السفير» تنشر «أداة العمل» لسينودس الشرق من مصر الى إيران (1) (2)

تاريخ الإضافة السبت 14 آب 2010 - 9:22 ص    عدد الزيارات 1058    التعليقات 0

        

إذا اختفى المسيحيون فسيخسر الشرق الأوسط التعددية التي ميّزته دائماً
 
غراسيا بيطار
في البدء كانت الكلمة. وللكلمة منابر عدة أقدمها كنائس الشرق الأوسط. ومن على منبر لبنان شعّ «رجاء جديد» في 26 تشرين الثاني عام 1995 في «سينودس خاص من أجل لبنان». ماذا تحقق منه؟ وهل كان مسيحيو لبنان على قدر المسؤولية فساروا في ما أوصاهم به «الإرشاد الرسولي»؟ البعض يجزم بأن المسيحيين أضاعوا تلك الفرصة النادرة والبعض الآخر يفضلون التركيز على الجزء الملآن من الكوب ليذهب آخرون ممن لا يتمتعون بهواية «جلد الذات» الى الاعتقاد أن سنوات خمساً لا تكفي للحكم بعد.
هذه هي حال لبنان «قلب الشرق». وأما الشرق فعلى موعد مع «تحد رجائي « خاص به في «الجمعية الخاصة لسينودس أساقفة الشرق الأوسط» بين 10 و24 تشرين الأول المقبل في حاضرة الفاتيكان. إنها فرصة جديدة وجدية أمام «هذا القطيع الصغير» ـ على ما يسمّي البطريرك غريغوريوس الثالث لحّام، روحانيا، الأقلية المسيحية في الشرق ـ كي يتسلح إيمانيا في مواجهتها تحديات تبدأ بالهجرة ولا تنتهي بالتهميش واللااستقرار والصراعات فضلا عن الاندماج في مجتمعات مختلفة عنها في الدين والمعتقدات. الحاجة ملحة إذاً لـ«إرشاد سنودسي» يحمل عنوان «الكنيسة الكاثوليكية في الشرق الأوسط: شركة وشهادة» يعطي مقومات الاستمرار «ويبقي على شعلة الرسالة مضاءة».
البابا بنديكتوس السادس عشر هو صاحب الدعوة الهادفة الى «التعرف الى الكنائس الكاثوليكية في الشرق الأوسط والكنائس المسيحية عموما وتعميق الإيمان وتنمية الحضور والدور المسيحي في الشرق». وبمشاركة أمانة السر في الفاتيكان ومجلس البطاركة الشرقيين الكاثوليك تمت صياغة وثيقة دعيت «ورقة عمل» ستكون موضع مناقشة آباء السينودس في تشرين الأول الذين يمثلون الكنائس الكاثوليكية التالية: الروم الملكيين الكاثوليك، الموارنة، السريان الكاثوليك، الكلدان، الأٌقباط الكاثوليك واللاتين.
وتنشر «السفير»، اعتبارا، من اليوم، أبرز ما جاء في مضمون وثيقة «أداة العمل» التي تتألف من مقدمة عن هدف السينودس وثلاثة فصول رئيسة: الأول بعنوان «الكنيسة الكاثوليكية في الشرق الأوسط»، وهو الفصل الذي يرتدي الطابع الروحي السياسي بامتياز، إذ تندرج تحته سلسلة عناوين تمثل الهواجس والتحديات المسيحية في الشرق من الدور والوجود وتناقص العدد الى الهجرة وتطور الإسلام المعاصر الى الصراعات السياسية في المنطقة.
