مخيمات تدريبية لـ"حزب الله" في جرود جبيل.. "متنفّس شيعي" في المنطقة ودورات تدريبية ميليشيوية

تاريخ الإضافة الأربعاء 27 تموز 2011 - 6:46 م    عدد الزيارات 1081    التعليقات 0

        

كشف موقع "الكتائب اللبنانية" الألكتروني في تحقيق، مخيم تدريبي لـ"حزب الله" في قرى جبيل، وجاء في التحقيق ما يلي:

صباح نهار "المهمة" أطلّ علينا مختلفاً.. مزيجٌ من القلق والتحدي، والايمان اختلج صدورنا.. لوهلة، شعرنا اننا جنود في طريقهم الى ساحة المجهول: حضرنا مجدداً للسيناريوهات التي وضعناها تحسبا لما قد نتعرض له. ومن بيروت انطلقنا صوب بلاد الحرف، جبيل.

وصلنا الى المنطقة المسماة "كوع المشنقة"، وبدأت "رحلتنا" نحو "جنة مار سركيس". الطريق نحو قعر الوادي الذي يحيطه جبلان علوهما حوالى 600 مترا، بدأت معبدة وسالكة امام كلّ انواع السيارات، الى ان ضاقت تدريجيا حتى تحولت الى طريق وعرة لا يمكن عبورها الا بسيارات رباعية الدفع.

لوحات طبيعية خضراء جعلت من تلك المنطقة جنّة حقا. الا ان "حياة" الطبيعة التي كانت تعجّ في المكان قابلها سكون مخيف وحذر: كانت كلّ اشكال الحياة البشرية موجودة...ولكن من دون سكان! منازل "ساكنة" من دون ابواب، تعلوها اعلام حزب الله "بعثرت" في اسفل الجبل... سيارات مركونة في غير مكانها، ولا اثر لسائقيها في كامل مدار تلك البقعة. بدا المشهد غريبا... شعرنا ان ذاك السكون مصطنعا!

في طريقنا الى الوادي، بدت القرية في الاسفل مهجورة الا من صمت غامض يخفي ما يخفيه من اسرار....كنا نتلفت يمينا وشمالا لمطالعة كلّ المكان، وتصويره. وما ان انعطفنا على تلك الطريق الترابية حتى فاجأتنا لافتة كتب عليها :

" بسم الله الرحمن الرحيم.. مسجد الإمام الصادق.. رعاية ممثلية ولي أمر المسلمين السيد علي الخامنئي وعلى نفقة المحسنين المرحوم عبد الحميد جمال وفاطمة جمال.. دراسات وتنفيذ مؤسسة جهاد البناء"، كانت معلقة الى جانب حسينية صغيرة، يبدو انها انشئت مؤخراً.

وقد تبين لنا ونحن متجهون نحو نهر جنة ان ثمة طريقًا تبدأ من بلدة لاسا في اعلى الجبل نزولاً حتى اسفل الوادي وتبدو من بعيد معبدة. عندما وصلنا الى النهر وجدنا جرافة صغيرة مركونة في ظل الاشجار على ضفافه، ورأينا جسرا مبنيّا حديثًا وطريقا تصل اسفل الوادي بلاسا وهي متاخمة لدير ماريوحنا.

لم يكن اجتياز تلك الطريق سهلاً أبداً: اشجار عملاقة تشابكت ببعضها للتحوّل الى جسر فوق نفق، بدا احيانا ان لا نهاية له. من ذاك"النفق" الطبيعي اكملنا مسيرتنا، الى ان طالعتنا يافطة كبيرة تقول :" حزب الله.. شكراً.. دمتم للأرض والإنسان"، فعلمنا اننا على مشارف قرية شيعية تابعة للحزب ! للحظة، ترددنا: هل نكمل ام نعود ادراجنا؟ ساد التوتر مجددا، وبدأت قلوبنا تخفق..."لن نتراجع بعد ان وصلنا"، اصرّينا!

دخلنا القرية. منازل خالية من سكانها. صمتٌ يقطعه "صدى" الطبيعة، وتغريد العصافير. كنا نتحضر ان يوقفنا احدهم بين لحظة واخرى ليستفسر عن سبب تواجدنا هناك، لكننا لم نكن لنتخيّل ابدا ان نرى ما رأيناه!..." هل ما يظهر امامنا موجود فعلا كما كان يقال"؟ هل "نهلوس"؟!!! بدهشة بدت واضحة على وجوهنا ولفحة انتصار، اكملنا نتساءل: " هل ما امامنا هو احد مخيمّات التدريب التي يقال انها موجودة في تلك المنطقة والتابعة لحزب الله؟...ام مجرد مخيّم عادي؟"

في داخله، رأينا عددا كبيرا من الخيم المتشابهة، مصفوفة جنبا الى جنب، وفي الوسط ساحة ترابية كبيرة معدّة للتدريب على ما يبدو. في كلّ زوايا ذاك المخيّم، كانت اعلام حزب الله الصفراء مرفوعة، بالاضافة الى اعلام الثورة الاسلامية في ايران واعلاما اخرى لحركات مقاومة اسلامية في المنطقة.

