مصادرة الأراضي، الاستيلاء على الممتلكات: قانون أملاك الغائبين وسياسة اسرائيل في تشريع سلب الأملاك العربية في فلسطين

تاريخ الإضافة الأربعاء 21 تموز 2010 - 5:14 م    عدد الزيارات 4244    التعليقات 0

        

 

مصادرة الأراضي، الاستيلاء على الممتلكات:  قانون أملاك الغائبين وسياسة اسرائيل في تشريع سلب الأملاك العربية في فلسطين
د. لينا الطبال
 
منذ انشائها عمدت اسرائيلالى سن قوانين واعتماد أنظمة تمنع أصحاب الأرض الأصليين أي الفلسطينين من العودة إلى ممتلكاتهم، فقامت سلطاتها بمصادرة وتجريف آلاف الدونمات وهدمت المئات من المنازل الفلسطينية، وأنشأت عليها العشرات من المستعمرات اليهودية والطرق المؤدية اليها. لقد سلكت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة عدة طرق في استيلائها على الأراضي العربية في فلسطين وذلك من خلال عملية شراء الأراضي من قبل المؤسسات اليهودية التي تعمل على نقلها الى ملكية يهودية[1]مغلقة ومنع أصحابها من العودة اليها. وتمَّ مصادرة الكثير من الاراضي العربية تحت ذريعة المنفعة العامة لليهود، كذلك سنت القوانين التي بموجبها جرى اعتبار آلاف الفلسطينيين غائبين وتمَّ مصادرة أراضيهم وتصنيفهاعلى أنها " املاك غائبين " بموجب قانون املاك الغائبين 1950, و نتيجة لقانون التنظيم والبناء 1965 ترفض اسرائيل الاعتراف بالعديد من القرى الفلسطينية وتعتبرها غير قانونية فتصادرها، وقد جرى أيضاً مصادرة مساحات واسعة من أراضي القرى العربية بموجب قانون استملاك الأراضي 1953، بحجة الأمن وبهدف تطويرالاستيطان. كما عمدت اسرائيل الى نـقل ملكية الأراضي العامة والعقارات بما فيها الأوقاف الدينية (إسلامية أو مسيحية) وذلك من خلال حارس أملاك الغائبين وسلطةالتطوير., علماً أن هذه الأراضي لا تتعدى مساحتها 0,1 بالمائة من مجموع أراضي فلسطين، كما تمَّ طرد الفلسطينيين من قراهم وتدمير حوالي 80 بالمائة من هذه القرى وإعلانها مناطق عسكرية
ان أغلبية هذه الانتهاكات الصهيونية نجدها مدونة في تقرير "الكونت فولك برنادوت", و قد ذكرها تفصيلياً في تقرير قدمه أمام اللجنة العامة للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر من عام 1948 [2] ، وفي اليوم التالي بالذات تم إغتياله مع مرافقه الكونت " سيرو" في القدس على أيدي متطرفين من يهود الحركة الصهيونية[3].
 
سنعمد اذا في البحث بالأساليب القانونية التي مكنّت السلطات الإسرائيلية الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، ويمكننا تقسيم هذه الأساليب الى قسمين:
أولاَ: قوانين و أنظمة ورثتها اسرائيل من زمن الانتداب البريطاني على فلسطين.
بغية تسهيل عملية الاستيلاء على الأراضي الفلسطينة عمدت السلطات الاسرائيلية الى الإبقاء على قوانين كان الإنتداب البريطاني قد قام بتشريعها و تطبيقها على أرض فلسطين، أهم هذه القوانين نذكر منها:
أ ـ قانون الأراضي - الإستملاك بهدف المصلحة العامة 1943 expropriation d’interet public [4]فقط. ، بحيث جرى تحديد المنفعة العامة على انها منفعة السكان اليهود
عام 1962 قام وزير المالية الإسرائيلي باستملاك مساحة  5 آلاف دونم في كل من قرى دير الأسد، البيعنا ونفح لمصلحة السكان اليهود، بهدف إقامة بلدة يهودية على هذه الأراضي المصادرة. وترفض اسرائيل منذ تاريخ انشائها القيام بأي تخطيط جدي من أجل اقامة قرى او بلدات جديدة للفلسطينيين من سكانها، خاصة و أن المخططات القائمة لا تلبيالاحتياجات التنموية لهؤلاء المواطنين.
 
