رحيل غامض لمئات الإرهابيين وأسرهم من الفلوجة

تاريخ الإضافة الثلاثاء 26 تموز 2016 - 6:07 ص    عدد الزيارات 640    التعليقات 0

        

 

رحيل غامض لمئات الإرهابيين وأسرهم من الفلوجة
الخالدية (شرق الأنبار) - عبدالواحد طعمة 
طأطأ رأسه ثم رفعه متحسراً «اختفوا في غفلة منّا، ولم نرهم في شوارع المدينة قبل اقتحامها من قبل الجيش بأيام عدة»، هكذا رد ماهر رحيم حمد على سؤال «الحياة» عن مصير مئات الإرهابيين من العرب والأجانب في الفلوجة.
حمد رب أسرة من 5 أفراد، ولد في 1992، لم يكمل تعليمه الابتدائي، كان يمتهن صيد الأسماك وبيعها، قبل انضمامه إلى تنظيم «داعش» ويصبح مساعداً للقائد العسكري في بلدة الكرمة شمال شرقي الرمادي، المدعو أبو نجم العيساوي.
وتعتبر الفلوجة، 45 كيلومتراً غرب بغداد، من أقدم معاقل التنظيمات المسلحة السنية في العراق، المناهضة للاحتلال الأميركي للبلاد ومن بعده العملية السياسية، وكانت احتضنت «مجلس شورى المجاهدين «نواة تشكيل تنظيم «القاعدة» عام 2005 وتضم عشرات المساجد، تقاسمتها «الحركة السلفية» مع «الإخوان المسلمين».
ويذكر حمد أن حوالى ألف مقاتل من العرب والأجانب كانوا يجوبون شوارع الفلوجة حتى أيام قريبة من اقتحامها من قبل الجيش «تبخروا بقدرة قادر بمن فيهم عشرات النساء المقاتلات منهن أو حتى طبيبات ومساعداتهن التونسيات والجزائريات وآسيويات يدرن مستشفى الأمراض النسائية» وأشار إلى وجود «مقاتلات أجنبيات تنتشر حكايات قوة شكيمتهن ومهارتهن بين عناصر التنظيم، بينهن روسيات اشتهرن بالقنص. لكن لم التقِ بهن. كن يقاتلن في جبهات أخرى».
ويروي مساعد القائد العسكري: «هرب والي الفلوجة المدعو أبو هاجر العيساوي عبر نهر الفرات، حيث تم نقله في إطار مطاطي يستخدم في الشاحنات الكبيرة وادعى بأن القيادات العليا في التنظيم أصرت على خروجه من المدينة لأسباب مهمة. هذه الحادثة إضافة إلى اختفاء المقاتلين والانتحاريين والانغماسيين العرب في شكل مفاجئ أحدثت صدمة وانهياراً بين صفوفنا كمقاتلين محليين واتهمناهم (القيادات العليا لداعش) بالخيانة وبيعنا إلى الحكومة» ما دفع الجميع إلى البحث عن مخرج للفرار، وتم تخصيص زورق صغير يقوم بنقل عوائلنا إلى الضفة الأخرى من نهر الفرات وتحديداً في «عبرة البوعيسى» وفعلاً قمت بإخلاء أسرتي إلا أن الحشد الشعبي كان وصل إلى الموقع أثناء عبوري وألقى علي القبض».
غزوة صومعة حبوب ابو غريب
ويؤكد جميع المعتقلين من عناصر «داعش» الذين التقتهم «الحياة» في مركز الاحتجاز التابع لمديرية مكافحة الإجرام التابعة إلى قيادة شرطة الأنبار، أن المعيشة كانت قبل محاصرة الفلوجة أكثر رخصاً من باقي البلاد وأسعار المواد الغذائية ثلث مثيلاتها في المدن الأخرى وكانت المعاشات التي يتسلمونها من «داعش» وهي لا تتجاوز ما قيمته 300 دولار شهرياً، تكفي لسد احتياجاتهم والتزاماتهم العائلية، إلا أنه في مرحلة ما بعد حصار بلدات ومدن الأنبار وبينها الفلوجة، بدأت الصعوبات حتى وصل الأمر إلى فقدان مادة القمح في شكل كامل من الأسواق، حتى باتت الوجبات الرئيسة للناس التمر والحليب الرائب».
الظروف الاقتصادية الصعبة دفعت «داعش» الربيع الماضي إلى التفكير بايجاد منافذ توفر القمح، فجاءت العملية الفاشلة للسيطرة على صومعة الحبوب في بلدة أبي غريب القريبة من بغداد.
حمد شارك في غزوة صومعة الحبوب، وأفاد بأن «العملية على مستويين الأول هو جهد داخلي حيث قامت مجموعة تعمل في هذه المخازن بتهيئة أكثر من 15 شاحنة كبيرة محملة بالحنطة ركنت في ساحة انتظار تابعة للصومعة، فيما تقوم مجموعة مسلحة بالذهاب إلى هناك لجلبها وتأمين طريقها حتى تصل الفلوجة»، وكشف: «أبلغنا
