تحالفنا مع الجمهورية الإسلامية لإسقاط صدام حسين و«مفتاح سر» العلاقات السورية - الإيرانية... موسى الصدر

تاريخ الإضافة الثلاثاء 21 كانون الأول 2010 - 6:48 ص    عدد الزيارات 846    التعليقات 0

        

«الراي» تنشر أسئلة عبدالحليم خدام وأجوبته في كتابه «التحالف السوري - الإيراني والمنطقة» (3)

«عندما قررت كتابة هذا الكتاب، أخذت على نفسي أن أكون موضوعيا في عرض الوقائع وفي تحليلها بعيدا عن العواطف والمؤثرات، وطرحت على نفسي مجموعة من الأسئلة ووضعت أجوبتها بعد التفكير»، هكذا يقول النائب السابق للرئيس السوري عبدالحليم خدام في الفصل الأول من كتابه «التحالف السوري - الايراني والمنطقة» الصادر قبل أيام، الذي يعد باكورة مذكراته السياسية.
ويعرض السياسي السوري  «المثير للجدل»، بعضا من أحداث شاهدها أو شارك فيها أو عرف عنها، ويكشف كيف فتحت دمشق أراضيها أمام نشاط طهران وساعدتها على عقد تحالفاتها الاقليمية في مناطق ملتهبة من باكستان وأفغانستان حتى العراق ولبنان وفلسطين.
وقبل أن يعود الى تفاصيل العلاقات السورية الايرانية، يشير خدام الى تصاعد الاهتمام الأميركي بايران منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وبدء الحرب الباردة مع السوفيات، وتقديم أميركا مساعدات كثيرة لشاه ايران، باعتبار أن بلاده تشكل الخط الأول في وجه التمدد السوفياتي.
ثم يعرض كيف تستخدم واشنطن الملف النووي الايراني غطاء لقضايا كبرى تثير قلق وخوف الغرب، وأهمها طبيعة النظام الاسلامي.
ويرى خدام ان الخلاف بين واشنطن وطهران لم يبدأ بسبب احتجاز الرهائن الأميركيين في سفارتها في ايران، وانما بدأ في اللحظة التي انهار فيها نظام الشاه ووصل الخميني الى طهران، ووصف أميركا بأنها «الشيطان الأكبر».
وفي رأي خدام، تشكل الولايات المتحدة واسرائيل عقبتين أمام تحقيق ايران أهدافها الاقليمية، لكنه يشير الى صعوبة الرهان الأميركي على تفجير الأوضاع الداخلية في ايران، باعتبار أن التوترات الخارجية ستضعف قدرة المعارضة الداخلية.
وفي مرتكزات العلاقات السورية ـ الايرانية، يتتبع عبدالحليم خدام البدايات الأولى للعلاقات بين دمشق وقادة الثورة، وكيف كان لرئيس المجلس الشيعي الأعلى في لبنان السيد موسى الصدر، الدور الرئيسي فيها، وكيف بدأت علاقة صاحب المذكرات بايران حتى الاستقرار السوري على توقيع معاهدة صداقة مع الاتحاد السوفياتي، واقامة تحالف مع الجمهورية الاسلامية.
وكشف أهداف سورية من التحالف مع ايران، التي كان أبرزها اسقاط النظام العراقي الذي وضع دمشق في حال حرب معه في الوقت الذي كان يحارب ايران.
وقال خدام: «رغم التناقض العقائدي بين النظام العلماني في سورية والاسلامي في ايران، فان ذلك لم يؤد الا الى ترسيخ التحالف باعتبار أن القضايا الرئيسة لم يكن هناك خلاف حولها».
ويعترف بأن «طبيعة النظام في دمشق لم تكن تسمح بأن تكون لسورية استراتيجية بعيدة المدى، وانما أنتجت ساحة يستطيع فيها النظام المناورة، وهو ما أدى الى تفكير سورية في خوض حرب لتحرير الجولان بسبب العجز في بناء الدولة وبناء مؤسساتها».
