المالكي يريد استبدال الهاشمي بميقاتي عراقي..

تاريخ الإضافة السبت 24 كانون الأول 2011 - 4:33 ص    عدد الزيارات 852    التعليقات 0

        

بقلم مدير المركز... حسان القطب

 

المشهد العراقي المتفجر بين مكونات المجتمع العراقي وكياناته السياسية والطائفية تذكرنا بالواقع اللبناني والمشهد اللبناني الذي عشناه قبل عام تقريباً عندما أعلنت المملكة السعودية خروجا من معادلة السين – سين ووقف مساعيها الحميدة في لبنان وعزوفها عن متابعة الشأن اللبناني.. حينها سارع أتباع سوريا وإيران في لبنان إلى إسقاط حكومة الوحدة الوطنية التي كان يرأسها الرئيس الحريري والقيام بتشكيل حكومة أكثرية نيابية ذات لونٍ واحد دون الالتفات لمبادئ العيش المشترك والسلم الأهلي ومفاهيم ومعايير الوحدة الوطنية والحفاظ على التعددية، والوزير الوديعة الذي أسقط الحكومة تمت مكافأته لاحقاً بتعيينه رئيساً للجامعة اللبنانية ليعطي طلابها دروساً في أصول العمل السياسي واحترام الوعود والعهود والالتزام بالاتفاقات والمواثيق..
وبعد أن انتشر أصحاب القمصان السود في شوارع بيروت في مشهد متكرر للحقبة الهتلرية حين كان ينتشر أصحاب القمصان السود من عناصر القوات الخاصة والغستابو الألماني (لإرهاب المعارضين) أعلن عن انسحاب موفدي تركيا وقطر من لبنان ووقف وساطتهما.. حينها وقع الخيار من قبل النظام السوري بالتفاهم مع مرشد الجمهورية اللبنانية ونبيه بري على تسمية نجيب ميقاتي رئيساً للحكومة اللبنانية.. وهو سني الهوية وهذا يعتبر من أهم شروط تبوأ المنصب دون النظر إلى حجم حضوره الشعبي أو مستوى تمثيله العام لدى الطائفة السنية في لبنان..دون شك لهذا الفريق الحق في التفكير والقيام بهذا التصرف، إذ ألم يقوموا قبلاً بتأخير انتخاب رئيس الجمهورية (المسيحي الماروني) الحالي لشهور عندما تم إغلاق المجلس النيابي.. وألم يستجيب رئيس الجمهورية لمطلبهم بتأجيل الاستشارات النيابية للتكليف في سابقة ملفتة وغير مبررة حتى يتم التوافق ضمناً فيما بينهم على تسمية خليفة سعد الحريري، وعندما سأل نجيب ميقاتي احد المقربين منه عن سبب وضمانات قبوله بهذا الموقع في ظرف عصيب وخطير، أجاب بان الضمانة هي مبادرة ومعادلة السين- السين، لأنها ستعود للحياة من جديد..
إذاً الواقع السياسي الدولي والإقليمي المستجد والانتشار الأمني للميليشيات التابعة لهذا الفريق شجع فريق المحور الإيراني – السوري على الظن أن بإمكانهم فرض الشروط التي يرونها مناسبة على مكونات المجتمع اللبناني، وأصبح تشكيل حكومة غالبية نيابية من ضرورات العمل الديمقراطي، بعد أن كان التوافق هو المطلب السابق لهذه القوى التي كانت قد اعتبرت لبنان كياناً تحكمه مجموعة طوائف وان المجلس النيابي والحكومة عبارة عن مجلس لأعيان هذه الطوائف يقوم بإدارة البلاد بتوافق وتفاهم لا يجب أن يحيد عنه أي فريق...وحول هذا الشأن يقول نصرالله: (لبنان بلد متعدد الطوائف وبقدر ما تكون علاقات القيادات حسنة يكون البلد يحكمه التعاون ويتجاوز الأخطار، وبقدر ما تكون الطوائف وداخلها متوترة ومتشنجة ويحكمها منطق العدل لا “يظبط” شيئا في البلد وتكون القيادات تضع لبنان على طريق الزوال والتمزق).. هذا المنطق الذي قدمه نصرالله في 17/8/2011، يتناقض تماماً مع سلوك وممارسات وسياسات حزب الله وأتباعه..وكان سبقه نواف الموسوي في 28/4/2008، بالقول: ("نحن مستعدون للحوار على قاعدة المشاركة، وإذا لم يكن هناك قبول بالمشاركة فليس هناك فائدة من أي حوار، وبعد انتخاب الرئيس، يجب أن تكون الحكومة التي ستشرف على الانتخابات متوازنة تملك فيها المعارضة القدرة على التصويب حين لا يكون هناك قدرة على التوافق عند طرح أي موضوع من الموضوعات، فلا أحد يمكنه أن يقبل بأن يمثل في الحكومة دون أن يكون له قدرة على التأثير").. واقع الحكومة اللبنانية اليوم بل الواقع السياسي اللبناني برمته اليوم يتناقض مع مضمون هذا الكلام فهل للرئيس ميقاتي القدرة على التأثير... أم هي عملية استغلال للمتبدلات السياسية في المنطقة.. حتى أصبح خروج سعد الحريري من لبنان واجباً وضرورياً كما قال ميشال عون( تذكرة سفر في اتجاه واحد) أي ذهاب بلا عودة..؟؟ وأصبح الرئيس السنيورة هدفاً يومياً للاتهام بالفساد وسوء الإدارة..في محاولة مكشوفة لدفعه للمغادرة خارج البلاد تحت تهديد الملاحقة القانونية مع قناعتنا الكاملة بكذب الادعاءات التي تطلق وتساق وتنشر من فريق افسد الناس في لبنان..
