القضاء في درعا يسابق الفصائل المسلحة على المرجعية... ويترنح تحت ضرباتها ونقاط قوة بعيدة المدى: اعتماد «القانون العربي الموحد»

تاريخ الإضافة الثلاثاء 24 أيار 2016 - 5:55 ص    عدد الزيارات 759    التعليقات 0

        

 

القضاء في درعا يسابق الفصائل المسلحة على المرجعية... ويترنح تحت ضرباتها
الحياة...درعا - علي مصاروة 
كان واضحاً اتِّساعُ رقعة المساحة الجغرافية المحرَّرة على يد فصائل المعارضة في درعا منذ بدايات 2013، وظهر للمراقبين مع نهاية ذلك العام أنَّ وصول مقاتلي المعارضة في درعا إلى تخوم العاصمة دمشق مسألة وقت ليس إلا، وكانت لتلك المستجدّات الميدانية المستمرَّة في شكل متصاعد حتى منتصف عام 2015 نتائج إيجابية في ارتفاع منسوب الحرية في مناطق المحافظة المحررة، التي ما لبثت أن حفلت بالنشاطات والفعاليات الخدمية والإنسانية ذات الطَّابع الثَّوري المدني.
بيدَ أنَّ منسوباً من فوضى جديدة كان يتصاعد في شكل مواز، وبدا أنَّ مشاهد الفوضى والانفلات الأمني راحت تتزايد بانتظام مع تحرير كل قطعة أرض جديدة، أمام عجز من كبد قوات النظام السوري خسائر فادحة ودفعها إلى التراجع عن مواجهة عساكر الليل ومجموعات الفساد.
وما تصاعد وتيرة التدهور الأمني في المناطق المحررة في أشكاله المختلفة من خطف وسرقة واغتيال وتشبيح، إلا نتيجة متوقعة لاستهتار الفصائل المقاتلة في حماية مناطقها، ورفض معظمها الالتزام بمقررات السلطة القضائية الصادرة بحق من يقترفون التجاوزات، فضلاً عن المشاركة في محاسبة غيرهم من المخطئين. وبذراع تنفيذية مشلولة، ساد المشهد ضرب من التخاذل في ظل عجز السلطة القضائية عن إيجاد قوة تنفيذية بديلة، وتأكد للمراقبين في محافظة درعا وجود بيئة ملائمة لفوضى المشاريع والصراعات الفصائلية والمصلحية الضيقة.
وما يؤكد ذلك أرقام وإحصائيات دقيقة أعدها مكتب توثيق الشهداء في درعا في تقرير له ((http://daraamartyrs.org/Daraa-2015.pdf صدر بتاريخ 2 كانون الثاني (يناير) 2016 بعنوان «سنابل من الدم» حول ارتفاع نسبة الجرائم وقضايا الجنايات في المناطق المحررة من محافظة درعا. وتبين أن الاغتيالات شكلت احدى أبرز مظاهر الفوضى الأمنية في عام 2015 حيث سجلت 105 حادثة اغتيال مقابل 70 حادثة في 2014. ونشر المكتب أخيراً تقريراً شهرياً يوضح توثيق 38 حادثة اغتيال خلال آذار (مارس) ونيسان (أبريل) وحدهما من العام 2016.
وإلى ذلك، وصل عدد ضحايا القتال المسلح بين الفصائل المقاتلة إلى 78 قتيلاً خلال نيسان الماضي وحده، في حين بلغت حصيلة ضحايا الاقتتال 242 قتيلاً في 2015.
ووثق التقرير 22 قتيلاً تم إعدامهم ميدانياً و9 قتلى قضوا تحت التعذيب على يد الفصائل المعارضة في مناطق المحافظة المحررة خلال العام ذاته، علماً أن نيسان الماضي شهد وحده 8 حالات إعدام ميداني وحالتَي موت تحت التعذيب.
والواقع أن ذلك حصل ويحصل أمام عين القضاء التي لا يمكن القول إنها مغمضة أو حتى غافلة. فهي شهدت كل حوادث الفوضى الأمنية، منذ بدأت بحالات صغيرة وفردية مع بداية تشكل هيئات شرعية مصغرة وشبه مستقلة، وصولاً إلى فوضى منظمة ومكثفة ذات مصادر متعددة. وذلك بالتزامن مع نشوء محاكم قضائية ذات سلطات مستقلة، تضم قضاة أكاديميين حائزين الشهادة الشرعية أو الحقوقية فتعددت السلطات وتشعبت.
