.بندر بن سلطان في آخر حلقات كشف الأسرار: القذافي عرض عليّ تجنيد خلايا سرية لتغيير الحكم في الخليج

تاريخ الإضافة الخميس 28 شباط 2019 - 7:12 ص    عدد الزيارات 1525    التعليقات 0

        

الراي....بندر بن سلطان في آخر حلقات كشف الأسرار: القذافي عرض عليّ تجنيد خلايا سرية لتغيير الحكم في الخليج..

الهاجس الأول لدى الملك فهد كان في كيفية تطوير سلاح الجو السعودي والدفاعات العسكرية ..

تنامى التفكير بقوة الردع بعد حرب المدن إبان الحرب العراقية - الإيرانية وتحديداً في العام ...1984

ريغان أبلغ الملك فهد أن الكونغرس لن يوافق على تزويد السعودية بصواريخ بيرشينغ وطائرات ..F15 E

تاتشر وافقت فوراً على صفقة أسلحة تشمل 48 من طائرات «التورنيدو» القاذفة..

بعد اجتماعنا مع الصينيين في باكستان أبلغت شولتز أننا سنعرض عليهم شراء كل السلاح الذي تريد إيران شراءه

إبلاغ الأميركيين بالتفاصيل جعل موضوع الصواريخ الصينية يمر بسلاسة لكن الأمور تغيّرت بعد التقاط صور لها أثناء نقلها للمخابئ

شولتز غضب مني ومنعني لفترة من حضور الفعاليات الرسمية ودخول الدوائر الحكومية

قلت للقذافي: مرحباً فخامة الرئيس... فرد: أنا ماني رئيس... أنا قائد الثورة!

الزعيم الليبي قال لي:أنت وليد الاستعمار...

فرددت عليه: نعم الاستعمار متطور ولديه إمكانيات

سألت القذافي: أين كنت في 1968؟ قال في بريطانيا...

فرددت: بلد الاستعمار؟

الزعيم الليبي اعتبر أن تحرير فلسطين وإنهاء الاستعمار يمر عبر تغيير الأنظمة العربية

عندي 5 أشخاص أثق فيهم ... أولاً فهد بن عبدالعزيز ثانياً عبدالله بن عبدالعزيز ثالثاً سلطان بن عبدالعزيز رابعاً نايف بن عبدالعزيز خامساً سلمان بن عبدالعزيز

واصل رئيس الاستخبارات السعودية أمين عام مجلس الأمن الوطني سابقاً سفير الرياض الأشهر والأطول مدة زمنية في واشنطن الأمير بندر بن سلطان كشف الأسرار، في الحلقة الخامسة والأخيرة من حواره مع «اندبندنت عربية»، فتحدث عن تفاصيل شراء السعودية للصواريخ الصينية، وعرّج على قضية لوكيربي في ليبيا، وأماط اللثام عن فحوى حديث دار بينه وبين الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي الذي عرض عليه تجنيد أشخاص لتغيير الحكم في الخليج.

تطوير سلاح الجو والدفاعات

يقول الأمير بندر إن الهاجس الأول لدى الملك فهد بن عبدالعزيز، كان في كيفية تطوير سلاح الجو السعودي والدفاعات العسكرية، وتنامى التفكير بعد ما عرف بحرب المدن إبان الحرب العراقية - الإيرانية وتحديداً في العام 1984، فقد كان العراقيون يستهدفون طهران بالصواريخ والإيرانيون يستهدفون بغداد كذلك. وبما أن لدى الطرفين قدرة على الوصول إلى العواصم، فإن ذلك يعني أن الرياض قد تكون هدفاً لأي اعتداء، ومعها بقية مدن المملكة.

