انتخابات الأقاليم تفرز معادلات سياسية جديدة في فرنسا...

تاريخ الإضافة السبت 3 تموز 2021 - 8:39 م    عدد الزيارات 1469    التعليقات 0

        

انتخابات الأقاليم تفرز معادلات سياسية جديدة في فرنسا...

«تقليديو» اليمين واليسار احتكروا التمثيل على حسابَي ماكرون ولوبن...

الشرق الاوسط.... باريس: ميشال أبو نجم... مع وصول إيمانويل ماكرون إلى قصر الإليزيه الرئاسي الفرنسي في ربيع عام 2017، حاول الرئيس الشاب المنتخب، غرس صورة جديدة في أذهان مواطنيه بالإيحاء أن «زمناً جديداً» بدأ مع تسلمه مسؤوليات الحكم... وهو يحل محل «الزمن القديم». كان ماكرون يعني بذلك أن البنى السياسية التقليدية التي هيمنت على المشهد السياسي في فرنسا، أقله منذ تأسيس «الجمهورية الخامسة» على يدي الرئيس الجنرال شارل ديغول بنهاية خمسينات القرن الماضي، ولّت إلى غير رجعة. وأن انتخابه بعيداً عن المجموعتين التقليديتين الرئيسيتين، وهما: من جهة، اليمين الكلاسيكي الممثل راهناً بحزب «الجمهوريون»، واليسار الاشتراكي من جهة أخرى، أفضل دليل على ذلك. ومنذ اليوم الأول، سعى ماكرون للجمع بين شخصيات يمينية وأخرى يسارية في حكوماته المتعاقبة. وهذا واضح أيضاً في الحكومة الراهنة التي أوكل رئاستها إلى جان كاستيكس، اليميني الانتماء، الذي شغل سابقاً منصب مساعد أمين عام قصر الإليزيه زمن الرئيس اليميني نيكولا ساركوزي. ويمسك اليمين اليوم بما لا يقل عن ثماني وزارات، أهمها وزارات الاقتصاد والمال والداخلية. الأولى، أعطيت لبرونو لومير، والأخرى لجيرالد دارمانان. وفي المقابل، فإن اليسار الاشتراكي يشغل عدداً مماثلاً من الحقائب، وثمة وجهان يساريان بارزان في الحكومة الراهنة، هما وزير الخارجية جان إيف لودريان ووزيرة الدفاع فلورانس بارلي. لكن الصبغة العامة، أن هذه الوزارة كما سابقاتها تميل يميناً. وإلى جانب اليمين واليسار هناك شخصيات لم تكن ناشطة في الحقل السياسي، مثل وزير العدل أريك دوبون ــ موريتي، وهو محامٍ لامع. وأخرى جاءت من صفوف المجتمع المدني «المحايد». إلا أن الأهم، أن كل الوزراء انقطعوا عن انتماءاتهم وهوياتهم السابقة وأصبحوا «ماكرونيين» وإن لم ينتموا بالضرورة، عقب دخولهم جنة الوزارة، إلى حزب «الجمهورية إلى الأمام» أي الحزب الرئاسي. يرى كثيرون في فرنسا وخارجها أن الفلسفة «الماكرونية» تعني أن «الزمن الجديد» تخطى اليمين واليسار، وتجسّد في العمل مع شخصيات متنوعة الآفاق «تصهرها» البوتقة الرئاسية ولخدمة البرنامج الرئاسي الذي أوصل إيمانويل ماكرون إلى سدة الحكم. لكنها أيضاً تستهدف تهميش الأحزاب التقليدية وإيجاد فرز جديد للمشهد السياسي الفرنسي شرحه ماكرون، وقوامه فرز الأحزاب إلى مجموعتين: من جهة، «التقدميون»، أي ماكرون ومن يريد العمل إلى جانبه... مقابل الشطر الآخر الذي سمّاه «القوميون» المتطرفون وتجسيده «التجمع الوطني» الذي ترأسه مارين لوبن، منافسة ماكرون في انتخابات عام 2017 والساعية للحلول محله في العام 2022. كانت هذه الصورة هي الرائجة والمقبولة عموماً حتى 20 يونيو (حزيران) الماضي، موعد الجولة الأولى من الانتخابات الإقليمية الفرنسية. إلا أن الأمور انقلبت راساً على عقب. لقد كانت استطلاعات الرأي المتلاحقة ترجّح أن تكون رئاسيات العام المقبل استعادة لنسخة عام 2017، بحيث يتأهل للجولة الرئاسية الثانية ماكرون ولوبن في حين يخرج من السباق، مرشحو اليمين واليسار الاشتراكي و«الخضر» واليسار المتشدد ممثلاً برئيس حزب «فرنسا المتمردة» جان لوك ميلونشون.