أبو بكر الحمداني المسؤول عن منطقة الحمدانية جاهزية هذه الشاحنات وأن الطريق سالكة فقمنا بتجهيز قوة من 35 عنصراً واستخدمنا عجلات عسكرية سبق أن استولينا عليها من الجيش العراقي ووزعنا المهمة على شكل مجموعتين، الأولى 15 فرداً يترجلون من العجلات عند وصولنا الموقع لجلب الشاحنات المنتظرة وهي جاهزة للانطلاق بسائقيها، ومن يبقى ستكون مهمتهم مرافقة الرتل وحمايته حتى وصوله إلى الفلوجة».
حتى الآن، حمد يجهل أسباب فشل عملية صومعة أبو غريب وتساءل «كيف اكتشف جنود الجيش العراقي الموكب المزيف على رغم كل إجراءات الغش والإيهام بأننا منهم. تعرضنا إلى فتح نار من حواجز تفتيش تابعة للجيش بعد مرور ثلث عجلاتنا ومع كثافة النيران أجبرنا على الانسحاب والعودة».
سجون «داعش»
نمط الحياة الذي اختاره «داعش» لسكان المناطق الخاضعة لسيطرته يطبقه بالقوة وفتح السجون لمعاقبة المخالفين.
رجب محمود الحلبوسي (1998) أكمل تعليمه الابتدائي في مدينة الفلوجة، وبعد إعلانها من قبل «داعش» ولاية، عمل سجاناً في سجن الحسبة، ويدعي أنه لم يؤذ أحداً وكان مسالماً مع الجميع، وصنف المعتقلات إلى ثلاثة أنواع: الأول سجنان يتعلقان بقضايا عناصر الأمن والجيش الحكوميين حيث يتم احتجاز هذه العناصر حتى يعلنوا توبتهم والتعاون مع السلطة الجديدة، أما الصنف الثاني فيسمى السجن العسكري ويختص بمشكلات عناصر «داعش» من الذين تركوا العمل وفروا من القتال وتكون عقوبتهم 600 جلدة تنفذ بهم وسط الأسواق العامة والحبس 6 أشهر، وبعد إطلاقهم يستمر الاتصال بهم لإعادتهم إلى العمل، وهذان النوعان تابعان إلى جهاز أمن التنظيم، ويشرف عليهم المكنى أبو عبودي واسمه الحقيقي صدام عجراوي من أهالي أبو غريب، أما النوع الثالث فهو سجن الحسبة وأنا عملت فيه لمدة عام كامل».
الحلبوسي بيّن أن هناك إجراءات ضد المخالفين لتعليمات ديوان الحسبة حيث تنزل عقوبة الحبس من 3 أشهر وما فوق ضد السارق مع تعويض المسروقات واعتقال المتشاجرين في الأماكن العامة حتى تتم مصالحتهم، أما حلاقة الذقن فيجلد المقدم عليها 50 جلدة ويغرم بـ 100 الف دينار (أكثر من 80 دولاراً) وتنزل عقوبة التعزير بحق المدخن ويغرم عن كل سيجارة يحملها 10 الاف دينار (نحو 8.5 دولار)، فيما تتراوح غرامة المتاجرة بالسجائر من 500 ألف دينار عراقي (أكثر من 400 دولار) إلى 5 ملايين دينار (نحو 4300 دولار).
كما أكد الحلبوسي أنه وخلال تجواله في مدينة الفلوجة التقى مقاتلين عرباً وأجانب.
لجنة تقصي الحقائق
كشف نائب رئيس لجنة تقصي الحقائق حول الانتهاكات التي تعرض لها النازحون خلال عمليات تحرير محافظة الأنبار الأخيرة، أن المدعين بقتل العشرات وفقدان مئات الفارين من معارك الصقلاوية والمناطق الأخرى لم يقدموا دليلاً حتى الآن، وأكد اللواء هادي رزيج في تصريحات إلى «الحياة» أثناء جولة في مراكز احتجاز تابعة إلى قيادة شرطة الأنبار، قرب بلدة الخالدية، أن عمل اللجنة لم ينته، ودعا ذوي المفقودين من النازحين إلى تقديم بلاغاتهم إلى اللجنة أو مراكز الشرطة القريبة للبحث عنهم.
وقال رزيج، رداً على تقرير لجنة تحقيق محلية اتهمت في تقريرها فصيل من الحشد الشعبي بقتل 43 نازحاً وأكثر من 600 آخرين نقلوا إلى جهة مجهولة، إن «هذه المعلومات عرضت على لجنة التقصي وما زالت قيد التحقق» واستدرك «لكن مع الأسف لم نتسلم حتى الآن أية أدلة أو خيوط تمكن اللجنة من التوصل إلى نتائج إيجابية بهذا الصدد»، وكشف: «طالبنا مكتب المحافظ ورئيس المجلس المحلي، بتقديم قوائم بأسماء الضحايا المقتولين أو المختطفين وفق ما أعلنت لجنتهم، ليتسنى لنا البحث عنهم في مراكز الاحتجاز التابعة إلى الحكومة واحتمال أن يكونوا ضمن الموقوفين، وطالبناهم بتحديد المنطقة التي وقعت فيها حادثة القتل للوقوف على الجثث وأيضاً أبلغناهم فتح باب تلقي تبليغات أهالي المفقودين من النازحين أو تسجيلها لدى أقرب مركز للشرطة، لكن حتى الآن لم تجبنا اللجنة عن أي سؤال وكذلك لم نتلقَ أي بلاغ أو شكوى عن فقدان نازح هارب من مناطق القتال في كل مناطق محافظة الأنبار»، وأكد أن «مراكز الاحتجاز تستقبل زيارات منتظمة لأهالي الموقوفين فيها منذ إنشائها».
