الحياد مسار لتحقيق اهداف وليس شعار...

تاريخ الإضافة الأحد 26 تموز 2020 - 7:41 م    عدد الزيارات 1333    التعليقات 0

        

الحياد مسار لتحقيق اهداف وليس شعار...

بقلم مدير المركز اللبناني للابحاث والاستشارات.... حسان القطب..

يمر لبنان اليوم بأزمة وجودية نتيجة الحصار المالي والاقتصادي والسياسي الذي يعانيه بسبب اخفاق التحالف الحاكم في تقديم رؤية سياسية واقتصادية واثبات قدرته على ادارة شؤون البلاد بكفاءة موضوعية على الاقل، كما بسبب السياسات الخارجية غير المنهجية التي فرضت عليه من قبل حلفاء محور ايران، دون الاخذ بعين الاعتبار التنوع اللبناني الذي لا يمكن اقتياده في اتجاه واحد وتحت ادارة واحدة مهما كانت الماكينة الاعلامية التي تدير المعركة قوية ومتمكنة وقادرة على تلميع صورة الفريق الحاكم وصورة حزب الله ومن يتحالف معه، او الاساءة الى كل من يخالف هذا الفريق ولا يتجانس مع سياساته...؟؟

زيارة اللواء عباس ابراهيم كموفد رئاسي من خارج السلك الدبلوماسي وحتى التوصيف الوظيفي للكويت لم تثمر رغم الاجواء الايجابية التي سبقت الزيارة وخلالها ولم تنعكي ايجاباً بعد عودته، كما ان زيارة وزير الخارجية الفرنسي (لودريان) سبقها ترحيب اعلامي وترويج لحملة دعم فرنسي للاقتصاد اللبناني ، ولكن جاءت تصريحات الوزير الفرنسي مخيبة للامال ... آمال من بنى عليها حلولاً وافقاً جديداً لمرحلة مختلفة...

الى جانب الوضع السياسي غير المستقر والاقتصادي والمالي المنهار يعيش لبنان ايضاً ازمة امنية نتيجة التهديدات الاسرائيلية التي تعتبر ان وجود ايران ومن يتحالف معها على حدودها الشمالية سواء في سوريا او في لبنان تهديداً وجودياً لاستقرارها، ولا يمكن تجاهل تداعياته بل لا بد من معالجته كما يقول قادة اسرائيل، والغارات شبه اليومية سواء على سوريا او في اماكن اخرى انما يدل على جدية الصراع والنتائج والتداعيات على لبنان واستقراره بسبب ارتباط حزب الله والنظام اللبناني الرسمي بهذا المحور الذي لا يملك القدرة المالية لتعويم الاقتصاد اللبناني، ولا الانفتاح السياسي لفتح افق جديد في علاقات لبنان مع دول وازنة اخرى غير العالم العربي والغربي، كما ان هذا المحور من طهران الى بيروت لا يملك القدرة على حماية مشروعه عسكرياً في حال اندلاع مواجهة مباشرة اللهم الا بارتكاب ممارسات قديمة - جديدة كما جري مؤخراً في العراق من اغتيالات وخطف واطلاق صواريخ عشوائية لتهديد المصالح الغربية، مما يؤدي الى تعميق الازمة الاقتصادية وزيادة الانفلات الامني وتراجع وتيرة الحياة الاجتماعية وبالتالي انهيار الكيان وتحول دول مثل العراق وسوريا ولبنان الى ساحات صراع وصناديق بريد لاطلاق رسائل متبادلة من خلال الممارسات الامنية والعسكرية المختلفة...

من هنا جاءت مبادرة (حياد لبنان) التي اطلقها البطريرك الراعي في محاولة لفتح ثغرة في جدار الازمة اللبنانية داخلياً كما مع محيطه العربي والدولي، والحياد ليس مجرد شعار بل هو مسار واقعي يفرض نفسه على الواقع اللبناني الهش والمتفجر في الوقت نفسه، وللابتعاد عن درب الصراع غير المتكافيء مع المجتمع الدولي الذي يعتبر ان أمن الكيان الاسرائيلي اولوية بالطريقة التالية:

  • في سورية يتم العمل على تحقيق أمن اسرائيل على جبهة الجولان برعاية وادارة روسية واضحة وبارزة لمن يريد ان يفتح عينيه ولا يغلق اذنيه، فالغارات الاسرائيلية المتكررة على مواقع ايرانية في سوريا تؤكد التعاون الروسي- الاسرائيلي، على تحجيم الدور الايراني ومن يتحالف معها الى الحد الادنى عسكرياً قبل ان يتم اخراج ايران كلياً من سوريا.
  • وفي لبنان فإن المجتمع الدولي وخاصةً الولايات المتحدة تعتبر ان حماية امن شمال اسرائيل يتطلب اعادة الاستقرار السياسي والامني الى لبنان، وعدم اشعال جبهة لبنان كلما شعرت ايران ان لها مصلحة في تفجير او فتح جبهة صراع جديدة انطلاقاً من لبنان لتثبيت دورها ومطالبها وطموحاتها على الساحة الاقليمية من البوابة اللبنانية، كما لوضع حدٍ لدور حزب الله على الساحة الاقليمية الذي تجاوز حجمه وامكانياته وقدراته وحتى بيئته الشعبية، كما ان هيمنة حزب الله على الساحة اللبنانية عطلت القطاعات الاعلامية والاقتصادية والمصرفية والسياحية والاستشفائية والتربوية التي هي عماد حضور لبنان ودوره في المنطقة..حتى اصبح لبنان على وشك الانهيار الكامل ان لم يكن قد اصابه الانهيار بالفعل..

إن تحريك ملف القوات الدولية يستدعي اعادة رسم دور هذه القوات المتواجدة على الخط الفاصل بين لبنان واسرائيل...اذ كيف يمكن ان نفهم انفاق المجتمع الدولي والولايات المتحدة بشكل خاص طوال اكثر من اربعة عشر سنة لمبلغ 900 مليون دولار اميركي سنوياً على هذه القوات الدولية.....؟؟ إذ إن حزب الله يتصرف وكان هذه القوات هي ضمانة منع اسرائيل من الهجوم على لبنان، مما سمح لحزب الله بالتوجه للقتال في سوريا والعراق واليمن والتوجه لوجستياً وامنياً الى اميركا الجنوبية واوروبا وبعض دول افريقيا...؟؟؟؟

سياسات حزب الله وممارساته وهيمنته على الواقع الداخلي والخارجي اللبناني دفعت المجتمع الدولي والعربي الى جانب بعض القوى اللبنانية الى اعادة النظر بالواقع اللبناني والبحث عن كيفية اخراج لبنان مما يعاني منه من فوضى سياسية وتردي امني وانهيار مالي واقتصادي وتسلط قوى محور ايران على لبنان ومستقبله... لذا فإن التفكير في تطبيق حياد لبنان، يجب ان يكون ضرورة واجبة مبنياً على قراءة دقيقة للواقع اللبناني الحالي، وعلى التحولات الاقليمية والدولية التي بدات تبرز بقوة ..والاقتناع بأن الالتفاف حول المبادرة قد يكون خشبة خلاص للبنان من التعرض لمزيد من العقوبات الاقتصادية والسياسية وحتى التعرض لضربات امنية.... واللجوء الى الحياد يجب ان يكون نتيجة موازنة موضوعية بين ما قد يحققه منطق المواجهة والصراع مع المجتمع الدولي ... وما قد يعود على لبنان في حال اندفع الى مسار الحياد وما يتطلبه هذا من تحقيق المطالب التالية:

  • تقوية الجيش اللبناني والقوى الامنية بحيث تكون قادرة على حماية لبنان من اي عدوان وخاصةً من قبل اسرائيل
  • تسليم السلاح للدولة اللبنانية ورفض ضم الميليشيات المسلحة للقوى الامنية
  • العودة الى الدولة المدنية والقضاء المستقل والالتزام بتطبيق الدستور وتخفيف القبضة الامنية
  • سحب الميليشيات اللبنانية من ساحات الصراع العربية
  • ترسيم الحدود اللبنانية
  • تطبيق اتفاق الطائف
  • الالتزام بقرارت الشرعية العربية والدولية
  • اعادة التوازن بين مكونات المجتمع اللبناني
  • تطبيع العلاقات مع الدول العربية والمجتمع الدولي واعادتها الى ما كانت عليه
  • احياء دور لبنان المالي والاعلامي والاقتصادي البناء في المنطقة
  • تطبيق سياسة الحياد الايجابي بحيث يمارس لبنان دوراً ايجابياُ في معالجة الخلافات العربي – العربية، وحتى العربية – الدولية..
  • موقف لبنان من القضية الفلسطينية ثابت ولا يتبدل ويبقى لبنان مع حل الدولتين وعودة النازحين الى دولة فلسطين ورفض التوطين...

اذا اطلاق مبدا الحياد يجب ان يكون لخدمة استقرار لبنان واعادة اطلاق دوره وتجنب ما لا يمكن ان يتحمله الشعب اللبناني من صعوبات وعقوبات، ودمار وخراب ونكبات، واعادة نبض الحياة لهذا الكيان الذي لا يمكن ان يستمر الا مع احترام الحريات الاعلامية والسياسية والاحتكام الى القانون والدستور وتوازن العلاقات بين المكونات اللبنانية المختلفة والمتنوعة.....

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,770,589

عدد الزوار: 6,914,150

المتواجدون الآن: 123