صراع لغات في «مناطق النفوذ» السورية....سباق بين الروسية والفارسية في مدارس النظام...

تاريخ الإضافة السبت 30 أيلول 2017 - 2:10 ص    عدد الزيارات 1341    التعليقات 0

        

صراع لغات في «مناطق النفوذ» السورية....سباق بين الروسية والفارسية في مدارس النظام... وتنافس بين التركية والكردية في الشمال

بيروت ـ أنقرة ـ دمشق ـ لندن: «الشرق الأوسط»...برز في الآونة الأخيرة صراع لغات بين دول تسعى لتعميق حضورها في «مناطق النفوذ» السورية، سواء ضمن اتفاقات «خفض التصعيد» أو مدارس تابعة للنظام أو في مناطق المعارضة. ففي مناطق النظام، برز تركيز طهران على نشر اللغة الفارسية والمؤسسات الثقافية لها في أوساط الفقراء وفي دمشق وريفها. لكن روسيا التي تمر هذه الأيام الذكرى الثانية لتدخلها العسكري المباشر، كرست جهودها لإحياء المركز الثقافي الروسي الذي ورث الثقافة السوفياتية، إضافة إلى نشر اللغة الروسية في المدارس الرسمية خصوصاً في الساحل غرب البلاد قرب القاعدتين العسكريتين في حميميم قرب اللاذقية وطرطوس. ولوحظ تراجع اهتمام النظام بالمدرستين الأميركية والفرنسية في دمشق التي تنتشر فيها مدارس خاصة تدرس اللغتين الإنجليزية والفرنسية. في المقابل، عانى التلاميذ من قصف وحصار قوات النظام، إضافة إلى تحول مدارس إلى معتقلات للنشطاء. وحاولت دول عربية وإقليمية وغربية دعم المدارس ومؤسسات المجتمع المدني مع توسيع تدريس اللغة الإنجليزية في المدارس أو في الجمعيات الأهلية. أما في مناطق الشمال فبات الأكراد في سباق مع الزمن ليس فقط للتحدث بلغة حرموا منها لعقود بسبب حكم «البعث»، بل لتدريسها في المدارس خصوصاً في مناطق انتشار «قوات سوريا الديمقراطية» الكردية - العربية التي طردت «داعش» من مناطق عدة بفضل الدعم العسكري للتحالف الدولي. في المقابل، سعت تركيا إلى نشر لغتها في مدارس مناطق «درع الفرات» التي أقامتها فصائل «الجيش الحر» بدعم الجيش التركي شمال حلب. كما أنها فرضت على التلاميذ تعلم اللغة التركية في مدارس مخيمات اللجوء. ظهر في الفترة الأخيرة صراع ثقافي ولغوي بين القوى المتنافسة، إلى جانب الصراع العسكري والاقتصادي المستعر في المناطق المختلفة في سوريا التي تحولت إلى «مناطق نفوذ» إقليمية ودولية. في مناطق النظام السوري، بدأ الروس يعززون وجودهم الثقافي إلى جانب الوجود العسكري المباشر منذ نهاية 2015، وحصلوا على ترخيص لتعليم اللغة الروسية في المدارس الحكومية، إلى جانب تعزيز النشاطات الثقافية للمركز الثقافي الروسي الذي ورث المركز الثقافي السوفياتي وسط دمشق. وشكل هذا منافسة للإيرانيين الذين حاولوا نشر «الثقافة الفارسية» والمذهب الشيعي، مع تركيزهم على الفقراء والأرياف، وسط تراجع لانتشارهم المدني بعد التدخل الروسي؛ لكن محاولات طهران لا تزال قائمة وسط انتشار الميليشيات المدعومة من «الحرس الثوري الإيراني»، وتجاوز عدد أفرادها 60 ألفاً. وسُجل تراجع الاهتمام الرسمي بالمدرستين الأميركية والفرنسية. وتنقسم مناطق المعارضة ثقافياً إلى «مدارس» مختلفة. في مناطق شمال سوريا، بات الأكراد في صراع مع الزمن. وبعدما كانوا محرومين من الحكي بلغتهم الكردية، باتوا الآن يدرسون اللغة الكردية في المناطق التي تسيطر عليها «قوات سوريا الديمقراطية» التي تهيمن عليها «وحدات حماية الشعب» الكردية. وفي مناطق «درع الفرات» التي تشكل نحو ألفي كيلومتر مربع شمال حلب، وتسيطر عليها فصائل «الجيش السوري الحر» بدعم من أنقرة، انتشرت اللغة التركية في المدارس الموجودة. كما ألزمت أنقرة اللاجئين (نحو ثلاثة ملايين) تعلم اللغة التركية في المخيمات والمدن والقرى التركية. وإذ حافظت مناطق المعارضة في غوطة دمشق وجنوب سوريا وإدلب على المناهج الحكومية، برزت بعض المدارس الشرعية لفصائل إسلامية، إضافة إلى تقدم تعلم اللغة الإنجليزية، بفضل وجود مؤسسات مدنية وجمعيات مدعومة من دول غربية. تنشر «الشرق الأوسط» أربعة تحقيقات، تعكس واقع تعليم اللغات وتعلمها في مناطق النظام ومناطق المعارضة المختلفة.