- ضحية مقاطعة الانتخابات

حتى اليوم، ما زال متابعو الشأن السياسي الداخلي في فرنسا يجمعون على اعتبار أن المنافس «الأمثل» لماكرون هي لوبن، رغم أن الأخيرة تسبقه أحياناً في استطلاعات الرأي... وأحياناً العكس. وكان المرجح جداً، حتى الاستحقاق الأخير، أنهما سيتواجهان مجدداً، وأن ماكرون سيتغلب، للمرة الثانية، على لوبن انطلاقاً من الاعتقاد السائد أن الناخبين الفرنسيين ليسوا مستعدّين بعد لتقبّل تسليم قيادة فرنسا لشخصية تأتي من اليمين المتطرف... رغم الجهود التي بذلتها لوبن في السنوات الماضية لتقدم نفسها على أنها «معتدلة». والدليل على ذلك أن دارمانان، وزير الداخلية - وهو يميني متشدد ومدافع شرس عن العلمانية ومحاربة «الانفصالية الإسلاموية» -، تهكّم على لوبن خلال مناظرة تلفزيونية شهيرة أجريت الشهر الماضي حين عاب عليها أنها تخلّت عن آرائها وآيديولوجيتها السابقة. وخلال الأيام الأخيرة، انسحبت مجموعة من كوادر «التجمع الوطني» (حزب لوبن)؛ لأنها ما عادت تعتبر أن الحزب اليميني المتطرف يمثلها أو يحمل طموحاتها ويدافع عن قناعاتها. كذلك، فإن المنظّر السياسي والصحافي أريك زيمور، الذي كان من أشد أنصار لوبن والمدافعين عن آرائها في السنوات الأخيرة، يخطط الآن لمنافستها على الفوز بأصوات اليمين المتشدد، وهذا الأمر من شأنه إضعافها، لكنه لا يخدم مصالح ماكرون؛ إذ إن تراجع لوبن يمكن أن يسهّل مهمة وصول مرشح يميني كلاسيكي إلى الدورة الثانية، وهو ما لا يتمناه الرئيس الحالي. كانت هذه القراءة صالحة حتى الانتخابات الأخيرة بجولتيها التي هزّت، إلى حد بعيد، الصورة السابقة. ذلك أن النتائج التي أسفرت عنها بيّنت أن هناك ثلاثة خاسرين، هم على التوالي: الديمقراطية الفرنسية بسبب النسبة العالية من التغيب عن التصويت، والرئيس ماكرون، ولوبن بسبب النتائج الكارثية التي حصدها حزباهما «الجمهورية إلى الأمام» و«التجمع الوطني»... وإن كانت الظاهرة الأبرز قد تمثّلت بعودة «الزمن القديم» إلى الحياة. الضحية الأولى بالطبع هي الديمقراطية الفرنسية. فنسبة المقاطعة جاوزت في الدورة الأولى الـ67 في المائة. ولم تجد النداءات التي أطلقها قادة الأحزاب والمسؤولون السياسيون الفرنسيون لتحفيز الـ48 مليون ناخب للمشاركة في الجولة الثانية. وجُلّ ما حصل عليه هؤلاء جاء مخيباً للآمال؛ إذ إن نسبة أقل من واحد في المائة إضافية أصغت لنداءات الاستغاثة وارتادت مراكز الاقتراع، بحيث بقي الامتناع عن التصويت أكثر من 65 في المائة؛ الأمر الذي لم تعرفه أبداً الانتخابات المماثلة في السابق. وكما بعد الجولة الأولى، تبارى السياسيون والمحللون في تفسير أسباب الحب المفقود بين الناخب وصندوق الاقتراع. منهم من رأى فيه أزمة الديمقراطية وتشويها لمعناها، وهذا واضح ولا يحتاج لشروح؛ إذ من غير الطبيعي أن تحصل انتخابات من غير ناخبين. وذهبت فئة أخرى لاعتبار أن ما حصل ليس أقل من أزمة نظام، في حين سعى المتفائلون لتبرير التغيب بالإشارة إلى تبعات جائحة «كوفيد - 19» وتحوّراتها وتدابير التباعد الاجتماعي ورغبة المواطنين الاستفادة من نهاية أسبوع بعد تدابير الحجر التي أنهكتهم طيلة أشهر طويلة. وبعضهم أرجع هذه الظاهرة إلى ملل المواطنين وتشكيكهم في البرامج المطروحة واعتبار أن حياتهم اليومية لن تتغير مهما كانت هوية اللوائح الفائزة. وأما التفسير الأخير، فعنوانه أن نسبة كبيرة من المواطنين لا تعي أهمية الانتخابات الإقليمية ولا تفقه صلاحيات مجالس المناطق وانعكاساتها على الحياة اليومية للمواطن، وبالتالي فإن اهتمامها ينصب بالدرجة الأولى على ثلاثة استحقاقات رئيسية: الانتخابات الرئاسية والتشريعية والبلدية. والخلاصة الطاغية، أن نسبة المشاركة المتدنية تمنع من استخلاص النتائج المتسرعة مما أفرزته الدورتان الأولى والثانية.