يقول الأمير: «كانت للملك فهد نظرة، وقال إذا كان الإيرانيون والعراقيون يضربون عواصم بعضهم فإن ذلك يشكل تهديداً ليس على الرياض فحسب بل على الظهران وبقيق والدمام، ولذا يجب وجود قوة ردع. وهذه القوة إما صواريخ أرض - أرض يكون مداها يصل للأهداف المعادية أو المحتمل بأنها معادية، أو طائرات قاذفة لمدى بعيد قادرة على التزود بالوقود وقادرة على حمل أحمال ثقيلة، وكنا وقتها اشترينا طائرة F15-A وهي طائرة اعتراض، و كنا نريد الـ F15 E (سترايك إيغل) وهي بعيدة المدى وحمولتها كبيرة وبها إمكانية التزود بالوقود في الجو، وإذا حصلنا عليها نريد ما يعوض الـ أف 5، وهي طائرة خفيفة ومتوسطة الحجم، وكنا نريد صواريخ بيرشينغ الأميركية، وهي نوعان: أحدهما برؤوس نووية والآخر برأس تقليدي، والتي كانت أحد مواضيع الخلاف بين السوفيات والأميركيين في عهد الرئيس رونالد ريغان، وكان الخلاف هل يسمح للأميركان بوضعها في أوروبا أم لا؟».

انتهز الملك فهد فرصة لقائه واجتماعه بالرئيس الأميركي رونالد ريغان أثناء زيارته في فبراير 1985 والتي سبق الحديث عنها. يقول الأمير بندر إن الملك فهد قال لريغان: «يا فخامة الرئيس أريد أن أبحث معك موضوع تسليح المملكة، أنتم تعرفون الذي يحدث بين العراق وإيران ومنابع البترول قريبة من تلك المنطقة، ونرغب بأن يكون تسليحنا الاستراتيجي من عندكم وهو يعتمد على شيئين: صواريخ بيرشينغ وطائرات الـ F15 E، أو أحدهما. قال ريغان أنا أؤيدك لكن يجب أن أكون صريحاً معك، الكونغرس لن يوافق. وتابع ريغان قائلاً: حاولت أن أستطلع الآراء ووجدت أنه لن يكون هناك تأييد، وإذا أردت فسأجرب. قال الملك لا، لا نرضى أن تخسر أمام الكونغرس بسببنا».

لكن موضوع الرفض الأميركي على الموافقة لبيع صواريخ البيرشنغ أو الـF15 E فتح باب التفكير في بدائل فورية. وكان الملك سيتجه من واشنطن إلى ماربيا لقضاء إجازة، فيما كنت (الأمير بندر) أنوي التوجه إلى مزرعتي في أسبن لقضاء بعض الوقت، لكن الملك طلب فجأة مني أن أذهب معه في الطائرة، وأرسل طائرته إلى نيس في فرنسا، تمهيداً لإرسالي في مهمة جديدة.

يقول الأمير: «فجأة سألني الملك: ما هي الدول الأوروبية التي تملك صواريخ أرض - أرض تصل إلى طهران؟ قلت له لا يوجد، وها هي أميركا سترسل صواريخ البيرشنغ إلى دول الناتو وهذا دليل على أن أحداً لا يمتلك صواريخ أرض - أرض طويلة المدى. ثم رد الملك فهد: لكن فرنسا لديها؟! قلت نعم، لديها صواريخ اسمها (بلوتو) لكنه صاروخ برأس نووي وقصير المدى، لأن الاتحاد السوفياتي قرب حدودهم، وفلسفة شارل ديغول حين أصر على إنشاء قوة ذرية خارج إطار الناتو، هي أن يقول للاتحاد السوفياتي (لا تأتوني لأنني متأكد أنكم ستدمرون فرنسا كلها، لكن تأكدوا أن صواريخي ستصل إلى جميع مدنكم المحيطة)».

ثم سألني الملك عن بريطانيا، وأجبته «بأن صواريخها بعيدة المدى وبرؤوس نووية … ثم قلت له: لا يوجد إلا الصين وروسيا... الصين لا علاقات ديبلوماسية معها، والعلاقة مقطوعة مع روسيا منذ الثلاثينات».

