"جمهورية الجناح"..... وسلطانها "حمودي الرجل القانون"

تاريخ الإضافة الثلاثاء 6 تشرين الأول 2009 - 2:52 م    عدد الزيارات 1634    التعليقات 0

        

منال صقر ، الثلاثاء 6 تشرين الأول 2009
\"\"
   
         
\"\"
 

\"\"

\"\"

تمتد منطقة الجناح من محاذاة فندق السمرلاند شمالاً وصولاً إلى جامع الإمام الأوزاعي جنوباً. يحرسها البحر من الجهة الغربية، وأوتوستراد الأوزاعي- سبينس من الشرق. وكانت تقوم فيها سابقاً شاليهات فخمة ما برحت أسماؤها تضجّ بالماضي الجميل: "سان سيمون"، "ريفييرا" "أكابولكو"، اضافة إلى فندق "سندس بيتش" او ما بات يعرف بـ"السنس".

هنا تعيش نحو 2500 عائلة لبنانية، إضافة إلى المئات من الأكراد والسوريين والفلسطينيين والآسيويين. وقد بدأت طلائع المهجرين تصل إلى الجناح بعد اندلاع الحرب الأهلية في العام 1975. وفي العام 1976 هجّر اهالي المسلخ والكرنتينا إلى هذه المنطقة (من عرب المسلخ)، ولاحقاً زحفت أفواج من الأكراد إليها. وبعد الاجتياح الإسرائيلي الأول للجنوب في آذار 1978 وصلت طلائع العائلات الجنوبية، وتحديداً من بليدا (مرجعيون)، وعيناتا (بنت جبيل) وغيرهما إليها. كما وجدت بعض العائلات البقاعية (عساف وشمص وناصر الدين) مستقراً لها فيها، فتضاعف عدد السكان بين العامين 1982 و1984. وتشكل النسيج الإجتماعي من مجموع هؤلاء الوافدين، وفيهم الشيعة والسّنة، مع غالبية واضحة للشيعة الذين يعلنون ولاءهم لحركة "أمل".

\"\"

بالطبع فإن أول ما يجمع هذا الخليط من البشر هو البؤس والحرمان، وما يجرّانه من معصيات، ولا سيما عندما يستقيل القانون وتشحّ قوة السلطة المركزية.
المقيمون عموماً في المنطقة لا يتمتعون بخدمات حياتية كما أهل المدينة مثلاً، ولا يجدون متنفساً لهم سوى أنواع التسلية المتفلّتة من كل عقال. وبعضهم يجد في مقهى "ابو فيليب"، الوحيد من نوعه في المنطقة تقريباً، "مخلّصاً" لهم مما هم فيه من بؤس وشقاء.

وبخلاف حال المقاهي في الضاحية الجنوبية، والتي تضاعفت أعدادها في الأعوام الأربعة الأخيرة، فان مقهى "أبو فيليب" يكاد يكون يتيماً في منطقة الجناح – الأوزاعي، حيث تنعدم المقاهي، أو تكاد، في منطقة يزيد عدد المقيمين فيها على 30 ألف نسمة. وهناك ما يشبه المقهى قبالة جسر السلطان ابراهيم، وهو مخصص للعب الورق، ويمتد على مساحة لا تزيد عن 12 متراً مربعاً على الرصيف المقابل لمبنى وزارة المغتربين المقفل. وحتى إشعار آخر، تظل الحركة تدب في مقهى "أبو فيليب" الذي يغرد خارج سربه.

\"\"

صحيح أن المنطقة تقع ضمن دائرة سيطرة مخفر الأوزاعي التابع لفصيلة الضاحية الجنوبية، لكن الواقع يؤكد أن الجناح "كوكب" آخر مختلف، وليس خاضعاً لا لسلطة المخفر المشار إليه، ولا إلى أي سلطة "شرعية" أخرى. فالقوة بمعناها الفجّ هي السلطة الوحيدة الفاعلة في هذا العالم...
ودائماً، ثمة من يتحكم بأمور العباد على تلك الأرض، وهذه تحديداً ثلّة من الشبان من أسرة جنوبية واحدة. وهؤلاء، بالمناسبة، تسعة أشقاء، ولد معظمهم في هذه المنطقة، ويعلنون تبعيتهم لحركة "أمل".

أحد هؤلاء، ينادونه "حمودي" (42 عاماً)، يلعب في المنطقة دور "الوزير" المولج بأمور الكهرباء و"جابي مؤسسة الكهرباء" التي يترأسها هناك في الوقت عينه. يفرض "معاليه" رسماً شهرياً يتراوح بين 10 آلاف و20 الف ليرة لبنانية على كل منزل أو غرفة سكنية في محيط فندق "السنس"، يعتبرها حقاً خالصاً له (على الرغم أنها كهرباء الدولة). ومن لا يدفع يمنع عنه التيار الكهربائي... بكل بساطة.
 
