اليمن في قبضة التفاؤل...

تاريخ الإضافة السبت 23 نيسان 2022 - 6:10 ص    عدد الزيارات 1558    التعليقات 0

        

اليمن في قبضة التفاؤل...

مقاربات تحديات المجلس الرئاسي ومستقبله... ودور الخليج في دعم الحل النهائي..

الشرق الاوسط... لندن: بدر القحطاني... قد يكون من السذاجة الحديث عن التفاؤل بعد سبعة أعوام على الانقلاب الحوثي ودخول اليمن في أتون الحرب. لكن التغييرات الأخيرة تجعل اليمن عملياً «في قبضة التفاؤل» بسبب سيناريوهات رسمها يمنيون كانوا قبل شهر وطيلة فترة الحرب ليسوا على وفاق، وأحياناً في حال صراع دائم. وباتوا اليوم متفائلين إما بالسلام وإما بالضغط العسكري الذي قد يتطور لاحقاً إلى حل عسكري ضد الحوثيين. لم يجتمع اليمنيون مثلما اجتمعوا في الرياض مطلع أبريل (نيسان) 2022. كان الحديث أن المشاورات اليمنية - اليمنية برعاية خليجية ستوازي مؤتمر الحوار الوطني اليمني (2012 – 2013) الذي حضره نحو 500 شخصية من مختلف الأطياف السياسية، إلا أن المشاورات الخليجية استضافت ما يربو على 800 شخصية. ألهمت المشاورات المشهد اليمني. أعلن تحالف دعم الشرعية في اليمن وقف نار أحادي أعقبته هدنة ثنائية برعاية أممية. ولم تكن مخرجات المشاورات من حيث العدد أو التنوع كبيرة وحسب، بل بالقرارات التي تمخضت عنها. توَّج إعلان الرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي المشاورات بنقل السلطة إلى مجلس رئاسي، وإنشاء أجهزة استشارية مختلفة، ليضع مستقبل اليمن في مسار جديد، عنوانه التوافق. وفي محاولة لرسم سيناريوهات المستقبل، استمزجت «الشرق الأوسط» مقاربات باحثين وسياسيين يمنيين وغربيين وسألتهم عن التحديات والرؤى، إلى جانب مدى انعقاد مفاوضات حل نهائي وشامل للأزمة التي بدأت بانقلاب الحوثيين على السلطة عام 2014 وأدخلت اليمن وأهله في كابوس لم ينتهِ رغم كل الجهود الرامية إلى إنهائه. «لا يمكن قراءة ما استجدّ بمعزل عمّا سبقه، للوصول لتقييم منصف وواقعي للحدث المهم وأثره. ظهور مجلس القيادة الرئاسي مثّل انفراجة واسعة في عدة اتجاهات مصيرية كانت مكبلة برؤية ضيقة للتعامل مع الأزمة اليمنية. لقد استنفد الفريق السابق الكثير من الوقت والإمكانات وجرب كل خياراته في تعامله مع ما هو قائم. ولم تسفر سياساته إلا المزيد من الغرق واستفحال الأزمات وتوالدها مكرّساً للعجز والفشل». يقول زيد الذاري، وهو عضو المحور السياسي بمشاورات الرياض اليمنية لـ«الشرق الأوسط»: «إن مجلس القيادة المنبثق عن المشاورات اليمنية - اليمنية برعاية أخوية خليجية والحائز توافق طيف واسع من المنضوين تحت عباءة الشرعية يمكن عدّه بداية أكثر وعياً وأكثر إدراكاً لتنوع اليمن وتعدد الفاعلين في جغرافيته». يتابع الذاري: «إن الرهانات على المجلس كبيرة والمسؤوليات جسام من دون شك. وهذا يضعه أمام تحديات متنوعة يمكن الإشارة إلى بعضها». ويصف آدم بارون، وهو محلل سياسي أميركي يركز على اليمن والخليج، الوساطة الخليجية في اليمن بأنها ذات «تاريخ طويل». ويقول إن «هذه المشاورات (في الرياض) التي يمكن القول إنها تستند إلى مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي لعام 2011 ليست سوى أحدث مثال». وعن مجلس القيادة الرئاسي اليمني يذهب بارون إلى أن المجلس «من نواحٍ كثيرة يمكن أن يكون مجلس سلام، وذلك في حال وجود أي مفاوضات مع الحوثيين، لكنه أيضاً قد يكون مجلس حرب إذا ما جرى أي تصعيد للصراع»، وقال إن «الوقت وحده كفيل بتحديد ذلك».

