مواجهات حزب العمال الكردستاني وتركيا تدخل مرحلة جديدة

تاريخ الإضافة الأحد 11 تموز 2010 - 11:50 ص    عدد الزيارات 928    التعليقات 0

        

صراع قديم جديد

مواجهات حزب العمال الكردستاني وتركيا تدخل مرحلة جديدة

مقاتلون ومقاتلات من حزب العمال الكردستاني («الشرق الاوسط»)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أربيل: شيرزاد شيخاني
شهدت الأسابيع الماضية تصعيدا عسكريا جديدا بين حزب العمال الكردستاني والجيش التركي، الذي اتخذ منعطفا خطيرا يهدد بإشعال المنطقة، في ظل إصرار الدولة التركية على مواصلة حربها مع الحزب المعارض وفي ظل تهديداته بنقل معاركه إلى داخل العمق التركي وصولا إلى حدود البحر الأسود.

 

 

وتصاعدت حدة المواجهات العسكرية بعد إعلان زعيم الحزب المعتقل عبد الله أوجلان مطلع يونيو (حزيران) الماضي عن نفض يديه من مبادرات السلام التي أعلنها حزبه العام الماضي، مما أطلق يد قادته العسكريين لاستئناف القتال وإشعال الجبهات. وكان الهجوم الأخطر هو الذي شنه مقاتلو الحزب على معسكر للجيش التركي بمنطقة شمدينان الذي أسفر عن مقتل 11 جنديا تركيا، وهو الهجوم الذي خلف تداعيات خطيرة على المنطقة الحدودية الرابطة بين العراق وتركيا.

ودخل الصراع الدائر بين الحزب والدولة التركية، الذي بدأ منذ عام 1984 مرحلة جديدة، إثر فشل خطة الحكومة التركية برئاسة رجب طيب أردوغان للانفتاح على القضية الكردية في تركيا، وهي خطة حظيت بدعم القيادة الكردية في كردستان العراق، التي يتسبب وجود مقرات هذا الحزب داخل أراضيها في مشكلات كبيرة في العلاقات المتنامية بين الإقليم وتركيا، التي تعتبر المساهم الأكبر في المشاريع الإعمارية والإنمائية والتجارية في كردستان العراق.

فيأخذ الحزب الكردستاني على حكومة أردوغان عدم قبولها التفاوض مع قيادة الحزب الذي يطرح نفسه ممثلا شرعيا لأكراد تركيا، ويعتبر خطة الحكومة فارغة من محتواها من دون إشراك الحزب في المفاوضات الجارية لتحقيق الانفتاح، ولكن حكومة أردوغان ترفض باستمرار أي تفاوض مع هذا الحزب وتعتبره منظمة إرهابية تهدد المجتمع التركي.

وشهدت الأسابيع الماضية اجتماعا لمجلس الأمن القومي التركي برئاسة عبد الله غل الذي دعا إلى تصعيد المواجهة ضد الحزب الكردستاني، مؤكدا أن «تركيا مصرة على استمرار الحرب ضد مقاتلي (الكردستاني)». وردا على هذا الموقف، هدد قيادي في الحزب المذكور بنقل المعارك إلى العمق التركي، مؤكدا أن «المواجهات ستستمر إلى حين وقف تركيا هجماتها على مواقع الحزب».

وقال روز ولات مسؤول المكتب الإعلامي بالحزب في تصريح خاص بـ«الشرق الأوسط»: «نشاطاتنا العسكرية ستستمر، وستشهد نقلة نوعية في الأيام القادمة». وأضاف: «منذ عام 1993 تقدمنا بـ6 مبادرات لوقف إطلاق النار بغية توفير الأجواء أمام مفاوضات سياسية والتحاور من أجل حل القضية الكردية وإنهاء الصراع الدامي، ولكن الجانب التركي رفض جميع تلك المبادرات، ووصف حزبنا بـ(الضعف)، ولكننا أردنا أن تحل هذه القضية بطريقة سلمية ومن دون إراقة مزيد من الدماء، ومنذ إعلان تلك المبادرات وحتى إنهائها في الأول من يونيو، ردت الحكومة التركية على مبادراتنا بالحرب والقتال، ولم تكتف بذلك، بل مارست شتى صنوف الإرهاب ضد شعبنا، منها الهجوم على السيد أحمد تورك رئيس حزب المجتمع الديمقراطي السابق، واعتقال رؤساء البلديات الكردية، ومحاكمة الأطفال الكرد ووفود السلام، وهذه الإجراءات التعسفية تفضح أكاذيب الحكومة التركية في ما تروجه بشأن الانفتاح على القضية الكردية. لذلك، فما دامت هذه الأعمال العدائية مستمرة من قبل الحزب الحاكم في تركيا، فإننا سنواصل قتالنا ضدهم وبشكل أكثر فعالية».