الفصل الثاني بعنوان «الشركة الكنسية» والثالث «الشهادة المسيحية» وفيه طرق التعليم المسيحي وليتورجيا مجددة وقسم خاص بالعلاقات مع اليهودية و«الرغبة في الحوار مع اليهودية والصعوبات التي تعترضه»، وآخر بالعلاقات مع المسلمين «المسلمون والمسيحيون معا على الطريق المشترك». لتختتم «أداة العمل» بفصل أخير في خاتمة استفهامية :«ما هو مستقبل الشرق الأوسط وأي مستقبل لمسيحييه؟ لا تخف أيها القطيع الصغير».
يفتتح «أداة العمل» تقديم من توقيع الأمين العام لسينودس الأساقفة ورئيس أساقفة شيبالي الفخري نيكولا إيتيروفيتش، يطغى عليه الطابع الروحي باستشهادات من الإنجيل المقدس وإعادة نجاح أعمال السينودس «لصلوات مؤمني الشرق الأوسط العديدين والكنيسة الكاثوليكية كلها وشفاعة الشهود الشهداء من أبناء الأراضي المقدسة». ويوقع التقديم بتاريخ 6 حزيران 2010. بعد مقدمة صغيرة تتحدث عن «التأييد الكبير الذي حظيت به الدعوة الى السينودس من الكنيسة كلها وخصوصا بلدان الشرق الأوسط الممتدة من مصر الى إيران»، بالإضافة الى إشارة الى «اهتمام الحبر الأعظم الخاص بمؤمني الأراضي المقدسة التي قدسها يسوع بحياته»، يدرج في عنوان فرعي «هدف السينودس».
للسينودس هدف مزدوج :«تثبيت وتقوية المؤمنين في هويتهم المسيحية بواسطة كلمة الله والأسرار وإحياء الشركة الكنسية بين الكنائس الكاثوليكية ذات الحكم الذاتي حتى تستطيع أن تقدم شهادة حياة مسيحية حقيقية فرحة وجذابة».
«... من المهم بالنسبة الى المسيحيين أن يعرفوا جيدا اليهود والمسلمين حتى يستطيعوا التعاون معهم في المجال الديني والاجتماعي والثقافي لخير المجتمع كله... ومن البديهي أنه يجب تقوية روابط الشركة أيضا مع بقية الكنائس والجماعات الكنسية». ويتابع النص المتعلق بالأهداف: «الآباء مدعوون ليس فقط لتقديم أحوال بلدانهم فحسب وتحليل جوانبها الإيجابية والسلبية وإنما بالأكثر لتزويد المسيحيين بأسباب وجودهم في مجتمعهم ذي الغالبية المسلمة سواء أكان عربيا أم تركيا أم إيرانيا أم عبريا في دولة إسرائيل». وفي سياق المقدمة، يؤكد الآباء أن «الكتب المقدسة ستقود تفكيرنا وكلمات الإنجيل ليست موجهة الى المسيحيين وحدهم وإنما تتضمن حقائق يمكن لكل الناس ذوي الإرادة الصالحة الباحثين عن الله أن يعرفوها».