- التحديات

يرى كامل الخوداني، عضو المكتب السياسي للمقاومة الوطنية (بقيادة العميد طارق صالح)، أن مجلس القيادة الرئاسي أمامه «تركة ثقيلة بلا شك»، ويقول: «إن أبرز التحديات التي تواجهه خلال الفترة القادمة تتمثل في تفعيل مؤسسات الدولة وعودتها لممارسة مهامها من العاصمة المؤقتة عدن، وتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني، وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين عبر وقف تدهور العملة الوطنية، وضبط التلاعب بأسعار المواد الغذائية والمشتقات النفطية، وتحصيل إيرادات الدولة بجميع أنواعها للبنك المركزي اليمني، والعمل كمنظومة واحدة مع السلطات المحلية في المناطق المحررة»، متابعاً: «يستطيع مجلس القيادة الرئاسي استثمار هذا الالتفاف الشعبي والإسناد الخليجي والدعم والتأييد الإقليمي والدولي لتجاوز هذه التحديات، وتلبية تطلعات اليمنيين في استعادة دولتهم وإحلال السلام». «من أبرز التحديات التي كانت أمام المجلس الرئاسي هي العودة للعمل من داخل اليمن، تحديداً من العاصمة (المؤقتة) عدن»، تقول هدى الصراري، وهي محامية يمنية ترأس مؤسسة «دفاع» للحقوق والحريات. وتوضح: «حتى عندما عاد أعضاء المجلس الرئاسي والحكومة وأعضاء مجلس النواب والشورى وهيئة التشاور والمصالحة ينبغي أن تكون هذه العودة دائمة واستمرار أداء مهام الجميع من داخل المناطق المحرَّرة لإعادة الثقة للمواطن وتوفير الخدمات وانتشال التدهور الاقتصادي وانهيار الريال مقابل العملات والسعي إلى التعافي الاقتصادي وتدوير عجلة التنمية وضبط الأمن وتوفير الأمان وإعادة فتح أبواب القضاء أمام المواطنين». ومن التحديات التي تواجه المجلس الرئاسي «العمل على دمج القوات المسلحة وتنفيذ الشق العسكري والأمني في اتفاقية الرياض، خصوصاً أن لدى بعض الأطراف في المجلس الرئاسي تشكيلات عسكرية». وتضيف رئيسة «دفاع»: «هذا بالإضافة إلى تحريك كل الجبهات في وقت واحد ضد الحوثيين، خصوصاً إذا لم ترضخ الجماعة للسلام وعمدت إلى خرق الهدنة، وهذا أمر وارد وقد عوّدنا الحوثيون على نقض الهدن وأي اتفاقات مبرمة، ودخولهم في أي هدنة ما هو إلا وقت لالتقاط أنفاسهم وإعادة ترتيب صفوفهم، والدليل الهجوم المستميت على مأرب وتعز وإيقاع إصابات وأضرار في صفوف المدنيين». من ناحيته، يرى عادل شمسان، المحلل السياسي اليمني، أن «التحدي المهم في توحيد الجبهات العسكرية يحتاج أولاً إلى توحيد الجبهة السياسية وإيجاد رؤية جديدة لتنظيم ذلك». ويقول: «هذا ما حدث في مشاورات الرياض»، مستدلاً بـ«تأكيد جميع المكونات الرؤية الجامعة في الانتقال السلمي للسلطة وتغليب مصلحة الوطن أولاً وأخيراً». وتعتقد سارة العريقي، وهي عضو الائتلاف اليمني للنساء المستقلات، أن «هناك الكثير من الملفات الصعبة والشائكة التي تنتظر المجلس الرئاسي نظراً لطبيعة المرحلة التي فرضتها، ولكن الأولويات التي تتحتم على المجلس الرئاسي الإسراع في وضع الحلول العاجلة لها تكمن في توحيد المؤسسة العسكرية والأمنية، وصرف مرتبات الموظفين بشكل منتظم، وتحقيق السلام والاستقرار في المناطق الخاضعة له تمهيداً لتحقيق السلام في كل ربوع اليمن». ولا ترى العريقي أن ذلك قد يحدث من دون «تكاتف ودعم كل القوى السياسية ودعم الأشقاء في السعودية والإمارات والمجتمع الدولي الذي نراهن جميعاً على دعمهم السخي». وينظر الصحافي اليمني فيصل الشبيبي إلى التحديات من عين اقتصادية، إذ يرى أن «الاستقرار وتحسين الاقتصاد -بعيداً عن السياسة- سيكون الاختبار الرئيسي للمجلس، وهو ما إذا كان بإمكانه النجاح في تحسين حياة اليمنيين على الأرض». لكن الشبيبي لا يغفل أيضاً ما وصفه بأكبر التحديات التي تواجه مجلس القيادة الرئاسي، وأهمها كما يقول: «الدخول في عملية سلام مع الميليشيات الحوثية بعدما تم طرق كل الأبواب مع هذه الجماعة التي تنطلق في تعاملها مع الآخر على أساس عنصري، إضافةً إلى أنها جماعة مؤدلجة لا ترى الحق إلاّ من خلال منظورها هي، وليس من خلال القيم المشتركة مع بقية القوى السياسية الأخرى على الساحة اليمنية، والأهم من ذلك هي تبعيتها المطلقة لإيران وعدم انفرادها بالقرار، الأمر الذي سينعكس سلباً على عملية السلام في المستقبل».

