العلاقات الأميركية - الأوروبية.. «افتراق المصالح» ..هل تستطيع أوروبا الخروج من «العباءة الأميركية»؟

تاريخ الإضافة الأحد 9 أيلول 2018 - 7:36 ص    عدد الزيارات 1608    التعليقات 0

        

العلاقات الأميركية - الأوروبية.. «افتراق المصالح» ..هل تستطيع أوروبا الخروج من «العباءة الأميركية»؟

الانباء..

  • .... أبرز قضايا الخلاف تتمثل في الصراع في البوسنة ورفض معظم الدول الأوروبية سياسة الاحتواء المزدوج لكل من إيران والعراق وعملية السلام في الشرق الأوسط...
  • ترامب للبيت الأبيض عزز التوتر مع أوروبا نتيجة سياساته الحادة سياسياً واقتصادياً تجاه «الأوروبي» وتفرده باتخاذ القرارات... العالم يبدو الآن على مشارف حقبة أميركية جديدة ستؤدي إلى تغيرات جيواستراتيجية لا أحد يعرف مضاعفاتها.. محللون: في نهاية المطاف سترضخ أوروبا للإملاءات الأميركية وستصبح العلاقة بين الطرفين مستقبلاً «مساكنة»... أوروبا تتحول بعيداً عن القوة وتتحرك نحو عالم من المفاوضات الدولية والتعاون.. وأميركا منغمسة في عالم «هوبز» حيث الأمن الحقيقي مازال يعتمد على امتلاك القوة العسكرية واستخدامها... قرارات ترامب زادت الخلافات كالانسحاب من «النووي الإيراني» و«اتفاق باريس المناخي» ومطالباته برفع حصة الأوروبيين في دعم «الناتو» وفرض رسوم ضرائب على الصلب والفولاذ ومنتجاته من الألومنيوم.. رغم الخلافات هناك من يؤكد أن الطرفين لا يمكنهما الاستغناء عن بعضهما في المنظمة الدفاعية للأمن الإقليمي كما أن مصلحة «الأوروبي» عدم التضحية بسوقه الكبير في أميركا...

تحليل إخباري: تعود الخلافات بين الدول الأوروبية في حلف الناتو والولايات المتحدة إلى بداية التسعينيات من خلال التطلعات الأوروبية للعب دور أكبر عالميا، والضغط الأميركي على الاتحاد الأوروبي لتحمل مسؤولية تحقيق الاستقرار في منطقتيه الشرقية والجنوبية، حيث يريد الأميركيون أن يعودوا إلى مبدأ فترة الحرب الباردة بتقاسم الأعباء، إذ إنهم يشكون من أن الأوروبيين يعتمدون اعتمادا مطلقا على الضمانات الأمنية الأميركية، وينبغي أن يحشدوا المزيد من الموارد للدفاع عن أنفسهم. وأخذت مظاهر الخلاف حول قضايا أمنية وسياسية وتجارية تتطور بين الجانبين، وبدأت تظهر في شكل أقوى في التعاطي مع قضايا العالم، الذي يعكس في حقيقته خلافا حول المكانة في العالم وحول رفض القوى الأوروبية الرئيسية أسلوب الهيمنة الأميركية وتجاهل السياسات والاتفاقات الدولية. وكان الصراع في البوسنة شاهدا على ذلك، كما رفضت معظم الدول الأوروبية سياسة الاحتواء المزدوج لكل من إيران والعراق، حيث قاوم الأوروبيون سياسة العقوبات الاقتصادية على إيران واختلفوا مع واشنطن حول أسلوب التعامل مع كوبا، كما كانت للأوروبيين وجهات نظر مختلفة حول قضايا عملية السلام في الشرق الأوسط. واشتكى الأوروبيون من عدم حساسية الولايات المتحدة للاعتبارات والمصالح الأوروبية في هذه المنطقة ولعوامل القرب الجغرافي لشمال أفريقيا والشرق الأوسط لأوروبا.