الإنجليزية في مناطق المعارضة من دون «إنجازات الأسد والبعث»

{الشرق الأوسط}).... بيروت: يوسف دياب ....لم تدع الحرب السورية ناحية من نواحي الحياة إلا ودمرتها. وطاول الدمار البنى التحتية من كهرباء وماء وطرقات ومبانٍ حكومية ومنشآت طبية، وصولاً إلى المؤسسات التعليمية، التي نالها القسط الأوفر من الخراب والدمار ماديا ومعنوياً. لكن رغم الواقع المرير، فإن الشعب السوري الموجود في مناطق الحصار الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة، مصرّ على المضي بالعمل في قطاع التعليم؛ ما جعله يحوّل الخيم والمزارع إلى صفوف للتدريس، بعدما باتت أبنية المدارس والجامعات مجرد أطلال. وإذا كانت المؤسسات التعليمية لا تزال ماضية في اعتماد المناهج التربوية التي كانت معتمدة قبل اندلاع الثورة، فإنها مستمرة أيضاً في التمسك بتدريس اللغات الأجنبية، رغم محدودية القدرات، وتقلّص الكادر التعليمي المتخصص فيها، وهذه اللغة تبقى مادة أساسية ومهمّة في الامتحانات الرسمية. المتغيرات التي فرضتها الحرب على الشعب السوري في المناطق المحاصرة، لم تغيّر في إرادة السوريين المؤيدين للثورة، وتمسكهم باللغة الأجنبية مادة أساسية في برامجها، ولا سيما في شمال سوريا، وخصوصاً في محافظة إدلب أو في الغوطة الشرقية أو في محافظة درعا، رغم أن الظروف الأمنية والعسكرية تفرض فوارق، وإن ضئيلة بين هذه المنطقة وتلك. وقال أبو علي عبد الوهاب، القيادي في «الجيش السوري الحرّ» في إدلب لـ«الشرق الأوسط»، إن «المناهج التي تعتمدها مدارس إدلب، هي المناهج نفسها التي كانت قبل الثورة»، مشيراً إلى أن هذه المدارس «ألغت بعض الدروس التي تتحدث عن إنجازات حافظ الأسد، وتمجّد حزب البعث»، مشيراً إلى أن «اللغتين المعتمدتين إلى جانب اللغة العربية، هما الإنجليزية والفرنسية، بحيث يختار الطالب إحدى هاتين اللغتين»، نافياً اعتماد أي لغة إضافية جديدة، مثل اللغة التركية كما يتردد، لافتاً إلى أن «المنظمات الدولية أسست مدارس نموذجية، لكن عددها قليل، وهي متخصصة بالأطفال فقط، وتعطيهم حصصاً ترفيهية إضافية، وتدرّس اللغة الإنجليزية نفسها التي تدرّس في المنهاج التعليمي الرسمي». وعمّا إذا كانت مناطق سيطرة الفصائل الإسلامية ألغت المادة الأجنبية، أو غيّرت في المناهج التعليمية، قال عبد الوهاب: إن «المدارس الرسمية في هذه المناطق لا تزال تدرس المنهج نفسه، بما فيها اللغة الإنجليزية أو الفرنسية»، لكنه لفت إلى أن «بعض الفصائل الإسلامية ومنها (جبهة النصرة)، لديها معاهد خاصة، أنشأتها للتدريس». وأحصت دراسات وضعتها منظمات حقوقية، ومؤسسات تعنى بحقوق الإنسان أن النظام السوري، حوّل في السنوات الأولى من الحرب، مئات المدارس والجامعات، إلى معتقلات لسجن المعارضين الذين جرى اعتقالهم وتعذيبهم، بعدما غصت السجون بمئات الآلاف من المعتقلين، في حين دمرت المؤسسات التعليمية الموجودة في مناطق سيطرة المعارضة بالبراميل المتفجرة. ما يسري على محافظة إدلب، يسري أيضاً على الغوطة الشرقية المحاصرة، حيث أكد إسماعيل الداراني، عضو «مجلس الثورة بريف دمشق»، لـ«الشرق الأوسط»، أن «المناهج التي كانت قبل الثورة، لا تزال هي المعتمدة الآن في مدن وبلدات الغوطة»، مشيراً إلى أن «اللغة الأجنبية المعتمدة هي الإنجليزية فقط»، لكنه لفت إلى أنه «في مرحلة التعليم الثانوي، يخيّر الطالب ما إذا كان يرغب في تعلّم اللغة الفرنسية إلى جانب الإنجليزية، لكنها تبقى مادة ثانوية، غير ملزم الطالب بتقديمها في امتحانات شهادة الثانوية العامة، أي البكالوريا». ولفت الداراني إلى أن «مدراس الغوطة لم تعدّ بغالبيتها مؤهلة لاستقبال الطلاب، لأنها باتت مدمرة كلياً أو جزئياً، عدا عن النقص الحاد في الكادر التعليمي؛ لأن المدرسين بغالبيتهم، إما قتلوا أو فروا من المنطقة»، مؤكداً أن «التعليم يتولاه الآن بغالبيته طلاب الجامعات، الذين يدرسون المواد التعليمية بما فيها اللغة الأجنبية، لكن بالحد الأدنى، وحسب طاقاتهم»، كاشفاً عن أن «البلدات والقرى التي دمرت مدارسها، تتخذ الآن من الخيم والغرف الخشبية الموجودة في المزارع، صفوفاً للتعليم والتعويض على ما فاتهم». ولا يختلف هذا الوضع، عما تعيشه القطاعات التعليمية في محافظة درعا، التي تعتمد المنهج نفسه واللغة الأجنبية نفسها، مع فارق بسيط وهو الغياب شبة التام للغة الفرنسية، حسبما أفاد الناشط الإعلامي المعارض في درعا حميد ناصير، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «اللغة الأجنبية المعتمدة في مدارس الجنوب، ومنها محافظة درعا هي اللغة الإنجليزية»، لافتاً إلى أن «غياب مادة اللغة الفرنسية عن 90 أو 95 في المائة من مدارس جنوب سوريا، مردّه إلى عدم وجود مدرسين لها».