بدء التفكير بالصين

توقف الأمير عن سرد قصة الحوار بينه وبين الملك فهد في غرفة الملك في الطائرة، ليقول إن هناك إشكالاً تنبهت له السعودية، وهو كيف تقيم علاقة مع تايوان من دون الصين، فالمملكة كانت تعترف بتايوان ولا علاقات رسمية بينها وبين الصين… ويكمل: «صمت الملك قليلاً ثم قال: روسيا لا... لا يستطيع ريغان أن يتقبل هذا الموضوع، لكن الصين ممكن... اتصل بالسفير الصيني في واشنطن وادعه إلى منزلك، واخرجوا إلى الحديقة، لا تجلسوا في البيت، واطلب منه إيصال رسالة للقيادة الصينية بأن السعودية تريد شراء صواريخ أرض - أرض، وإذا كانت لديهم القدرة على ذلك، أنا مستعد لإرسالك إليهم للمقابلة والتفاهم... ثم سألني الملك عن الطائرات، فقلت له الـ F15E هي الأفضل. ودار حديث بيني وبينه عن الطائرات القاذفة وقلت له لا يوجد أفضل من الـ E، وأكد الملك حديثي وأخبرني عن شكوى لأنور السادات من طائرات الميغ. وأتذكر أنه خلال الاستعداد لحرب 1973 حين طرت بطائرة الميغ لم أصدق أنني هبطت... بعدها فكر الملك، وقال: ما البديل؟ قلت له هناك التورنيدو البريطانية وهي الأقرب، وهنالك نوعان الدفاعية والهجومية. وأعطيته أوصافها!».

كانت العلاقات بين السعودية ومصر مقطوعة منذ عام 1979، وتحديداً بعد توقيع الرئيس الراحل أنور السادات اتفاقية السلام وزيارته إسرائيل. ومنذ تولى الملك فهد مقاليد الحكم، كان يفكر بإعادتها وينتظر الوقت المناسب. قبل أن يرسل الأمير بندر إلى الصين، طلب منه التوجه إلى القاهرة لمقابلة الرئيس حسني مبارك. وذهب الأمير إلى مطار عسكري في القاهرة، ثم إلى بيت يسكنه الرئيس السابق مبارك حيث تم ترتيب الزيارة عبر مستشار الرئيس الديبلوماسي أسامة الباز.

التورنيدو

كان الملك فهد يريد أن يزور الأمير بندر أكثر من دولة، وكلفه بمهام لكل بلد يزوره. يكمل بندر بن سلطان سارداً القصة: «وبالعودة لموضوع الصواريخ الصينية، كانت خطة الملك فهد أن أزور الأردن وأخبر الملك حسين بنتائج لقائه مع ريغان ومحادثاتنا بشأن القضية الفلسطينية، ثم أذهب إلى مصر ثم العراق وأخبر صدام حسين بتلك النتائج، ثم بريطانيا وألتقي برئيسة الوزراء مارغريت تاتشر، وأسألها إن كان لديها استعداد لبيع التورنيدو القاذفة - قلت له سيدي من الأسهل أن أذهب من نيس إلى لندن مباشرة. قال لي لا، أريد أن يكون الانطباع أن نخبر الأشقاء العرب بما حدث من مباحثات». ويشرح الأمير، الفرق بين المباحثات في ما يتعلق بصفقات الأسلحة ما بين الولايات المتحدة وبريطانيا بقوله: «في بريطانيا الوضع يختلف عن أميركا، إذا وافقت الحكومة على موضوع صفقة الطائرات، فالبرلمان يأتي في المرحلة الثانية للبحث. أما في واشنطن فالعكس هو الصحيح، الكونغرس صاحب القرار. وحين تحدثت مع تاتشر وافقت مباشرة، وسألتني كم العدد؟ قلت إننا نحتاج 48 طائرة. فوافقت فوراً، وقالت لكن نحتاج كذا وكذا، وكانت تشير لبعض الإجراءات، فوافقت بدوري».