نحو صراع لا مصالحة

كما برز الخلاف الأميركي ـ الأوروبي على المستوى الاقتصادي والتجاري والتكنولوجي، وقد ضاعف من ذلك اتجاه الاقتصاد إلى العالمية، ما أوحى بأن الطرفين يتحركان نحو صراع لا مصالحة فيه حول مصالح اقتصادية وصناعية، على خلفية أنه في بيئة العولمة يتجه التطور الطبيعي إلى التنافس الصناعي، وخصوصا في الصناعات الاستراتيجية العالية التكنولوجيا التي يعتبرها الجانبان جوهرية للسيادة الأحادية والأمن القومي. وعلى رغم أنه في أعقاب أحداث ١١ سبتمبر وما تعرضت له الولايات المتحدة، سادت مشاعر التعاطف المشترك للعلاقات الأطلسية، وظهر التضامن مع الشعب الأميركي، وعلى المستوى الرسمي، تعاقبت زيارات القادة الأوروبيين إلى البيت الأبيض، وأثار حلف الأطلسي للمرة الأولى في تاريخه المادة الخامسة من ميثاقه التي تقول إن أي اعتداء على دولة عضو هو اعتداء على أعضاء الحلف جميعا... إلا أنه بعد بضعة أشهر بدأت هذه المشاعر تتبدد وحل محلها تدريجا شعور أوروبا بالاستياء من الولايات المتحدة وأسلوبها المنفرد في إدارة العلاقات الأطلسية والقضايا الدولية، وفي مقدمتها الحرب على الإرهاب وقضايا الشرق الأوسط، منتقدة السياسة الأميركية ومتهمة إياها بتبسيط القضايا الدولية والانفراد بالقرار الدولي والغطرسة. وبدأ الحديث عن هوة كبيرة بين التصورين الأميركي والأوروبي للعالم، وتراجع في شكل متزايد شعور المشاركة في القيم، وتوقف الحديث عن الحضارة الغربية باعتبارها تعبر عن الولايات المتحدة والغرب معا.. فوجهات نظر الأوروبيين والأميركيين تتباعد: أوروبا تتحول بعيدا عن القوة وتتحرك نحو عالم ذاتي من القواعد والقوانين والمفاوضات الدولية والتعاون، أما الولايات المتحدة فهي منغمسة في عالم «هوبز» حيث القوانين الدولية والقواعد لا يمكن الاعتماد عليها، وحيث الأمن الحقيقي والدفاع والترويج للنظام الليبرالي مازال يعتمد على امتلاك القوة العسكرية واستخدامها. مع وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب الى البيت الأبيض، ازدادت الخلافات وتعزز التوتر بين الطرفين نتيجة سياساته الحادة، سياسيا واقتصاديا، تجاه الاتحاد الأوروبي.

