أحمد معاذ الخطيب.. «داعية الائتلاف المنفتح»..أول رئيس للائتلاف السوري المعارض من خطيب الجامع الأموي إلى «قائد الثورة»

تاريخ الإضافة الأحد 18 تشرين الثاني 2012 - 5:19 ص    عدد الزيارات 1385    التعليقات 0

        

 

أحمد معاذ الخطيب.. «داعية الائتلاف المنفتح»..أول رئيس للائتلاف السوري المعارض من خطيب الجامع الأموي إلى «قائد الثورة»

بيروت: كارولين عاكوم ... عندما كان الداعية أحمد معاذ الخطيب يعتلي منبر المسجد الأموي الكبير في دمشق خطيبا وإمام جامع لسنوات طويلة، مطالبا برفع الظلم عن الشعب السوري، لم يكن يطمح ليصل إلى المنابر السياسية أو يتولى قيادة الثورة عبر ترؤسه «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية». وهو القائل: «مهما تكن ضريبة الحرية فادحة، فإن ضريبة الذل أفدح بكثير. لا أقاتل أحدا وليس هدفي كرسيا معينا. السياسة وسيلة لا غاية، ونفضل أن يصل الإيمان إلى أصحاب الكراسي، بدل أن يصل أصحاب الإيمان إلى الكراسي». أما اليوم، وقد أصبح صاحب «أعلى كرسي» في هذه الثورة حاملا لواء الدفاع عن شعبه وقضيته في المحافل العربية والدولية، فقد نجح الخطيب أن يعيد بانتخابه الروح أو الأمل إلى الثورة بعدما كان السوريون قد أصيبوا بحالة من التململ من مسارها السياسي والعسكري على حد سواء.
وهذا ما بدا واضحا من خلال ردود الفعل السورية المؤيدة له على كل الجبهات ومن كل الأطراف. فهو الإسلامي الذي لا ينتمي إلى «الإخوان المسلمين»، وهو الداعية المنفتح الذي ألقى خطبه الداعمة للثورة وإلى جانبه رموز من الطائفتين العلوية والمسيحية، لم يجد العلمانيون والليبراليون حجة ليعترضوا عليه، ليكون بذلك أول رئيس للائتلاف الذي بات الهيئة الموحدة للمعارضة السورية التي ستنبثق عنها حكومة مؤقتة التي يفترض أن تقود المرحلة المقبلة من المواجهة مع نظام الرئيس بشار الأسد. وقد أعلن الخطيب أن «هذا المنصب ليس مغنما بل مسؤولية ثقيلة»، معرفا عن نفسه بالقول: «أنا أمثل ما أحب أن أسميه بـ(التدين الدمشقي المنفتح)، الذي يقبل الآخر، ولديه قدر كبير من التسامح والفهم الواسع للإسلام ومعانيه الحقيقية». معربا عن أمله في أن ينجح من خلال رئاسته للائتلاف في تحقيق 5 مهام أساسية تضمنتها وثيقة إنشائه، هي: «العمل الإغاثي، وإنشاء مكتب قضائي، وتوحيد المعارضة المسلحة في مجلس عسكري واحد، وتأسيس لجان تنفيذية للتواصل مع الداخل، وتشكيل حكومة مؤقتة، لكن العمل الإغاثي سيكون أولويتنا القصوى».
ويجمع عارفو الشيخ معاذ الخطيب على أنه من الأصوات الدعوية التي تتخذ الخطاب العلمي الموضوعي المتزن الواضح أسلوبا لها، فمنذ بدأ خطاباته في المسجد الأموي قبل 20 عاما، تميز بخطاباته الإصلاحية والصريحة التي كان يتوجه بها لكل فئات المجتمع وكل طوائفه. عرف باعتداله وانفتاحه، ويعد واحدا من أكثر الأصوات المنادية بالإصلاح جرأة. وشعبيته هذه التي بدأت من الجامع الأموي لم تقتصر فقط على دمشق إنما امتدت إلى مختلف المناطق السورية.
