هل يعرقل غول خطط أردوغان للرئاسة في 2019؟..

تاريخ الإضافة الأربعاء 10 كانون الثاني 2018 - 6:09 ص    عدد الزيارات 1894    التعليقات 0

        

هل يعرقل غول خطط أردوغان للرئاسة في 2019؟..

القبس .. د. علي حسين باكير .. في نهاية عام 2017 انتقد الرئيس التركي السابق عبدالله غول واحدًا من المراسيم الحكومية التي تم إصدارها في 24 ديسمبر 2017 استنادًا إلى قانون الطوارئ الذي لا يزال سارياً في البلاد منذ المحاولة الانقلابية في 15 يوليو 2016، وينص على إعفاء المدنيين من المحاسبة القانونية على أي عمل أسهم في إحباط محاولة الانقلاب على الحكومة الشرعية آنذاك. وقد دعا غول إلى مراجعة نص المرسوم الذي يحمل الرقم 696، على اعتبار أنّ صياغته لم تكن واضحة، وهو ما يثير القلق بالنظر إلى أنّ حكم القانون يفترض صياغة دقيقة ومحدّدة، آملاً أن تتم مراجعته لتجنّب تطورات «قد تثير استياءنا جميعًا» كما قال في إشارة إلى التفسيرات المتعدّدة التي قد يحملها القانون. يرى البعض أنّ الصياغة القانونية للمرسوم المشار إليه لم تكن واضحة أو دقيقة وإنما جاءت لتعبّر عن حالة ضبابيّة عامة، وهو ما جعل هذه الشريحة تتخوّف من أن يفتح المرسوم مستقبلاً الباب واسعًا أمام الصدامات الشعبية داخليّاً أو أن يشجّع الناس على مؤسسات الدولة الرسمية. وردّ بعض المسؤولين في حزب العدالة والتنمية على هذه المخاوف بالقول إنّ المرسوم مخصص فقط للحالات التي شهدتها ليلة الانقلاب حصراً، ولليوم الذي تلاها أيضاً دون أن تتعدى ذلك، فيما أشار رئيس الوزراء إلى أنّ المرسوم لا يحتاج أي تعديلات في صياغته. وتعرَّض غول لحملة إعلامية قوية من قبل مقربين من حزب العدالة والتنمية وذلك على اعتبار أنّ انتقاده للمرسوم أعطى زخماً كبيرًا لموقف المعارضة، وقد وصل الأمر برئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان إلى انتقاده دون أن يسميه، ثم إلى اتهامه بأنّه أصبح يركب نفس مركب زعيم المعارضة كمال كيليتشدار أوغلو بعدما كان يتشاطر مع أردوغان القضيّة سابقًا على حد وصف رئيس الجمهورية الحالي. وفي معرض دفاعه عن نفسه، قال عبدالله غول إنّه يود ان يلفت الانتباه الى الحملات غير الأخلاقية وغير المحترمة التي يتعرّض لها، من خلال التأكيد على أنّه كشخص يؤمن بحرية الفكر والتعبير كمبادئ مؤسسة لحزب العدالة والتنمية، فانه سيواصل التعبير عن وجهة نظره في الأوضاع التي يرى انها تتطلب ذلك، لافتا الى انّه كان قد قضى كل حياته في خدمة الحكومة والمجتمع وأنه من واجبه ان يعبّر عن رأيه ورؤيته في ما يتعلق بالأمور المهمة.