المكان خال من البشر...أو هذا ما ظنناه.. ام ما اردونا ان نظنّه! لذا التقطنا الكاميرا وبدأنا بالتصوير من داخل السيارة وفجأة، اطلّ علينا شخص مسلّح جاريا من داخل المخيّم. فورا قمنا بانتزاع بطاقة الذاكرة (Memory card) من الكاميرا واستبدلناها بأخرى تحوي صورا لمناظر طبيعية من المنطقة، وفقا للسيناريو الذي كنا وضعناه تحسبا لمثل هذه الحالة. كان الرجل يرتدي ثيابا شبه عسكرية.. بصوت حازم وغاضب، أمرنا بالترجل من السيارة، وكان قد تبعه شخصان آخران من داخل المخيّم. انصعنا!...وللخطة التي قررنا اتباعها كي "لا يفضح امرنا"! خرجنا من سيارتنا، فقاموا بتفتيشها وتفتيشنا. سألونا من اين اتينا وما الغاية من وجودنا في ذلك المكان! بعد أن دققوا بهوياتنا.. اجبناه اننا "ضللنا الطريق نحو قرطبا، وبأننا لم نجد انفسنا الا هنا!"...فقام أحدهم بإنتزاع آلة التصوير، وبعد ان اطلع على الصور التي تحويها (اي صور المناظر الطبيعية الموجودة على الذاكرة التي وضعناها مكان الاصلية)، قام بكسر بطاقة الذاكرة، واعاد الكاميرا الينا قائلاً: "عودوا من حيث اتيتم في الحال". سألناه امكانية السير قدما، فرفض رفضا قاطعا وكررّ "امره": عودوا من حيث اتيتم في الحال، ولا تنظروا الى الوراء!".. في تلك اللحظة تماما، تأكدنا ان تلك المنطقة الجبيلية التي حظرها علينا هؤلاء الاشخاص، خاضعة لحزب الله، واننا على ابواب تلك البقعة التي قيل ان نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم لجأ اليها في خلال حرب تموز. ايقنا ان المنطقة امامنا لا بدّ ان تحوي المزيد من المخيمات، ومن الممكن ان تحوي ايضا على مخازن الاسلحة، وانفاق تحت الارض.. بمعنى آخر، هي منطقة عسكرية.. "للمقاومة"! وما كان يقوله أهالي القرى المحيطة بناء على شك.. أصبح عندنا يقين.. فعلاً يوجد مخيمات تدريب.

لم يكن امامنا خيار آخر سوى العودة من حيث اتينا. لكن ولسوء حظ "حزب الله"، شاء القدر ان نشهد على ما يحاول اخفاءه وانكاره. اذ وحين وصلنا الى الطريق المعبدة في طريق العودة، صودف مرور باصين، يتسع كلّ منهما لحوالى 20 شخصاً، يقلان فتيان تتراوح اعمارهم بين الـ 12 وال 15 عاما، متوجهين نزولاً نحو المخيّم. حتى اللحظة بدا كل شيئ طبيعي حتى رأينا الفتية عن قرب : جميعهم تميّزوا بقصة شعر عسكرية واحدة...فبدوا اشبه بصف من العسكر!

للاسف لم يتسنّ لنا تصويرهم نظرا للسرعة التي اجتاز بها الباصان الطريق.

حاولنا مجددا التقاط بعض الصور، لكننا لاحظنا اننا تحت المراقبة من قبل اشخاص يتمركزون على اسطح المنازل في الضفة المقابلة من الجبل ويعكسون ضوء الشمس علينا بواسطة مرايا كتحذير بأننا تحت مراقبتهم.

مخططات الربط...

عدنا الى المنطقة " الآمنة"، وبدأت المرحلة الثانية من العمل. اردنا الاستفسار حول كلّ ما رأيناه. سألنا بعض اهالي المنطقة الذين فضلوا عدم الكشف عن هويتهم، فأخبرونا ان الطريق التي رايناها ونحن في طريقنا الى النهر، شقت منذ بضع سنوات، وهي تصل لاسا ببلدة فرات، ما يعني انها مخصصة للتوجه من لاسا الى "كوع المشنقة" من دون المرور بالمناطق المسيحية المتاخمة للاسا.

استفسرنا من اهالي المنطقة عن سبب شق هذه الطريق، وسألنا عن هوية مالكي تلك الارض التي تفصل لاسا بنهر جنة. قيل لنا ان مالكيها ثلاثة :البطريركية المارونية لها حصة، والارض المتاخمة للنهر ملك لشخص من أبناء قرطبا وأخرى لدير قرطبا مارسركيس وباخوس.

وبعد استفسارات عدّة من قبلنا، في ظلّ تردد اهالي المنطقة من التصريح، علمنا ان الطريق المتاخمة للنهر هي كناية عن قسطل ماء، ملك للدولة اللبنانية، يمر على ضفاف النهر، ومن هناك تمر السيارات من "كوع المشنقة" مرورًا بدير ماريوحنا في جنة مارسركيس وصولاً الى لاسا، ومن هناك الى افقا وبعلبك.

