أفغانستان تحت كثبان الفساد... المفترق الصعب قبل انسحاب القوات الأجنبية 2014

تاريخ الإضافة الثلاثاء 11 كانون الأول 2012 - 5:49 ص    عدد الزيارات 687    التعليقات 0

        

 

أفغانستان تحت كثبان الفساد... المفترق الصعب قبل انسحاب القوات الأجنبية 2014

لندن: محمد الشافعي ... الفساد بات مثل الماء والهواء في عموم أفغانستان، ولا حديث بين النخب السياسية والدبلوماسيين الأجانب في العاصمة كابل اليوم سوى عن تفاقم الفساد الذي طال كبار المسؤولين.
في سبتمبر (أيلول) 2010. طلب الرئيس حميد كرزاي من وزراء حكومته قبل الانتخابات الإعلان عن ثرواتهم، ضمن إجراءات الذمة المالية المتبعة، قال كرزاي في بيان عن حجم ثروته هو أنه يملك 10 آلاف دولار، إضافة إلى بعض المجوهرات. أثار ذلك حينها موجات من السخرية لدى الغربيين المقيمين في كابل. وكانت السخرية مبطنة بمخاوف في الوسط الدبلوماسي من أن كرزاي محاط «بمشروع عائلي»، إذ إن قلة من الأفراد من أقرباء الرئيس باتوا أثرياء، مما يدفع المواطنين العاديين إلى النفور منهم، وفي الوقت ذاته يساعد حركة طالبان الأصولية إلى حشد التعاطف معها بين أبناء البشتون الأغلبية العرقية، وهو ما يقلق الغربيين.
الرئيس كرزاي الذي أقر الشهر الماضي بأن حكومته فاسدة، كشف عن توجيهات ترمي إلى إصلاح ممارسة السلطات في هذا المجال، وقال كرزاي «رغم النجاحات الكبرى، فإننا نواجه مشاكل تتعلق بالحوكمة ومكافحة الفساد وتعزيز دولة القانون والاكتفاء الذاتي اقتصاديا». وأضاف كرزاي «المسؤولون الكبار في الحكومة، يجب أن يتوقفوا عن دعم المجرمين والذين ينتهكون القانون والمسؤولين الفاسدين أيا كان الموقع الحكومي الذي يشغلونه أو سلطة هؤلاء الأشخاص». وطلب الرئيس الأفغاني، أيضا من المحكمة العليا العمل على كل حالات الفساد الإداري وسرقة الأراضي وإقفالها، في غضون «الأشهر الستة المقبلة».
ودخل أكثر من 40 مليار دولار من المساعدات المدنية الدولية إلى أفغانستان منذ وصول تحالف الأطلسي في نهاية عام 2001. بحسب منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. ورغم بعض النجاحات وخصوصا في مجالات الصحة والتربية والتعليم، فإن تأثيرات هذه المساعدات ليست أبدا على قدر المبالغ التي أنفقت. وقالت وكالة مكافحة الفساد الأفغانية إن مسؤولين أفغانا تدخلوا في التحقيقات في فضيحة انهيار بنك كابل، التي بلغ حجم الأموال المنهوبة فيها 900 مليون دولار، وسربت مؤسسة تدقيق مالي أميركية معلومات عن ضخ هذه المبالغ في 19 شركة وحسابات شخصية لأشخاص مرتبطين بزعماء سياسيين أفغان. وأكدت المعلومات أن بعض الأموال تم تهريبها عبر الطائرات المدنية داخل حاويات الطعام، وأدت الأنباء التي تواترت عن الفساد المالي في بنك كابل إلى تدافع المودعين لسحب أموالهم عام 2010 ما اضطر الهيئات المالية الدولية إلى دعم البنك ماليا.
