دراسة تحليلية لأوضاع المرأة في لبنان.. منخرطة في سياق سياسي لا يعيرها أي إعتبار

تاريخ الإضافة الخميس 27 آب 2009 - 5:18 م    عدد الزيارات 1424    التعليقات 0

        

\"\"

في إطار برنامج "Euromed” المنبثق من خطة عمل مؤتمر إسطنبول والذي يندرج في إطار "مسار إسطنبول لتعزيز المساواة بين الجنسين في دول البحر المتوسط"، تم إعداد دراسة تحليلية لأوضاع المرأة في لبنان اعتمدت على مجمل المستندات والوثائق الصادرة عن الجهات الحكومية والوطنية وعن الهيئات الاهلية وعن الجهات الاقليمية والدولية ذات الصلة بشؤون المرأة وذلك في العقدين الاخرين وبخاصة في  السنوات الاخيرة.
كذلك تم إجراء تحقيق ميداني مع مجموعة من القيادات في المؤسسات والادارات العامة والوطنية وفي الهيئات الاهلية ولا سيما النسائية منها ومع المسؤولين عن منظمات دولية تتعاون حالياً مع جهات لبنانية من أجل تعزيز أوضاع المرأة.

برنامج “Euromed” يهدف الى الوقوف على حقيقة أوضاع المرأة وعلى القضايا الساخنة التي تضع الجهات  اللبنانية ذات الصلة في المرتبة الاولى من سلم أولوياتها. ويشدد البرنامج على المسار التشاركي في إعداد الدراسة وتحديد الأولويات بهدف ضمان الطابع الشامل والمسهب لها وزيادة فرص نجاح التعاون اللاحق بين برنامج"Euromed” الصادر عن مؤسسات الاتحاد الاوروبي ومع الجهات اللبنانية وتلك المتعاونة معها في مجال تعزيز المساواة بين الجنسين في لبنان.

\"\"
أوضاع المرأة في لبنان ترتسم حولها صورة ملتبسة بحيث تحمل جوانب ايجابية وأخرى سلبية. فمن جهة، لا تسجّل أوضاع الاناث في مجال التربية والتعليم فروقات تذكر بالمقارنة مع أوضاع الذكور، في ظل ارتفاع نسب الإلتحاق المدرسي للجنسين خلال السنوات الاخيرة لتقارب الـ٩٨٪، غير أن فئات الأمّيين من الراشدين كانت دائماً تتسم بالفروقات بين الجنسين إذ ان عدد الاميين بين الاناث هو دائماً ضعف عدد الذكور.
من جهة اخرى بات عدد الطالبات الجامعيات يفوق قليلاً عدد الطلاب الجامعيين، فيما لا يزال يُسجّل تفاوت ملحوظ في نسب الالتحاق بالفروع العلمية والتكنولوجية.

\"\"
التقارير الاخيرة حول أوضاع قطاع الصحة توقفت عند التقدم الذي تم إحرازه في مجال خدمات الصحة الانجابية، بحيث سجّلت توفر هذه الخدمات بنسبة مرتفعة جداً للنساء أثناء فترة الحمل وعند الولادة مع انخفاض الى النصف تقريباً في مرحلة ما بعد الولادة.

أما في قطاع العمل الاقتصادي فتدور الارقام حول نسبة ٢٥٪ من النساء المنخرطات في عمل اقتصادي ذي مردود مباشر، إلا أن هذه النسبة تتجاهل أعداد النساء العاملات في القطاع الهامشي وبخاصة في الزراعة وتربية الماشية والحرف والخدمات المنزلية حيث لا حماية تشريعية أو ضمانات اجتماعية للعاملين.

\"\"
ما زالت معوقات عدة تعترض عمل المرأة لجهة المساواة في الأجر للعمل نفسه بين المرأة والرجل ولجهة فرص الترقي الى مواقع القيادة وصنع القرار. هذا في حين لا تزال تسجل أشكال عدة من التمييز في المعاملة، بعضها مبني على تمييز في تفسير القوانين والتشريعات وبعضه يستمد قاعدته من تمييز ما زال قائماً في القوانين.

المرأة العاملة ما زالت تلقى تمييزاً في مجال التقديمات الاجتماعية لأفراد اسرتها حيث توضع العقبات أمام استفادتهم من خدمات الضمان الصحية والتقديمات الاجتماعية الاخرى.
إلى ذلك ما زالت شروط التقاعد مختلفة بين الرجل والمرأة في القطاع العام. والمرأة العاملة لا تزال تستفيد من التنزيل الضريبي الذي يستفيد منه الرجل المتأهل والرجل المتأهل ذو الاولاد.

ويؤكد برنامج “Euromed” أن هذه المعوقات تتقاطع مع تمييز سافر ضد المرأة حيث لا يحق لها ان تفتح حساباً مصرفياً بإسم أحد أولادها غير البالغ سن الرشد. وهذا التمييز تمارسه المصارف من دون أن يكون هناك نص صريح في هذا الشأن. لكنها تفعل ذلك من زاوية الحرص على عدم تهديد مبدأ ولاية الأب على الاولاد غير الراشدين. وبالطبع هذا الموضوع يدل على نزعة محافظة بل متزمتة في تفسير أحكام الشريعة وفي تطبيق القوانين.

