الحكومة التونسية العاشرة منذ إطاحة بن علي.. «وزارة حرب» أم «فرصة أخيرة»؟

تاريخ الإضافة الأحد 10 أيلول 2017 - 7:09 ص    عدد الزيارات 1370    التعليقات 0

        

الحكومة التونسية العاشرة منذ إطاحة بن علي.. «وزارة حرب» أم «فرصة أخيرة»؟

الشرق الاوسط..تونس: كمال بن يونس

نجح رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد في تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة تضم ممثلين عن 7 أحزاب ونقابات، فأجهض مخططات الأطراف التي عملت على إسقاطه وإيقاف مسار «الوحدة الوطنية»، وخيار التوافق بين غالبية الأحزاب الممثلة في البرلمان. إلا أن ردود الفعل على تشكيلة هذه الحكومة، وهي العاشرة منذ إسقاط حكم زين العابدين بن علي في يناير (كانون الثاني) 2011، تراوحت بين الترحيب والانتقادات اللاذعة. وفي الأثناء تعاقبت تحركات بعض الأطراف لمنع تزكية الحكومة كلياً أو جزئياً، أو إسقاط بعض عناصرها خلال الجلسة العامة الاستثنائية التي ستعقد الاثنين بناءً على دعوة رسمية وجهها رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي. ومن جانب ثانٍ، بينما رحبت قيادات النقابات وغالبية الأحزاب البرلمانية، بما فيها راشد الغنوشي، زعيم حزب النهضة، بهذه الحكومة واعتبرتها انتصارا جديدا لدعاة التوافق الوطني بين العلمانيين والإسلاميين من جهة وبين النقابات والسلطة من جهة ثانية، صعّدت أطراف يسارية معارضة لهجتها ضدها بشكل غير مسبوق وفتحت النار وبخاصة ضد وزيري الداخلية والدفاع، وضد الوزراء الذين تحملوا مسؤوليات سياسية وحزبية أو حكومية قبل «ثورة يناير» 2011.

فإلي أين ستسير تونس؟ وهل ستحقق التشكيلة الحكومية الجديدة الشعارات الطموح التي رفعها رئيسها؟

استبق الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي عملية الكشف عن أسماء التشكيلة الجديدة لحكومة «الوحدة الوطنية» بحوار في صحيفة رسمية، وصف فيه هذه التشكيلة بأنها ستكون بمثابة «الفرصة الأخيرة» لتكريس التوافق الوطني. وقدم قائد السبسي في ذلك الحوار انتقادات غير مسبوقة لخيار الشراكة في الحكم مع حزب النهضة الإسلامي، صاحب الكتلة الأكبر في البرلمان. غير أنه برّر هذا الخيار باحترام قانون اللعبة الديمقراطية ونتائج الانتخابات التي أوصلته وحزبه «نداء تونس» للحكم بنهاية 2014، لكنها أعطت أيضاً المرشحين الإسلاميين نحو ثلث الأصوات والمقاعد. لدى الكشف عن قائمة الوزراء الجدد، وصف رئيس الحكومة يوسف الشاهد بعد لقائه رئيس الجمهورية، في قرطاج: «حكومة الوحدة الوطنية» الثانية التي كلف بتشكيلها بأنها ستكون «حكومة حرب». وأوضح أنه سيخوض مع فريقه الجديد 3 حروب: على الإرهاب، وعلى الفساد، وعلى الفقر... من أجل التنمية ضد البطالة والتفاوت الجهوي. ولقد رحبت قيادات أبرز الأحزاب التونسية بهذه التشكيلة، بما فيها أحزاب اليسار المعتدل، مثل ياسين إبراهيم زعيم حزب آفاق وعصام الشابي زعيم الحزب الجمهوري وسمير الطيب زعيم حزب المسار الشيوعي. وجاء الدعم الأكبر لحكومة يوسف الشاهد الجديدة، وهي الثانية خلال سنة، من قبل زعيمي الحزبين القادرين على منح الثقة في البرلمان وحدهما... أي الغنوشي زعيم حزب النهضة وحافظ قائد السبسي، نجل رئيس الدولة وزعيم حزب «نداء تونس» والتيار الدستوري الموالي للزعيم الأسبق الراحل الحبيب بورقيبة. وبلغة الأرقام، ستحصل هذه التشكيلة الحكومية الجديدة بلا عناء على 109 أصوات من بين نواب البرلمان الـ217، لكن ماذا عن الاعتراضات السياسية والحملة الإعلامية المبكرة التي توشك أن تربكها قبل مباشرتها مهامها وخوضها «حروبها» على الفساد والفقر والإرهاب؟

