حزب الله حركة عقائدية مسلحة.. وليس حركة تحرر وطني....

تاريخ الإضافة الأربعاء 2 كانون الأول 2009 - 1:56 م    عدد الزيارات 933    التعليقات 0

        

بقلم مدير المركز حسان قطب

غداة إعلان حزب الله لوثيقته السياسية الجديدة لا بد من التوقف مليًا عند الأسباب التي دعت حزب الله إلى إعلان وثيقته الآن، أي بعد الانتخابات النيابية الأخيرة وليس قبلها والتي انتهت بخسارته وفشله في الحصول على أكثرية نيابية تهيئ له تشريع سلاحه بشكل دستوري والحصول على هامشٍ واسع داخل السلطة التشريعية التي يسيطر على حرية حركتها بالكامل من خلال إمساكه بزمام الرئيس بري، كما رأينا وشاهدنا وعشنا خلال الفترة الماضية حيث أغلق المجلس النيابي سنتين كاملتين دون وجه حق أو مبرر أو مسوغ قانوني أو دستوري اللهم إلاّ التهديد بقوة سلاح حزب الله الذي يطلق عليه مجازاً (سلاح المقاومة).. وكذلك كان يتمنى حزب الله أو يأمل من خلال فوزه في الانتخابات النيابية في تكليف رئيس وزراء سني المذهب من حاشيته يكون مطواعًا متعاونًا معه في تمرير كل ما يرغب من قرارات وتعيينات وممارسات.. ولو قدر لهذا الحزب أن يحصل على الغالبية النيابية لما تحدث اليوم عن الديمقراطية التوافقية ولكان طالب بتطبيق مفهوم الأكثرية تحكم والأقلية تعارض..
حرب السابع من أيار/مايو عام 2008، أخرجت حزب الله من دائرة الرعاية الشعبية لتحفظ له فقط الرعاية الطائفية المذهبية الموجودة حصراً داخل المجتمع الشيعي.. بعد أن جعله حزب الله مجتمعًا منغلقًا على نفسه ينظر لسواه من الشركاء في الوطن باستعلاء وعنجهية.. فالنصر الذي تحقق في حرب تموز/ يوليو عام 2006، هو نصر إلهي.. كما عمم إعلام حزب الله على جمهوره محليًا وإقليميًا، والمساعدات العربية والدولية التي قدمت للبنان لإعادة الأعمار بعد تلك الحرب المدمرة كانت رضوخًا وإذعانًا من المجتمع العربي والنظام العربي الرسمي والمجتمع الدولي بكافة مكوناته لقوة حزب الله وقدرته على المواجهة.. وتعطيل مؤسسات الدولة في لبنان عن العمل والسعي لفرض أجندة معينة على كافة مكونات المجتمع اللبناني.. هي نتيجة قوة حزب الله والتفاف جمهوره الذي أطلق عليه حسن نصرالله لقب أشرف الناس وأعز الناس وأعظم الناس.. إلى ما هنالك من ألقاب تذكرنا بالحقبة الهتلرية والعبارات النازية التي استعملها النظام الفاشي آنذاك ليجمع جمهوره حول مسلمات غير قابلة للنقاش بل للتنفيذ والطاعة العمياء، وعلى العكس من ذلك فإن الالتزام بهذه المسلمات والعمل بها، والتي هي إلهية في طبيعتها وأهدافها، ستقود هذا الجمهور حتمًا إلى النصر والعزة.. والتفوق على سائر اللبنانيين دون استثناء. لأن منطق الحق هو الغالب، وهو المنتصر. وهو المهيمن في نهاية الأمر... هذه التربية الاجتماعية والسياسية والتي استتبعت بالرعاية المالية الإيرانية الواسعة، أعطيت طابعًا وغلافًا دينيًا، مما أفقد هذا الجمهور القدرة على التعايش مع سائر المواطنين وعلى الالتزام بالقوانين والنظام العام الذي كان يدفع لتجاوزه تحت شعار الحرمان والحاجة والقهر..
هذه التربية وهذا الشحن الديني والعقائدي والفكري والتربوي أدى إلى انفلات الأمور في أماكن تواجد حزب الله وجمهوره الذي ينعم برعايته وحمايته في تجاوزه للقوانين وتحديه للسلطة اللبنانية ومؤسساتها الأمنية والإدارية.. وهي حقيقة الأمر أن هذا الجمهور لا يتحمل مسؤولية ما جرى بمقدار ما تتحمل أجهزة الحزب وحسن نصرالله شخصيًا هذا الواقع، لأن إضفاء طابع غير عادي على شخصية تحظى بالاحترام وسط جمهور يتم شحنه باستمرار بعبارات التفوق والفوقية والرعاية الإلهية والعناية المالية الإيرانية، وأن العالم بأسره يخاف هذا الحزب وجبروته وسطوته وقدرته، وإمكانياته..