- وساطة خليجية؟

بسؤاله عن مدى إمكانية الوساطة الخليجية للوصول إلى حل نهائي، يقول سرحان بن كروز المنيخر، سفير مجلس التعاون الخليجي لدى اليمن، في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»: «إن مجلس التعاون سيدعم دائماً وأبداً خيارات الشعب اليمني في إنهاء أزمته من خلال الحل السياسي ليصل اليمن إلى السلام المنشود ويفرغ اليمنيون وبدعم من دول المجلس لبناء وطنهم ضمن منظومته الخليجية العربية، ومتى ما قررت جميع الأطراف اليمنية الانخراط في مفاوضات الحل النهائي الشامل ستجد كل الدعم والترحيب من مجلس التعاون في استضافة تلك المشاورات، كما جرى في المشاورات التي استضافتها دولة الكويت على مدى أكثر من 110 أيام عام 2016». وبسؤال السياسيين والباحثين عن مدى استضافة الخليج مفاوضات الحل الشامل، وشت الإجابات بثقة يتمتع بها مجلس التعاون الخليجي لدى جميع اليمنيين بمن فيهم الحوثيون، وهو ما أورده السياسي كامل الخوداني في سياق حديثه، إذ قال: «نثق تماماً بأنه لا حل للأزمة اليمنية بعيداً عن الأشقاء في دول الخليج، وهذا ما تعلمه الأطراف كافة بمن فيهم الحوثيون». ويتكئ عضو المكتب السياسي للمقاومة الوطنية على «الأجواء الإيجابية التي سادت المشاورات اليمنية - اليمنية التي انعقدت في العاصمة السعودية الرياض برعاية وتنظيم الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية»، ويرى أن ذلك المشهد «أكد أن اليمن جزء من المنظومة الخليجية، وأن اليمنيين، قوى سياسية وأفراداً، يرون في الخليج العربي عمقهم وامتدادهم الطبيعي». ويتمنى فيصل الشبيبي «استمرار دور الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي، خصوصاً أن أمن الخليج من أمن اليمن والعكس كما كان يؤكد ذلك دائماً الرئيس السابق علي عبد الله صالح». وفي معرض تعليقه، قال زيد الذاري: «بالنسبة للخليج واليمن ومفاوضات المستقبل، فالحديث يجب ألا يذهب بعيداً في سوق الدلائل والشروح، فمن المسلّمات أن اليمن جزء من محيطه الخليجي العربي وهم معنيون به، وهو جزء منهم بكل ما للكلمة من معنى ودلالات... من الإنصاف التذكير بأن مواقف دول الخليج وفي المقدمة المملكة كانت الداعمة للتنمية وللاستقرار ولبناء الإنسان اليمني ودعم نجاحاته ابتداءً من التعليم وليس انتهاءً باستقباله في دولهم أو دعم الحكومات اليمنية باستمرار». وأضاف: «مع تغير القيادة السياسية بنشوء مجلس القيادة الرئاسي توفرت فرصة جادة الآن لتجاوز بعض أهم مسببات الأزمة داخلياً والمأمول أن تكون المستجدات في ظل قيادة أبوية وواعية مدخلاً لعودة الأطر العامة للمكونات اليمنية نحو شكلها الطبيعي والبدهي مع جوارنا الخليجي، وأن تُعقد مفاوضات السلام والحوار الوطني في ظل رعاية الإخوة الأشقاء في الخليج وعلى أرضهم».

