أمانة 14 آذار باقية و"المجلس الوطني" على النار

تاريخ الإضافة الخميس 24 آذار 2011 - 6:35 ص    عدد الزيارات 795    التعليقات 0

        

ناشطون في المجتمع المدني باشروا تنظيم أنفسهم ولن ينتظروا المناقشات
أمانة 14 آذار باقية و"المجلس الوطني" على النار
سمير فرنجية ينظّر لحركة شعب "ليست تنازلاً من قائد مُلهَم"

يرفع سمير فرنجية وفارس سعَيد حواجبهما تعجباً إذا سألت لماذا لا تزال الأمانة العامة لـ14 آذار تجتمع وتنظم لقاءات وتصدر مواقف وبيانات. السؤال يعود إلى حملة تزامنت قبل نحو أسبوعين في ثلاث صحف، وتركت انطباعاً أن الهيكلية الجديدة لقوى التحالف السيادي سوف "تطيح" هذه الأمانة. والتعجب يعود إلى أن عملية التنظيم ستعزز على النقيض دور هذه الحلقة الناشطة، فتوسّع المشاركة فيها وتفعّلها لتواصل مهمتها على أكمل وجه إلى جانب المرتكزات الثلاثة الأخرى: القيادة السياسية، تكتل النواب الـ60، و"المجلس الوطني".
يرفض الرجلان بتأفف الخوض في الأسباب التي تؤدي إلى تأخير إعلان الهيكلية الجديدة، أو في مصدر التسريبات المغلوطة التي تناولت الأمانة العامة ودورها، ويكتفيان بالتأكيد أن المناقشات تتلاحق كي تبصر الهيكلية النور في أقرب وقت. "لكن هناك ما هو أهم"، يقول فرنجية، ويتابعه سعَيد كعادته، بإنصاتٍ
شديد:
"تضم قوى 8 آذار جماعات طائفية، مذهبية وحزبية. كذلك قوى 14 آذار. إلا أنها تحوي عنصراً إضافياً كبير الأهمية، هو "رأي عام" لا تستطيع أن توجه إليه أوامر. لا تقدر أن تخاطبه كما تخاطب الحزبي أو المناصِر: في الساعة كذا هناك تظاهرة أو نشاط للحزب فتفضَّل. الرأي العام بطبيعته يعني أن كل واحد برأي، يعني جمهوراً مختلفاً. هذه الإضافة تشكل الفارق بيننا وبين الفريق الآخر. ولا شك في أن قيادات 14 آذار تأخرت بعد انتفاضة ربيع 2005 في استيعاب الوضع الناشئ عن بروز أهمية دور الرأي العام، وفي فهم الطريقة اللازمة للتعامل معه. حتى اليوم لا يزال وهمٌ من الماضي يحمل بعضهم على الإعتقاد بأنه قادر أن "يمون" على الرأي العام.
عنوان الهيكلية الجديدة هو طريقة إشراك هذا الرأي العام - سَمِّه المستقلّين أو اللاحزبيين، كما تريد- في آلية اتخاذ القرار وتطبيقه، لأننا دخلنا مرحلة جديدة ندرك فيها جميعاً أن زمن إصدار الأوامر قد ولّى وأصبح من الماضي. هذا الجوّ بدأنا نتلمسه في قوى 14 آذار منذ سنة ونصف السنة أو سنتين عندما شعرنا بأن الناس لم تعد تلبّينا ولا تتجاوب معنا، فبدأنا البحث في وضع هيكلية تقوم على فكرة واحدة ومن بند واحد: ما هو السبيل الأفضل لتأمين المشاركة؟ هل يكون بإنشاء مجلس وطني موسّع يضم ما بين 300- 500 عضو ويصدر توصيات؟ وعلى أي وتيرة تكون إجتماعاته، كل شهر أو شهرين؟ ما هي الشروط التي يُمكن أن تجعل التوصيات مُلزمة؟ وما هي آلية تشكّل هذا المجلس؟ عند هذه النقاط تدور المناقشات حالياً. أما موضوع الأمانة العامة فهو تفصيل. هي باقية في كل الأحوال.
ثم إن الأحزاب هي أيضاً اكتشفت أهمية الرأي العام، مما يتطلب هيكلية جديدة لا تقتصر على قوى 14 آذار فحسب بل داخل كل حزب أيضاً. فالتطورات التي يشهدها العالم العربي بفعل ثورات الشباب المنادية بالديموقراطية أبرزت تفاوتاً بين التطلعات إلى التغيير على مستوى الدولة، وبين واقع الأحزاب التي يظهر فيها هي أيضاً التوريث والنقص في الديموقراطية والحاجة إلى مشاركة أوسع في القرار. لكن هذه مسألة يجب أن يناقشها كل حزب داخل جدرانه.
تردنا هذه التجربة في الخلاصة إلى وجود ثقافتين في لبنان، موضوع "اشتغلنا عليه" في "14 آذار" ولم نكمله. في ثقافتنا الفرد هو الأساس. نحترمه. وهو يشارك، ويقرّر. ليس رقماً. أما في الثقافة الأخرى فالجماعة هي الأساس. صحيح إن ما حرّك الناس للمشاركة في تجمّع 13 آذار هو الموقف الواضح الرافض للسلاح غير الشرعي، لكن هناك أيضاً دافع التماثل بالثورة في "أم الدنيا" مصر. مشهد ميدان التحرير ذكّرهم بالمشهد الأصلي الذي احتضنته ساحة الحرية في بيروت. في القاهرة رأى اللبنانيون أناساً يشبهونهم، بالهلال والصليب، شعارات الحرية، صبايا وشباب، جيل "الفايسبوك" و"تويتر"، وبلطجية يشبهون جماعة البلطات والعصي والسكاكين التي هدّدت المنتفضين في ربيع بيروت 2005. والإنسان يعيد اكتشاف ذاته بالصورة التي تعود إليه. هذه النظرة، التي لا يعبّر عنها أحد، تكمن أهميتها في أنها تعلن إنتماء خصمك إلى عصر مضى. كيف تنظر إلى من يتكلم سياسة تعود إلى مرحلة ما قبل سقوط جدار برلين؟ كيف تنظر إلى شخص يُعلن في صالون أنه ينتمي إلى الكتلة الدستورية ويُهاجم الكتلة
الوطنية بحقد؟
أقصد أن "حزب الله" انتهى عند الناس. حتى الشعار الذي رفعه ("إسرائيل أيضاً تريد إسقاط السلاح") لربما كان يصلح قبل سنتين. في الواقع هو وإسرائيل انتهيا. الناس اكتشفت أن العالم العربي يتحوّل ساحة الحرية 2005. ولا تمكن مواجهة هذا المشهد المترامي الأطراف في العواصم والمدن العربية بخطاب يردنا إلى منظومة قومجية إسلامية لطالما سمعناها مدى
عقود وعقود.

