تركيا غيّرت محور سياستها الخارجية نحو الشرق

تاريخ الإضافة الأحد 9 كانون الثاني 2011 - 5:49 ص    عدد الزيارات 769    التعليقات 0

        


تركيا غيّرت محور سياستها الخارجية نحو الشرق


اسطنبول ـ راغب دوران

شكل تغيير المحور في السياسة الخارجية لانقرة وتراجع العلاقات مع اسرائيل والتعديل الدستوري الآتي بتحول راديكالي في جهاز الدولة، وأخيرا القضية الكردية الموضوعات الرئيسية في الاجندة السياسية لتركيا في العام المنصرم.
واحتلت موضوعات أخرى مرتبة ثانوية مثل القضية الارمينية والعلمانية التي تمحورت حول وضع الحجاب الاسلامي في الاماكن العامة.
وعزز حزب العدالة والتنمية الحاكم بقيادة رجب طيب اردوغان منذ العام 2002 العلاقات الديبلوماسية التركية مع الدول العربية والاسلامية. ولقيت "سياسة انعدام المشاكل" مع الجيران (سوريا والعراق وايران واذربيجان وارمينيا وجورجيا وبلغاريا واليونان) التي انتهجها ونفذها وزير الخارجية التركي أحمد داوود اوغلو نجاحاً في بعض الحالات (سوريا والعراق وايران واليونان) وتراجعت مع دول أخرى مثل (ارمينيا واذربيجان). ويتمتع أحمد داوود اوغلو استاذ العلاقات الدولية بشعبية كبيرة لدى أنصار حزب العدالة والتنمية وفي دول اسلامية. الا ان أحمد داوود اوغلو لم يتمكن من التأثير ايجابا على محاوريه الاوروبيين والاميركيين.
وانتقدت المعارضة التركية التوجهات الجديدة لديبلوماسية أنقرة. وقال نائب رئيس الحزب الشعبي الجمهوري، أحد الأحزاب الرئيسية في المعارضة، سهيل باتوم "لقد غيروا بوضوح المحور. لقد تركوا السياسة التقليدية التي تقوم على تعزيز العلاقات مع الغرب، وخصوصا الاتحاد الاوروبي". ولدى الحزب الشعبي الجمهوري 101 مقعد في البرلمان من أصل 550 مقعدا.
ورأى المعلق السياسي في جريدة "راديكال" (ليبرالية توزع 81 الف نسخة) أحمد انسيل "انهم يفضلون دول الشرق لسببين: أولاً ان الشرق الذي اهملته طويلاً الحكومات التركية ليس متشدداً في موضوع الديموقراطية وحقوق الانسان مثل الدول الاوروبية. ثم ان الشرق غني أكثر من اوروبا".

