رسائل المعركة العسكرية في الجنوب الليبي.. تساؤلات حول حماية الحدود...

تاريخ الإضافة السبت 2 شباط 2019 - 4:33 ص    عدد الزيارات 1609    التعليقات 0

        

رسائل المعركة العسكرية في الجنوب الليبي.. تساؤلات حول حماية الحدود... ومخاوف من السيطرة على منابع النفط..

الشرق الاوسط... القاهرة: جمال جوهر... هلّل مواطنون في جنوب ليبيا، عند سماع نبأ وصول طائرة شحن عسكرية إلى قاعدة تمنهت العسكرية، نهاية الأسبوع الماضي، مُحملة بالسيولة النقدية مصدرها المصرف المركزي في مدينة بنغازي، وهو ما عدّوه «بادرة خير»، و«انفراجة لأزماتهم المتراكمة» منذ ثماني سنوات. حدث هذا بعد أيام قليلة من بدء العملية العسكرية التي يقودها الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر، لتطهير مناطقهم من «الجماعات الإرهابية والإجرامية»، والتصدّي لما يوصف بـ«خطر قادم» قد يستهدف حدود البلاد. في هذه الأثناء، وبينما كانت المقاتلات الحربية تُحلق على ارتفاع منخفض في سماء مدينة سبها، لتعقب فلول تنظيمي «داعش» و«القاعدة» وعناصر المعارضة التشادية، بدت في الأفق مخاوف واسعة من بعض الأطراف، خاصة في غرب البلاد، من استحواذ «قوات حفتر» على آبار النفط، أو تحركه نحو العاصمة طرابلس، لبسط سيطرته وطرد الميليشيات المسلحة منها! ما بين مواصلة القوات المسلحة الليبية تحركاتها في الجنوب الغربي من ليبيا، وتزايد مخاوف خصوم المشير خليفة حفتر، وخاصة تيار الإسلام السياسي من تمترس الجيش الوطني هناك، وتأثير ذلك على مستقبلهم في قادم الأيام، طُرحت أسئلة عدة عن الرسائل التي تحملها هذه العملية العسكرية. أهم هذه الرسائل إمكانية نجاح التحركات في سد ثغرات الحدود الجنوبية الشاسعة، في وجه زحف متنوع من عصابات الاتجار بالبشر، ومهرّبي السلاح. وكذلك مدى قدرتها على فرض الأمن في المنطقة التي تُخرج ثلث النفط الليبي، وحمايتها أيضاً من أطماع إسرائيلية ودول أوروبية، يرى نواب وسياسيون تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» أنهم يسعون مجتمعين إلى إعادة رسم المنطقة.

- «مرتزقة القذافي»

