"أموالي كلّها مع حزب الله" صلاح عزّ الدين - الجزء الثاني

تاريخ الإضافة الأربعاء 23 أيلول 2009 - 1:02 م    عدد الزيارات 1455    التعليقات 0

        

محمد بركات ، الاربعاء 23 أيلول 2009
\"\"
   
         
\"\"
 

\"\"

\"\"

بين نصف مليار دولار ومليار ونصف المليار دولار، ضاعت أموال أكثر من عشرة آلاف مواطن في لبنان، وتحديدًا من أبناء الطائفة الشيعية. وأرقام المعنيين تقول إنّه تمّ إحصاء أكثر من أحد عشر ألف "مستثمر"، بما يساوي خمسين ألف متضرر، نسبيا، وبشكل مباشر أو غير مباشر، إذا كانت العائلة الشيعية تتألف من خمسة أشخاص كمعدّل وسطيّ.

الخمسون ألفا هؤلاء، الذين أفلس معظمهم مع إفلاس عزّ الدين، لا يزيدون عن عدد الأشخاص الذين أصابتهم، في مقتل إقتصادي أو مالي، الحرب الإسرائيلية على لبنان في تموز من العام 2006. تلك الحرب التي استهدفت، أكثر ما استهدفت، المناطق التي تسكنها أكثريات شيعية في لبنان، وأهمها الضاحية الجنوبية لبيروت والجنوب، وبشكل أقل البقاع.

لكنّ الأضرار التي تعرّض لها ضحايا إفلاس عزّ الدين لا تقارن إلا بأضرار تلك الحرب، إذ إنّ هذه الكتلة البشرية لم تتعرّض لكارثة عامة، منذ تحوّلها كتلة منيعة ومتحدة، سوى في حرب تموز. ثم جاءت هذه الكارثة لتذكّر الآلاف بتلك الحرب الأليمة.

والمقارنة بالحرب ليس سببها عمومية الكارثة فقط، ولا استهدافها الألوف، من الشيعة تحديدا، بل أيضا لأنّ ما "جناه" الفاعلون في هذه الكتلة، أفرادا وجماعات، من "جزاء طيب" و"أموال طاهرة" بعد تلك الحرب (ربما كتعويض معنوي وليس مالي فقط) تبخّر معظمه في "سلة عزّ الدين".

فبعد أسابيع من توقيف هذا الرجل، المحال حاليا إلى النيابة العامة المالية لإجراء المقتضى القانوني المناسب بحقّه، بدأ يتكشّف أنّ جزءًا كبيرا من المودعين هم ممن قبضوا تعويضات "طاهرة" وجزيلة بنوا منها بيوتهم الجديدة المرفهة، واشتروا منها سياراتهم الحديثة الفارهة، وطوّروا منها أيضاً أسلوب حياتهم نحو الأعلى تكلفة، ووظّفوا مئات الملايين المتبقية (!) مع رجل الأعمال المسجون.

\"\"

عزّ الدين، ومن سجنه، خلال لقاءاته مع بعض من يزورونه، وفي أخبار وأقوال يبعث بها إلى عائلته الصغيرة وبعض أقربائه المقربين، يؤكد قائلاً: "أموالي كلّها مع حزب الله".

لا يفسّر الرجل أكثر من ذلك. يتكتّم، وتتكتّم العائلة. لكنّه بات معروفا، أنّ "حزب الله" اعتقله لنحو أسبوع قبل أن يسلّمه إلى السلطات القضائية. ويحلّل البعض بأنّ "الحزب" ربما يكون قد "استعاد" الكثير من "أمواله" (أي أموال الحزب أو أموال الحزبيين أو الإثنين معاً) خلال مدّة الإعتقال، بما يبعد"ه" (والهاء تعود للحزب) ويبعد"هم" (أي الأعضاء في الحزب)، عن خطر "الإفلاس". في ظل ما يقوله مطّلعون بشكل واسع من أنّ الحزب وصل إلى شفير الإفلاس بعدما أشهر عزّ الدين إفلاسه.

ومن نافل القول إن عزّ الدين واحد من قلائل كان على علاقات ممتازة بقيادة "حزب الله" ومعظم قيادييه الذين يجايلونه. وتعود هذه العلاقات إلى العام 1982 وما قبله أيضا. وربما في ذلك الوقت نشأت صداقة بينه وبين السيد حسن نصر الله، الذي صار لاحقا الأمين العام لـ"حزب الله".

وعلى ذمّة الراوي، وهو شديد القرابة من عزّ الدين، عائليا وعمليا، كان الأخير، وما يزال ربما، صديقا لمعظم مؤسسي "حزب الله" في لبنان، الذين صاروا في الأعوام الأخيرة نوابا ووزراء، وباتوا يمسكون بمقاليد الحكم في المؤسسات التي يملكها الحزب، ويتبوّأون مراكز عالية في هرمه التنظيمي.