- سيناريوهات المستقبل

كان جواب المحلل السياسي عادل شمسان لافتاً لدى سؤاله عن توقعاته بسيناريوهات المستقبل اليمني. إذ قال إن «الأيام القادمة حُبلى بالكثير من الأمل والأفعال المتسارعة تؤكد ذلك ويدعمها إعلان الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي استمرار دعمه لليمن وإنجاح مساره الجديد نحو السلام وإنهاء الحرب وعودة اليمن أفضل مما كان وتهيئته ليصبح ضمن منظومة مجلس التعاون الخليجي». بيد أن المحامية هدى الصراري سردت ما تتوقعه بالبدء في «إجراء تغييرات في الحكومة بناءً على الخبرة والكفاءة ونتمنى ألا تكون المحاصصة الحزبية أحد مقومات هذه الحكومة، وتوحيد الصفوف في إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة إما بالوصول للسلام مع الحوثيين وإما بالحل العسكري»، ثم «القيام بما هو مأمول من المجلس الرئاسي من إجراء إصلاحات اقتصادية وتوفير الخدمات للمواطنين ودفع رواتب الموظفين في عموم اليمن وخلق حلول مستدامة عبر تفعيل وتحصيل إيرادات الدولة». وتنتقل الصراري إلى «تنفيذ الشق العسكري والأمني من اتفاقية الرياض، وإعادة فتح القضاء وتفعيل مؤسسات إنفاذ القانون ومكافحة الفساد وتفعيل أجهزة الرقابة والمحاسبة وتعزيز الشفافية والحوكمة، فضلاً عن مكافحة الإرهاب وتأمين خط الملاحة الدولية». أما كامل الخوداني فيرى أن «سيناريوهات الحل (لن تتخطى مسارين): الأول، رضوخ الحوثيين لدعوات وجهود إنهاء الحرب وإحلال السلام، وجلوسهم إلى طاولة مفاوضات، وتخليهم عن شعارات الولاية والحق الإلهي في الحكم واحتكامهم لصناديق الاقتراع. الثاني، مسار الحرب لاستعادة العاصمة المختطفة صنعاء وبقية المحافظات الواقعة تحت سيطرته. وهذا ما أكده رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي بأن المجلس مجلس سلام وحرب، وجاهزيته لكل الخيارات». وتتفق سارة العريقي مع ما ذهب إلى الخوداني، وتقول: «من المؤكد أن السيناريوهين سيعملان على إنهاء معاناة الشعب اليمني التي طالت وأصبحت قناعات المجتمع الدولي تؤكد ضرورة وقفها». السيناريو الأفضل بالنسبة للصحافي فيصل الشبيبي «هو الحل السياسي الذي يتمناه الجميع حقناً للدماء وحفاظاً على ما تبقى من مقدرات الدولة... وإن كان -مع الأسف- بعيد المنال»، ويعلل ذلك بسبب «تعنت ميليشيا الحوثي وتمسكها بأفكارها ومعتقداتها الدخيلة المخالفة للواقع والتي تريد فرضها بقوة السلاح على الشعب اليمني، خصوصاً أن تجارب الحكومات اليمنية المتعاقبة معها، في توقيع اتفاقيات سلام كثيرة، دون جدوى، حيث إن الحوثيون ينقضون كل اتفاق يتم معهم منذ اندلاع الحرب الأولى في يونيو (حزيران) 2004 حتى اليوم».

