من قلب آسيا..«شنغهاي للتعاون» في مواجهة «السبع الكبرى»..

تاريخ الإضافة الأحد 9 تشرين الأول 2022 - 6:01 ص    عدد الزيارات 720    التعليقات 0

        

من قلب آسيا... «شنغهاي للتعاون» في مواجهة «السبع الكبرى»...

هل تؤسس قمة المنظمة المنعقدة أخيراً لثنائية عالمية جديدة؟

الشرق الاوسط... نيودلهي: براكريتي غوبتا... في خضم الاضطرابات الجيوسياسية المتزايدة التي اندلعت بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، والمواقف العسكرية العدوانية للصين في مضيق تايوان، وفك الاشتباك بين القوات الهندية والصينية في وادي غالوان - لاداخ، اختتمت أخيراً القمة الـ22 لـ«منظمة شنغهاي للتعاون» أعمالها في مدينة سمرقند الأوزبكستانية. وقد عززت العوامل الجيو- سياسية، والجيو ـ اقتصادية المتغيرة في السياسات العالمية المعاصرة، من أهمية القمة التي جاء انعقادها على خلفية تنظيم الكرملين استفتاءً عاماً على ضم 15 في المائة من أراضي أوكرانيا التي تتعرض للهجوم والاحتلال، بجانب فرض عقوبات غربية غير مسبوقة على روسيا، وتفاقم التوترات بين الغرب والصين. وما لفت انتباه المراقبين تزامن انعقاد اجتماع «المنظمة» مع فترة انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة. هذا، وحظيت قمة «منظمة شنغهاي للتعاون» هذا العام باهتمام كبير من وسائل الإعلام الإقليمية والغربية، ليس فقط لانعقادها بعد ثلاث سنوات بسبب جائحة كوفيد - 19، وإنما كذلك بسبب الديناميكيات المعقدة للدول، وتوسّعها السريع، بجانب أنها كانت أول قمة يشارك فيها رؤساء الدول الأعضاء في «المنظمة» منذ اشتعال الصراع بين روسيا وأوكرانيا. كذلك بين الأحداث المهمة الأخرى التي شهدتها القمة إدراج إيران، رسمياً، عضواً دائماً. تتسم «منظمة شنغهاي للتعاون» بأهمية واضحة، ذلك أنها تتمتع بوزن اقتصادي يمثل نحو 30 في المائة من إجمالي الناتج المحلي العالمي. وتتجلى أهميتها الديمغرافية بأن نحو 40 في المائة من سكان العالم يقيمون داخل البلدان الأعضاء فيها، والتي بدورها تشكل 22 في المائة من رقعة أراضي كوكب الأرض. ومما سبق، يتضح أن «المنظمة» تتمتع أيضاً بثقل سياسي دولي واعد ومؤثر. ذلك أنها تضم في عضويتها أربع قوى نووية هي: «قوة عظمى سابقة»، أي روسيا التي اكتسبت أهمية استراتيجية ضخمة في أعقاب الأزمة الأوكرانية، و«قوة عظمى صاعدة» هي الصين التي تهدد الوضع الأحادي القطب للولايات المتحدة في النظام العالمي، ومعهما الهند وباكستان. بالإضافة إلى ذلك، هناك أربع جمهوريات في آسيا الوسطى تتمتع بموارد ضخمة من المعادن والطاقة. وتشهد المنظمة توسعاً سريعاً، مع انضمام إيران عضواً تاسعاً، بينما بيلاروسيا في طريقها لتغدو العضو العاشر. وما يستحق الذكر أيضاً، قبول ثماني دول كشركاء جدد في الحوار هي: البحرين وجزر المالديف والكويت والإمارات العربية المتحدة وميانمار ومصر والمملكة العربية السعودية وقطر. وحقاً، في الإعلان الختامي للقمة الـ22 في سمرقند، طرحت «المنظمة» نفسها كـ«منظمة إقليمية»، مع أن حجمها الهائل يسمح لها بالادعاء بأنها «منظمة عالمية» تتمتع بقدر من الشرعية لا يقل عما تحظى به مجموعة «الدول السبع الكبرى» التي تشكل دولها الأعضاء 10 في المائة فقط من سكان العالم، وإن كانت تملك 50 في المائة من صافي الثروة العالمية.