تعاني مدن الجنوب الليبي منذ إسقاط نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011. من أزمات عديدة متفاقمة، أبرزها: غياب مظاهر للدولة بشكل حقيقي، وتغوّل متمردين تشاديين ومرتزقة من دول أفريقية في الصحراء المترامية، وتزايد نشاطات العصابات المتاجرة بالبشر. ويقابل هذه الأزمات انعدام أي تحرك على الأرض من الحكومات المتعاقبة يشفي غليل سكانها، باستثناء تحذير أصدره القائد العام للجيش الوطني (حفتر) قبل قرابة ثمانية أشهر، أمهل فيه كافة الوافدين الأفارقة المتورطين في أعمال مع الميليشيات - التي وصفها بـ«الإجرامية» - لمغادرة جنوب ليبيا. لقد هدّد حفتر باستخدام كل الوسائل العسكرية المتاحة، جواً وبراً، بعد انتهاء المهلة المحددة. وطالبت القيادة العامة أعيان مناطق الجنوب ومشايخها الاتصال بالغرف الأمنية في المناطق العسكرية بكل من سبها وأوباري وغات ومرزُق، ومن ثم رفع الغطاء الاجتماعي عن كل من يساهم في حماية أو إيواء أو مساعدة الوافدين الأفارقة بأي شكل من الأشكال مما يؤدي إلى زعزعة أمن المناطق الجنوبية. غير أن المهلة التي منحها حفتر انتهت من دون رحيل فرق مَن يوصفون بـ«المرتزقة» التي أتى بهم القذافي قبل سنوات لمساندته على وأد الانتفاضة الشعبية. وأصبح الجنوب الليبي، على اتساعه، ميداناً فسيحاً ترتع فيه تلك الجماعات وغيرها، كما يرى عضو مجلس النواب سعيد امغيب، «ما حتم على الجيش الوطني الإسراع لإنقاذ الجنوب من مخطط قديم يُحاك له». وذهب امغيب في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «النظام الحاكم في تشاد المتمثل في الرئيس إدريس ديبي يخشى من تهديد المعارضة التشادية المطالبة بإقصائه عن الحكم، والتي تخلص من خطرها بعد أحداث ثورة 17 فبراير وذلك بتوغلها داخل الحدود الليبية بعد انقطاع الدعم الذي كان يوفره نظام القذافي». لكن أمام تكرار الهجمات الإرهابية على البلدات الواقعة في قلب الصحراء الليبية، التي باتت في مرمى نيران «داعش»، وفي ظل استغاثات المواطنين، وجهت القيادة العامة بتطهير المنطقة هناك من تلك العناصر. وبعد ثلاثة أيام فقط تمكنت من استرداد أكثر من عشرة مواقع مهمة، في مقدمها مطار وقلعة سبها، ومقر اللواء السادس، ومعسكر الدعوكي، وقاعة الشعب التي كانت المعارضة التشادية تتخذها ملاذات آمنة خلال السنوات الماضية. إلا أن المخاطر التي تحرّكت من أجلها القوات المسلحة الليبية، من قاعدة جوية على بعد 650 كيلومتراً من العاصمة طرابلس، ليس المستهدف منها التصدّي للجماعات الإرهابية والإجرامية فحسب. بل إن أمامها مهام يرى ليبيون أن تتمثل في حماية منابع النفط، الذي يتدفق بلا حدود في الصحراء الجنوبية، ووقوفها على الشط الآخر من البلاد في وجه تقارب تشادي - إسرائيلي بعد قطيعة دبلوماسية بين البلدين دامت 44 سنة.

- بقاء نتنياهو وديبي

ما كاد الليبيون ينسون الأحاديث عن أطماع فرنسا في الجنوب الغربي، حتى جاء لقاء الرئيس التشادي إدريس ديبي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وسط تسريبات أن الزيارة تتعلق بمنابع النفط الليبي. وذهبت القناة العاشرة العبرية إلى أن الأول قدم قائمة طلبات عاجلة إلى إسرائيل، على رأسها مطالب أمنية وعسكرية قد تستخدمها الحكومة التشادية ضد حركات تمرد في شمال تشاد وشرقها على مقربة من الحدود الليبية. وهنا تجدر الإشارة إلى أنه ما يتعلق بفرنسا، فإن لديها قاعدة عسكرية في شمال النيجر. ويرى البعض أن باريس تراهن على هذه المنطقة كأحد مصادر الثروة من بترول وغاز ومعادن، وتسعى إلى بسط نفوذها، مستندة على إرث تاريخي هنا، إذ كان إقليم فزّان (الذي يغطي معظم جنوب وجنوب غربي ليبيا) لفترة طويلة تحت سيطرتها. ولقد زاد موقع «ديبكا» الإسرائيلي، المقرّب من الدوائر الاستخباراتية، من مخاوف الليبيين بتأكيده أن الجيش التشادي - الذي يبلغ عديده 250 ألف عسكري - يقاتل على ثلاث جبهات قرب الجنوب الليبي، وخاصة في المنطقة الغنية بمنابع النفط، حيث تمتد الأنابيب إلى موانئ التصدير على سواحل البحر المتوسط. وذكر الموقع إن الرئيس التشادي يسعى من خلال توثيق علاقات بلاده مع إسرائيل إلى مشاركة تل أبيب في الحرب ضد تنظيمي «القاعدة» و«داعش» في أنحاء القارة الأفريقية وانضمامها إلى جهود الولايات المتحدة وفرنسا بهذا الاتجاه في هذه المنطقة. التقارب الإسرائيلي - التشادي، وصفه عبد الله الرفادي، رئيس حزب الجبهة الوطنية الليبي، في حديث إلى «الشرق الأوسط» بأنه «أكبر خطر يهدد ليبيا وحدودها ومستقبلها». ورأى الرفادي أن هذه الزيارات المتبادلة تصب في «تحقيق حلم إسرائيلي قديم في السيطرة على ليبيا... ووجودها على حدودنا الجنوبية يشكل تهديدا مباشرا لبلادنا». لكن امغيب، من جانبه، تحدث عن «مخطط قديم لفصل الكفرة (جنوب شرقي ليبيا) عن الدولة الليبية»، وقال إن «زوجة ديبي تناولت ذلك في أحد احتفالات دولة تشاد بقولها إن الكفرة مدينة تشادية». وأردف أن وضع الحدود الجنوبية للدولة الليبية «خطير جداً ومهدّد من عدة أطراف خارجية، ما يستوجب وقفة عربية لمواجهة هذه التهديدات الاستعمارية»، و«ضرورة دعم كل النخب السياسية العربية لليبيا لمواجهة هذه التهديدات». واستكمل امغيب «... والأهم هو الدعم الشعبي للقوات المسلحة العربية الليبية في تحركاتها في الجنوب ومحاربتها للإرهاب».