تركيا تلحق مناطق «درع الفرات» جغرافياً... ولغوياً

أنقرة: سعيد عبد الرازق.. اتخذت تركيا عدداً من الخطوات لإقرار نظام تعليمي يخضع لإشرافها في المناطق التي تم تحريرها من يد تنظيم داعش عبر عملية «درع الفرات» التي نفذتها بالتعاون مع فصائل من «الجيش السوري الحر». وقامت السلطات التركية منذ انتهاء العملية العسكرية في أواخر مارس (آذار) الماضي بتأهيل المرافق الخدمية والمدارس على محور أعزاز - جرابلس الباب فيما يشير إلى بسط سلطتها فعليا على هذه المناطق وربطها بتركيا وإدخال اللغة التركية في العملية التعليمية إلى جانب اللغة العربية بالتوازي مع إدماج أبناء اللاجئين السوريين في الداخل التركي في النظام التعليمي وإلحاقهم بالمدارس الرسمية. وقبل انطلاق العام الدراسي الجديد في مناطق سيطرة «درع الفرات» التي توجد بها فصائل «الجيش السوري الحر» الموالية لتركيا، خضع 5 آلاف و686 معلما سوريا، لامتحان قبول أجرته وزارة التعليم التركية في هذه المناطق التابعة لمحافظة حلب شمال سوريا، للتدريس في مدارس المنطقة خلال العام الدراسي الذي انطلق الأحد الماضي.

