، وهذه هي الاصلاحات الكبيرة والمهمة، وهذه القوانين انتهينا منها، وأطالب منذ مدة طويلة بإقرارها بعد إدراجها للنقاش. وقال: الكل يبحث بالاصلاحات، ولكن ما هي هذه الاصلاحات؟ هناك بعض الاوراق والاقتراحات يمكن وصفها بـ"الحكايا"، واذا أردنا الحديث عن سيدر او البنك الدولي او صندوق النقد، فالقوانين الثلاثة توازي كل الاصلاحات. اضاف: اما الاجراءات التي تؤمّن مداخيل اكثر، كالضرائب او الرسوم، فهي قيد النقاش، ونحن لسنا معها على الاطلاق، ولن نسير بها كزيادة الضريبة على القيمة المضافة والبنزين وتعرفة الكهرباء. وحول إطلاق سندات اليورو بوند، كشف خليل انّ العملية قيد التحضير، وقد اخترنا مصرفين محليين، ومصرفين أجنبيين لادارة السندات. وعلم انّ المصرفين المحليين هما "بنك لبنان والمهجر" و"سوسيتي جنرال"، والمصرفين الاجنبيين هما "سيتي بنك" الكندي، و"ستاندرد تشارترد"، اما الاصدار فيقارب الملياري دولار.

إصدار اليوروبوند

وقد تبين انّ اسعار الفوائد المقترحة للاصدار تتراوح بين 11.5 و12.5 في المئة. وهي اسعار مقبولة برأي الخبراء قياساً بالوضع في لبنان، ودرجة تصنيفه والظروف التي يمر بها. لكنّ العبرة تبقى هوية المُكتتبين. ذلك انّ اسعار الفوائد المطروحة قد لا تكون مغرية كثيراً، وهناك احتمال بأن تتغير حسب شهية السوق، على ما يؤكد لـ"الجمهورية" كبير الاقتصاديين في بنك بيبلوس نسيب غبريل. وكشف مصدر مصرفي لـ"الجمهورية" انّ المصارف المحلية ستقدم على الاكتتاب، من اجل استبدال شهادات ايداع قديمة سبق واشترتها من المصرف المركزي بفائدة أقل.

وأكد انّه "لا يمكن من اليوم تقدير نتائج الإصدار، إلّا انّ المطلوب اليوم تأمين ملياري دولار وسيتم تأمينها وأكثر، لأنّ المصارف تتشجّع للاكتتاب باليوروبوند على عكس شهادات الإيداع اذ ليس في مقدورها بيع شهادات الإيداع في الاسواق الخارجية على عكس اليوروبوند".

أفيوني

وقال وزير الدولة لشؤون تكنولوجيا المعلومات عادل أفيوني لـ"الجمهورية": شهدنا في الأسابيع الأخيرة اجتماعات مكثفة جداً ويومية من مجلس الوزراء واللجان الوزارية، ولا شك انّ هناك عملاً جدياً والنقاشات بنّاءة، وهذا مؤشر على التصميم لتحقيق تقدم في الملفات الاساسية، مثل خطة الكهرباء والموازنة والاصلاحات المالية والاقتصادية. ونحن في سباق مع الوقت، ونحتاج الى اجراءات تُحدِث صدمة إيجابية لدى اللبنانيين ولدى الاسواق لاستعادة الثقة. وقال: وحدها استعادة الثقة سريعاً تلجم التدهور وتؤدي الى عودة تدفق الرساميل، وبالتالي الى انخفاض الفوائد المرتفعة التي تكبّل الاقتصاد والى تخفيض العجز في ميزان المدفوعات.

تفاح في مجلس الوزراء

على صعيد وزاري، علمت "الجمهورية" انّ وزير الزراعة حسن اللقيس، سيحمل معه الى جلسة مجلس الوزراء المقرر انعقادها في القصر الجمهوري في بعبدا اليوم، كمية من صناديق التفاح المزينة على شكل هدايا، ومكتوب على كل صندوق: "تفّاح بلادك إلَك ولولادَك". وسيقدم اللقيس التفاح الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ورئيس الحكومة سعد الحريري والوزراء، معلناً من القصر الجمهوري إطلاق يوم التفاح اللبناني، المحدد بعد غد السبت.

"القوات"

الى ذلك، دعت "القوات اللبنانية" الى وقف تقاذف المسؤوليات. وقالت مصادر القوات لـ"الجمهورية": تقاذف المسؤوليات لا يقدّم بل يؤخّر في الوضع الذي نعيشه، فلا يمكن معالجة هذا الواقع بتوتير الوضع السياسي، من خلال ان يحمل هذا المسؤول المسؤولية لأطراف سياسية اخرى، هذا الامر لا يغيّر في الواقع الحالي، لأننا أمام واقع معيشي مأساوي، والخروج منه يقتضي العمل بجدية بعيداً عن تقاذف المسؤوليات وفتح دفاتر الماضي. وعن رفع المسؤوليات، وبالتالي مقاربة الامور بواقعية ومسؤولية تامة، والذهاب الى الاصلاحات المطلوبة بعيداً عن الشعارات والاجتماعات والكلام الذي يفيد، حيث انه من المؤسف جداً اننا تعوّدنا على العلاج والمسكنات بدل العلاج النهائي واستئصال المرض القائم، وانّ "القوات" لن تقبل بتاتاً باستمرار هذا الواقع، ولن توافق على الانتقاد للانتقاد إنما تريد وتعمل في اتجاه الذهاب الى عمق القضايا من خلال الاصلاح، والقوات لن توافق على اي موازنة لا تتضمن اصلاحات جدية وحقيقية، وسيكون لديها في الايام المقبلة مزيد من المواقف التصعيدية في حال استمرت الوتيرة الحالية من دون الولوج في مضمون القضايا المطروحة، لأنه من دون إصلاحات لا استثمارات، ومن دون اصلاحات لا أمل في انقاذ الوضع الاقتصادي والحالي.