ما يزعج الأوروبيين تفرد ترامب باتخاذ القرارات. فمنذ توليه منصبه يتخذ قرارا تلو الآخر بشكل أحادي. في البداية كان انسحابه من اتفاق باريس للتغير المناخي، ثم تعمد إحداث إرباك في سياسات اقتصادية عالمية تستهدف الدول الأوروبية، وصولا لمطالبته من الأخيرة برفع حصتها في دعم حلف للناتو، وإعلانه أنه يريد خفض الإنفاق الأميركي على الدفاع عن أوروبا إذا لم تكن راغبة في المساهمة بشكل أكبر في الناتو. ولم تتوقف سياسات ترامب الهجومية ضد أوروبا عند هذا الحد، بل استمرت لتشمل فرض رسوم ضرائب على الصلب والفولاذ الأوروبي ومنتجاته من الألمنيوم، إضافة الى انتقاداته الدائمة لسياسة الهجرة التي تتبعها ألمانيا، ومديحه المتكرر لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. بعدها كان قراره نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وأخيرا انسحابه من الاتفاق النووي الإيراني الذي اعتبره الأوروبيون استهدافا مباشرا للشركات الأوروبية العاملة في إيران. وما زاد من حدة التوتر، العلاقة المستجدة بين ترامب وبوتين التي جاءت لتعمق المخاوف الأوروبية من ترجمة تصريحات ترامب وانتقاداته عمليا في سياسات ملموسة مختلفة حيال روسيا، وحيث تتخوف أوروبا من احتمال تعليق ترامب المناورات العسكرية المشتركة لأعضاء الحلف الأطلسي، أو حتى سحب بعض الوحدات العسكرية الأميركية من دول بحر البلطيق وحتى من ألمانيا، كتنازل لبوتين، أو خفض جزئي للعقوبات الاقتصادية التي فرضها الحلف على روسيا عقب احتلالها وضمها شبه جزيرة القرم من أوكرانيا عام ٢٠١٤. وثمة تخوف أوروبي عميق وحقيقي من أن تفجر مواقف ترامب السلبية الحلف الأطلسي، لأن هجمات ترامب المستمرة على المؤسسات الغربية مثل حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، واستخفافه العلني بزعماء الحلف، وتحديدا هجماته اللاذعة والشخصية على المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، تعكس إصراره على الانسحاب من العمل الجماعي الغربي، ونبذ المؤسسات التقليدية، والعمل على المستوى الدولي بشكل منفرد انطلاقا من مفهومه الذي يلخصه بكلمتين «أميركا أولا».

نقاط الخلاف

باختصار، الاختلاف بين الدول الأوروبية والولايات المتحدة يتمحور حول النقاط التالية:

ـ الأهمية النسبية للشرق الأوسط لكل معسكر: الإدارة الأميركية الحالية لا تعتبر نزاعات المنطقة ككل أولوية سياسية، بينما أوروبا أكثر اهتماما بسبب قرب المنطقة الجغرافي ما يجعل التهديد الناشئ عن الشرق الأوسط أكثر إلحاحا.

ـ إيران هي نقطة الاحتكاك الرئيسية بين الولايات المتحدة وأوروبا اليوم: أوروبا حريصة على إنقاذ الاتفاق النووي، وتحبذ الحفاظ على الوضع الراهن على أساس أن الاتفاقية النووية ستمهد الطريق لصفقات أوسع في المستقبل، وهو أمر تعارضه الإدارة الأميركية الحالية بقوة. ومع تصاعد الضغوط الأميركية على الشركات الأوروبية التي تتاجر في إيران أو تستثمر فيها، بسبب العقوبات الأميركية، من المرجح أن تنمو الفجوة بين الولايات المتحدة وأوروبا حول إيران مع انسحاب مزيد من الشركات الغربية من إيران بسبب الضغط الأميركي. وما أقدمت عليه إدارة ترامب سلط الضوء على ضعف الأوروبيين، في وقت ينظرون هم إلى أنفسهم على أنهم قوة يعتد بها في قطاعي التجارة والمال. فالسوق الأوروبية الموحدة تشتمل على ٥٠٠ مليون مستهلك وتجمعها نظم واحدة. لذا، وقع انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الإيراني وقع الصدمة على أوروبا، وسلط الضوء على عجز الاتحاد الأوروبي في المالية الدولية. فإدارة ترامب تستخدم قوة الدولار لإطاحة الاتفاق النووي. وهي فرضت عقوبات ثانوية على أي شركة تتعامل مع إيران، وتريد أن تلفظ طهران خارج نظام الدفع المالي الدولي «سويفت».