هذا الواقع اللبناني المتناقض والمتفجر الذي ذكرناه يماثله إلى حدٍ بعيد بل يتطابق معه المشهد العراقي، فخلال فترة الوجود الأميركي في العراق، كان لا بد من تشكيل حكومة وحدة وشراكة، وكان من الضروري أن تتبدل التحالفات حتى يتم الإطاحة بإياد علاوي واستبداله بنوري المالكي، وكان من المهم التفاهم على كل خطوة سياسية وتعيين وزير أو مسؤول وكل موقف لحفظ الاستقرار في الداخل العراقي بين كافة مكونات المجتمع العراقي.. أما اليوم وبعد انسحاب القوات الأميركية بأيام قليلة فقط. أصبح نائب رئيس الجمهورية العراقية السيد طارق الهاشمي وهو عضو حركة الإخوان المسلمين في العراق إرهابياً ومجرماً، ومباشرةً يصدر القضاء العراقي مذكرة توقيف لدفعه للخروج من العراق تحت طائلة الاعتقال والسجن، حيث يتم إقصاؤه وتعيين خلفٍ له وبعدئذٍ يتم البحث عن الحقيقة ومصداقية وحقيقة الاتهامات.. ونائب رئيس الوزراء العراقي( صالح المطلك) وهو سني الهوية وعلماني الانتماء والالتزام من مدينة الفلوجة يجب أن يستبدل أيضاً بشخصية تكون تابعة لا حول لها.. طبعاً سيتم استبدال كلا الرجلين بشخصين يحملان الهوية العراقية وينتميان للطائفة السنية ولكن على قاعدة ما نراه ونشاهده ونعيشه في لبنان، فالمدرسة واحدة والتوجيه واحد والانتماء هو عينه، والارتباط واضح وجلي وبارز، بين المجموعة الحاكمة في العراق التي تمارس دورها برعاية ووصاية أميركية ومتابعة إيرانية، وتلك الحاكمة في لبنان بحماية إيرانية وقبول غربي وخضوع أميركي، لذا فهي ستمارس السلوك عينه والسياسات نفسها طالما أنها تجد في كل حين وفترة ومكان وزمان نموذج يشابه شخصية  نجيب ميقاتي الذي يرضى بما وصل إليه الحال في لبنان اليوم أمنياً واقتصادياً وسياسياً وهو على رأس السلطة التنفيذية، وما جرى خلال اجتماع مجلس الوزراء في قضية زيادة الأجور الأخيرة والتي لم تنته فصولاً بعد من التلاعب بتأخيرها وتعطيلها وتغيير معادلاتها وأرقامها من قبل الفريق الحاكم حتى دون مراجعة ميقاتي أو احترام مواقفه وتعهداته..
بناءً على هذا النموذج وهذه التجربة في لبنان فإن فريق الحكم في العراق يسعى لإيجاد شخصيات مماثلة ومناسبة تلعب هذا الدور وترضى بهذا الواقع، لذا نرى اليوم الفريق الحاكم في العراق  يسير على هذه الخطى، فكانت الاتهامات والمذكرة القضائية بحق الهاشمي وطلب حجب الثقة بحق المطلك لإبعادهما عن السلطة السياسية، هم ومن يمثلون وتعيين خلفٍ لهما يتناسب دورهما مع سياسات المرحلة المقبلة لتسهيل وضع اليد على العراق وشعبه ومقدراته، وهذا ما يضع العراق في حال من القلق والفوضى وما يؤجج الصراع الداخلي بين مكونات المجتمع العراقي وكانت صحيفة الغارديان البريطانية قد ذكرت: (إن اثنين من قادة أكبر القبائل السنية العراقية حذرا من الفوضى الطائفية في العراقي بعد مغادرة الجيش الأمريكي، وأكدا أن حكومة نوري المالكي تعمل حاليا على الترويج لأجندة معادية للسنة. وقال كبار عشائر الدليمي العراقية إن السنة في العراق باتوا مهمشين خصوصا في السنة الأخيرة، إذ لم تعد لديهم أية مشاركة سياسية في مرحلة ما بعد الجيش الأمريكي في العراق. وتأتي هذه التحذيرات في خضم التطورات الحالية في العراق فيما يتعلق بنائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي، الذي أعلن في مؤتمر صحفي أن لا علاقة له بالاتهامات الموجهة إليه).

[email protected]

 

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,641,126

عدد الزوار: 6,958,667

المتواجدون الآن: 69