اجتماع باكستان وزيارة الصين

عاد الأمير بعد الجولة على الدول العربية ثم زيارة لندن، إلى واشنطن، لينفذ أمر الملك فهد بلقاء السفير الصيني. التقى به كما أمره الملك، في حديقة منزل السفير السعودي، وأخبره ما تنوي السعودية فعله ورغبتها. يقول بندر بن سلطان: «لم يعطني إجابة سلبا أو إيجاباً»، ثم بعد 3 أسابيع اتصل بي والتقينا، واتفقنا على عقد اجتماع في باكستان، تحت غطاء مناقشة تطوير أسواق للبتروكيماويات. وحين جلس الوفدان، لم يكن الوفد السعودي يعرف السبب الحقيقي للزيارة، ومن الجانب الصيني مسؤول واحد لديه علم بالموضوع، وهو الذي سيبحث كيف يمكن بدء العلاقات وكذلك موضوع الصواريخ. ويكمل الأمير: «خرجنا أنا والمسؤول الصيني للنقاش، والذي عبّر عن استعدادهم لبحث الموضوع لكن من دون تقديم ضمانات! فقلت بدوري ونحن أيضا على استعداد للبحث، حتى لو أردتم أن آتيكم إلى بكين، لكن من دون التزام، قال إذا اتفقنا». يقول الأمير بندر، إن المسؤول الصيني سأله كيف سيقوم بزيارة بكين دون وجود علاقات، فأجاب: «قلت له نكمل الرواية، قصة البتروكيماويات، وسنذهب إلى هونغ كونغ ثم بكين، وأطلب زيارة مصانعكم». هناك قصة شهيرة، سبق أن ذكرها الأمير بندر بن سلطان، وهي أن الملك فهد قال له بأن يخبر الأميركان بالنية لشراء صواريخ أرض - أرض من الصين، ولا يكذب عليهم. ويروي الأمير تفاصيلها: «عند عودتي لواشنطن ذهبت لرؤية وزير الخارجية الأميركي جورج شولتز، وقلت بأنني أحمل رسالة سرية للغاية من الملك لريغان، والرسالة للرئيس ونائب الرئيس ولك فقط، ومفادها أن الملك قرر أن أزور الصين، وتعرف أن المنطقة لا يمكن أن تتحمل هذه الحرب بين العراق وإيران للأبد، وسنذهب للصينيين ونعرض عليهم أمراً لا يمكن رفضه. قال شولتز ماهو؟ فأجبته سنقول لهم بأننا سنشتري كل السلاح الذي تريد إيران شراءه منكم. فقال: ماذا ستفعلون به؟ أنتم لا تستخدمون سلاحاً شرقياً؟! قلت له، صحيح، سنعطيه لصدام للقتال به. قال فكرة هائلة. هنا قلت له: أنا أخبركم بذلك، كي تقولوا في حال تسرب الخبر بأننا ذهبنا لصفقة بتروكيماويات وغيرها. قال شولتز، لا عليك سأتدبر الأمر وأتصرف وأتحمل المسؤولية».

الوفد الإيراني

وضع الأمير الكرة في ملعب وزير الخارجية الأميركي، فقد أخبره بنية الذهاب للصين وبشراء أسلحة. ويكمل: «ذهبنا إلى الصين، وكانت الرحلة غريبة، حين وصلنا أخذونا من المطار وانتقلنا إلى السكن بسيارات ستائرها مقفلة، وفي فلل الضيافة الصغيرة، في المجمع الكبير، طلب منا الصينيون عدم فتح الستائر»، لكننا اكتشفنا أن هناك وفداً إيرانياً موجود في الفلل المجاورة لنا للتفاوض على شراء أسلحة، «هذه مشيئة القدر فعلاً... ومن مصنع إلى آخر، تعب وإرهاق. في اليوم الثالث جاؤوا وأخذوني بمفردي إلى نائب رئيس الوزراء، وبعد المجاملات طرحت عليه ما قلته للسفير حرفياً. قال هل هناك شيء آخر؟ قلت له نعم نحن على استعداد لشراء أي سلاح تشتريه إيران، ونقداً، ومقدماً». إثر ذلك، جرت نقاشات بشأن موضوع العلاقات مع تايوان، وكيف يمكن القيام بصفقة الصواريخ من دون وجود علاقات رسمية. يقول الأمير بندر عن المحصلة: «قال لي نائب رئيس الوزراء: القيادة يا بندر لم توافق، لم أرد على كلامه. ثم أتبعها… ولكن السيد تشاو بينغ صوّت بمعادلة جيدة لأنها في مصلحة الطرفين. اضمنوا توقيع اتفاقية تبادل مكاتب تجارية بأسرع وقت، وأرسلوا لنا وفداً عسكرياً بملابس مدنية، ليرى المواصفات والتفاصيل. وبعد سنة نأمل ألا تخيبوا أملنا ثم أكمل: غداً نأخذكم إلى العاصمة السابقة شيان التي فيها المقبرة الملكية وغيرها. قلت شكراً أريد أن أعود غداً. قال لا أفضل أن تزور شيان». يقول الأمير إن بقاءه كان مهماً، لكنه لم يكن يعرف ذلك. يكمل: «وصلنا في اليوم الثاني بعد المساء، وبسيارات بستائر أيضاً، ثم عبرنا بهواً وخرجنا منه إلى السكن، وبعد الفجر أيقظونا وقطعنا مسافة بعيدة ثم دخلنا قاعدة عسكرية، وإذا بمستودع كبير، كبير جداً فتحوا بابه، وحين دخلنا صافح الضباط وشاهدت الصاروخ وذهلت. وقلت أين يمكن أن نضع هذا الصاروخ؟ ثم التفت وقلت له: أمتأكد أن مدى هذا الصاورخ 1000 كم فقط؟ قال اسأل العسكريين…».

