ملف البلقان...متطوعون من يوغوسلافيا السابقة في سورية والعراق عدوى «داعش» تتفشى في البلقان

تاريخ الإضافة الجمعة 2 أيلول 2016 - 6:10 ص    عدد الزيارات 639    التعليقات 0

        

 

متطوعون من يوغوسلافيا السابقة في سورية والعراق عدوى «داعش» تتفشى في البلقان وأجهزته الأمنية الضعيفة على المحك
الحياة...محمد خلف 
ليست دول البلقان جزراً معزولةً بعيدة من تأثيرات ما يجري في بلدان الشرق الأوسط، فهي مثل دول أوروبا الأخرى تشهد تنامياً ملحوظاً لنفوذ الجماعات الإسلامية المتشددة، ولم يعد سراً تدفق مئات مواطنيها المسلمين إلى سورية والعراق للقتال في صفوف تنظيم «داعش» و «جبهة النصرة»، وهو ما أكدت حدوثه حكومات هذه الدول التي استنفرت أجهزتها الأمنية والاستخبارية لمواجهة النمو المتسارع لهذه الظاهرة. الخبير الأميركي في قضايا الإسلام روبرت سبنسر الذي يترأس مؤسسة «جهاد ووتش» التي تعنى بدراسة ظاهرة التطرف الديني في العالم حذر قبل سنوات من «تشكل جيوب إسلامية» في ألبانيا ومقدونيا والبوسنة التي يشكل فيها المسلمون نسباً، هي على التوالي 70 في المئة و30 في المئة و40 في المئة من عدد السكان الإجمالي». وتؤشر بيانات مركز رصد الجهاديين في البلقان إلى أن حوالى 600 إلى 800 متطوع من صربيا والبوسنة والهرسك والجبل الأسود وكوسوفو ومقدونيا وألبانيا يقاتلون في سورية والعراق منذ عام 2012. ويشير الباحث تيموثي هولمان في دراسة أعدها عن الجهاد البلقاني إلى «أن عدد المتطوعين في بداية نشوب النزاع السوري لم يزد على 12 شخصاً، لكن مع احتدام الحرب واستمرارها، ارتفع العدد إلى المئات والغالبية كانت من كوسوفو والبوسنة». وأفاد تقرير صادر عن المركز الدولي لدراسة التطرف ومقره لندن بأن 6 في المئة من الجهاديين الأجانب في سورية والعراق هم من البلقان.
وتـــتــــابع أجــــهـــزة الأمـــن والاستخبارات الأوروبية والأميركية تحركات لخلايا وعناصر إسلامية تقيم علاقات وروابط مباشرة مع «داعش» ومحاولات متصاعدة لتشكيل شبكة متعددة الأجنحة من الجهاديين في دول البلقان. ويشير تقرير أعدته الشرطة الأوروبية «يورو بول» نشرته مجلة «دير شبيغل» مكرس لدراسة الجماعات الجهادية في البلقان إلى «تنامي أخطار إقامة معسكرات إرهابية لمقاتلين عادوا من سورية إلى دولهم في المنطقة» التي تحولت وفق التقرير «مركز تجمع للإسلاميين المتشددين حيث تزدهر عمليات الاتجار بالسلاح وتهريبه إلى الدول المجاورة». وكشف تحقيق استقصائي أجرته صحيفة «دي بريسه» النمسوية عن «وجود معسكر لتدريب المتطوعين الإسلاميين على استخدام السلاح وشن هجمات إرهابية في قرية تقع بالقرب من العاصمة السلوفينية لوبليانا».