 

"المسألة ليست تقنية"

نحتاج إلى إبداع صيغة، إطار تنظيمي ينقلنا إلى مرحلة متقدمة. ثورة الأرز لم تنتج بعد "حزب ثورة الأرز" على غرار "حزب المؤتمر" في الهند، والمقاومة الفرنسية، وجبهة التحرير الجزائرية. وقوى 14 آذار هي اليوم جزئياً جبهة أحزاب، في حين المطلوب البدء برسم ملامح تنظيم سياسي جديد، مختلط بالضرورة وديموقراطي، فيه تداول للسلطة وشباب ونساء ويحمل برنامجا لما بعد. السنة 1943 كان عنوانها الإستقلال. 2005 استعادة الإستقلال. عنوان 2011 هو بناء دولة الإستقلال. دولة تحمي المواطن ولا تستدرج الخارج إلى الداخل.
الثقافة الجديدة هذه تلزمها آلية تعبّر عنها. نحن اللبنانيين كنا السباقين في إطلاق النهضة العربية التي سمحت لنا بدور مميّز، واليوم نحتاج إلى ما يشبه تلك النهضة من أجل عالم عربي تعددي وديموقراطي وحديث يرسّخ مبدأ الدولة وليس القطر. هذه عملية تحتاج إلى جهد كبير. ومهرجان 13 آذار كان بداية جديدة على هذه الطريق. ما قاله سمير جعجع في المهرجان عن "ثورة أرز -2" كان صحيحاً بمعنى من المعاني".
كل هذا ليقول فرنجية إن "مسألة تنظيم قوى 14 آذار ليست تقنية بل هي موضوع مناقشات مفتوحة. وقد تكون الخطوة الأولى، والأهم، إنشاء مجلس تشارك فيه الأحزاب والرأي العام. صيغة تسمح للمجتمع المدني بالمساهمة في صنع المواقف والإشراف على تطبيقها، وخطوة تكتسب إلحاحها من تعطّل مجلس النواب و"المجلس الإقتصادي والإجتماعي" وبقية الأطر
التشاركية.
وبالطبع، يجب أن يضم المجلس الوطني لثورة الأرز حزبيين ومستقلين، ويكون الحزبيون الأقلية، وتُناقش في المجلس خطة العمل كما تُمارَس الرقابة ( هناك اقتراح أن يكون عدد الأعضاء فيه متحركاً غير ثابت على غرار مجلس النواب الألماني) أما الأمانة العامة فتوفّر - مع توسيعها بمشاركة وزراء ونواب وأحزاب وشخصيات - حضوراً يومياً لا يؤمنه المجلس الوطني ولا التكتل النيابي، بمعنى أنها تبادر وتتابع اللحظة السياسية والمجتمع المدني. في حين تقوم القيادة السياسية الجماعية التي تضم قادة أحزاب وشخصيات مستقلة بالدور الذي تقوم به حالياً".
يرفض فرنجية، ومثله سعَيد، الحديث عن المعوقات التي لا تزال تعترض تطبيق هذا التصور، الذي حظي بموافقة مبدئية سابقاً من القيادة السياسية لـ14 آذار. لكن "البيك" كما يناديه تحبباً رفيقه القديم، يلفت إلى "أننا في صدد حركة شعب وليست تنازلاً من قائد مُلهَم. وثبُت لنا بالملموس بعد 13 آذار الماضي أن ثورة الأرز ستستمر بقادتها ومن دونهم. وتنظيمها هو مسار وليس قراراً". وينفي أن تكون الغاية تشكيل كتلة من المستقلين في وجه الأحزاب، بل هي تنظيم كتلة بشرية نعبّر عنها ولا نمثلها، كتلة تغيّر رأيها. هي طاقات في المجتمع لا تحتاج إلى إذن من أي كان. وهل تطلب إذناً لتدخل الفايسبوك؟".
تترك فرنجية وسعيد وهما يتساءلان كيف أصبح يوم واحد يشهد من الحوادث في العالم العربي ما كان يلزمه 30 سنة وأكثر كي يتحقق؟ ومن يستطيع أن يلحّق ويستوعب ما يجري بالسرعة الهائلة؟
في خارج الغرفة يقول شبان ناشطون في المجتمع المدني أنهم لن ينتظروا تشكيل المجلس الوطني وإزالة بعض التحفظات الحزبية أو غير الحزبية في شأنه وانتهاء المناقشات البيروقراطية. لذلك باشروا في الساعات الماضية تنظيم أنفسهم تحت مسمى "المنظمات الشبابية والطالبية في ثورة الأرز" أو ما شابه. يقولون ايضا إن العالم يتغيّر ولبنان يتغير ويريدون المشاركة في
التغيير.
 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ماذا يقول حزب الكتائب ؟