تختار الوثيقة أن «تضرب الحديد وهو حام» فتضع إصبعها في الفصل الأول على جرح «وضع المسيحيين في الشرق الأوسط». وفي لمحة تاريخية موجزة تركيزعلى تلك «الوحدة في التعدد» وما لتاريخ المسيحية في الشرق الأوسط من أهمية «ليس فقط بالنسبة الى المسيحيين الذين يعيشون فيه وإنما أيضا بالنسبة الى مسيحيي العالم كله»، وأسف لكون «هذا التاريخ غير معروف كثيرا». بالإضافة الى الإشارة الى أن الانقسامات الكنسية سواء بعد الانشقاق الكبير اعتبارا من القرن الحادي عشر أو بين الشرق والغرب، جميعها «تقاليد هي في الوقت ذاته غنى للكنيسة جمعاء». وفي الأصل الرسولي إٌقرار في النص بأن «الحماسة الرسولية قد تراخت غالبا وأن شعلة الروح تبدو وقد خبت».
وفي الفصل الأول جزء بعنوان «دور المسيحيين في المجتمع بالرغم من قلة عددهم». يشير النص الى أن «المجتمعات العربية والتركية والإيرانية تتسم رغم اختلافاتها بخصائص مشتركة في التقاليد ربما والتربية». لكنه ينبه من أن الدين «كعنصر للهوية ليس عاملا فقط للتمييز بل يمكن أن يكون أيضا سبب انقسام»، ومن هنا يذكر «ان المسيحيين هم مواطنون أصليون وينتمون حتما الى النسيج الاجتماعي والى الهوية ذاتها لبلادهم الخاصة وفي اختفائهم خسارة للتعددية التي ميّزت دائما بلاد الشرق الأوسط». ويتابع: «غياب الصوت المسيحي سيسبب إفقار المجتمعات الشرق أوسطية».
وفي الفقرة 25 من هذا الفصل إشارة الى أن «إمكانيات الكنيسة في الإسهام في التنمية الإجتماعية الحضارية تختلف بين بلدان الشرق الأوسط على عوامل مختلفة مثل نوع الحضور المسيحي ونسبة الكاثوليك في البلد وبالطبع طبيعة النظام السياسي والنظام القضائي والمجتمع والحضارة بصفة عامة».
من هنا، توجه الوثيقة دعوة مبدئية: «مبدئيا، يجب على الكاثوليك أن يعملوا على تقديم أفضل مساهمة في تعميق مفهوم الدولة «العلمانية الإيجابية» بالاشتراك مع بقية المواطنين المسيحيين وأيضا مع المسلمين المفكرين والمصلحين فيساعدون بذلك على تخفيف الصبغة الثيوقراطية (الحكم باسم الله) لبعض الحكومات، ما يسمح بمزيد من المساواة بين المواطنين من مختلف الديانات ويعمل على تنمية ديموقراطية سليمة علمانية إيجابية تعترف اعترافا كاملا بدور الدين حتى على مستوى الحياة العامة مع كامل الاحترام للتمييز بين كل من النظام الديني والنظام الزمني».
ويشدد النص على أن «الشخص لا يمكنه تحقيق ذاته تحقيقا كاملا إذا تجاهل طبيعته الاجتماعية أي أن يكون «مع» و«من أجل» الآخرين، ليخلص في الفقرة 28 منه الى القول: «حتى إذا كان المسيحيون أقلية ضعيفة في جميع بلاد الشرق الأوسط تقريبا إلا أنهم في كل مكان يعملون بحيوية، وديناميكيون ومشرقون حيث يكون ذلك ممكنا اجتماعيا وسياسيا». ليتابع الفصل الأول مع التحديات التي تواجه المسيحيين في الشرق الأوسط وإضاءات عليها في جزء ثان .
 