بــــعد انـــهـــيــار الــفـــيــدرالــيــة اليوغوسلافية تعرضت مستودعات الأسلحة الضخمة إلى عمليات نهب وسرقة واسعة، وبيعت في السوق السوداء لدول المنطقة وفق « ديرشبيغل» أكثر من مليون قطعة من البنادق الأوتوماتيكية والصواريخ المضادة للدبابات بأسعار مغرية تتراوح بين 300 - 500 يورو للبندقية من طراز كلاشينيكوف. وأظهرت التحقيقات التي قامت بها الاستخبارات الأوروبية أن الأسلحة التي استخدمت في الهجوم الإرهابي في باريس في 13 تشرين ثاني (نوفمبر) كان مصدرها منطقة البلقان. يقول الباحث نعيم راشيدي إن حكومات غالبية دول البلقان تتجاهل مشكلة الاتجار غير المشروع بالسلاح. ونبه تقرير صادرعن الوكالة الأوروبية للرقابة على الحدود «فرونتكس» إلى أنه في البوسنة وحدها يوجد نحو 800 ألف قطعة سلاح مهربة.
مؤسسات ضعيفة
عشية الذكرى الأولى لإعلان «دولة الخلافة» في الموصل، بث «داعش» شريطاً خاصاً بالبلقان طالب فيه المسلمين في دول المنطقة بالعودة إلى (دينهم) و«الجهاد في سبيل الله»، متوعداً «الكفار» بمصير أسود انتقاماً لما ارتكبوه من جرائم وظلم بحق المسلمين، وظهر في الشريط «مجاهدون» من ألبانيا والبوسنة وكوسوفو يهددون المنطقة بأسوأ العواقب، وقبل ذلك بأيام كان التلفزيون السويسري (SRF) كشف عن التحاق بطل العالم الكوسوفي - الألماني في التايبوكس (الملاكمة التايلاندية)، فالدت غاشي، بـ «داعش» والذي أبلغ الصحافيين في مكالمة هاتفية أجريت معه في وقت لاحق بأن «لديه فهماً عميقاً لأيديولوجية التنظيم» وقال: «أريد أن أفعل شيئاً، وأموت أثناء تحقيقه، وهذا ما يجعلني سعيداً». وذكرت صحيفة «فيليت ام زونتاغ» الألمانية أن «المعلومات التي تلقتها الاستخبارات الألمانية عن إقامة إسلاميين متشددين شبكات وخلايا جهادية في دول غرب البلقان، دفعت لجنة الأمن والدفاع في البوندستاغ إلى عقد اجتماع استثنائي للبحث في هذا الموضوع». وبرأي المحلل السياسي الصربي فيليب ايدوس أن «تزعزع الأوضاع السياسية وتفاقم المشكلات الاقتصادية والاجتماعية في دول البلقان جعلاها جاذبة للتنظيم المتطرف».
وبصرف النظر عن الاختلافات في وجهات نظر الخبراء المحليين في ما يخص حجم التهديد والخطر الذي تشكله الجماعات الجهادية البلقانية، تشير البيانات والمعلومات الرسمية إلى أن تنظيم «داعش» ينجح في تجنيد مقاتلين جدد من المنطقة، ففي كوسوفو وحدها، وفق قول وزير الداخلية السابق بايرام رجبي لـ «الحياة» تم رصد 300 شخص غادروا للقتال في سورية والعراق». وأوضح أن أكثر ما يقلق حكومة كوسوفو هو انجذاب شباب كوسوفيين إلى المنظمات الإرهابية وسفر عشرات منهم للقتال في حروب الشرق الأوسط ، مقراً بأن بلاده تواجه مصاعب جدية في وقف تدفق المتطوعين إلى سورية ما دفعها إلى سن قانون ضد الإرهاب ينص على معاقبة كل مواطن يلتحق بالجهاد العالمي بالسجن 15 سنة. ولاحظ مراقبون أن السلطات الرسمية والمشيخة الإسلامية في كوسوفو التزمتا الصمت حيال ما كانت تورده الصحف من معلومات عن سفر العشرات من الكوسوفيين للجهاد في سورية منذ العام 2011». ويرى الصحافي المختص في شؤون البلقان نيكولاي كريستيف أن «هذا شجع الكثير من المغرر بهم على الالتحاق بداعش والنصرة». كما أوضح رئيس الأئمة صبري بنغورا أن اجتذاب المتطوعين و تجنيدهم يتم عبر شبكات التواصل الاجتماعي. وقال نائب وزير الخارجية الكوسوفي بتريت سلامة إن الإسلام السياسي في كوسوفو يتلقى الدعم من مصادر غير حكومية في الشرق الأوسط، فيما أقرت مستشارة رئيس الجمهورية غريناتا كرايا بأن هناك وجوداً لبعض الحركات الإسلامية التكفيرية في البلاد.