التجربة التركية

وحول النظام الجديد الذي بدأ تطبقه في هذه المناطق، قال علي رضا ألتون إل مدير برنامج «التعلم مدى الحياة» في وزارة التعليم التركية إن الوزارة كثفت من أنشطتها لتسهيل إجراءات العام الدراسي في المدارس والمراكز التعليمية بمناطق «درع الفرات» التي تم تطهيرها من تنظيم داعش و«وحدات حماية الشعب» الكردية، مشيرا إلى أنه تم تجهيز مدارس المنطقة من خلال حملات مساعدات نظموها لهذا الغرض من أجل سد احتياجات التلاميذ بالمنطقة من المواد الكتابية. وأضاف أن الدراسة بدأت في نحو 500 مدرسة قاموا بتجهيزها يدرس بها نحو 150 ألف تلميذ، لافتا إلى أن الوزارة تعمل على نقل تجربة التعليم في تركيا، وبخاصة نظام التعليم الإلكتروني إلى مناطق «درع الفرات» خلال فترة قصيرة. وأضاف المسؤول التركي أنه تم خلال العطلة الصيفية تنظيم دورات في التأهيل التربوي في 9 مراكز مختلفة، وأن الأولوية للمدرسين المتخرجين في سوريا، لافتا إلى أن أبناء المنطقة يرغبون في تعلم اللغة التركية، لذلك فإن وزارة التعليم التركية تخصص مدرسين من تركمان المنطقة الذين يجيدون اللغة لتدريسها لا سيما أن أغلبية سكان المنطقة هم من أصول تركمانية.

خطوة جديدة

في خطوة أخرى جديدة، تبدأ الدراسة في المعهد المتوسط للعلوم السياسية الذي أعلنت «أكاديمية آفاق للتطوير والتغيير» ومركزها مدينة غازي عنتاب جنوب تركيا افتتاحه قبل العام الدراسي الجديد في مدينة أعزاز بريف حلب الشمالي، في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل في خطوة هي الأولى من نوعها في مناطق «درع الفرات». ويستمر تسجيل الطلاب حتى نهاية سبتمبر (أيلول) الحالي برسوم تبلغ ألف ليرة سورية تدفع في مقر المعهد. ويحق للمتقدم الحاصل على الشهادة الثانوية بكلّ فروعها ومصادرها (ائتلاف - عربية - التربية السورية - معياري - الهيئة الوطنية - المراكز المؤقتة في تركيا) التسجيل بالمعهد، وتقبل الشهادات بغض النظر عن تاريخ صدورها أو المعدل الحاصل عليه الطالب ويمكن للطلاب الذين لم تسمح لهم ظروفهم بالتسجيل في الموعد، التقدم بطلب لإدارة المعهد للنظر فيه. أما بالنسبة لأبناء اللاجئين السوريين في تركيا، قال مدير التعليم في ولاية إسطنبول التركية عمر فاروق يلكنجي إن المدارس السورية ستنهي خدماتها خلال السنوات الأربع المقبلة، فيما يستكمل طلابها دراستهم في المدارس التركية. وأضاف في مقابلة مع وكالة «الأناضول» في مناسبة بدء العام الدراسي الجديد، أن طلاّب بعض الصفوف الدراسية من السوريين سيلزمون بمتابعة دراستهم في المدارس التركية وأن الطلاب بمدارس التعليم المؤقت في المدن التركية سينتقلون تدريجيا إلى المدارس التركية. وأشار إلى أن جميع الأطفال السوريين كانوا يدرسون بمراكز التعليم المؤقت، ولكن منذ العام الدراسي 2016 - 2017. تم إحداث تغيير نموذجي في التعليم وتم بداية، إلغاء الصفوف الأول والخامس والتاسع، وإجبار طلابها على التسجيل بالمدارس التركية، بينما ظل من لا يتقن التركية بشكل جيد من بين هؤلاء الطلاب خارج إطار النظام. وعن التعديلات الجديدة، أشار يلكنجي إلى أنّ «عدد مراكز التعليم المؤقت بلغ هذا العام، 55 مركزا في إسطنبول، غير أنها لم تعد مستقلة كما كانت عليه في السنوات السابقة، فمنذ بداية العام الحالي تم ربط كل مركز بمدرسة تركية، لتتحول الدروس إلى المباني والمدارس التركية». وقبل التعديلات الأخيرة لوزارة التعليم التركية، فإن 7 آلاف من الطلاب السوريين البالغ عددهم في إسطنبول 55 ألفا، تابعوا دراستهم بالمدارس التركية، و48 ألفا بمراكز التعليم المؤقت، لكن بعد تفعيل التعديلات، أصبح 29 ألف طالب بالمدارس، و26 ألفا بمراكز التعليم المؤقت من جملة 55 ألف طالب بإسطنبول. وأضاف أن ألفا و711 متطوّعا يعملون بهذه المدارس، إلى جانب 828 مدرسا متعاقدين باللغتين العربية والتركية، لافتا إلى أن رواتب المدرسين المتعاقدين يتم دفعها وفق برنامج خاص مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف»، لتوظيف المدرّسين السوريين. ولفت إلى أن الطلاّب المسجّلين والحاملين لأرقام مؤقتة، سينتقلون تدريجيا خلال 4 سنوات إلى المدارس التركية، بمعنى أن جميع طلاب مراكز التعليم المؤقت سيتابعون دروسهم بالمدارس التركية. وبخصوص المناهج، أوضح المسؤول التركي، أن المناهج بمراكز التعليم المؤقت مستقلة، في حين أن المدارس التركية ملزمة بالمنهج الرسمي.