خلفية الهجوم على غول

غول رجل دولة من الطراز الرفيع، ويعتقد كثيرون أنّه ظل الرجل الأكثر شعبية في تركيا حتى وقت قريب، وأنّه الوحيد المؤهّل لمواجهة أردوغان في أي مرحلة من المراحل سابقا أو لاحقاً، ليس لانّه يخاطب الجماهير وإنما لأنّه رجل وسطي يسعى الى توحيد الآراء والمواقف بدل التصادم. قبل أن تتّسع الخلافات حول وجهات النظر في الملفات السياسية بين الرجلين، كان التمايز الأساسي بينهما يرتبط بتمايز التركيبة الشخصية لكل منهما، ويمكن اختزال هذا التمايز بالقول انّ غول أكثر قدرة على مخاطبة العقل، بينما أردوغان أكثر قدرة على مخاطبة القلب. خلال السنوات الاولى لتأسيس حزب العدالة والتنمية، كان هذا الاختلاف بمنزلة ميزة. فمع تولي كل من الرجلين أعلى منصبين في الدولة، بدا انّ هذا التمايز، يحقق في كثير من الأحيان، تكاملاً في الاجندة العامة للحزب والدولة، لكنّه انعكس في ما بعد على الملفات السياسية وطريقة التعاطي معها، مما أدى الى تحوّله الى خلاف سياسي. جوهر الخلاف السياسي هو في كيفية النظر الى الاحداث وفي كيفية التعامل معها، وقد بدأ هذا التمايز يتحوّل الى خلاف حول العديد من الملفات السياسية بدءًا من اندلاع الثورات العربية، مروراً باحتجاجات جيزي بارك وليس انتهاءً بحصر السلطات وتغيير النظام السياسي في تركيا الى نظام رئاسي. لقد زاد الاستقطاب السياسي في تركيا من وطأة هذا الخلاف، حيث راهن كثير من المعارضين ــــ لحسابتهم الخاصة ــــ على ان يقوم غول بالوقوف في وجه أردوغان خلال السنوات الماضية، خاصّة انّه كان يتمتع بأغلبية شعبية وفق ما يقوله كثيرون، نظراً الى مواقفه الوسطية، والتوافقية. هذا الأمر بالتحديد جعل كثيراً من منافسي غول داخل حزب العدالة والتنمية يخشون مواقفه والخطوات التي من الممكن ان يقدم عليها. لكن في المقابل، من المآخذ التي يقولها البعض عن غول هو عدم حزمه وغياب روح التحدّي لديه وعزوفه عن القرارات الصدامية، وهي أمور قد تكون مطلوبة في بعض الأحيان في السياسة. وبغض النظر عمّا اذا كان قرار غول بعدم الوقوف في وجه أردوغان سابقا نابعاً من هذا الامر، أم من كونه وفيّاً لصديقه ولقيم الحزب الذي شارك في تأسيسه، او لكليهما معا، نظراً الى علمه انّ مثل هذه المنازلة قد تؤدي الى انهيار الحزب وضياع الجهد السياسي المتراكم منذ أكثر من عقد ونصف العقد او للسببين معاً، فقد شجّع ذلك خصومه على التهجّم الشخصي عليه في محاولة لتهميشه وتقويض تأثيره الذي يخشونه.

محاولات تحجيم غول

في أغسطس من عام 2014، انتهت ولاية عبدالله غول في رئاسة الجمهورية، وقد كان لدى غول ثلاثة خيارات رئيسية، هي: إعادة الترشح في منصب الرئاسة، أو تبادل المواقع مع أردوغان في رئاسة الوزراء أو العودة لرئاسة حزب العدالة والتنمية. أستبعد غول الخيار الاوّل ليتجنّب انهيار المسار السياسي الذي ساهم في صنعه من خلال حزب العدالة والتنمية، ورفض الخيار الثاني لأنّه رأى انه غير مناسب، وبدا أنّه يميل الى الخيار الثالث. وبينما كان يستعد لهذا الخيار، جرت محاولة حثيثة لعزله وتهميشه وإقفال جميع الأبواب في وجهه لأسباب عدة أهمّها، خشية منافسيه داخل الحزب منه، بالإضافة الى الخطط التي عُرِفت في ما بعد عن رغبة أردوغان في السيطرة على الحزب كي لا يصبح معزولاً في الرئاسة من دون حزبه. فبعد ساعة واحدة من تصريحات لغول حول خياره المفضّل، خرج حسين تشيليك المتحدث باسم حزب العدالة آنذاك، ليعلن أنّ الحزب سيعقد مؤتمرا استثنائيا في 27 أغسطس (اي قبل يوم واحد فقط من نهاية ولاية غول) يتم فيه تعيين رئيس الحزب رسميا، كما خرج آخرون ليؤكدوا أن رئيس الحزب ورئيس الحكومة المقبلة سيكونان شخصا واحدا لا شخصين، وأنّه ليس هناك لفضل من أحد على حزب العدالة، فجميع المنجزات هي منجزات أردوغان فقط! فُهِم من كل ذلك أن الهدف هو تحييد غول نهائيا، فانعقاد المؤتمر في ذلك التاريخ يمنعه من الترشح لرئاسة الحزب، كما انّ التأكيد على أنّ منصبي رئيس الحزب ورئيس الحكومة سيشغلهما شخص واحد وأنّ الحكومة لن تكون مؤقتة هو دليل اضافي على أنّ غول شخص غير مرغوب فيه كرئيس للحكومة ايضا حتى بعد الانتخابات النيابية، وذلك لقطع الطريق نهائيا امام اي أمل بعودته.