هذه الصداقات، وعلى خلاف ما ينشره الحزب رسميا، وعلى ذمّة الراوي شديد الإطّلاع، خوّلت عزّ الدين أن يكون مؤتمنا على الأموال الخاصة بهؤلاء الرجال، والأموال الحزبية التي تحت تصرّفهم. وأيضًا على خلاف ما ينشر، فإنّ الحزب، كمؤسسة، وليس كقيادات وأفراد فقط، قد وظّف في شركات عزّ الدين عشرات ملايين الدولارات، إن لم يكن المئات منها.

\"\"

بحسب مصدر مطّلع على بعض أعمال عزّ الدين وعلى بعض علاقاته، ومتابع لسيرته، فإنّ الحزب وظّف معه قسما كبيرا من أموال المؤسسات التي يملكها. هذه المؤسسات التي يمكن اعتبارها "مؤسسات عامة"، في "دولة حزب الله"، كما يتم توصيفها.

ويعتبر المصدر نفسه، أنّ نفي "حزب الله" توظيف مسؤوليه و"مؤسساته" أموالا مع عزّ الدين سببه ضرورة السرية في التعامل مع هذا الملفّ، وضرورة التكتّم على طريقة إدارة الحزب لأموره المالية. وطبعًا لكون الحزب يحرص على الهروب من الأسئلة التي راحت تتكاثر وتنتشر كـ"الفطر" في أوساط الجمهور، الشيعي منه خصوصاً، عن أسباب "النعم الحديثة" التي هبطت على المسؤولين والقياديين وعائلاتهم وزوجاتهم وأولادهم.

وأسلوب "حزب الله" في التبرؤ والنفي مرشّح للتصاعد والإصرار عليه في الآتي من الأيام، لأنّ الحزب لا يريد أن يبرز صورته المالية على الملأ، حفاظا على السرية من جهة، وطمعًا في الإبقاء على "طهارة" صورة "المقاومة" في وعي الجمهور، بعيدا عن "دنس المال".

لكنّ هذه الاستراتيجية تبدو فعالة فقط على بعض من هم "خارج" هذا الجمهور، ممن هم بعيدون عنه وعن أماكن اجتماعه، لأنّ لا شيء يمكن أن يبقى سريا لوقت طويل في مجتمع كمجتمع "حزب الله".. يشكل دائرة مغلقة فيما بين أفراده.

\"\"

من المعلوم أن مؤسسات "حزب الله" التي كانت توظّف أموالها مع عزّ الدين، هي التي تتكفّل بالإنفاق على "جمهور" الحزب. هذا الجمهور الذي أصيب بأضرار لم يكشف النقاب عن حجمها حتى الساعة لأسباب شتّى، لا تبدأ بالهروب من سؤال: "من أين لك هذا؟"، ولا تنتهي بالخوف من الإتهام بـ"دعم الإرهاب" وفق التوصيف الأميركي، خصوصا أنّ عددا كبيرا ممن وظّفوا مبالغ كبيرة لدى عزّ الدين، هم من المغتربين الذين يعملون في دول، إما متحالفة مع الولايات المتحدة الأميركية في "الحرب على الإرهاب"، وإما ملتزمة بالقوانين الدولية الجديدة، القوانين التي تجبرها على وضع اليد على أملاك، ومحاسبة، كلّ من يثبت أنّه على علاقة مالية أو سياسية أو عسكرية بالمنظمات المحظورة دوليا، وعلى رأسها "حزب الله".

كما أنّ "حزب الله"، وبسبب "الحصار العالمي" الذي تمارسه الدول الغربية على المنظمات التي تصنّفها "إرهابية"، لا يستطيع نقل الأموال بسهولة، وهو لا يستطيع توظيفها مع أيّ كان في مختلف بلاد العالم، ما يجعله مضطرا للتعامل مع أمثال عزّ الدين، ومضطرا في أحيان كثيرة إلى صناعة "واجهات بشرية" يعمل من خلالها على نقل الأمول وتحويلها والإتجار بها (من دون أن يعني هذا اعتبارنا أن عزّ الدين كان من تلك الواجهات).

