بريطانيا.. على مفترق طرق.... استفتاء 2014 قد يؤدي إلى استقلال اسكوتلندا وبداية تفكك المملكة المتحدة

تاريخ الإضافة الإثنين 22 تشرين الأول 2012 - 4:51 ص    عدد الزيارات 753    التعليقات 0

        

 

بريطانيا.. على مفترق طرق.... استفتاء 2014 قد يؤدي إلى استقلال اسكوتلندا وبداية تفكك المملكة المتحدة

لندن: عبد اللطيف جابر ... «أريد أن أكون رئيس الوزراء الذي حافظ على وحدة المملكة المتحدة»، هذا ما قاله ديفيد كاميرون بعد توقيعه هذا الأسبوع مع رئيس الحكومة المركزية، الزعيم الاسكوتلندي أليكس ساموند، على اتفاقية، يتم بموجبها تنظيم استفتاء في أواخر عام 2014 ويعطي اسكوتلندا حق الانفصال عن بريطانيا.
لو أجاب الاسكوتلنديون بكلمة «نعم» للانفصال في الاستفتاء، وهذا ما يفضله القوميون، وخصوصا الحزب القومي الاسكوتلندي الحاكم في برلمان ادنبره المحلي، والذي يتزعمه أليكس ساموند، فإن ذلك سيضع نهاية للاتحاد بين لندن وأدنبره والذي دام أكثر من 300 عام، أي منذ التوقيع على اتفاقية الاتحاد بينهما عام 1707 والتي ربطت شمال البلاد بجنوبها. ومنذ ذلك التاريخ شكلت اسكوتلندا مع إنجلترا وإقليم ويلز وشمال آيرلندا، ما يسمى بالمملكة المتحدة. وقد يكون هذا التاريخ الجديد بداية تفكك الاتحاد.. وقد يشجع انفصال اسكوتلندا أقاليم أخرى لاتخاذ الخطوة نفسها.
وبعد التوقيع مباشرة توجه كاميرون إلى ميناء لبناء السفن الحربية في منطقة «فايف» باسكوتلندا حيث يجري بناء حاملة طائرات بريطانية جديدة لصالح سلاح الجو الملكي. الزيارة تنطوي على الكثير من الرموز، إذ أراد كاميرون جلب الانتباه إلى أهمية الاتحاد بين ادنبره ولندن بخصوص قضايا الدفاع ووضع بريطانيا الاستراتيجي في العلاقات الدولية، وهذا ما ستفقده اسكوتلندا المستقلة التي لن تكون على الأرجح عضوا في منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، لأن الحزب القومي الاسكوتلندي الحاكم يعارض السياسات النووية للحلف.
وقال أليكس ساموند الذي يمتلك حزبه الأغلبية في البرلمان الإقليمي في إدنبره «إنه يوم تاريخي لاسكوتلندا». وأضاف بعد توقيع الاتفاقية «سننتصر من خلال وضع رؤية إيجابية». وعلى الرغم من أن حكومة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون تعارض بشدة خطوات اسكوتلندا للاستقلال فإنها وافقت على مضض إجراء الاستفتاء. وقال كاميرون «أنا عاطفي تجاه الاتحاد. يجب أن نحافظ على العائلة معا». «ولكن ومع ذلك، فمن الصائب أن (تحترم) الحكومة البريطانية إرادة الشعب الاسكوتلندي وتسمح لهم بالاستفتاء». وبعد أشهر من المشاورات الصعبة، التقى كاميرون مع ساموند في مقر الحكومة المحلية في اسكوتلندا ووقعا بالأحرف الأولى على «اتفاق ادنبره» ثم تصافحا. وقال كاميرون «أعتقد بقوة أن اسكوتلندا ستبقى» بريطانية. لكنه أضاف أن بريطانيا «لا تستطيع بأي حال إبقاء بلد متحد معها ضد إرادة شعبه».