 
المسـيحيون بـلا مشـروع موحـد.. وضحيـة أولـى للسياسـات الدوليـة (2)
 
تحرص «أداة العمل» للجمعية الخاصة لسينودس أساقفة الشرق الأوسط على الإشارة في غير مكان الى أن «هدف المجمع هو رعوي محض ولا يتناول القضايا الإجتماعية - السياسية للبلاد إلا بطريقة غير مباشرة». وفي «غير المباشرة» هذه تقول الكثير وثيقة السينودس المنعقد في تشرين الأول المقبل في روما بعنوان: «الكنائس الكاثوليكة: شركة وشهادة».

ولعل أبرز ما تقوله يرد في جزء «تحديات المسيحيين في الشرق» من الوثيقة التي نستكمل نشرها في جزء ثان وأخير. فتلقي الضوء على الصراعات السياسية في المنطقة والحرية الدينية وحرية الضمير كمثال على تلك التحديات، بالإضافة الى تطور الإسلام المعاصر والهجرة المسيحية والدولية الوافدة في الشرق الأوسط وردود المسيحيين في حياتهم اليومية.

وفي معرض وصفها العام لوضع المسيحيين في الشرق الأوسط، ترى أنه «هش وغير مستقر». أما في جولتها على بعض بلدان المنطقة، فتسمي الوثيقة «الاحتلال» الإسرائيلي باسمه، وتنتقد «اللامبالاة الدولية تجاه ما يحصل لمسيحيي العراق» و«تجاهل السياسات الدولية في محافلها الحضور المسيحي» وتكرر أكثر في أكثر من مرة دعوتها الى «علمانية إيجابية» لتصل الى لبنان حيث «عدم الاستقرار السياسي بالإضافة الى الإنقسام المسيحي السياسي والطائفي...حيث لا أحد عنده مشروع مقبول من الجميع».

من المتوقع أن تستحوذ بقية القسم الثاني من الوثيقة الذي نواصل نشره اليوم على حيز هام من النقاشات، خصوصاً في ما يتعلق بـ «الجزء اللبناني» منها، أي في إشارتها في الفقرة 34 الى أن «المسيحيين في لبنان منقسمون على الصعيدين السياسي والطائفي ولا أحد عنده مشروع مقبول من الجميع» على اعتبار أن «هذا النموذج المسيحي التعددي هو مصدر غنى للبنان وللمنطقة، تقول بعض الأوساط المتابعة لملف السينودس، وهذا يفترض تعزيزه وليس الاقتداء لا ببقية الفرقاء في الداخل ولا بالنماذج العربية المحيطة التي تتبع الرأي الواحد الأحد».

وفي باب «التحديات التي تواجه المسيحيين» كذلك يصف النص الحالة السياسية والاجتماعية الراهنة للمسيحيي الشرق، معتبراً أن «الصراعات السياسية القائمة في المنطقة تؤثر تأثيراً مباشراً على حياة المسيحيين بصفتهم مواطنين كما بصفتهم مسيحيين، مما يجعل وضعهم بشكل خاص هشاً وغير مستقر».

ويتوقف في الفقرة 32 عند «الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية يجعل الحياة اليومية صعبة»، محدداً بين هلالين هذه الصعوبة في «البلوغ الى الأماكن المقدسة المرتهن بموافقات عسكرية تمنح للبعض وتمنع عن غيرهم لدواع أمنية». ويتابع: «فضلاً عن أن بعض الجماعات الأصولية المسيحية تبرر الظلم السياسي الواقع على الفلسطينيين استناداً الى الكتاب المقدس، مما يجعل وضع المسيحيين العرب أكثر حرجاً».

ومن الأراضي المحتلة ينتقل النص الى العراق حيث «أطلقت الحرب العنان لقوى الشر في البلاد فتسببت بوقوع ضحايا من بين جميع العراقيين، وكان المسيحيون من بين الضحايا الرئيسيين لأنهم يمثلون أصغر وأضعف الجماعات العراقية، وحتى اليوم لا تبالي السياسة الدولية بالأمر». الى مصر حيث «تصاعُد الإسلام السياسي من جهة وانعزال المسيحيين عن المجتمع المدني من جهة أخرى»، ويشير النص الى ان «هذه الأسلمة تتغلغل أيضاً في العائلات عن طريق وسائل الإعلام والمدارس، فتغير العقليات التي تتأسلم دون أن تعي ذلك»، لافتاً الى أن «التسلط والديكتاتورية في بلاد أخرى يدفع الشعوب، بمن فيهم المسيحيون، الى أن يتحمّلوا كل شيء في صمت لإنقاذ ما هو جوهري».

أما في تركيا، فيرى النص ان «المفهوم الراهن للعلمانية ما زال يطرح تساؤلات حول الحرية الدينية الكاملة في البلد». وإزاء هذه الوقائع، يفصل النص المسيحيين بين «البعض الراسخ في الإيمان المسيحي والمساهم في المشروع الاجتماعي المشترك والبعض الآخر الذي يئس وتخلى عن كل التزام وانسحب للعيش في جزر منعزلة بدون تفاعل مع الكيان الاجتماعي».