بين اسرائيل والعرب
وتتمتع اسرائيل بمكانة خاصة في الديبلوماسية التركية الجديدة التي تركز على الاستقرار وتسوية النزاعات في منطقة الشرق الأوسط وعلى مواجهة التفكك وتداعياته كما في الحالة العراقية. وفي موازاة ذلك تعتبر اسرائيل، وهي الحليف الرئيسي لواشنطن في الشرق الاوسط، العدو اللدود للشعوب العربية. وتزعج سياسة اسرائيل العدوانية القاعدة الشعبية ورئاسة حزب العدالة والتنمية، وكذلك غالبية الرأي العام التركي. والتضامن التركي السياسي الاجتماعي مع القضية الفلسطينية لا يزال فاعلاً في تركيا. وشجع التيار المناهض للصهيونية لدى الناشطين الاسلاميين مبادرات اردوغان ضد تل ابيب، لكن واشنطن سرعان ما تتدخل لضبطه ما ينعكس سلباً على العلاقة التركية بواشنطن.
ووضع الأتراك منذ قرابة عشر سنوات على رأس لائحة الدول المناهضة للاميركيين في استطلاعات الرأي الدولية. وتعود أسباب ذلك الى ان "الولايات المتحدة (وخصوصا في ظل ادارة جورج بوش) تشجع العدوان الاسرائيلي وتدعم الارهابيين الانفصاليين الاكراد الاتراك".
وبلغ تدهور العلاقات بين أنقرة وتل ابيب أوجه خلال عملية اقتحام كوموندوس اسرائيلي سفينة "مافي مرمرة" التي كانت تحمل مساعدات انسانية إلى قطاع غزة في المياه الاقليمية قبالة سواحل غزة في مطلع حزيران (يونيو) 2010. وقتل تسعة أشخاص وجرح العشرات. وطلبت أنقرة من اسرائيل الاعتراف رسمياً وعلنياً بأخطائها والاعتذار ودفع التعويضات لاهالي الضحايا والجرحى. وترفض حكومة نتنياهو هذين المطلبين التركيين رغم قبول أنقرة عودة الاتصالات بين البلدين واظهار حسن النية استجابة لضغوط واشنطن. وتعتقد اسرائيل ان أنقرة تدعم "ارهابيي حماس" وان "عملية ما في مرمرة هي استفزاز سياسي عسكري".
واعتبر سولي اوزيل المتخصص في شؤون الشرق الاوسط ومدير القسم الدولي في جريدة "خبرتورك" (يمين وسط توزع 235 الف نسخة) ان "العلاقات بين أنقرة وتل ابيب ستدرج على الاجندة الديبلوماسية والسياسية للبلاد في العام 2011، لان هذه العلاقات ليست ثنائية حصرياً، انه مربع ديبلوماسي مع واشنطن والعالم العربي وأنقرة وتل ابيب".
ولفتت أنقرة انتباه الرأي العام الدولي وخصوصا العالم العربي الاسلامي حين صوتت في مجلس الامن ضد الاقتراح الاميركي في موضوع الملف النووي الايراني. وكانت أنقرة حاولت مع البرازيل حماية طهران لتنتج هذه الأخيرة بحرية الطاقة النووية ذات الهدف السلمي. وفشل المشروع مع تراجع البرازيل وضغوط واشنطن.
ورأى جنكيز اختار المتخصص في شؤون الاتحاد الاوروبي ان أنقرة "نجحت بصمت في اقامة تحالف تجاري مع دول المنطقة". واضاف ان "منتدى اعمال المشرق أقيم مع سوريا ولبنان والاردن. انه سوق يبلغ حجمه 1500 مليار دولار. انه بداية اتحاد الشرق الاوسط".
وحقق حزب "العدالة والتنمية" نجاحاً كبيراً بعد الاستفتاء على الدستور في 12 ايلول (سبتمبر) 2010. وبعد حصوله على 58 في المئة من الأصوات، باتت الحكومة التركية تتمتع بحرية واسعة للاعداد لدستور جديد أكثر ليبرالية وديموقراطية ليحل محل الدستور التي وضعه العسكر بعد انقلاب 12 ايلول (سبتمبر) 1980.
[ أولوية القضية الكردية
وتشكل القضية الكردية او الاعتراف الرسمي والشرعي بالحقوق الجماعية السياسية والاجتماعية الاقتصادية والثقافية لنحو 15 مليون كردي تركي (من اصل 70 مليون تركي) الاولوية لدى الحكومة. ورغم المقاربة المختلفة مقارنة بسياسات الحكومات التركية منذ العام 1923، عام انشاء الجمهورية، ورغم مبادرتي الانفتاح لحل القضية، فان اردوغان لم يتمكن حتى الآن من تلبية مطالب الاكراد. ويعتقد حزب "العدالة والتنمية" مثل الجيش والمعارضة البرلمانية ان قضية المتمردين الأكراد هي أساساً مسألة امنية ويمكن ان تنسف "وحدة أراضي الامة التركية" وهي الصيغة الشهيرة للايديولوجيا الرسمية منذ أكثر من 85 عاما. وتتأثر مقاربة أردوغان في هذا الشأن بضغوط الشارع والاتجاهات القومية المتطرفة، رغم نزوعه إلى استيعاب "الأخوة" الأكراد سياسياً وسلمياً.