قصة الأقمار الاصطناعية

عاد الأمير إلى المملكة، وأخبر الملك فهد، وسُر الملك بالتفاصيل، لكن الأمير قال: «سيدي، الصاروخ أطول من مجلسكم هذا 6-7 مرات، ويحتاج مخابئ وبناء وليس بالشيء السهل...ثم أمرني أن أتصرف». حيرة جديدة للأمير بندر، فالأقمار الاصطناعية ستلتقط الصاروخ، ويحتاج لمخابئ ومخازن ببناء مسلح. يحكي هذه القصة أيضاً ويقول: «عدت لواشنطن وأخبرت الوزير شولتز وقلت له الصينيون وافقوا ولن يبيعوا أسلحة لإيران، لكن عندنا مشكلة وجلالة الملك يريد أخذ رأي الأصدقاء في واشنطن. كنت أفكر في التمهيد لبناء المخابئ، فقلت لشولتز: مخازن ذخائر القوات المسلحة جميعها في الخرج - قرب الرياض، تبعد عنها 100 كلم - وقد يحاول شخص مجنون التعرض لهذه الذخيرة، الملك يفكر بنقلها كلها بعيداً عن العاصمة، قال شولتز هذه فكرة جيدة. وقلت له سأقترح على جلالة الملك أن نعطي عقد المقاولات للصين، حتى نضمن عدم تسليحهالإيران أيضاً. وحين أيد شولتز الفكرة قلت له: إذا سأبدأ بالتنفيذ، ولكن هناك إشكالية، وهي أن المنفذين الصينيين سيأتون للسعودية عبر باكستان. وكنت بحديثي، أمهد لكل شيء. وكان شولتز يؤيد كل ما أقول». لا يمكن نقل الصواريخ بالطائرات، والميناء الذي يمكن من خلاله استقبالها يقع قرب مدينة رابغ غرب السعودية. ويكمل الأمير بندر عن إيصال الصواريخ: «إذا كان الميناء جاهزاً، تصل الصواريخ إليه، لكن كيف ننقلها لمخابئها؟ اتفقت أنا والمسؤولون العسكريون على أن نلصق إعلانات لقوارير مياه باردة ومشروبات باردة أو ما شابه على شاحنات، كنوع من التمويه، فتبدو وكأنها شاحنات لنقل بضائع. وحين تصل السفينة ننقل ما بداخلها إلى الشاحنات، وتتحرك في المساء، وحين تريد التوقف، تتوقف تحت أقرب جسر».