صعوبات التوظيف

وحول مصير المدرسين السوريين، أو الحاصلين على الجنسية التركية، أوضح أن شروط انتقال العاملين والمدرسين في مراكز التعليم الخاص إلى القطاع العام التركي معلومة وتخضع للقوانين منها التمتع بالجنسية التركية. كما تنطبق على هؤلاء المدرّسين القوانين التركية المطبقة على المدرسين الأتراك، منها معادلة الشهادة الجامعية، واستيفاء الشروط الكافية للتعليم، إضافة لاجتياز امتحان توظيف المواطنين الأتراك، وحتى الآن، لا يوجد أي تعديل في القوانين فيما يخص هؤلاء المدرسين. وأشار المسؤول التركي إلى أن الطلاب الحاليين ليسوا جميعهم من القادمين من الحرب، بل هناك طلاب ولدوا في تركيا، ووصلوا لمرحلة التعليم، ولذلك فإننا نعمل بشكل جاد مع المدرسين المؤهلين ومنظمات المجتمع المدني. وينطبق الوضع في إسطنبول على باقي أنحاء تركيا حيث يتم دمج الطلاب في مراحل التعليم قبل الجامعي والذي يصل عددهم إلى نحو نصف مليون في المدارس التركية بعد أن بدأ إغلاق مراكز التعليم المؤقتة للسوريين.

الفارسية تتغلغل بين الفقراء في مناطق النظام... والروسية في المدارس الرسمية وتقليص الاهتمام بالمدرستين الأميركية والفرنسية