بماذا يردّ اليمنيون على المشككين في مجلسهم الرئاسي؟

الشرق الاوسط... لندن: بدر القحطاني... اختار اليمنيون ترك أي مصالح ضيقة. وقدم كل فريق في مشاورات الرياض برعاية خليجية مطلع أبريل (نيسان) 2022، التنازلات المطلوبة لتوحيد الصف. وكان على رأس أولئك المتنازلين الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي، ونائبه علي محسن الأحمر. بيد أن أصواتاً وصفها يمنيون بـ«النشاز» لم يَرُقْ لها توحد اليمن واليمنيين، وراحت تشكك في دستورية الخطوات. لم يتفاجأ السياسي اليمني كامل الخوداني، عضو المكتب السياسي للمقاومة الوطنية، بالأصوات «النشاز» التي هاجمت المجلس الرئاسي، وقال: «لقد تعودنا منها التشكيك في كل خطوة أو جهد يوحد اليمنيين في معركتهم المصيرية في مواجهة المشروع التوسعي الإيراني واستعادة بلدهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية»، متابعاً: «بات من الواضح أن هذه الأصوات تخدم أجندة لا علاقة لها باليمن ولا باليمنيين، بل تعمل لصالح أطراف معروفة لدى الجميع». تقول المحامية اليمنية هدى الصراري: «بالنسبة للأصوات التي تشكك في دستورية المجلس الرئاسي يجب ألا ننكر أن بقاء مؤسسة الرئاسة كان تحدياً حقيقياً لأي انفراجة للوضع السياسي خصوصاً مع حالة الجمود الذي كان عليه المشهد السياسي، وكان لا بد من تحريك هذا الجمود بعد سبع سنوات من الحرب، فالدستور اليمني أعطى صلاحيات للرئيس من نقل السلطة لنائبه ومع استحالة إجراء أي انتخابات أو انعقاد جلسات لمجلس النواب نتيجة الوضع السياسي المحتدم كان لا بد من هذه القرارات، إضافةً إلى الاستناد إلى المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية والقرارات الأممية التي استند إليها قرار نقل السلطة من هادي للمجلس الرئاسي في إدارة شؤون البلد». وتذكّر الصراري بأن المجلس الرئاسي «امتلك المشروعية السياسية وحصل على تأييد دولي وإقليمي لإدارة البلاد، في الوضع الذي نحتاج فيه كيمنيين لانفراجة». الباحث اليمني زيد الذاري لا يرى في سجال مشروعية مجلس القيادة التي يتحدث عنها البعض أي جدوى عملية. ويقول إن اليمن منذ عام 2011 ودخوله المرحلة الانتقالية لانتقال السلطة بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية والتوافق الداخلي عليها والمشاركة الشاملة في الحوار الوطني والاعتراف الدولي بشرعية السلطة المنبثقة، لا يدع مجالاً للحديث والطعن في أي قرارات تأخذها قيادة الشرعية ومنها تفويض صلاحياتها لمجلس قيادة جاء بناءً على توافق يمني واسع شهدته جلسات المشاورات اليمنية - اليمنية برعاية مجلس التعاون الخليجي، صاحب المبادرة وراعيها والمشارك في تنفيذها. ويتابع: «رغم كل هذا؛ فالأمر من زاوية الواقعية السياسية وبوجود التوافق داخل المنضوين في الشرعية والترحيب والاعتراف الدولي بمجلس القيادة يجعل الأمر منجزاً ومحسوماً وخارج النقاش». أما