ب ـ قانون أنظمة الطوارئ 1945، المادة 125: من القوانين الهامة الذي ساهمت في عملية الاستيلاء على أملاك الفلسطينيين يبرز قانون أنظمة الطوارئ 1945، حيث فرضت السلطة العسكرية الإسرائيلية هذا القانون على السكان الفلسطينيين بهدف تقييد حركتهم واغلاق مناطق معينة باعتبارها مناطقعسكرية مغلقة تمهيدا للاستيلاء على العقارات الواقعة ضمنها[5].
بموجب المادة 125 من هذا القانون، التي ما زالت سارية المفعول حتى يومنا هذا، يستطيع الحاكم العسكري الإسرائيلي أن يعلن أي منطقة أو عقار كمناطق عسكرية يحظر على المالكين الفلسطينيين وغيرهم دخولها دون إذن مسبق[6].
عام 1991 وإبان مناقشة جرت حول قرى أراضي بيت حنينا وشوفات، صرّح رئيس بلدية القدس السابق تيدي كوليك رسمياً بتطبيقه للمادة 125 من أجل إقامة "أحزمة" Zones في عدة مناطق من القدس[7]. فهذه المادة تمنح الحاكم العسكري تحت ذريعة "الأمن"، خرق كافة حقوق المواطنين الفلسطينيين، كما تخرق حقهم في التنقل[8]. اذ يكفي أن يقيم الجيش "حزام" في منطقة ما حتى تصبح محظورة على المالك العربي, ويصبح من غير الممكن عليه وطأتها. بعد ذلك تعلن السلطات المختصة هذه المنطقة "غير زراعية" و تُحال ملكيتها الى وزارة الزراعة الاسرائيلية من أجل السهر على حسن زراعتها.
 
عام 1945 قامت سلطات الانتداب البريطاني بسن هذا القانون و تطبيقة على فلسطين. و قامت بتشريع المادة 125 بهدف مصادرة أكبر عدد ممكن من الأراضي العربية. إبان هذه الفترة قام رجل القانون اليهودي برنار دوف بالاحتجاج على هذا القانون الذي وصفه بـ "العنصري" و " بقانون الإرهاب الرسمي"، وصرح آنذاك أن المواطن يعيش تحت هاجس الاستيلاء على أملاكه في أي لحظة، فبمعزل عن أي خطأ يرتكبه المواطن العربي فإن السلطة العسكرية قد تصدر قرار بمصادرة أرضه. المفارقة أنه بعد قيام ما يسمى بدولة إسرائيل، احتل برنار دوف منصب وزير العدل، وأصبح قانون قواعد أنظمة الطوارئ، المادة 125،  يُطبق تحت رعايته في وجه المواطنين العرب[9].
 
ج ـ قانون الغابات 1926  loi sur les forets[10]: بموجب هذا القانون يجري مصادرة أملاك الفلسطينيين الواقعة في مناطق معينة والإعلان عنها كمحميات طبيعية أو كأحراش بهدف نقل ملكيتها فيالوقت المناسب الى مالكين جدد من اليهود.
 
ه ـ قانون الاراضي الموات أو البور لعام 1921: يدخل ضمن هذا التصنيف كافة الأراضي المهملة أو غير المسجلة بإسم شخص أو مجموعة أشخاص. وقد عرّف القانون هذه الأراضي "على انها كل أرضتبعد مسافة 1.5 ميل على آخر بيت في القرية"، أو "الأرض التي لا يصلها الصوت". وقد عمدت سلطات الاحتلال في تطبيقها لهذا القانون الى استعمالمقاييس بدائية بهدف سهولة السيطرة على هذه الأراضي.
 
و ـ قانون تسوية الحقوق l’égalisation des droits في العقارات الغير منقولة لعام 1948: تمَّ تعديل هذا القانون عام 1969، الجدير بالذكر أن المشرع الإسرائيلي قد أخذ النص الأنكليزي عينه وقام بعد ترجمته الى العبرية باجراء تعديلات طفيفة عليه[11]. بموجب هذا القانون تمَّ تسجيلمساحات كبيرة من الاراضي الفلسطينية بإسم الدولة العبرية باعتبارها الوريث للانتداب البريطاني.
 
ثانيا: قوانين وأنظمة قامت السلطات الإسرائيلية بتشريعها
عام 1947 كان اليهود يملكون 7,6 بالمئة فقط من الأراضي الفلسطينية أي ما يوازي مساحة 1821000 دونم، وخضعت 10 بالمائة من الأراضي للسلطة الانتداب البريطاني، فيما انحصرت ملكية بقية اراضي فلسطين بيد الفلسطينيين. أما اليوم، فنجد 92 بالمائة من أراضي فلسطين التاريخية (أي هذه الأراضي نفسها)، هي ملك السلطات الإسرائيلية، في حين أن السكان الأصليون (ما يسمى بعرب فلسطين من سكان اسرائيل) لا يملكون سوى 3بالمائة من مساحة هذه الأراضي.
 