لندن - دمشق: «الشرق الأوسط».... في عام 2011. أخلت السفارات الأجنبية مسؤوليتها عن إدارة المدارس الأجنبية التابعة لها وأوكلت المهمة لجهات سورية أهلية استثمرت تلك المدارس، كالمدرسة الأميركية والمدرسة الفرنسية في دمشق. وكانت المدرسة تستوعب أكثر من 900 تلميذ تقلصوا خلال فترة الحرب إلى 220 تلميذاً. لكن إدارة المدرسة نحت باتجاه تعزيز وجودها الثقافي من خلال مكتبة للمهتمين. وواصلت المدرسة الباكستانية التي واصلت عملها من دون تغيير رغم تراجع عدد طلابها جراء الحرب، وارتفاع أقساطها إلى ما يتجاوز المليون ليرة سورية (الدولار الأميركي يساوي 500 ليرة) ما يجعلها حكرا على أبناء طبقة الميسورين. في المقابل وسعت المدرسة الباكستانية الدولية نشاطها الاجتماعي الخيري كتقديم مساعدات لذوي الحاجات الخاصة وغيرها من أنشطة تؤكد حضورها على الساحة السورية، ولو بمستوى لا يعكس طموحها كباقي المدارس الأجنبية التي تنتظر جلاء حالة الحرب. لكن ذلك لا ينطبق على نشاط المراكز الثقافية الإيرانية التي بدأت بالانتشار في سوريا منذ عام 2006 بهدف الترويج للغة والثقافة الفارسية. ومع بدء الصراع المسلح والوجود الإيراني العسكري تنامى الاهتمام الإيراني بنشر اللغة الفارسية بالتوازي مع نشر المذهب الشيعي الجعفري، عبر مدارس ثانوية شرعية انتشرت في قرى الساحل السوري منذ عام 2008 وريفي إدلب وحلب، المناطق التي تتطلع إيران لبسط نفوذها العسكري والاجتماعي والثقافي مستغلة حالة التهميش والفقر التي تعيشها تلك الأرياف، ومستفيدة من تقارب مذاهب العلويين (الذين يتركزون في قرى الساحل) مع مذاهب الشيعة، وتواجد عدد من القرى الشيعية في ريف إدلب وحلب. لكن النجاح الذي حققته إيران في التغلغل في تلك المناطق إضافة إلى بعض أحياء دمشق في السنوات التي سبقت اندلاع الثورة ضد النظام، تأثر سلبا بالتدخل العسكري الإيراني إلى جانب النظام، على الضد مما أرادته إيران فتواجدها لم يلق العداء من المعارضة وحسب بل إن المجتمع الموالي للنظام تقبله على مضض، كالدواء المرّ. حيث ساهمت المدارس الشرعية الإيرانية بانتشار طقوس ومظاهر دينية غريبة عن طبيعة تلك المناطق. ويقول علي. م موجه تربوي ريف اللاذقية: «بعد افتتاح الثانويات الشرعية الإيرانية لاحظنا أن بناتنا توجهن لارتداء الحجاب وبعض الشباب بدأوا يستنكرون عاداتنا المنفتحة في الساحل باعتبارها كفرا وبعدا عن الدين، وراحت مفاهيم وعادات متزمتة تنتشر في مناطقنا». ندى.ح تقول: إنها لم تعارض رغبة ابنتها بتعلم الفارسية والتردد على المركز الثقافي الإيراني، والمشاركة في نشاطات مجمع الرسول الأعظم، لكنها رفضت رفضا قاطعا التحاقها بالثانوية الشرعية، ما أدى إلى تفجر أزمة عائلية كبيرة. «لم أتقبل تدينها وتحولها إلى فتاة متزمتة معقدة ترفض مصافحة الرجال وتفرض علينا الحجاب». وشهدت المدارس الإيرانية إقبالا متزايدا في القرى الفقيرة كون تلك المدارس تمنح رواتب شهرية للطلاب، كما تقدم لهم كافة التسهيلات لمتابعة الدراسة بإيران وإيجاد فرص عمل، في مساعٍ لتأسيس حاضنة شعبية مشبعة بالثقافة الإيرانية من خلال مؤسسات تغطي كافة المناطق السورية المستهدفة مثل «مجمع الرسول الأعظم» الذي افتتح في اللاذقية عام 2014 وتولى مهمة الترويج والدعاية للثقافة الفارسية كما أشرف على المدارس والمعاهد الخاصة لتعليم اللغة وأقسام اللغة الفارسية في الجامعات الحكومية دمشق وحلب وتشرين في اللاذقية والبعث في حمص. وأسهم المجمع الذي يديره الشيخ أيمن زيتون خريج قم والمتحدر من بلدة الفوعة الشيعية في ريف إدلب، في تزايد الإقبال على تعلم الفارسية في ريف اللاذقية مقارنة بالمحافظات الأخرى حمص وحلب ودمشق. وظهرت برامج الدورات التي يجريها المجمع تناميا في برامجها، لا سيما بعد التدخل الروسي العسكري في سوريا، الذي لاقى قبولا في المجتمع الساحلي. وقال الموجه التربوي «علي.