- حماية حقل الشرارة

اللافت أن تحرك القوات العسكرية الليبية باتجاه الجنوب، الذي اعتبره نواب في إقليمي برقة (شرق) وفزّان (جنوب وجنوب غرب) خطوة في الاتجاه الصحيح، لا يزال يلقى معارضة من السلطات الحاكمة في العاصمة. إذ يرى بعضهم أنها تستهدف بسط نفوذ قوات حفتر على مصادر النفط هناك، كخطوة استباقية للانتخابات التي قد تجرى في البلاد العام الجاري، واستخدام الثروة النفطية كورقة ضغط لترجيح كفة الأخير إذا ما خاض الماراثون المرتقب. ويضيف أنصار المعسكر الآخر المناهض لحفتر داخل الجيش التابع لحكومة الوفاق الوطني (المدعومة أممياً)، أن العملية التي أطلقها حفتر «لا تخرج عن كونها عملية تأميم للنفط الليبي»، خاصة إذا علمنا أن حقل الشرارة النفطي، الواقع في مدينة أوباري، والذي لا يزال مغلقاً لأسباب أمنية، من أكبر الحقول إنتاجية في البلاد، إذ تبلغ طاقته 340 ألف برميل يومياً ويخضع لحالة القوة القاهرة منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي. أبرز المتخوّفين من الإقدام على هذا الإجراء، هو مصطفى صنع الله، رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، التابعة للمجلس الرئاسي في طرابلس. صنع الله عبر عن ذلك صراحة أمام مؤتمر خاص بالطاقة في معهد «تشاتام هاوس» في العاصمة البريطانية لندن، إذ قال «إعادة تشغيل الحقل تعقد أكثر بإطلاق مهمة دولية لمكافحة الإرهاب توسعت لتصبح محاولة للسيطرة على منطقة قد تحوي بنية تحتية وطنية للنفط»، في إشارة إلى العملية العسكرية في الجنوب. وعبر صنع الله عن مخاوفه مضيفاً «ما يثير قلقي هو إطلاق سلسلة من الأحداث قد تكون لها تبعات غير معروفة بالنسبة لليبيا والمؤسسة الوطنية للنفط». ورأى «أن الحل المفضل لتأمين الحقل يتضمن نشر قوات حرس المنشآت النفطية الذي تديره المؤسسة»، لكنه أبدى بعض التردد من تنفيذ ذلك. وللخلاص مع «مخاوف قادمة» اقترحت مؤسسة النفط كإجراء فوري تشكيل «قوة مختلطة قد توفر حلاً داخل إطار أمني تفاوضي» بقيادة حكومة الوفاق في طرابلس، وبدعم من الأمم المتحدة. وهو الاقتراح الذي وضع صنع الله في دائرة الاتهامات، فذهب عضو مجلس النواب سعيد امغيب، إلى اتهام رئيس مؤسسة النفط بأنه «يدور في فلك جماعة الإخوان المسلمين». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الإخوان يعرفون جيداً أن سيطرة الجيش على الجنوب بداية زوالهم من المشهد العام، ونهاية تغولهم في البلاد وعودة سيادة الدولة على مؤسساتها»، متابعاً «هذا ما لا يريده التنظيم الساعي بأي وسيلة للسلطة والتحكم بمقدرات البلاد لتحقيق أهدافهم المزعومة». تصريحات صنع الله استقبلت باعتراضات واسعة، وأبدت مجموعة «أبناء ليبيا» استغرابها واستهجانها مما ذهب إليه رئيس مؤسسة النفط، مشيرة إلى أن «الجيش الليبي هو من طرد العصابات الإجرامية من الحقول النفطية في شرق البلاد، وهو من يحميها وييسّر تصدير النفط الذي يتفاخر بتصديره صنع الله في محاضراته في مراكز الدراسات البريطانية وغيرها».