بعد الإعلان عن قيام دولة إسرائيل، ولاسيما أثناء فترة الحكم العسكري الممتدة من 1948 الى 1966 تم سن العديد منالقوانين الاسرائيلية بهدف مصادرة اكبر عدد ممكن من الأراضي الفلسطينية, نذكر منها:
 
أ ـ قانون انظمة الطوارئ بشأن فلاحة أو استعمال الأرض البور 1948 [12]: بتاريخ 15 تشرين الأول/أكتوبر 1948، عمدت السلطات الإسرائيلية إلى إصدار "أنظمة الطوارئ، أو استعمال الأراضي البور، لعام 1948" التي أعطت الحق لوزير الزراعة بإنذار كل فلسطيني يملك أرض بور بزراعة أرضه، و إلا فإنه يحق له وضعها تحت تصرفه تحت ذريعة أن مصلحة "الدولة الفتية" تقتضي مصادرتها. و قد ذكر الدكتور اسرائيل شاحاك في كتابه "عنصرية دولة إسرائيل"، أن السلطات الإسرائيلية قد منعت السكان الفلسطينيين العرب من السكن في العشرات من القرى الفلسطينية بغية استصلاح أراضيهم [13].
بموجب هذه الانظمة يحق للوزير وضع يده على الأرض لفترة 35 شهرا، ثلاث أشهر تجدد لمدة ثلاثة أشهر وهكذا، دون أن يمس هذا الاجراء بحق الملكية للأرض التي تبقى مسجلة بإسم المالك الفلسطيني الأصلي. لذلك اخذ المشرع الاسرائيلي يبحث عن وسائل اخرى يثبت فيها سيطرته على الارض الى أن أقرَّ الكنيست الإسرائيلي قانون أملاك الغائبين في 14 آذار/مارس 1950، حيث منح هذا القانون صلاحية السلطات الاسرائيلية بمصادرة اراض الفلسطيننين الهاربين.
 
أنظمة الطوارئ بشأن املاك الغائبين لعام 1948: قامت سلطات الاحتلال الاسرائيلية بإصدار "انظمة الطوارئ بشأن أملاك الغائبين لعام 1948"، حيث تم وضع كل ما يملكه اللاجئون والمهجرون الفلسطينيون من املاك تحت تصرف "الوكيل" على أملاك الغائبين. بموجب الأنظمة المذكورة تمَّ تعريف الغائب على انه "كل شخص (فلسطيني) ترك أملاكه قبل الأول من آب/أغسطس 1948". نلاحظ اذاً أن هذا التعريف قد شمل الفلسطينيين الذي تمَّ طردهم من قراهم وبلداتهم بالقوة أو الذين تمَّ ترويعهم بفعل المجازر الاسرائيلية فهربوا الى البلدان المجاورة أملاً بالعودة، كما شمل هذا التعريف أيضا الفلسطينيين الذين عمدوا الى النزوح المؤقت من قرية الى أخرى داخل الوطن.
لقد أعطى القانون الإسرائيلي "الوكيل على املاك الغائبين" صلاحية مؤقتة بشأن التصرف بأملاك هذه الفئة التي جرى تسميتها "الغائبين"، وجرى تحديد صلاحيته بغية المحافظة على هذه الأملاك ضمن الفترة الانتقالية، إلا أن القانون الاسرائيلي لم يمنح "الوكيل على أملاك الغائبين" صلاحية نقل أو بيع هذه الممتلكات لأي شخص آخر. لكن السلطات الاسرائيلية تداركت هذا الفراغ القانوني، فعمدت عام 1950 الى سنّ تشريع جديد ييسط سيطرتها الدائمة على أراضي "الغائبين".
 
ب ـ قانون وضع اليد main mise loi de على الاراضي في حالات الطوارئ 1950.[14]
وهذا القانون هو مشابه لقانون أملاك الغائبين 1950.
 
ج ـقانون املاك الغائبين 1950Loi sur les biens des abscents  [15].
بتاريخ 14 آذار/مارس 1950 أقرَّ الكنيست الإسرائيلي قانون أملاك الغائبين الذي دخل حيز التنفيذ في 31 آذار/مارس من نفس العام. نص القانون الجديد على تركيز إدارة العقارات التي يملكها "الغائبين" ووضعها تحت تصرف الوكيل على أملاكهم.
يضم تعريف "العقار"، كافة المباني المنشأة على سطحه أو تحته أو التي هي قيد الإنشاء، ويعرف القانون الجديد الغائب بصفته كل مالك ترك عقاره بين الفترة الممتدة من 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1947، إلى تاريخ انتهاء حالة إعلان الطوارئ في إسرائيل، علماً أنها ما زالت سارية المفعول حتى تاريخ اليوم. وبموجب هذا قانون الغائبين الجديد أصبح الغائب هو" كل شخص فلسطيني ترك فلسطين بعد 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1947، تاريخ تقسيم فلسطين وفق القرار181 للجمعية العامة للأمم المتحدة، أو هاجر إلى خارج فلسطين، أي إلى أحد الدول العربية المصنفة في إسرائيل كدول عدوة، أو أي شخص قام بالنزوح الى داخل الأراضي الفلسطينية سواء الى الضفة أو القطاع أو داخل ما أصبح يسمى بأرض اسرائيل". في هذه الحالةيسمح القانون للسلطات الإسرائيلية بمصادرة أملاك هؤلاء "الغائبين"، المنقولة و الغير منقولة[16].
 