وزيرا الدفاع والداخلية

تكشف التصريحات الأولوية الصادرة عن الموالين للرئيس السابق للدولة الدكتور محمد المنصف المرزوقي، وعن زعامات اليسار الراديكالي بقيادة حمة الهمامي، اعتراضات قوية في بعض الأوساط على اسمي وزيري الدفاع والداخلية في الفريق الحكومي الجديد: عبد الكريم الزبيدي ولطفي ابراهم. وكان الزبيدي تولّى حقيبة الدفاع في عهد المرزوقي واستقال منها بعد الهجوم على السفارة الأميركية بتونس في سبتمبر (أيلول) 2012. وسبق لوزير الداخلية الجديد أن شغل رئاسة مؤسسة الحرس الوطني قبل أن يدخل في خلافات مع فريق الرئيس السابق وبعض المسؤولين الحكوميين الموالين للائتلاف الحاكم وقتها. ويتزعم حملة المعارضين لشخصي وزيري الداخلية والدفاع الجديدين البرلماني عماد الدايمي، الوزير مدير الديوان الرئاسي في عهد الرئيس المنصف المرزوقي والأمين العام لحزب الحراك حالياً. وجاء في سلسلة تصريحات وتدوينات أدلى بها الدايمي أنه وحزبه يعترضان على تعيين جنرال وزيراً، فضلاً عن قدومه من مؤسسة الحرس الوطني، كما توقع أن تعترض غالبية قيادات الشرطة على تعيين وزير من سلك منافس لهم داخل المؤسسة الأمنية المركزية.

ملف الهجوم على السفارة الأميركية

من ناحية ثانية، لئن اعترض أنصار اليسار الراديكالي بزعامة حمة الهمامي والرئيس السابق المنصف المرزوقي على نحو 7 أسماء سبق أن تحملت مسؤوليات عليا في الدولة والحزب الحاكم قبل «ثورة 2011» - بينها وزراء المالية والتربية والنقل والدفاع ووكلاء وزراء في الخارجية والشؤون الاقتصادية - فإن الأخطر هو إعادة فتح ملف الهجوم على السفارة الأميركية بتونس وحرقها من قبل متظاهرين متشددين في سبتمبر 2012، وذلك بعد يومين فقط من اغتيال السفير الأميركي في ليبيا داخل مقر قنصلية الولايات المتحدة في مدينة بنغازي. وحقاً، أعاد الدايمي وأنصاره في حزبي الحراك والمؤتمر إلى السطح انتقادات وجهها الرئيس السابق المرزوقي في حوار تلفزيوني إلى وزير الدفاع وقتها، عبد الكريم الزبيدي، ورئيس أركان الجيش التونسي في عهده رشيد عمار، بسبب خلافات في تحديد مسؤولية الجهة التي كانت وراء فشل إيقاف المتظاهرين قبل اقتحامهم للسفارة الأميركية ثم قبل حرق أغلب عماراتها ومؤسساتها. وكان المرزوقي ووزيره للديوان الرئاسي الدايمي قد تبادلا الاتهامات في وسائل الإعلام مع وزير الدفاع العائد الزبيدي ورئيس الأركان السابق عمار حول ملابسات تلك الأحداث، وحول قرار اتخذته واشنطن بعدها بإنزال قوات تابعة لمشاة البحرية «المارينز» في تونس تحت عنوان حماية السفارة الأميركية وموظفيها. وكشف الوزير الأسبق أن الجنرال عمار رفض عند اتصال المرزوقي به القبول بإتمام عملية الإنزال العسكري، وأنه ذكر للمرزوقي أن وزير الدفاع رفض تماما هذا الطلب. ولقد كشفت الاتهامات المتبادلة أن قوات من «المارينز» وصلت فعلا إلى تونس في حدود الساعة 2 فجرا من اليوم الموالي لحرق السفارة. وقد تتسبب إعادة فتح الملف في البرلمان بمناسبة عرض قائمة التشكيل الحكومي على المناقشة في إحراجات سياسية وشعبية بالجملة لكل الأطراف السياسية المشاركة في الحكم وفي المعارضة.