وفي مناطق مهمة من المذكرات، يحكي خدام عن طبيعة علاقة الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد مع الساسة اللبنانيين ومدى ثقته فيهم، ولماذا كان لا يأمن للسياسيين المسيحيين والمسلمين السنة في أغلبهم؟
كما يشير الى قصة الدخول الايراني الأوسع والفاعل الى لبنان خلال الاجتياح الاسرائيلي لأراضيه العام 1982، ويسرد كيفية صعود ونمو النفوذ الايراني في لبنان وطبيعة المهام التي يقوم بها الحرس الثوري الايراني في أراضيه.
ويروي كيف كان الرئيس حافظ الأسد غير قلق من النفوذ الايراني، ولم يكن في ذهنه طموحات ايران التوسعية، كما يحكي عن الدعم السوري المستمر لـ «حزب الله» باعتبارها السند القوي الداعم له منذ تأسيسه.
ويكشف تفاصيل الخلاف بين دمشق والزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وكيف زادته ايران اشتعالا. ويسرد خدام نص محادثة بينه وبين السفير الايراني في بلاده ضمت عتابا من دمشق الى طهران وصل الى حد التساؤل: هل من المعقول أن يكون وزن «حزب الله» لدى ايران أكبر من وزن سورية؟
وفي فصل مهم من المذكرات، يحكي خدام عن محاولات حافظ الأسد وقف الحرب الايرانية ـ العراقية في أيامها الأولى بسبب تعنت صدام حسين، وتوقع البعض في الخليج تحقيق العراق لنصر سريع، وهو ما أدى مع أحداث أخرى الى حدوث خلل في العلاقات السورية - الخليجية وصل في بعض الفترات الى مرحلة التوتر.
ويكشف عن الدور الذي لعبه شخصيا في تقديم تطمينات لدول الخليج في شأن النوايا الايرانية تجاهها، ومضمون زيارته لقادتها، وكيف كانت الأجواء في المنطقة وطبيعة العلاقات بين دولها، وكيف كانت المصالحة العراقية - الايرانية أسهل بكثير من المصالحة بين دمشق وبغداد.
«الراي» تنشر في «4» حلقات فصولا من كتاب خدام، وفي ما يلي الجزء الثالث:
 
القاهرة - «الراي»

في هذا الفصل «مرتكزات العلاقات السورية - الإيرانية»، يسرد النائب السابق للرئيس السوري عبدالحليم خدام تفاصيل البدايات الأولى للعلاقات بين سورية وقيادة الثورة الإسلامية «عبر المعارضة الإيرانية لنظام الشاه، التي أقمنا مع بعض فصائلها علاقات جيدة، وكان للسيد موسى الصدر (رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان) الدور الرئيسي في تلك العلاقات عبر حزب تحرير إيران، الذي كان من أبرز قياداته، السادة: مهدي بازركان، والدكتور إبراهيم يزدي، والسيد صادق طبطبائي، وصادق قطب زادة، ومصطفى شمران، وأصبح في ما بعد نجاح الثورة، السيد مهدي بازركان رئيسا للوزراء في إيران، والسيد صادق طبطبائي نائبا لرئيس الوزراء، والدكتور إبراهيم يزدي وزيرا للخارجية، وخلفه بعد استقالته السيد صادق قطب زادة، والسيد مصطفى شمران تولى وزارة الدفاع»، حسب خدام.
ويقول: «دمشق استقبلت نجاح الثورة الإسلامية بقيادة آية الله الخميني بسرور كبير وبتفاؤل عميق، في وقت كانت ترزح المنطقة تحت ضغط الانقسامات العربية والاعتداءات الإسرائيلية، حتى أن الرئيس الراحل حافظ الأسد بادر بإرسال رسالة تهنئة حارة إلى آية الله الخميني أكد فيها حرص سورية على التعاون الشامل مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، كما عبر عن ارتياح الشعب السوري لنجاح الثورة».