من جهته، هدد المتحدث الرسمي باسم قيادة «العمال الكردستاني» أحمد دنيز بنقل المعارك العسكرية إلى داخل العمق التركي، وقال: «إذا استمرت القوات التركية في قصف مواقع حزبنا على الحدود، فإننا مستعدون للرد على ذلك بنقل نشاطاتنا العسكرية إلى داخل العمق التركي». ووصف دنيز السياسة التركية بالانفتاح على القضية الكردية بأنها «سياسة مخادعة وكاذبة».

تثير المواجهات الدائرة على الحدود الرابطة بين إقليم كردستان وتركيا، قلق حكومة الإقليم التي نددت مرارا بهجمات «الكردستاني» على مواقع الجيش التركي، وأكدت دائما أنها لن تسمح باستخدام أراضيها منطلقا للهجمات على دول الجوار وبالأخص تركيا.

فإقليم كردستان الذي يشهد نموا اقتصاديا كبيرا بفضل تدفق الاستثمارات الخارجية عليه، ويستتب الأمن والاستقرار فيه منذ سقوط النظام السابق، يشعر بقلق بالغ من تأثير صراع «الكردستاني» وتركيا على العلاقات التجارية والاقتصادية التي تربطه بتركيا، التي يفوق حجمها خمسة مليارات دولار سنويا. ويعتبر المنفذ الحدودي «إبراهيم الخليل» بمثابة الشريان الاقتصادي للإقليم، لذلك سارعت حكومته إلى إدانة هجمات «الكردستاني» التي استأنفها في الفترة الأخيرة.

ويرى رئيس الإقليم مسعود بارزاني الذي زار تركيا مؤخرا أن «هناك أجواء جديدة للانفتاح داخل تركيا». ويقول: «لمسنا تغييرا كبيرا في مواقف القادة الأتراك، ففي السابق لم يكونوا مستعدين للاعتراف بإقليم كردستان، ولكن هذه المرة كانت الزيارة رسمية، وتلقيت الدعوة بصفتي رئيسا للإقليم، ورحب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بي باللغة الكردية. ولكن للأسف، مع كل هذه الخطوات الإيجابية وقعت خلال الأيام الأخيرة أحداث مؤسفة، أعتقد أنها لا تخدم القضية الكردية أبدا، لذلك أتمنى أن لا تتسبب تلك الأحداث في إجهاض عملية الانفتاح التركي».

وأعرب بارزاني عن أسفه لاستئناف القتال على الحدود، وقال: «نحن ضد استخدام العنف لحسم المشكلات، ونعتقد أنه لا يمكن تحقيق أية مكاسب عن طريق الحرب والقتال. نريد أن تحل جميع المشكلات عن طريق التفاوض والحوار السياسي، ولكن إذا أرادت الأطراف المعنية بالنزاع حسم مشكلاتها بالحرب والقتال، فنحن نأمل ألا يورطونا في ذلك».