- ضعف الحزب الرئاسي

لا شك أنه يتعين أخذ هذه التحفظات بعين الاعتبار. لكن ثمة علامات بارزة لا يمكن القفز فوقها لما تحمله من دلالات ستكون لها تبعاتها في الاستحقاقات المقبلة. وخلال الأيام المنقضية منذ الدورة الثانية، أي منذ 27 يونيو، جرى التركيز على الضعف البنيوي لحزب «الجمهورية إلى الأمام» الرئاسي الذي لم ينجح في تخطي نسبة الـ7 في المائة من الناخبين. وهذه النسبة تُعد الأسوأ لحزب يمارس السلطة ويتمتع بأكثرية نيابية مريحة منذ عام 2017، ولا يمكن القول إن ماكرون لم يبد اهتماماً بهذا الاستحقاق، لا، بل إن كل المؤشرات كانت تدل على أنه انغمس فيها «حتى العظم» وعمد إلى تعبئة وزرائه لإحراز نجاحات تحسب له ولحزبه، ويكون لها مردودها الانتخابي لدى الاستحقاق الرئاسي. وهكذا، أرسل ماكرون 15 وزيراً من حكومته للمشاركة في هذه الانتخابات، آملاً أن يحقق أحد الهدفين التاليين أو كليهما معاً: إما الفوز بإدارة أحد الأقاليم الـ13 التي تتشكّل منها فرنسا القارية و(أو) أن تحتل لوائحه - على الأقل - موقعاً يجعله مؤثراً في ضمان الفوز للفريق الذي يتناغم معه. وفي هذه الحال، يمكن أن يأمل بأن يرد له الجميل في الانتخابات الرئاسية. والحال، أن لوائح «فرنسا إلى الأمام» لم تنجح في الفوز بأي إقليم من الأقاليم، لا، بل إن العديد من مرشحيها إما أخرج بعد الجولة الأول لأنه لم يحصل على نسبة 10 في المائة الضرورية للاستمرار في المنافسة أو احتل، في الجولة الثانية، المراتب الأخيرة. قيل الكثير في تفسير النكسة الرئاسية الانتخابية. ويقول التفسير الأول، إن حزب ماكرون حديث العهد مقارنة بأحزاب اليمين واليسار، وبالتالي فإن انغراسه المحلي والشعبي ما زال ضعيفاً. ويقول التفسير الثاني، إنه من الخطأ استخلاص نتائج متسرّعة من انتخابات محلية ــ إقليمية وتعميمها على انتخابات «وطنية» مثل انتخابات رئاسة الجمهورية، واعتبار أن نتائج الأحد الماضي ستنسف حظوظ الرئيس الفرنسي في البقاء لولاية ثانية في قصر الإليزيه. ويلجأ أصحاب هذا القول إلى الإشارة إلى أن استطلاعات الرأي التي نشرت يوم الجولة الثانية بيّنت أن ماكرون مستمر في تصدّر لائحة المرشحين الرئاسيين مع لوبن بحيث حصل كل منهما على 24 في المائة من الأصوات. كذلك، تفيد استطلاعات الراي الأخرى، أن شعبية ماكرون إلى ارتفاع والسبب الرئيس في ذلك إدارته لجائحة «كوفيد - 19» ورهاناته الصائبة التي مكّنت البلاد من أن تعود إلى الحياة الطبيعية الكاملة بدءاً من الخميس الماضي بفضل تراجع الإصابات والحالات المستعصية. ومن جانبه، شدد ماكرون، أكثر من مرة، في الأيام السبعة الماضية، على التمييز بين ما هو محلي وما هو عام، لا، بل أكد أنه لن يحدث تغييرات جذرية في تشكيلة حكومته التي سترافقه حتى الانتخابات الرئاسية، وسيبقي كاستيكس على رأسها. ويتركّز الجدل داخل الحزب الرئاسي على الحاجة إلى تغيير أمين عام الحزب النائب ستانيسلاس غيريني، الذي يعاني من حضور شاحب إعلامياً وسياسياً ومن إخفاقه في تحويل «الجمهورية إلى الأمام» إلى حزب شعبي يتمتع بجمهور قوي وقادر على توفير الدعم للمشروع الرئاسي. ثمة تقبّل عام لهذه الصورة المرسومة. بيد أن الأهم موجود في مكان آخر. فمع ظهور نتائج الانتخابات الأخيرة، طفا إلى السطح «الزمن القديم» الذي أراد ماكرون وأده، وعادت الأحزاب التقليدية القديمة إلى الواجهة. إذ اكتسح اليمين الكلاسيكي واليسار الاشتراكي المتحالف مع «الخضر» أحياناً والمنفصل عنهم أحياناً أخرى، المشهد السياسي. اليمين حافظ على الأقاليم السبعة التي يديرها، بينما أبقى اليسار الاشتراكي هيمنته على الأقاليم الخمسة التي يسيطر عليها منذ عام 2015، بل وكسب إقليماً إضافياً من المقاطعات الفرنسية ما وراء البحار. وهكذا تبيّن الخريطة السياسية وجود لونين فقط: الأزرق والأحمر (أو الوردي). الأول لليمين والآخر لليسار. وعليه، عادت الحياة تدبّ في شرايين اليمين واليسار على السواء، وبرز «الخضر» كقوة يجب أخذها بعين الاعتبار... وعاد الأمل إلى هذه الأحزاب التي لم تعد ترى أن ثنائية ماكرون - لوبن قدر محتوم. ومن هنا قلق الطرفين معاً.