الكتائب

الى ذلك يعقد رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل مؤتمراً صحافياً، واوضحت مصادر كتائبية لـ"الجمهورية" ان الغاية منه شرح الازمة الاقتصادية والسياسية التي نعيشها، وتفصيل الامور التي أوصلت الامور الى هذا الحد سياسياً واقتصادياً، مع تحديد المسؤوليات ودعوة السلطة ان تحمل مسؤولياتها، ورسم خريطة طريق للخروج من الازمة السياسية والاقتصادية. واكدت المصادر ان "لا تغيير في مقاربة الكتائب للازمة لأنها في الاساس كانت ترى هذه الازمة منذ سنوات وحذّرت منها، فمن الواضح انذ هذه التسوية التي جرت من 3 سنوات، هي التي أوصلت البلد الى المأزق السياسي والاقتصادي الذي نمر به اليوم. وبالتالي، يتحمّل اطراف هذه التسوية المسؤولية على الاداء السيئ الذي قدّموه منذ 3 سنوات حتى اليوم.

عون يفرْمل التوتر مع الحريري: التفاهم بيننا أقوى من أن تزعزعه الإشاعات...

الكاتب:بيروت - «الراي» ... تشكّل الساعاتُ المقبلة اختباراً للمنحى الذي ستسلكه العلاقاتُ بين أركانِ الحُكْم في لبنان في ضوء الاضطراب السياسي الكبير الذي رافَق خروج أزمة شحّ الدولار الأميركي إلى العلن والتحركات الاحتجاجية على الواقع المالي - الاقتصادي التي دهمتْ البلاد (الأحد) وتسَبَّبَتْ بتوتّراتٍ في الشارع أُخْضِعتْ لإسقاطاتٍ سياسية. وفيما كان سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية يقترب من استعادة هوامشه السابقة في السوق الموازية (لدى الصيارفة) بفعل توفير مصرف لبنان ما يشبه «الدولار الاجتماعي» (بالسعر الرسمي) لتمويل استيراد النفط والقمح والدواء (فاتورتها السنوية تناهز 4.3 مليار دولار)، فإنّ تَرقُّباً كبيراً سادَ لمساريْن سيحددان إذا كانت مجازفة «المركزي» بتمويل «الاستيراد الاستراتيجي» بالعملة الصعبة وما قد تشكّله من عنصر استنزافٍ لاحتياطاته أدّت نتيجتها كاملةً.

الأوّل هل سيصمد انخفاض سعر صرف الدولار في السوق المُوازية في ضوء خطوة مصرف لبنان، وسط رصْدٍ في هذا السياق لما إذا كان هذا الإجراء سيُستَتبَع من المصارف التجارية بتوفير سيولة دولارية أكبر بعد «التقنين» الذي تعتمده منذ فترة، ولا سيما في ظل اعتبار خبراء اقتصاديين أن تمويل استيراد السلع غير الاستراتيجية (أكثر من ثلثي فاتورة الاستيراد) من السوق المحكومة بالعرض والطلب يمكن أن يرْفع مجدداً سعر العملة الخضراء.

والثاني يَتَداخل مع الأول وله «تأثيرات» مباشرة عليه، من باب «عامِل الثقة»، ويتّصل بالمدى الذي ستصل إليه «المواجهاتُ السياسيةُ» المتعددة الجبهة التي اندلعتْ على تخوم بروز أول عوارض شحّ الدولار، «المتفرّع» من الواقع المالي - الاقتصادي المأزوم والذي يُسابِق مساعي لجْم انزلاقه نحو الهاوية، وهي المواجهات التي اتخذتْ شكْل «تَقاصُف» بين أكثر من طرف وتَبادُل اتهامات بالمسؤولية عن مجمل الوضع المهترئ وصولاً إلى «نبْش» دفاتر الماضي وإطلاق إشارات غير مُريحة في شأن مستقبل البلاد واستقرارها السياسي والمالي.

وشهدت الساعات الماضية ارتفاعَ منسوب التوترات السياسية التي اعتبرت أوساط مطلعة أنها جاءت «عكس سير» الحاجة القصوى إلى عملِ غالبية أطراف السلطة «يداً واحدة» لمحوِ «أضرار» الأسبوع الماضي والاستفادة من «الوقت الإضافي» الذي منحتْه خطوةُ مصرف لبنان للسلطات اللبنانية لمحاولة إتمام الإصلاحات الضرورية لتعزيز الثقة بالواقع المالي ومستقبله وبدء تسييل مخصصات مؤتمر «سيدر»، وهي الإصلاحات التي يفترض أن تواكب إنجاز موازنة 2020 (تقترب الحكومة من بتّ مشروعها) والتي تشكّل مرتكزاً لـ«فترة السماح» التي منحتْها وكالات التصنيف الدولية لبيروت قبل خفض تصنيفها.

وكان لافتاً في هذا الإطار أمران: الأوّل مضيّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وفريقه السياسي في توجيه رسائل في أكثر من اتجاه، على وقع إطلاق مسار الملاحقات القضائية - الأمنية لمروّجي ما يُعتبر إشاعات حول الاستقرار المالي والعملة الوطنية، والذي بدأ يثير انتقاداتٍ من أطراف سياسية.

فغداة الإفصاح عن ملاحظات على أداء رئيس الحكومة سعد الحريري، أكد عون في تصريح صحافي أمس أن هناك استهدافاً منهجياً للعهد، بتحريض من جهات في الخارج واستجابة من قوى في الداخل و«أنا موجود الآن في قلب المعركة، أخوضها بقوة وثقة دفاعاً عن المصالح العليا للشعب اللبناني، وكل ما أطلبه من هذا الشعب أن يقف على الحياد، إذا كان لا يريد أن يشاركني في هذه المعركة»، جازماً في معرض تفسيره دوافع التحركات الشعبية الأخيرة ومآلها «ان لها جذوراً خارجية، إلا أن أدواتها لبنانية. وأخيراً انتقلوا بالحرب علينا إلى الإشاعات».

