هيئة الحوار الوطني لن تكون سلطة منافسة للسلطة التنفيذية

سليمان في رسالة الاستقلال: إصلاح بالتوازن بين الصلاحيات والمسؤوليات

تاريخ الإضافة الأحد 22 تشرين الثاني 2009 - 6:35 ص    عدد الزيارات 3074    التعليقات 0    القسم محلية

        


شدد رئيس الجمهورية ميشال سليمان، على ان "أي اصلاح أو تطوير يجب أن يخدم هدفنا في بناء الدولة بغية الحفاظ على المشاركة الكاملة بما لا يناقض ميثاق العيش المشترك"، معرباً عن تطلعه الى دور للحكومة في تحقيق ورشة الاصلاح. ولفت الى انه "يمكن هيئة الحوار الوطني، التي ستلتئم قريباً، والتي لن تكون سلطة جديدة منافسة أو موازية للسلطة التنفيذية، ولا تنوب عنها، ولا تتعارض مع عملها ومبادراتها، إيجاد المناخات المناسبة للمضي قدماً في هذا التوجه"، متطلعاً الى مشروع استقلال السلطة القضائية، ومعلقاً آمالاً اصلاحية على تطبيق مشروع اللامركزية الادارية الموسعة، وتعزيز دور البلديات وتحقيق الإنماء المتوازن للمناطق.
وإذ اشار الى "الحاجة الى تشكيل هيئة وطنية لالغاء الطائفية السياسية، وتطوير قانون الانتخابات النيابية، وإعادة الحقوق للمغتربين"، اعتبر ان "التوافق، هو الشرط الضروري لانجاز هذه الاهداف"، مشدداً على "تحقيق التوازن المطلوب بين الصلاحيات والمسؤوليات، تمكينا للمؤسسات، بما فيها رئاسة الجمهورية، من تأدية دورها الوطني، طبقاً لنص الدستور وروحه بعيداً من المحاصصة، وتوزيع المسؤوليات وليس تنازع الصلاحيات".
وكان سليمان وجه رسالة الى اللبنانيين، في الثامنة مساء أمس لمناسبة الذكرى السادسة والستين للاستقلال، في حضور مجلسي نقابتي الصحافة والمحررين ورابطة خريجي كلية الاعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية و"نادي الصحافة" والمجلس الوطني للاعلام والاعلاميين المعتمدين في القصر الجمهوري. وهنا نص الرسالة:
"أيها اللبنانيون، استقلال لبنان مسيرة نضال طويل ساهم فيها اللبنانيون على درب الحرية. ولأن الثقة والارادة بين اللبنانيين هما أساس عيشهم المشترك في وطن قائم على الحرية؛ ولأن جذوره الحضارية ضاربة في عمق هذا الشرق، تعززت أواصر العلاقات بين العائلات اللبنانية على تنوعها الديني والثقافي.
استقلالنا الوطني ليس مجرد محطة من الماضي، إنما هو فعل إيمان بالحوار، وبالعيش المشترك والتطلع الى دولة القانون والمؤسسات التي نريد. إنها دولة الاستقلال، التي بدأت ترسخ مسيرتها بسواعد شبابها الذين حرروا أرض الوطن وقاوموا العدو الاسرائيلي وتصدوا للارهاب وهزموه.
خلال سنة ونصف سنة توطدت الثقة بين اللبنانيين على رغم مجمل التحديات الضاغطة. وها نحن نتابع مسيرة ترسيخ الأمن الوطني. وفي موازاة ذلك، فقد تمكن لبنان من استعادة موقعه ومكانته ودوره على الساحة الدولية، وتعزيز علاقاته مع الدول على أعلى المستويات، على قاعدة المصلحة المشتركة والاحترام المتبادل.
تخطو العلاقات اللبنانية - السورية الى الأمام، بعد وضعها على مسارها الثابت والصحيح، وبعد إنجاز الخطوة التاريخية المتمثلة بإرساء العلاقات الديبلوماسية الكاملة بين البلدين. ونريد للعلاقات المتنامية بين لبنان وسوريا وسائر الدول العربية أن تتطور في كل المجالات، ليس فقط على الصعيدين الرسمي والحكومي، بل كذلك على الصعيد الأهلي وبين مختلف القطاعات الانتاجية وصولاً الى حالة من التعاون الاقتصادي والاجتماعي الأمثل.
وكترجمة للثقة التي تمكن لبنان من بلورتها وإرسائها على الصعيد الدولي، فقد تم انتخابه، بما يشبه الاجماع، للعضوية غير الدائمة لمجلس الأمن الدولي. ومن أرفع هيئة أممية، سيتمكن لبنان من العمل، في صورة أفضل، على حماية مصالحه الوطنية والدفاع عن قضايا العرب المحقة والمشاركة في البحث عن حلول سلمية وعادلة للمشاكل والنزاعات المطروحة على الساحة الدولية. وفي طليعة هذه القضايا فلسطين والقدس، وحق العودة للاجئين الفلسطينيين، ومواجهة العدوانية العنصرية التي دانها تقرير "غولدستون" في الأمم المتحدة. ومن أجل منع أي شكل من أشكال التوطين ينبغي وضع خطة عملية تضمن ذلك، بالاضافة الى تنقية العلاقات اللبنانية - الفلسطينية من الشوائب التي اعترت صفاءها، وتنفيذ مقررات مؤتمر الحوار اللبناني المتعلقة بمعالجة السلاح الفلسطيني الى جانب المسائل الحياتية.
ومع انتظام علاقاته الدولية واستعادة دوره إقليمياً ودولياً، أخذ لبنان يستعيد مركزه المالي على رغم وطأة الأزمة المالية والاقتصادية العالمية. ووفد المغتربون بشكل غير مسبوق الى وطنهم، لا مجرد سياح وحسب، وإنما مودعين ومستثمرين ومساهمين في نهضة مجتمعهم الوطني. هؤلاء الرواد الذين تتناهى الى مسامعنا ابداعاتهم اليومية في مختلف الميادين، يحدوهم الأمل ببناء الدولة الحديثة انطلاقاً من الثقة المتجددة بين اللبنانيين في عيشهم المشترك، وفي توطيد السلم الأهلي وقد اجتزنا خطوات ثابتة وأكيدة في هذا المجال بفضل تضحيات القوى الأمنية، التي نسعى الى تنمية قدراتها وعلى رأسها الجيش الذي يسهر ايضاً مع القوات الدولية الموقتة في الجنوب على صون السيادة الوطنية. وعقدت في ربوعنا عشرات المهرجانات والمؤتمرات العربية والدولية ذات الطابع العلمي والاقتصادي والثقافي والرياضي، مثرية مساحة الفكر والبحث والإبداع.