أجسام قضائية متشعبة
مع ارتفاع منسوب الفوضى في محافظة درعا السورية لم يقف أبناء المنطقة مكتوفي الأيدي أمام سطوة الفصائل المسلحة وعجزها عن إدارة المناطق الخاضعة لسيطرتها. فبدأت تتوالى الدعوات والمبادرات من جانب بعض الشرعيين والحقوقيين مطالبة بتشكيل محاكم قضائية تأخذ على يد الظالم، وتقتص للمظلومين، وتعيد الحقوق المسلوبة إلى أصحابها. ومع أنها ألقيت في وديان وشعوب، إلا أن صدى خفيفاً لها عاد أخيراً، معيناً في تشكيل أول بادرة لجسم قضائي مصغر على شكل هيئة شرعية بسيطة تفصل بين المتخاصمين، سارت بنهج متعرج ولكن برؤية أكثر وضوحاً.
كانت الهيئة الشرعية في مخفر بلدة الطيبة شرق درعا المحكمة القضائية الأولى في محافظة درعا إذ تشكلت في الأول من أيلول (سبتمبر) 2012 إثر خلاف نشب بين فصيلين من فصائل الجيش الحر، اقتضى احتكامهما إلى بعض الشخصيات الحقوقية والشرعية التي سرعان ما فصلت في القضية، وارتأت ضرورة إيجاد جسم قضائي مصغر يضم في بداية تشكيله ثمانية من القضاة الحقوقيين والشرعيين، واستند إلى فصائل بلدة الطيبة في تشكيل قوة تنفيذية للمحكمة بعد أن تعهدت كل فصائل المنطقة بالتعاون مع الهيئة الشرعية والاستجابة لمقرراتها.
وعلى رغم نجاح الهيئة الشرعية في تحييد الفصائل المسلحة عن اتخاذ القرار القضائي، إلا أنها اصطدمت بعدم استقلالية قرار القوة التنفيذية التي تشكلت من جانب تلك الفصائل، والتي عرقلت في كثير من الأوقات أحكاماً قضائية مختلفة صدرت بحق المتجاوزين، وأوغلت في تعذيب السجناء وإهانتهم، وفاوضت أهالي بعض المعتقلين على إخراجهم مقابل مبالغ مادية، ونفذت أحكاماً قضائية وصلت إلى القتل من دون الرجوع إلى الهيئة الشرعية، حتى بات ذلك القرار القضائي المستقل بذاته كلاماً على ورق.
لم تكن تجاوزات القوة التنفيذية مرضية للكادر القضائي في الهيئة الشرعية الذي قرر إغلاق المحكمة بعد خمسة شهور فقط من افتتاحها. وكان إغلاق الهيئة الشرعية في بلدة الطيبة وفشل المحكمة فيها، دافعاً لدى قضاة المحافظة لتحفيز مبادرات أخرى تسعى إلى تجاوز الإشكاليات التي تعرضت لها الهيئة الشرعية وأدت إلى فشلها وإغلاقها، فشهدت محافظة درعا تشكيل عشرات المحاكم القضائية في مختلف قطاعات المحافظة المحررة كان أبرزها «الهيئة الشرعية في الجيزة، والهيئة القضائية الشرعية في المنطقة الشرقية ومقرها بلدة المسيفرة، وهيئة القطاع الأوسط ومقرها بلدة مزيريب، الهيئة القضائية في منطقة الجيدور ومقرها مدينة جاسم»، قبل أن تنصهر تلك المحاكم في ثلاث محاكم قضائية رئيسية «محكمة غرز ، محكمة جلين، محكمة الكوبرا».
بيد أن غياب قوة تنفيذية مستقلة عن الفصائل المسلحة كان الحاضر الأبرز في كل مبادرات تشكيل أجسام قضائية مستقلة في محافظة درعا، فضلاً عن تشتت المحاكم القضائية والمخافر واللجان الأمنية في قرى وبلدات المحافظة وتباين سويتها القانونية والإدارية أمام محاولات الفصائل المسلحة الاستئثار بالسلطة وانتهاج سياسة «أمراء المناطق».
حوران
جاء تشكيل دار العدل في حوران في 14 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014، في سياق تحديد مرجعية قضائية موحدة تمثل السلطة القضائية الأعلى في محافظة درعا، وذلك عبر توحيد المحاكم القضائية الثلاث العاملة في المحافظة وهي «محكمة غرز التابعة للجيش الحر، ومحكمة جلّين التابعة لحركة المثنى الإسلامية، ومحكمة الكوبرا التابعة لجبهة النصرة» على أن تخضع لها كل الفصائل والهيئات والكيانات العاملة في محافظة درعا وريف محافظة القنيطرة الخاضع لسيطرة المعارضة.