م» إن التدخل الروسي جاء «رحمة» لإنقاذ أهالي الساحل من المد الإيراني. وأضاف: «لا نكره إيران بل نحبها لكننا لا نحب مساعيها لتحويلنا إلى المذهب الشيعي والتزمت الديني، نحن لنا هويتنا ومعتقداتنا الخاصة بنا، وإذا أظهرنا ميلا لروسيا فليس حبا بها بل لأنهم يجلبون معهم قيما منفتحة متحضرة ولا يفرضون علينا معتقداتهم الدينية». ربما حالة الرفض التي عبر عنها الموجه التربوي شكلت دافعا لحكومة النظام كي تأمر بإغلاق المدارس الشرعية الإيرانية في قرى الساحل مع بداية العام الدراسي الجاري، كمدرسة عين شقاق، ومدرسة رأس العين، ومدرسة القرداحة، ومدرسة كرسانا، ومدرسة سطامو، والثانوية المركزية ومدرسة البهلولية.... وغيرها، بزعم أنها لا تلتزم بتدريس المناهج المعتمدة من وزارتي الأوقاف والتربية التابعتين للنظام. إغلاق تلك المدارس لم يلق الاحتجاج المتوقع سوى من بعض أهالي الطلبة الذين تساءلوا عن مصير دراسة أبنائهم، أما الجانب الإيراني المهموم بالسيطرة على أرياف حلب والساحل فاتجه نحو زيادة نشاطه في دعم تعليم اللغة في الملحقية الثقافية التابعة للسفارة الإيرانية بدورات على أربع مراحل و8 مستويات، في مراكز تعليم الفارسية في اللاذقية، ومركز تعليم اللغات الأجنبية التابع لجامعة دمشق، ومركز جامعة المصطفى لتعليم اللغة الفارسية، وحوزة الإمام الخميني والمدرسة المحسنية في دمشق، وحسينية الإمام المهدي في منطقة زين العابدين في دمشق، والكلية العسكرية السورية، وجامعة السيدة رقية ومركز الحجة في محافظة طرطوس والعديد من المراكز الأخرى. إضافة إلى توقيع اتفاقيات تتضمن منحاً دراسية متبادلة للمراحل الجامعية. والدراسات العليا، وكذلك مراحل الدكتوراه والماجستير. حيث تقدم إيران 200 منحة دراسية سنوياً للطلاب السوريين، مقابل 60 منحة يقدمها الجانب السوري للطلاب الإيرانيين!. بالتوازي مع ذلك، نشطت «هيئة إعادة الإعمار الإيرانية» في حلب بإعادة تأهيل نحو خمسين مدرسة، منها 35 مدرسة في ريف حلب، أعيد تشغيل عشرين مدرسة ويجري العمل على المدارس الثلاثين الباقية. ووجدت إيران نفسها في تنافس محموم مع روسيا التي تمكنت فور دخولها سوريا من فرض تعليم لغتها بالمناهج الدراسية لمراحل التعليم الأساسي إلى جانب اللغتين الإنجليزية والفرنسية حيث تتولى وزارة الدفاع الروسية مهمة الإشراف على تدريس اللغة الروسية عبر كادر روسي خاص بوزارة التربية التابعة لحكومة النظام. كما تعمل على تقديم منح لدراسة الأدب الروسي في موسكو ضمن خطط تأهيل كوادر سورية لتدريسه. وبعد أربع سنوات من إدخال اللغة الروسية على المناهج السورية، ما تزال مشكلة نقص الكوادر التدريسية العقبة الأهم في وجه نجاح هذه التجربة، إذ يتم الاعتماد على نساء روسيات متزوجات من سوريين، وكانت وزارة التعليم العالي التابعة للنظام قد أعلنت مؤخرا عن 18 بعثة علمية في روسيا للحصول على درجة الإجازة في اللغة الروسية وآدابها لصالح وزارة التربية. وقال مدير تربية حلب إبراهيم ماسو: «عدد المدارس التي تدرس الروسية في حلب حالياً هي أربع مدارس، ويوجد توجه لتوسع نشر المادة في عدة مدارس أخرى بحلب، لكن ذلك يحتاج إلى كادر تدريسي» يجري العمل بالتعاون مع روسيا على تأمينه، كونها تطمح إلى تمكين تواجها في سوريا لا سيما في منطقة الساحل حيث تتواجد قواعدها العسكرية، وإذا كانت إيران تتغلغل في الريف كمجتمعات بسيطة أكثر قابلية للتجاوب مع دعايتها التبشيرية الدينية، لتكون قاعدة لسيطرتها على سوريا من خلال مؤسسات وهيئات إيرانية تنشئها داخل الجسم السوري، ولا تلقى القبول الكافي، فإن روسيا تسلك الخط الأسرع والأقوى والأكثر فعالية نحو المجتمع السوري عبر مؤسسات النظام التعليمية والثقافية القائمة، لتمارس وصايتها من الداخل حيث تجد في المجتمعات المدنية في مناطق النظام، تقبلا يضعها في موقع الراعي «المتفهم».

 

 

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,267,622

عدد الزوار: 6,942,884

المتواجدون الآن: 117