الصراع الديني يشتعل بين دولة الولي االفقيه ودولة الخلافة... بقيادة قاسم سليماني وعمر الشيشاني

تاريخ الإضافة الجمعة 4 تموز 2014 - 11:00 ص    عدد الزيارات 648    التعليقات 0

        

بقلم مدير المركز... حسان القطب

 

بعد انتصار الثورة الإيرانية بزعامة الخميني بدا التمهيد لتطبيق عناوين ومفاهيم مبدأ ولاية الفقيه، مما أعطي مرشد الثورة الإيرانية آية الله الخميني، حق الوصاية الكاملة والشاملة والرعاية التامة على شؤون الجمهورية الإيرانية ومؤسساتها ... واعطى كذلك النظام الإيراني الجديد بعده ومفهومه ودوره وشكله الديني، فأصبحت الثورة الإيرانية التي انطلقت لمواجهة ظلم الشاه الحاكم وسلطته الديكتاتورية الإمبراطورية الشاهنشاهية، بديلاً مماثلاً بالشكل والدور ولكن مختلف بالاسم فقط... وإذا كان حكم الشاه قد اقتبس لنفسه ولدولته وصف الإمبراطورية الفارسية ليستلهم صلاحياتها وشكل حكمها وسلطتها التاريخية..... فإن نظام ولاية الفقيه الذي أطلقه الخميني ورعاه وأعطاه الوصف الجمهوري شكلاً، قد استلهم تجارب دينية تاريخية ليحصل على شكل السلطة نفسه، لذلك فقد غاب عن مضمونه كل أشكال الحريات الدينية والإعلامية والسياسية..وتم خلاله ممارسة القمع والاضطهاد والتصفية من خلال أحكام المحاكم الثورية التي رأسها حينذاك آية الله خلخالي الذي أصدر احكاماً بالموت على الآلاف من الإيرانيين بتهمة العداء للثورة ومحاربة حكم الله أيضاً... فالمفهوم الديني للسلطة قد ساد ولا يزال في جمهورية الولي الفقيه ومرشد الثورة.. في إيران..
ومن هذا المنطلق والفهم والفكر والعقيدة الحاكمة.. تم وضع استراتيجية سياسية ودينية تعطي إيران ونظامها الديني الحاكم هيمنة عقائدية وفكرية وسياسية على بعض دول المنطقة مستغلةً ترابط الانتماء الديني بين إيران وبعض الأقليات فيها ولتأكيد هذه الهيمنة المطلقة، اعطت نفسها المرجعية الدينية إلى جانب السياسية على هؤلاء... وهذا ما برز فيما يجري من احداث في سوريا والعراق ولبنان واليمن والبحرين وغيرها...وقد تم تأسيس فيلق القدس الإيراني لمتابعة تنفيذ المشروع السياسي على ارض الواقع من خلال رعاية وتدريب مجموعات مسلحة في كلٍ من هذه الدول مرتبطة عقائدياً وفكرياً وسياسياً بمشروع الدولة الإيرانية التوسعي..ويقود هذا الفيلق الجنرال قاسم سليماني الذي تم تعيينه في العام 1998.. ويعتبر فيلق القدس” وحدة النخبة المكلفة عمليات سرية في الخارج والتابعة للحرس الثوري” الايراني. وقد اتهمت الولايات المتحدة سليماني في 2008، بتدريب الميليشيات الشيعية لمحاربة قوات التحالف الدولي في العراق... وقد وصفه المرشد الأعلى علي خامنئي في 2005 بأنه "شهيد حي"... وخلال إحدى إطلالاته النادرة جداً، كشف سليماني في كانون الثاني/ يناير 2012 عن مدى تمدد نفوذه في خطاب أوردته وسائل إعلام إيرانية قائلاً: إن “ايران متواجدة في جنوب لبنان والعراق. وفي الواقع هاتان المنطقتان متأثرتان الى حد ما بعقيدة واعمال الجمهورية الاسلامية".. ويقول مصدر ديبلوماسي ان الجنرال سليماني “يعرف سورية وكأنه ولد فيها، ويعرف جيداً العراق أيضاً”كما أنه يحظى ايضا باحترام شديد من قبل عناصر فيلق القدس بفضل مسيرته وجاذبيته..