ويضيف: «في مطلع أغسطس 1979، تلقيت دعوة من وزير خارجية إيران الدكتور إبراهيم يزدي، ووصلت طهران في 15 أغسطس 1979، وكان في استقبالي في المطار الدكتور يزدي، والسيد صادق طبطبائي، وعدد من المسؤولين الإيرانيين. وفي ساعة مبكرة من صباح اليوم التالي، نحو الثالثة فجرا، دخل مرافقي إلى غرفة نومي وأيقظني، وأبلغني أن الشيخ محمد منتظري ومعه مجموعة يريدون لقائي، استغربت أن تكون الزيارة في هذا الوقت ومن دون طلب موعد، فطلبت من المرافق إدخالهم إلى غرفة الاستقبال بينما أرتدي ثيابي».
وأكمل: «في الساعة الحادية عشرة، توجهت للقاء الدكتور مهدي بازركان، رئيس مجلس الوزراء، وكان حاضرا الدكتور يزدي، وزير الخارجية، والسيد طبطبائي، نائب رئيس الوزراء، وتحدث الدكتور بازركان عن أهداف الثورة وعن الإجماع الشعبي لتأييدها، فأكد أن الثورة الإسلامية في إيران ستعمل على بناء علاقات قوية مع سورية الشقيقة».
ويستطرد: «أخذت الحديث وهنأتهم بنجاح الثورة باسم القيادة السورية، كما تحدثت عن الآمال الكبرى التي نعلقها على نجاحها في نقل إيران من مرحلة إلى مرحلة جديدة يتكامل فيها التعاون العربي ـ الإيراني».
مشاورات وتعاون
ويوضح النائب السابق للرئيس السوري «اتفقنا على تنمية العلاقات واستمرار التشاور بين الدولتين والتعاون في المجالات كافة، وتنسيق الجهود والمواقف باتجاه مجمل القضايا التي تهمنا، وفي اليوم الثاني شاركت في صلاة الجمعة في جامعة طهران لمناسبة يوم القدس، وكانت الصلاة والاحتفال في المناسبة لافتين للنظر من حيث حجم المشاركين الذين تجاوزوا بضع مئات الألوف والهتافات للقدس والموت لإسرائيل».
ويكمل خدام روايته: «عدت إلى دمشق، وفي الواقع كنت معجبا لما رأيته من تنظيم وتصميم لدى جميع القياديين الذين اجتمعت بهم، كانت لهم قضية واحدة هي تحقيق أهداف الثورة، ومن اللافت أن وحدة الأهداف لم تمنع الخلافات بين القياديين في الدولة حول أساليب العمل من الوصول لتحقيق الأهداف... وهو ما جعلني متيقنا أن إيران دخلت مرحلة جديدة سيكون لها ما بعدها من وقائع وأدوار في السياستين الإقليمية والدولية».
في تلك المرحلة، «أخذنا خيارين أساسيين كان لهما دور كبير في تحديد مسار السياسة السورية: الأول، توقيع معاهدة الصداقة والتعاون مع الاتحاد السوفياتي، والخيار الثاني، إقامة تحالف مع الجمهورية الإسلامية. وكانت خياراتنا محدودة: الحرب مع إسرائيل غير ممكنة بسبب تغيير عناصر أساسية في المعادلة بعد خروج مصر والخلاف مع العراق، ما أدى إلى اختلال كبير في توازن القوى، كما أن تحريك المقاومة للاحتلال في سورية من الناحية الموضوعية لم يكن ممكنا بسبب طبيعة النظام وعدم قدرته على تحمل نتائج المقاومة، فالمقاومة تتطلب وضعا شعبيا مهيأ لتحمل الأعباء، كما تتطلب نظاما سياسيا يرتكز على الشعب، وهذا الأمر لم يكن ممكنا.
