أوروبا... بين «معاداة السامية» و«معاداة الصهيونية».. أزمة تعريف... أم أزمة مصالح؟..

تاريخ الإضافة السبت 2 آذار 2019 - 7:09 ص    عدد الزيارات 1655    التعليقات 0

        

أوروبا... بين «معاداة السامية» و«معاداة الصهيونية».. أزمة تعريف... أم أزمة مصالح؟..

الشرق الاوسط...لندن: نجلاء حبريري.. كان لافتاً خلال الأسابيع القليلة الفائتة في كل من فرنسا وبريطانيا حدثان لهما علاقة وثيقة بظاهرة «معاداة السامية». إذ ألقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤخراً خطبة قال فيها، إن «معاداة الصهيونية شكل من أشكال معاداة السامية». وفي بريطانيا، بينما يتفاقم الصراع السياسي داخل الحزبين الكبيرين، حزب المحافظين الحاكم وحزب العمال المعارض، بسبب مسألة خروج بريطانيا من أسرة «الاتحاد الأوروبي» (بريكست)، أعلن عدد من نواب حزب العمال البريطاني - بعضهم من تجمّع «أصدقاء إسرائيل العماليون» - استقالتهم من عضوية الحزب، وتوزّع تبرير الاستقالات بين الاعتراض على سياسة قيادة الحزب من الـ«بريكست» و«تجذر» معاداة السامية فيه إبان فترة زعامة زعيمه اليساري الحالي جيريمي كوربن. الحدثان، ناهيك من تنامي قوى اليمين المتطرف - المناهض تقليدياً للأقليات العرقية والدينية والمهاجرين الأجانب - في عموم أوروبا، يسلّطان الضوء على ظاهرة معاداة السامية والحاجة إلى تفسيرها، لا سيما، أنها في حالتي فرنسا وبريطانيا المذكورتين لا تتصلان باليمين المتطرف بل بفكر سياسي بات يرفض أي تمييز بين العداء العنصري لليهود، وانتقاد عقيدة سياسية مثل العقيدة الصهيونية. «معاداة السامية» عبارة تُعبّر عن ظاهرة تجلّت عبر القرون في ممارسات الاضطهاد والعنصرية الممنهجة ضد أفراد الدين اليهودي، شملت مذابح إسبانية وإنجليزية وروسية وحملات طرد من عدة دول عبر التاريخ، وبلغات الأوج مع «المحرقة النازية» (الهولوكوست). اليوم، عادت عبارة «معاداة السامية» لتهيمن على النشرات الإخبارية العالمية، وأطلقت جدلا اتّخذ أبعاداً سياسية من نوع جديد في أوروبا الغربية، تخلط أحياناً بين العنصرية والاضطهاد الذي ما زالت الجاليات اليهودية تعاني منه... وانتقاد ممارسات دولة إسرائيل والآيديولوجية الصهيونية. ولقد برز الجدل في كل من باريس ولندن بشكل أساسي، حيث اعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون «معاداة الصهيونية الشكل الحديث لمعاداة السامية»، بينما أحدثت اتهامات متزايدة في بريطانيا أكبر انشقاق سياسي منذ أربعة عقود. وفي حين تبحث حكومات أوروبا الغربية عن تعريف جديد لمعاداة السامية من دون التضييق على حرية التعبير، تستغل بعض حركات اليمين المتطرف الفراغ السياسي الذي سببه تراجع شعبية الأحزاب التقليدية لتعزيز خطابات معاداة السامية، والإسلاموفوبيا، وحتى نظريات تفوق العرق الأبيض. حتى وقت كتابة هذه السطور، شهدت بريطانيا انشقاق 9 نواب بارزين من حزب العمال، احتجاجاً على قضايا متعلقة بـ«بريكست» وظاهرة معاداة السامية «المتجذرة» في الحزب اليساري على حد قول أحدهم. وبهذا الصدد، قالت النائبة لوسيانا بيرغر، وهي نائبة يهودية من تجمع «أصدقاء إسرائيل العماليون» التي بادرت في الانشقاق مع 6 نواب آخرين، إن «القرار كان صعباً ومؤلماً، لكنه ضروري». ورأت