والمراجع لخطابات الخطيب، سيتمكن من تكوين صورة عامة عنه تختصر توجه هذا الرجل وعقيدته الدينية والاجتماعية السياسية في الوقت عينه؛ إذ كانت مطالباته الثورية ترتكز على الحرية والمساواة والعدل، فطالب بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وإلغاء قوانين الطوارئ والأحكام العرفية والاعتقال التعسفي إضافة إلى إلغاء سيطرة الحزب الواحد ومحاربة الرشوة والفساد السياسي والاجتماعي والاقتصادي وإيقاف نهب الأموال وتذكير الناس بحقوقهم ومنها الرعاية الاجتماعية وضمان الشيخوخة والعلاج الطبي وتأكيده على المساواة في «الكرامة الإنسانية» بين الرجل والمرأة.
ومن أقواله أيضا: «لا يمكن للعالِم أن يعطي الحرية لأحد، قبل أن يكون هو حرا وناجيا من الأسر والوصاية والاحتواء».. «لا نرضى الفتنة وحمل السلاح في الأمة الواحدة مهما يكن السبب، وننبذ الطائفية والعصبية وضيق الأفق، كما نرفض تحجيم الإسلام وفق أهواء العوام أو الحكام».
وفي حين لم يخل انتخاب الخطيب رئيسا للائتلاف من الانتقاد انطلاقا من تخوف البعض من أسلمة الثورة، أكد زهير سالم، الناطق الإعلامي باسم جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، أن الخطيب لم يكن مقربا من الجماعة وليس محسوبا عليها، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «كنا نسمع أخباره ونرتاح لأدائه وخطاباته، ولقاءاتنا به لم تكن كثيرة؛ بل كانت تقتصر فقط على الاجتماعات العامة، لكن موقفنا منه إيجابي بالتأكيد، ونرى فيه الخير لسوريا ونعتبره شخصية وطنية استطاع من خلال استقلاليته أن يجمع حوله توافقا من الأطراف المعارضة بعيدا عن زواريب السياسة والأحزاب الضيقة». وفي حين يعتبر سالم أن اختيار «شخصية دمشقية» تحظى بهذا الإجماع له بدوره وقع وأهمية في السياسة بشكل عام وفي المجتمع السوري بشكل خاص، يرى أن «هذا الخيار من شأنه طمأنة الهواجس، إذا كانت حقيقية، من سيطرة الإسلاميين، أو بالأحرى الذرائع للاستئثار بأمور المجتمع، لا سيما أنه لا ينتمي أو يرتكز على فكر حزبي معين»، واصفا إياه بـ«الشخصية الكاريزماتية المحبوبة في المجتمع السوري»، لافتا إلى أن تواصله مع جيل الشباب بشكل دائم لا سيما من خلال رسالته الأخيرة التي خاطبهم بها عبر موقع «فيس بوك» كانت خطوة موفقة وسيكون لها وقعها الإيجابي في صفوفهم.
من جهة أخرى، يضع سالم عمل الخطيب الذي كان ضمن دائرة «وزارة الأوقاف السورية»، أي تحت سلطة النظام الذي قبل بدوره به كـ«مشاكس في دارته»، في سياق «التعادل بالرؤية»، موضحا: «من خلال تعيينه خطيبا للجامع الأموي كان يريد النظام القول إن معه شخصيات معارضة وتتمتع بالمصداقية، في حين أن الخطيب استفاد من هذه الفرصة لإيصال رسالته إلى النظام والمجتمع السوري في الوقت عينه».
بدوره، يصف جبر الشوفي، عضو المجلس الوطني السوري، الخطيب، بـ«الرجل المتزن المتواضع والمعتدل الذي يتمتع بمكانة علمية وشخصية مستقلة مقربة من الناس»، مضيفا: «قد لا يكون الخطيب من الشخصيات المعروفة على المستوى السياسي، إنما الأكيد أنه شخصية محبوبة اجتماعيا ومعروف على المستوى الشعبي بفكره المعارض». وعما إذا كان تولي رجل دين قيادة الثورة ورئاسة الائتلاف الوطني قد يضعه البعض في خانة «أسلمة الثورة»، يقول الشوفي: «لا أتخوف من رجل دين أو غير دين إذا كان معتدلا وصاحب منطق سليم يعمل للوصول إلى دولة مدنية ديمقراطية تقوم على الحق والقانون»، لافتا إلى أنه «عبر التاريخ لم يكن المستبدون من رجال الدين، والعلمانيون لم يكونوا مستبدين أقل من غيرهم، وبالتالي، فإن الاستبداد لا يرتبط بالدين ولا يغذى من عقيدة دينية، المستبد مستبد إذا جاء من خلفية دينية أو علمانية».