ووجدت لجنة تدقيق أميركية أن كميات من أموال البنك تم ضخها في شركات وهمية وحسابات شخصية في الخارج على هيئة قروض منعدمة الفائدة ولم يتم تسديد هذه القروض بعد ذلك. وقد بدأ القضاء الأفغاني الشهر الجاري محاكمة 20 شخصا متهمين بالتورط في هذه الفضيحة، فيما أوضح تقرير اقتصادي أن حجم الأموال المتعلقة بانهيار بنك كابل شكلت كلفته 5% من إجمالي الناتج القومي الأفغاني، ما أدى إلى انهيار البنك هو الأكبر من نوعه في العالم. وطالب المحققون الأفغان بتشكيل لجنة سياسية عالية المستوى لتولي التحقيقات ومتابعتها. ولم يشمل قرار الاتهام الصادر من قبل الادعاء أيا من المسؤولين التجاريين الذين أصدروا مستندات مزورة أو أيا من العاملين في شركة الطيران الأفغانية الذين هربوا الأموال خارج البلاد أو أيا من أصحاب الشركات أو الحسابات البنكية الذين تلقوا تلك الأموال. وقامت لجنة لمكافحة الفساد المالي التي تتكون من 3 أعضاء أفغان و3 أعضاء أجانب بأعداد تقرير للجهات الدولية المانحة لإطلاعها على تفاصيل الملف.
من جانبه، أوضح محمود عبد الرحمن محلل الشؤون الأفغانية في العاصمة كابل في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط» أنه من المتوقع إجراء محاكمات لن تؤدي إلى إدانات، لأن ضمن المتورطين في قضية بنك كابل محمود شقيق الرئيس كرزاي، كذلك شقيق المارشال محمد فهيم النائب الأول لكرزاي، إلا أنه قال: إن الفساد قد يقل تدريجيا مع قرب انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان عام 2014. وتضاؤل حجم المعونات المالية المرسلة إلى أفغانستان. وأوضح عبد الرحمن «هذه النوعية التي مارست الفساد واستغلال السلطة على ما اقترفته بحق بلادهم التي تعاني من ويلات الحرب منذ أكثر 30 عاما، هي لا تستحق توقيرا من أي نوع كان، إن لم يكن واجب الأفغان أن يمقتوها والشعور بالغضب والخذلان. وكان محمود، شقيق الرئيس الأفغاني حميد كرزاي، قد تعرض لاتهامات متكررة بالتورط في عمليات فساد مالي لكنه لم يقدم للمحاكمة ويصر على نفي كل الاتهامات.
وتقدر ثروة عائلة كرزاي بملايين عدة من الدولارات، والتي بدأ بجمع معظمها منذ أن أصبح الرجل في منصب الرئيس عام 2001 إثر الإطاحة بحركة طالبان. وفي عام 2001 بعد سقوط حركة طالبان الأصولية وفرار قادتها إلى باكستان، عاد أشقاء الرئيس كرزاي من الولايات المتحدة التي هربت إليها أمه مع خمسة من أشقائه في عام 1979 بعد الغزو السوفياتي. وبات الآن محمود كرزاي، وهو ثاني أكبر أشقاء الرئيس البالغ عددهم ستة، الأكثر ثراء في أفغانستان، نتيجة اهتمامه الجديد بالمناجم ومصانع الإسمنت والبناء وحصوله على اتفاق حصري من شركة «تويوتا» لتوريد السيارات. وكان هذا الرجل حتى عام 2001 شريكا في سلسلة من المطاعم المتواضعة التي كانت تملكها العائلة في سان فرانسيسكو وبوسطن.
وفي عام 2007 تمكن محمود كرزاي من شراء حقوق إدارة معمل الإسمنت الوحيد في أفغانستان في مزاد أجرته وزارة المناجم. وقال القاضي الذي يتولى قضية الفساد المالي إن محمود كرزاي قام برد مبلغ 22 مليون دولار لخزينة الدولة مطلع العام الجاري. يذكر أن قانونا للعفو أصدر في البلاد وبموجبه منحت الحصانة القضائية لكل من رد أموال للحكومة قبل شهر يونيو (حزيران) الماضي، وقد بلغت جملة المبالغ التي استعادها بنك كابل حتى الآن 300 مليون دولار.
وقال مسؤولون أفغان الشهر الماضي، إن مخططا معقدا من جانب السلطات ومساهمين ببنك كابل تسببت في انهياره بينما فشلت الرقابة النظامية الضعيفة في رصد مؤشراته الأولى. وجاء في التقرير الذي أصدرته لجنة مستقلة للمراقبة والتقييم من أجل مكافحة الفساد، في كابل أنه كان هناك أيضا «تدخل سياسي غير مناسب» خلال التحقيقات بشأن انهيار بنك كابل وخسارة 900 مليون دولار ما أدى تقريبا لانهيار النظام المالي الأفغاني عام 2010. وأوضح التقرير أن عددا من المساهمين والإداريين والموظفين وآخرين شاركوا في مخطط معقد لتحويل أموال مودعة بدءا من عام 2006. وقال: إنهم قاموا «بعملية معقدة من الإقراض الاحتيالي والاختلاس في الغالب عبر مخطط دفتر القروض» ما أدى لخسائر بلغت 935 مليون دولار تم تمويلها في الغالب من ودائع العملاء.