وساهم توازن القوى في شكل كبير في تسيير أمور التوحيد بين محكمتي الكوبرا وجلّين اللتين شهدتا حالة ضعف وتقهقر في مرحلتهما الأخيرة بسبب التململ الشعبي الحاصل من سياسة العقاب الهجومية التي انتهجتها المحكمتان. علماً أن محكمة جلين «لم تسخر لمصلحة سياسة حركة المثنى الإسلامية، ولم تشهد تغييباً قسرياً للمعتقلين على خلاف الكوبرا»، فضلاً عن أن محكمة غرز شهدت توقيع ما يزيد عن 70 فصيلاً مقاتلاً من الجيش الحر على دعمها، إلا أن المواثيق الشفوية لم تترجم عملياً، واتضح ضعف محكمة غرز «التي لم تتبع لفصيل بعينه» عن رد الحقوق إلى أصحابها عندما يتطلب ذلك تسيير قوة عسكرية تنفذ الأحكام القضائية.
وقد تعمدت المحكمة في تشكيلها مجلس إدارتها تجنب تمثيل الفصائل العسكرية على اعتبارها قوة تنفيذية لا ينبغي لها أن تنخرط في العمل القانوني وأن تساهم في تحديد سياسة المحكمة والتأثير في قرارتها، والتي تتم وفق الأسس القانونية والشرعية التي قامت عليها المحكمة أساساً، فاقتصرت عضوية مجلس الإدارة على رئيس دار العدل ونائبه ورؤساء المحاكم الفرعية في محافظتي درعا والقنيطرة «محكمة نوى، محكمة القنيطرة» إضافة إلى رؤساء المحاكم الثلاث المختصة «المالية، الأحوال الشخصية، الجنايات» والمدير الإداري ضمن الفرع الرئيسي، فيما شملت أيضاً مع بدايات تشكيلها ممثلين عن المحاكم السابقة «غرز، جلين، الكوبرا».
وتضمن تشكيل محكمة دار العدل في حوران مصادقة كل المحاكم الشرعية إضافة إلى الفصائل العسكرية المشكلة لدار العدل على ميثاق تم التوافق عليه وتمكّن معد التحقيق من حيازة نسخة منه، يتألف من سبعة بنود رئيسية أبرزها اعتبار دار العدل في حوران السلطة القضائية العليا في محافظة درعا، والمخول الوحيد بفض النزاعات والتحكيم بين الأطراف المتنازعة، واعتقال واستجواب الأطراف المسيئة ومحاسبتهم، إضافة إلى تعهد المحاكم الثلاث بتسليم كل القضايا والملفات والمعتقلين لديهم إلى محكمة دار العدل، وإبلاغها بمصير كل القضايا الغامضة وهي القضايا المعلقة التي لم تفصح المحكمة عن مصيرها، حيث حرصت ولمدة طويلة على التكتم على الأحكام التي صدرت في شأنها. وأبرز تلك القضايا الغامضة والمعلقة قضية رئيس المجلس العسكري أحمد النعمة، الذي كان مصيره مجهولاً منذ تاريخ اعتقاله في 3 أيار (مايو) 2014، وحتى تاريخ تشكيل محكمة دار العدل بعد بضعة أشهر، فبلغت جبهة النصرة رسمياً دار العدل بمصير النعمة.
وقال أحمد اليتيم شقيق الشيخ أسامة اليتيم، لصحيفة محلية هي «عنب بلدي» (العدد 200 الصادر في 20 كانون الأول - ديسمبر 2015)، إن جبهة النصرة سلمت 73 معتقلاً في محكمة الكوبرا إلى محكمة دار العدل، كانوا محكومين جميعاً بـ «القصاص».
كما تضمن الميثاق أيضاً تعهد الموقّعين بتقديم قوة تنفيذية مشتركة للمحكمة تتصف بـ «الأمانة والحكمة والولاء للمحكمة»، وتقديم كل الفصائل الموقِّعة على الميثاق ما يلزم من ذخيرة وسلاح ومال ومعدات. واتفق شفهياً على بند رئيسي يقضى بعدم تشكيل أي طرف لأي محكمة أخرى تتبع له حال خروجه من محكمة دار العدل، والتأكيد على جواز محاربة من يخل بذلك.