يقول الأمير، إن نصيحة الملك فهد الأولى أنقذته، وجعلت موضوع الصواريخ الصينية يمر بسلاسة عند المسؤولين الأميركيين، لكن المشكلة التي طرأت تمثلت بأن الأقمار الاصطناعية التقطت صوراً للصواريخ أثناء نقلها إلى المخابئ، وعرفت الاستخبارات الأميركية بأمرها. كان الجانب الأميركي يتوقع أن الأسلحة هي تلك التي اشترتها السعودية لمنع حصول إيران عليها، وكل ما اتصل بهم ضباط الاستخبارات لإخبارهم قالوا إن لديهم علماً، لكن التغير حدث بشكل دراماتيكي، بعدما اتصل مسؤول أميركي بالأمير بندر وطلب لقاءه، ثم عرض عليه صوراً لصاروخ «c3 رياح الشرق» أثناء نقله.

اكتشفت واشنطن أن بندر بن سلطان قد حصل على ما يريد، وأنه خدعهم في الوقت ذاته. قال المسؤول للأمير: «هناك رسالة من شولتز، قل لبندر إنه كذب عليّ وكذب على الولايات المتحدة وهذا عمل خطير، وأنا كوزير خارجية أميركي أحظر عليه الذهاب لأي جهة حكومية إلا بعد أخذ الإذن مني ولن أعطيه». لم يستسلم الأمير حسب قوله ورد: «قلت له أنقل له التحيات، وقل له إنني أتحداه عليه أن يعود إلى المحاضر، ويجد أنني قلت له سنشتري سلاحاً من الصين للعراقيين. وإذا كان ما يقوله صحيحاً، قد يكون هذا صحيحاً، لأن السعودية لديها رد فعل من منع الولايات المتحدة بيع صواريخ بيرشنغ لنا، ويستطيع شولتز العودة لمحاضر الاجتماعات وسيجد أنني قلت له إننا سنستعين بالصينيين لبناء مخابئ للذخيرة، ولم أكذب عليه، ثم قال لي: أنت ثعلب فعلاً، لكن الوزير غاضب. قلت له اشكر الوزير وأنا غداً سأذهب لمزرعتي في أسبن، وسأبقى هناك لأسبوعين أو ثلاثة، وإذا لم يتصل بي أحد ويخبرني أنه رفع عني هذا القرار سأذهب لإنكلترا أو جنوب فرنسا». منعت الخارجية الأميركية فعلاً الأمير بندر من حضور الفعاليات الرسمية ودخول الدوائر الحكومية، لكن هذا المنع تم من قبل الوزير شولتز كرد فعل غاضب، ثم رفعه الرئيس ريغان بعد معرفته به ووبخ شولتز.

لوكربي والقذافي

في محور آخر من المقابلة، تطرق الأمير بندر عن قضية لوكيربي الشهيرة وعن لقاءاته بالقذافي، قائلاً عن بداية القصة: «اتصل بي الملك عبدالله حين كان ولياً للعهد، وكان الملك فهد يمر بوعكة صحية، وقال لي إن أمراً غريباً حدث، حين كان في القمة العربية في مصر، جاء رئيس المراسم الليبي وأبلغ رئيس المراسم السعودي أن القذافي يريد لقاء أحد المسؤولين السعوديين، فرد الملك عبدالله وقال له هل يريد أن يلتقي بالأمير سعود الفيصل وزير الخارجية؟ قال لا … دعه يرسل لي سفيرهم في واشنطن الأمير بندر. اتصل بي الديوان وطلب مني العودة عاجلاً، حيث التقيت بولي العهد، وسألني هل اتصل بك أحد من ليبيا؟ قلت لا... قال ستلتقي بمعمر القذافي، فضحكت وقلت الله يبشرك بالخير سيدي، لكن هذه لا تأتي منك. ثم عدت وقلت إن هناك حظراً جوياً بسبب حادثة لوكربي (هي حادثة تفجير طائرة ركاب أميركية أثناء تحليقها فوق قرية لوكربي في اسكتلندا العام 1988، وقد اتهمت أميركا وبريطانيا ليبيا القذافي بتدبيرها)، قال لي إن هناك اتفاقاً بأن تنزل الطائرة في قرية جربة التونسية وهناك تنتقل عبر الحدود إلى ليبيا. قلت بأمرك وذهبت وتوقعت أن المسافة بين جربة وطرابلس ساعة أو ساعتين، لكن المسافة كانت 7 ساعات».

