اليمن: حضور متنوّع للإيرانيين يبدأ بالعمل الخيري ولا ينتهي بدعم الحوثيين

تاريخ الإضافة الإثنين 19 تشرين الأول 2009 - 7:19 ص    عدد الزيارات 1590    التعليقات 0

        

صنعاء ـ صادق عبدو

الشواهد على التغلغل الإيراني في اليمن كثيرة ،بعضها مغلف بعمل خيري وآخر عليه بصمات السياسة. ومنذ اندلاع الحرب الأولى بين الجيش اليمني والحوثيين في منطقة مران صيف العام 2004 كانت إيران الحاضر الأكبر في هذا المشهد الحربي الذي تكرر ست مرات في غضون ست سنوات وكانت صنعاء تجد نفسها بين وقت وآخر مرغمة على فتح ملف الدعم الإيراني للمتمردين الحوثيين، تماماً كما هي مرغمة على إغلاقه، في محاولة لتجنيب البلاد خضات سياسية مع إيران، أكثر الأجانب حضوراً في المشهد اليمني اليوم سواء ذلك المتصل بالقتال الدائر في صعدة، أو في الجنوب كذلك، وخاصة بعد التصريحات المثيرة للجدل لنائب الرئيس السابق علي سالم البيض الذي قال إنه مستعد لتلقي أي دعم من إيران لدعم مشروع ما صار يعرف بـ "فك الارتباط" بين الشمال والجنوب.
وجاءت تطورات الأسبوع الفائت التي أغلق خلالها مستشفى إيران الذي يعمل في العاصمة صنعاء تحت غطاء العمل الخيري وكشف وثائق تؤكد سعي طهران الى اقامة دولتين إحداهما في الشمال تكون تحت سيطرة الحوثيين والثانية في الجنوب تقع تحت سيطرة الانفصاليين، لتظهر حجم التعقيد الذي يحيط علاقة صنعاء في طهران.
وتصاعد الغضب اليمني من الدور الإيراني في اليمن إلى حد طالب فيه بعض أعضاء مجلس النواب بـ " قطع العلاقات الديبلوماسية" مع طهران للتخلص من هذا الصداع المزمن الذي أصاب البلاد جراء دعم إيران للمتمردين الحوثيين.
ولم تمض أيام على كشف ما صار يعرف بخطة "يمن خوش هال" ، أي "اليمن السعيد" بالفارسية التي أعدها قسم "قوات فيلق القدس" التابعة للحرس الثوري الإيراني حتى أعلنت طهران أنها ستوفد إلى صنعاء وزير خارجيتها منو شهر متكي لتسليم رسالة إلى الرئيس علي عبدالله صالح من نظيره الإيراني أحمدي نجاد تتعلق بالعلاقات اليمنية الإيرانية وتعزيزها. وستوضح طهران لصنعاء موقف إيران من أهمية الاستقرار في اليمن .
ويشير مراقبون إلى أن العلاقات الإيرانية اليمنية تمر بأزمة ثقة لم تمر بها من قبل ويرون أن ذلك ليس مصدره فقط الدور اليمني المساند لنظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين ، بل أيضاً يعود إلى الرغبة الإيرانية في إيجاد موطئ قدم لها على الساحة اليمنية، ولم تجد أفضل من دعم الحوثيين لتحصل على هذا الموطئ .
من هنا تبدو طهران متهمة بدعم المتمردين الحوثيين لمختلف الوسائل، سواء بالمال أم بالسلاح. وتشير مصادر يمنية إلى أن العثور على وثائق في مواقع للحوثيين استولى عليها الجيش تؤكد أن خطة "يمن خوش هال" تتضمن تدريب الحوثيين على العبوات الناسفة والتحريك الجماهيري وشراء الولاء القبلي و"الانفتاح" على الحراك الانفصالي في المحافظات الجنوبية و "ربطه" مع المسار الحوثي .
ويكشف حوار أجرته إحدى الصحف المحلية مع أحد القادة الميدانيين للحوثيين سلم نفسه أخيرا للجيش في صعدة أن الحوثيين لم يكونوا يحصلون على الدعم الإيراني الواضح أثناء الحرب الأولى والثانية وأن الدعم الحقيقي بدأ مع نهاية الحرب الثالثة وأثناء الإعداد للحرب الرابعة حيث يؤكد أن "الحوثيين تلقوا دعماً غير محدود من السلاح والتموين بإشراف الحرس الثوري الإيراني وخبراء من عناصر حزب الله وأن عبد الملك الحوثي أخبره بأن الأمور تسير في مصلحتهم وأنهم بذلك المنهج وبهذه المسيرة سوف يعيدون حضارة فارس ولن يتوقفوا عند حد".
ونقل القائد الميداني "التائب" ويدعى الشيخ عبدالله المحدون عن قائد المتمردين الحوثيين عبدالملك الحوثي أثناء التحضير للحرب السادسة قوله إن "هذه هي حربنا الأخيرة وكل الأمور لمصلحتنا، ولن تنتهي إلا بعد سيطرتنا على مساحات شاسعة من ميدي غرباً إلى مأرب شرقا".
شواهد الدعم
على الرغم من أن المسؤولين اليمنيين ينفون، على الأقل من باب الديبلوماسية، ضلوع إيران بشكل رسمي بدعم المتمردين الحوثيين، إلا أنهم لا يترددون عن التلميح بشكل أو بآخر للدور الإيراني الواضح في اليمن .
ويقول رئيس الدائرة الإعلامية لحزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم طارق الشامي إن "موقف وسائل الإعلام الإيرانية ودعمها الكامل لما يحدث من تمرد وتخريب في صعدة، فضلاً عن الزيارات المتبادلة لقيادات التخريب إلى إيران كلها شواهد على تدخل إيراني لدعم التمرد الحوثي".