وبحسب ما اخبرنا اهل المنطقة، فقد تبين لهم بعد مراجعات عدّة، انه لا يمكن منعهم من شق الطريق أو تأهيلها طالما أنهم يسيرون على تواز مع قسطل الماء، ما يعني انهم يمرون باملاك عامة لا خاصة، وبالتالي لا يمكن منعهم سوى بقرار من القائمقام. فوسع اهل لاسا الطريق وفلشوا الاسفلت ويبدو انهم يحضرون لذلك منذ سنين والمشروع ليس حديثًا.

الطريق شقت من لاسا الى جنة وهي تمر بأرض البطريركية المارونية مسافة 7 أمتار وصولاً الى مجرى النهر حيث لم يتم اجتياز الاملاك الخاصة بل تم الاكتفاء بالعمل على املاك الدولة اللبنانية. وهذه الطريق لا تصل لاسا بكوع المشنقة فحسب، بل تبدأ من بعلبك مرورًا بأفقا وصولاً إلى لاسا فجنة ومن هناك الى فرات ومناطق شيعية اخرى مثل علمات.

يقول احد الاهالي ان هذا المشروع حضر له منذ زمن، ويأتي من ضمن اطار المتنفس الشيعي في المنطقة، الذي يقضي ربط المناطق بعضها ببعض من دون المرور بالمناطق المسيحية.

الاهالي يتحدثون...

تابعنا حديثنا مع السكان هناك. روايات عديدة وشهادات اكثر...واسئلة بالجملة! " ما هي خطة حزب الله تحديداً؟ اتصبّ في مشروع التحوّل الديمغرافي الذي يعمل الحزب على تنفيذه من الجنوب الى الشمال؟ ماذا يوجد داخل البلدة اضافة الى مخيمات التدريب والانفاق ومخازن الاسلحة؟...بأي حق يقوم لبناني بمنع لبناني آخر من المرور بمنطقة لبنانية؟...ماذا بعد"؟

يذكر احدهم بحادثة العام 2001 حين أقام شباب البلدة المسيحيّون لمناسبة عيد انتقال السيّدة العذراء في 15 آب مسيرة صلاة من الكنيسة القديمة الى الكنيسة الجديدة. وكردّ فعل على هذه المسيرة علّق مسؤول "حزب الله" في لاسا الشيخ محمد علي قاسم العيتاوي شعائر دينيّة على كلّ الطريق المؤدية الى الكنيسة القديمة، ووضع في الكنيسة سجّادا ومصحفاً، واضعاً بذلك يده على الكنيسة. حصلت اجتماعات مع المعنيين آنذاك وتمّ الاتفاق على تسليم الكنيسة للمطران، على أن يتولّى الأخير تركيب بوّابة وشبابيك وأن يجري مسحا كاملا لأراضي لاسا لإعادة الحقّ الى أصحابه. الا ان الشيخ العيتاوي، وبمساعدة من بعض عناصر الحزب، منع أيّ شخص من ترميم الكنيسة واجراء مسح للاراضي، واعاد تحويل كنيسة السيّدة جامعاً ووضع مُجدّدا السجّادة والمصحف. وحظر على أبناء القرية المسيحيّين الاقتراب منها.

يتابع احد المنطقة الحديث مؤكداً ان الحرائق التي تندلع هناك وتقضي على مساحات حرجية ليست الا مفتعلة من قبل عناصر حزب الله بهدف كشف بقع معيّنة من الجبال، كي يتمكنوا من المراقبة دون ان تؤدي الاشجار الى حجب الرؤية.

ويؤكد الاهالي ايضاً سماع طلقات رصاص في شكل دائم وعندما يستفسرون عن الموضوع يلقون جوابًا واحدًا "انها تدريبات كشافة المهدي" والبعض الآخر يؤكد : يجلبون الفتية ليتدربوا على الرماية وخوض المعارك وتعلم الفنون القتالية تمهيداً لضمهم في ميليشيا حزب الله.

رحلتنا نحو لاسا، البلدة التي اشترت الكنيسة المارونية عام 1863 معظم أراضيها، وتحديداً 3 ملايين متر مربع من أصل 4 ،انتهت بشهادات وصور تؤكد تحوّلها الى مربع امني لحزب الله الذي يعمل على ربط المناطق الشيعية ببعضها، معتدياً على الاملاك العامة والخاصة عبر منطق السلاح.

حقوق تضيع ومشروع يستكمل وعلى ما يبدو فان الحبل على الجرار، ومن يتصدى يكون "غاشما وظالما" على حدّ قول نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان الذي "رجع إلى الوثائق والحجج التركية التي تثبت من هم أصحاب الأرض في لاسا"... وفي "قرقريا وامهز"!

وفي النهاية، نترك هذه الصور والمعلومات برسم الرأي العام اللبناني الذي لا بدّ أن يأتي يوم ويتخلص من كل تلك التجاوزات والتعديات التي تحصل من قبل فريق مسلح يمارس أعماله الميليشيوية على الأرض ويحاول تكريس أمر واقع على الجميع...ولكم أيها اللبنانيون الحكم.

 

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,758,706

عدد الزوار: 6,913,358

المتواجدون الآن: 122