أن الحزب أصبح «معاديا للسامية بمؤسساته»، مضيفة أنها باتت «تخجل ومحرَجة» من تمثيلها لحزب العمال، كما أنّها تترك خلفها ثقافة من «التعصب والتخويف». بدوره، اعتبر إيان أوستن، آخر نائب منشق، أنه يشعر «باستياء بالغ للإهانة والحزن اللذين تسبب بهما جيريمي كوربن (زعيم الحزب)، وحزب العمال للشعب اليهودي». وقال إنه «يخجل» من سلوكه تحت قيادة زعيم المعارضة اليسارية. وأضاف النائب الذي تبناه لاجئ يهودي نجا من «الهولوكوست»، لصحيفة محلية، أنه «من المروّع أن تتسبب ثقافة من التطرف ومعاداة السامية واللاتسامح في ابتعاد نواب جيدين، وأشخاص صالحين ممن كرسوا حياتهم للعمل السياسي العام». وتابع أوستن أن «اليسار المتشدد يتولى الآن زمام الحزب، وسيتخلصون من عدد من النواب التقليديين اللائقين. ولا أستطيع أن أرى كيف سيعود إلى الحزب التقليدي الذي فاز في الانتخابات وغيّر البلاد نحو الأفضل». ثم هناك جوان رايان، النائبة المستقيلة، التي كانت ترأس حتى انشقاقها تجمع «أصدقاء إسرائيل العماليون»، إذ قالت بدورها إن الحزب بزعامة كوربن أصبح «مصاباً بآفة العنصرية المعادية لليهود». ويُذكر أن سلسلة الاستقالات الأخيرة جاءت بعد حملة انتقادات يتعرّض لها كوربن على خلفية طريقة معالجته قضية الاتهامات بمعاداة السامية داخل حزب العمال. كما سُلّط الضوء على تصريحات سابقة له أيد فيها حماس و«حزب الله» - الذي تتجه بريطانيا إلى حظره بالكامل -، إذ وصفهما بـ«الأصدقاء»، قبل أن يتراجع عن ذلك عام 2016. في الجانب المقابل من النقاش، يعتبر أعضاء في حزب العمال أن هذه الاتهامات «مبالغ فيها» لأسباب سياسية. وهذا موقف دفع ثمنه النائب كريس ويليامسون، الذي عُلّقت عضويته في الحزب يوم الأربعاء الماضي، ويواجه تحقيقاً رغم تقديمه اعتذاراً علنياً. ويشاطر هذا الرأي مايك كوشمان، المتحدّث باسم «الصوت اليهودي في حزب العمال»، الذي قال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه لا ينفي وجود ظاهرة معاداة السامية داخل حزب العمال، لكنه يشكّك في كونها متفشية بشكل هيكلي وبحجم ضخم. ويضيف كوشمان أن «حزب العمال يواجه مشكلات كبرى، مثل الإسلاموفوبيا والعنصرية ضد السود». وتابع: «جل الأدلة تشير إلى أنه كلما اتّجهنا نحو اليمين (السياسي)، تزايدت معاداة السامية»، متسائلا عن سبب كل هذا الاهتمام في الوقت الذي يواجه حزبه مشكلات كبرى. كوشمان - وهو ناشط يهودي يساري - يُرجع المبالغة في التهم المتعلقة بمعاداة السامية في حزب العمال إلى ثلاثة عوامل رئيسية: الأول، يتعلّق بموقف بعض النواب العماليين في مجلس العموم الرافض لانتخاب كوربن زعيماً للحزب عام 2015، لعدد من الأسباب، أبرزها دعمه لحقوق الفلسطينيين، والثاني هو سياسات حزب المحافظين وحلفائه في الإعلام، التي تقوم على استخدام أي «سلاح متاح» لمهاجمة العمال، والثالث يتعلّق بـ«المدافعين عن جرائم إسرائيل ضد الإنسانية، والذين لا يريدون أن يتزعم منتقد لهذه الجرائم أكبر حزب في أوروبا الغربية». ومن ثم، انتقد كوشمان الخلط بين انتقاد إسرائيل وسياساتها من جهة ومعاداة السامية من جهة أخرى، قائلا إنه لا يقبل فكرة أن «إسرائيل تتحدث باسم يهود العالم. فهي لا تتحدّث باسمي». واعتبر أنه ينبغي تحدّي الخطابات التي تساوي بين