شقيقه الأصغر، "حيدر"، هو بمثابة "وزير الأشغال" في الحي. يتقاضى بدوره 500 دولار عن كل غرفة يتم بناؤها (على أرض الغير بالطبع)، ويشاع أنه يتمتع بعلاقة طيبة مع الدرك في المخفر غير البعيد. من جهته يقبض المدعو "محمد" على مقاليد ما يمكن اعتباره "وزارة المياه"، فيفرض من جهته رسماً يصل إلى 20 ألف ليرة شهرياً على كل منزل، لقاء تزويده بالمياه من... بئر موجودة اصلاً في المنطقة، وقد سيطر عليها بالقوة.

\"\"

في العام 2002 أجرت مؤسسة كهرباء لبنان احصاءً للمنازل في منطقة الجناح تلك، وطلبت من السكان مراجعة مكاتبها لتركيب عدادات كهرباء في منازلهم لقاء رسم مخفّض قدره 50 الف ليرة، على ان تكون الفاتورة الشهرية ثابتة وبمقدار 20 ألف ليرة... فقط لا غير.
وعلى الرغم من هذا "الكرم الإكراهي" فإن عدداً قليلاً من السكان استجاب طلب المؤسسة وحصل على العدادات، لكن "وزير الكهرباء" في المنطقة، "حمّودي" نفسه، اعترض وحذر السكان من تركيب العدادات، وظلّ يستوفي الرسوم حتى من الذين دفعوا للمؤسسة وحصلوا على العدادات، على اعتبار أنه هو "القانون والدولة وشركة الكهرباء".

ويتذرع "معالي الوزير" بأنه هو من يسهر على صيانة شبكة الكهرباء في الحي، ويحرص على مباركة وصول "التيار" إلى الناس.

والمعروف ان مؤسسة الكهرباء عمدت في العام 2000 إلى مد شبكة جديدة بعد صدامات بين الأهالي والقوى الأمنية على خلفية التعليق على الشبكة. يومها عمدت المؤسسة إلى إجراء بعض التعديلات خلال تركيبها الشبكة الجديدة. فبدلاً من أن تكون الأسلاك معلقة على الشبكة الممتدة على طول الأوتوستراد، باتت الشبكة داخل الحي وبعيداً من أنظار العابرين، وتجري عمليات التعليق عليها تحت أنظار الناس وأنظار عمّال مؤسسة الكهرباء الذين يأتون لمعالجة الأعطال بين حين وآخر.
قبل عامين تقريباً وقع اشكال بين "حمّودي" وعدد من الشبان السوريين القاطنين في الحي، بعد أن رفضوا دفع رسم الكهرباء. وما كان منه سوى ان قطع عنهم التيار ومنعهم من التعليق على الشبكة. وتفاقمت الأمور وارتفع الصياح، وتجمهر أقارب "حمودي" مع جمع من عشيرة مساندة له، فرضخ المعترضون السوريون للأمر الواقع، وأذعنوا لسلطان "حمّودي" بأن عادوا لدفع الرسوم صاغرين.

وفي حين أن عمليات صيانة الشبكة والكابلات وتبديل ما ينبغي تبديله، يتم بأيدي وجهود عمال متخصصين من مؤسسة الكهرباء، يمنن "حمّودي" الناس بأنه و"من باب اهتمامه بالمصلحة العامة للفقراء، يشرف بنفسه على عمليات الصيانة، كلما جرت".

\"\"

ولهذه الكابلات حكاية مريرة لا بد من المرور بها، خصوصاً وأنها أشّرت لصعود نجم "الوزير حمّودي" وتحوّله إلى "وزير كهرباء المنطقة".

حصل ذلك في العام 2002 عندما وقع اشكال كبير بين سكان المنطقة وعناصر أمنية من مخفر الأوزاعي كانوا في صدد قمع مخالفات بعض المقيمين وتعديهم على شبكة الكهرباء. يومها اختلط حابل رجال الأمن بنابل المتعدّين على الشبكة، وكان في طليعتهم "حمودي" نفسه الذي عمد إلى التعدّي بالضرب على ضابط في قوى الأمن الداخلي (كان برتبة رائد) على مرأى من العشرات. وعلى الرغم من هذا التعدي الفاضح على ضابط خلال قيامه بمهمته، لم يتم إلقاء القبض على "حمودي"، ولم ينل أي نوع من العقوبات، بل إنه لم يوقف ولم يتعرّض لأي مساءلة. وقيل يومها إن الفضل في حمايته عائد إلى تدخل نواب تابعين لحركة "امل".
وسواء كان ذلك صحيحاً كله أم لا، فقد فرض "حمّودي" سطوته على المنطقة، متكئاً من جهة على أنه "مدعوم"، وعلى تعدد اشقائه من الجهة الأخرى.

إنها "جمهورية الجناح" المستقلة بتجاوزات "قبضاياتها المدعومين".. والتي باتت علامة فارقة عبر "وزرائها الجُباة".

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,763,346

عدد الزوار: 6,913,694

المتواجدون الآن: 118