في المقابل، وعلى خط الثورة العسكرية، أو في ما يتعلق بموقف الجيش السوري الحر من ائتلاف المعارضة بشكل عام واختيار أحمد معاذ الخطيب بشكل خاص، يبدو أن ردود الفعل تجاه تصريحاته كانت بدورها متفائلة وتركت انطباعا إيجابيا في صفوف القيادات والعناصر، لا سيما بعد مطالبته بتسليح الجيش الحر ودعمه بالأسلحة النوعية وتأكيده أن الائتلاف الجديد حصل على ضمانات «من دول خليجية وأوروبية»، قائلا: «نريد من المجتمع الدولي أن يشعل شمعة في النفق الذي وضع الطاغية بشار الأسد شعبه فيه. السوريون يواجهون القصف من مقاتلات بشار ويحتاجون لأسلحة نوعية»، مضيفا: «إذا استمرت الأزمة ربما ستنشأ تطورات أكبر وأخطر وقد تنفجر المنطقة بأكملها».
وفي هذا الإطار، قال رئيس أركان الجيش السوري الحر، العقيد أحمد حجازي لـ«الشرق الأوسط»: «لم نكن نعرف الداعية الخطيب في السابق، لكن توافق المعارضة عليه يحقق مطالب الشعب السوري ومطلبنا في الجيش الحر، وبالتالي لا يمكننا إلا أن نتفاءل به خيرا، لأننا لا نبحث عن الأشخاص، والمبدأ الأهم بالنسبة لنا هو التوحد، وهذا ما حققه انتخاب الخطيب». وفي ما يتعلق بتصريحاته حول تسليح الجيش الحر، قال حجازي: «تكلم الخطيب عن مطلب الثورة ومصلحة الشعب السوري، وبالتالي لا شك أنها بداية إيجابية نتمنى أن تنسحب على الخطوات التنفيذية في ما بعد، لا سيما أن الاتفاق لم يجف حبره بعد والرجل لا يملك عصا سحرية وهو بحاجة إلى وقت».
في الداخل السوري أيضا، كما في صفوف الناشطين السوريين والتنسيقيات، شكل انتخاب الخطيب صدمة إيجابية، بحسب ما أكد عمر حمزة، الناطق الإعلامي في مجلس قيادة الثورة في دمشق، لـ«الشرق الأوسط»، قائلا: «لطالما كان الداعية الخطيب شخصية ثورية محبوبة لدى الدمشقيين وقريبا من المواطنين. كان معروفا بمواقفه الجريئة حتى قبل اندلاع الثورة السورية. لم يكن يرضى بالظلم أو يخضع لأوامر النظام، وبالتالي لقي انتخابه ترحيبا وموافقة من كيانات الداخل التي أصدرت جميعها بيانات مرحبة بتكليفه»، مضيفا: «هو رجل يجمع بين العلم والدين والأخلاق، وهو يحمل الآن رسالة تكليف من الشعب السوري الذي يعول عليه كثيرا في الوصول إلى أهدافنا».
وهذا الترحيب بدا واضحا أيضا من خلال تفاعل الشباب السوري على مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال إنشائهم صفحات مؤيدة له، كما لوحظ تفاعل الخطيب شخصيا معهم أيضا بتوجيه رسالة لهم، عبرها، مخاطبا إياهم معتذرا منهم عن عدم قدرته على الرد الشخصي وطالبا منهم، أن يتوافقوا على أن تحمل مظاهرات اليوم الجمعة شعار «يا أوباما لا تخاف.. كلنا مع الائتلاف» وأن ترفع أيضا لافتات شكر للرئيس الفرنسي وأخرى تحمل شعار «لا تطرف لا إرهاب».
مع العلم بأن فوز الخطيب برئاسة الائتلاف جاء من دون أي منافسة بحسب النتائج الرسمية للاقتراع، حاصلا على غالبية ساحقة من أصوات أعضاء الائتلاف التي بلغت 54 صوتا. وقال عنه رئيس المجلس الوطني السوري، جورج صبرا: «إنه رجل معروف في دمشق كونه داعيا معتدلا».