وأوضح أن الاسكوتلنديين «انتخبوا حزبا كان يريد إجراء استفتاء. وأعتقد أن من الضروري احترامهم»، لكنه أعرب عن الأمل «بأن تبقى بريطانيا موحدة، لأننا معا نكون أكثر غنى وأكثر قوة ونتمتع بمزيد من الأمان». وقالت نائبة رئيس الوزراء الاسكوتلندية نيكولا ستورجن لـ«بي بي سي»، «قدم الجانبان تنازلات لكنني راضية للتوصل إلى اتفاق يضمن تنظيم الاستفتاء». ونجحت السلطات الاسكوتلندية في الحصول على تنظيم الاستفتاء في 2014 في حين كان تريد لندن أن ينظم في أسرع وقت ممكن. كما وافقت لندن على خفض السن للمشاركة في الاستفتاء إلى 16 عاما وهو مطلب آخر للقوميين الذين يعتقدون أن الشباب الاسكوتلندي ميال إلى الاستقلال. ويرغب اليوم ثلث الاسكوتلنديين وعددهم 5,2 مليون في الاستقلال عن المملكة المتحدة، حسب آخر استطلاع لتلفزيون «إي تي في». إلا أن التنازل الاسكوتلندي تمثل في أن يتضمن الاستفتاء خيارا واحدا لا غير وهو تأييد أو رفض الاستقلال، وهذا ما تريده لندن، في حين كان يرغب القوميون في إضافة سؤال آخر في الاستفتاء حول الحصول على حكم بصلاحيات أكبر في حال رفض الاستقلال لتجنب فوز المعسكر المعارض للاستقلال.
اختيار ساموند لعام 2014 للاستفتاء كان مقصودا، إنها الذكرى الـ700 لمعركة بانوكبيرن وهي المعركة الوحيدة التي انتصر فيها الاسكوتلنديون على الإنجليز، ويعتقد المعلقون أن ساموند أراد من هذا التاريخ تأجيج الشعور القومي الاسكوتلندي ضد إنجلترا ولندن. وتخشى السلطات البريطانية من أن يؤدي انفصال اسكوتلندا إلى إحداث مزيد من الانشقاقات في المملكة المتحدة. وبحسب استطلاع أخير للرأي تراجع عدد أنصار الاستقلال خصوصا مع اندلاع الأزمة المالية في أوروبا وخصوصا بعد أن قامت لندن بضخ المليارات في البنوك الاسكوتلندية من أجل إنقاذها.
لقد ضخت بريطانيا ما قيمته 187 مليار جنيه إسترليني في البنوك الاسكوتلندية، وهذا أكبر من الدخل القومي الاسكوتلندي الذي يقدر بـ122 مليار جنيه إسترليني. وفي مقابلة سابقة مع القناة الرابعة البريطانية قال ساموند إنه سيحصل على 90 في المائة من مداخيل بحر الشمال التي تقدر بـ10.5 مليار جنيه إسترليني سنويا. حقول النفط والغاز في بحر الشمال تحتوي 24 مليار برميل والتي تقدر قيمتها بـ1.5 تريليون جنيه إسترليني.
إلا أن حكومة لندن تقول إن حصة اسكوتلندا هي 8 في المائة من مبيعات غاز بحر الشمال. ويعتقد بعض الخبراء أنه حتى في حالة حصول اسكوتلندا المستقلة على حصة الأسد من مبيعات بترول وغاز بحر الشمال (بعد الحسم جغرافيا للمياه الإقليمية بين البلدين) فإن التذبذب في أسعار السوق لن يكون دائما لصالح اسكوتلندا، كما أن احتياطي النفط في حالة تراجع. أضف إلى ذلك أن ملكية الآبار ستثير معارك قانونية بين البلدين.
وقال البروفيسور جون كيرتيس من جامعة ستراثكلايد إن على ساموند إقناع الناخبين بأن «أوضاعهم الاقتصادية ستكون أفضل في اسكوتلندا المستقلة على المدى البعيد». للبرلمان الاسكوتلندي حاليا صلاحيات في مجالات التربية والصحة والبيئة والعدل. إلا أن المسائل المتعلقة بالشؤون الخارجية والطاقة والضرائب والدفاع تبقى من صلاحية لندن. ووعد كاميرون الاسكوتلنديين بمزيد من الحكم الذاتي» إذا ما قالوا «لا» للاستقلال. ولهذه المسألة دعم واسع مع جميع الأحزاب البريطانية في البرلمان ومع الطبقة السياسية البريطانية. من جانبه، جعل ساموند الاستفتاء أبرز نقاط معركته ووصف الاتفاق بـ«اليوم التاريخي» لاسكوتلندا، معربا عن ثقته بفوز «نعم». وقال «لدى الحكومة الاسكوتلندية رؤية طموحة لاسكوتلندا: بلد أوروبي مزدهر، ينجح ويعكس القيم الاسكوتلندية.. اسكوتلندا تشغل مكانا جديدا في العالم».