ـ سياسة ترامب وإجراءاته الأخيرة التي تهدف إلى إضعاف الاقتصاد الأوروبي داخليا وخارجيا، وخصوصا الاستثمارات الأوروبية في أميركا/ اللعب على وتر العلاقات التجارية والأمنية مع الاتحاد. ويهدف على المدى البعيد لإنعاش السوق الأميركي من خلال تشجيع الصناعات المحلية فيها التي ستؤثر سلبا على اقتصاد أوروبا، والذي تعاني فيه دول عدة من أزمات اقتصادية كفرنسا، وسيلحق الضرر بالواردات الأوروبية التي يستند عليها السوق المحلي، والدخل القومي الأوروبي، ما يؤدي إلى تضخم وركود اقتصادي كبيرين، علاوة على الخسائر التي ستلحق بالشركات الأوروبية. ويعتبرون أن ما يقوم به ترامب هو امتحان لاستقلال القرار السياسي والاقتصادي الأوروبي، وتقويض نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية لتحقيق أهداف قصيرة الأجل، وربما وهمية. ونتيجة لكل ذلك، أعلن الأوروبيون أنه من الآن وصاعدا سيكون على أوروبا أن تأخذ مصيرها بأيديها وتتحمل مسؤولياتها الدولية لأن تغييرا كبيرا يحدث، إذ إن هناك إدارة أميركية جديدة لا تعتبر أوروبا جزءا من مجتمع دولي تعمل فيه معا، وترى العالم كساحة يجب على كل فرد فيها أن يجد طريقه وحده.

جبل من الصعوبات

يبدو الأوروبيون كأنهم أمام جبل من الصعوبات، خصوصا أن علامات حرب اقتصادية بدأت تلوح في الأفق بين واشنطن والعواصم الأوروبية خصوصا باريس وبرلين ولندن، مع تحدي إيجاد وسيلة لتلافي العقوبات الأميركية التي تستهدف الشركات التجارية التي تتعامل مع إيران، بما فيها الشركات الأوروبية.. ومع الإجراءات الأميركية ضد الدول الأوروبية التي وصفت بأنها «إجراءات عقابية»، يطرح التساؤل حول ما إذا كانت أوروبا قادرة على الخروج من العباءة الأميركية، والتخلي عن حليفها الاستراتيجي الذي تستند إليه كثيرا في تجارتها وأمنها الإقليمي. وما إذا كانت الولايات المتحدة تستطيع أن تلفظ حلفاءها الأوروبيين وتعتبرهم غير ذوي أهمية، وأنها لا تحتاجهم أو أنها تستطيع أن تحصل على حلفاء أفضل.

في هذا السياق ثمة نظريتان:

٭ الأولى تعتبر أن الحفاظ على التحالف مع الولايات المتحدة ضرورة حيوية أمنية واستراتيجية بالنسبة لدول أوروبا، لأن الغرب لا وجود له كمفهوم ولا كفاعل سياسي من دون الولايات المتحدة. وفسخ الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة سيشكل تهديدا للنظام الدولي الليبرالي لا يمكن مقارنته بنتائج التعاون مع رئيس أميركي يزعزع استقرار هذا النظام. وعلى الدول الأوروبية أن تزيد من الاعتماد على النفس والتعاون فيما بينها عند التعامل مع الملفات الخلافية، وألا تتردد في التقاطع مع الأنظمة الأوتوقراطية في الصين وروسيا إذا اقتضت الضرورات ذلك، مع المباشرة من الآن بالإعداد لمرحلة ما بعد ترامب في أميركا.

٭ الثانية ترى أن الولايات المتحدة لم تعد قادرة على حماية أوروبا لأنها أضعف ولأن أولوياتها في مناطق أخرى من العالم بدءا بآسيا.