ووفر خيار التوقيع على معاهدة الصداقة مع السوفيات دعما سوفياتيا عسكريا وسياسيا يحد من إمكان تعرض سورية لعدوان إسرائيلي، بسبب الالتزامات السوفياتية بموجب المعاهدة».
أهداف سورية من التحالف
وقال خدام «إن سورية حددت عددا من الأهداف لتحالفها مع إيران، هي:
- دعم موقفنا من الصراع مع إسرائيل، وبصورة خاصة فإن الثورة الإسلامية اتخذت مواقف صلبة منذ الأيام الأولى لنجاح الثورة الإسلامية في دعم الشعب الفلسطيني وفي الدعوة لتحرير فلسطين.
- إسقاط النظام العراقي الذي وضعنا في حال حرب معه، في وقت كان يحارب إيران.
- تجنيب الدول العربية في الخليج امتداد الحرب إليها، لأن ذلك سيؤدي إلى إغراق المنطقة في ويلات الحرب من جهة، ومن جهة ثانية سيدفع الدول العربية إلى الاحتماء بالولايات المتحدة، وتنقطع الصلة بينها وبين ساحة الصراع مع إسرائيل».
واضاف: «ترسخت القناعة لدينا بأن هذا التحالف رغم التناقض العقائدي بين نظامنا العلماني ونظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية، فإن القضايا الرئيسية لم يكن بيننا خلاف حولها».
واستطرد: «لم يكن في ذهننا - عندما اتخذنا قرارا بالتحالف مع إيران - تشكيل قوة إقليمية لتحرير فلسطين، لأن العوامل القائمة ـ آنذاك ـ لم تكن متوافرة، لكن قضية فلسطين والصراع مع إسرائيل كانا من العوامل الجامعة بيننا وبين إيران، ومن جهة ثانية، فإن التوازنات الدولية والإقليمية تعارض في شدة تشكيل هذه القوة الإقليمية».
واعترف خدام بأن «طبيعة النظام لم تكن تسمح بأن تكون لسورية استراتيجية بعيدة المدى، وإنما أنتجت ساحة يستطيع فيها النظام المناورة، إضافة إلى كل ذلك، فإن النظام نفسه لم يوفر عوامل القوة الذاتية، لأن ما كان يشغله المحافظة على أمنه. الأمر كان مختلفا بالنسبة لإيران».
وتابع: «يجب الاعتراف بأن إيران كانت تعمل في ظل استراتيجية واضحة المعالم وحضّرت الشعب الإيراني لتحمل سياساتها، بكلمة أخرى كانت للقيادة الإيرانية طموحات كبرى، فعملت في هديها».
ويقول خدام: «في المقابل، فالأمر كان مختلفا في سورية، فلم يكن لدى قيادة النظام طموحات كبرى، كما لم يكن في الذهن خوض حرب لتحرير الجولان، وكانت الحرب آخر الأمور التي تفكر فيها قيادة النظام، بعد أن وقعت مصر معاهدة سلامها مع إسرائيل وبعد انهيار العلاقات بيننا وبين العراق، إضافة إلى عامل آخر وهو العجز في بناء الدولة وبناء مؤسساتها. وعندما تتحول الدولة إلى (...)، تصبح من دون جدران حماية، وعندما يفقد الشعب دوره، تصبح الدولة عارية من جميع أسباب الحماية».
ويرى أن «إيران نجحت في توظيف علاقاتها مع سورية في تحقيق مجموعة من الأهداف، تُحدد بمساهمة سورية في عدم تحول الحرب بين إيران والعراق إلى حرب إيرانية ـ عربية، كما حققت إيران نجاحا في بناء قاعدة لها في لبنان عبر تأسيس حزب الله الذي خدم السياستين السورية والإيرانية في استنزاف إسرائيل وفي إخراجها من لبنان، كما شكل حزب الله تحت المظلة السورية ـ الإيرانية قوة تخدم الأهداف الاستراتيجية الإيرانية في المنطقة، كما ساعدها على الانتشار في الساحة الفلسطينية».