وأشار رزيج، وهو قائد شرطة محافظة الأنبار، إلى أن «المحتجزين في مراكز التدقيق يتم توقيفهم وفق مذكرة قضائية، وهم ثلاثة أصناف: الأول هم المطلوبون سابقاً لدى القضاء أو الأجهزة الأمنية، باعتبارهم من المتورطين مع تنظيم داعش الإرهابي، والثاني يشتبه بهم، والثالث يتم التعرف إليهم من قبل العائلات النازحة». وأضاف «ضبطنا أعداداً كبيرة، نتيجة بلاغات النازحين، اعترف غالبيتهم بانتمائه إلى الإرهابيين، وتورط بعمليات قتل أو عمل في دواوينهم غير مسجلين في قاعدة البيانات التي لدينا، وهؤلاء اتخذت إجراءات بفتح سجل خاص بهم وبالمبلغ عنهم».
ضغوط لإطلاق إرهابيين
وحول مهنية لجان التدقيق في هذه المراكز، أوضح رزيج أن «العاملين فيها هم من اللجنة الخاصة التي تشكلت عام 2011، لكن ألغيت من قبل المحافظ السابق نزولاً عند رغبة ساحات الاعتصام، والآن عاودت نشاطها»، ولفت إلى «أننا الآن نواجه الكثير من الضغوطات من سياسيين وشيوخ عشائر من ضعيفي النفوس لمصلحة الإرهابيين المطلوبين للقضاء أو للأجهزة الأمنية»، واعترف بالظروف السيئة للمحتجزين بسبب ضيق قاعات السجن، وأوضح «لم نكن مهيئين إلى مثل هذه الأعداد من حيث المباني، ما اضطرنا إلى البحث عن مواقع متضررة وقمنا بإعادة تأهيلها قدر الإمكان لاستيعابهم» ودعا «السياسيين المهتمين بالوضع الإنساني للموقوفين إلى مساعدتنا في ترميم أكبر عدد من المباني لإنهاء أزمتهم». كما أكد مدير مكافحة الإجرام الرائد طارق عماد لـ «الحياة» أن «هناك ضغوطات كبيرة نتعرض لها من سياسيين ومسؤولين حكوميين لإطلاق الإرهابيين، وصلت إلى حد أن يهددني أحدهم باسم عصائب أهل الحق»، مشيراً إلى أن» النائب (تتحفظ «الحياة» عن ذكر اسمه) اتصل بي مرات عدة للتوسط وإطلاق أحد الإرهابيين، وبعدما عجز عن التواصل معي أرسل لي تهديداً في رسالة نصية على الهاتف النقال وهدد باستغلال علاقاته مع وزير الداخلية لنقلي من موقعي». وأفاد عن تدخل مسؤول محلي كبير في حكومة الأنبار، تتحفظ «الحياة» على ذكر اسمه، «هذا الشخص أثاره عثور الحشد العشائري أثناء اقتحامه أحد مقارّ الإرهابيين على وثيقة تؤكد تورط مدير عام في الحكومة المحلية مع داعش بتأمينه رواتب عناصره، وتم تصوير الوثيقة في موقعها، رافضاً (أي المسؤول المحلي) اتخاذ أي إجراء ضد المتورط بطريقة التهديد والوعيد».
وتضم مراكز الاحتجاز حالياً أكثر من 13 ألف من أصل 19180 معتقل قيد التحقيق، ومن جميع المناطق التي شهدت عمليات عسكرية في محافظة الأنبار خلال الأشهر الماضية، بينهم 2185 مطلوبين إلى القضاء، وعلمت «الحياة» أن بينهم من قضى أكثر من ثلاثة أشهر بانتظار انتهاء تدقيق ملفه.
وعزا عماد هذه الأعداد لكون «الفلوجة تضم مقاراً إدارية وقيادة وسيطرة لثلاثة ولايات وهي: الفلوجة وشمال بغداد والجنوب التي تشمل المحافظات الجنوبية من البصرة حتى بابل». وحمل قاضي تحقيق الفلوجة خالد الجنابي، في تصريح إلى «الحياة» الوزارات الأمنية مسؤولية تأخر إطلاق المشتبه بهم وذكر أن «رد دوائر مهمة في وزارة الداخلية أو جهاز الأمن الوطني أو جهاز الاستخبارات حول إن كان المشتبه به مطلوباً لديها هو وراء بقاء المعتقل البريء أشهراً في سجنه».
 

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,595,425

عدد الزوار: 6,903,129

المتواجدون الآن: 87