وكان الدكتور كاوة محمود المتحدث الرسمي باسم حكومة إقليم كردستان قد أبلغ في تصريح خص به «الشرق الأوسط» أن حكومة الإقليم تندد بالتجاوزات التركية من القصف المدفعي والجوي والتوغل العسكري. وتعتبر اختراق القوات التركية لأراضي الإقليم انتهاكا صريحا وواضحا للسيادة العراقية، ويتعارض مع مبادئ حسن الجوار والاتفاقات ومواثيق الأمم المتحدة، معتبرا أن التطورات على الحدود «تتسبب في مزيد من التوترات في تلك المناطق الحدودية»، وأن «السبيل الوحيد لحل المشكلات هناك هو الدخول في حوار مباشر مع الأطراف المعنية بالقضية وليس اللجوء إلى استخدام القوة». ويضيف: «لقد أكدنا مرارا أننا في حكومة الإقليم لسنا معنيين بما يحدث من صراعات ومشكلات داخل حدود البلدان المجاورة لنا، فهي تعتبر شؤونا داخلية لا نريد التدخل فيها. ولكننا في المقابل دعونا دوما إلى أن تحل مشكلات جيراننا عن طريق التفاوض والتحاور السياسي، ونؤيد أية توجهات من دول الجوار بهذا الصدد، أما أي نشاط عسكري داخل أراضينا فهو أمر غير مقبول وغير شرعي، وقد أكدنا دائما أننا لن نسمح أن تستخدم أراضينا منطلقا لأية أعمال أو نشاطات تضر بدول الجوار التي نحترم سيادتها، وندعوها إلى احترام سيادة أراضينا في المقابل».

وتحاول القيادة الكردية أن تنأى بنفسها عن الحرب الدائرة على الحدود لأسباب داخلية بحتة، فهي أولا محكومة بالمشاعر القومية التي تربط بين الشعب الكردي في أجزاء كردستان الأربعة، ولا تريد المخاطرة بدخول الحرب ضد قوات «الكردستاني» على الرغم من الضغوطات الكبيرة التي تمارسها تركيا، وتحاول من خلال تقييد نشاطات الحزب إرضاء تركيا، فقد فرضت منذ سنتين حصارا اقتصاديا وإعلاميا على جبل قنديل وهو المعقل الرئيسي لـ«العمال الكردستاني»، والمقر الرئيسي لقيادته، ولا ترى القيادة الكردية جدوى من المخاطرة بذلك، على الرغم من أنها خاضت حربا عام 1993 إلى جانب تركيا ضد مقاتلي الحزب، ولكن لم تثمر تلك الحرب عن أية مكاسب حقيقية لإقليم كردستان ولتركيا أيضا.

والعامل الثاني في رفض القيادة الكردية لخوض الحرب مع «كردستاني هو تلك التجربة الأليمة التي خاضها الحزبان الكرديان في كردستان العراق، الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، والاتحاد الوطني بزعامة جلال طالباني، اللذان خاضا قتالا داخليا عنيفا منتصف عام 1994 واستمر لحين نجاح أميركا في إجراء المصالحة بينهما في واشنطن عام 1998 وهي الحرب التي خلفت آلاف القتلى من الجانبين، وتسببت في انشطار حكومة الإقليم وانقسامها إلى إدارتين منفصلتين للحكومة ما زالت آثارها باقية إلى اليوم.

أما العامل الثالث والأهم، فهو حالة الانتعاش الاقتصادي والاجتماعي غير المسبوق التي يشهدها الإقليم. فهنالك استثمارات تصل إلى مليارات الدولارات في مختلف القطاعات، وهناك ثروة نفطية كبيرة اكتشفت عقب سقوط النظام العراقي السابق في كردستان، إلى جانب ثروة هائلة من الغاز الطبيعي، أضف إليهما تدفق مليارات الدولارات من الميزانية العراقية على الإقليم سنويا، مما يصرف جهود قادة الإقليم إلى إحياء البنية التحتية لإقليم كردستان التي دمرها النظام السابق عبر عقود طويلة، ولدى القيادة الكردية طموح كبير بتحويل الإقليم إلى منطقة تجارية كبيرة في المنطقة. ولهذا، فهم لا يريدون المس باستقرارهم الأمني والاقتصادي امتثالا لرغبة تركيا في القضاء على وجود الحزب الكردستاني.

وتمارس تركيا على الدوام ضغوطات كبيرة على قيادة الإقليم للمساهمة في حربها ضد «الكردستاني»، أو على الأقل عدم السماح لهذا الحزب بنشاطات عسكرية انطلاقا من أراضي الإقليم، وهي المنفذ الوحيد لهجمات الحزب على مواقع الجيش التركي جنوب شرقي البلاد.