ضعف السلطة القضائية
شكل اعتماد دار العدل على ما تقدمه الفصائل من عناصر وعتاد يتيح لها مزاولة عملها نقطة ضعف أساسية، لا سيما بعدما تبين سريعاً استحالة فصل العنصر المالي والعسكري عن ولاءات القوة التنفيذية.
على أن حجم ذلك العتاد المقدم من الفصائل الملتزمة تعهداتها تجاه دار العدل لم يبلغ منذ بداية تأسيس القوة التنفيذية وحتى هذه اللحظة مقدار عتاد كتيبة من الكتائب العاملة في لواء ضمن فرقة من فرق الجيش السوري الحر. ولا تلام على ذلك قطعاً الفصائل التي أوفت بالتزاماتها تجاه المحكمة والتي لم يتجاوز عددها العشرة في أحسن حالاته، ذلك أن محكمة دار العدل في حوران اشترطت على كل الفصائل تقديم كتلة محددة من المال والسلاح والعناصر، تجنباً لهيمنة جهة من الفصائل على المحكمة، وتخوفاً من استحواذه لاحقاً على قراراتها وتوجيه سياساتها.
لكن حب الاستملاك أو رفض فكرة السلطة القضائية أو ربما كما في حالات قليلة من الاستنزاف المالي والبشري والعجز الكلي عن تغطية الالتزامات أضعف المساهمات فيما امتدت أيضاً أسباب التقصير إلى الضغوط الخارجية، وطاولت كل فصائل الجبهة الجنوبية في محافظة درعا. فقد وقَّعت الأخيرة وفق مصدر خاص رفض الكشف عن اسمه على وثيقة جماعية في غرفة عمليات الجبهة الجنوبية «الموك» تتعهد فيها بعدم دعم دار العدل في حوران، والذي تترجم عملياً على يد الغالبية العظمى من تلك الفصائل.
وما زاد الوضع سوءاً، إجراءات التضييق على المنطقة الجنوبية والتي اعتمدتها دول عربية لا سيما المملكة الأردنية فحظرت كل أشكال الدعم المادي لمحكمة دار العدل في حوران، والتي ترد غالباً من أبناء المحافظة المغتربين وأصدقائهم من المانحين العرب. وتباينت التفسيرات إزاء ذلك الحظر، بين من يعيده إلى مشاركة جبهة النصرة في المحكمة وانخراط خمسة من قضاتها الشرعيين في العمل القضائي، ومن يعزوه إلى رفض تلك الدول أي مبادرة محلية تؤسس مرجعية موحدة في الملف القضائي على وجه الخصوص وغيره من الملفات على العموم.
في حين شكلت مرحلة الاغتيالات والتهديد والخطف مرحلة فارقة أمام المعارضة السورية في درعا، حيث نجحت يد الظلاميين في اغتيال غالبية الشخصيات المؤثرة والفاعلة مجتمعياً في وقت قياسي وفي كل سلالة، ما عزز تنافر المشاريع وتضاربها حد المواجهة العلنية، بعد أن أظهر عجز الفصائل المقاتلة وبنيتها الهشة وانتشارها العشوائي، أي امكانية لمواجهة الخلايا الأمنية المنظمة.
وكان غياب قوة تنفيذية مستقلة للملف القضائي تملك القوة وتفرض السيطرة على مناطق المحافظة المحررة عائقاً دائماً أمام تطبيق القانون، لا سيما عندما يعني ذلك محاسبة أحد المتنفذين في المحافظة، والذين يتمثلون غالباً بقيادات الفصائل المسلحة وتجار الأسلحة وكل من يعمل أو يمت لأحدها بصلة، في الوقت الذي لا تتوقف تجاوزات هؤلاء بحق أبناء المحافظة. وأمام عجز القوة التنفيذية عن محاسبتهم تتعطل العديد من الأحكام القضائية، وتتعرض القوة التنفيذية في حوادث كثيرة إلى اعتداءات بحقها حال رفض المتجاوزين النزولَ عند السلطة القضائية والقبول بأحكامها. فليس سراً أن بيان «حركة المثنى الإسلامية» الصادر في 23 آذار (مارس) 2016، يصف أحكام دار العدل القضائية بـ «فتاوى الطواغيت» ويتوعدها علناً بـ «القتال».