ترحيب بـ«رجال الدولة»

في المقابل، نوّه عدد كبير من السياسيين والخبراء المستقلين، مثل الجامعي عبد اللطيف الحناشي والإعلامي هشام الحاجي والبرلماني ماهر مذيوب، بكفاءة غالبية الوزراء وكتاب الدولة الذين عينوا في التشكيلة الجديدة، وبينهم من كانت لهم خبرة في تسيير شؤون الدولة مثل وزير المالية رضا شلغوم، ووزير التربية حاتم بن سالم، اللذين كانا شغلا كلتا الحقيبتين في آخر عهد بن علي، ثم عينهما الرئيس قائد السبسي مستشارين في ديوان رئاسة الجمهورية. لكن الترحيب بالاعتماد مجدداً على رجال دولة سبق أن لعبوا أدواراً بارزة قبل «ثورة 2011» تزامن مع حملة إعلامية عنيفة تشنها ضدهم بعض الأوساط المعارضة، وبخاصة في «الجبهة الشعبية» التي تضم 15 حزباً قومياً عربياً ويسارياً ويتزعمها الأمين العام لحزب العمال الشيوعي حمة الهمامي. وراهناً ينتمي 15 نائبا في البرلمان لهذا التكتل السياسي اليساري، وهؤلاء أعلنوا أنهم سيصوّتون ضد التشكيلة الحكومية لأسباب كثيرة، من بينها مشاركة رموز من نظام بن علي فيها، بجانب تكريسها التحالف السياسي بين الإسلاميين والدستوريين الموالين لنظامي بورقيبة وبن علي. وتجدر الإشارة، أن الهمامي وبعض رفاقه في الجبهة الشعبية اليسارية التقوا مع الموالين للرئيس السابق المرزوقي في اتهام بعض الوزراء المقترحين بالفساد الإداري والمالي، واعتبروا أن بعض التسميات تتناقض مع «الحرب على الفساد» التي أعلنها رئيس الحكومة يوسف الشاهد قبل 3 أشهر فعزّزت شعبيته ومنحته ثقة تيار واسع من المعارضين والنقابيين.