وفي هذا الصدد، دعا وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو حكومة إقليم كردستان الأسبوع المنصرم إلى «القيام بخطوات جدية ضد نشاطات حزب العمال الكردستاني المعارض لتركيا، الذي صعد من عملياته العسكرية قرب الحدود العراقية التركية المشتركة، مشيرا إلى أن «حكومة الإقليم تعهدت بالتعاون مع تركيا من أجل مواجهة الإرهاب في المنطقة، ولذلك ندعوها إلى خطوات جدية في هذا الشأن».

ولكن المتحدث الرسمي باسم قيادة قوات حرس الإقليم اللواء جبار ياور أمين عام وزارة البيشمركة في حكومة الإقليم، أكد في تصريح خص به «الشرق الأوسط» أن حكومة الإقليم تواصل جهودها من أجل حماية أمن الحدود المشتركة مع دول الجوار، لأن ذلك من مصلحة جميع دول المنطقة، وأنها لن تسمح باستخدام أراضيها منطلقا لأعمال معادية لتلك الدول، وقد «كان بيان حكومة الإقليم واضحا جدا، الذي أدانت فيه الهجوم الذي نفذه مقاتلو الحزب الكردستاني بمنطقة شمدينان الذي أوقع 11 قتيلا في صفوف الجيش التركي».

ومع توارد الأنباء باحتمال تفويض مجلس الأمن القومي التركي للجيش التركي بالقيام بعمليات عسكرية خلف الحدود، واختراق أراضي كردستان لملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني، أكد اللواء ياور أن «قوات البيشمركة على استعداد كامل للدفاع عن أراضي الإقليم في حال دخول القوات التركية، أو القيام بعمليات واسعة النطاق ضد الإقليم».

وقال إنه حسب التوقعات، فإن «البحث في توغل عسكري جديد داخل الأراضي العراقية من قبل مجلس الأمن القومي التركي أمر وارد، ولكننا ندعو الجانب التركي إلى التعامل بعقلانية وبحكمة وروية مع الأحداث والتطورات الجارية على الحدود، لأن أي توغل عسكري جديد سيعتبر انتهاكا لسيادة العراق ولمبادئ حسن الجوار والعلاقات المتينة التي تربط البلدين»، وإن «أي توغل عسكري من دون وجود اتفاق مسبق بين تركيا والدولة العراقية سيكون متعارضا مع المواثيق والقوانين الدولية».

وأضاف: «نحن في الأساس غير معنيين بما يقره مجلس الأمن القومي في اجتماعه، خاصة في ما يتعلق بالتطورات الجارية على الطرف الآخر من الحدود، فهذا شأن داخلي لتركيا لن نتدخل بها، ولكن إذا شعرنا بأن هناك تهديدات أو مخاطر على مقرات ومؤسسات حكومتنا الإقليمية، فإن قوات البيشمركة وحرس الإقليم ستدافع عنها، لأن ذلك من صلب واجباتنا الأساسية كقوات مكلفة بحماية الحدود والدفاع عن مؤسسات حكومة الإقليم».

وأشار: «نحن لا نرغب في أن تتطور الأمور إلى حد التوغل العسكري الذي لا يخدم الطرفين التركي والعراقي، ولا يعالج أصل المشكلة والنزاع القائم هناك، وسبق لرئاسة وحكومة الإقليم أن شددا مرارا على أن حل المشكلات الأمنية على الحدود لن يأتي عبر العمليات العسكرية، وأن السبيل الأفضل والأمثل للصراع الدائر هناك يكون عبر التفاوض والحلول السياسية، وهذا ما نأمله دائما وندعو له ونؤيده».