وإذ أعلن «لا أفهم مبرر تحميل رئيس الجمهورية مسؤوليةَ ما يحدث. ثمة سلطة إجرائية موجودة ومسؤولة. الحكومة في حال أقرب إلى غياب عن الوعي، لا تعرف سوى أن تخسر الوقت»، أكد أنّ الدولار ممسوك وموجود «ومع ذلك يجب التشجيع على التداول بالعملة الوطنية في كل النواحي، بل ينبغي أن يكون استخدامها إلزامياً وفق قانون النقد والتسليف الذي يتضمن عقوبات في حق من يهدّد سلامة النقد الوطني ويمتنع عن استعماله».

والأمر الثاني انكشاف حال التوتر بين فريقيْ عون والحريري مع قرار «تيار المستقبل» (يترأسه الحريري) بإلغاء ندوة هي الأولى من نوعها كانت مقرَّرة لكوادره مع رئيس «التيار الوطني الحر» (حزب عون) الوزير جبران باسيل (في مقرّ «المستقبل») وذلك استجابةً لـ«حال غضب» عارم سادتْ صفوف «المستقبل» وقاعدته على خلفية أكثر من تغريدة للنائب زياد أسود (من التيار الحر) وصف في إحداها الحريري ورئيس البرلمان نبيه بري والزعيم الدرزي وليد جنبلاط بـ«مثلّث اللعنات» وأعقبها بتحميل سياسات الرئيس الشهيد رفيق الحريري مسؤولية ما آل إليه الوضع حالياً في لبنان، وذلك من دون أن يصدر أي تعليق على هذا الكلام من «التيار الحر» في ما اعتُبر تبنياً له.

وكانت كتلة «المستقبل» البرلمانية انتقدتْ «تمادي بعض الأصوات في تحريف وقائع التاريخ والتطاول على السجلّ الوطني للرئيس الشهيد رفيق الحريري ودوره الوطني في إعادة الاعتبار للدولة اللبنانية ومؤسساتها الشرعية»، مستغربة «خروج هذه الأصوات على قواعد الشراكة في الحكم (...)». وعلى وقع ما شكّله المناخ المحتدم من «إنذار سلبي» حيال مآل الواقع السياسي والتفاهمات الكبرى التي تحكمه وتالياً مصير الحكومة في ضوء ما تم اعتباره تلميحاً متكرراً من فريق عون بأن مجمل الملف الحكومة قد يصبح على الطاولة ناهيك عن التقارير حول مخطَّطات خارجية لإسقاط الحكومة تولاها إعلام «8 آذار»، برزت محاولات رئيس الجمهورية لاحتواء هذا المناخ، إذ نقل عنه زواره أمس حرْصه «على أفضل العلاقات بين الرئاسات» مؤكدين أن عون في كلامه عن الحكومة وغيابها قصد «أنها لم تقدم على معالجة الأزمة التي شهدتها البلاد على المستويين المالي والأمني خلال وجوده في نيويورك»، وأنه يعتبر «أن محاولات البعض تعكير صفاء العلاقات بين بعبدا والسرايا الحكومية لم تنجح لأن ما يجمع بينهما من تفاهم أقوى من أن تزعزعه الإشاعات».....