\"\"
شهدت الحقبة الاخيرة حركة نشطة على المستوى الاهلي والرسمي من أجل رصد أشكال التمييز التي ما زالت قائمة في النصوص وإعداد مشاريع قوانين لتنزيهها. وتعاونت اللجنة البرلمانية للمرأة والطفل مع الهيئات الاهلية وبخاصة النسائية منها من أجل فتح النقاش حول تعديلات ضرورية على عدة قوانين. لكن مشاريع القوانين التي تم اعدادها بقيت في أدراج مجلس النواب تنتظر تحريكها مع تشكل المجلس النيابي الجديد في العام ٢٠٠٩.
ومن هذه المشاريع ما يتصل بقانون العمل وبقانون الضمان الاجتماعي وبقانون العقوبات وقانون الجنسية بالاضافة الى قوانين عدة في مجال الاحوال الشخصية مثل قانون الزواج المدني الاختياري والقانون المدني الاختياري للاحوال الشخصية.

\"\"
أما المجال الذي لا تزال تسجّل فيه المرأة اللبنانية مراوحة، بل تراجعاً في بعض الاحيان، فهو مجال المشاركة في صنع القرار وبخاصة المشاركة السياسية على مختلف المستويات.. ففي حين ما زالت المرأة تحتل نسبة ضئيلة من المناصب القيادية في الادارات العامة، تراجع عدد النساء البرلمانيات نتيجة انتخابات ٢٠٠٩ الى أربع من أصل ١٢٨ نائباً في حين كانت هناك 6 برلمانيات في برلمان ٢٠٠٥. فيما كان ملفتًاً تراجع عدد الترشيحات النسائية للانتخابات بالنظر الى عدم وجود فرص حقيقية للمنافسة السياسية في ظل أجواء طائفية ومذهبية مشحونة ومتوترة.
والملفت كذلك ان انكفاء النساء عن الترشّح لم يرافقه تراجع في نسبة مشاركة النساء اقتراعاً وهذا يعني ان المرأة اللبنانية تتموضع أسوة بالرجل في الخنادق السياسية ذات الطابع الطائفي والمذهبي وهي لا تتردد في الاحتشاد في صفوف الجماهير المجيّشة في الانتخابات مع أن أياً من القوى السياسية المتنافسة لم يشمل قضايا المرأة مباشرة في أجندته السياسية.

أما في مجال السلطة التنفيذية فقد سجّلت السنوات الاخيرة نقلة نوعية حيث عينت سيدتان وزيرتين في الحكومة للمرة الاولى في لبنان في العام ٢٠٠٤ ومنذ ذلك التاريخ بقي هناك وجود رمزي للمرأة في الحكومات المتعاقبة عبر حقيبة واحدة من أصل ٣٠ وزيراً.

\"\"
مرّ لبنان بعدّة حالات حرب وعدوان خارجي منذ السبعينيات من القرن العشرين وكذلك حالات نزاع داخلي مسلّح. وفي مختلف هذه الحالات اتّضح ان المرأة تقع ضحية بإمتياز للعنف في المجتمع كما في الأسرة. واتّجهت العديد من البرامج في السنوات الأخيرة نحو دعم وتطوير قدرات النساء في المناطق التي تشهد أو شهدت سابقاً نزاعات مسلّحة أو حروب وبعض هذه البرامج يستند الى القرارين ١٣٢٥/٢٠٠٠ و١٨٢٠/٢٠٠٨ لمجلس الأمن.

\"\"
الدراسة ذكرت ثلاثة مواضيع «حامية» بالنسبة الى مسألة المساواة بين الجنسين وهي: "المشاركة المتعثرة للمرأة في الحياة السياسية، مكافحة العنف الاسري ضد المرأة، ومنح المرأة جنسيتها لأولادها من أب غير لبناني".

وإزاء ذلك، لفتت الدراسة الى أن مشاريع القوانين الهادفة الى رفع أشكال التمييز ضد المرأة في القوانين تنتظر انطلاق النشاط التشريعي للمجلس التشريعي للمجلس النيابي الجديد وكذلك تشكل حكومة جديدة من أجل إعادة تحريكها. وهذا الموضوع يتطلب تعبئة إعلامية ومدنية من شأنها تحريك المشاريع في الوقت المناسب.

أما موضوع الاحوال الشخصية فهو الموضوع الأساس في التمييز ضد المرأة، لكن تحول دون النظر فيه عقبات كثيرة أولها عدم إتحاد النساء اللبنانيات حول الإقرار بأولويته وإنخراطهن في الغالب في سياقات مذهبية أو طائفية أو حتى حزبية لا تقيم للمرأة وزناً ولا تعير موضوع المساواة بين الجنسين الاهتمام الكبير الذي يستوجبه هذا الموضوع.
 
\"\"
وختمت الدراسة بالإشارة إلى أن النساء اللبنانيات هن في الغالب منقسمات مذهبياً وطائفياً وسياسياً ومنخرطات في سياقات سياسية لا تعيرهن أي إعتبار. وبناءً على ما تقدم، أصبح من الضروري إجتماع الجهات ذات الصلة بموضوع المساواة بين الجنسين،أي الهيئات الأهلية النسائية والهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية ومسؤولي الوزارات ذات الصلة والجهات الدولية المعنية للبحث في أجندة وطنية تجتمع حولها كل تلك الجهات وتضع سلّم أولوياتها ورزنامة محدّدة وكذلك آلية عمل مشتركة تسمح لكل جهة بالمساهمة ضمن إمكاناتها ومهامها وتتعاون مع الجهات الاخرى بما يضمن بلوغ الأهداف المرسومة.. لكون أي تقدم مستدام لن يتحقّق ما لم تجتمع جهود المعنيين والمهتمين لتأمين تراكم في الانجازات.

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,104,801

عدد الزوار: 6,752,966

المتواجدون الآن: 105