وهذا لم يبدأ مع ترامب وإنما مع الرئيس السابق باراك أوباما الذي بدأ بالانسحاب من الصراعات الدائرة في جوار أوروبا (كلف أنجيلا ميركل بالاهتمام بالأزمة الأوكرانية، وسمح للروس بالتدخل في الشرق الأوسط، وترك الاتحاد الأوروبي يواجه وحيدا أزمة اللاجئين) وهي إحدى نتائج السياسة الأميركية الفوضوية في الشرق الأوسط.. لقد فشلت أوروبا حتى الآن في بناء سياسات خارجية بديلة، وهي اليوم تستطيع لأن عليها ذلك، ولكن المشكلة بالنسبة للأوروبيين أنهم يدركون أنه لا غنى لهم في الوقت الراهن، وربما في المستقبل المنظور، عن مظلة الحماية الأميركية، لأن هدف الاعتماد على النفس سيحتاج زمنا طويلا، كما سيتطلب زيادة كبيرة في إنفاقهم العسكري. ترامب بعقلية رجل الأعمال يعرف هذا الأمر، لذلك لا يبدو في وارد التهدئة أو التراجع. وفي النتيجة، فإن سياسات إدارة ترامب والأزمات التي تنجم عنها من جهة، والحضور المتزايد لروسيا والصين على المستوى الدولي من جهة أخرى، سيعزز وجهة نظر الداعين إلى سياسة أوروبية أكثر استقلالية وإلى بناء شراكات جديدة على حساب الشراكة الحصرية عبر الأطلسي التي فرضتها سياقات دولية تغيرت بشكل كبير. في الواقع، يبدو أن العالم الآن على مشارف حقبة أميركية جديدة سوف تؤدي الى تغييرات جيواستراتيجية لا أحد يعرف مضاعفاتها الكاملة على علاقات الولايات المتحدة مع حلفائها القدامى في أوروبا وكندا واليابان وكوريا الجنوبية، ومع الأنظمة السلطوية التي يحكمها زعماء أقوياء يأمل ترامب في دخول ناديهم الاستثنائي وفي طليعتهم بوتين وزعماء دول أخرى مثل الصين وتركيا والفلبين. وقد تتحول مضاعفات انسحاب أميركا تدريجا من الغرب أهم حدث استراتيجي يشهده العالم منذ انهيار الاتحاد السوفييتي. إلا أن هناك من يعتبر، وعلى رغم الخلافات بين الطرفين، أن العلاقات الأميركية الأوروبية محكومة بعدة أمور:

٭ لا يمكن للطرفين الاستغناء عن بعضهما في المنظمة الدفاعية للأمن الإقليمي، خصوصا أن ترامب يسعى لتحسين شروطه على أوروبا في ملف مكافحة الإرهاب.

٭ مصلحة الاتحاد الأوروبي هي مع أميركا وليست مع الدول الأخرى كإيران وروسيا، ولا يمكن لأوروبا أن تضحي بسوقها الكبير الأميركي وحليفها الاستراتيجي في الناتو.

٭ بالرغم من الخلافات في السياسات الأوروبية والأميركية تجاه بعض القضايا، إلا أن علاقتهما في القضايا الأخرى تربطهما خطوط سياسية متفق عليها.

٭ العلاقة بين أميركا والاتحاد الأوروبي هي علاقة استراتيجية قائمة على التعاون والتنسيق الاقتصادي والسياسي والأمني والعسكري العالي، وهناك تأثير كبير للسياسات الأميركية الاقتصادية والأمنية على الاتحاد الأوروبي.

٭ الانقسام بين الدول الأوروبية والتفاوت في مواقفها، كما يتضح من معالجة إيطاليا للمهاجرين غير الشرعيين الذين يمرون عبر ليبيا. وما تبقى من مشترك بين هذه الدول هو السياسة المالية التي يقودها اليورو الألماني، وسياسة دعم الزراعة الأوروبية.

وباستثناء ذلك، لا يبدو لا الأمن ولا الدفاع ولا السياسة الخارجية مشتركا أوروبيا. كما أنها تفقد نفوذها، فتأثير الاتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط الآن أقل من السابق بسبب انشغال أوروبا بشؤونها الداخلية. كما أن أوروبا تخسر التماسك، حيث يصعب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وغيره من الانقسامات تكون موقفا أوروبيا موحدا تجاه قضايا الشرق الأوسط. كما أنها تفقد مركزها السياسي على المستوى الدولي، بعد أن أثبتت أنها غير قادرة على حل الأزمات في الداخل مثل أزمة أوكرانيا.