لبنان يقف أمام «تسوية عرجاء» وتعويمها ينقذ الحكم والحكومة

الشرق الاوسط...بيروت: محمد شقير.. فوجئ الوسط السياسي في لبنان، مع اقتراب مجلس الوزراء من إقرار مشروع قانون الموازنة لعام 2020 في موعده الدستوري، بتجدّد الاشتباك السياسي على نحو غير مسبوق، على خلفية تبادل الاتهامات المترتبة على نزول المحتجين إلى الشارع احتجاجاً على تفاقم الأزمة الاقتصادية، من دون أن تلوح في الأفق بوادر انفراج. لكن الجديد في تجدّد الاشتباك السياسي يكمن، كما يقول مصدر وزاري لـ«الشرق الأوسط»، في أنه لم يقتصر على المكونات الرئيسية المشاركة في الحكومة، وإنما انسحب هذه المرة على علاقة بعضها برئيس الجمهورية ميشال عون، من خلال اتهام الفريق الوزاري المؤيد له بأن هناك مَن استغل النزول إلى الشارع، وعمد إلى استهداف أبرز رموز الدولة، أي الرئيس الماروني الذي هو رأس السلطة في لبنان. وأشار إلى أن الاشتباك السياسي تلازَمَ مع البحث عن مخرج لتأمين فتح اعتمادات مالية بالدولار لاستيراد المشتقات النفطية والأدوية والقمح «وهذا ما تأمّن لاحقاً من خلال التدبير الذي أصدره حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بعد تلقيه جرعة غير مسبوقة للدفاع عن السياسة النقدية التي يتبعها للحفاظ على الاستقرار المالي، صدرت عن البطريرك الماروني بشارة الراعي في عظته، الأحد الماضي، إلى جانب دفاعه عن قيادة الجيش في وجه الهجمات التي تستهدفها». ولفت المصدر الوزاري إلى أن «ما صدر عن البطريرك الراعي كان موضع ترحيب تجاوز الساحة المحلية إلى الإقليم والمجتمع الدولي»، وأوضح أن «التعميم الذي أذاعه سلامة كان موضع تشاور بينه وبين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري ووزير المال علي حسن خليل وجمعية المصارف، خصوصاً أنه ربط فتح الاعتمادات بقيود لمنع استنزاف احتياط مصرف لبنان بالعملات الصعبة، من غير أن يدعمه بأموال جديدة». واعتبر أن «فرض هذه القيود في حاجة إلى آلية أمنية وقضائية ورقابية لتوفير الحماية لأسواق الصرف وتبادل العملات، خصوصاً أن عدم حصول تحويلات بالعملات الصعبة من لبنان إلى الخارج، في ظل احتدام الأزمة الاقتصادية والمالية يدعو إلى الاطمئنان حيال السيطرة على هذه الأسواق». ولا يؤيد المصدر ما تردد ويتردد عن أن التعرض لرئيس الجمهورية ممن نزلوا إلى الشارع جاء بناء على أمر عمليات حظي برعاية المعترضين على توجهه للحوار مع النظام في سوريا لتأمين عودة النازحين، وقال: «لا يجوز إقحام عودة النازحين بالحركة الاحتجاجية، خصوصاً أن ترحيب دمشق باستقبالهم، بلسان وزير الخارجية وليد المعلم، في خطابه الذي ألقاه من منبر الأمم المتحدة لا يُصرف في مكان، على الأقل في المدى المنظور، ما دام أنه ربط إعادتهم بتأهيل البنى التحتية وتوفير الخدمات والمباشرة بإعادة بناء القرى والبلدات المهجرة». ورأى أن لا مصلحة لرئيس الجمهورية في أن يتحول مجلس الوزراء إلى ساحة حرب بالمعنى السياسي للكلمة تُقام في قاعته المتاريس «لأنه سيكون المتضرر الأول، ولا أظن أنه يتصرف هكذا مع اقتراب دخول ولايته الرئاسية عامها الرابع». وأضاف أن «مجرد إحداث صدمة إيجابية تدعو إلى التفاؤل بتوفير الحلول، ولو على مراحل، للأزمة الاقتصادية المالية في الإفادة من مقررات (مؤتمر سيدر)، سيسجل في خانة الإنجازات للعهد القوي الذي هو في حاجة إليها». ويتوقف المصدر الوزاري أمام ارتفاع منسوب التأزم السياسي، سواء في داخل الحكومة أو بين بعض أطرافها ورئيس الجمهورية، ويرى أن للأخير القدرة على خفض منسوبه «بدلاً من إقحام البلد في لعبة تصفية الحسابات التي سيتضرر منها الجميع بلا استثناء». ويُعتقد أن لرئيس الجمهورية دوراً في إعادة الاعتبار للتواصل والحوار، بدءاً بالمكونات المشاركة في الحكومة «بدلاً من إغراق البلد في حالة من الفلتان يصعب السيطرة عليها، وبالتالي فإن المصلحة تقضي بأن يبادر إلى الانفتاح على الجميع، بمن فيهم مَن هم على خلاف معهم، وهذا يتطلب منه سعة الصدر وعدم التوقف أمام بعض الحملات التي استهدفته ومعه رئيس الحكومة ومسؤولون آخرون». ويخلص المصدر إلى أنه «لا يبدو أن هناك مَن يُعِدّ لمؤامرة تستهدف الرئاسة الأولى، وبالتالي فإن لجوء بعض مَن هم في فريق عون السياسي إلى التلويح بالاقتصاص ممن استهدفوا الرمز الأول في الدولة، من شأنه أن يدفع في اتجاه تعقيد الأمور، من دون أن يعني هذا الكلام أن هناك مَن يتعاطف مع كل من حاول الإساءة إليه». وشدد على أن «هناك ضرورة لتضافر الجهود بغية تفكيك الاشتباك السياسي، وإبطال فاعليته، في التأثير السلبي على التضامن الحكومي، في وقت تتطلع فيه الأنظار إلى إقرار موازنة العام المقبل بالتعاون مع المجلس النيابي لتأتي برمتها على قياس الاستجابة للتعهدات اللبنانية أمام مؤتمر سيدر، بما يعبد الطريق للإفادة منها للنهوض بلبنان من أزماته المالية والاقتصادية». وفي هذا السياق، يسأل المصدر الوزاري عن جدوى تنظيم حملة ضد سلامة يرعاها عدد من المنتمين إلى «التيار الوطني الحر»، بذريعة أن وجوده لأكثر من عقدين على رأس حاكمية المصرف المركزي بات يتطلب اختيار مَن يخلفه، ويقول إنه «لا مبرر لمثل هذا الهجوم، وهل تأتي المطالبة بإعفائه من منصبه من باب مكافأته على دوره في الحفاظ على الاستقرار النقدي؟». كما سأل عن جدوى إصرار «التيار الوطني» على خوض المعارك المفتوحة ضد معظم المكونات في الحكومة «بدلاً من أن يمون على القيادي فيه النائب زياد أسود ويطلب منه وقف حملاته التي كانت وراء تأجيل الحوار الذي كان سيقيمه تيار المستقبل مع الوزير جبران باسيل»، فتأجيل الحوار لم يكن إلا رسالة لباسيل على خلفية أنه لم يصدر منه أي رد على أسود مع أن مجرد تأجيله كان في محله لقطع الطريق على تصاعد المعارضة بداخل «المستقبل»، احتجاجاً على استضافته. كما أن «التيار الوطني» يتحمل، بحسب المصدر الوزاري، مسؤولية تفخيخ الأجواء السياسية داخل الحكومة، تارة بتحميله حزب «القوات اللبنانية» مسؤولية وقوفه وراء بث الشائعات ضد رئيس الجمهورية، وتارة أخرى بوقف الحوار مع الحزب «التقدمي الاشتراكي» الذي انتقد، كما يقول مسؤول بارز فيه، «عدم التوازن القضائي» في التعاطي مع حادثة قبرشمون. وعليه، فإن «الحريري لن يلتفت إلى الحملات التي تستهدفه وينصرف إلى التحضير لإعداد الموازنة من جهة ولرزمة الإصلاحات المالية والإدارية لخفض العجز في موازنة 2020»، لكن هذا لا يعني، كما يقول المصدر الوزاري، أن التسوية السياسية ما زالت في أمان «بل أُصِيبت باهتزاز، وكادت تتحول إلى تجربة عرجاء، والمسؤولية لا تقع على عاتق الحريري الذي ينأى بنفسه عن الدخول في السجالات وتبادل الحملات الإعلامية والاتهامات السياسية، إنما تقع على الشريك الآخر فيها». وبكلام آخر، فإن «إنقاذ التسوية من الاهتزاز يعيد الاعتبار للحكومة وللعهد في آن، وإلا فإن تجويفها من مضمونها سيرتد سلباً على الجميع من دون استثناء، أي الحكومة والحكم، لأن لا مجال للجوء لخيارات غير مدروسة تأخذ البلد إلى المجهول».