في الحصيلة النهائية... الخطر على «الماكرونية» يأتي من اليمين

الشرق الاوسط.... حقيقة الأمر أن إيمانويل ماكرون لا يخاف اليسار المتهالك والفاقد قيادة قادرة على التفاهم مع «الخضر» والتشكيلات اليسارية الأخرى على برنامج سياسي موحد. وهذا بجانب افتقاره لشخصية فارقة قادرة على توحيد الصفوف وتكون متمكنة من منافسة الثنائي ماكرون - لوبن. ثمة قناعة ثابتة مؤداها، أن مشكلة ماكرون تكمن في الجولة الأولى في حين معضلة منافسته تتموضع في الجولة الثانية. وانطلاقاً من هذا التشخيص، فإن انبعاث اليمين الكلاسيكي بفضل الانتخابات الإقليمية يعرقل خطط ماكرون وأيضاً خطط لوبن؛ لأن كليهما يطمعان بالسطو على ناخبيه. والحال، أن بروز مرشح يميني قوي عن حزب «الجمهوريون»، يتمتع بالمصداقية ومعترف بشرعيته، إلى جانب القدرة على لملمة واستعادة الذين هجروا عائلتهم الأولى واجتذاب الناقمين على ماكرون ورافضي الانضواء تحت راية لوبن، من شأنه أن يهدد الثنائي. ذلك أن بروز مرشح كهذا سيكون، بلا أدنى شك، على حساب أحدهما. ومن هذه الزاوية، يمكن فهم تركيز ماكرون وحكومته وحزبه على إسقاط لائحة كزافيه برتراند، الوزير السابق ورئيس إقليم «هو دو فرانس» (أي المنطقة الشمالية التي يسكنها أكثر من ستة ملايين شخص). «الماكرونيون» توجّسوا الخطر. فالرجل لم يخفِ أبداً عزمه على الترشح لانتخابات 2022، والأهم أنه رهن ترشّحه بفوز لائحته في الانتخابات الإقليمية. من هنا، فإن فشل برتراند كان سيريح ماكرون من هذا المنافس المحتمل، الذي يبدو الأبرز داخل معسكر اليمين التقليدي. ففي استطلاع الرأي الذي نشرت نتائجه الأحد الماضي، حصل برتراند على 18 في المائة من الأصوات، وذلك قبل تسعة أشهر من الانتخابات الرئاسية. وللتذكير، فإن ماكرون، عندما أعلن ترشحه في عام 2016، لم يكن شخصية معروفة ويفتقد للشعبية. ورغم ذلك، فقد تخطى المرشحين التقليديين وغنِم الرئاسة لخمس سنوات وهو طامع بخمس سنوات أخرى. ولوأد برتراند قبل أن يتحوّل إلى ظاهرة مزعجة، عيّن ماكرون وزير الدولة لشؤون المتقاعدين لوران بيترازويسكي، على رأس اللائحة التي انضم إليها خمسة وزراء، بينهم أشهر اثنين في الحكومة، هما وزيرا الداخلية والعدل. غير أن حسابات الحقل لم تتطابق مع حسابات البيدر، فجاءت هذه اللائحة في المؤخرة وحقق برتراند فوزاً يعتد به. اليوم، هناك عشرة أشهر ما زالت تفصل الناخبين عن الاستحقاق الرئاسي في مايو (أيار) 2022، وخلال هذه الفترة الطويلة نسبياً، لا شيء يمكن أن يعيق حصول تحوّلات في الخريطة السياسية الفرنسية بمعنى أن تنمو شعبية برتراند، وأن ينجح في اجتذاب أجنحة اليمين المتفرقة للتحلّق حوله ما سيحرم ماكرون (ولوبن) من مواصلة عملية تفكيك اليمين واجتذاب عدد من «باروناته»؛ أملاً في منع بروز أي منافس جدّي من صفوفه. وتتوجه