في المقابل ومنذ أيام أعلن تنظيم ما يعرف باسم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" قيام "الخلافة الإسلامية" وأن زعيمه أبو بكر البغدادي هو "خليفة للمسلمين"، داعيا الفصائل الجهادية في مختلف أنحاء العالم لمبايعته. وقد قال المتحدث باسم تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" أبو محمد العدناني في تسجيل له إن: "الدولة الإسلامية قررت إعلان قيام الخلافة الإسلامية". وأعاد التنظيم الذي يعرف باسم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" تسمية نفسه باسم "الدولة الإسلامية"... ويذكر أن تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، هو مجموعة جهادية متطرفة تمكنت من تجنيد آلاف المقاتلين من العرب والأجانب، ويسيطر على مناطق واسعة في شمال وشرق سوريا، وتمكن من توسيع انتشاره خلال الأسابيع القليلة الماضية إلى مناطق كبيرة في شمال وغرب العراق...وتم تسريب معلومات عن ان "عمر الشيشاني" هو من سيقود مقاتلي دولة الخلافة في سوريا والعراق ويصفه احد التقارير التي نشرتها جريد النهار اللبنانية..." بانه شاب بلحية محناة بالأحمر صار بسرعة أحد القاعدة المهمين في العراق وسوريا. وعمر الشيشاني، واحد من مئات الشيشانيين المقاتلين في سوريا، وقد برز كأحد وجوه "الدولة الإسلامية في العراق والشام" ("داعش")، إذ ظهر في فيديوات عدة. وقد ظهر الشيشاني (28 سنة) قبل أيام واقفاً إلى جوار مقاتلين يعلنون إزالة الحدود بين العراق وسوريا، بعد ساعات من إعلان "الدولة الإسلامية" والخلافة في المناطق التي تسيطر عليها "داعش". وقال الشيشاني :"سنعيد الخلافة، وإذا لم يُقدر الله لنا إعادة الخلافة، نسأله منحنا الشهادة". وهو عمل قائداً ميدانياً في سوريا، وترقى في المناصب في التنظيم بعد مقتل أبو عبدالرحمن البلاوي الأنباري في الموصل في حزيران. ولا يستبعد تشارلز ليستر من معهد "بروكينغز" في الدوحة اضطلاع الشيشاني بمسؤولية القيادة الميدانية للتنظيم في سوريا نظراً إلى تزايد قوته. ويرى الخبير في معهد "كارنيغي" في موسكو أليكسي مالاشينكو أن العرق ليس عاملاً مهماً في الحركات الجهادية، والشيشاني نفسه "متعصب للإسلام مع خبرة قتالية كبيرة". ويذكر أن الاسم الحقيقي للشيشاني هو "ترخان باتيراشفيلي"، ويتحدر من وادي "بانكيسي" في جورجيا حيث تقيم أقلية شيشانية. وقد خدم في الجيش الجورجي ثم سُرح منه بسبب المرض. أوقف لاحقاً لحيازته أسلحة بصورة غير شرعية، وغادر عام 2010 إلى تركيا. وبُعيد انتقاله إلى سوريا للقتال عام 2013، تعرف على زعيم "داعش" أبو بكر البغدادي وتعهد الولاء له. ويُعتقد أنه اضطلع بدور أساسي في السيطرة على قاعدة مناغ الجوية بشمال سوريا. وهو حالياً يقود العمليات في دير الزور. وبعدما ترددت تقارير عن مقتله، أفاد مقربون منه أنه أصيب في ذراعه اليمنى في العراق وهو يخضع للعلاج في سوريا."..
إذاً صورة مشهد الصراع والقتال الديني بين فريقين عقائديين قد اكتملت... دولة دينية في إيران يقودها مرشد وولي فقيه لا يمكن مناقشة قراراته او مواقفه...ولا يحق لأحد اعتراض سلطته..وإلى جانبه جنرال محترف يقود الصراع المسلح في دول المنطقة والجوار بعيداً عن أراضي الجمهورية الإيرانية...؟؟ وخليفة لدولة خلافة إسلامية مفترضة لا نعرف عنه الكثير بل بالكاد نعرف عنه شيئاً.. وإلى جانبه مقاتل شيشاني يقود الصراع بخلفية دينية ايضاً.. ولكن ما هي نتائج وتداعيات صراع من هذا النوع على دول وشعوب المنطقة والعالم:
-          إن الصراع الديني الذي بدا يتكون شكله وصورته على الشكل الذي نراه اليوم، قد اخذ المنطقة إلى المجهول وإلى تكريس انقسام ديني ومذهبي سوف يترك تداعياته على شعوب المنطقة وحتى في الدول التي لم تدخل الصراع بشكل مباشر لسنوات ولعقود طويلة.
-          إن العناوين والشعارت والأسباب التي ادت إلى انطلاق هذه الثورات  كانت بعيدة كل البعد عن التوجهات الدينية والعقائدية، فقد كانت في معظمها متعلقة بمفاهيم الحرية السياسية والإعلامية والاستقلال والسيادة والتنمية ... وقد غابت اليوم هذه الشعارات والعناوين بالكامل عن مشهد الصراع...
-          إن تقسيم المنطقة إلى دويلات وشعوب لم يعد مجرد خبر او إشاعة او تسريب او مشروع بل أصبح امراً واقعاً نتيجة الانقسام الديني العامودي بين مكونات اساسية في الدول العربية والإسلامية.. والذي دفع الى حدوث هجرات جماعية وتصفية دموية واسعة النطاق مما ادى إلى الفرز السكاني والجغرافي الذي نراه ونلمسه اليوم...إلى جانب الحملة التحريضية على هذا المكون او ذاك...
-          إن استمرار تعامل بعض القيادات السياسية  مع هذا الواقع بخفة بالغة وبعدم وضوح اية رؤية للحل إنما يؤسس لمزيد من حمامات الدم والانقسام العامودي في مجتمعاتنا الضعيفة والهشة والفقيرة..
-          إن  دولة إيران ونظامها الديني هي المسؤولة بشكل بارز وأساسي عن وصول الحالة في سوريا والعراق ولبنان وغيرها من الدول إلى ما وصلت إليه اليوم من فوضى وانقسام وصراع دموي... نتيجة زرع مجموعات مسلحة مرتبطة بالسياسة والمشروع الإيراني.. مما ادى إلى تفعيل وتطوير المشاعر الدينية المضادة التي اسست لبروز حالات متطرفة .. نتيجة سياسة القمع والهيمنة والتعطيل والإفقار والتجويع والقمع الأمني والسياسي والإعلامي الذي تنتهجه...في دول هذه المنطقة...
-          لقد غاب لدى هذه المجموعات الحس الوطني والشعور الوطني، وبرز مكانه الارتباط بالمشروع الإيراني التوسعي ولكن على اسس دينية، ودور حزب الله والمجموعات العراقية وغيرها في سوريا يؤكد هذه المشاعر وهذا الارتباط...مما أفرز حالاً مماثلة ومشاعر مضادة...
إننا اليوم امام مشهد خطير ومدمر.. ودور المرجعيات الدينية الي بدات تتدخل في كل تفصيل سياسي ووطني لتعطيه بعداً دينياً واصلاً عقائدياً.. قد وصل بالمنطقة وشعوبها إلى نقطة اللاعودة... فالصراع الداخلي على خلفية دينية محتدم، والتدخل الخارجي في شؤون المنطقة يتفاقم بل وقد اصبح مطلباً ملحاً.. وانتقلت المنطقة من حالة المواجهة مع قوى الاستعمار إلى المطالبة بعودة قوى خارجية مستعمرة تحت عنوان المساعدة على مكافحة الارهاب وادواته... وأصبحت المطالب الشعبية في الدرجة الثانية من سلم الأولويات.. ليصبح الامن والاستقرار هو المطلب الأساس...والمنطقة في حال انتظار إلى ما سوف يؤول إليه الصراع بين دولة الولي الفقيه بزعامة خامنئي ودولة الخلافة بقيادة ابو بكر البغدادي ...وسوف تختبر شعوبنا بدمائها ومستقبلها مدى قدرات وحنكة ودهاء القائدين سليماني والشيشاني...
 

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,804,764

عدد الزوار: 6,966,932

المتواجدون الآن: 76