يتوقف النص تحت عنوان «الحرية الدينية وحرية الضمير» عند حقوق الإنسان، معتبراً ألا تعارض بينها وبين حقوق الله «فمن لا يحترم خليقة الله لا يحترم الخالق» و«السلام والعدالة والاستقرار في المنطقة شروط ضرورية لتنمية الحقوق الإنسانية في الشرق الأوسط». لافتاً، في سياق متصل في الفقرة 39، الى «أهمية الاستمرار في التربية على الحرية وعلى احترام حرية الآخر وعلى تخطي المصالح الطائفية في سبيل المزيد من العدالة والمساواة أمام القانون، وباختصار في سبيل «علمانية إيجابية».

وضمن تحديات المسيحيين في الشرق الأوسط كذلك يدرج النص تطور الإسلام المعاصر ويشير في الفقرة 41 الى أن «تصاعد الإسلام السياسي اعتباراً من عام 1970 هو ظاهرة بارزة تؤثر على المنطقة وعلى وضع المسيحيين في العالم العربي، ويشمل هذا الإسلام السياسي تيارات دينية مختلفة تريد أن تفرض أسلوب حياة إسلامياً على المجتمعات العربية والتركية والإيرانية، إذ تعتبر أن سبب كافة الشرور هو الابتعاد عن الإسلام، والحل بالتالي هو العودة الى إسلام الأصول. ولتحقيق هذا الهدف لا يتورع البعض عن استخدام العنف». وعليه، يعتبر النص أن «هذا الموقف يستهدف المجتمع الإسلامي أولاً، غير أن له نتائج على الحضور المسيحي في الشرق، وبالتالي تشكل هذه التيارات المتطرفة تهديداً للجميع، المسيحيين واليهود والمسلمين، وينبغي علينا أن نواجهها معاً».

وبعد توضيحها بأنها لا تتناول السياسة بشكل مباشر، تشير الوثيقة في الفقرة 43 الى أن «هجرة المسيحيين وغير المسيحيين من الشرق الأوسط بدأت قرب نهاية القرن التاسع عشر، والسببان الرئيسان لها كانا السياسة والاقتصاد». ورأت أن هذه الهجرة تزايدت اليوم «بسبب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وعدم الاستقرار الذي أحدثه في المنطقة كلها، في حين أن الوضع الاجتماعي المهدد في العراق وعدم الاستقرار السياسي في لبنان قد زادا من هذه الظاهرة. معتبرة أن المسيحيين هم «الضحية الأولى جراء تجاهل السياسات الدولية في محافلها الحضور المسيحي وهذا هو أحد الأسباب الكبرى للهجرة»، ومشيرة الى أن الكنيسة «مدعوة الى الدخول فيه بكل ما تملك من وسائل وأشخاص من أجل فائدة الجميع».

وفي ظل الوضع السياسي الراهن في الشرق الأوسط، تؤكد الفقرة 44 أنه «يصعب خلق اقتصاد كفيل بتوفير مستوى حياة لائقة للمجتمع كله، ففي كثير من بلدان الشرق الأوسط نجد أن تقييد الحرية الثقافية والدينية وعدم تكافؤ الفرص والحقوق والإمكانية المحدودة للمشاركة بفاعلية في الحياة السياسية هي من الأسباب الهامة لهجرة المسيحيين». ومن هنا تطرح الوثيقة على «الكنائس المحلية في الغرب أن تقوم بحث حكومات بلادها على اتباع سياسات كفيلة بالمساهمة في تنمية الشرق الأوسط على المستويات كافة. داعية المسيحيين في كل مكان الى «حمل رسالة المسيح أينما كانوا، وأيضاً في الضيقات وفي الاضطهاد» والى تشجيع كل أشكال التوأمة السياحية والثقافية وغيرها وتشجيع المهاجرين على اقتناء ممتلكات عقارية في أوطانهم الأصلية».