الأنظار للتعرف على نتائج الموجة الجديدة من استطلاعات الرأي لمعرفة ما إذا كان فوز برتراند الأخير سينعكس على شعبيته. لكن درب الأخير ليست بالضرورة مزروعة بالورد؛ إذ إن استفاقة اليمين من غيبوبته دفعت آخرين للتشمير عن سواعدهم، وأبرزهم اثنان: فاليري بيكريس، الوزيرة السابقة ورئيسة إقليم «إيل دو فرانس» (الذي يضم باريس ومحيطها الموسع) ولوران فوكييز، رئيس منطقة «أوفيرني - رون - ألب» (جنوب شرقي فرنسا) وكلاهما حقق نجاحاً انتخابياً لافتاً. واليوم، يدور الجدل في صفوف «الجمهوريون» للتوافق على طريقة تتيح التوصل إلى تعيين مرشح موحد من غير تعميق الخلافات الداخلية. ثمة تعبير فرنسي يتحدث عن «سقف زجاجي» يصعب اختراقه عندما يفشل تنظيم سياسي في الذهاب أبعد مما وصل إليه رغم إمكاناته. وهذه حال حزب «التجمّع الوطني» الذي كان يأمل بالفوز بثلاث مناطق شمال وجنوب فرنسا، وخصوصاً في منطقة «بروفانس - آلب - كوت دازور» (جنب البلاد المتوسطي) التي رشح لها النائب تييري مارياني المنشق عن حزب «الجمهوريون». ولم يكن هذا الإخفاق الوحيد الذي يثير قلق المسؤولين عن الحزب. ذلك أن كثيرين يتساءلون حول فاعلية ترشح مارين لوبن، أبداً ودوماً، عن حزبهم سالكة بذلك درب والدها جان ماري لوبن، المرشح الدائم لعقود عن «الجبهة الوطنية» (الاسم السابق للحزب). ولذا؛ ثمة من ينتقد الخط الجديد للحزب وآخرون يحلمون بوجه آخر. لكن مارين لوبن ما زالت ممسكة بتلابيب الحزب ولا خوف من أن تنحى عن خوض المنافسة الرئاسية العام المقبل، خصوصاً أن استطلاعات الرأي وإن كانت ترجح خسارتها في وجه ماكرون، فإن الفارق بين الاثنين تقلص كثيراً عما كان عليه في 2017. ويبقى اليسار بتلاوينه المختلفة وانقساماته العميقة. ورغم علامات الحياة التي أخذت تبدر منه بعد الانتخابات، فإن حظوظه الرئاسية تبدو شبه معدومة بالنظر لانخفاض شعبيته وغياب برامجه، وخصوصاً، الانقسامات التي تشرذم ناخبيه. فمن جهة، هناك اليسار المتشدد ممثلاً بجان لوك ميلونشون، الرافض الدعوات الوحدوية إلا إذا كانت تحت قيادته وهذا مستبعد تماماً. وهنا «الخضر» الراغبون في إثبات وجودهم رئاسياً. ووسط الأسبوع، أعلن أحد وجوههم المعروفة النائب الأوروبي يانيك جادو ترشحه في حين يتأهب اثنان آخران لسلوك الدرب نفسه، وهما أريك بيول، عمدة مدينة غرونوبل، والمناضلة للبيئة وحقوق المرأة ساندرين روسو. وداخل الحزب الاشتراكي، يبرز اسم آن هيدالغو عمدة مدينة باريس، التي لم تعلن ترشحها، لكنها «تنظر فيه». أيضاً، برز أخيراً اسم رئيسة إقليم «أوكسيتانيا» (جنوب غربي فرنسا) كارول دلغا، التي حققت فوزاً استثنائياً الأحد الماضي، ويرى محازبون أنها أهل للمهمة.

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,657,656

عدد الزوار: 6,907,110

المتواجدون الآن: 102