- الطريق إلى طرابلس

معركة الجيش في الجنوب دخلت «مرحلتها الثالثة»، وفق ما أعلنه المتحدث باسم القوات المسلحة العميد أحمد المسماري. وتتمثل هذه المرحلة بـ«تطهير مدينة سبها بالكامل من الإرهابيين والعصابات الإجرامية والعناصر المسلحة القبلية»، وسط تفاؤل المواطنين بقرب انتهاء أزماتهم الاقتصادية بتوفير السيولة النقدية، وتوقف استهدافهم من التنظيمات الإرهابية. ولكن في الوقت نفسه تتصاعد المخاوف في بعض الأوساط المتحكمة في العاصمة، التي ترى أن هدف حفتر هو دخول طرابلس، وأن عملية الجنوب ليست إلا خطوة تستهدف محاصرة المجلس الرئاسي في العاصمة، وأن الجيش الوطني يطوي المسافات، ولم يعد أمامه إلى التوجه للمنطقة الغربية، وهو التعهد الذي سبق وقطعه على نفسه القائد العام للجيش، بقوله إن تحرير العاصمة «يعد خياراً لا مناص منه، وسيتم وفق خطة مرسومة». من جهته، أكد حفتر خلال لقاء سابق بوفد قبائلي «الجيش سيتحرك لطرابلس في الوقت المناسب والأمر محسوب». واستطرد «أن 85 في المائة من أهالي العاصمة مع الجيش الوطني... ولن ندخل بانقلاب أو التسلط على الناس... فقد تجاوزنا أكثر من 200 معركة لم نخسر واحدة منها». ووفق المعلومات، يوماً بعد يوم، يتزايد المؤيدون لتلك العملية العسكرية، التي ثمنها أبناء قبيلة الزوايد المنتشرة في مناطق الجنوب، ووصفوها بأنها خطوة جريئة من القيادة العامة. ووجهوا رسالة إلى المبعوث الأممي لدى ليبيا غسان سلامة، مؤداها أن كل أبناء الجنوب يرحبون بوجود الجيش في الجنوب، «وهو الأجدر بحفظ الأمن والاستقرار هناك».

- السلطة والقوة

في السياق ذاته، كثيرون، ومنهم عضو مجلس الدولة سعد بن شرادة، انتهوا إلى أن الجنوب بات خارج سيطرة حكومة الوفاق ومجلس الدولة معاً. وأرجع بن شرادة ذلك إلى أن المجلس الرئاسي لم يفعّل مخرجات «اتفاق الصخيرات»، ولم يعيّن أمراء لمناطق الجنوب العسكرية، كما لم يستكمل تعيين قيادات أمنية هناك. وقال في تصريحات صحافية، إن «الجنوب كان يبحث عمن ينقذه ووجد في المشير حفتر المنقذ من العصابات الإجرامية والجماعات الإرهابية التي عاثت فساداً في الأرض». ما ذهب إليه بن شرادة لمح إليه وزير الداخلية الأسبق عاشور شوايل، الذي صرّح لفضائية «ليبيا الحدث» بأن «الشعب الليبي يحتاج لسلطة، والسلطة تحتاج لقوة... والقوة الآن أصبحت في الجيش ولا كلام غير ذلك». وانتهى قائلاً «السراج موجود ولديه سلطة، لكنه لا يملك القوة حتى يسيطر على البلاد. لذلك عندما نقول ميليشيا فهي كذلك، وعندما نقول جيش فإننا نعنى ذلك دون تردد لأن هذا هو الواقع على الأرض». ختاماً، امتنع رئيس المجلس الرئاسي عن التعليق بشكل مباشر على العملية العسكرية في الجنوب، لكن اكتفى خلال زيارته الأخيرة إلى جمهورية التشيك بالحديث عن تطلع الليبيين «لبناء دولة مدنية ديمقراطية». وذكر أن «الطريق إلى هذه الدولة المنشودة لا يأتي إلا عبر إجراء انتخابات ليقول الشعب كلمته، ويختار وفق إرادته الحرة من يقود البلاد».