وتحدث الأمير بندر عن تفاصيل الرحلة المنهكة والمواقف الغريبة التي تعرض لها في ليبيا، وصولاً إلى سرت حيث التقى القذافي.

ويقول: «دخلنا معسكر الكتيبة، ومن نقطة تفتيش عسكرية لأخرى، حتى وصلنا… وقالوا لي تفضل. نزلت ونزل معي مساعدي في السفارة رحاب مسعود، والبقية قالوا لهم بأن يجلسوا في الحافلة ومنعوهم من النزول. دخلت الفيلا الرئاسية وبعد قليل دخل القذافي وكان يرتدي بزة مثل حراسه ومعمم بلثام، وبعد أن رحب بنا قلت له مرحباً فخامة الرئيس...قال: أنا ماني رئيس… أنا قائد الثورة! ونحن بلد لا يوجد فيه زعيم أو رئيس، كل الشعب واحد».

يكمل الأمير بندر بعد أن ضحك بسبب طريقة القذافي: «قلت له إذا أخي القائد تحية طيبة وصافحته، ثم جلس، ونظر إلي وهو ملثم، ثم قال: لم أنت هنا؟ قلت له أخي القائد عندي إجازة وقلت أمر لأرى ليبيا لم أرها في حياتي، ثم قال: أولست أنت السفير السعودي في واشنطن؟ قلت نعم، ثم أردف، ومن واشنطن جئتني هنا؟ قلت له لا جئتك من الرياض حسب طلبك من الأمير عبدالله. ثم قال القذافي: نعم نعم تذكرت، ثم سأل عن رحاب مسعود: هذا من؟ قلت له مساعدي. وبعد برهة قال: أنتم ملكية، لا يوجد عندكم ديموقراطية، لكن حتى الديموقراطية سيئة، هناك طريق ثالث صحيح، وحتى توني بلير رئيس وزراء بريطانيا يتبعه الآن. لم يكمل إجابته. ثم قلت له: أنتم لديكم ديموقراطية ومساواة فعلاً؟ قال نعم، قلت كيف إذاً منعوا الوفد الذي معي في النزول من الحافلة؟ استغرب القذافي من الإجابة، ثم وقف ورن الجرس مرة مرتين دون رد، فقام بفتح الباب وصرخ حتى جاء ضابط وقال له لماذا منعتموهم هل فعلاً منعتموهم؟ ثم ضرب القائد على صدره، وقام الضابط ورد الضربة بضربة أخرى على صدر القذافي، وتعجبت أنا مما يحدث أمامي». كان لدى القذافي حديث يريد أن يستطرد به، لكنه يريد جس نبض الأمير، وحين تحدث بما يريد شك الأمير إن كان القذافي في وعيه أم أنه يسخر ويكمل: «سألني: قال أنت أين تعلمت؟ أجبته في السعودية، ثم كلية الطيران في بريطانيا ثم دورات عسكرية متقدمة في أميركا، وكعادة القذافي، رد عليّ وقال: اها، يعني أنت وليد الاستعمار. قلت له نعم الاستعمار متطور ولديه إمكانيات. (وقبل التوجه إلى ليبيا أخذت كل المعلومات التي ممكن أن آخذها عن شخص القذافي وعن ليبيا، ولاحظت أنه في العام 1968 كان القذافي في دورة في بريطانيا وهو ضابط، وأنا تخرجت في العام 1969، أي أنه في هذا العام كنا جميعاً في بريطانيا). رددت عليه: الأخ القائد أنا تخرجت العام 1969 وأنا كنت هناك - في الكلية - منذ العام 1965 م، ثم سألته: أين كنت أنت في العام 1968 الأخ القائد؟ قال في بريطانيا، ورددت بقولي: أها بلد الاستعمار؟ قال يبدو عليك أنك ذكي، من هو الأقرب لك أو لقلبك. الرئيس عبدالناصر أو الرئيس بوش. قلت بوش انتهت رئاسته، وأعرفه، عبدالناصر لا أعرفه. ثم سأل: أيهما أقرب لقلبك ليبيا والشعب الليبي أو الاستعمار؟ قلت أكيد الشعب الليبي. ثم أماط اللثام وقال بزفرة اييييه، اترك موضوع لوكربي جانباً».