ويصف ما حدث في بنك كابل بأنه عملية احتيال معقدة كانت تستهدف استيلاء بعض الموظفين في بنك كابل وأفراد عائلاتهم وأصدقائهم على مبالغ ضخمة من الأموال العامة. وأوضح التقرير أن البنك كان يمنح قروضا لم يتم تسديد مستحقاتها إلا نادرا. وكان المقترضون يأخذون قروضا جديدة لدفع مستحقات القروض القديمة، أما الوثائق المتعلقة بجميع العمليات المالية، فكانت مزورة، حيث كان قسم القروض في البنك يستخدم أختاما خاصة بنحو 100 شركة لا وجود لها. وأضاف التقرير أن نحو 100 فرع من فروع البنك تم فتحها دون إذن رسمي من السلطات.
وأشار إلى ضعف المراقبة على العمليات المالية في أفغانستان والتدخلات السياسية في التحقيق الذي تم فتحه في قضية انهيار البنك. وذكر التقرير أن الخسائر الناجمة عن انهيار البنك وإنقاذه لاحقا تجاوزت 5% من الناتج المحلي الإجمالي لأفغانستان. وتابع التقرير أن جميع المواطنين الأفغان سيتحملون تبعات خسارة مئات ملايين الدولارات التي أنفقت على تأمين الودائع في بنك كابل وعشرات ملايين الدولارات المطلوبة لإزالة عواقب انهيار البنك.
ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن مسؤول مطلع على مضمون التقرير أن نحو 900 مليون دولار هربت من أفغانستان في الفترة ما بين مارس (آذار) عام 2007 وأبريل (نيسان) عام 2011. وأوضح المسؤول أن هذه الأموال نقلت إلى حسابات مصرفية في 28 دولة بينها الإمارات ولاتفيا والصين وتركمانستان وبريطانيا وكازاخستان وكوريا الجنوبية وتركيا وروسيا والولايات المتحدة وسويسرا. وانتقد التقرير أيضا النائب العام الأفغاني لأنه لم يفتح تحقيقا واسع النطاق في نشاط بنك كابول إلا في أبريل عام 2011، أي بعد عام من الكشف عن المشاكل التي كان يواجهها وبعد 8 أشهر من تعرض البنك لما يشبه الإفلاس في سبتمبر عام 2010 عندما اصطف آلاف العملاء لسحب أرصدتهم منه. وقال السفير الأميركي السابق في أفغانستان زلماي خليل زاد إن رجال الأعمال كانوا يأتون إليه شاكين من أن محمود كرزاي يريد مشاركتهم في أعمالهم. وواجه شقيق الرئيس الأصغر وهو أحمد والي كرزاي حاكم قندهار، الذي قتل العام الماضي داخل منزله في جنوب أفغانستان، تهما من الدبلوماسيين الغربيين بأنه القوة الأساسية وراء تجارة المخدرات، التي قدرتها الأمم المتحدة بنحو 3.4 مليار دولار. وقام بإنشاء أعمال في مجال البناء والنقل والأمن الخاص في قندهار المدينة الثانية في البلاد. وأدى عجز الرئيس كرزاي عن وضع حد لنشاطات أخيه الأصغر إلى إثارة، الإحباط لدى الغربيين والمسؤولين الأفغان. واتهم أحمد كرزاي بتقديم خدمات الأمن والنقل لتجار المخدرات الذين يتنقلون بين إيران وتركيا وأوروبا. واعترف مسؤول غربي بأنه ليس هناك برهان موثق على تورط كرزاي في تجارة المخدرات، الأمر الذي تردد في الصحف الأميركية، إلا أن المخابرات الأميركية متأكدة من أنه ثمة علاقة بين تجارة المخدرات وأحمد والي كرزاي، الذي