.. والتشهير به.

عندما خرج عبدالله غول من الرئاسة عام 2014، تولت عدّة وسائل اعلامية مقرّبة من الحكومة التشهير به. لقد كان ذلك تصرفا غير لائق على الاطلاق، ولا يليق ايضا برئيس من هذا الطراز، والمشكلة ان الذين شهروا به هم من النفعيين الذين كثروا داخل حزب العدالة والتنمية وفي المؤسسات الرسمية، بالإضافة الى حديثي العهد بالسياسة. زوجة الرئيس غول رفضت آنذاك أن تسكت وقررت بعد انتهاء ولايته أن تكسر الصمت وتكشف عن حجم الضرر الذي لحق بزوجها جراء هذه الهجمة المنظّمة عليه، وقد قالت: «هل يعتقدون بأننا لا نعلم شيئا، لا نرى شيئا، نحن على علم بكل شيء، لقد تعرّض غول للكثير من قلّة الاحترام، ولكنه لا يقول شيئا لأنه انسان مؤدّب»، مضيفة ان ما تعرّضت له هي وزوجها لم تشهد مثله حتى في حقبة عام 1997 حين كان الحجاب مشكلة.

هل يترشح للانتخابات الرئاسية 2019؟

ما يجري الآن يرتبط الى حد كبير بما حصل سابقا. ربما يعتقد البعض انّه لا يزال من المبكر الحديث عن انتخابات 2019، لكنّ التحضيرات لهذه الانتخابات انطلقت بالفعل في تركيا إعلاميا وسياسيا خلال الأشهر القليلة الماضية. وفي هذا السياق، هناك من بدأ يشير الى انّ غول قد يترشّح للانتخابات القادمة، وخلال الشهر الماضي كتبت العديد من التقارير حول هذا الموضوع. ولذلك، فإن التراشق الإعلامي الحاصل بين غول وأردوغان يعكس حساسية تتعلق بهذا الخيار بالتحديد. وباعتبار غول مرشحاً وسطياً، فإن هناك الكثير من الناس المستعدون للتصويت له، بالإضافة الى أولئك الذين يتمنون الخسارة لأردوغان. وبهذا المعنى، فإنّ ترشح غول، إن تم، قد يحرم اردوغان على الأرجح من الحصول على %50 للفوز بالرئاسة من الغولة الاولى، وربما يهدد مصيره تماما في الغولة الثانية، وهو امر يخشاه بعض أنصار أردوغان ويتمناه الكثير من المعارضين. بالرغم من ذلك، لا اعتقد انّ غول قد يقدم على مثل هذه الخطوة الآن، فبمعزل عمّا يعتبره البعض غياباً لروح التحدي والحزم لديه، وهو الامر الذي يرى البعض أنّه قد يكون سبباً في خسارة شريحة من مؤيديه، فإن الظروف الحالية غير مؤاتيّة لترشّحه، وسيكون ذلك بمنزلة احراق لفرصته الوحيدة، وهو ما يفترض انّه سينتظر الفرصة المناسبة التي ستأتي عند اهتزاز الرئيس أردوغان أو عند تعرّض الاقتصاد لأزمة حقيقية أو عند انشطار حزب العدالة والتنمية، ولا مؤشرات حاليا على انّ مثل هذه الامور ستحصل قبل عام 2019.

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,132,250

عدد الزوار: 6,936,132

المتواجدون الآن: 83