الدين اليهودي والصهيونية، لأن هناك فارقاً بين «اليهود والإسرائيليين والصهيونيين». وبينما أكد كوشمان أنه كان نفسه ضحية لمعاداة السامية، رأى أن اتهام شخص زوراً بمعاداة السامية، خاصة إن كان يهوديا، وخاصة إن صدر الاتهام من غير يهودي، «جارح بالقدر نفسه». واعتبر كوشمان أن الخطر «الحقيقي والحالي ضد اليهود في بريطانيا ينبع من (جماعات) اليمين المتطرف، التي تهاجم اليهود كأفراد ويعتدون على ممتلكاتهم». وأضاف أنه مع صعود اليمين المتطرف في هذا البلد «يضع هاجس معاداة السامية في اليسار كل اليهود، بمن فيهم اليهود اليساريون، في خطر أكبر». لا تنفي الامتدادات السياسية الخطر الحقيقي والمتصاعد لمعاداة السامية، إذ إن أحدث إحصاءات وزارة الداخلية البريطانية وجدت أن 52 في المائة من جرائم الكراهية المسجلة من 2017 إلى 2018 استهدفت المسلمين، ثم اليهود الذين استهدفوا بـ12 في المائة من الجرائم. وبدورها، وجدت دراسة نشرت نتائجها صحيفة «الغارديان» مطلع هذا العام أن البريطانيين يقومون بـ170 ألف بحث «معاد للسامية» على محرّك «غوغل» سنوياً، 10 في المائة من هذه الأبحاث تضمّنت عبارات مثل «يجب أن يموت اليهود» و«اقتلوا اليهود»، و«اليهود عنصريون وشريرون». ومع تسجيل ارتفاع في مظاهر العنصرية ضد اليهود من هجمات جسدية إلى تغريدات معادية للسامية بدفع من صعود اليمين المتطرف وارتفاع سلوكيات معادية للسامية في اليسار، يتزايد الخلط بين جرائم الكراهية هذه وانتقاد إسرائيل وسياساتها. وبهذا الصدد، يقول كنعان مالك، الكاتب في صحيفة «الغارديان»، إن «ارتفاع معاداة السامية ترافق مؤخراً بخلط بين مفهوم معاداة الصهيونية من جهة والعنصرية ضد اليهود من جهة أخرى». وبينما يقر كنعان بأن «بعض السلوكيات المعادية لإسرائيل تحمل أحياناً في طياتها معاداة للسامية، لكن ينبغي التمييز بين الحالتين». ويتفق كثيرون مع طرح كنعان، ويعتبرون أن معاداة السامية تعبّر عن السلوكيات والمشاعر العدائية والمتحيزة ضد اليهود. في حين تشير الصهيونية إلى حركة سياسية وآيديولوجية سعت لإنشاء دولة لليهود على أراضي فلسطين التاريخية. وللجدل حول الخلط بين المفهومين تاريخ طويل، خاصة داخل حزب العمال الذي سبق أن علّق عضوية عمدة لندن الأسبق كين ليفينغستون، بعد سلسلة تعليقات عن إسرائيل، منها أن أدولف هتلر «كان مؤيداً للصهيونية قبل الهولوكست»، كما ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية (البي بي سي). ويرفض الداعون إلى عدم الخلط بين انتقاد سياسات الحكومة الإسرائيلية ومعاداة السامية فكرة أن يتم استخدام كلمة «صهيوني» لمهاجمة اليهود ضمنا. كما يشيرون إلى أن الصهيونية مشروع سياسي يدعمه غير اليهود، أبرزهم المسيحيون الإنجيليون. بدورها، وجدت دراسة نشرها «معهد أبحاث السياسة اليهودية» عام 2017، ومقره لندن، أن المشاعر المعادية لإسرائيل والمشاعر المعادية للسامية ليست بالضرورة مترابطة. واكتشفت الدراسة أن «السلوكيات المعادية لإسرائيل ليست، كقاعدة عامة، سلوكيات معادية للسامية». وتوضح أن «غالبية الأشخاص الذين يحملون سلوكيات تعادي إسرائيل ليسوا معادين للسامية»، مستدركة أن «هناك في الوقت نفسه أقلية كبيرة من الأشخاص الذين يحملون مشاعر معادية لإسرائيل ومعادية للسامية».

