الأمم المتحدة في يوبيلها الماسي... إصلاحات ضرورية لتعكس عالم اليوم...

تاريخ الإضافة الأحد 4 تشرين الأول 2020 - 6:07 ص    عدد الزيارات 1052    التعليقات 0

        

الأمم المتحدة في يوبيلها الماسي... إصلاحات ضرورية لتعكس عالم اليوم...

«كوفيد ـ 19» غيّر الحسابات وكشف مكامن الضعف في نظام أُسس على أنقاض الحرب العالمية...

الشرق الاوسط....نيويورك: علي بردى.... على غرار ما فعلته، ولا تزال تفعله، في كل أرجاء العالم، أدت جائحة «كوفيد 19» إلى تغيير كل الترتيبات للاحتفال بالذكرى السنوية الـ75 لإنشاء الأمم المتحدة. ومرّت خطابات معظم الزعماء برتابة غير معهودة في مثل هذه الأيام من كل عام في نيويورك، رغم العلامات الفارقة التي سجلها بعضهم على الساحة الدولية. بيد أن الأمر ما كان ليقتصر هذه المرة على أُبهة كان يتطلع إليها المسؤولون الدوليون الكبار عندما تتوافد أكثرية زعماء الأرض وصناع القرار إلى المنتدى الأكبر لهم. إذ كانت في الحسبان محاولة جادة لتغليب التعددية التي تنوء تحت ضغوط شديدة بسبب الصعود الكبير للمشاعر القومية الشعبوية، وأيضاً انكفاء الولايات المتحدة عن الدور القيادي الذي اضطلعت به منذ إنشاء هذه المظلة الدولية في 24 أكتوبر (تشرين الأول) 1945. في خطابه المسجل أمام الجمعية العامة، انتقد الرئيس الأميركي دونالد ترمب الصين لفشلها في الحد من انتشار فيروس «كوفيد 19» في كل أرجاء الأرض. لكن كلمته القصيرة للغاية كانت هي التعبير الأوضح عما تفكر فيه إدارته حيال القضايا العالمية. إذ تحوّلت اهتماماتها إلى الشؤون الداخلية الأميركية، في ظل انكفاء انعكس بانسحاب واشنطن من منظمة الصحة العالمية في يونيو (حزيران) الماضي، رغم ضراوة الفيروس الذي فتك في غضون أشهر بحياة أكثر من 200 ألف من الأميركيين. ولم يكن هذا الانسحاب إلا نظيراً لخطوات مماثلة اتخذتها واشنطن سابقاً حيال منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم «اليونيسكو» واتفاق باريس للمناخ، ومعاهدات انتشار الأسلحة النووية، حتى المعاهدات التجارية الدولية، بما في ذلك مع أقرب الجيران والحلفاء، مثل كندا والمكسيك أو مثل دول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا. فتح هذا الانكفاء الأميركي شهية الصين أولاً على ملء هذا الفراغ الجيوبوليتيكي، فضلاً عن عودة روسيا بقوة إلى ميادين عدة، كانت تركتها أو أهملتها عقب انهيار الاتحاد السوفياتي في منتصف الثمانينات من القرن العشرين. على رغم السقطات والنكسات التي شهدتها التعددية الدولية منذ مطلع الألفية الثالثة، كان المرتجى ولا يزال أن تتمكن المجموعة الدولية بقيادة الولايات المتحدة من إدخال إصلاحات عميقة على المنظمة الدولية وهيئاتها الفرعية المختلفة بغية تمكينها من العمل بفاعلية، ومن أجل «صون السلم والأمن الدوليين»، وفقاً للتعهد الذي قطعه الآباء المؤسسون في ميثاق الأمم المتحدة.