الجنوب الليبي... مواطنون فقراء في إقليم غني ..نزاعات قبلية دفاعاً عن {مُكتسبات} ما بعد القذافي

القاهرة: «الشرق الأوسط»... لم يتحمل إقليم في ليبيا مثلما تحمل الجنوب المعروف تاريخياً بإقليم فزّان، الذي يمتلك ثروات نفطية وموارد بشرية وطبيعية غير عادية. فالإقليم يعاني منذ إسقاط نظام القذافي حالة من التجاهل والتهميش، والاستقطاب أيضاً بين الأطراف الفاعلة في المشهد السياسي ما ساهم في تشرذمه، وزاد من نسبة فقره مواطنيه. وخلال السنوات الثماني الماضية، عاشت قبائل الإقليم حروباً طاحنة على أسس عرقية، ساعد عليها امتلاكهم للسلاح المتوسط والثقيل بشكل واسع، إما دفاعاً عن توسيع نفوذ أو مكتسبات حصلوا عليها بعد سقوط النظام القديم، أو إيفاء لثأر قديم تحييه مجرد خلافات عابرة. وهكذا بات مألوفاً اندلاع اشتباكات بين قبائل التبو وأولاد سليمان، أو التبو والزوية، أو الطوارق والتبو، من دون توقف. القتال هناك يندلع لأقل الأسباب، لكنه يحصد أرواح العشرات في أزمنة قياسية. وحقاً، لم يكد يمضي عام واحد على الانتفاضة الليبية 2011، حتى اندلعت مواجهات عرقية دامية بين أولاد سليمان والتبو – الذين يمتدّون في تشاد والنيجر وشمال غربي السودان – في نهاية مارس (آذار). وكان ذلك أثر حادث قُتل فيه أفراد عدة من الجانبين، وعُرف وقتها بـ«قاعة الشعب»، مقر اجتماعات المجلس العسكري بمدينة سبها. وتعدّ قبيلتا أولاد سليمان والتبو من أكبر الجماعات في الجنوب. الأولى ظلت لسنوات متحالفة مع القوة الثالثة والتابعة لوزارة الدفاع بحكومة الوفاق الوطني والمكلفة بتأمين الجنوب، بينما الثانية موالية للجيش الوطني في شرق البلاد. معقل أولاد سليمان في مدينة سبها، التي تتقاسم فيها النفوذ مع قبائل أبرزها القذاذفة والمقارحة، بينما يكثر التبو - الذين يوصفون بأنهم من أصول غير عربية - ويمتدون في الكفرة وربيانة على الحدود مع تشاد بجنوب شرقي ليبيا، وفي أوباري والقطرون وأم الأرانب ومرزُق في الجنوب الغربي للبلاد. ويوصف التبو في ليبيا، بأنهم أكثر قرباً من حكومة طبرق (شرق البلاد)، في حين يعتبر خصومهم العرب والطوارق في فزّان والكفرة أكثر قرباً من حكومة طرابلس. كذلك يتهم الطوارق الفرنسيين بأنهم يفضلون التبو عليهم، وبأنهم يتساهلون أكثر مع حركة التهريب عند الأخيرة منه لدى الطوارق. ولا توجد في ليبيا بيانات إحصاء وافية عن الأعداد الإجمالية للتبو، لكنها تقدّر بـ350 ألفاً، وفق تقدير سابق لمركز كارنيغي عام 2012. وهم ينتشرون حالياً في جنوب شرقي ليبيا، بالإضافة إلى انتشارهم في شمال تشاد والنيجر، والواقع أن هذه القبيلة تسيطر بشكل فاعل على جزء كبير من المناطق الحدودية في الجنوب، التي تمتد من واحة الكفرة في أقصى الشرق إلى القطرون والويغ جنوبي سبها. وعليه ظل سكان تلك المنطقة، المتاخمة لحدود دول أفريقية يشكون الإقصاء والتهميش، والغياب التام للدولة، مع حرص غالبية قبائلها على الاحتفاظ بـ«سلاح ردع» لحماية مكتسبات ما بعد القذافي، و«مواجهة الآخر» إذا استدعت الظروف ذلك.

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,141,638

عدد الزوار: 6,756,663

المتواجدون الآن: 121