مخاطر الانفجار الاجتماعي

بعيداً عن ترحيب الزعامات السياسية والنقابية أو اعتراضاتها على التشكيلة الحكومة العاشرة منذ الثورة، يحذّر بعض الخبراء والمراقبين من مخاطر انفجار الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في مرحلة توحي فيها كل المؤشرات المالية بأن عام 2018 سيكون صعباً؛ وهو ما يستوجب مزيدا من السياسات اللاشعبية والقرارات المؤلمة بالنسبة للطبقتين الفقيرة والمتوسطة. وفي هذا السياق، حذّر أعضاء المجلس المركزي في التجمع اليساري المعارض في اجتمع طارئ في بيان يحمل توقيع الهمامي من علاقة التعديل الجديد في تشكيلة الحكومة، وما أسموه الشروط و«الإجراءات المؤلمة» المفروضة على تونس من قبل صندوق النقد الدولي، ومَن وصفوها بـ«الدوائر المالية والاستعمارية»، التي اتهموها بالعمل على تقويض ما بقي من القطاع العمومي وتصفية المكاسب الاجتماعية للتونسيات والتونسيين وسدّ أبواب الرزق أمامهم، وإثقال كاهلهم بالضرائب والأداءات، والرفع في الأسعار وهتك سيادة وطنهم. وحذّر الوزير السابق وزعيم «التيار الديمقراطي» محمد عبو «من سيناريو الانفجار الاجتماعي والسياسي والأمني» بعد هذا التعديل الحكومي، الذي اعتبر أنه «كرّس انتصار الجناح المناصر للفساد والليبرالية المتوحشة على جناح الإصلاح ومكافحة الفساد الذي يتزعمه رئيس الحكومة يوسف الشاهد منذ أشهر». من جهة أخرى، حذّر البرلماني اليساري منجي الرحوي من الاضطرابات الاجتماعية والشبابية والنقابية بسبب ما وصفه بـ«السياسات الفاشلة المتراكمة منذ عقود، ومنها الشروط التي تريد مؤسسات مالية أوروبية ودولية، التي من بينها صندوق النقد الدولي، أن تعقد بموجبها اتفاقات جديدة تهدد قطاعات الفلاحة والخدمات والطبقات الشعبية، و«ترهن الأجيال القادمة لدى تلك الدوائر المالية والاستعمارية التي لا تُراعَي سوى المصالح المباشرة للحكومات القائمة والأقلّيات النهّابة التي تدعمها، وهو ما ستعكسه ميزانية 2018 التي بدأت ملامحها الخطيرة تظهر من الآن»، على حد تعبيره.

الانتخابات وتعديل الدستور

على صعيد آخر، فإن المسكوت عنه وراء هذا التعديل الحكومي الجديد الذي دعم رئيس الحكومة يوسف الشاهد وحلفاءه الرئيسيين في الحزبين الكبيرين، «النداء» و«النهضة»، هو التأثير في التحضيرات للانتخابات البلدية والجهوية العامة المقررة بنهاية العام الحالي، ثم في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة لعام 2019، ولقد طالبت بعض الأطراف اليسارية بتنظيمها العام المقبل وبأن يسبقها تعديل للدستور. وفعلاً، ثار الجدل في الأوساط السياسية والإعلامية التونسية منذ أشهر حول نجاعة التعديل الحكومي، وما إذا كان من الأفضل تقديم موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة وتأجيل الانتخابات البلدية والجهوية، التي يخشى العلمانيون واليساريون أن تسفر عن فوز ساحق لأنصار «النهضة»، وبخاصة بعد كشف هذا الحزب الإسلامي عن أن نصف مرشحيه سيكونون من المستقلين عنه حزبياً وتنظيمياً. وإذا كانت نتيجة التعديل الحكومي ترفيع نسبة الوزراء وكتاب الدولة في حزب قائد السبسي فيه إلى 17، مقابل 7 فقط لـ«النهضة»، ذات الكتلة الأكبر في البرلمان، فإن خصوم الحزبين الكبيرين - مثل الوزيرين السابقين رضا بالحاج ومحسن مرزوق ورئيس الحكومة الأسبق المهدي جمعة - يخشون من توظيف تفوق هذين الحزبين في الحكومة والبرلمان من أجل التأثير في نتائج الانتخابات البلدية وفي توجهات البلاد قبل انتخابات 2019 الرئاسية والبرلمانية. ولذا؛ دعا أنصار 7 أحزاب صغيرة في مؤتمر صحافي لتأجيل موعد الانتخابات البلدية إلى العام المقبل. كذلك، دعا حزب المؤتمر، المقرّب من الرئيس السابق المرزوقي، في بيان صادر عنه جميع القوى الوطنية من منظمات وأحزاب وشخصيات وطنية إلى «ضرورة الاستنفار العاجل من أجل إنقاذ البلاد»، والتصدي لما قال عنه أنه «يمثل انقلاباً على دستور الجمهورية وارتدادا على استحقاقات الثورة». وأعلنت أطراف سياسية كثيرة تقودها شخصيات تريد الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، بينها رئيس الحكومة عام 2014 المهدي جمعة والمرشح السابق للانتخابات الرئاسية الإعلامي محمد الهاشمي الحامدي، أنها ستطلق مبادرات إنقاذ في هذا الاتجاه.