وفي «ظاهرة جديدة وهامة»، تتوقف الوثيقة عند «الهجرة المسيحية الدولية الوافدة في الشرق الأوسط» إذ تستقبل بلدان مختلفة مئات الآلاف من الأفارقة والآسيويين كوافدين للعمل، وغالباً ما يتعرض هؤلاء لمظالم اجتماعية». فتعتبر ان هذه الهجرة الوافدة تشكل «نداءً لكنائسنا أيضاً، إذ تقع على عاتقنا مسؤولية رعوية لمرافقة هؤلاء الأشخاص على مختلف الصعد... فإن تربية مؤمنينا على تعاليم الكنيسة الاجتماعي وعلى العدالة الاجتماعية لهي من الضرورات الملحة والتي لا غنى عنها لتجنب أي موقف من التعالي والازدراء». ليختتم القسم الأول من الوثيقة بسلسلة فقرات تحت عنوان رئيس «ردود المسيحيين في حياتهم اليومية».

القسم الثاني بعنوان «الشركة الكنسية» هو الأصغر حجماً إذ يتضمن ثماني فقرات فقط توصي في كليتها، ضمن الشركة داخل الكنيسة الكاثوليكية وبين الكنائس المختلفة، على أن «يبقى مؤمنو الكنائس أمناء لكنيستهم الأصلية فيمارسون حياتهم الدينية في الكنيسة التي تعمدوا فيها».

في القسم الثالث، بعنوان «الشهادة المسيحية»، تشدد الوثيقة على أن يكون «التعليم المسيحي بواسطة مؤمنين مؤهلين جيداً» فضلا عن طرق التعليم المسيحي والليتورجيا المجددة والأمينة على التقليد. مشيرة، في بند المسكونية، الى «الحاجة الى الصلاة الدائمة من أجل الوحدة التي بدأها يسوع نفسه الى أن يواصلها تلاميذ الرب في كل وقت»، ومشددة على أن الحوار المسكوني يجب أن « يتم على مستويات مختلفة ويأحذ طابع البحث الجماعي عن الحقيقة ولا سيما فيما يخص الكنيسة».

وتخصص الوثيقة بنداً لـ«العلاقات مع اليهودية» وتتوقف عند المبادرات المختلفة التي قامت بها الكنيسة في الآونة الأخيرة بهدف الحوار، ومن بينها تأسيس مجلس الأديان للمؤسسات الدينية في مدينة القدس. لكنها رأت أن «العلاقات اليهودية المسيحية تتأثر بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني، مذكرة في هذا السياق بما أعرب عنه الحبر الأعظم عن أمنيته في أن «يستطيع الشعبان أن يعيشا في سلام، كلٌ في وطنه داخل حدود آمنة ومعترف بها دولياً». أما في الصعوبات التي تعترض الحوار مع اليهودية، فتشير الوثيقة الى أن «المواقف السلبية الراهنة بين الشعوب العربية والشعب اليهودي تبدو ذات طابع سياسي وفي الوقت نفسه يظهر أيضاً الرأي الواسع الانتشار الذي يعتبر أن العداء للصهيونية هو بالأحرى موقف سياسي وبالتالي ينبغي النظر اليه على أنه خارج عن كل خطاب كنسي». داعية المسيحي الى «التحلي بروح المصالحة المبني على العدالة والإنصاف للطرفين والى مراعاة التمييز بين الواقع الديني والواقع السياسي». ومثنية على «الرغبة في التعمق في التقاليد اليهودية من الناحية التاريخية واللاهوتية».