تعاون استخباراتي
تقيم كوسوفو تعاوناً وثيقاً مع الاستخبارات الأميركية والأوروبية، ويتم تبادل المعلومات الخاصة بتحركات الخلايا النائمة ورصد نشاطاتها لاعتقال من يشتبه بأنه يشكل خطراً على الأمن القومي للبلاد والمنطقة». وكشف موقع «لايم دوت» الكوسوفي أن أجهزة مكافحة الإرهاب الأوروبية طلبت من وكالة الاستخبارات الكوسوفية اتخاذ الإجراءات الكافية لمنع هجمات محتملة ضد مصالح حكومية ومواطنين أجانب يقيمون في البلاد لأهداف مختلفة يسعى لتنفيذها «داعش» بالتنسيق مع خلايا تابعة له في البلقان. ويتضح من تقارير وبيانات متعددة أن أكثر من 400 مقاتل إسلامي عادوا من القتال في سورية والعراق إلى دولهم في منطقة البلقان الغربي. وتقول الخبيرة في شؤون الجماعات الجهادية في البلقان ميرالا زاريتشينوفا إن غالبية هؤلاء من البوسنة وكوسوفو ومقدونيا وألبانيا، ما يفسر أسباب تلقي السلطات الأمنية معلومات استخبارية وفي شكل دوري عن تحضيرات لهجمات إرهابية في المنطقة. ويتضح من تقرير صدر العام الماضي عن مركز دراسات الأمن في كوسوفو أن جمهورية كوسوفو تحتل المرتبة الأولى في أعداد الجهاديين من دول المنطقة. ووفق مصادر مختلفة فإن ما بين 100 إلى 200 مقاتل أجنبي في سورية هم من البانيا. وتشير بيانات الحكومة المقدونية إلى «أن عدد مواطنيها من المسلمين الاثنيين الألبان الذي يقاتلون في سورية يتراوح بين 130 – 146 شخصاً».
يعود دخول الإسلام المتشدد إلى كوسوفو إلى فترة نهاية النزاع المسلح مع صربيا، وبدأ انتشاره في شكل واسع وكثيف بعد العام 2005 بواسطة أئمة من مقدونيا درسوا في معاهد إسلامية في دول عربية مختلفة. وتقول زاريتشينوفا إن أتباع هؤلاء الأئمة كانوا يتجمعون في بيوت خاصة وفي مسجدين غير شرعيين تم تشييدهما من دون ترخيص من السلطات المعنية.
أبو عبد الله الكوسوفي
لافادريم مهاجري المكنى بأبو عبد الله الكوسوفي (25 سنة) ولد في مدينة كاتشانيك الواقعة في جنوب كوسوفو، تولى بعد التحاقه بالتنظيم قيادة الكتيبة القتالية الألبانية في «داعش»، وهو يعتبر حلقة الوصل بين التنظيم والجماعات الاثنية الالبانية الجهادية في البانيا وكوسوفو ومقدونيا. ذاعت شهرة مهاجري عندما نشر في 29 تموز (يوليو) عام 2014 في حسابه على الفيسبوك صوراً له تظهره وهو يقطع رأس شاب عراقي بتهمة التجسس لمصلحة الأعداء. يعد الهاجري من أوائل الكوسوفيين الذين غادروا للقتال في سورية، حيث أصبح مسؤولاً عن استقطاب الألبان وتدريبهم وتحول لاحقاً خلال عملية غزو الموصل إلى نجم لامع على شبكات التواصل الاجتماعي بتصريحاته التي تدعو إلى تحرير الأندلس وحرق جوازات سفر (الدول الكافرة) التي يحملونها. وتنتشر إشاعات في كوسوفو مفادها أن المهاجري كان يعمل في معسكر «بوندستيل» الأميركي في كوسوفو، ثم حصل على توصية من رؤسائه ساعدته على إيجاد عمل في معسكر أميركي في العراق ومن هناك أعلن انضمامه إلى تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين.