فرنسا: قلق في بعض الأوساط من الانزلاق إلى الخلط بين الظاهرتين

الشرق الاوسط...باريس: ميشال أبو نجم.. كان ذلك مساء الأربعاء 20 فبراير (شباط) المنصرم بمناسبة العشاء السنوي للمجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا بالبهو الكبير لمتحف اللوفر. وككل عام، دعا المجلس المذكور الرؤساء الفرنسيين الأربعة (الجمهورية، والحكومة، والنواب والشيوخ) والوزراء وعددا كبير من النواب ورؤساء الأحزاب. لكن الأنظار كانت كلها متجهة إلى الرئيس إيمانويل ماكرون للتعرّف على ما سيقوله بهذه المناسبة، التي تأتي بعد سلسلة من الأعمال المعادية للسامية التي شهدتها فرنسا في الأسابيع الأخيرة، وشملت تدنيس مقابر ورسم الصليب المعقوف على مواقع يهودية وكتابات على الجدران والمحلات وشتم المفكر الفرنسي اليهودي من أصول بولندية ألان فينكلكروت بمناسبة مسيرة لـ«السترات الصفراء» قريبا من ساحة مونبارناس. وفي الليلة السابقة وبناء على دعوة من الحزب الاشتراكي، وموافقة كل الأحزاب باستثناء الحزبين المذكورين سابقاً، تجمع آلاف من الفرنسيين بحضور رئيس الحكومة إدوار فيليب ومجموعة كبيرة من الوزراء في ساحة لا ريبوبليك (الجمهورية)، الواقعة وسط باريس، للتنديد بالأعمال المعادية للسامية ومطالبة الدولة بالتحرك والمواجهة. لكن ما كان ينتظره مدعوو عشاء اللوفر هو معرفة ما إذا كان الرئيس ماكرون سيتبنّى مطالب أقطاب الجالية اليهودية، الذين ما فتئوا يدفعون باتجاه أن تخطو فرنسا خطوة جديدة في محاربة معاداة السامية من خلال تبنّي تعريف لها يجعل من معادة الصهيونية شكلاً من أشكال معاداة السامية، علما بأن هناك قوانين فرنسية مطبقة تجرم معاداة السامية وتنزل العقاب بمرتكبها. عندما صعد ماكرون إلى المنصة ليلقي كلمته وعلى سترته شارة مرسوم عليها نجمة داود بيضاء، بدأ بتعداد ضحايا معاداة السامية واحدا بعد الآخر، ومشددا على أن فرنسا حالها في ذلك حال كثير من الديمقراطيات الغربية، تواجه «تصاعدا للأعمال المعادية للسامية بشكل غير مسبوق» منذ الحرب العالمية الثانية. إلا أنه سريعا جدا، ذهب من باب تسمية الأمور بأسمائها، إلى التساؤل: «من لا يرى أن معاداة السامية تختبئ أكثر فأكثر تحت قناع معاداة الصهيونية؟». مضيفاً أن هذه الأخيرة هي «أحد الأشكال الحديثة لمعاداة السامية». وأردف ماكرون قائلا: «لهذه الأسباب، أؤكد أن فرنسا ستعمد إلى وضع موضع التنفيذ تعريف اللاسامية الذي تبنّاه التحالف الدولي لذاكرة المحرقة (الهولوكوست)». وينص التعريف المذكور على أنه من العداء للسامية تحميل اليهود جماعياً المسؤولية عن أعمال وسياسات إسرائيل أو إنكار حق اليهودي في تقرير المصير أي إقامة الدولة اليهودية. إلا أن الرئيس الفرنسي استدرك بالقول إن المطلوب «ليس تعديل القانون الجنائي أو منع انتقاد السياسة الإسرائيلية ولا التدخل في الشؤون السياسية الدولية، وسياسة فرنسا تعرفونها... المطلوب هو توضيح وتشديد عمل القوى الأمنية والقضاء والمدرّسين بما يتيح لهم مناهضة مَن يتسترون وراء رفض السياسة الإسرائيلية لنفي حق إسرائيل بالوجود». وهذا ما يصفه ماكرون بأنه «الحقد البدائي» إزاء اليهود. وفي السياق عينه، يريد ماكرون مناهضة مقاطعة إسرائيل والحركة الدولية المعروفة بـ«BDS «(أي المقاطعة وحجب الاستثمارات وفرض العقوبات). تعكس كلمات ومقترحات ماكرون السياق الخاص لخطابه. وهذه ليست المرة الأولى التي يعتبر فيها أن معاداة الصهيونية قناع لمعاداة السامية. لكن هذه المرة قرن القول بالفعل من جهة، وكشف عن مجموعة إجراءات، منها استصدار قانون يجرّم بث الكراهية على شبكة الإنترنت، وحلّ عدد من الجماعات اليمينية المتطرفة التي عدّد منها ثلاثة، وأخيرا إجراء تحقيق حول المدارس التي يتعرض فيها التلامذة اليهود للمضايقات، وبالتالي، يُجبرون على تغيير أماكن سكنهم. حقيقة الأمر أن معاداة السامية ليست جديدة في فرنسا، لا بل إن الفرنسيين ما زالوا يشعرون بتأنيب الضمير بسبب الدور الذي لعبته حكومة المارشال فيليب بيتان أيام الحرب العالمية الثانية في التعاون مع السلطات الألمانية على اضطهاد اليهود وإرسالهم إلى معتقلات الموت. وتاريخيا، تعرف فرنسا نوعين من معاداة السامية: الأول، يصدر عن اليمين المتطرف الذي يرى في اليهودي نقيض الأمة. وكان جان ماري لوبن، الرئيس السابق لحزب «الجبهة الوطنية» - ووالد مارين لوبن، المرشحة السابقة لرئاسة الجمهورية - الممثل «الرسمي» لهذا التيار. وأشهر مواقفه اعتباره أن محرقة اليهود «تفصيل من تفاصيل» الحرب العالمية الثانية. والنوع الثاني هو اليسار الماركسي المتشدّد، صاحب نظرية صراع الطبقات والحرب على رأس المال وعلى من يتحكّم به. إلا أن فرنسا تعرف، وفق الرئيس الفرنسي نوعاً ثالثاً (إسلامويا) من معاداة السامية، وقد جاء عليه في خطابه المذكور بقوله «علينا أن نواجه الحقيقة كما هي (من غير مواربة)، نعم، إلى جانب معاداة السامية التقليدية، تنتشر اليوم معاداة للسامية عمادها الإسلاموية المتطرفة، وهذه الآيديولوجيا تنخر بعض أحيائنا (في الضواحي) إلى درجة أنها تتسبب في هجرات داخلية». والمقصود بذلك اليهود. لا شك أن ما قاله ماكرون وما يسعى للقيام به يرضي فريقاً من الفرنسيين، لكنه يثير غيظ فريق آخر، الذي يرى في الخلط بين معاداة السامية ومعاداة الصهيونية منزلقاً خطيراً رغم توضيحاته غير الكافية. وفي أي حال، ليس ماكرون وحيداً في هذا التوجه. فرئيس الحكومة الأسبق مانويل فالس سبقه إليه، كما أن اليمين المتطرف الباحث عن ذريعة جديدة يرمي المسؤولية على الإسلاميين وعلى الضواحي التي يسكنها المهاجرون. ومع كل عمل جديد معاد للسامية ستكبر الموجة، وربما ستجرف السدود التي ما زالت ترفض هذا النوع من الخلط الخطير.