الحاجة إلى نظام دولي جديد

يرى كثيرون أن ثمة حاجة إلى نظام دولي جديد، يعكس التوازنات الجدية في عالم اليوم، ومنها الصعود الكبير لدولة مثل الهند، وغياب التمثيل المتوازن للدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وإمكان دخول دول إليه، مثل اليابان وجنوب أفريقيا أو إندونيسيا والبرازيل. عكست الذكرى السنوية الـ75 لتأسيس الأمم المتحدة التطلعات المفقودة إلى إصلاح منظمة تبدو أحياناً وكأنها تشيخ، أو أنها عديمة الفاعلية، أو أنها غير قادرة على التكيف مع التغيرات العميقة في التوازنات الدولية. لجأ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى حضّ زعماء العالم، الذي يتسم بالاستقطاب، على تجنب مواجهة عسكرية بين القوى الكبرى. غير أن هذا النداء للأمين العام أنطونيو غوتيريش لإحياء التعددية - وهي أساس الأمم المتحدة - ردده خلال الأسبوع الماضي عدد كبير من زعماء البلدان الكبيرة والصغيرة، الغنية والفقيرة. لكن على رغم الخطابات الإيجابية، بدا واضحاً أن هناك تحديات تنتظر التعاون لدحر «كوفيد 19»، وإنهاء كثير من الصراعات الأصغر من الشرق الأوسط إلى أفريقيا، وتحقيق أهداف الأمم المتحدة للقضاء على الفقر والحفاظ على البيئة بحلول عام 2030. غوتيريش قال: «اليوم لدينا فائض من التحديات المتعددة ونقص في الحلول المتعددة»، ملاحظاً أن هذا الفيروس «كشف هشاشة العالم»، ولا يمكن مواجهته إلا بوحدة عالمية. وحذر من «كارثة مناخية في تلوح الأفق، وأن التنوع البيولوجي ينهار، والفقر آخذ في الارتفاع، والكراهية تنتشر، والتوترات الجيوسياسية تتصاعد، والأسلحة النووية لا تزال في حالة تأهب». وفي ظل الدعوات إلى تعددية جديدة تعتمد على المجتمع المدني والمدن والشركات والسلطات المحلية والشباب، لا أحد يريد حكومة عالمية، لكن جزءاً رئيسياً من الإصلاح يقتضي تحسين الحوكمة العالمية.

كلمات لافتة

كان الاحتفال مهماً. تحدث فيه رؤساء دول مثل الصيني شي جينبينغ والفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. وعلى رغم أن الرئيس ترمب كان في صدارة لائحة المتحدثين الـ182 في المناسبة، فقد غاب عن المناسبة. وفيما بدا «ازدراء» للأمم المتحدة، مثلت الولايات المتحدة بنائبة المندوبة الدائمة بالنيابة شيريث نورمان شاليت، التي قالت إن الأمم المتحدة «أثبتت من نواحٍ كثيرة أنها تجربة ناجحة»، لكنها قاومت «الإصلاح الجاد» وكانت «ضعيفة للغاية أمام أجندة الأنظمة الاستبدادية والديكتاتوريات». في المقابل، حضّ الرئيس الصيني أعضاء الأمم المتحدة على التزام التعددية و«العمل على تعزيز المصير المشترك للبشرية»، لأن «الأحادية طريق مسدودة»، منتقداً «السماح لأي شخص بفعل ما يحلو له وأن يكون المهيمن أو المتنمر أو زعيم العالم». أما ماكرون فاعتبر أن الأمم المتحدة ظلت وفية لوعود قطعتها طوال 3 أرباع قرن، قائلاً إنه «لإنقاذ الأجيال القادمة من ويلات الحرب، يجب تأكيد حقوق الإنسان والمساواة بين الدول، وتعزيز التقدم الاجتماعي بمزيد من الحرية»، لكنه حذر من أن «بيتنا المشترك في حالة من الفوضى، تماماً مثل عالمنا». واستشهد بانتصارات الأمم المتحدة الكبرى الأخرى على مدى 75 سنة، ومنها معاهدات السلام، وإنهاء الاستعمار، ووضع معايير لحقوق الإنسان، ونهاية الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، والقضاء على الأمراض، والحد من الجوع وتطوير القانون الدولي، والمعاهدات التاريخية لحماية البيئة. وأما المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل فشددت على أن «الأمم المتحدة لا يمكن أن تكون فعالة إلا إذا اتحد أعضاؤها»، وحثت على بذل جهود جديدة «لبذل كل ما في وسعنا» لإيجاد استجابات مشتركة وإنهاء «أكثر القضايا الأمنية استعصاءً»، بما في ذلك النزاعات في ليبيا وسوريا. وإذا كانت هذه تشير إلى رؤية الدول الغنية لحال العالم اليوم، فإن الكتلة الكبرى في الأمم المتحدة، والمؤلفة من البلدان النامية التي تضم الآن 134 عضواً، اعتبرت أن الاحتفال «يجب أن يرسل إشارة قوية وإيجابية لشعوب العالم بالتزامنا التعددية وعزمنا على السعي إلى تحقيق السلام والعدالة والتنمية». وردد رئيس غينيا الاستوائية تيودورو أوبيانغ مخاوف أوسع، إذ قال إنه «لا يوجد مبرر للفجوة الاقتصادية الهائلة بين الدول الغنية والفقيرة اليوم». ومثله حذّر رئيس جزر السيشيل داني فور من أن قضايا مثل تغير المناخ لا تعرف حدوداً، لأن «الدول الأصغر والأفقر والأضعف يمكنها المساهمة بأفكار مبتكرة...».