وذكر الوزير البريطاني المكلف ملف اسكوتلندا مايكل مور بـ«المخاطر» التي يطرحها في نظره الاستقلال خصوصا من الناحية الاقتصادية أو لجهة النفوذ الدولي. وتتهم لندن أنصار الاستقلال بترك مسائل عدة عالقة خصوصا ملكية الاحتياطي النفطي الهائل في بحر الشمال أو مستقبل اسكوتلندا المستقلة داخل الاتحاد الأوروبي والسياسة الدفاعية. وكتبت صحيفة «سكوتيش صن» الاثنين أن «المعركة حول مستقبل اسكوتلندا تبدأ اليوم». وتساءلت الصحيفة تحت صورة المسؤولين وهما يتشاجران على صورة لاسكوتلندا ملتقطة عبر الأقمار الاصطناعية «هل علينا أن نصدق أليكس سالموند عندما يعد بمستقبل زاهر لاسكوتلندا مستقلة أم ديفيد كاميرون».
ارتبطت اسكوتلندا مع إنجلترا بمعاهدة، تعود إلى أكثر من 300 عام، بنيت خلالها بريطانيا أكبر إمبراطورية في تاريخ البشرية. وحتى بعد تلاشي نفوذها الجغرافي المباشر، ما زالت بريطانيا واحدة من أعظم اقتصادات العالم. فماذا يعني انفصال اسكوتلندا عن المملكة المتحدة.. سياسيا.. واقتصاديا.. واجتماعيا.. وحتى عسكريا؟ كيف يمكن تفكيك قواتها المسلحة، المكونة من شعوب المملكة المتحدة، التي تنتشر قواعدها العسكرية على كامل أراضي المملكة المتحدة وأسلحتها وغواصاتها النووية في مياهها الإقليمية؟ ومن سيبقى من جنودها الموجودين في مهمات عسكرية خارج البلاد؟ ومن سيستحوذ على مقعدها الدائم في مجلس الأمن؟ وماذا سيحدث لسفاراتها؟ حتى العلم سيصبح محل نقاش، وسيتم فصل ألوانه التي تتشكل من اللونين الأحمر والأبيض (علم سانت جورج الإنجليزي، والأبيض والأزرق علم اسكوتلندا). وأخيرا وليس آخرا، هل ستبقى اسكوتلندا ملكية وتبقى إليزابيث الثانية ملكة على اسكوتلندا أيضا؟ أم تصبح جمهورية؟
وعلى الرغم من تأكيدات الوزير الأول الاسكوتلندي أليكس ساموند أنه على علاقة وثيقة مع العائلة المالكة، فإن الأسئلة تبقى. وقال ساموند إن الملكة ستبقى رئيسة الدولة كما هو معمول به بالنسبة لدول الكومنولث، أي دول التاج البريطاني. إلا أن هناك اعتقادا بأن اسكوتلندا المستقلة ستجري استفتاء آخر حول بقاء الملكية.