أما مالك العقار فقد يكون أي شخص لبناني، أو سوري، أو مصري أو سعودي أو أردني أو يمني، أو أي شخص آخر يقيم في هذه البلدان أو أي شخص كان يقيم على أرض ما يسمى بدولة اسرائيل.
يطبق هذا القانون ايضاص على المواطنين الفلسطينيين الذين تركوا املاكهم الواقعة في "أرض اسرائيل" قبل الفترة الممتدة من الأول من أيلول/سبتمبر 1948، وتوجهوا للإقامة خارج الأراضي الإسرائيلية.
أما المواطنين الفلسطينيين الذين تركوا اماكن اقامتهم الدائمة داخل "الأراضي الإسرائيلية" وانتقلوا للإقامة في أماكن أخرى تقع أيضاً داخل "الاراضي الإسرائيلية" التي تقع تحت سلطة جيوش معادية لإقامة دولة إسرائيل، بما فيها الأراضي الواقعة تحت سلطة جيش النجدة العربية.
هذه الفئة تشمل الفلسطينيين الذين هربوا من حيفا بعد احتلالها من قبل القوات الصهيونية الى الناصرة التي كانت تقع تحت سلطة الجيوش العربية. كما تشمل الفلسطينيين الذين هربوا مؤقتاً الى خارج بلده واستطاعوا بطريقة ما العودة الى داخل ما يسمى "بأرض اسرائيل". ويرجح عدد هؤلاء الغائبون – الحاضرون في عام 1949 ب 81 ألف شخص على نسبة 160 ألف شخص، هؤلاء الغائبون الحاضرون لم يستطيعوا حتى تاريخ اليوم من استعادة أملاكهم حتى عن طريق الشكاوى والدعاوى امام المحاكم الإسرائيلية.
 
بموجب هذا القانون الجديد فإنه يكفي أن يترك الشخص (الفلسطيني) ملكه لعدة أيام، حتى يجري اعتباره "غائبا". فتقوم السلطة الإسرائيلية بإصدار تقرير تفيد بموجبه غياب هذا الشخص حتى يجرى اعتباره قانونياً "غائبا"، وبالتالي يصبح تطبيق قانون أملاك الغائبين عليه مشروعاً. كما ينص هذا القانون على منح السلطة الاسرائيلية التي تصدر التقرير سلطة استنسابية أي انه ينص على عدم امكانية نقض هذا "التقرير" أمام المحاكم. عندها يجري إعتبار الوكيل l’administrateur الاسرائيلي مالكاً لهذه العقارات إلى أن يثبت الغائب الفلسطيني انه لم يكن غائباً او أنه لا يمكن اعتباره غائبا بحكم القانون الإسرائيلي، وهي قضية مستحيلة ودائرة مفرغة.
 أما المادة 19 من هذا القانون فإنها منعت على الوكيل الإسرائيلي أن ينقل ملكية هذه العقارات إلى أي شخص آخر ما خلا إلى سلطة التطوير الإسرائيلية autorité de développement israélienne، التي تنقل بدورها ملكية هذه العقارات إلى (الكيرن كييمت لي إسرائيل) Keren Kaymet le-Yisrael[17], وهي منظمة مسجلة في انكلترا وناشطة في إسرائيل، حيث يتم شراء الأراضي من قبل أشخاص، بشكل قانوني، وتسجيلها الخ....، أو استئجارها أو استبدالها أو التصرف بها.
بتاريخ 29 أيلول/سبتمبر 1953، وفي معرض تطبيق المادة 19 من قانون أملاك الغائبين، اتفق الوكيل على أملاك الغائبين و"سلطة التطوير" على تحويل كل ما تبقى من أملاك الغائبين تحت ادارته (يقدر عددها بـ 69 ألف عقار), لصالح "سلطة التطوير" التي قامت بدورها بتحويل أغلبية هذه الأملاك لصالح (الكيرن كييمت لي إسرائيل) من أجل التصرف بها.
 