لم يلتحق كل المقاتلين من ألبانيا وكوسوفو ومقدونيا بتنظيم «داعش»، إذ يشير تقرير صادر عن المعهد الدولي لدراسة التشدد الديني والعنف السياسي إلى أن «المتطوعين للجهاد من دول البلقان الغربي (حوالى 83 في المئة) التحقوا في البداية بتنظيم «جبهة النصرة» الذي يعد فرع تنظيم القاعدة في سورية. وتقول الخبيرة في قضايا التطرف الديني في المركز الألباني للدرسات الدولية في تيرانا آبي صباحيو إن «جرائم نظام الأسد ضد الثوار السوريين منذ الأسابيع الأولى لنشوب النزاع آثارت ردود فعل حادة وسط المسلمين الألبان الذين سارعوا بدوافع واجب التضامن الإنساني مع الاخوة المسلمين في سورية إلى إرسال أول مجموعة من المتطوعين للقتال في صفوف جبهة النصرة».
صباحيو التي أجرت مقابلات مع عدد من المقاتلين العائدين من سورية وعوائلهم ذكرت في حديث مع أسبوعية «كابيتال» الصادرة في صوفيا أن بعض المتطوعين باعوا بيوتهم لكي يمولوا تكاليف سفرهم إلى سورية، وأضافت: «في صيف العام 2015 غادرت نحو 20 عائلة وأطفالها إلى سورية والعراق». واعتبرت ذلك «دليلاً أكيداً على أن هذا ينفي بالكامل الطروحات التي تدعي أن سفر هذه العوائل كان بدافع الحصول على مكاسب مالية، كما ويؤكد أن هدف الغالبية العظمى من الجهاديين الأجانب الذي انضموا إلى «داعش» و «النصرة» هو لكي يصبحوا جزءاً من عملية بناء منظومة سياسية إسلامية جديدة». إلا أن الباحث في قضايا الإرهاب شبند كورساني يختلف مع هذا الرأي ويقول إن «داعش» يوفر لهؤلاء على الأقل المأوى والملابس والطعام، لا سيما أن عدداً كبيراً من الناس في كوسوفو يعانون من صعوبات اجتماعية قاتلة ويأس وفقر مدقع على خلفية الكارثة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، حيث وصلت مستويات البطالة إلى أكثر من 50 في المئة، إضافةً إلى أن نحو خمس السكان يعيشون بأقل من يورو في اليوم.
تلفت صباحيو الانتباه إلى عامل التربية والتعليم في الحالة الجهادية في كوسوفو، وتقول: «ظلت كوسوفو محرومةً من مؤسسات التعليم الرسمية لفترة 10 سنوات متتالية خلال حكم الديكتاتور سلوبودان ميلوسيفتش، وكذلك بسبب مقاطعة الزعيم الألباني الراحل ابراهيم روغوفا للمؤسسات الصربية في الإقليم آنذاك». ويتضح من معلومات وبيانات شبه رسمية «أن أكثر من 30 طفلاً ألبانياً يعيشون الآن في المناطق التي تقع تحت سيطرة داعش وجبهة النصرة».