تحضيرات على نار هادئة

في الأثناء، تتواصل في كواليس الحزبين الكبيرين التحركات تحضيرا على نار هادئة للمعارك السياسية والانتخابية المقبلة على جبهتين:

- الجبهة الأولى هي جبهة دعم حكومة الوحدة الوطنية بزعامة رئيسها يوسف الشاهد الذي رشحه كثيرون لرئاسة حزب قائد السبسي والترشح لانتخابات 2019، بينهما طالبه زعيما حزب النداء والنهضة حافظ قائد السبسي وراشد الغنوشي بـ«التفرغ للعمل الحكومي والابتعاد عن التجاذبات السياسية والانتخابية».

- الجبهة الثانية هي التحضير للانتخابات البلدية المقررة بنهاية العام الحالي، التي قد تفرز مشهداً سياسيا مغايرا لذلك الذي أفرزته انتخابات 2014.

ولا يستبعد قياديون من حزب حركة النهضة، مثل الوزير السابق لطفي زيتون: أن «تشجع نتائج تلك الانتخابات زعماء في حركة النهضة، بينهم رئيسها الغنوشي، على الترشح للرئاسة أو لعب دور وطني أكبر في مواقع عليا في الدولة».

أزمات داخلية

في المقابل، يوشك التعديل الحكومي الجديد أن يفجر مزيدا من الأزمات الداخلية صلب الأحزاب الكبيرة وبخاصة حزبا النداء والنهضة: الأول بسبب تمسك قيادته بخيار الشراكة في الحكم مع الإسلاميين احتراما لموازين القوى في البرلمان، والثاني بسبب قبوله بـ4 وزارات تقنية و3 كتّاب دولية رغم تفوقه عددياً في البرلمان مقارنة بحزب قائد السبسي الذي أنهكته الانشقاقات طوال العامين الماضيين. هذا، وتعرّض رفيق عبد السلام، وزير الخارجية السابق والقيادي في «النهضة»، لانتقادات بسبب دعمه لحكومة الشاهد الجديدة. لكنه عقّب على منتقديه بالقول: «الحكم ليس غاية في ذاته، بل هو أداة لخدمة الناس والارتقاء بأوضاع البلد. ولذلك؛ يجب على السياسيين النزهاء أن يتعففوا عن إغراءات المناصب والتلهف على المواقع، وينظروا إلى الأولويات الوطنية ومصالح الشعب بشيء من التجرّد». وتعقيبا على منتقدي تنازلات راشد الغنوشي ورفاقه، من خلال موافقتهم على وزراء وكتاب دولة سبق أن تولوا مسؤوليات عليا في عهد الرئيس الأسبق بن علي، قال عبد السلام «السياسة ليست نزعة طهورية أو ترذيل للمواقع والمناصب... السياسة لا تخلو بطبعها من المنافسة والصراع على النفوذ والمصالح، ومن أراد أن يدير السياسة بالمنهج (الطهوري) فما عليه إلا أن يلزم بيته أو يلتحق بزاوية صوفية، مع احترامي لأهل التصوّف». في المقابل، نوه قياديون من «نداء تونس» بالصبغة الاستراتيجية للشراكة والائتلاف في حكومة الوحدة الوطنية الجديدة، بمشاركة ممثلين عن 7 أحزاب ونقابات، واعتبروا أن «إكراهات الحكم وواقع موازين القوى في البلاد يفرضان ذلك» رغم اعتراضات بعض المنتسبين لتيار الزعيم الراحل بورقيبة، مثل المحامية عبير موسى، التي تعتبر أن الانفراج لن يتحقق في تونس إلا باستبعاد الإسلاميين نهائياً من الحكم وليس الاكتفاء بإضعافهم.