د ـ قانون سلطة التطوير l’autorité de développement، أو انتقال الملكية 1950[18].
ه- قانون أملاك دولة إسرائيل  1951 [19].
ه ـ قانون استملاك الأراضي expropriation des terres 1952 [20].
 
و ـ قانون صندوق أراضي إسرائيل fonds pour les terres d’Israel 1953، أو ما يسمى بقانون (كييرن كايمت لي إسرائيل) [21].
قوانين عام 1953
لا بد لنا أن نتوقف عند قانونين جرى إصدارهما عام 1953 هما قانون الأفضلية للمنظمة اليهودية العالمية التابعة للوكالة اليهودية [22]L’agence juive  . وقانون (الكيرن كييمت لي إسرائيل)، حيث نصت المادة الرابعة من القانون الأول على اعتراف الدولة اليهودية بصلاحية الوكالة اليهودية بالتطوير والانماء ضمن اراضي الدولة العبرية. أما القانون الثاني فانه يمنح منظمة (الكيرن كييمت) العمل ضمن خطة انمائية في اسرائيل تشمل طبعاً شراء الأراضي والأملاك العائدة للسكان الأصليين، أو حتى الاستيلاء عليها بمختلف الوسائل بغية اعادة توزيعها على سكان الدياسبورا أي السكان اليهود الجدد. كما تنص المادة السادسة من هذا القانون انه في حال حلّ هذه المنظمة فإنه يجري انتقال ملكية جميع الأملاك التي بحوزتها الى السلطة الإسرائيلية.
 
لقد جرى تشريع هذه القوانين من اجل اضفاء الصفة الشرعية والقانونية على عملية الاستيلاء اليهودية على أراضي الفلسطينيين. لقد جرى تطبيق هذا القانون بمفعول رجع أي انه أصبح يحق للسلطات الإسرائيلية الاستيلاء على قرى فلسطينية كاملة قد تركها سكانها اثر ترويعهم على أثر الأحداث التي أعقبت النكبة عام [23] .1948
هذا القانون تم سنه خصيصاً من أجل الاستيلاء النهائي على أملاك أصحاب الأرض الأصليين، وبموجب هذا القانون منحت الدولة العبرية تعويض لـ" الغائبين " من أصحاب الأراضي.
أما بالنسبة للتعويضات التي تمَ دفعها من قبل الدولة، فكل المؤشرات تؤكد أن نسبة الأشخاص ممن قبضها هي قليلة جداً. والحقيقة أن السبب لا يعود الى تدني قيمة التعويضات المقدمة، إنما بسبب تمسك أصحاب الأرض الفلسطينيين بأراضيهم وعدم الاقرار بشرعية كل القوانين الاسرائيلية الجائرة. الجدير بالذكر أن الحكومة الاسرائيلية قد حددت التعويضات نسبة  لسعر العملة الإسرائيلية عام 1950 والتي فقدت من قيمتها خمسة أضعاف عام [24]  1953.
 
ذكر تقرير موثق في سجلات الدولة العبرية عام 1959، أن ممتلكات "الغائبين" المصادرة من قبل الحكومة الاسرائيلية تبلغ نحو 300 قرية عربية أما الأموال المنقولة فتبلغ نحو 25,416 مبنى و 45,497 منزل 10,729 محل تجاري[25].
إذا تطبيقا لـقانون استملاك الاراضي (تعويضات) لعام 1953 قامت الدولة العبرية بالاستيلاء على ثلثي أراضي العرب في فلسطين أي ما يقابله نسبة 70 ألف هكتار من أصل 110 الآف هكتار.
 
ح ـقانون مرور الزمن prescription [26] 1958 .
ينص هذا القانون على حق كل فرد في ملكية أي عقار، مسجل أو غير مسجل، قام بحيازته لفترة تمتد بين عشرة سنوات إلى خمسة عشرة سنة، وبما أن السلطات الإسرائيلية قامت بمصادرة ممتلكات الفلسطينيين ومنعتهم من وطأها فإنه حكماً وعند تطبيق هذا القانون (المادة 20 و22) تنتقل ملكية هذه العقارات المسلوبة الى المالكين الجدد من اليهود. ويقدر مساحة الأراضي التي قامت السلطات لاسرائيلية بمصادرتها بفعل هذا القانون بـ 205 ألف دنم.
 