آسيا قلب «المنظمة»

الصحافي الهندي فيجاي براشاد يرى أنه «فيما يخص منظمة شنغهاي للتعاون، تمثل آسيا الوسطى القلب. وفي الوقت نفسه، تماشياً مع التوسع الجغرافي للمجموعة، اكتسب تعزيز الاتصال بين آسيا الوسطى وجنوب آسيا أهمية جديدة. وجرى تصميم هذا التوسع نحو غرب آسيا وجنوب آسيا لجعل المنظمة تجمعاً بارزاً لعموم منطقة أوراسيا، وتحويل المنظمة إلى كيان متعدد الأطراف صاحب سلطة مؤثرة»، مكرسة للسلام والتنمية. وأضاف أنها قامت «ليس لمجرد توحيد صفوف عدد من الدول الآسيوية التي تخضع لعقوبات شديدة من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، فالهند، مثلاً، عضو لكنها لا تخضع لعقوبات. كما تسعى تركيا أيضاً لعضوية المنظمة، وهي دولة أيضاً غير خاضعة للعقوبات الغربية». وفي سياق متصل، كان لدى الهند منذ فترة طويلة اعتراضات على تشكيل الكتلة، إذ كانت الدولة الوحيدة العضو في «منظمة شنغهاي للتعاون» التي لم يكن من الممكن أن تتعرض لضغوط لاتخاذ مواقف معادية للغرب. وتوحي مجريات قمة سمرقند الأخيرة بأن روسيا والصين لن تكونا قادرتين على جعل المنظمة هيئة إقليمية معادية للغرب، على الرغم من حالة الاضطراب الحالية. ومع ذلك، من المهم الإبقاء على المنظمة كآلية لدعم العمل المتعدد الأطراف. وبالتالي، حسب مراقبين، فإن تولّي الهند رئاسة هذه المنظمة سيكون بمثابة اختبار لمهارة نيودلهي الدبلوماسية على صعيد تعزيز التعددية في النظام العالمي الناشئ. وبمثابة مقياس لأهمية الهند وقيمة «استقلاليتها الاستراتيجية».

يذكر هنا، أن روسيا والصين من الأعضاء المؤسسين لـ«منظمة شنغهاي للتعاون»، التي أُسست عام 2001 كشبكة اقتصادية وسياسية وأمنية. وقبل ذلك، حمل هذا الكيان اسم «مجموعة شنغهاي الخماسية» وكان يضم كلاً من روسيا والصين وكازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان. وكان الغرض من «مجموعة شنغهاي الخماسية» تعزيز المصلحة المشتركة بين الصين وروسيا في تحقيق الاستقرار داخل هذه المنطقة، وكذلك كبح جماح التدخل الأميركي في منطقة آسيا الوسطى. ومعلوم أن موسكو وبكين ما كانتا راضيتين عن الوجود العسكري الأميركي في أفغانستان وتداعياته المحتملة على عموم آسيا الوسطى. ومن ثم، على مدى السنوات العشرين الماضية، زاد حجم «منظمة شنغهاي للتعاون» أكثر عن ثلاثة أضعاف، في ظل وجود 6 دول مؤسِّسة و21 دولة عضواً الآن، بما فيها الأعضاء المراقبون وشركاء الحوار. وعلى مدار العقد الماضي، أدت العقوبات الأميركية على إيران وروسيا، وكذلك الحرب التجارية التي قادتها واشنطن ضد الصين إلى تقارب بين الدول الثلاث. على أي حال، تعتبر «المنظمة» فريدة من نوعها لجهة عدد طلبات العضوية التي تتقدم بها بلدان أخرى حريصة على الانضمام إلى أنشطتها في صور مختلفة. ولئن كان ثمة حماس استثنائي تبديه دول شبه القارة الهندية الساعية للانضمام، فإن اجتذاب دول الخليج نحو «المنظمة» يشكل مظهراً لافتاً. وهذا الأمر يبرز في كلام مستشار السياسة الخارجية الروسي يوري أوشاكوف، الذي قال في تصريح إن «منظمة شنغهاي للتعاون تقدم بديلاً حقيقياً للمنظمات التي تتمحور حول الغرب». ونظراً لتغير العوامل الجيوسياسية والجغرافية الاقتصادية في إطار السياسات العالمية المعاصرة، حظيت القمة باهتمام عالمي كبير؛ لأنها كانت أول تجمع كبير على هذا المستوى في حقبة ما بعد كوفيد - 19.

«أجندة» روسيا والصين

تضمنت القمة الـ22 في سمرقند جداول أعمال مختلفة من روسيا والصين وغالبية المشاركين الآخرين. وصرح الدبلوماسي الهندي السابق إم كيه بهادراكومار، بأن «روسيا حاولت استخدام القمة للخروج من عزلتها الدولية. فقد بعثت بإشارة لجيرانها وحلفائها المقرّبين، مثل الصين، مفادها أن المنظمة أداة يمكن من خلالها تغيير النظام الدولي الذي يديره الغرب. وسعى (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين لإثبات أن روسيا ليست معزولة، على الرغم من الجهود الدؤوبة التي يبذلها الغرب في هذا الصدد».