الحرب العراقية - الإيرانية
وقال خدام: «حين دخل العراق الحرب مع إيران، بدأ حافظ الأسد العمل على وقف النار عندما تم الإعلان عن الصدام بين القوات العراقية والقوات الإيرانية ودخول القوات العراقية الأراضي الإيرانية، لم يكن في ذهننا اتخاذ موقف ضد العراق أو ضد إيران، وأجرى الرئيس حافظ الأسد اتصالات مع بعض الرؤساء العرب من أجل العمل على وقف القتال.
وضع النظام العراقي سورية أمام حل واحد، وهو الوقوف ضد الحرب التي شنها على إيران، كما ساهم ذلك في نمو علاقات مباشرة وجدية بين سورية وإيران، وتم ذلك عبر مراحل عدة، وأهمها أن العداء لصدام حسين كان القاسم المشترك بين دمشق وطهران. ومع تطور الأوضاع سواء في ساحة الحرب أو في المنطقة، تحولت العلاقات من نقطة التقاطع التي كانت مع نظام صدام إلى تحالف بين الدولتين شمل قضية الصراع مع العراق، الصراع مع إسرائيل، الوضع في لبنان، والعلاقات السورية ـ الإيرانية مع دول الخليج.
ورغم التناقض الفكري والعقائدي بين النظام الحاكم في سورية والثورة الإسلامية في إيران، فقد نما تحالف عززته المصالح المشتركة والقلق المشترك، وتوسعت العلاقات لتشمل مجموعة من القضايا الأساسية لكل من الدولتين، كما نمت علاقات في مجال المصالح الاقتصادية بينهما».
وأضاف: «كان التعاون السياسي واسعا في كل المجالات، كانت سورية تتبنى الدفاع عن السياسية الإيرانية في كل المؤتمرات والاجتماعات والمنتديات العربية والدولية. وقدمت للثورة الإسلامية جميع أنواع المساعدات والدعم السياسي، وتعرضت إلى أضرار كبرى بسبب وقف الدول الخليجية مساعداتها إلى سورية، وحاولت القيادة الإيرانية التعويض عن ذلك عبر تقديم مساعدة بمليون برميل نفط سنويا الى سورية، إضافة إلى مجموعة من الاتفاقات الاقتصادية».
وحسب خدام «ففي المجال العسكري، ساعدت الحكومة السورية إيران بإقناع الاتحاد السوفياتي بالإيعاز إلى دول أوروبا الشرقية ببيع إيران أسلحة ثقيلة، وهو ما تم بالفعل عبر سورية، فكانت العقود توقّع باسم سورية وكانت إيران تدفع قيمة الأسلحة التي تورّد إلى مرفأ اللاذقية، ومنه بالطائرات إلى طهران، والدول التي تعاقدت على الأسلحة كانت بلغاريا وتشيكوسلوفاكيا بصورة خاصة.
لم نسع الى ضم لبنان
لم يكن في الذهن ضم لبنان إلى سورية أو عدم الاعتراف بشرعية الدولة اللبنانية، وإنما كان الأمر يتعلق بالإمساك بلبنان وتوجيه سياساته الخارجية، وإغلاق النوافذ أمام إسرائيل وأمام خصوم سورية وخصوم نظامها من استخدام لبنان.
لم يكن حافظ الأسد يثق بالقيادات المسيحية، رغم أن التدخل العسكري السوري كان بناء على طلبها يوم كان الضغط العسكري شديدا على المناطق المسيحية من قبل الحركة الوطنية والمنظمات الفلسطينية، آنذاك اتصلت قيادة الجبهة اللبنانية والرئيس سليمان فرنجية فتقرر الدخول».