تبدو الامور لدى قيادة "14 آذار" مختلفة هذه المرة، وثمة جدية في العمل التنظيمي القائم على قدم وساق تحت عنوان التنظيم بهدف تفعيل التنسيق بين مختلف مكونات هذه القوى سواء اكانت حزبية ام مستقلة ام من قوى المجتمع المدني. والمسألة في رأي أوساط كتائبية متابعة، ان الاطر التي كانت معتمدة سابقاً ما عادت تجدي نفعاً لا بل اثبتت فشلها الذريع في التعامل مع العملية السياسية مما يقتضي تصويب مسار حركة التنسيق والتعامل وصولاً الى تحقيق الاهداف السياسية التي اعلنتها "14 آذار" والتزمها قادتها امام الرأي العام.
الاساس في رأي الكتائب ثلاثة أهداف يجب العمل على تحقيقها من وراء التنظيم:
اولاً - منع الانزلاق نحو القرارات الفردية والاعتباطية مرة جديدة واعتماد آلية القرارات الجماعية بالتشاور والتفاهم بين الجميع.
ثانياً- تفعيل التنسيق بين مكونات 14 آذار جميعاً من دون استثناء، سواء اكانت حزبية ام مستقلة.
ثالثاً - تفعيل دور المجتمع المدني ذلك ان جمهور "14 آذار" الملتزم حزبياً لا  يقاس بالحجم امام جمهور الرأي العام الحيادي والمستقل الذي شكل بيضة القبان والكفة الراجحة في حركة "14 آذار" عام 2005، وقد عاد قسم لا بأس به الى الساحة في 14 آذار 2011 ، انطلاقاً من المراجعة والاعتذار الذي قدمه عدد من قادة 14 آذار عن عدم صوابية بعض مواقفهم خلال السنين الفائتة.
والرأي في اوساط الكتائب، ان كل القرارات اصبحت تحتاج الى الاجماع الحقيقي، وان زمن التفرد في اتخاذ القرارات وصوغ البيانات ولى الى غير رجعة بدليل النتائج التي أدى اليها، ما يفترض حكماً طرح فكرة جمع اكبر حشد من القوى والكوادر سواء منها الحزبية او المستقلة او تلك المنضوية تحت جناح المجتمع المدني وتنظيماته المختلفة، التي اثبتت في رأي الكتائبيين فعاليتها في مناسبات عدة ولا بد من احترام آرائها ومواقفها ونضالاتها. وانطلاقاً من هذه المعطيات تبدو الصيغة التي يطرحها حزب الكتائب اقرب الى المبادرة الشعبية، الامر الذي يتطلب من هيئات المجتمع المدني تنظيم نفسها، وامتلاك المقدرة او الآلية على اختيار ممثليها الى موقع القرار في "14 أذار" بشكل يتيح لها التعبير عن نفسها بكل حرية وقوة.
وفي التنظيم المقترح استناداً الى الاوساط الكتائبية، اصرار على الغاء الامانة العامة لقوى 14 آذار مع كل التقدير والشكر لمن نهضوا بمسؤولياتها خلال السنين السالفة على رغم كل الملاحظات التي سجلتها الكتائب على أداء الامانة ووصلت الى حد الانسحاب منها. وفي فكرة الكتائب والتي أصبحت معروفة على ما تتداول اوساطه تغيير اسم الامانة العامة وابداله بكلمة "منسقية" تضم ممثلين عن الاحزاب وكل مؤيدي "14 آذار"، ما يؤدي تالياً الى الغاء كل الوكالات الحصرية. وتعول الاوساط عينها على قوى المجتمع المدني والمستقلين للانتظام في اطر تشبه النقابات واختيار او انتخاب من يمثلهم الى المنسقية "لان المستقلين والمجتمع المدني يشكلون معاً ضمير 14 آذار والمحرك الذي لا بد منه في التفاعل مع الرأي العام اللبناني".
وفي موازاة الاصرار على اطلاق المنسقية، ثمة اصرار كتائبي على اطلاق "المجلس الوطني" الذي يفترض ان يضم 400 شخصية من مختلف الشرائح، لكن السؤال الكبير، هو مدى السلطة التي يجب ان يتمتع بها هذا المجلس او الهيئة العامة بمعناها المؤسساتي في آلية اتخاذ القرار، حيث تصر الاوساط الكتائبية، على أهمية اضطلاع هذا المجلس بدور استشاري وليس تنفيذياً في حركته، على ان يختار المستقلون وهيئات المجتمع المدني ممثلين عنهم الى المنسقية العامة وتاليا الى الهيئة القيادية. لكن مطالب الكتائب لا تتوقف على ما تقول اوساطها على الاصرار على تأمين اوسع مشاركة شعبية ومجتمعية، بل تتعداها الى الاصرار على مبدأ المداورة في الرئاسة انطلاقاً من مبدأ تداول السلطة والقيادة بحيث تتاح لجميع القوى فرصة اثبات حضورها وتالياً تقديم نموذج عن العمل الديموقراطي المؤسساتي.
النقاشات على أشدها، في اروقة "14 آذار" والتسريبات المتبادلة سيدة الموقف، لكن ثمة اصرارا في اوساط الكتائبيين على ما يقولون، على تأكيد مقولة ان يكون المجتمع المدني صاحب الكلمة الفصل في حركة "14 آذار" وصاحب الثقل الراجح، انطلاقاً من فكرة ان اي حركة سياسية على المستوى الوطني تخسر الاحتضان الشعبي لها ستكون نهايتها محتمة ان آجلاً أم عاجلاً. والأهم بحسب الاوساط عينها ان ثمة إصراراً على ابعاد كل المؤثرات الداخلية والخارجية عن مركز القرار في حركة "14 آذار" وتأكيد هوية "14 آذار" الوطنية (...).
ب. ع.
 

إيلي الحاج     

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,091,442

عدد الزوار: 6,752,276

المتواجدون الآن: 95