 

دولة المؤسسات

أيها اللبنانيون، دولة المؤسسات هي التي تحمي الاستقلال وتدافع عن الحريات العامة والخاصة، وتزيد تعلق اللبنانيين بمجتمعهم الوطني.
ولا بد في هذا المجال من الشروع في بناء مؤسسات الدولة وفق رؤية جديدة قائمة على الحداثة والانفتاح وصون حقوق المواطنين.
لقد سبق أن أشرت في كلمتي اليكم العام الماضي، الى أن فلسفة الكيان اللبناني قائمة على التوافق، وأن الاعتدال في لبنان شكل من أشكال البطولة، بعدما عانى، طيلة عقود، آفات التطرف والاقتتال والتدمير والتهجير.
إن الاصلاح الشامل يجب أن يستند الى نهج الشجاعة في قول الحق والمساءلة والمحاسبة، ونهج الحوار والحكمة والاعتدال انطلاقاً من روح الميثاق الوطني في مقاربة قضايانا الداخلية الشائكة، على قاعدة المصلحة الوطنية العليا والخير العام. ونحن ما زلنا نعمل في ضوء التوجه الذي رسمناه في خطاب القسم.
ونرى المدخل الصحيح لبناء دولة القانون والمؤسسات في بناء دولة الانسان اللبناني، بعدما ساهم أجدادنا في صوغ حياتنا وقيمنا المشتركة، ووطدوا العمران في ربوعنا، وتمسكوا بقيم الدفاع عن الارض والتكافل الاجتماعي بين اللبنانيين، والانفتاح على العالم وحماية التنوع الثقافي لنؤكد ان لبنان أكثر من وطن، لبنان رسالة.
إننا نتطلع الى مشروع استقلال السلطة القضائية تكريساً للعدالة وتوفيراً للانتظام العام. ونعلق آمالاً اصلاحية على تطبيق مشروع اللامركزية الادارية الموسعة، وتعزيز دور البلديات في هذا المجال وفي تحقيق الإنماء المتوازن للمناطق. كما نعتبر حماية البيئة الطبيعية وتطوير الصناعة السياحية، والقطاعات الانتاجية من أولويات أي مشروع إصلاحي.
وهذا يتطلب قبل زيادة الايرادات تشكيل هيئة مكافحة الفساد، ومنع الاهدار وترشيد الانفاق بهدف معالجة الدين العام.

 