وقال خدام عن الأسد «إنه فقط كان يثق بالرئيس سليمان فرنجية، اما الآخرون فكان الموقف منهم يرتبط بالظروف، أحيانا يتعامل معهم كحلفاء وأحيانا كأعداء.
لم يكن يثق بالقيادات السياسية للمسلمين السنة، فهم في رأيه مرتبطون بالسعودية ولا يؤتمن لهم، كان أول ضحايا هذا الموقف عزل الرئيس صائب سلام رغم الجهود التي بذلتُها (أي خدام) حتى لا يبعد الرجل، فهو جزء من تاريخ لبنان، كما أن والده كان أحد القادة الأساسيين في لبنان الذين تعاطفوا في تلك المرحلة مع سورية».
وأكمل: «كان الأسد يعتبر الطائفة الشيعية هي الأكثر قربا من النظام في سورية، والأكثر استجابة للنظام، ولم يكن يثق بالقادة السياسيين التقليديين لهذه الطائفة، كانت ثقته عميقة بالسيد موسى الصدر، وبعد غيابه انتقلت الثقة إلى الأستاذ نبيه بري (رئيس المجلس النيابي)، أصبح السيد نبيه بري موضع الثقة رغم أن بعض القادة أمثال السيد حسين الحسيني كانوا يحملون راية السياسة السورية في لبنان.
وأصبح بري السياسي الأبرز في طائفته، وحظيِ بدعم كامل سياسيا وعسكريا، وأصبحت حركة أمل (يتزعمها بري) هي الميليشيا المسلحة الأكثر التصاقا مع النظام في سورية، وساعدناها في نزاعاتها مع حركة المرابطون ومع الحزب التقدمي الاشتراكي ومع الفلسطينيين، ثم مع حزب الله». ويسرد خدام قصة الدخول الإيراني الأوسع والفاعل إلى لبنان خلال الاجتياح الإسرائيلي للأراضي اللبنانية في مطلع يونيو 1982، فيقول: «اتخذت القيادة الإيرانية وقتها قرارا بإرسال لواء من الحرس الثوري إلى سورية، بالاتفاق معنا. وبالفعل وصل لواء الحرس الثوري خلال أيام قليلة من بدء القتال، وتوجه القسم الأكبر منه إلى لبنان، وتحديداً إلى منطقة بعلبك الهرمل. وهكذا بدأت مسيرة النفوذ الإيراني في لبنان، وكانت من مهام الحرس الثوري: تشكيل حزب الله، وتنظيم عملية المقاومة الإسلامية ودعمها وتدريبها، وكان التوجه الإيراني بعدم انزلاق الحزب في الحياة السياسية اللبنانية، والانصراف إلى المقاومة وإلى توسيعها وزيادة فاعليتها».
وعن الموقف السوري، يقول «إنه عمليا، في مجمله يتعاطف مع حركة أمل، وكان الرئيس حافظ الأسد وحده يبدي التعاطف مع حزب الله، ويعطي التوجيهات لقيادة الجيش والأجهزة الأمنية بمساعدته، وقد بنى موقفه على أن الحزب أصبح قوة المقاومة الرئيسية بعد تراجع حركة أمل والأحزاب الوطنية، وبالتالي، يجب الاعتماد عليه في مقاومة إسرائيل واستنزافها. كان معظم الضباط السوريين في لبنان يتعاطفون مع حركة أمل ولا يميلون إلى حزب الله، باعتباره حزبا إسلاميا، وهم ـ أي الضباط السوريين ـ لايزالون تحت وطأة الحوادث الدامية التي وقعت في سورية بين الدولة والإخوان المسلمين».