يملك أيضا شركات نقل، ويقال: إنه اشترى مساحات كبيرة من الأرض حول قندهار. وتقول الحكومة إنها حولت 100 مليون دولار إلى البنك لتغطية رواتب أفراد الجيش والشرطة والمدرسين الذين يتقاضون رواتبهم عبر البنك، وامتدت طوابير العملاء أمام أفرع البنك في أنحاء البلاد الشهر الماضي لسحب مدخراتهم منه، وفي كابل قال محمد حبيب النجار «أود أن أسحب أموالي الآن ثم أنتظر لأرى ما يحدث بعد ذلك. وإذا تمكن البنك من استعادة الثقة سأعيد أموالي إلى البنك لأني لا أريد أن أغلق حسابي فيه، فيما حاول وزير المالية الأفغاني نظرت عمر زخيلوال طمأنة عملاء البنك بقوله: إن البنك يحظى بدعم الحكومة».
ويصف التقرير المستقل ما حدث في بنك كابل بأنه عمليه احتيال معقدة كانت تستهدف استيلاء بعض الموظفين في بنك كابل وأفراد عائلاتهم وأصدقائهم على مبالغ ضخمة من الأموال العامة. وأوضح التقرير المتكون من 87 صفحة أن البنك كان يمنح قروضا لم يتم تسديد مستحقاتها إلا نادرا. وكان المقترضون يأخذون قروضا جديدة لدفع مستحقات القروض القديمة، أما الوثائق المتعلقة بجميع العمليات المالية، فكانت مزورة، حيث كان قسم القروض في البنك يستخدم أختاما خاصة بنحو 100 شركة لا وجود لها. وأضاف التقرير أن نحو 100 فرع من فروع البنك تم فتحها دون إذن رسمي من السلطات، وأشار التقرير إلى ضعف المراقبة على العمليات المالية في أفغانستان والتدخلات السياسية في التحقيق الذي تم فتحه في قضية انهيار البنك.
ويأتي الحديث مجددا عن الفساد في أفغانستان، قبل الانسحاب المزمع للقوات الأجنبية المقرر عام 2104، وبالنسبة للولايات المتحدة ذاتها، فقد فقدت الحرب في أفغانستان الدعم الشعبي الذي كانت تحظى به. ورأى بعض الباحثين الأميركيين أن القوة الأميركية قد حققت نجاحا تمثل بالإطاحة بحكم طالبان، وكان يفترض أن تنتهي المهمة عند تلك النقطة ويعود الجنود للوطن. ورغم ذلك، ثمة إجماع لدى النخبة الأميركية بأن ترك أفغانستان لمصيرها ليس خيارا يُمكن تداوله. وإن الولايات المتحدة معنية بتأكيد التزام بعيد المدى تجاه هذه الدولة، وعليها أن تستفيد من تجاربها المماثلة مع الدول الأخرى، وفي الأول من مايو (أيار) 2012. وقعت الولايات المتحدة وأفغانستان اتفاقية شراكة استراتيجية، تحدد ملامح العلاقة طويلة الأمد بين البلدين. وعلى نحو مجمل، هناك اليوم تحديان رئيسيان يواجهان السياسة الأميركية الخاصة بأفغانستان: يتمثل الأول في إيجاد إطار عمل إقليمي لدعم العملية السياسية القائمة، تكون مهمته تشجيع المصالحة الوطنية، ورفد مقومات التنمية الاجتماعية والاقتصادية بعيدة المدى، فيما يتمثل التحدي الآخر أمام واشنطن، في إنجاز مهمة بناء قوات الجيش والشرطة الأفغانية، لتكون قادرة على الإمساك بزمام الوضع، وجعل الاستقرار حقيقة قائمة في مختلف أرجاء البلاد وليس العاصمة وحسب، وضمان عدم قدرة أي مجموعة مسلحة من السيطرة على السلطة بقوة السلاح، فيما تساءل بعض كبار مستشاري الرئيس الأميركي عن جدوى بقاء قوات أجنبية تتراوح أعدادهم ما بين 10 آلاف إلى 30 ألفا داخل البلاد، في الوقت الذي لم ينجح 150 ألف جندي أجنبي على مدار فترة الحرب في تحقيق أي نجاحات من وجهة نظرهم».
 

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,648,622

عدد الزوار: 6,958,953

المتواجدون الآن: 71