تحذيرات من استغلال تسهيلات الدولار للالتفاف على عقوبات سوريا وإيران

بيروت: «الشرق الأوسط»... قالت مصادر وزارية لبنانية إن التعميم الذي أصدره حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، أول من أمس، لتأمين استمرارية استيراد المشتقات النفطية أو القمح أو الأدوية «يحتاج إلى أن يُتبع بضبط تمارسه السلطات الأمنية والقضائية، لمنع دخول الأدوية السورية والإيرانية المعرضة لعقوبات، ولمنع استغلال المهربين إلى سوريا وفرة المشتقات النفطية في لبنان وتهريبها عبر الحدود»، محذرة من «أن يكون لبنان يؤمن العملة الصعبة للسوق اللبنانية وجزء من السوق السورية وربما الإيرانية في الوقت نفسه». وأصدر مصرف لبنان، أول من أمس، تعميماً لحل أزمة نقص الدولار الضروري لاستيراد سلع أساسية بينها المشتقات النفطية، بعد أسبوع على أزمة بلغت ذروتها باحتجاجات في الشارع. وأعلن المصرف أنه يمكن للمصارف التي تفتح اعتمادات مستندية مخصصة حصراً لاستيراد المشتقات النفطية أو القمح أو الأدوية، الطلب منه تأمين قيمة هذه الاعتمادات بالدولار، على أن تتقيّد بأن تفتح لكل عملية حسابات خاصة لدى مصرف لبنان، وأن تقدّم له نسخة عن المستندات المتعلقة بكل اعتماد. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إنه «على رغم الحل الذي وضعه مصرف لبنان على السكة لتأمين الدولار لاستيراد المشتقات النفطية، فإن الأمور تحتاج إلى ضبط لعدم استيراد الأدوية من إيران وسوريا اللتين تعانيان من عقوبات دولية». وتوقفت المصادر عند فاتورة استيراد المشتقات النفطية في الموازنة السورية التي لم تخصص لها حكومة دمشق أي اعتماد مالي، ما يعني أن سوريا التي تعاني نقصاً بالمشتقات النفطية، بسبب الأضرار التي لحقت بمنشآت استخراج النفط في البلاد جراء الحرب والعقوبات، «أمامها احتمالان لتأمين هذه الحاجة، إما بالاستيراد من إيران، وإما بالتهريب من لبنان». وشددت على أنه لهذا السبب «يحتاج موضوع دعم المشتقات النفطية إلى تشدد لمنع تهريبه من لبنان إلى سوريا»، مشيرة إلى أن الاستيراد اللبناني للمشتقات النفطية في الأشهر الأخيرة «تضاعف، ما يعني أن جزءاً كبيراً من المحروقات، وخصوصاً البنزين، يجري تهريبه عبر الحدود إلى سوريا». وحذرت من أن يتحول ما يوفره مصرف لبنان لتأمين احتياجات المشتقات النفطية، إلى «تأمين احتياجات السوق اللبنانية وجزء من السوق السورية وربما الإيرانية»، مشددة على «ضبط ذلك عبر إجراءات قضائية وأمنية وبتشدد بالغ في موضوع المشتقات النفطية والتهريب عبر الحدود». وقالت المصادر إن هناك أزمة ثالثة فاقمت أزمة الدولار في لبنان، تمثلت في فتح سوق الصيرفة في لبنان أمام تجار العملة السوريين، لافتة إلى أن «التجار السوريين الذين يصرفون الدولار في سوريا مقابل 600 ليرة سورية، يصرفونه في لبنان بأسعار مغرية مقابل 850 ليرة سورية، بسبب ندرة الدولار في سوريا، وعليه يتم سحب الدولار من السوق اللبنانية»، فضلاً عن أن «السوريين يهربون بضائع إلى لبنان ويقبضون ثمنها بالليرة اللبنانية، ويلجأون إلى قطاع الصيرفة في لبنان لمبادلتها بالدولار، مستفيدين من الحرية التي يتمتع بها قطاع الصيرفة في لبنان». وأضافت أنه «أمام هذه المعطيات، وفي ظل غياب أدوات لدى مصرف لبنان للقيام بالضبط، يجب أن يكون الضبط قضائياً وأمنياً كي يوفر الدولار للسوق اللبنانية فقط، وليس للسوق السورية والإيرانية أيضاً».