اليمين المتطرف المسؤول الرئيسي عن تزايد الإعتداءات ضد اليهود

الشرق الاوسط...برلين: راغدة بهنام.. في ألمانيا تزايدت في الآونة الأخيرة الاعتداءات المصنفة ضد السامية، وفي العام الماضي وحده سجلت السلطات الألمانية 1646 اعتداءً في أنحاء البلاد مقارنة بـ1504 اعتداءات من هذا النوع في العام الذي سبقه. وفي حين ينحصر عادة خطاب معاداة السامية في ألمانيا في صفوف اليمين المتطرف، فإنه أخذ خلال السنوات الأخيرة يتوسع أكثر، ولكن ليس في صفوف الأحزاب السياسية، بل في الشارع. فمنذ موجة اللاجئين الكبيرة عام 2015، وتزايد أعداد العرب بشكل كبير، تسجل السلطات حوادث متزايدة مرتبطة بالعداء للسامية ومرتبطة بشكل كبير بالعداء لإسرائيل. ولقد دفعت اعتداءات على يهود في الشوارع وبين الطلاب في المدارس في الأشهر الأخيرة، المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى التدخل والإعلان أن ألمانيا لا تتسامح مع هذه اعتداءات ولا تقبلها. وربطت ميركل بين اختيار البقاء في ألمانيا بتقبل التعايش مع اليهود. مع هذا، يبقى اليمين المتطرف المحرّك الرئيسي لخطاب معاداة السامية، الذي يبقى بدوره محدوداً بسبب المحاذير القانونية التي أدخلت في ألمانيا بعد «المحرقة النازية» (الهولوكوست). وقبل عامين تسبب حزب «البديل لألمانيا» في جدل كبير وانتقادات من كل الأطراف السياسية، عندما وصف أحد قادته نصب «الهولوكوست» التذكاري بوسط برلين بأنه «نصب العار»، ودعا الألمان إلى «مقاربة أكثر إيجابية» مع تاريخهم. ولكن، بسبب المحاذير القانونية، عدّل اليمين المتطرف خطابه في السنوات الأخيرة، وتحوّل من التحريض على اليهود إلى التحريض على المسلمين والعرب. وترفض الحكومة الإسرائيلية أي علاقة بحزب «البديل لألمانيا» على الرغم أنه أكبر كتلة معارضة في البرلمان الذي دخله للمرة الأولى في الانتخابات الأخيرة عام 2017.

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,624,072

عدد الزوار: 6,904,543

المتواجدون الآن: 103