روسيا تتجنب اخطاء افغانستان في سوريا مع اعلان وقف اطلاق النار

تاريخ الإضافة الجمعة 30 كانون الأول 2016 - 5:13 ص    عدد الزيارات 816    التعليقات 0

        

 

روسيا تتجنب اخطاء افغانستان في سوريا مع اعلان وقف اطلاق النار
بقلم مدير المركز اللبناني للأبحاث والاستشارات.. حسان القطب
ديسمبر/ كانون الأول عام 1979، كانت بداية الغزو السوفياتي لأفغانستان، بهدف الوصول تدريجياً الى مياه المحيط الهندي.. ليخرج منها مهزوماً عام 1988، على يد المقاومة الافغانية، اي بعد حوالي عشر سنوات من القتال،.. وجاءت روسيا الى الاراضي السورية في ايلول /سبتمبر من عام 2015، لحماية مصالحها في  سوريا وشرق البحر المتوسط.. بطلب مباشر من النظام الحاكم في سوريا بعد ان وصل الى مرحلة الانهيار.. اليوم وفي نهاية شهر ديسمبر/ كانون الأول عام 2016، يتم الاعلان عن وقف اطلاق النار في سوريا بتوافق وتفاهم روسي – تركي..
القلق الروسي من تكرار مأساة افغانستان كان واضحاً من حجم التدخل وطبيعته في سوريا، اذ بقي في حدودٍ مضبوطة ومستويات محدودة، .. اذ اكتفت موسكو بمشاركة فعالة من طيرانها لدعم الميليشيات الطائفية التكفيرية الايرانية وعلى راسها حزب الله اللبناني.. متجنبةً التدخل المباشر بقوات برية مما قد يرفع من اعداد القتلى الروس والاصابات في صفوف جنودها..وفي الوقت عينه باشرت القيادة السياسية الروسية حملة مفاوضات واسعة مع الولايات المتحدة للتفاهم على مستقبل سوريا وعلى وضع خطة لانهاء الحرب ووقف النزيف.. كما اعادة الحكومة الروسية انتاج علاقاتها مع الدولة التركية الداعم الاساس للثورة السورية والممر الاجباري لكافة المساعدات والمعونات العينية القادة من دول عدة وخاصةً العربية منها سواء للنازحين والمتضررين او للثوار والمقاتلين..
الاخطاء التي ارتكبت خلال تدخل الاتحاد السوفياتي في افغانستان، من الممكن ايجازها بالنقاط التالية:
-          لم تقدم قيادة الاتحاد السوفياتي اية مبررات موضوعية او منطقية او حتى مقنعة لتدخلها في افغانستان واحتلالها لاراضيها.
-          علاقات الاتحاد السوفياتي السيئة مع دولة باكستان جعل منها ممراً لكافة انواع الاسلحة للمجاهدين ومعبراً لوصول المتطوعين العرب للقتال الى جانب مجاهدي افغانستان..
-          عدم فتح قنوات اتصال دبلوماسية مع الدول الغربية، وكذلك العربية المتعاطفة مع الشعب الافغاني والداعمة له ، لشرح تدخلها والتلميح او الاشارة الى امكانية التوصل الى حل سياسي مقبول ومعقول للآزمة الافغانية وانهاء التدخل العسكري..جعل من التدخل الروسي احتلالاً لافغانستان..
-          اعتمدت موسكو في تدخلها على تفوقها العسكري وحجم جيشها الضخم متجاهلةً رغبة الشعب الافغاني في الحرية وارادته على الصمود والمقاومة.. ورغبته في تغيير النظام الحاكم..
-          لم تتفهم او تدرك القيادة السوفياتية في موسكو رغبة الادارة الاميركية واستراتيجيتها في العمل على تعميق تورط موسكو في الصرع العسكري في افغانستان ولم تقم بتقدير حجم اعبائه المالية والاقتصادية، كما تفاقم ردات الفعل الشعبية على تزايد اعداد القتلى والجرحى من الجنود الروس العائدين بروايات عن مشاهد مروعة واخبار عن خسائر بشرية فادحة.. والولايات المتحدة كانت ترغب في ان تشعر موسكو بما شعرت به الولايات المتحدة ابان تورطها في حرب فييتنام من معاناة وخسائر وصعوبات قبل ان تخرج مهزومة منها ..تماماً كما خرجت موسكو لاحقاً من افغانستان..
-          مع نهاية حرب افغانستان انهارت منظومة الاتحاد السوفياتي وتفككت الجمهوريات السوفياتية..
هذا المشهد المقلق والمحفور في الذاكرة الروسية، جعل من القيادة الروسية اكثر حذراً ووعياً في تعاطيها مع الازمة السورية.. فتجنبت موسكو الاخطاء السابقة التي وقعت خلال ادارة ازمة افغانستان بأن قامت في سوريا بما يلي:
-          بررت موسكو تدخلها في سوريا بمحاربة الارهاب، وهو شعار وعنوان يحظى باجماع دولي.. عربي – وغربي..
-          اعلنت موسكو ان تدخلها العسكري محدود في المكان والزمان والاهداف وكذلك في طبيعته وحجمه ..
-          تجنبت موسكو الاشارة الى تبنيها النظام الحاكم في دمشق واكدت ان هدفها هو محاربة الارهاب فقط..
-          اكدت موسكو انها جاءت الى سوريا لتستهدف المتطرفين، والقادمين  منهم من دول وسط أسيا المحاذية لروسيا بشكل خاص..
-          اطلقت موسكو حملة دبلوماسية واسست لتواصل دائم مع الولايات المتحدة والدول الغربية، والدول العربية المعنية بالازمة السورية، لشرح اهداف تدخلها وابداء رغبتها في ايجاد تسوية سياسية للآزمة السورية
-          تجاوزت موسكو ازمة اسقاط الطائرة الروسية على يد القوات التركية، واعادت التفاهم مع الحكومة التركية، بعد ان تبين لها ان الدعم عبر الحدود التركية لثوار سوريا سوف يؤدي بها الى ان تعيش الواقع نفسه الذي اصابها في افغانستان..بعد ان تجاهلت التفاهم مع دولة باكستان القلقة من تدخل الاتحاد السوفياتي في افغانستان ووقوف الجيش السوفياتي على حدودها....!! فكان الخيار الروسي هو تطمين الدولة التركية وازالة هواجسها وصولاً الى التفاهم بين الحكومتين التركية والروسية على حماية مصالحهما المشتركة الاقتصادية والامنية.. والتوصل الى حل سلمي وسياسي للآزمة السورية.. مما يعني وقف الدعم العسكري لثوار سوريا او الحد منه على الاقل عبر الحدود التركية .. ولجم موسكو لتدخل ايران وميليشياتها والبحث الجدي في مستقبل النظام السوري ..وبهذا تجنبت روسيا التورط عميقاً في الصراع السوري ..
-          اعتبرت موسكو نفسها معنية بتحمل مسؤولية قرار وقف اطلاق النار بالوكالة عن النظام السوري وبالضغط على من يؤيده، وهذا يشمل دولة ايران وميليشياتها للالتزام بالقرار.. مقابل تحمل تركيا مسؤولية ضبط تحركات واداء الفصائل الثورية في سوريا...مما حد من تشعب مراكز القرار وتعدد مواقع المسؤولية..
تدرك روسيا ان اي فشل سياسي او عسكري لها في سوريا سوف يكون له تداعيات سلبية على استقرارها وسمعتها الدولية كقوة عظمى تسعى لاعادة انتاج حضورها ودورها على مسرح السياسة الدولية، وكدولة مصنعة للأسلحة التي تشكل مبيعاتها مصدراً اساسياً لدخلها القومي، ورمزاً لقوتها وحضورها الدولي..
وتعرف روسيا ايضاً ان استراتيجيتها في المنطقة مختلفة تماماً عن الاستراتيجية الايرانية .. كما ان هناك تضارباً في المصالح والاهداف التي دفعت روسيا وايران الى التدخل في سوريا.. واعلان روسيا انها ضامنة لانضباط النظام السوري وحلفائه سوف يكون تحدياً كبيراً  لموسكو، وابراز قدرتها على لعب دور بالغ الدقة في صناعة السلام في سوريا دون التورط في مستنقع الصراع الدموي الذي تورطت فيه ايران ومن يدور في فلكها من ميليشيات طائفية تكفيرية..
كما ان استعادة ثقة المجتمع العربي والاسلامي، سوف تكون مهمة شاقة بالنسبة للدبلوماسية الروسية، بعد ان عاش العالم باسره معاناة الشعب السوري نتيجة  تعرضه للقصف الهمجي الذي مارسه سلاح الجو الروسي على قراه ومدنه، والدعم غير المحدود الذي قدمه لنظام الديكتاتور بشار الاسد، والتغطية السياسية والعسكرية للتدخل الايراني في سوريا.. الى جانب عمليات القتل والتدمير والتهجير التي تسبب بها التخل الروسي في سوريا.. لذلك فإن نجاح وقف اطلاق النار، وانطلاق المفاوضات سوف يكون مؤشراً هاماً وحساساً بالنسبة للقيادة الروسية..ومستقبل علاقاتها مع الامة العربية والاسلامية وهذا ما ينتظره الجميع..
 
 

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,090,838

عدد الزوار: 6,752,250

المتواجدون الآن: 112