نجاحات وإخفاقات

على صعيد آخر، رغم أن الأمم المتحدة أخفقت في حل عدد لا بأس به من الحروب والأزمات، فإنه يسجل لها في الذكرى السنوية الـ75 لتأسيسها، أنها تمكنت في مراحلها المختلفة من تحقيق إنجازات توصف بأنها تاريخية، لأنها تركت أثراً مستداماً للإنسانية. على صعيد الإخفاقات، طبعاً، هناك الإخفاق بتطبيق عشرات القرارات الدولية المتعلقة بإعطاء الشعب الفلسطيني حق تقرير المصير وإنشاء دولته على حدود ما قبل حرب 4 يونيو 1967. ولكن في المقابل، كان من أبرز الإنجازات والمحطات التي رافقت الأمم المتحدة...

- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 ديسمبر (كانون الأول) 1948، سعياً إلى ضمان عدم تكرار الفظائع، كتلك التي ارتكبت خلال الحرب العالمية الثانية.

- بعد عامين من التصديق على ميثاق الأمم المتحدة عام 1945، أنشأت الجمعية العامة والأمين العام تريغفي لي لجنة خاصة من 11 سفيراً لتقرير مستقبل فلسطين، ومصير مئات الآلاف من اليهود الذين نزحوا خلال «الهولوكوست». وأوصت اللجنة بأنه بعد فترة انتقالية مدتها سنتان، ستصير فلسطين «دولة عربية مستقلة، ودولة يهودية مستقلة، ومدينة القدس» دولية، على أن تبقى الدولتان «ضمن اتحاد اقتصادي». وعام 1948، أنشئت الدولة اليهودية على رغم معارضة الدول العربية، ما أدى إلى الصراع الذي لا تزال تعانيه منطقة الشرق الأوسط.

- على رغم أن ميثاق الأمم المتحدة لا يذكر على وجه التحديد استخدام القوات المسلحة الدولية، بتفويض من مجلس الأمن، نشرت القوة الأولى الكاملة لحفظ السلام عام 1956 على أثر أزمة السويس، التي بدأت عندما أمّم الرئيس المصري جمال عبد الناصر شركة قناة السويس.

- إنشاء برنامج الأغذية العالمي عام 1961 بعدما اقترح الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور «وضع خطة عملية لتقديم المعونة الغذائية من خلال نظام الأمم المتحدة». ووافقت الجمعية العامة على الاقتراح على أساس تجريبي لمدة 3 سنوات.

- فوز صندوق الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف» بجائزة نوبل للسلام عام 1965 لإدراكها أن «الأطفال هم مفتاح المستقبل». وأنشئ الصندوق عام 1946 لتوفير الغذاء والملابس والرعاية الصحية لأطفال أوروبا التي مزقتها الحرب. وعام 1959 اعتمدت الجمعية العامة إعلان حقوق الطفل، الذي يمثل أول إجماع دولي رئيسي على المبادئ الأساسية لحقوق الطفل، بما في ذلك المأوى والتعليم والرعاية الصحية والتغذية الجيدة.

- رغم أن القرار الأول للأمم المتحدة في يناير (كانون الثاني) 1946 شدد على الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية وإزالة أسلحة الدمار الشامل، لم توقع معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية إلا في يونيو 1968، لتشكل سابقة للتعاون الدولي في هذا المجال. ومنذ ذلك الحين، وافقت دول مسلحة نووياً مثل جنوب أفريقيا وكازاخستان طواعية على التخلي عن أسلحتها الذرية، بينما تعهدت دول أخرى بإنهاء برامج الأبحاث النووية والخضوع لعمليات التفتيش من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

- نصت المادة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة على «تعزيز وتشجيع احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع من دون تمييز بسبب العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين»، لكن إعلان الجمعية العامة عام 1975 «سنة دولية للمرأة» كان إنجازاً تاريخياً.

- وضعت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونيسكو» 12 موقعاً على لائحتها الأولى للتراث العالمي، وهي تضم مجموعة معالم من صنع الإنسان أو مناطق طبيعية تستحق حماية خاصة. وتحمي المنظمة الآن نحو 1000 موقع في كل أنحاء العالم، ما يساعد على وضع معايير للحفاظ على بعض أهم المعالم التاريخية والكنوز الطبيعية.

- «بروتوكول كيوتو» لعام 1997. وهي معاهدة دولية التزمت بها 41 دولة والاتحاد الأوروبي لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ومنها ثاني أكسيد الكربون. وأعاق نجاحها حقيقة أن الدول الرئيسية الثلاث الأكثر تسبباً بانبعاثات الكربون، وهي الصين والهند والولايات المتحدة، لم تلتزم البروتوكول.

- إعلان التزام بشأن مرض العوز المناعي المكتسب «الإيدز» الذي تبنته الجمعية العام عام 2001، بعد جهود من برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بمكافحة فيروس هذا المرض، وهو يمثل 10 وكالات أخرى تابعة لمنظومة الأمم المتحدة.

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,149,287

عدد الزوار: 6,757,194

المتواجدون الآن: 122