«الاشتراكي» يعد ورقة إصلاحات لتجنب انهيار الاقتصاد اللبناني

أبو الحسن لـ «الشرق الأوسط» : تحتاج إلى إرادة ونيّة لتطبيقها

بيروت: نذير رضا.... أنجز «الحزب التقدمي الاشتراكي» في لبنان ورقة إصلاحات اقتصادية ومالية، تُعدّ نسخة مطورة عن الورقة الاقتصادية التي أعدها قبل أشهر وعرضها على القوى السياسية؛ بهدف إنقاذ الوضع الاقتصادي والمالي، منعاً للانهيار الاقتصادي في البلاد. وتنضم هذه الورقة الاقتصادية إلى مجموعة مقترحات تقدمت بها أحزاب وقوى سياسية لإنهاء تردي الوضع الاقتصادي الذي يستنزف ميزانية الدولة ويعيق حركة الاقتصاد، وهي مقترحات تطال بشكل أساسي ترشيق الإنفاق وتخفيض العجز، وتدفع بها القوى السياسية بموازاة انكباب الحكومة على مناقشة الموازنة العامة لعام 2020، ومطالب دولية بتنفيذ الإصلاحات في البلاد. والورقة التي عرضها وفد من «الاشتراكي» و«اللقاء الديمقراطي» على رئيس الحكومة سعد الحريري، أول من أمس، بغرض دراستها، ينظر إليها «الاشتراكي» على أنها «فرصة أخيرة» لإنقاذ الوضع، وتسعى لتصحيح ميزان المدفوعات من خلال تخفيض القدرة الشرائية عبر تخفيض الإنفاق العام على الأجور ورواتب التقاعد والدعم والخدمات الأساسية، وعبر السعي لزيادة الضرائب على الاستهلاك. وتهدف إلى الحد من خلق النقد والطلب على العملات الأجنبية، والحد من الاستيراد واستنزاف الدولار. وقال عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب هادي أبو الحسن لـ«الشرق الأوسط»، إن المقترح الذي تم تقديمه للحريري يتضمن الرؤية الاقتصادية وملاحظات حول الموازنة، وآلية تتضمن دفتر شروط لإنتاج الطاقة، لافتاً إلى أن الأوراق الثلاث تم تقديمها في الوقت نفسه، ولم يتسنّ له بعد الاطلاع عليها، وسيناقشها مع فريقه الاقتصادي. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رغم أهمية الجهد الذي تبذله الحكومة وجدية الملاحظات التي تقدمها، فإن الأهمية الآن هي كيف ننحو صوب الإصلاحات الجدية». وأضاف: «نمرّ بأزمة كبيرة، وثمة حرص لدينا على تنفيذ الحكومة للإصلاحات»، مشدداً على أن جوهر التحرك الذي يقوم به «الاشتراكي» متعلق بكيفية تسريع الإصلاحات. وقال: «لا صعوبات بتنفيذ هذه الورقة. الصعوبة هي أن نتقبل فكرة الانهيار، وليس المبادرة إلى الإصلاحات»، مشيراً إلى أن الورقة تتضمن جملة مقترحات قابلة للتنفيذ «لكنها تحتاج إلى إرادة ونية لتطبيقها». والورقة الاقتصادية التي تقدم بها نواب «اللقاء الديمقراطي» و«الحزب الاشتراكي»، هي نسخة مطورة عن الورقة الأولى التي أعدها الحزب قبل أشهر، وجال بها على القوى السياسية، وهي تتقاطع مع أوراق اقتصادية أخرى قدمتها أحزاب وتيارات وقوى سياسية أخرى ببعض البنود. ولا ينفي أبو الحسن هذه الوقائع، مشدداً على ضرورة أن تجتمع القوى السياسية على النقاط المشتركة والبدء بتنفيذها لتجنب الانهيار في البلد. وعما إذا كان يتوقع إعاقة سياسية لتنفيذ بعض البنود، على ضوء مناكفات شهدتها التجارب الأخيرة بين القوى السياسية، قال أبو الحسن: «يجب ألا تكون هناك إعاقة سياسية في هذا الوقت. لا نتحمل التنصل من الأعباء. على العكس، يجب توحيد الموقف والنظرة والاستعداد لتحمل المسؤوليات ومواجهة التحديات الكبرى»، مشدداً على أن البلد لا يحتمل مناكفات؛ لأنه «أمامنا خياران، إما الشروع بإصلاحات جدية والقيام بخطوات إنقاذية، وإما الانهيار». وقال أبو الحسن، إن الورقة باتت بعهدة الرأي العام كما هي بتصرف القوى السياسية، مشيراً إلى أن نواب ووزراء الكتلة سيناقشونها في الحكومة ولجنة المال والموازنة وفي الهيئة العامة لمجلس النواب، لافتاً إلى «أننا سنبحثها لمحاولة تمريرها، وهذا حقنا الدستوري كنواب مشرعين في البرلمان». وتتضمن ورقة «الاشتراكي» الاقتصادية وضع خطة لاستنهاض وتحفيز القطاعات الإنتاجية، مثل الزراعة والصناعة وتكنولوجيا المعلومات، وزيادة الرسوم على استيراد المنتجات التي يصنع مثلها في لبنان. وتشدد على وجوب تخفيض أهم أسباب العجز العام. وفيما يتعلق بالأجور، تقترح تطبيق سلسلة رتب ورواتب موحدة بين المؤسسات العامة والإدارات وكل المؤسسات ذات المنفعة العامة والمصالح المستقلة الممولة من الدولة. وتولي الورقة اهتماماً بقطاع الكهرباء لتخفيض العجز فيه، وتشدد على ضرورة الالتزام بسقف التحويلات من الخزينة إلى مؤسسة كهرباء لبنان بـ1500 مليار ليرة لعام 2020 (مليار دولار تقريباً)، كما تقترح إصلاحات ضريبية ومالية وإدارية ومؤسساتية، وإصلاح أنظمة التقاعد والتقديمات، وإصلاحات تربوية.

المخدرات في لبنان... بين تغاضي الدولة وازدياد المدمنين والمروجين

البلد الوحيد الذي لا يملك مكاتب أمنية على الحدود

(اندبندنت عربية)....سوسن مهنا .... ارتفعت نسبة تعاطي المخدرات وتجارتها أخيراً في لبنان، وتكاد لا تخلو نشرة أخبار من خبر توقيف تاجر أو متعاطٍ، ما يدفع إلى التساؤل كيف تدخل هذه المادة إلى الأسواق اللبنانية وكيف يروّج لها، ومن يقف وراء التستر على التجار الكبار؟

لا توجد إحصاءات رسميّة عن عدد المدمنين والمروجين للمخدرات، لذا تقوم بعض الجمعيات المدنية بهذه الإحصاءات والعمل مع المرجعيات الرسمية للوصول إلى مجتمع خال من المخدرات. إحدى هذه الجمعيات، "سكون" التي أعدّت في العام 2018، دراسة إحصائية، شارك فيها 3274 شاباً وشابة تراوحت أعمارهم بين 18 و35 سنة من مختلف المناطق اللبنانية، لمعرفة أنواع المواد المخدرة بين الشباب، إضافة إلى مواقفهم من تعاطي المخدرات. وأظهرت الدراسة أن نسبة المتعلمين هم الأكثر استخداماً وتبلغ نسبتهم 49.7 في المئة. وتتراوح الأعمار الأكثر استخداماً للمخدرات ما بين 20 و30 سنة، وتبين أن النساء أكثر استخداماً للمخدرات من الرجال، إذ بلغت نسبتهنّ 52.5 في المئة، بينما سجل الرجال 47 في المئة. وهي نسب مختلفة عما يصدر عن مراكز العلاج.