هذه مجرد بعض المشكلات التي ستكون شائكة وتحتاج إلى سنين من المفاوضات القانونية والعملية بين البلدين والتي سيواجهها طلاق اسكوتلندا عن باقي المملكة المتحدة، التي بدأ المعلقون يطرحونها بصراحة ويرون أنها ستكون معضلة حقيقية للجهتين، خصوصا أن هناك حركة إنسانية مستمرة ولمئات السنين بين شعوب المملكة المتحدة. فالتعداد السكاني لاسكوتلندا (مثلا) يصل إلى خمسة ملايين ونصف المليون، ويعيش أكثر من مليون منهم، أي 20 في المائة، في إنجلترا.. هذه معضلة عبرت عنها صحيفة «التايمز» في افتتاحياتها عندما طرح موضوع الاستفتاء في يناير (كانون الثاني) الماضي تحت عنوان «سلطة دون مسؤولية». كتبت «التايمز»، التي تعكس عادة تفكير النخبة السياسية البريطانية، تقول إن على الوزير الأول الاسكوتلندي زعيم الحزب القومي الاسكوتلندي أليكس ساموند أن يحدد ما يريد.. ويحدد بالضبط كل الأمور مثل الدفاع والخارجية والسياسات المالية. وقالت صحيفة «التايمز» بأن على أليكس ساموند أن يقرر هل يريد الاستحواذ على مداخيل مبيعات الغاز والبترول من بحر الشمال فقط، لكنه لا يريد الديون المترتبة على اسكوتلندا، خصوصا بعد عملية إنقاذ البنوك التي قامت بها حكومة غوردن براون، التي ضخت المليارات في البنك الملكي الاسكوتلندي لإنقاذه. وقيل آنذاك إنه لو كانت اسكوتلندا مستقلة وقت وقوع الأزمة المالية العالمية لأعلنت إفلاسها مثل آيسلندا. هذه الأفكار عكسها أيضا وزير الخزانة السابق أليستر دارلينغ في مقابلة مع «بي بي سي» هذا الأسبوع التي اتهم فيها أليكس ساموند بأنه يؤجج الشعور القومي للاستقلال، من خلال هجومه على المحافظين الإنجليز، ويرفض الدخول في حوار جدي حول الأمور المالية.
وتثير «التايمز» أسئلة تعتقد أن على أليكس ساموند الإجابة عنها مثل: هل ستكون الحكومة الاسكوتلندية قادرة على إصدار سندات خزينة بالجنيه الإسترليني إذا احتفظت بالعملة نفسها؟ وهل تريد من حكومة لندن إنقاذ البنوك في حال التدهور المالي لها، مثلما عملت في السابق مع البنك الملكي الاسكوتلندي؟ ومن يحدد سعر الفائدة.. البنك المركزي في لندن أم بنك مركزي أسكوتلندي؟ وهذا يعني خلق سياسات مالية متناقضة بين لندن وإدنبره. وهل الاستقلالية بالقرارات المالية تعني أن جزءا من الديون سيتم تحولها إلى ميزانية الدولة الاسكوتلندية؟ وهل يريد أليكس ساموند فقط المداخيل من بحر الشمال، أما بالنسبة للديون فإنه يريدها أن تبقى مسؤولية لندن؟ وماذا عن مسؤولية الدفاع والخارجية؟ وإذا قررت بريطانيا إرسال قواتها إلى الخارج كما حصل في حالة العراق وأفغانستان، فهل ستخالف القرار وتسحب الجنود الاسكوتلنديين من المعركة؟
وبعد التوقيع على اتفاقية الاستفتاء قال وزير الخزانة البريطاني الحالي جورج أوزبورن إن أليكس ساموند لم يحدد بعد شكل الاتحاد المالي بين البلدين، ويعتقد أيضا أن سعر الفائدة سيكون أعلى بالنسبة للدولة المستقلة. أضف إلى ذلك أن اسكوتلندا ستواجه نفس المشكلات التي تواجهها بعض الدول الأوروبية بخصوص سعر الفائدة والبنك المركزي الأوروبي واليورو. وفي ظل الأزمة الاقتصادية العالمية والمصير غير المعروف لليورو ومنطقة اليورو، يقول أليستر دارلينغ إن اسكوتلندا ستواجه مشكلات أكبر في حالة الانفصال ودخولها الاتحاد الأوروبي كبلد كامل العضوية. إذا قررت دخول الاتحاد الأوروبي فعليها قبول اليورو كعملة قانونية لاقتصادها. لكن ساموند نوه سابقا بأن اسكوتلندا المستقلة قد تبقي على الجنيه الإسترليني عملة متداولة. لكن يرى بعض المعلقين أن ذلك لن يلبي طموحات اسكوتلندا الوطنية لأن إعطاء بنك إنجلترا المركزي الحق في تحديد سياسات اسكوتلندا الضريبية سيعيد الأمور إلى سابق عهدها، وهذا ما تعاني منه بعض الدول الأوروبية الجنوبية مثل اليونان والبرتغال وإسبانيا وغيرها ممن قد تجبر على الانفصال عن منطقة اليورو لاحقا. ويقول دارلينغ الاقتصادي المحنك: «الجوانب السلبية للانفصال مخيفة وكذلك المخاطر، ولهذا لا أعتقد أنها تستحق المغامرة». آراء أليستر دارلينغ عوملت من قبل الكثير من وسائل الإعلام على أنها أساس لحوار جاد حول موضوع الاستقلال يضع النقاط على الحروف ويواجه رد الفعل القومي الاسكوتلندي الذي «يختبئ» وراءه أليكس ساموند، الذي اتهم من معظم الأحزاب البريطانية والكثير من المعلقين بأنه يحاول دائما تمييع الأمور بخصوص التداعيات المالية لمستقبل اسكوتلندا. وأصبح ينظر إلى دارلينغ - على الرغم من أنه عمالي وناقد شديد لسياسات ديفيد كاميرون - على أنه الشخص المثالي ليقود حملة الدفاع عن وحدة المملكة المتحدة وإبقاء اسكوتلندا فيها.