ط ـ قانون أساسي أراضي إسرائيل [27] 1960.
ان اراضي اسرائيل تشمل جميع الأراضي المسجلة باسم الوكالة الوطنية اليهودية، وسلطات التطوير وأيضاً الاراضي المسجلة باسم دولة اسرائيل.
هذه الاراضي تبلغ مساحتها ما يفوق 92 بالمائة من مساحة ما يسمى بدولة اسرائيل. وتنص المادة الاولى من هذا القانون ان اراضي اسرائيل لا تنتقل ملكيتها الى الغير بأي عقد بيع أو شراء، أو أي وسيلة أخرى، فهي أراضي تخص شعب اسرائيل للأبد.
وعند التعاقد على إجارة هذه الأراضي فانه يكون لفترة محدد لا تتجاوز الـ49 عاماً قابلة للتجديد، ولغرض محدد. الا انه جرى الاستثناء على هذه الحالة إذ تستطيع منظمة (كييرن كيرمت) وسلطة التطوير من مبادلة أراضي جرى مصادرتها وذك باقرار قانون التعويض 1953.
 
عام 1965 شرعت اسرائيل "قانون التنظيم والبناء" بهدف الاستيلاء ومصادرة اكبر قدر ممكن من الأراضي العربية. ووضعت على هذا الأساس تخطيط هيكلي للبلاد شمل133 قرية ومدينة عربية، إلا أن المخطط تجاهل عمدا عشرات القرى العربية، فباتت بالنسبة لدوائر التخطيط غير موجودة. بنظر السلطات الاسرائيلية هذه القرى العربية هي لا وجود لها على أي خريطة للبلاد، ومئات المنازل فيها غير قائمة، بل أنها تعتبرها أبنية عشوائية غير مرخصة لذلك توجب سكانها بهدمها ولا تتوانى عن تشريد الآلاف من سكانها الذين لا تعترف بهم الحكومة الإسرائيلية. وعليه فإن إسرائيل قد حرمت هذه القرى من أبسط مقومات الحقوق الإنسانية، من أجل إجبارهم على إخلاء قراهم وأراضيهم وتركت الدولة العبرية نحو مئة ألف شخص من سكان هذه القرى بلا ماء ولا كهرباء أو أي خدمات صحية، فلا يوجد طرق معبدة تؤدي إلى هذه البلدات والقرى، وكما قال لي أحدهم: " اسرائيل ترسل طائرات الاستطلاع للتحليق فوق منازلنا وقرانا دوما، فلا يمكننا توسيع المنزل القديم المبني أصلا من بعض الطوب ومن التنك، حتى أن هناك بعض المنازل لا يوجد لها باب...غير مسموح لنا أن يكون لمنازلنا أبواب من اجل حماية صغارنا من الحشرات و الافاعي... نستبدل الأبواب بالشراشف و بعض الحجارة...".
سكان هذه القرى مصرون على عدم ترك منازلهم وقراهم على الرغم من الأسالب التي تنتهجها معهم اسرائيل تارة بالترغيب عبر العرض عليهم السكن في مجمعات فخمة بالنظر إلى المنازل التي يقطنوها وطورا عبر تهديدهم بالقتل. الجدير بالذكر أن هذه القرى تقع في أراضي ما يسمي بدولة تدعي الحضارة والديمقراطية، فلا طرق معبدة ممكن سلوكها للوصول إلى هذه القرى ولا كهرباء أما المياه فيقوم سكان القرى بتحميلها على دوابهم وتخزينها في آبار صغيرة قاموا بحفرها منذ عده عقود.
خلال كل هذه السنوات وبرغم تقديم العرائض المستمرة من قبل النواب العرب أمام الكنيست مطالبين بتحسين ظروف معيشة سكان هذه القرى إلا أن الدولة الاسرائيلية لا تحرك ساكنا. بل على العكس تستمر بتجاهل سكان هذه القرى ومحاصرتهم بما يسمى "سياسة التمييز العنصري، كل ذلك في سبيل أن يترك السكان العرب الأرض فتستولي السلطات الاسرائيلية عليها من أجل اقامة العديد من المستعمرات مكانها[28].
ي ـ قانون الاستصلاح الزراعي [29] 1967.
هذا القانون يمنع، أي شخص أو مجموعة إسرائيلية، من تأجير الأراضي التي قامت إسرائيل بالاستيلاء عليها إلى الفلسطينيين المزارعين بهدف زراعتها. فهناك أراض معينة قد قامت سلطات الاحتلال بمصادرتها من أجل منحها للسكان المستعمرات الإسرائيلية، وعليه لا يجوز لغير السكان اليهود من التمتع بها.
ل ـ قانون استملاك أراضي في النقب  1980 أو ما اتفاقية السلام مع مصر[30].
 جرى تشريع هذا القانون بهدف استملاك السلطات الإسرائيلية لآلاف الدونمات من أراضي فلسطينيي بدو النقب كتعويض عن اراضي صحراء سيناء التي استردها المصريون من الإسرائيليين بعد توقيع اتفاقية السلام بينهما. هذه الأراضي الفلسطينية في النقب جرى إعلانها مناطق تدريب عسكرية Zones d’entrainement militaire، كما جرى إنشاء مطارات عسكرية فيها.
مند قيامها بدأت إسرائيل بزرع مستوطناتها في فلسطين على أراضي كانت قد إحتلتها عنوة من السكان الأصليين، حيث شيَدت أكثر من 109 مستوطنة بين شهر تشرين الأول/أكتوبر 1948 وشهر آب/أغسطس 1949. إلا أن أغلبية المستعمرات بنيت على أراضي مجاورة للقرى الفلسطينية التي قامت اسرائيل بمحوها. وإمعاناً في التضليل والإيذاء قامت سلطات الاحتلال بعملية "عبرنة" للأسماء حيث أعطت أغلبية مستعمراتها أسماء هذه القرى التي اقيمت بجوارها[31].
كما قلنا أقامت اسرائيل مستعمراتها في فلسطين بعد أن قامت بطرد وتهجير السكان الأصليين من وطنهم. لجأت اسرائيل الى العديد من الأساليب من أجل تحقيق عملية الاستيطان هده فتارة كانت تلجأ الى اسلوب الترهيب عبر ارتكاب المجازر بحق الفلسطينيين وتارة كانت تلجأ إلى أساليب قانونية ماكرة تساعدها في الاستيلاء على الأراضي.
عام 1967 قامت اسرائيل بلاستيلاء على %85 من أراضي الفلسطينيين في القدس الشرقية. بين عاميَ 1967 و 1995 أقامت اسرائيل حول القدس 17 مستعمرة، مند توقيع إسرائيل لاتفاقيات أوسلو، وإبان فترة حكومة إسحاق رابين قامت سلطات الاحتلال بمصادرة 294,964 من أراضي الفلسطينيين، أي معدل %5 من أراضي الضفة الغربية، والجدير بالذكر أن معظم هده الاراضي تقع بموازاة الخط الاخضر الدي يفصل اراضي فلسطين عن اسرائيل أو انها تحيط بالقدس الشرقية[32]. بعد التوقيع على اتفاقيات اوسلو ازدادت عدد المستوطنات أكثر فأكثر وما زالت مستمرة إلى يومنا هذا.
قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتهديم منازل ومحلات القرى العربية المهجرة. حتى بداية السبعينات كانت بعض القرى أو معظم احياءها، ما زالت قائمة كما أنه يمكننا الملاحظة بأن في بعض القرى والمدن أن المساجد والكنائس والمقابر ما زالت قائمة إلا أنها في حالة إهمال متعمد. ويمكننا الاستدلال على أن أغلبية القرى مهجرة من خلال بعض الاطلال هنا وهناك أو من خلال ما تبقى من مقابر او من أشجار النخيل والصبير الذي كان يزرع عادة على اطراف القرى في فلسطين. بين السنوات 1948 – 1953 تم بناء 370 مستوطنة يهودية منها 350 مستوطنة اقيمت علىاراضي عربية في القرى المهجرة سكانها.
 