وهناك تصريحات تتحدث عن وجود نوع من الاتفاق بين قيادة الإقليم يسمح بإعطاء الضوء الأخضر للقوات التركية بالتوغل داخل الأراضي الكردستانية لملاحقة قوات حزب العمال الكردستاني، ولكن متحدث حكومة الإقليم كاوة محمود يؤكد: «هذه أقاويل باطلة ولا أساس لها من الصحة بتاتا، وهي تشكك في الثوابت الوطنية التي يؤكد عليها السيد رئيس الإقليم والحكومة الإقليمية، وهي ثوابت تتمسك بالدفاع عن أراضينا العراقية، وقد أكد رئيس الإقليم وحكومة الإقليم أيضا موقفهما الثابت من التجاوزات الإقليمية على الأراضي العراقية، وهذه سياسة ثابتة وواضحة، فلا السيد رئيس الإقليم ولا حكومة الإقليم لديهما سياسات مزدوجة، فما نعلنه يشكل الموقف الثابت لقيادة إقليم كردستان».

في حين أكد اللواء ياور أن «الرئيس بارزاني أكد خلال التصريحات التي أدلى بها أثناء زيارته لتركيا مؤخرا، أن الإقليم لن يكون طرفا في الصراع الجاري على الحدود بين تركيا و(الكردستاني)، وهذا يعتبر موقفا رسميا لإقليم كردستان. وعلى العموم، ليس هناك أي اتفاق بشأن السماح للقوات التركية لاجتياز الحدود، لأن الاتفاقات الأمنية بين تركيا والعراق هي من صلاحيات الدولة العراقية، فنحن لسنا دولة قائمة بذاتها، بل نحن جزء من العراق، والدولة العراقية هي المخولة حصرا، وفقا للدستور العراقي، توقيع الاتفاقات الأمنية مع الدول المجاورة. عليه، لا أساس من الصحة لمثل هذه التصريحات، وبذلك لا يمكن لقيادة الإقليم أن تعطي الضوء الأخضر لأي قوات من الدول المجاورة، فهذه الأمور تعتبر شؤونا سيادية محصورة في الحكومة العراقية تحديدا».

تتباين مواقف الحكومة العراقية من الصراع الدائر على حدودها الإقليمية بين الشد والجذب، فتحاول هذه الحكومة في غالب الأحيان أن تنأى بنفسها عن التدخل في الصراع، عدا بعض الحالات التي يحدث فيها توغل عسكري، بينما تلتزم جانب الصمت إزاء تكرار عمليات القصف المدفعي التركي والقصف الجوي لمناطق كردستان التي تعتبر جزءا من أراضيها الوطنية.

ويرى محمود عثمان، وهو سياسي كردي بارز في بغداد، أن «هناك ما ينبئ بحدوث تصعيد عسكري متقابل بين (الكردستاني) والجيش التركي، وهناك توقعات بأن تسير الأمور نحو مزيد من العنف، ويبدو أن هناك تنسيقا وتعاونا بين تركيا وإيران لتصعيد عملياتهما العسكرية وهذا يتسبب في أكبر المشكلات لإقليم كردستان». وأعرب القيادي الكردي عن استغرابه من سكوت الحكومة العراقية عن تجاوزات تركيا على الحدود وقال: «ما زالت الحكومة العراقية تلتزم الصمت تجاه هذه التطورات، والولايات المتحدة لا تقوم بأي دور، وتتذرع بأن العراق لم يطلب منها التدخل في هذا الشأن».

ويرد اللواء جبار ياور على سؤال من «الشرق الأوسط» حول أنه في كل مرة يحدث أي تجاوز من دول الإقليم على الحدود تلقي حكومة الإقليم بالكرة في ملعب الحكومة العراقية، بالقول: «كردستان هي جزء من الدولة العراقية الفيدرالية، وهذه الأمور تعتبر سيادية، والدستور يحدد مسؤولية الحكومة العراقية في الدفاع عن أراضي البلاد، لذلك نلقي بالكرة في ملعب الحكومة العراقية لأنها دستوريا مسؤولة عن أي تجاوز خارجي على الأراضي العراقية، أي إننا نتعامل مع هذه المسألة بمنظور دستوري».