القلق من النفوذ الإيراني
ويتابع خدام: «لم يكن الرئيس حافط الأسد قلقا من النفوذ الإيراني، كما لم يكن في ذهنه أن إيران تبني قاعدة عسكرية وسياسية في لبنان تهدف لخدمة استراتيجيتها، ولم يكن في ذهنه أن لدى إيران طموحا في التوسع الإقليمي، وهي حلفية نتعاون معها في مواجهة النظام العراقي».
وعن لقاء له مع السفير الإيراني، يقول خدام انه قال للسفير: «الدعاية التي تريد أن تفصل بين سورية وحزب الله ليست إلا دعاية ومؤامرة لمصلحتهم الذاتية، وسورية هي السند القوي الداعم لحزب الله، طبعا تعرفون أن المسؤولين في إيران يتعرضون لنوع من الضغط الشعبي، لأن الجماهير الشعبية في إيران انطلاقا من محبتها وميلها وشوقها للقيادة السورية لا يمكن أن تصدق ذلك».
وأضاف: «من المؤسف أن تضع بعض الشخصيات في إيران سورية في كفة وحزب الله في كفة أخرى، نحن نقدّر أن هناك تعبئة معادية لسورية، ولكن نتوقع أن تلجمها القيادة في إيران، كما نلجم أي تعبئة معادية لإيران في سورية، نحن إذا تكلم مواطن كلمة واحدة ضد إيران نضعه في السجن، وإذا قامت فئة من الناس تنتقد إيران نتعامل بها بشدة، هكذا نفهم الحرص على العلاقات بين البلدين»، مؤكدا أن «المسؤولية في الشؤون اللبنانية تقع على عاتق سورية، لأن لبنان له علاقات خاصة مع سورية، نحن شعب واحد، إضافة إلى أن ما يجري ينعكس مباشرة على أمن سورية وسياستها في المنطقة، وهذه السياسة من المفروض أن تدعم من أصدقائنا في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لأنها في خطوطها الأساسية تنسجم مع سياساتها المعادية للإمبريالية والصهيونية».
ولكنك تذكر - هنا خدام يوجه كلامه للسفير الإيراني في بلاده - «إننا نبهنا مرات عدة لاختراقات موجودة في هذا التنظيم من قبل ثلاث جهات: من قبل ياسر عرفات، ومن قبل جماعة العراق، ومن قبل المكتب الثاني اللبناني، وكنا نحذر من أخطار هذه الاختراقات، لأننا كنا نخشى أن تقوم هذه الزّمر التي اخترقت حزب الله بالقيام بأعمال تسيء إلى دوره في لبنان، وتسيء إلى علاقاته مع سورية، وللأسف هذه التنبيهات لم تعط الأهمية اللازمة من قيادة حزب الله، مع ذلك كنا نميز بين الحزب كبنية واتجاه وبين زمر مزروعة هنا وهناك تقوم بأعمال سلبية، ولانزال حريصين عليه ولا نريد أن يختفي هذا الحزب، لأننا لا نريد أن يختفي أي لبناني يرفع شعار مقاتلة إسرائيل».
وعن الاشتباك بين «حزب الله» والقوات السورية في لبنان في مرحلة من المراحل، قال النائب السابق للرئيس السوري: «هل من المعقول أن يكون وزن حزب الله لدى إيران أكبر من وزن سورية؟ إذا كان ذلك، فالحقيقة أن الوضع مؤلم، ونحن نؤمن بأن العلاقة مع إيران أهم من مئة تنظيم، نحن نعتبر العلاقة مع إيران مبنية على تصور مشترك لمهامنا المشتركة ضد الإمبريالية والصهيونية، فهذه هي الصورة، ونتمنى أي شيء قبل أن يخرج للإعلام اتصلوا بنا واستوضحوا: (يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين). جميع الأقنية مفتوحة بيننا وبينكم في أي وقت».
وهنا انتهى حديث العتاب بين النائب السابق للرئيس السوري والسفير الإيراني في دمشق.

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,713,886

عدد الزوار: 6,909,954

المتواجدون الآن: 94