وفي حين رفض الخطيب القول إن ضغوطا مورست على المعارضة للتوصل إلى اتفاق، لفت إلى أنه كان هناك فقط تدخل لتقريب وجهات النظر، مؤكدا أيضا أن الاتصالات والمباحثات مع جميع القوى المعارضة في الداخل أو الخارج مستمرة وكذلك العمل على تشكيل الهيئات والمكاتب التنفيذية ليتوسع التحرك نحو الاعتراف الدولي بالائتلاف. وهذا ما بدا واضحا من خلال تفاعل المجتمع الدولي الإيجابي مع تحركات الخطيب العربية والدولية التي لم تهدأ منذ اليوم الأول لتوليه المنصب، باذلا جهوده في انتزاع الشرعية الدولية لهذا الائتلاف محققا بذلك خطوة في الاتجاه الأوروبي والعربي من خلال اعتراف جامعة الدول العربية وفرنسا وتركيا بالائتلاف ممثلا شرعيا لسوريا، ودعوة فرنسا الخطيب لزيارتها ولقاء رئيسها فرنسوا هولاند غدا، فيما اكتفت الولايات المتحدة بالترحيب به.
وأحمد معاذ الخطيب من مواليد دمشق 1960، درس الجيوفيزياء التطبيقية وعمل مهندسا بتروفيزيائيا نحو 6 سنوات في شركة سورية للنفط، ونظم كثيرا من الدورات الدعوية والعلمية، وحاضر وخطب في نيجيريا والبوسنة وإنجلترا والولايات المتحدة الأميركية وهولندا وتركيا وغيرها..
هو الأستاذ والداعية والمهندس الذي عرف بدعواته للعدالة الاجتماعية والتعددية الحزبية ونبذ الطائفية، التي كان يطلقها من على منبر المسجد الأموي بقلب العاصمة السورية، دمشق، ومساجد أخرى، وعرف بجرأته في قول الحق، مما دفع الأمن السوري إلى اعتقاله 4 مرات على خلفية تفاعله مع الثورة السورية، كان آخرها في مايو (أيار) 2012، ليغادر بعدها سوريا مستمرا في نضاله من العاصمة المصرية، القاهرة.
بقي الخطيب ينادي بالتعايش السلمي على الرغم من تفاقم التوترات الطائفية بين السنة والعلويين، ويقول إن الشعب السوري مكون بشكل أساسي من الطائفة السنية، التي تعرضت للإقصاء لفترة طويلة، ومن الطبيعي أن تكون مكونا رئيسيا في الثورة. ويشير إلى أن النظام السوري يحاول تحويل الصراع في سوريا الآن إلى صراع طائفي، لكن الشعب السوري أسمى من أن يسقط في هذا المنزلق. وسعى الخطيب لتذكير السوريين المعارضين بأن معركتهم هي ضد الأسد وليست ضد الأقلية العلوية، قائلا في أول مقابلة معه في المنفى: «العلويون مظلومون أكثر لأن الدولة استخدمتهم ووضعتهم في المواجهة».
ترعرع الداعية الدمشقي في عائلة معروفة بتدينها، والده الشيخ محمد أبو الفرج، خطيب دمشق وأحد وجوه العلم فيها، ويرجع نسبه إلى الحسن بن علي. له أخوان وأخت، هم: مصونة، وهي مدرسة أصول الفقه، وعبد القادر خطيب جامع بني أمية الكبير وأستاذ في التفسير وأصول الفقه ومهندس ميكانيكي، ومحمد مجير وهو أستاذ في علم الحديث ومحقق ومؤلف. متزوج ولديه أربعة أبناء هم: أمان وعبد الرحمن وأسماء وهاشم.
وكان الخطيب قد تولى في فترة سابقة رئاسة «جمعية التمدن الإسلامي»، وما زال يشغل منصب الرئيس الفخري فيها. وعمل أستاذا لمواد شرعية في معهد المحدث الشيخ بدر الدين الحسني، ومادتي الدعوة الإسلامية والخطابة في «معهد التهذيب والتعليم للعلوم الشرعية» في دمشق. انتسب إلى الجمعية الجيولوجية السورية والجمعية السورية للعلوم النفسية، وله العديد من الأبحاث المنشورة باللغة العربية وترجم بعضها إلى الإنجليزية والبوسنية.
 

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,902,482

عدد الزوار: 6,971,213

المتواجدون الآن: 96