الاصلاح

أيها اللبنانيون، إن اي إصلاح أو تطوير يجب أن يخدم هدفنا في بناء الدولة بغية الحفاظ على المشاركة الكاملة بما لا يناقض ميثاق العيش المشترك، نعم أيها اللبنانيون، بما لا يناقض ميثاق العيش المشترك الذي يسبغ الفرادة على نظامنا، تبرز الحاجة الى تشكيل هيئة وطنية لإلغاء الطائفية السياسية، وتطوير قانون الانتخابات النيابية لإنتاج التمثيل الفضل، وإعادة الحقوق للمغتربين بما فيها حق الجنسية والانتخاب.
ونحن اذا كنا قد اكدنا ذلك وتحقيق التوازن المطلوب بين الصلاحيات والمسؤوليات، تمكناً للمؤسسات، بما فيها رئاسة الجمهورية، من تأدية دورها الوطني، فإننا نؤكد الشرط الضروري لانجاز هذه الاهداف هو التوافق طبقاً لنص الدستور وروحه بعيداً من المحاصصة، وتوزيع المسؤوليات وليس تنازع الصلاحيات.
ولا يستقيم هذا التوجه من دون معالجة الثغر التي ظهرت في عمل السلطات الدستورية بعد مضي عقدين على اعتماد اتفاق الطائف ميثاقاً وطنياً، هو بمثابة العقد الاجتماعي بين اللبنانيين، والذي لا بد لنا من المضي في السعي لتطبيق كل بنوده.
وبعدما نجحنا في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، نتطلع الى دور مأمول لها في تحقيق ورشة الاصلاح، وحل المشكلات المتراكمة للمواطنين. كما يمكن هيئة الحوار الوطني، التي ستلتئم قريباً، ايجاد المناخات المناسبة للمضي قدماً في هذا التوجه الاصلاحي. هيئة الحوار هذه، لن تكون سلطة جديدة منافسة او موازية للسلطة التنفيذية، وهي لا تنوب عنها بالتأكيد، ولا تتعارض مع عملها ومبادراتها، بل يمكنها ان تعمل كإطار وطني جامع، لتعزيز المناقشة الهادئة والحوار، ومواكبة السلطات الشرعية بايجاد المناخ الملائم لتمكينها من الاضطلاع بدورها والمسؤوليات الموكولة اليها بموجب الدستور.
يحتاج اي مشروع اصلاحي الى ارادة وطنية جامعة نابعة من قيم الاستقلال. ولقد نجحت هذه الارادة في التصدي للعدوان الاسرائيلي وتحرير معظم الارض ومواجهة ظاهرة الارهاب، وأظهرت جدارة لبنان على امتلاك عناصر القوة والقدرة، وتثبيت نفسه بين الامم، وطناً منيع السياج، محتفظاً بحقه في المقاومة لاسترجاع ما تبقى من اراضيه المحتلة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من قرية الغجر بكافة الوسائل المشروعة والقدرات المتاحة.
لذا، فنحن مدعوون اليوم، انطلاقاً من هذا النجاح، الى اعادة بناء الثقة بأنفسنا وبطاقات شبابنا وبمستقبلنا، وبقدرتنا على التأقلم والتطور واجتراح الحلول من ضمن الثوابت الوطنية.
ايها اللبنانيون، اذا كان العالم يتطلع الى لبنان نظراً الى صيغته المميزة، فان التحدي امامنا هو في انجاح هذه الصيغة انسجاماً مع روح الاستقلال، وصيغة العيش المشترك في اطار حضاري تشهد له الانسانية.
ادعو الارادات الخيرة الى التلاقي من اجل عزة الوطن وبناء الدولة العصرية بكل ما فيها من قيم وقدرات خلاقة ودينامية يختزنها مجتمعنا الاهلي. هو عهد وشرف والتزام، يفرضه الواجب وحب الوطن على كل واحد منا".
وفي نشاطه الرسمي، استقبل سليمان وزير الداخلية والبلديات زياد بارود، ثم وزير الثقافة سليم ورده.
كذلك زاره المبعوث الخاص لرئيس الاكوادور قبلان ابي صعب الذي نقل اليه دعوة الى زيارة الاكوادور.
وتوالى ورود البرقيات المهنئة بالاستقلال، ابرزها من البابا بنيديكتوس السادس عشر الذي "تمنى السعادة والسلام للرئيس سليمان والشعب اللبناني" سائلاً الله "ان يمد المسؤولين اللبنانيين بالقدرة في جهودهم لترسيخ وحدة بلدهم كي ينعم الشعب اللبناني بالاستقرار والازدهار".
وتلقى الرئيس سليمان برقية من الامين العام للامم المتحدة بان كي – مون ضمنها تهانيه الحارة باستقلال لبنان مجدداً دعم الامم المتحدة ووقوفها بجانبه.
وتلقى رسالة من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي جاء فيها: "يسرني في ذكرى استقلال لبنان ان اشاطركم والشعب اللبناني احر التهاني.
ان فرنسا الامينة على صداقتها للبنان سوف تستمر على التزامها وحدته واستقراره وسيادته واستقلاله".
 وجاء في رسالة الرئيس الايطالي جورجيو نابوليتانو:
"في ذكرى استقلال لبنان، اتقدم باسمي وباسم الشعب الايطالي، بأحر التهاني متمنياً مستقبلاً زاهراً للشعب اللبناني".
وتلقى رئيس الجمهورية برقيات من الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف، العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني، رئيس دولة الامارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان ونائبه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الرئيس الالماني هورست كوكر، الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، رئيس قازاقستان نور سلطان نزار بايف، ملك اسوج كارل غوستاف، امير قطر حمد بن خليفة آل ثاني ورئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني وولي العهد تميم بن حمد آل ثاني، الرئيس الكوبي راوول كاسترو، رئيس الاتحاد السويسري، امبراطور اليابان اكيهيتو، رئيس الاكوادور فرناندو مانديز، الرئيس الاوكراني فكتور يوشنكو، ورئيس الاورغواي تاباري فاسكيز، ورئيس سنغافورة سير ناتان.


المصدر: جريدة النهار

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,015,374

عدد الزوار: 6,975,272

المتواجدون الآن: 76