في بند «العلاقات مع المسلمين» تعود الوثيقة كذلك الى الاستشهاد بتصريح المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني، وفيه «تنظر الكنيسة بتقدير الى المسلمين الذين يعبدون الله الأحد»، مثنية على «أهمية الحوار الديني الذي يدعمه المجلس الحبري»، متمنية أن يتسع أكثر ليشمل أيضاً فئات واسعة من المؤمنين المسلمين. وفي أسباب الحوار بين المسيحيين والمسلمين تأتي على ذكر «الوطن الواحد واللغة نفسها والثقافة عينها كما أفراح بلداننا وآلامها». وإذ توقفت عند صعوبات تعتري العلاقات «خاصة بسبب المسلمين الذين لا يفصلون بين الدين والسيــاسة»، رأت أن «مفتاح النجاح للتعايش بين المسيحيين والمسلمين هو الاعــتراف بالحــرية الدينية وبحقوق الإنسان»، داعية المسيحيين الى «التجذر في المجتمعات التي هم أعضاء فيها».

أما في بند «الشهادة في المجتمع» فرأت الوثيقة أن «في مواجهة الصراعات والعمليات العسكرية تبرز تحديات السلام والعنف أمام الجميع من مسيحيين ومسلمين ودروز ويهود». معتبرة أن «حل الصراعات في أيدي من يدعم الحرب والعنف، في أيدي القوي كما في أيدي الضعيف الذي قد يلجأ هو أيضاً الى العنف السهل المنال لكي يتحرر». وتشير الفقرة 101 الى أن «الرأي العام الإسلامي يتهم فعلياً الكنيسة بأي خيارات سياسية للدول الغربية، ومن هنا المهم أن نشرح معنى العلمانية وشرعية استقلال الواقع الزمني». وعليه «تقوم مساهمة المسيحي في قول الحق في وجه الأقوياء الذين يقترفون الظلم أو يتبعون سياسات ضد مصالح البلد وفي وجه من يجاوبون على الظلم بالعنف، حيث أن عنف الأقوياء والضعفاء على حد سواء قاد منطقة الشرق الأوسط الى فشل متكرر والى مأزق عام».

ويختم الفصل الثالث بالتأكيد على أن «المسلمين والمسيحيين يجب أن يشتركوا في مسيرة واحدة لأننا ننتمي الى الشرق الأوسط ومعه تتوحد هويتنا وكمواطنين نشترك في مسؤولية البناء والإصلاح». وتشير الفقرة 111 على «الإسهام النوعي للمسيحي الذي لا غنى عنه في المجتمع الذي يعيش فيه ليثريه بقيم الإنجيل». وتتابع الفقرة 112 «في الشرق الأوسط صراعات مختلفة محورها الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وعلى المسيحي أن يسهم إسهاماً خاصاً في مجال العدالة والسلام فيشجب العنف بشجاعة من أي طرف صدر ويقترح الحل، علماً بأنه لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال الحوار». وفي فقرات الفصل الأخيرة دعوة الى المسيحيين الى أن «يعلموا أن واجبهم أن يولوا عنايتهم للخير العام وللقضايا العامة كالفقر والتعليم ومكافحة العنف والإرهاب».

«صرنا بقيــة صغيــرة بفعــل التاريــخ ولكننــا نستطيع أيضاً بسلوكنا أن نصبح اليوم حضوراً يحسب له حساب»، تختم «أداة العمل» سطـورها واضـعة كل رجائــها في العنـاية الإلهـية قائـلة «لا تخف أيها القطيع الصغير». وتقول الفقــرة 118: «عدم حسم الصراع الإســرائيلي الفلــسطيني وعدم احترام القانــون الدولي وأنانية القوى العظــمى... أمام هــذه التحديات إن المسيحيين في الشرق الأوســط مدعــوون الى أن يضطلعوا بدعوتــهم في خدمة مجتمعــهم وسيــكون ذلك عنصــراً رئيساً لحضورنا ولشهادتنا في بلداننا».

غراسيا بيطار

 

 

 

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 156,583,314

عدد الزوار: 7,034,213

المتواجدون الآن: 82