فكانت النتيجة أن مشروع حزب الله قد أصبح أسير جمهور من لون واحد، مما أفقده شرعية شعبية كان ينعم بها طوال حقبة طويلة، ثم كانت غزوة أيار/ مايو وما مارسه حزب الله آنذاك من قتل وحرق للمؤسسات الإعلامية، وبعض الإعلاميين إلى الآن لا يجرؤ على العودة إلى لبنان.. ثم ظهرت فضيحة الحاج صلاح عزالدين وما رافقها من ملابسات ومن تناقضات في بيانات حزب الله وإعلاناته حول هذا الموضوع وآخر أخطاء حزب الله في هذا الأمر تسليم وزارة الزراعة في الحكومة الجديدة لنائبه حسين الحاج حسن وهو أول من ادعى على الحاج عزالدين بجرم إعطائه شيكًا بلا رصيد بعد أن وظف أمواله لديه..وكان أحرى بالحزب أن يتمثل بوزير يؤمن بروحية العمل وأهمية الزراعة، لا بروحية التوظيف الغامض، والفوائد الفاحشة.؟؟؟.. وبعد انتشار ترويج المخدرات وسرقة السيارات بشكل لافت إضافةً إلى بيوت الدعارة التي انتشرت في أماكن حماية ورعاية حزب الله كما ذكر أكثر من مقرب من حزب الله من الصحافيين والإعلاميين والسياسيين.. أطلق حزب الله مشروع اللجوء إلى السلطة اللبنانية ودعا القوى الأمنية التي كان يتهمها قبل أيام بكل الموبقات والصفات والنعوت للدخول إلى الضاحية الجنوبية بداية ومن ثم لاحقاً إلى المناطق الأخرى، ليقدم نموذجاً ولو متأخراً أو إشارة إيجابية على الأقل على أنه مستعد للانخراط في جسم الدول وأن يكون جمهوره الذي خرج على السلطة مستعداً للعودة إلى كنف الدولة...
كل هذه القرارات الخيرة التي اتخذها حزب الله هي بهدف محاولة استعادة بعض من جمهورٍ خسره من اللبنانيين، الذين ينظرون إليه اليوم على أنه قوة مسلحة تفرض حضورها ووجودها على الدولة اللبنانية، وتسعى لتشريع نفسها بقوة السلاح أو أنها تقوم بتعطيل الحياة السياسية والمؤسسات الدستورية كما شهد عند كل استحقاق دستوري أو ووطني.. مستندة إلى جمهور يشعر أن قوته هي من قوة هذا السلاح وأن خسارة هذا السلاح تفقده القدرة على تجاوز القوانين وممارسة ما يطيب له من مخالفات..
حزب الله حزب عقائدي في كافة تفاصيله وبنيته وتربيته ومهماته وأهدافه وتطلعاته ومهما حاول أن يضفي على نفسه شيئاً من الوطنية، لن يفلح في تغطية هذا الأمر.. وما يقوم حزب الله اليوم هو محاولة شراء بعض الوقت لمحاولة العودة إلى بعض الواقع اللبناني الذي خرج منه بتورطه في مصر اليمن والبحرين والعراق، والوثيقة السياسية التي أطلقها سيده حسن نصرالله منذ أيام أكدت على ارتباطه الوثيق بالمشروع الإيراني في المنطقة عندما أكد على التزامه بقيادة الولي الفقيه، عندما يقول في وثيقته.... "وفي هذا الإطار يَعتبر حزب الله إيران الإسلام دولةً مركزيةً مهمةً في العالم الإسلامي، فهي التي أسقطت بثورتها نظام الشاه ومشاريعه الصهيونية - الأميركية، ودعمت حركات المقاومة في منطقتنا، ووقفت بشجاعة وتصميم إلى جانب القضايا العربية والإسلامية وعلى رأسها القضية الفلسطينية•.. إنّ سياسة الجمهورية الإسلامية في إيران واضحةٌ وثابتةٌ في دعم القضية المركزية الأُولى والأهم للعرب والمسلمين وهي القضية الفلسطينية، منذ إعلان انتصار الثورة الإسلامية المباركة بقيادة الولي الفقيه الإمام الخميني (قده)، وفتح أول سفارة فلسطينية مكان السفارة الإسرائيلية، وقد استمر هذا الدعم بأشكاله كافةً إلى يومنا هذا بقيادة الولي الفقيه الإمام الخامنئي (دام ظلّه)، ما أدى إلى تحقيق انتصاراتٍ بارزةٍ لأول مرة في تاريخ الصراع مع الصهاينة الغزاة.." إذاً دولة إيران هي الدولة المركزية في المنطقة التي تدور في فلكها كافة الدول والحركات والتنظيمات التي تنعم برعايتها وعنايتها وبالتالي وبما أن سياسات إيران هي مركزية في تطلعاتها وأهدافها.. فإن حزب الله سيكون إلى جانب الحوثيين في اليمن وجيش المهدي في العراق.. وطبعًا سيكون إلى جانبها في تحقيق طموحاتها النووية دون أن ندخل في تفاصيل مشروعيتها من عدمه..
من هنا يمكن القول أن حزب الله هو حركة عقائدية مرتبطة بنظام الولي الفقيه القائم في إيران بروابط العقيدة والمشروع الواحد والرعاية المستمرة، ولن يكون حزب الله أبداً حزباً وطنياً أو مشروع حركة تحرر وطني مهما حاول أن يغير من لباسه أو من بعض أدبياته وعناوينه ومهما حاول أن يعطي سلاحه وميليشياته بعداً فلسطينياً.. مقاوماً..
 

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,165,209

عدد الزوار: 6,937,760

المتواجدون الآن: 116