ومع خطورة الاعتداءات التي طاولت كوادر المحكمة وقوتها التنفيذية، فإن التحديات والأخطار لم تقتصر عليهم فحسب، لكنها شملت عائلاتهم والعاملين معهم. وكان ورد في بيانات رسمية لفصيلين من الفصائل المتهمة بالانتماء إلى تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» عبارات تندد بمحكمة دار العدل في حوران، فيما طاولت عمليات الاغتيال كلاً من رئيس محكمة دار العدل الشيخ أسامة اليتيم، ونائبه بشار كامل النعيمي، كما تعرض عشرات الموظفين في المحكمة إلى عمليات الخطف والاعتقال التعسفي، إضافة إلى الأخ الأصغر لرئيس محكمة دار العدل الحالي الشيخ عصمت العبسي، الذي لا يزال معتقلاً لدى حركة المثنى الإسلامية حتى كتابة هذه السطور.
نقاط قوة بعيدة المدى: اعتماد «القانون العربي الموحد»
يُعتبر تشكيل محكمة دار العدل في حوران بحدِّ ذاته خطوةً جديّة نحو تأسيس سلطة قضائية موحدة تمثل المرجعية القانونية الأعلى للمحافظة، رغم محاولات الإفشال التي سعى إليها العديد من الفصائل الموقعة على ميثاق المحكمة من جهة، ومحاولات الهيمنة التي سعت إليها بعض تلك الفصائل من جهةٍ أخرى، إلا أنَّ ذلك المشروع تمكَّن في نهاية المطاف من مواجهة بعض التحديات بنجاحٍ ساهم في رفد المنطقة بالحد الأدنى من المرجعية القانونية والاستقرار القضائي.
بدأتْ مواجهة تلك التحديات من داخل المحكمة نفسها، إذ اصطدمتْ في بداية تشكيلها بنقص الكادر القضائي والإداري، لكنَّ ذلك لم يُثنها عن متابعة العاملين فيها ومساءلتهم حول أية مخالفات قد يقعون فيها، حيث فُصل خمسةٌ من القضاة الحقوقيين، بالإضافة إلى أربعة قضاة شرعيين يتبع اثنان منهما لـ «جبهة النصرة» بينما يتبع القاضيان الآخران لحركة المثنى الإسلامية، فيما تمَّ فصل أكثر من 40 شخصاً من الكادر الإداري والقوة التنفيذية بسبب خروقاتٍ متعددة أبرزها الولاء الفصائلي وتغليب المصالح الشخصية على المقرَّرات القضائية.
كذلك واجه مجلس إدارة المحكمة نقص الكوادر القضائية باستقطاب قضاة حقوقيين وشرعيين من خلال ضمِّ محكمة نوى إلى محكمة دار العدل كفرعٍ لها في الريف الغربي من محافظة درعا، وتشكيل محكمة القنيطرة كفرعٍ آخر عن المحكمة في محافظة القنيطرة، بعد استقدام قضاةٍ من أبناء المنطقة المجازين في الشريعة والقانون. ثمَّ تلا ذلك عقْد اتفاقيات مع معهد إعداد القضاة (15) في محافظة درعا، تضمَّن إجراء الامتحانات اللازمة للقضاة والمحققين وكتّاب العدل المتخرِّجين قبل أنْ يتم قبولهم للعمل في محكمة دار العدل.
والى ذلك، عقدتْ المحكمة اتفاقاً مع نقابة المحامين الأحرار بدرعا (16) ينصُّ على مشاركة النقابة في العمل القضائي والإداري ضمن محاكم ومكاتب المحكمة، من خلال ترشيح العدد اللازم من القضاة الحقوقيين للعمل في المحاكم والمكاتب المختصة وفقاً لكفاءتهم والأعداد المطلوبة منهم، كما عمدت المحكمة إلى إعادة جلسات الاستماع المشترك للقضايا في محكمة الجنايات بعد خروج «جبهة النصرة» من المحكمة، حيث كانت قد تعطلتْ سابقاً بسبب اعتراض النصرة عليها.
أما أبرزُ التحديات، فكان بالإضافة الى الإصلاح الداخلي، مواجهة فوضى الأحكام القضائية، وذلك من خلال اعتماد «القانون العربي الموحد» وهو القانون الذي أنتجته «جامعة الدولة العربية» بعد لقاء وزراء العدل من كافة الدول العربية في اجتماع عُقد باليمن عام 1981 وأُطلق عليه «خطة صنعاء لتوحيد التشريعات العربية» (http://www.carjj.org/sites/default/files/sanaa-plan.doc).
وبذلك تكون محكمة دار العدل في حوران أول محكمة في مناطق سورية المحررة تُقرُّ قانوناً ناظماً لعملها، في محاولة جادَّة لوضع اللبنات الأولى لعمل قضائي مستقل، وفصْلٍ مستقبلي للسلطات.
 

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,716,714

عدد الزوار: 6,910,058

المتواجدون الآن: 102