ردود الفعل إزاء الضربة الإسرائيلية المحتملة

تاريخ الإضافة الأربعاء 17 شباط 2010 - 1:34 م    عدد الزيارات 1316    التعليقات 0

        

العدد 244، 30 يناير 2010
ردود الفعل إزاء الضربة الإسرائيلية المحتملة

تقرير واشنطن ـ مروة نظير

وفي ورقته عرض فيليبس لمواقف القوي الدولية للهجمة الإسرائيلية على المفاعلات النووية الإيرانية نجملها في الآتي:

أولاً- روسيا: ستكون موسكو هي الفائز الأكبر من أي حرب إسرائيلية - إيرانية. لاسيما وأنها استثمرت تحالفها الاستراتيجي مَع طهران لكي تصبح الأخيرة سوقًا لاستيراد التكنولوجيا الروسية العسكرية والنووية، ولمواجهة النفوذ الأمريكي في المنطقة. من ناحية أخرى ستحقق روسيا مكاسب اقتصادية كبيرة من الارتفاع في أسعار النفط العالمية التي سترافق أي تأزم عسكري بين إسرائيل وإيران.

إلا أن هذا التأزم سيشكل خطرًا لموسكو، إذ يعمل المئات من العلماءِ والتقنيين الروس في مجمع بوشهر النووي الإيراني، وهم بالطبع من المحتمل جدًا أن يصبحوا ضحايا لأي هجوم إسرائيلي على هذه المنشآت الأمر الذي سيشكل دافعًا قويًّا لموسكو للضغط على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لفرض عقوبات على إسرائيل.

ثانيًا- الصين: من المتوقع أن تعمل بكين – وبحسم - على السعي لحماية استثماراتها الاقتصادية والنفطية والجيو- سياسية المتزايدة في إيران، وذلك من خلال شجب التحركات الإسرائيلية ودعم فرض عقوبات ضدها في مجلس الأمن.

ثالثًا- الدول العربية: من الناحية العلنية، ستقوم غالبية الدول العربية بشجب الهجوم الوقائي الإسرائيلي باعتباره دليلاً جديدًا على العداء الإسرائيلي ضد العالم الإسلامي. لكن فيليبس يرى أن غالبية هذه الدول (باستثناء سوريا حليفة إيران) سترحب سرًّا بالهجوم الذي وإن لم يمنع خطر القنبلة النووية الإيرانية بشكل دائم، إلا أنه سيحدُّ من تهديدات إيران لجيرانها العرب الأصغر حجمًا.

رابعًا- أوروبا: ستقوم غالبية الدول الأوروبية - باستثناء بريطانيا وفرنسا - بانتقاد الهجوم الإسرائيلي المحتمل، كما ستعاني عديد من الدول الأوروبية من عواقب اقتصادية وخيمة جراء القفزة التي ستحدث أسعار النفط العالمية جراء هذا الهجوم.

السياسة الأمريكية وحدود الدبلوماسية

تدفع إدارة أوباما بأن تآكل الدعم السياسي المحلي للنظام الإيراني بعد أعمال القمع التي تلت الانتخابات الرئاسية في يونيو الماضي سيجعل متشددي طهران أكثر انفتاحًا على المفاوضات بشأن القضية النووية. ولكن في الواقع، أضحت فرص التوصل لأي حل دبلوماسي للأزمة النووية محدودة للغاية في أعقاب إعادة انتخاب أحمدي نجاد المشكوك فيها. وتتمتع الولايات المتحدة بميزة البعد الجغرافي عن إيران مقارنة بإسرائيل، ومن ثم فهي أقل عرضة لأي هجوم نووي إيراني. إلا أنها يجب أَن تراعي أمن حليفتها.

يجب أن تكون إدارة أوباما واعية إلى حقيقة أن الولايات المتحدة ستتورط حتمًا في الأزمة الإسرائيلية - الإيرانية المحتملة. ومن ثم فيجب أن تبدأ هذه الإدارة الآن في التخطيط لمواجهة والحد من أثر النتائج المربكة لردود الفعل الإيرانية المحتملة. أي لتحجيم التهديدات الإيرانية للأمن القومي الأمريكي ولحماية المصالح الأمريكية، وفي هذا الصدد على الولايات المتحدة أن تقوم بما يلي:

أولاً: الاعتراف بحق إسرائيل في الدفاع عن النفس في مواجهة الدكتاتورية الإسلامية العدائية التي تشكل كذلك تهديدًا للمصالح الأمريكيةَ وللاستقرار في المنطقة. فحسب ورقة فيليبس يجب ألا تعمل واشنطن على منع إسرائيل مِنَ القيام بأي عمل تراه ضروريًّا لمواجهة التهديدات الوجودية. فالولايات المتحدة لا تملك القوة لضمان عدم تعرض إسرائيل لهجوم نووي إيراني في المستقبل، ومن ثم يجب أَلا تخون واشنطن ثقة حليفتها الديمقراطية بتقييدها. فعلى الرغم من أن الهجوم الإسرائيلي على البرنامج النووي الإيراني سيترتب عليه تهديد المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، فإن هذه الأخطار تعد محدودة مقارنة بالتهديدات النووية الإيرانية.

ثانيًا: الاستعداد للحرب مع إيران: في ضوء حقيقة أن الولايات المتحدة قد تتعرض لهجوم من قبل إيران إثر الضربة الإسرائيلية في جميع الأحوال، فمن المنطقي أن تنظر واشنطن في مشاركة إسرائيل في شن حرب وقائية ضد إيران. لكن من غير المحتمل أن تتبع إدارة أوباما هذا النهج. رغم ذلك يجب أن تكون الإدارة مستعدة للرد على أية هجمات إيرانية، وهو ما يستتبع إعداد خطط طوارئ، نشر عدد كاف من القوات القواعد العسكرية والسفارات الأمريكية في الشرق الأوسط؛ تأمين منشآت وناقلات وطرق أنابيب النفط في الخليج الفارسي، واستهداف الصواريخ الباليستية الإيرانية، فضلاً عن استهداف كل المواقع ذات الصلة بالسلاح النووي.

وربما تؤدي التحضيرات لهذه الحرب، لاسيما مع توضيح أن واشنطن لن تقيد يد إسرائيل، يمكن أن تؤدي إلى توجه الإيرانيين نحو التهدئة قبلما تضطر إسرائيل لاتخاذ إجراءات للدفاع عن نفسها.

ثالثًا: نشر تجهيزات دفاع صاروخي للدفاع عن إسرائيل والحلفاء الآخرين للولايات المتحدة من الهجمات الصاروخية الإيرانية. فقامت وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون Pentagon بنشر فرقة رادار متطورة من طراز إكس (X-Band radar) في إسرائيل لدعم أنظمة الدفاع الصاروخي الأمريكية والإسرائيلية، كما قامت إسرائيل بنشر أنظمة دفاعية صاروخية من طرازي أرو (Arrow)، وباتريوت باك-3 (Patriot PAC-3). بالإضافة لذلك، يجب أن تقوم الولايات المتحدة بالاستعدادات لنشر أنظمة دفاعية متطورة أخرى في إسرائيل. كذلك سيكون من المفيد جدًا أن تقوم البحرية الأمريكية بنشر سفن حربية من طراز أيجيس (Aegis) على سواحل إسرائيل وغيرها من حلفاء الولايات المتحدة المهددة بالخطر الإيراني للمساعدة في صد أي هجوم بصواريخ باليستية إيرانية.

رابعًا: يجب أن تجري الولايات المتحدة تدريبات متكررة على آليات الدفاع الصاروخي مع إسرائيل وحلفائها الآخرين في المنطقة. ضمت تدريبات كوبرا جونيبر Juniper Cobra المشتركة التي أجريت مَع إسرائيل في أكتوبر- نوفمبر 2009، حوالي 2000 فرد، فضلا عن 17 سفينة حربية تابعة للبحرية الأمريكية. وقد تدربت على صد هجوم صاروخي على إسرائيل من كل الاتجاهات. وقد تمثلت أهم سمات هذه التدريبات في أنها وفرت تجربة شخصية إلى أفراد الجيشين الأمريكي والإسرائيلي في تفعيل نظام قيادة وسيطرة متكامل للدفاع إسرائيل في مواجهة أي هجوم صاروخي محتمل، وهي تجربة ضرورية للحفاظ على فعالية نظام الدفاع الصاروخي.

على الرغم من ذلك، لا تزال الولايات المتّحدة وإسرائيل في حاجة لمراقبة تهديدات القذائف الأكثر تطورًا، الأمر الذي قد يتضمن تصميم إجراءات مضادة لتشويش الأنظمة الدفاعية الصاروخية الحالية.