على الرغم من إعلان الحزب الكردستاني ست مبادرات سلمية لوقف القتال من طرف واحد بغية تهيئة الأجواء أمام حل القضية الكردية بشكل سلمي وفقا لخطة الحكومة التركية بالانفتاح على هذه القضية، وكان آخرها الهدنة التي أعلنها الحزب بناء على طلب من رئيسه المعتقل، وهي الهدنة التي بدأت في أبريل (نيسان) من العام الماضي، وانتهت مطلع يونيو (حزيران) من العام الحالي، فإن هذه المبادرات لم تثمر عن شيء، فقد رفضت الحكومة التركية وقف قتالها مع «الكردستاني» وواصل الجيش التركي هجماته على مواقع ومقاتلي الحزب، مما دعا رئيس الحزب عبد الله أوجلان إلى نفض يديه من مبادرات السلام، وهذا مما مهد لحزبه استئناف نشاطاته العسكرية مؤخرا وبشكل أكثر فعالية.

ويرى الحزب الكردستاني أن «خطوات الحكومة التركية بالانفتاح وحل القضية الكردية هي سياسة مخادعة لا تتسق مع الواقع؛ ففي حين تتحدث الحكومة عن الانفتاح يواصل الجيش التركي هجماته على قوات الحزب». ويقول أحمد دنيز المتحدث الرسمي باسم حزب العمال الكردستاني أن «تركيا غير جادة في إعلانها الانفتاح على القضية الكردية. وهي عملية ترفض تركيا إشراك (الكردستاني) فيها وتتحاور مع أشخاص لا علاقة لهم بالأكراد ولا يمثلون (الكردستاني) أو الشعب الكردي في الداخل».

ويضيف: «إذا كانت تركيا جادة فعلا في حل القضية الكردية، عليها أن تجلس إلى مائدة الحوار السياسي مع الكردستاني، وهناك الآن أحاديث تدور داخل مجالس عدد من الجنرالات وهم مقتنعون بأن الحلول العسكرية لن تحل القضية الكردية في تركيا، وعلى الحكومة التركية أن تصل إلى القناعة نفسها بعقم حلولها العسكرية». ويقول المتحدث إنهم لم يدخلوا الحرب الفعلية بعد، وإن قوات الحزب قادرة على نقل معاركها إلى العمق التركي وحتى حدود البحر الأسود. فإذا أصرت تركيا على حربها، فإن (الكردستاني) سينقل حربه إلى داخل تركيا.

من جهته، أشار روز ولات مسؤول المكتب الإعلامي لحزب العمال الكردستاني في تصريح خص به «الشرق الأوسط»: «إننا في الحزب نشعر بوجود فوضى في السياسة التركية تجاه التعاطي مع المسألة الكردية، فالخطاب الرسمي يتحدث عن الانفتاح على القضية الكردية، بينما يواصل الجيش هجماته المتكررة علينا، ولذلك إذا كانت تركيا تريد وضع حد لهذا النزف الدموي وإنهاء الحرب الدائرة على أكثر من جبهة، فعليها أن تتفاوض مع زعيم حزبنا عبد الله أوجلان لحل القضية الكردية في البلاد».

وكانت السلطات التركية قد منعت الزيارة العادية لمحامي أوجلان في سجنه المقرر لها كل يوم أربعاء من الأسبوع، وحاول المحامون تجديد طلب الزيارة (الجمعة) ولكن السلطات تذرعت بسوء أحوال الملاحة البحرية ومنعت مرة ثانية وصول المحامين إلى السجن لزيارة أوجلان.

أما على صعيد المواجهة الميدانية المرتقبة، فقد نقلت مصادر إعلامية أن تركيا بدأت في استخدام طائرات من دون طيار إسرائيلية الصنع لكشف مواقع ومخازن أسلحة «الكردستاني»، في الوقت الذي نقلت فيه مصادر محلية أنباء عن تحليق الطائرات التركية في أجواء جبل قنديل الذي يؤوي مقرات ومواقع قيادة «العمال الكردستاني».

وكان رئيس الأركان التركي إيلكر باشبوغ قد هدد بسحق «العمال الكردستاني» واقتلاعهم من مواقعهم على الحدود، داعيا الجنود الأتراك إلى مزيد من الصبر والتحمل في مواجهتهم لمقاتلي «الكردستاني»، مشيرا إلى أن «المواجهة وتحقيق النصر يحتاجان إلى وقت أطول وإلى مزيد من تشديد الإجراءات الأمنية».

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,122,821

عدد الزوار: 6,754,671

المتواجدون الآن: 98