سارة العريقي، عضو ائتلاف النساء اليمنيات المستقلات، فتقول: «إن المجلس الرئاسي يستمد شرعيته من الدستور اليمني الذي يعطي أي رئيس الحق في نقل سلطته، وهذا ما تم بالفعل، وأيضاً هذا المجلس قوته من حجم الالتفاف الشعبي حوله، وكذا إجماع كل القوى السياسية، ودعم الأشقاء في تحالف دعم الشرعية في اليمن والدول العربية والإجماع الدولي على تقديم الدعم له، وآخرها بيان مجلس الأمن المؤيد لهذا الانتقال السلس للسلطة، بالإضافة إلى طبيعة الانسجام بين أعضائه ووحدة الهدف للخروج باليمن من الحرب إلى السلام الدائم والاستقرار». وتؤكد أنه يجب ألا يتم إغفال «أن المجلس الرئاسي قام بتدشين أعماله من العاصمة المؤقتة عدن، الأمر الذي سيُكسبه قوة سواء من حيث الالتفاف الشعبي أو من حيث تنفيذ قراراته التي يتطلع لها جميع اليمنيين لترسيخ دور الدولة للقيام بوظائفها لإنهاء معاناة الشعب، والسير بخطى حثيثة للخروج من المأساة التي تشهدها البلاد وتحريرها من الحوثيين سلماً أو حرباً للوصول إلى سلام شامل ودائم وعادل». من ناحيته، يرى الصحافي اليمني فيصل الشبيبي أنها «ليست المرة الأولى التي يفوّض فيها رئيس دولة شخصاً آخر بصلاحياته، فقد سبقه الرئيس الأسبق علي عبد الله صالح، رحمه الله، حين فوض فيها نائبه حينها عبد ربه منصور هادي بصلاحياته وفقاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المُزمّنة، رغم أنه منتخب من الشعب مباشرةً، وبدوره كلّف الرئيس السابق هادي حينها محمد سالم باسندوه بتشكيل حكومة الوفاق الوطني بعد التوقيع على المبادرة الخليجية مباشرةً». يقول الشبيبي: «اليوم يتكرر المشهد، بتفويض الرئيس السابق هادي الدكتور رشاد العليمي ومجلس القيادة الرئاسي، ونقل صلاحياته كاملة تفويضاً كاملاً لا رجعة فيه... الأمر الذي حظي بإجماع كبير من السواد الأعظم من أبناء الشعب تجاه مجلس القيادة الرئاسي والذي أضفى عليه شرعية شعبية، كون الشعب اليمني يبحث عن حل يُنهي هذا الصراع ويُعيد الأمن والأمان والاستقرار والسلام إلى اليمن، ويضع حداً للأزمة الإنسانية الكبيرة». ويرى المحلل السياسي عادل شمسان أن «هناك أصوات نشاز... إلا أنها فشلت ويعلمون أن كل محاولاتهم لم تؤثر على الأمل الذي أصبح حقيقة ويتمسك به كل أبناء الوطن». ويقول شمسان: «إن تلك الأصوات التي فقدت مصالحها وطموحها واستئثارها بالقرار لمرحلة سابقة وتسعى إلى تأليب الرأي العام، اعتمدت في التشكيك على جهل الناس بالقانون ورغم أن الإعلان عن نقل السلطة وتشكيل مجلس القيادة الرئاسي جاء متوافقاً مع الدستور والرئيس المنتخب ونقل جميع صلاحياته وفقاً لما نص عليه الدستور والمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية المعتمدة كمرجعيات قانونية صادق عليها البرلمان اليمني وكذلك دولياً في قرارات التأييد في الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي».