سياسة التمييز العنصري التي تنتهجها الحكومة الاسرائيلية تركزت حول ضرورة تهويد المناطق التي يوجد فيها كثافة سكانية عربية وذلك عبر مصادرة الأراضي فيها وإقامة مجمعات خاصة لهم تسمى "مجمعات تركيز". ففي الشمال أقامت الحكومة قرية "واديسلامة" بهدف تركيز أهالي القرى غير المعترف بها، وفي النقب أقامت السلطاتسبع "مجمعات تركيز" لاستيعاب سكان هذه القرى أيضا[33].
 


[1]ـ Emergency Regulationsm Security Zones, 1949; Laws of the State of Israel, Vol. 3,5079, 1949, p. 56.
[2]ـ U.N. Document, Rapport du Compte Folke Bernadotte, A. 648, p. 14. "Ce serait offenser les principes élémentaires que d’empêcher ces innocentes victimes du conflit de retourner à leur foyer, alors que les immigrants juifs affluent en Palestine et, de plus, menacent, de façon permanente, de remplacer les réfugiés arabes enracinés dans cette terre depuis des siècle". Il décrit "le pillage sioniste à grande échelle et la destruction de villages sans nécessité militaire apparente ".
[3]ـ LUNDSTROM Alfredo, Un tri buto alla memoria del Comte Folke Bernadotte, L’assassinat du Comte Bernadotte, East. A. Fanelli , 1970. p. 56.
- Le Monde, Les aveux de Baruch Nad, 5 juillet 1971.
[4]- الجريدة الرسمية الفلسطينية, عام 1943, الملحق الثاني, ص 32.
[5]- المرجع السابق, العدد رقم 1442, عام 1945, الملحق الثاني, ص. 1055, المادة رقم 125.
[6]- أرجو مراجعة:
- KHALIDI Walid , Jérusalem, le sacré et le politique, ed.Sindbad actes sud 2000, p.338 et s.
[7]ـ Nouvel Observateur, Les murailles de l'exclusion, N°1620 du 23 au 29 novembre 1995.
[8]ـ Emergency Regulations (Security Zones), 1949, Laws of the State of Israel, Vol. 3,5079 (1949), p. 56.
 