صربيا وإسلاميو «سنجاق»
ولم تنج صربيا من امتدادات «داعش»، ويبلغ عدد المسلمين في صربيا وفق احصاء 2011 حوالى 300 ألف نسمة (2,9 في المئة من السكان)، غالبيتهم من البوشناق، 200 ألف منهم يتمركزون في خمس محافظات في الغرب وأقل من 100 ألف ألباني يتمركزون في ثلاث محافظات في الجنوب بالاضافة إلى الأتراك والغجر والمصريين. ويشكو البوشناق في إقليم السنجاق الصربي مما يسمونه «تمييزاً صارخاً» ويطالبون بتدخل دولي أو أطلسي لمساعدتهم على تحقيق حقوقهم العرقية والدينية». ويشير محللون إلى أن الصراع الدائر في هذا الإقليم بين مؤسستين تدعي كل منهما تمثيل المسلمين أمام الدولة: الجماعة الإسلامية الصربية بزعامة رئيس العلماء آدم زيليكتش والجماعة الإسلامية في صربيا بقيادة مفتي السنجاق معمر زوركوليتش، وفر الفرص أمام جماعات إقليمية ودولية لاختراق المجتمع الإسلامي والعمل على نشر وبث الأفكار والتوجهات المتشددة بين المسلمين في الإقليم. ويرى كريستيف «أن انسداد الأفق أمام الشباب بسبب الأزمة الاقتصادية ساهم في بروز الظاهرة الجهادية التي وجدت في ظهور تنظيم الدولة الإسلامية فرصةً لإثبات وجودها ودورها وشرعت في تجنيد المتطوعين وإرسالهم للقتال في سورية والعراق. وتشير التقديرات إلى وجود أكثر من 100 مقاتل من السنجاق في سورية والعراق، ومن أبرزهم ابو سياف الذي لقي مصرعه في القتال. وكانت حكومة بلغراد هي الأخرى أصدرت قانوناً يجرم الانضمام إلى جماعات إرهابية والقتال في صفوفها في نزاعات مسلحة خارجية. وكشف مصدر ديبلوماسي صربي لـ «الحياة» أن السلطات الأمنية خاضت قتالاً مع جماعات إسلامية متشددة كانت اتخذت من مناطق جبلية في الإقليم ملاذاً أقامت فيه معسكرات تدريب، وعثرت فيه على كمية كبيرة من الأسلحة والذخيرة».
البوسنة ... الطريق إلى «الخلافة»
الحياة...
غورنا ماوتشه قرية صغيرة تحتضنها جبال (سلتسه) الواقعة في شمال شرقي البوسنة. هذه القرية تشتهر بين سكان البوسنة بكونها قلعة للإسلاميين المتشددين، وكثيراً ما ترفرف على سطوح بعض بيوتها أعلام «داعش». تقر السلطات البوسنية بأن ايديولوجية «داعش» التكفيرية تحظى بقبول واسع في هذه القرية التي غادر العدد الأكبر من شبانها اليافعين الى دولة الخلافة الداعشية . يقول اديس بوسنيتش وهو من سكان القرية ان نحو 200 شاب بوسني التحقوا بتنظيم «داعش» بينهم شبان من سكان قريتنا هذه». قبل اربع سنوات اطلق احد سكان هذه القرية الرصاص على حارس السفارة الأميركية في سراييفو. اديس الذي قضى فترة قصيرة في السجن لترويجه للإرهاب والعنف الديني يقوللا احد هنا يحترم القوانين او يطبقها ويقبلها، لا في عقولنا ولا حتى في قلوبنا، نحن أقمنا هنا حياة اخرى موازية».
يقول نائب وزير الداخلية ميو كريسيج:» من الواضح اننا استخففنا ببعض التطورات الخطيرة، فلقد ارتفع عدد المواطنين الذين ينتهكون الدستور والقوانين، مفضلين العيش بما يسمونه مبادئ الشريعة الإسلامية بدلاً من مبادئ الدولة الديموقراطية».
البوسنة التي كانت مركز جذب للمجاهدين من الدول العربية والإسلامية خلال الحرب الأهلية في الفترة 1992 - 1995 تحولت اليوم الى منطلق للجهاديين الراغبين في القتال في سورية والعراق. المسلمون البوسنيون الذين يشكلون نسبة 40 في المئة من سكان البلاد يتميزون بتبنيهم تعاليم الإسلام المعتدل وبرفضهم التشدد الديني، ولكن الآن وبعد اكثر من 20 عاماً على نهاية الحرب الأهلية تشهد البلاد ظاهرة التطرف الإسلامي بين الشباب، ويقول الصحافي البوسني أسد هاشيموفيتش:» تتوافر معطيات ومؤشرات عن قيام دعاة وأئمة متشددين بتجنيد متطوعين عبر شبكات من الجماعات السلفية المتشددة». ويضيف:» خلال فترة الحروب البلقانية كان يوجد هنا مقاتلون اجانب، اليوم اصبح لدينا مجاهدون من البوسنة يشاركون في النزاعات المسلحة في الشرق الأوسط». ويحذر وزير الداخلية البوسني دراغان ميكيتش من ان «الإرهاب اصبح مشكلة جدية، ما يتطلب منا استخدام كل طاقاتنا لمواجهته كظاهرة تهدد المجتمع البوسني». وتشير مصادر امنية بوسنية الى أن» 50 من الجهاديين البوسنيين الذين قاتلوا في سورية عادوا الى البلاد في فترات مختلفة». ويحذر البروفيسور في كلية علم الجريمة في جامعة سراييفو ياسمين أهيتش من ان الجهاديين الذين يعودون الى البلاد خطرون جداً لاكتسابهم مهارات وتجربة غنية في العمل الإرهابي.