وأعرب الاكراد الذين نفد صبرهم في التوصل الى حل، عن رغبتهم في العيش في "حكم ذاتي ديموقراطي" مع البقاء في اطار الدولة الواحدة، لكن مع اقليمية معززة، وعلم ولغة مختلفين. ويثير هذا المشروع قلق الطبقة السياسية التركية.
ورغم توقف الاشتباكات بين ناشطي حزب العمال الكردستاني (أنشىء في العام 1978 وهو في نزاع مسلح مع الحكومة المركزية منذ العام 1984 وزعيمه عبد الله اوجلان أوقف في العام 1999 وينفذ عقوبة بالجسن المؤبد في جزيرة ايمرالي في بحر مرمرة) وبين الجيش التركي في شرق وجنوب شرق البلاد، فان الهدنة تبقى هشة. اذ ان اوجلان الذي يدير عملياً منظمته منذ توقيفه ويستقبل محاميه مرة في الاسبوع، حذر حزب "العدالة والتنمية" من أنه في حال لم تتخذ الحكومة التركية خطوات للحل، فإن المتمردين قد يعاودون عملياتهم اعتبارا من آذار(مارس) المقبل.
واعلن اوجلان انه يواصل من زنزانته المفاوضات مع "مسؤولي الدولة (على الارجح الاستخبارات العسكرية)، الامر الذي ينفه المسؤولون. ويكتب المتخصصون في القضية الكردية ان الدولة تقوم باتصالات غير رسمية مع اوجلان منذ العام 1999.
ويعتبر حزب "العدالة والتنمية" ان الانتخابات التشريعية التي ستجري في حزيران (يونيو) 2011 هي مهمة جدا. فالأكراد استعرضوا قوتهم خلال الاستفتاء وجاءت نسبة الامتناع نحو 23 في المئة. وباتت السلطة السياسية وكذلك المعارضة، تعرف انه لا يمكن ان تنجح من دون دعم الناخبين الاكراد الذين صوتوا بشكل عام لحزب "السلام والديموقراطية" الكردي (20 مقعدا في البرلمان). وفهمت الطبقة السياسية أيضا ان اي حكومة، ومنذ العام 1984، لا يمكنها ان تعيش طويلا من دون حل هذه المشكلة الخطيرة.
ويسعى حزب "العدالة والتنمية" الذي رفض مطولا اجراء مفاوضات مع الحزب الكردي الشرعي بذريعة أنه لا يدين "الارهاب الانفصالي لحزب العمال الكردستاني" الى حلول مع سوريا وايران والعراق وحتى واشنطن لحل القضية الكردية في تركيا. وأبدى الحزب الحاكم في الآونة الأخيرة رغبة في انشاء ادارتين جديدتين في الجنوب الشرقي معقل حزب العمال الكردستاني، لاسباب عسكرية وأمنية.
وفي موازاة ذلك فان القضية الارمنية لا تزال هي الأخرى على جدول اعمال الديبلوماسية التركية. فأنقرة وبدعم من واشنطن وبروكسل أبدت رغبتها في تحسين علاقاتها بجارها الارميني من دون ان تمس بمسألة "الابادة" الارمينية. وتم التوقيع على عدد من الاتفاقات بين أنقرة ويريفان من دون المصادقة عليهما في برلماني البلدين. وأعربت باكو رسمياً عن خيبتها مما أدى الى توقف الانطلاقة التركية. ومن الجانب الارميني، فإن المعارضة الداخلية والانتشار اللذين يشددان على أهمية ابادة العام 1915، أبديا معارضتهما عملية حسن الجوار بين تركيا وارمينيا.
ويبقى ارتداء الحجاب الاسلامي في الاماكن العامة وخصوصا في الجامعات العامة مشكلة مطروحة لان السلطة لم تتمكن من حلها. ويمنع الجيش والقضاء التركي الاعلى بذريعة حماية العلمانية، اي حل في هذا المجال رغم الجهود الصغيرة التي تبذلها المعارضة البرلمانية.
وأخيراً يطرح الامام المتقاعد فتح الله غولن الذي يعيش منذ قرابة عشر سنوات في بنسلفانيا ويقود شبكة واسعة سياسية مالية، والفاعل جداً في وسائل الاعلام، مشكلات متعددة للجبهة العلمانية ولحزب العدالة والتنمية. وكان غولن المدعوم من واشنطن، انتقد علنا الحكومة ودعم اسرائيل خلال ازمة مافي مرمرة.
وبحسب مكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي اي) فإن هذا الامام يبني مدارس وجامعات خاصة في الدول التي تتمتع فيها الولايات المتحدة بنفوذ، ويستثمر أكثر من ثلاثة مليارات دولار أميركي في مصارفه وشركاته التجارية.

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,760,704

عدد الزوار: 6,913,513

المتواجدون الآن: 91