- حكومات ما بعد يناير 2011

تعاقبت على تونس منذ إسقاط الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي يوم 14 يناير (كانون الثاني) 2011 ما لا يقل عن 10 حكومات، أجرى بعضها تعديلاً جزئياً على تشكيلته قبل التعديل الشامل، هي:

> حكومتا محمد الغنوشي، آخر رئيس حكومة في عهد بن علي، ولقد شكل حكومتين بعد الثورة برئاسته قبل أن يضطر بدوره إلى الاستقالة بعد أقل من شهرين من تسلم مقاليد الأمور في البلاد.

> حكومة الباجي قائد السبسي، التي تولت السلطة بين مطلع مارس (آذار) 2011 إلى مطلع يناير 2012، وكانت حكومة انتقالية أنجزت بصفة خاصة الانتخابات العامة التي نظمت في 23 أكتوبر (تشرين الأول) 2011.

> حكومة حمادي الجبالي، التي حكمت من يناير 2012 إلى فبراير (شباط) 2013. وكان الجبالي أول قيادي إسلامي في تاريخ تونس يتولى رئاسة الحكومة بعد انتخابات عامة أفرزت فوز حزبه بالمرتبة الأولى، إلا أنه اضطر إلى الاستقالة بعد اغتيال المعارض اليساري شكري بالعيد، وتعاقب التحركات المعادية لحكومته واتهامها بتحمل مسؤولية سياسية عن الاغتيال.

> حكومة علي العريّض، التي حكمت من مارس 2013 إلى مطلع 2014، واضطر العريّض إلى التنحي عن الحكم مع كل الوزراء التابعين لحركة النهضة وشركائها في الائتلاف الحاكم بعد تحركات اجتماعية وسياسية اشتدت وتيرتها إثر اغتيال المعارض القومي اليساري محمد البراهمي، وسقوط حكم محمد مرسي في مصر، وانهيار الحكومة الموالية للإسلاميين في ليبيا.

> حكومة المهدي جمعة، وهو خبير اقتصادي مستقل تولى حقيبة الصناعة في حكومة علي العريّض. وتولت هذه الحكومة السلطة من مطلع 2014 حتى نهايته، وكانت من أولوياتها تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بنهاية 2014 التي أرجعت رموز النظام القديم إلى الحكم بعد أن أسسوا حزب «نداء تونس»، الذي كان مفتوحاً أمام كوادر حزب بن علي وبورقيبة مع الانفتاح على المستقلين والنقابيين واليساريين.

> حكومتا الحبيب الصيد، الأولى من يناير 2015 إلى نهاية العام نفسه، والثانية من يناير 2016 إلى أغسطس (آب) 2016. ولقد شُكلتا في عهد الرئيس المنتخب الباجي قائد السبسي وحزبه بعد فوزهما في انتخابات 2014. لكن الانشقاقات داخل الحزب تسببت في إضعافهما وإسقاطهما في أغسطس 2016، وفي فتح حوار وطني في رئاسة الجمهورية أسفر عن توقيع غالبية الأحزاب والنقابات على «وثيقة حكومة الوحدة الوطنية»، وتشكيل حكومة يوسف الشاهد الأولى في سبتمبر 2016.

> حكومتا يوسف الشاهد، الأولى من سبتمبر 2016 إلى اليوم، والثانية تبدأ عملها يوم 11 سبتمبر الحالي إذا ضمنت تزكية البرلمان لها.

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,243,966

عدد الزوار: 6,941,908

المتواجدون الآن: 127