الزخم الدولي لحل الأزمة اليمنية

الشرق الاوسط... لندن: بدر القحطاني... غيّرت واشنطن استراتيجيتها لليمن مع بدء الرئيس جو بايدن مهامه بعد فوزه في انتخابات العام 2020 الرئاسية. تفاجأ يمنيون بأن أزمة بلادهم تحولت من ملف يرغب المجتمع الدولي في حله إلى حلبة ملاكمة سياسية داخلية أميركية. خيبة الأمل لم تأتِ مبكراً، رغم استعجال الإدارة الأميركية بإزالة الحوثيين من قائمة الجماعات الإرهابية وإعلان الرئيس بايدن إيلاء الملف اليمني أولوية قصوى ودعم الحل السياسي. توجه واشنطن بإزالة الحوثيين من قوائم الإرهاب كان لسبب إنساني، وحرصاً على تدفق الإغاثة، لكن من يستطيع إقناع الحوثيين بغير ذلك؟ أخذت الجماعة تصعّد من هجماتها على مأرب داخل اليمن وعلى السعودية والإمارات خارجها بصواريخ باليستية وطائرات مسيّرة مفخخة. خلقت واشنطن زخماً دولياً للحل اليمني، وخلقت إيران تصلباً حوثياً أمام ذلك الزخم. كانت الحسابات الحكومية اليمنية وحسابات التحالف الداعم لها تكتب بلغة السلام ومبادرات وقف النار والبراغماتية في التعاطي، بينما كان النار والتصعيد والتجنيد شاغل الحوثيين ومن ورائهم طهران، لم تستطع واشنطن إنجاح مساعيها التي أفشلها الحوثيون، رغم أنها كانت تعتقد في البداية أن المعرقل لن يكون إيران التي تتوق إلى رفع العقوبات ولا الحوثيين الذين لعبوا دور مظلومية ما فتئت أن انقشعت أمام العالم، حتى في وسائل الإعلام ذات التوجهات اليسارية والتي كانت تشن الحملات ضد الحكومة اليمنية والتحالف لم يترك الحوثيون أي منفذ لأي كيان بأن يتعاطف مع الجماعة التي استمرت في التصعيد لما يربو على عام ونيف. مر عام 2021 صعباً على الدبلوماسية الأميركية، فبعدما هوت سمعة واشنطن بعد أحداث أفغانستان كانت الأعين اليمنية تراقب بحذر ماذا سيحصل في بلادهم. مشاهد البشر وهم يسقطون من الطائرات الأميركية كان مؤلماً، ولا يريد اليمن ولا اليمنيون رؤية مشاهد مشابهة. ثم جاءت الأزمة الأوكرانية في العام الذي يليه، لتفتح بوابات مجلس التعاون الخليجي في الرياض نافذة سياسية واسعة، رعت مشاورات يمنية - يمنية خالصة من دون تدخل أو تأثير، فوجد اليمنيون أنفسهم يتحدثون مع فرقائهم ونظرائهم ومنافسيهم. تجمعت المستحيلات وكان الزخم الدولي حاضراً منذ بداية المشاورات، فبعد الحفل الذي شهد كلمات من المبعوث الأممي والأميركي والسويدي لدى اليمن، انخرط اليمنيون في محاور ستة للحديث عن نقل اليمن من حاله الآن إلى مستقبل أفضل. استطاع الزخم الدولي في النهاية أن يحقق نتيجة أخرى، تمثلت في الهدنة التي لطالما تمناها المبعوث الأممي السابق لليمن مارتن غريفيث، لكن المبعوث الحالي الذي أكمل جهود سلفه استطاع قطف ثمارها، وأعلن عنها بعد دعم خليجي ودولي، ليدخل اليمن ثامن هدنة منذ اندلاع الحرب، ويتمنى الجميع استمرارها أكثر من الشهرين المحددتين. غاب الحوثيون عن مشاورات الرياض، فاستغل اليمنيون فرصة إعادة ترميم الشرعية. خرج المتشاورون بتنازلات واسعة، وتم استحداث مجلس رئاسي لم يستطع أن يبقى بعيداً عن اليمن كثيراً، فاتجه الجميع إلى العاصمة المؤقتة عدن، لإعادة صياغة قصة اليمن من جديد.

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,637,200

عدد الزوار: 6,905,688

المتواجدون الآن: 109