استرضاء ترامب

يقول محللون استراتيجيون إن أوروبا لها سجل في الانصياع للقرار الأميركي، على سبيل المثال الموقف الأوروبي من غزو العراق في بدايته كان مغايرا للسلوك الأميركي، إلا أنها بعد ذلك انصاعت وأرسلت قواتها للعراق الى جانب أميركا، لذلك فإن أوروبا في نهاية المطاف سترضخ لإملاءات أميركا. قد يخفف القادة الأوروبيون من حدة النزاع عن طريق استرضاء ترامب، والانتظار حتى تنتهي فترة رئاسته. وفي أغلب الظن ستصبح العلاقة بين الولايات المتحدة وأوروبا أكثر فأكثر علاقة «مساكنة». سيتعاون الحلفاء القدامى على أساس المعاملات في المجالات ذات الاهتمام المشترك مثل مكافحة الإرهاب والتجارة، ودعم الاستقرار وإعادة الإعمار في العراق وفي سورية. وإذا طورت الولايات المتحدة حلا عمليا للنزاع السوري، فيمكن لأوروبا أن تلعب دورا في تنفيذه. وإلا، فإن انتهاء الشراكة بين الطرفين سيفسح المجال أمام إيران وروسيا والصين لابتلاع المنطقة سياسيا واقتصاديا وأمنيا. في لقاء السفراء السنوي في برلين وباريس، وجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ووزير الخارجية الألماني هايكو ماس، رسالتين متناغمتين، يبدو أن ألمانيا وفرنسا عازمتان على شد عود «أوروبا سيدة» يعتد بوزنها. ودار كلام كل منهما على تحالفات جديدة لتعزيز العالم المتعدد القطب الذي يهاجمه ترامب. وليست دعوة رئيس فرنسي إلى استقلال أوروبا أكثر فأكثر عن أميركا، جديدة، لكن الجديد هو دعوة وزير الخارجية الألماني إلى شراكة متوازنة مع أميركا لاستعادة هامش مناورة. لكن ماس لم يكتف بالكلام التقليدي عن تعزيز قدرات أوروبا العسكرية، بل ناقش تطوير أنظمة دفع مستقلة عن الدولار لتحوز أوروبا سيادة مالية، وإبرام تحالف متعدد القطب. وهذه المقاربة تسعى إلى حماية ألمانيا وأوروبا من الهيمنة الأميركية المطلقة ونفوذ غيرها من القوى. والموقف هذا هو رد على قرار أميركا التوسل برجحان كفة نظامها المالي وتفوقها التكنولوجي سلاحا في مواجهة معارضيها. ومشروع ماس وماكرون طويل الأمد، ويهدده الافتقار إلى الإجماع في أوروبا والإرادة السياسية. وكثير من الأوروبيين يرتابون من الهيمنة الألمانية ويريدون حماية أنفسهم منها. وقد تثمر مساعي الولايات المتحدة الرامية إلى تقسيم الأوروبيين وتوجيه ضربة استباقية تجهض مساعي استقلالهم. ولكن لا مناص أمام الاتحاد الأوروبي من أن يتمسك بحقوقه في عالم معاد.أبرز قضايا الخلاف تتمثل في الصراع في البوسنة ورفض معظم الدول الأوروبية سياسة الاحتواء المزدوج لكل من إيران والعراق وعملية السلام في الشرق الأوسط وصول ترامب للبيت الأبيض عزز التوتر مع أوروبا نتيجة سياساته الحادة سياسياً واقتصادياً تجاه «الأوروبي» وتفرده باتخاذ القرارات العالم يبدو الآن على مشارف حقبة أميركية جديدة ستؤدي إلى تغيرات جيواستراتيجية لا أحد يعرف مضاعفاتها

محللون: في نهاية المطاف سترضخ أوروبا للإملاءات الأميركية وستصبح العلاقة بين الطرفين مستقبلاً «مساكنة»

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 154,062,678

عدد الزوار: 6,932,797

المتواجدون الآن: 74