[9]ـ نذكر كذلك رجل القانون اليهودي " جو شافييرا" الذي احتج كثيرا على قانون قواعد أنظمة الطوارئ ووصفه بأنه قانون متخلف لا مثيل له حتى بـ"ألمانيا النازية", فيما بعد أصبح "شافييرا" نفسه مدعي عام دولة اسرائيل ثم وزير العدل فيها, و لكنه لم يحتج أبدا على تطبيق هدا القانون على العرب, بل برر تطبيق هذا القانون ألا و هو حالة الطوارئ التي تمر بها إسرائيل.
[10]- المرجع السابق, عام 1937, الملحق الأول, ص.1.
[11]- المرجع السابق, 1969, ص. 293.
[12]- المرجع السابق, العدد رقم 37, عام 1948, الملحق الثاني, ص. 3.
[13] - SHAHAK Israël, Le racisme de l’État d’Israël, Guy Authier, p. 57.
 
[14]- كتاب القوانين, عام 1950, ص.1.
[15]- د. أسامة الحلبي, مجلة الدراسات الفلسطسنية, "قانون المواطنين العرب ومكانتهم في اسرائيل", عدد رقم 5 شتاء 1990, ص. 127 و 142 و 145.
[16]ـ Emergency Regulations Concerning Absentee Property, 1948; Laws of the State of Israel, Vol. 1, Ordinances, 5708 (1948), p. 8.
[17]- كتاب القوانين, سفرحاحوكيم, رقم 112, تاريخ 1953/12/2, ص,2.
[18]- كتاب القوانين, عام 1950, ص. 278.
[19]- المرجع السابق, ص. 52.
[20]- المرجع السابق, ص. 58.
[21]- المرجع السابق, رقم 130, تاريخ 1953/12/3, ص,34.
[22]- المج
[23]- أنظر في هذا المجال:
-  MORRIS Benny, Victimes histoire revistée du conflit arabo-sioniste, ed. Complexe 1999, p.368 et s.
[24]ـ Israeli Law Legislation, Torts Law (State Liability) 5712-1952, Paragraphe.9.
 
[25] ـ Hamoked, "Survey of developments in HaMoked's field of activity", Report, 30 june 2002.
[26]- المرجع السابق, عام 1958, ص. 56..
[27]- المرجع السابق, عام 1960, ص. 56.
[28]ـ تهتم لجنة الأربعين المؤلفة من مواطنين عرب بشؤون القرى الغير معترف بها. لقد ارغم نضالها الحكومة الإسرائيلية على تغيير سياستها تجاه المواطنين العرب في القرى غير المعترفبها. ففي حزيران عام 1992 أعلن وزير الداخلية الإسرائيلي نيته الاعتراف الرسمي بخمسقرى في الشمال. لكن ذلك لم يتحقق فعلا الا في ديسمبر 1994, حيث تم الاعتراف بأربعقرى هي: عين حوض، ضميدة، العريان والخوالد. وبعد سنة تم في (1995/12/24) الاعترافبأربع قرى أخرى هي: الكمانة، الحسينية، الحميرة ورأس النبع. ومؤخرا قررت لجنةالمدراء العامين في الحكومة التوصية بالاعتراف بقرية عرب النعيم ايضا.
[29]- المرجع السابق, 1967, ص. 108.
[30]- المرجع السابق, 1980, ص. 979.
[31]ـ على اسم بيت دجن تم تسمية مستوطنة بيت دجون، وكيبوتس ساسا , نسبة الى قرية سعسع، وموشاب بيتست نسبة الى قرية البصة، وموشاب تسيفوري نسبة الى قرية صفورية، وموشاب عمكا نسبة الى قرية عمقا, الخ...
 
[32]ـ Law, Palestinians in Wonderland: Human rights violations of the Labor and Likud governments during the peace process, Report, 9 octobre 1996.
[33]ـ . يشار هنا إلى أنعدد أهالي النقب العرب يصل إلى 120 ألف نسمة, تنوي السلطات تركيزهم في المجمعاتالسبعة, في حين اقامت السلطات في النقب 180 مستوطنة اسرائيلية لاسكان 280 الفمواطن يهودي.
 

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,670,679

عدد الزوار: 6,907,775

المتواجدون الآن: 97