الوظيفية بين ممارسات الغرب وصحوة الأصولية

تاريخ الإضافة الثلاثاء 25 تشرين الثاني 2008 - 10:06 ص    عدد الزيارات 1806    التعليقات 0

        

مراجعة: عماد شدياق

حرّكت أحداث 11 أيلول مشاعر الرأي العام العالمي والإسلامي على السواء، ودفعت بكاتبنا الهندي للانكباب على مراجعة تاريخ الأصولية الإسلامية وإخفاقات الغرب تجاه المسلمين ليصدر كتابه هذا على خلفية الصدمة التي أصابت العالم جراء الاعتداءات ذاتها، وبتصنيفه كمحاولة يدفع به التشويه الذي كاد ان يفرض نفسه كلياً في أوروبا أيام كارل ماركس، هذا الخطر الإسلامي كما ينعته الغرب ظهر مع نهايات الألفية الثانية وبدأ الترويج لمخاطره بواسطة البروباغندا الإعلامية التي ما انفكت توجه الرأي العام الغربي نحو عدو جديد، ألا وهو الإسلام.
وباتت تهمة الإسلام السياسي عذراً مشروعاً لقمع الحركات وكبح التحولات الديموقراطية في الدول الإسلامية نفسها، وربط أمن الولايات المتحدة بحجة أحداث 11 أيلول، بمصير الشرق الأوسط وآسيا. وانطلاقاً من هذا الواقع الذي يفرض استذكار الحقبة الإسلامية التي امتدت منذ النبي محمد، حيث قويت بعد وفاته حتى وصلت الى أوروبا... مروراً بالمرحلة العثمانية وسقوطها بعد الحرب الأولى للعالم واقتسام الاستعمار للدول العربية وبوهب جزء منها الى إسرائيل بمساندة أميركا وبواسطة الإرهاب، ينطلق منها كثوابت ليؤكد ان الغرب بعدائه واغتصابه لحقوق المسلمين دفع بهم نحو الراديكالية والانعزال، فبرزت الأصوليات كردود فعل على استعمار الأراضي الإسلامية من شمال أفريقيا الى أندونيسيا وبوجه خاص على إقامة إسرائيل في قلب الشرق الأوسط، وقد ترافقت تلك الحقبة واستمرت بدعامة ومساندة كتابات فكرية غربية طغت عليها صور الإسلام الراديكالي العنيف والمناهض للغرب، "ليبدو وكأن دولاب التاريخ عاد الى نقطة الانطلاق، الى الحملات الصليبية والحروب المقدسة".
تلك الكتابات خلقت ما يسمى بفوبيا الإسلام التي ترتكز على مقاربة جعلت الغرب يمعن النظر بالثقافة الإسلامية على أنها محتجزة وغير قابلة للتغيير وتختلف كلياً عن باقي الثقافات ويتصور ان الإسلام انتقادات أهله للثقافات والمجتمعات الغربية دون أي نقاش ويتمزج خوفه من الإسلام بعداء عنصري حيال الهجرة المتنامية.
بعودته الى التاريخ يشرح كيف كان الإسلام يشكل خطراً أخلاقياً وايديولوجياً من خلال تقدم أهله على الغرب المسيحي في مجالات الطب والرياضيات وفي حقول الفيزياء وعلم الفلك (موقتاً) من خلال تثاقف أهل المنطقة العربية مع الفرس والبيزنطيين، الى ان ركبت أوروبا مراكب العلم والحداثة وبقي المسلمون على شواطئ الركود والانحطاط.
لهذا يقف المسلم اليوم عاجزاً عند مفترق طرق، مثقلاً بالقرون الماضية مغلفاً بعباءتها، محبطاً ومتردداً في الذهاب في الاتجاه الآخر، اتجاه الحداثة والتغيير، ذلك التردد اصابه بعدوى الانعزال والتعصب الأصولي المنتشر عند كل الديانات. مرض يبعد العقل عن الدين والايمان ويعيد غرس العدائية به تجاه الأقليات بطرق انعزالية متغطرسة.
أصولية الإفلاس الفكري والأخلاقي، ترفض الخطاب العقلاني وتنبذ التعددية وحرية التعبير عن الرأي والحكم الديموقراطي، تفتقر لأي برنامج نهضوي تقدمي، تتغذى من خلال فكرة استخدام الجهاد كسلاح لتحقيق إقامة الدولة الإسلامية، كما يصفها، ويردها الى ثلاثة مراجع كانت تاريخياً منبعاً ومأسسة للأصولية وهي: حسن البنا، أبو العلاء المودودي الذي حدد النضال الجهادي كوسيلة لتسلم السلطة، وأخيراً سيد قطب "المؤسس الحقيقي للأصولية الإسلامية السنية" (بنظر الباحثة الغربية كارن أرمتسرونغ) والذي ينظر إلى العالم غير الإسلامي كعالم جاهلي.
دولة إسلامية يزعمون اقامتها لتطبيق الأحكام الشرعية على الجرائم والمعاصي فقط لا غير، ويحركهم الى ذلك هوسهم في السلطة السياسية الممزوجة بفقدان الهدف الأخلاقي والافتقار الى المبادئ الإسلامية الاصيلة القائمة على احترام حقوق الانسان والديموقراطية (أمرهم شورى بينهم)، وذلك بسبب إخضاع التعاليم الإسلامية وتحريفها لتتناسب مع سياساتهم ورؤياهم الجهادية المغلوطة، التي تقلق غير المسلمين عبر الاساءة الى مفهوم الجهاد الأصيل القائم على تأييد العدالة الاجتماعية (ربطاً بالجهاد الأكبر المذكور في الأحاديث النبوية الذي يحث على محاربة الخطيئة والرذيلة بمقابل الجهاد الأصغر المستند على القتال الدفاعي وليس الاعتداء) المربوطة بحلقة أكبر، تتسع دائرتها لتشمل المساهمة والازدهار الاقتصادي للمسلمين بل للإنسانية ككل.
إلا انه أخيراً لا يرى سوى في الحوار خير محاولة للخروج من هذا المأزق الذي وقع به المسلمون نتيجة الخطيئة التي ارتكبها الغرب بحقهم من خلال سياساته الاستعمارية وبسبب دعمه للإرهاب الإسرائيلي ضد العرب والمسلمين، حوار يباشر به الطرفان بعقل منفتح وبعد مراجعة ذاتية حقيقية تعفيهم من المغامرة والتحدي المنتظرين على أبواب الألفية الثالثة إذا ما استمروا على هذا المنوال.

[ الكتاب: الجهاد والإصلاح، التحيّز في مواجهة الواقع
[ الكاتب: أ.ج نوراني/ ترجمة رياض حسن
[ الناشر: دار الفارابي، بيروت 2007

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,573,373

عدد الزوار: 6,901,792

المتواجدون الآن: 85