ويشير الحضور الشخصي للرئيس الصيني شي جينبينغ للقمة، على الرغم من التزام الصين الصارم بسياسة المنع التام لانتشار «كوفيد - 19»، إلى أن بكين تعد للتحوّط في مواجهة مزيد من الجهود الغربية المحتملة لفرض العزلة عليها من خلال تعزيز المشاركة مع الكتل الإقليمية التي تقودها بكين. وهي، بالتالي، تعول على «المنظمة» لتوفير بعض الحماية الجيو - اقتصادية لها.

وما يستحق الذكر هنا أنه خلال العقدين الماضيين، نمت «المنظمة» بهدوء لتصبح كتلة جغرافية اقتصادية إقليمية غير غربية تسعى جاهدة للارتقاء إلى مستوى أعلى من الاكتفاء الذاتي الجماعي وتعزيز الدفاع الذاتي في مواجهة الاضطرابات المالية والجيو- سياسية العالمية.

في المقابل، علقت الباحثة ماري غلانتز، من «معهد الولايات المتحدة الأميركية للسلام»، بالقول: «يبدو أن الرئيس شي يسعى وراء ثلاثة أهداف رئيسة من وراء قمة منظمة شنغهاي للتعاون. لقد جاء سفر شي إلى الخارج قبل شهر واحد فقط من انعقاد المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي الصيني، الذي من المتوقع أن يصادق على شي زعيماً للصين لمدة خمس سنوات أخرى». وفعلاً وفّرت «المنظمة» فرصة مثالية أمام شي ليطرح نفسه على أنه الزعيم الأقوى داخل مجموعة تصف نفسها بأنها «المنظمة الإقليمية الأكبر على مستوى العالم».

كذلك، استغل الرئيس الصيني مشاركته في قمة سمرقند الأخيرة للحث على توحيد صفوف الدول الأعضاء وتعزيز تضامنها معاً بدرجة أكبر في مواجهة حالة متفاقمة من الشكوك وغياب اليقين على الساحة العالمية، تثير شبح تهديدات للسيادة الوطنية من تدخل خارجي.

ما هو مؤكد أن الدول التي حضرت قمة سمرقند لا تتفق بالضرورة مع جميع القضايا التي نوقشت، لكنها بنت الثقة بين الدول الأعضاء بعضها مع بعض وأبدت اهتماماً بتعزيز العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بين الدول الأعضاء. والواضح أن «المنظمة» تحرص على تغذية الطموح للعمل من أجل «أوراسيا» (الكتلة الأرضية الآسيوية الأوروبية) آمنة ومزدهرة. كما أن لديها رؤية «شراكة أوراسية أكبر» تشمل كلاً من منطقة «المنظمة»، والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، ورابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان).

هل الهدف قابل للتحقيق؟

الدبلوماسي الهندي السابق بهادراكومار يلحظ أن «المنظمة» تشهد استئناف اللقاءات الشخصية بين قادتها «في لحظة تشهد تحديات غير مسبوقة. فعلى سبيل المثال، ثمة حالة حرب على الحدود بين دولتي قيرغيزستان وطاجيكستان. وكذلك الحال مع الدولتين المشاركتين في الحوار، أرمينيا وأذربيجان. ويواجه جميع أعضاء المنظمة التأثير الاقتصادي للحرب الروسية في أوكرانيا، بالإضافة إلى الاضطرابات المناخية مثل الفيضانات التي اجتاحت باكستان».

ويتابع: «لا يقتصر الأمر على ذلك، فلدى المنظمة ديناميكيات داخلية معقدة. فمن ناحيتها، تلتزم جمهوريات آسيا الوسطى الأربع بالعمل على الحفاظ على استقلاليتها أثناء التعامل مع جارتيها الكبيرتين (الصين وروسيا). وفي الوقت ذاته، تقف الصين والهند وباكستان عالقة في شبكة من التوترات المتصاعدة. ولا تكاد الهند والصين تتحدثان إحداهما إلى الأخرى، على الرغم من التقدم الأخير نحو تخفيف حدة التوترات على طول خط السيطرة الفعلية المتنازع عليه بينهما. ثم أن انعدام الثقة بين الهند وباكستان يجعل التعاون بينهما صعباً بشأن المهمة الأساسية للمنظمة، ألا وهي مكافحة الإرهاب».

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 156,514,479

عدد الزوار: 7,031,258

المتواجدون الآن: 76