وفي اطار اجراءاتها الرامية الى التصدي لتنامي الخطر الجهادي في البلاد سارعت الحكومة البوسنية الى اصدار قانون لمكافحة الإرهاب ينص على معاقبة كل بوسني يقوم بالدعاية لجماعات ارهابية او التجنيد للقتال في نزاعات مسلحة في دول اخرى بالسجن لفترة تصل الى 20 عاماً. وبمقتضى بنود هذا القانون جرت محاكمة احد الدعاة الجهاديين حسين بوسنيتش المكنى بلال في سراييفو لقيامه بتجنيد المقاتلين وإرسالهم الى سورية والتحريض العلني على القيام بنشاطات ارهابية». وبرأي المحللين البوسنيين فلادو عزينوفيتش ومحمد يوشيتش فإن» الحكومة ومؤسساتها الأمنية لا تملك القدرات والإمكانات التقنية والبشرية ولا الإستراتيجية اللازمة للتعاطي مع هذه الظاهرة».
جهاديو كوسوفو أخطر
الحياة..
تتباين المعلومات عن عدد الجهاديين في كوسوفو، وتنشر الصحف في شكل متواصل اخباراً عن عمليات تنفذها فرق تابعة لمكافحة الإرهاب لملاحقة مجموعات تتولى تجنيد المتطوعين وتسفيرهم الى سورية والعراق عبر تركيا. وفي هذا السياق تحدثت جريدة «كوها ديتور» عن اعتقال ثلاثة شبان في منطقة كاتشانيك ومنطقة خان الياس المجاورة لها بتهمة ارتباطهم بجماعات إرهابية بعد أن عثرت في حوزتهم على أسلحة ومناظير للمراقبة الليلية وملابس عسكرية. وعادت الصحيفة نفسها بعد أسابيع لتكشف عن اعتقال مجموعة في بريشتينا اثناء محاولتها شراء كمية كبيرة من الأسلحة. ورصدت السلطات الأمنية الكوسوفية تشكُّل جماعات سلفية مقاتلة في منطقة كاتشانيك إحداها تحمل اسم «باريمي» وتعني بالألبانية «المبدأ». ألبانيا هي الأخرى كانت تحولت محطة لاستقطاب المتطوعين للجهاد العالمي، ولا تخفي السلطات الحاكمة تبلور هذه الحالة خلال السنوات الأخيرة، وتحدثت عن اعتقالها مجموعة يشتبه بانتماء افرادها الى تنظيم «داعش» الإرهابي خططت للقيام بعمليات إرهابية في دول البلقان، وقالت إن غينتس سلمي اعتقل بعد عودته من القتال في سورية، واعترف بوجود مخطط لتنفيذ هجمات إرهابية في البلقان. ونجحت السلطات المعنية في اعتقال المشتبه بهم بعد التنصت على مكالماتهم الهاتفية طوال أشهر. ولم يقصر تنظيم «داعش»جهوده على استقطاب الألبان في البلقان، بل نشط في اوساط المهاجرين منهم في أوروبا الغربية، وخصوصاً في سويسرا التي تعيش فيها جالية ألبانية كبيرة يصل عدد أفرادها الى 200 الف يشكلون نحو 6 في المئة من السكان.
 

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,595,822

عدد الزوار: 6,956,674

المتواجدون الآن: 68