يجب أن تعرض إدارة أوباما نشر أنظمة دفاع صاروخي متمركزة في البر أو البحر في منطقة الخليج الفارسي العظمى، على أن يتم التدريب عليها بالتعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي (تحالف تشكل في عام 1981 من جانب البحرين، الكويت، عُمان، قطر، السعودية، والإمارات لتوفير آلية للدفاع الجماعي في مواجهة تهديدات إيران وغيرها من التهديدات).

خامسًا: تحسين قدرات الردع ضد الهجمات الإيرانية. لردع إيران ومنعها من متابعة تهديداتها بمهاجمة الأهداف الأمريكية كرد فعل على أي هجوم وقائي إسرائيلي محتمل، على إدارة أوباما أن توضح لطهران أن مهاجمة الأهداف الأمريكية ستجعل الأمر أكثر سوءًا بالنسبة للنظام الإيراني. إذ سترد الولايات المتّحدة بضربات مدمرة ليس فقط ضد أهداف عسكرية ونووية إيرانية، ولكن ضدَّ زعماءِ النظام ومؤسساته، لاسيما الحرس الثوري، وأجهزة الاستخبارات، وقوات الأمن الداخلية.

سادسًا: تسكين تأثير الأزمة النفطية المتوقع. هددت إيران بعرقلة شحن النفط عبر مضيق هرمز خلال الأزمة. وهو ما سيضع حوالي 16 -17 مليون برميل من النفط يوميا في خطر، أَي حوالي 20% مِنْ استهلاك النفط العالمي. الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة غير مسبوقة في أسعار النفط ومن ثم لصدمة الاقتصاد العالمي. من الممكن كذلك أن تقوم إيران بعمليات تخريبية ضد منشآت عربية لعرقلة أسواق النفط العالمية .

يجب أن تتهيأ الولايات المتحدة وحلفاؤها لاتخاذ إجراءات فورية لمواجهة هذه الهجمات ولإصلاح أي ضرر يلحق بخطوطِ الأنابيب أَو البنية النفطية التحتية، فضلا عن إنتاج ونقل المصادر البديلة للنفط إلى المستهلكين المضطربين. يجب أن تحشد واشنطن تحالفًا يضم منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ومجلس التعاون الخليجي، اليابان، أستراليا، الهند، وغيرها من الدول المعنية لنشر قوات بحرية وجوية لمنع إغلاق مضيق هرمز والحد من التأثير الاقتصادي للأزمة النفطية.

سابعًا: منع مبيعات الأسلحة إلى إيران. على واشنطن وحلفائها أَن يبذلوا كل ما بوسعهم لحِرمان إيران من واردات الأسلحة الأجنبية، لاسيما الصفقة الوشيكة للصواريخ الروسية إس -300 (S-300)، وهو الأمر الذي قد يدفع إسرائيل للتبكير بضربتها. كما يجب أن تعمل الجهود الدولية على منع إيران من توصيل الأسلحة إلى حزب الله والجماعات الإرهابية الفلسطينية، التي تشكل تهديدًا ليس فقط إلى إسرائيل، ولكن للاستقرار في لبنان، مصر، والأردن.

ثامنًا: نقض أي قرار لمجلس الأمن الذي لا يعترف بالاستفزازات الإيرانية. يجب أن تصدر الولايات المتحدة فيتو ضد أي قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قد يدين إسرائيل دون إدانة تاريخ إيران الطويل من التهديد ورعاية الإرهاب والعداء ضد الدولة اليهودية. لقد أذكى نظام أحمدي نجاد التوترات مع إسرائيل بالتهديد المستمر بمحو إسرائيل من التاريخ، وغيرها من التهديدات التي تصل إلى حد التحريض على الإبادة الجماعية. وعلى واشنطن أن توضح لأعضاء مجلس الأمن الرافضين للفيتو الأمريكي أن ضعف رد الأمم المتحدة على برنامجِ إيران النووي هو ما ساعد على بذر بذور الحرب الإيرانية - الإسرائيلية.

وختامًا، على إدارة أوباما وضع خطة بديلة لاحتواء إمكانية فشل استراتيجية الارتباط engagement strategy في إقناع إيران بالعدول عن الاستمرار في النهج النووي الحالي. إذ من اللازم أن تدرك طهران أن حلفاء وأصدقاء واشنطن سيعملون على حماية مصالحهم الخاصة، لاسيما إسرائيل، التي تواجه التهديد الأعظم من قبل إيران.

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,791,204

عدد الزوار: 6,915,174

المتواجدون الآن: 121