التخطيط لقلب الأنظمة

أعجبت إجابات الأمير بندر، القذافي، وفي لحظة مفاجئة عرض عليه أمراً غريباً يرويه الأمير، الذي ينقل عن القذافي قوله: «في الحقيقة، طرأت على بالي فكرة، أنت تعرف ما دام القادة العرب الموجودون الآن (على كراسيهم)، فلن تتحرر فلسطين، والاستعمار سيظل. لم أرد عليه، ثم قال: ولهذا نحتاج لأشخاص مثلك، وأنا مستعد أن أحتضنهم وأدربهم ونعمل خلايا سرية لقلب نظام الحكم وأفضل مكان نبدأ فيه هي دول الخليج. هل تعرف أحداً تثق به في دول الخليج؟ لأن أهم نقطة في الانقلابات هي السرية والثقة، وألا تزيد الخلايا، عن 5 أشخاص. قلت له نعم لديّ أصدقاء كثر في الخليج، لكنني لم ألتق بهم منذ زمن، وأعطني مهلة أذهب للخليج وأجس النبض».

يكمل الأمير بندر: «كنت أرد مستغرباً وساخراً، لكن القذافي كان جاداً بذلك، وطلب مني طريقة لدعوتهم وتهريبهم عن طريق مصر، وكان يعتريني الذهول. ثم قلت له: في السعودية عندي 5 أشخاص أعتقد أنني أثق فيهم وبهم. قال من هم؟ ثم أخذ القلم وبدأ يكتب: أولاً فهد بن عبدالعزيز، ثانياً عبدالله بن عبدالعزيز، ثالثا سلطان بن عبدالعزيز، رابعاً نايف بن عبدالعزيز، خامساً سلمان بن عبدالعزيز، وكان القذافي يكتب وكأنه في حالة تخدير. ثم انتبه ورفع رأسه وضحك وقال خبيث أنت خبيث».

شعر الأمير بالقلق، ثم حاول استغلال الفرصة لمفاتحة القذافي في موضوع لوكيربي قبل أن يفاتحه هو وقال: «رد القذافي عليّ وقال أنا مرتاح لك. ثم قلت له: الصراحة لا أرتاح أنا، لأنني كعربي متألم للحصار على ليبيا. فقال لي: ما سأقوله لك سر، ولا أريد أن يعرف عنه إلا الأمير عبدالله... إذا استطعت أريدك أن تلتقي توني بلير وبيل كلنتون، لترى ما هو الحد الأدنى أو الأقصى من الطلبات التي يمكن تلبيتها لإنهاء الحصار وخلافه».

بحث الأمير بندر الموضوع مع رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، فأخبره أنه مستعد لفعل ما قد ينهي الحصار على ليبيا، إذا اعترفت ليبيا بالمسؤولية وتمت محاكمة المتهمين ودفع التعويضات. لكن المهم الحصول على تأييد بيل كلينتون. يكمل ويقول: «وكان المطلوبون في ليبيا كثيرين، منهم زوج أخت زوجة القذافي عبدالله السنوسي، وموسى كوسى وسيف الاسلام القذافي وغيرهم. ذهبت للقذافي وأخبرته بالتفاصيل، وبعد مفاوضات شاقة ورحلات عديدة وافق على مضض. وللأمانة، لم آخذ كلامه على محمل الجد. ولا أريد توريط بلدي وفقدان مصداقيتها مع أميركا وبريطانيا والأمم المتحدة بسبب القذافي، وهذه التساؤلات والاحتمالات جاءت بعد حديثه ومخططاته التي أفصح بها عن رغبة الانقلاب».

طرأت لدى الأمير بندر فكرة، وهي إشراك شخصية عالمية مؤثرة في مباحثات فك الحصار عن ليبيا، وكانت الشخصية هي نيلسون مانديلا، وبالفعل شكلت مشاركته ضمانة لمنع القذافي من التراجع عن تعهداته.

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,693,916

عدد الزوار: 6,908,861

المتواجدون الآن: 105