وتبدو قناعة اليمنيين بوجود تدخل إيراني في الصراع الدائر مع الحوثيين كبيرة وخاصة بوجود شواهد عدة على ذلك أبرزها العثور على أسلحة إيرانية في مخازن تابعة للحوثيين في صعدة، وهو ما أعلنته مصادر عسكرية بعد ثلاثة أسابيع تقريباً من اندلاع الحرب السادسة بين الجيش والمتمردين يقابله اهتمام كبير من قبل وسائل الإعلام الإيرانية.
وبحسب مصادر أمنية فإنه تم العثور على أموال تدفقت من إيران لصالح أطراف تعمل لحساب الحوثيين، وتستغل هذه الأموال في شراء أسلحة ونفط وتكديس مؤن غذائية في المناطق التي توقع الحوثيون أن تكون مسرحاً للحرب السادسة التي لا تزال قائمة حتى الآن.
وكان الرئيس علي صالح نفسه أكد أن أفراد خلية من الخلايا التي يحاكم أعضاؤها وتابعة للحوثيين تسلمت أموالاً تقدر بـ 100 ألف دولار خصصت لشرا أسلحة من بعض المناطق القريبة من صعدة وتسليمها للحوثيين .
كما جاء إعلان ما تسمي نفسها "كتائب حزب الله" في العراق والتي ترتبط بعلاقات وثيقة مع إيران قبل أسبوعين وقوفها ومساندتها للحوثيين وتمردهم المسلح لقتال القوات الحكومية في اليمن يعزز من هذه الشواهد وخاصة أن الكتائب قالت في بيان منسوب لها بثته وكالة "العراق نيوز" إن إعلانها هذا "جاء من منطلق مقاومتها للمشروع الأميركي في المنطقة ووقوفاً منها إلى جانب المظلوم بوجه الظلم".
ومن الشواهد الأخرى على الحضور الإيراني في المشهد اليمني ما كشفه نائب رئيس تحرير صحيفة "الأهرام" المصرية الباحث المتخصص في الشؤون اليمنية حسن أبو طالب عن قيام الملحق الثقافي الإيراني في القاهرة بدور مشبوه في تجنيد بعض طلاب اليمن الدارسين في مصر حيث أشار إلى أن الإيرانيين يرتبون زيارات لليمنيين بمصر إلى طهران لمدة أسبوع بدون مقابل.
ومن الشواهد الأخرى التي يتسلح بها اليمنيون لتوجيه أصابع الاتهام لإيران بدعم الحوثيين هي تلك الأنباء التي تحدثت عن وجود خبراء متفجرات يعملون مع المتمردين الحوثيين، وهو ما أكده القيادي الميداني "التائب" الذي قال إن هؤلاء الخبراء يتواجدون في إيران أو في جنوب لبنان وأن التدريبات في اليمن تتم على أيدي البعض من إيران ولبنان، ويعتمدون في تدريباتهم على "ديسكات" وبرامج .
أما بالنسبة للدعم بالسلاح فإن شواهد عدة تبرز في هذا الجانب حيث تحدثت أنباء عن تزويد إيران الحوثيين صواريخ متطورة مضادة للدروع. ونسبت إلى مصادر صحافية في صنعاء قولها إن هذا النوع من الصواريخ ذات الكفاءة القتالية العالية قد تم نقلها عبر البحر الأحمر من ميناء إفريقي على سفينة إيرانية حملت هذه الصواريخ من ذلك الميناء عابرة البحر الأحمر الذي يطل عليه عدد من الموانىء اليمنية .
وبحسب المصادر اياها فإن السفينة الإيرانية المحملة الصواريخ رست قبالة السواحل اليمنية الواقعة على المنطقة البحرية لميناء "ميدي" الواقع على البحر الأحمر حيث أفرغت السفينة الإيرانية حمولتها من الصواريخ بنقلها على قوارب صغيرة وتخزينها في مزارع وأماكن قريبة من الميناء، قبل أن يتمكن الحوثيون من نقل هذه الصواريخ من أماكن التخزين إلى مناطق متعددة إلى مناطق المرد في صعدة وحرف سفيان بعد المرور من محافظة حجة .
وجاءت آخر الشواهد للتغلغل الإيراني في الأزمة اليمنية ما صرح به نائب الرئيس اليمني السابق علي سالم البيض الذي يقود توجهاً لما صار يعرف بـ "فك الإرتباط" بين الشمال والجنوب والذي أكد صراحة أنه يمكن الاعتماد على إيران لتحقيق هذا الهدف .
وربما كان "الغزل" الذي ظهر بين الحوثيين وقادة الحراك الجنوبي، وفسر على أنه تنسيق ترعاه طهران بين الحوثيين والانفصاليين، هو ذلك الموقف الذي أعلن زعيم حركة الحوثي بموجبه الإفراج عن العشرات من الجنود الجنوبيين المحتجزين لديه من الحرب الأخيرة .
ويبدو أن صنعاء تجهز ملفاً كاملاً عن شواهد الدعم الذي تقدمه طهران للمتمردين الحوثيين لتقدمه إلى وزير الخارجية الإيراني منو شهر متكي الذي يتوقع أن يبدأ اليوم الإثنين زيارة لليمن تستهدف "تبريد" الأجواء الساخنة مع صنعاء وتقديم مبادرة لإنهاء الحرب مع المتمردين الحوثيين شمالي البلاد .

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,137,405

عدد الزوار: 6,756,200

المتواجدون الآن: 129