ولهذا يعتبر دارلينغ أنه من المهم جدا مواجهة ساموند بالقضايا الاقتصادية المهمة. ويطرح ثلاثة سيناريوهات بهذا الخصوص. يقول إن ساموند لم يتكلم بوضوح حول السياسات المالية المستقبلية. ويتساءل: هل يريد أن يبقي «الباوند»، أي الجنيه الإسترليني، كعملة لاسكوتلندا المستقبلية؟ وهذا ما نوه به ساموند في مناسبات مختلفة، قائلا إن «اسكوتلندا المستقلة قد تحتفظ بعلاقات مالية مشتركة مع إنجلترا حتى بعد الانفصال». بهذه الحالة، الجنيه يصبح عملة بين بلدين، أي إنه اتحاد مصغر لمنطقة اليورو. لكن دارلينغ يقول: «إذا جلست مع باقي أعضاء المملكة المتحدة ووافقت على عملة مشتركة، فإن الأعضاء سيقولون له: هل سترفع سقف الضرائب؟ وهل ستستمر بمستوى الصرف العام نفسه على الخدمات، وتزيد من ديونك دون سقف واضح». وهذا ما يواجهه بعض أعضاء منطقة اليورو. عندما تكون هناك عملة مشتركة، فإن ذلك يعني ليس اتحادا اقتصاديا فقط، لكنه يصبح اتحادا سياسيا، وإذا كان هذا هو المطلوب إذن، «لماذا كل هذا التعب والمطالبة بالانفصال من أجل أن تجد نفسك مرة ثانية في نقطة البداية؟ ولهذا فإن العملية غير مجدية». كما أن الخيار الثاني، وهو أن تتجه اسكوتلندا لاختيار عملتها الخاصة، أمر مليء بالمخاطر. ويقول دارلينغ: «تصور كيف تفيق في صباح يوم الاثنين وتجد أن كل مدخراتك في البنوك لا تساوي شيئا، لأنه لا أحد يعرف إلى أين تتجه الأمور بعد أن تقرر دولة استخدام عملة خاصة بها في بداية الأسبوع. وإذا خاف الناس قبل ذلك بيوم واحد وقرروا سحب مدخراتهم ووضعها في بنوك أخرى بعملة مختلفة، فإن ذلك قد يطيح بالنظام المصرفي الاسكوتلندي».
أما المخاوف الأخرى التي يطرحها دارلينغ فهي اتجاه اسكوتلندا المستقلة لاتخاذ اليورو عملة لها. ويقول إن دخول الاتحاد الأوروبي دولة مستقلة سيجبر اسكوتلندا أيضا دخول منطقة اليورو وهذا ما تنص عليه اتفاقية الاتحاد الأوروبي. ولهذا ما الفائدة أيضا أن تصبح اسكوتلندا عرضة للتقلبات وسياسة سعر الفائدة التي يحددها البنك المركزي الأوروبي؟ «فما الجديد بالنسبة لاسكوتلندا، التي تطالب بالانفصال عن بريطانيا من أجل التنازل السياسي والاقتصادي للاتحاد الأوروبي». ويعتقد دارلينغ أن «العالم يتجه لبناء تكتلات اقتصادية عالمية ضخمة. وما الهدف من فلسفة اللجوء إلى تكتل اقتصادي أوروبي وفي الوقت نفسه تحاول الابتعاد عن جارك؟».
 

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,774,570

عدد الزوار: 6,965,418

المتواجدون الآن: 78