\"\"

"من المؤسسات التي كان "حزب الله" يوظّف أصولها المالية مع عزّ الدين، تلك القديمة مثل "مؤسسة الشهيد" التي وظّفت معه ما يقارب الأربعين مليون دولار، ومنها الحديثة مثل "وعد" التي أنشئت بعد حرب تموز 2006، والتي أنيطت بها مهمة إعادة إعمار ما هدمته المقاتلات الإسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت، وفي الجنوب والبقاع، وصولاً إلى "قطاع الشورى" الذي وظّف معه ما يقارب الأربعين مليون دولار أيضا"، وفق ما يدلي به مصدر مطّلع جدا على هذا الملف، مؤكدًا في الوقت عينه بأنه "حتى لو كانت هذه الأرقام غير دقيقة مئة في المئة فإنه من المؤكد أنّ هامش الخطأ فيها قليل جدا".

أرقام لا يمكن إلا الأخذ بها في ظلّ تكتّم رسمي شديد من قبل "حزب الله"، في انتظار صدور "بيان" طال أمد وعد "الحزب"، بإصداره لإيضاح "حقيقة" ما جرى.
ويعزو بعض المتابعين تأخر صدور هذا البيان، مع عدم استبعاد غض النظر عن إصداره، إلى أنّ ما تمّ جمعه من معلومات من قبل "حزب الله" فاجأ قائد الحزب، بعدما تبيّن عدم صحة ما قيل عن "براءة" مسؤولين في "الحزب" من "إثم" إستثمارات عزالدين.

\"\"

والمفاجأة هذه جعلت أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله يتابع شخصيًا الموضوع، وفي هذا السياق تنقل المعلومات أنه طلب أحد قياديي الحزب، لسؤاله شخصيا عن مصدر "كمية" الأموال التي تبيّن أنّه كان يوظّفها مع عزّ الدين. فأجابه بأنّها مدّخرات عائلته وأخوته، الذين يملكون أموالاً لا بأس بها!

هذا وينتشر في الضاحية الجنوبية ومناطق نفوذ "حزب الله" الأخرى خبر مفاده أنّ السيد نصر الله سجّل كلمة وزّعت على أقراص مدمجة على أفراد "حزب الله" ومسؤوليه وكوادره المناطقية، تتضمن أسئلة وأجوبة عن طريقة الحياة والبذخ والترف وغيرها من مظاهر عدم الإنضباط الحزبي التي صار يتميّز بها قياديو "حزب الله" وعناصره بعد حرب تموز. وتتضمن الكلمة دعوة إلى العودة إلى أدبيات وأخلاقيات "حزب الله"، والإبتعاد عما رافق الحزبيين في السنوات الأربع الأخيرة من مظاهر مثيرة للريبة باتت على كلّ شفة ولسان في أوساط جمهور الحزب.

وفي السياق نفسه أيضًا تردّد أن السيد نصر الله شدد على نبذ طرائق البذخ في الحياة التي باتت طاغية على نمط معيشة عوائل مسؤولي "حزب الله" بعد حرب تموز 2006، في ظل ما يتردد على ألسنة الجمهور الشيعي المنتقد لما يسمونه بظاهرة الـ”Envoy” التي تعني مواكب السيارات الحديثة والمكلفة و"المفيّمة" التي تقّل زوجات وأولاد مسؤولين في "حزب الله" للتبضع في الأسواق التجارية وكذلك في طريق الذهاب والإياب إلى المدارس والمطاعم ومراكز الترفيه، في مظهر يحمل دلالات البذخ لدرجات بلغت في بعض الأحيان درجاتها القصوى أمام أعين المواطنين دون أدنى شعور بمعاناتهم الحياتية التي ازدادت سوءًا بعد حرب تموز 2006.

وختامًا، لا بد من الإشارة إلى المعلومات التي تحدثت أنّه في الأيام الأخيرة وصلت لجنة تحقيق خاصّة من الجمهورية الإسلامية الإيرانية للتأكد من صحة ما نشر في الإعلام خلال الأسابيع الأخيرة حول كل هذه المواضيع، ولملاحقة آثار أموال تعويضات حرب تموز التي تبخرت في "تفليسة عزالدين"، في حين يرزح أكثر من أربعة عشر مليون إيراني تحت خطّ الفقر، بحسب تقرير للبنك المركزي الإيراني، نشرته صحيفة "سرمايه" المحسوبة على الجناح الإصلاحي في إيران.

... لجنة يعلّق آلاف المفلسين من جمهور "حزب الله" آمالهم عليها، بحيث يأملون في أن ترفع توصية إلى القيادة الإيرانية بالتعويض المالي عليهم، بما تيسّر، بعد أن باتوا في حالة عوز شديدة، على اعتبار أنّ لعزّ الدين علاقات تجارية مع إيران  منذ عشرين عاما ربما، من خلال تجارة النفط وتجارات غيرها.. وهذه قصة أخرى.

\"\"\"\"

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,064,881

عدد الزوار: 6,750,962

المتواجدون الآن: 105