جُرم... لا جُرم

كما أظهرت الدراسة أنّ المواد المخدرة الأكثر استخداماً في لبنان، هي التبغ ومشتقاته، يليها الكحول، ومن ثم الحشيش وبعدها الأفيون. ويحتل الحشيش المرتبة الأولى بنسبة 92 في المئة، يليه الكوكايين بنسبة 22 في المئة، فالسيلفيا بنسبة 20 في المئة. وعن موقف المستجوبين من سياسات الدولة العقابية، رأى 39 في المئة أنّ استخدام المخدرات، يجب أن يكون "جرماً"، فيما اعتبر 44 في المئة منهم، أن على الدولة وقف معاقبة مستخدمي المخدرات. أما أرقام مكتب مكافحة المخدرات المركزي، فتظهر أن هناك بين ألفي و3 آلاف شخص يلقى القبض عليهم سنوياً ويخلى سبيلهم بسند إقامة، وبين ألفي و3 آلاف يوقفون بقرار قضائي، وتتراوح أعمار أغلب الموقوفين بين 20 و30 سنة.

تقرير وطني

أما التقرير الوطني الأول عن وضع المخدرات، الذي أعده المرصد الوطني للمخدرات ونشر عام 2017، يشير إلى أنه ما بين عامي 2013 و2016 أوقف 11 ألفاً و152 لاستخدامهم المخدرات، وسجل عام 2016 وحده ارتفاعاً خطيراً في أعداد الموقوفين بقضايا متعلقة بالمخدرات، بلغت نسبته 233 في المئة تحت سن الـ 18 عاماً، أما عن أنواع المخدرات الأكثر شيوعاً، فهي "الكبتاغون والكوكايين والقنّب والإكستاسي".

سياسة الدولة

في المقابل، يقول الناشط السياسي والاجتماعي شادي نشابة لـ "اندبندنت عربية"، إن "سياسات الدولة حول العقوبات تضر بالمتعاطي أكثر مما تفيده، إذ من غير المعقول أن يوضع المتعاطي الصغير السن، في الزنزانة ذاتها مع مجرمين يقضون فترة عقوبتهم، هذا المتعاطي يجب أن يذهب إلى إصلاحية، أو مراكز إعادة تأهيل، وفي لبنان لا توجد إصلاحيات، وقد يكون المتعاطي لديه نية الإقلاع لكن زجه في زنزانة تعيده إلى الشارع أكثر إدماناً وأحياناً مروجاً". ويوضح نشابة الذي عمل مع فئات مجتمعية مختلفة "أن سعر المخدر بمتناول الجميع تقريباً، وليس بالضرورة أن يتعاطى الشباب الكوكايين والهيرويين، هناك أدوية تباع في الصيدليات ولها تأثير المخدر ذاته كدواء القحة وسعره 8000 ليرة لبنانية (6 دولارات)، وتتدرج أنواع المخدرات إلى حشيشة الكيف ونبتة السيلفيا المستوردة وهي خطيرة جداً، وتسبب نوعاً من أنواع الهلوسة لدى متعاطيها". يقول ف.ع وهو شاب في العشرينات، إنه توقف عن تعاطي المخدرات، لكن أسلوبه في التدخين المتلاحق، لا يدل على توقفه كلياً، وأول سيجارة استعملها كانت بقصد التجربة ومن بعدها دخل في دوامة "التحشيش" أي الإدمان، " الوضع الاقتصادي والكآبة التي كانت تسيطر عليّ، كانت تختفي كلياً وأشعر بعالم سعيد وخال من المشاكل بعد التدخين". وفي هذا السياق يشير نشابة إلى "أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المسيطرة على البلد هي أحد الأسباب الرئيسية لارتفاع نسبة المتعاطين، إذ تصل إلى نسبة 60 في المئة لدى الشباب الذي تسيطر عليهم حالات الاكتئاب وفقدان الأمل بالمستقبل فيلجؤون الى المخدرات".

أما كيف تصل هذه المواد إلى فئات الشباب، وكيف يتم ترويجها وتهريبها إلى الداخل اللبناني؟

يقول نشابة، "إن بعض المواد المخدرة تزرع في لبنان كالقنب الهندي، على الرغم من محاولات المنع وقوننة الزراعة، والبعض الآخر يستورد، كما أن هناك مصانع في لبنان لحبوب الهلوسة كالكبتاغون، والسلطات اللبنانية تعلم أماكن وجودها وأصحابها، لكنها تغض النظر عن التجار الكبار المعروفين لديها، وللأسف تلاحق المروج الصغير والمتعاطي وتغفل عن التاجر الأساسي المحمي من بعض السياسيين".

التهريب

ويشدد نشابة، على أن المخدرات تدخل بواسطة التهريب، إلى الداخل اللبناني. لكن هل السلطات والمؤسسات الحكومية تساعد عبر التمويل أو تأهيل الشباب المتعاطي؟

وقال عمر نشابة، "الدولة غائبة عن هذا الموضوع، فلا مراكز تأهيل، ولا خطة شاملة مع الوزارات المعنية كوزارة الداخلية والصحة والشؤون الاجتماعية. وزارة الشؤون تساعد لكن بشكل غير كاف وغير مدروس، وجل ما تفعله السلطات، محاكمة هؤلاء الشبان والمروج الصغير، في وقت عليها أن تعمل أكثر مع وزارة التربية والتعليم للوقاية ومكافحة آفة الإدمان، وبالتالي الحد من أعداد الشباب المتعاطي المتزايد". "اندبندنت عربية" توجهت إلى أحد المراكز (CDLL) الذي يعنى بالمدمنين وتأهيلهم، وسألت مدير المركز الدكتور رافي كايبكيان عن نسبة ارتفاع معدلات الإدمان في لبنان، وسبب تزايد الأعداد في السنوات الأخيرة. يقول كايبكيان، "لاحظنا في السنوات الثلاث الماضية، ازدياد نسبة المتعاطين، وأن الأعمار التي تطالها آفة الإدمان أصبحت أصغر أي تطال الأعمار ما بين 12 و13 سنة، في حين أن أعمار المدمنين كانت من سن الـ 16 و17 سنة، حتى أنها في بعض المجتمعات تصل إلى 9 وعشر سنوات". ويضيف كايبكيان، "أن ابن التسع سنوات يبدأ بالتدرج من التدخين وشرب الكحول، وبعد عمر معين يتجه إلى تعاطي الحشيشة وحبوب الهلوسة، إلى أنواع مخدرات ذات تأثير عال كالكوكايين وخلطات منشطات، وهذا يندرج ضمن الطبقة الاجتماعية التي ينتمي إليها الشاب، كلما زادت ثروته استطاع أن يحصل على أنواع أغلى وأقوى بتأثيرها". ولكن من أين يحصل الشاب على حاجته من المخدرات؟ يوضح كايبكيان "عدا عن إمكانية الحصول على مادة الحشيشة بسهولة في المجتمعات اللبنانية المختلفة، فإن هناك أنواعاً من الحبوب تنتج في سوريا وتروّج بأسعار زهيدة عبر بعض النازحين، وبخاصة في مناطق عكار وطرابلس، وكلما زاد المجتمع فقراً ارتفعت نسبة التعاطي، أما الطبقة الغنية فتلجأ إلى المواد الأخرى كالكوكايين". في المقابل، يشير كايبكيان إلى أن "مراكز العلاج الموجودة على الأراضي اللبنانية، لا تستطيع استيعاب أكثر من 2000 إلى 3000 مدمن، وعدد اللبنانيين بحسب التقديرات غير الرسمية 23000 مدمن، ولا توجد خطة حكومية محددة وواضحة لمكافحة الإدمان، كما أن مكتب مكافحة المخدرات أعرب في مناسبات عدة أنه لا يستطيع أن يتابع حالات الإدمان المتزايدة".

أسباب الإدمان

ويرى كايبكيان أن من أهم أسباب لجوء الشباب والأطفال إلى الإدمان، المشاكل العائلية وتليها محاولة الشباب الاستقلال عن الأهل "بخاصة في بداية سن المراهقة"، باللجوء إلى جماعات تكون موجودة في الأحياء، أغلبها إما عاطلة من العمل أو تركت المدرسة لأسباب متعددة، فيدخل المراهق في سلوكياتها، والسبب الثالث من حيث الأهمية، البطالة، وهذا السبب يطال الفئات العمرية الأكبر". وحول التمويل الذي تحصل عليه جمعيات مكافحة المخدرات، يوضح كايبكيان أنه "يأتي من مصادر عدة، كالتبرعات من مواطنين أو عبر النشاطات التي تقوم بها الجمعية، لكن المؤسسات الدولية والـ NGO’s لا تلحظ تمويل علاجات الإدمان، في مارس (آذار) الماضي، قدمت USAID 41 مليون دولار للجمعيات الأهلية في طرابلس (شمال لبنان)، ولم تقدم شيئاً لمراكز إعادة التأهيل والعلاج من الإدمان، إذ يعتبرون خطر الإدمان ثانوياً". "اندبندنت عربية" حاولت التواصل مع أكثر من نائب في لجنة الصحة العامة والعمل والشؤون الاجتماعية لكن أحداً لم يجب على هاتفه. وكان رئيس مكتب مكافحة المخدرات المركزي العقيد هنري منصور قد صرح للإعلام أن "هناك صعوبة في ضبط إدخال المخدرات إلى السجون، وكذلك عبر المطار، واعتبر أن لبنان البلد الوحيد الذي لا يملك مكاتب أمنية على الحدود، و"أن السبب يعود إلى صراع الأجهزة الأمنية والتنافس والمناكفات وتوزيع الإدارات، ما أدى إلى عدم إنشاء مكتب لمكافحة المخدرات في المطار حتى الآن".



السابق

مصر وإفريقيا..البرلمان المصري يستدعي الحكومة... لمحاسبتها....تحرك عاجل في مصر بعد تصريحات إثيوبيا حول "اقتراح مصر المضحك" بشأن سد النهضة....السودان: مجلس السيادة يحيل وثيقة الإعلان الدستوري إلى وزارة العدل للنشر....صعود نجم الشعبويين في تونس يعمق مأزق «النهضة» الإسلامي..

التالي

اخبار وتقارير...ارتفاع قتلى احتجاجات العراق.. وإيران تغلق حدودها....5 قتلى في هجوم بسكين على مقر شرطة في قلب باريس.....بومبيو: كنت مشاركاً في الاتصال بين ترمب والرئيس الأوكراني...أطنان من الذهب ومليارات الدولارات بمنزل "مسؤول فاسد"....لافروف: واشنطن وطهران لا تريدان الحرب...بومبيو: «أدريان داريا» تفرغ نفطها في سورية.. فهل سيحاسب العالم إيران؟...«مسيرة الغضب» لآلاف من أفراد الشرطة الفرنسية في شوارع باريس..

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,044,321

عدد الزوار: 6,749,330

المتواجدون الآن: 116