العلاقة بين المسلمين والروس: لينين وستالين قتلا وشرّدا ملايين المسلمين

تاريخ الإضافة الثلاثاء 28 تموز 2015 - 5:32 ص    عدد الزيارات 782    التعليقات 0

        

 

العلاقة بين المسلمين والروس: لينين وستالين قتلا وشرّدا ملايين المسلمين
مراد مراد
تستغل روسيا الاتحادية اليوم بشكل ظاهر العامل الديني في تحالفاتها السياسية الاقليمية والعالمية الى درجة كبيرة لم تعد تخفى على احد ولم يعد في الإمكان التغافل عنها بحجة عدم الرغبة في التكلم بمنحى ديني حيال الاحداث السياسية والعسكرية التي كانت موسكو طرفا فيها منذ انفراط عقد الاتحاد السوفياتي.

فعلى سبيل المثال، استخدمت روسيا مؤخرا حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار قدمته بريطانيا في مجلس الأمن الدولي يطالب بالاعتراف بارتكاب المسيحيين الصرب مجزرة ابادة جماعية بحق مسلمي البوسنة في منطقة سريبرينيتسا في تموز عام 1995. وتواصل موسكو استخدام هذا الفيتو الذي ورثته من انتصار الاتحاد السوفياتي في الحرب العالمية الثانية ضد اي قرار دولي من ِشأنه ادانة بشار الأسد بجرائم حرب وجرائم ضد الانسانية بحق المسلمين في سوريا. كما نصحت سلطات القرم التابعة لموسكو المسلمين التاتار في القرم بالرحيل عن ديارهم، الأمر الذي يدفع خبراء الديموغرافيا السياسية ومتتبعي الاحداث العاديين على السواء الى التساؤل عن سبب العداء الذي تكنه روسيا للمسلمين ويدفعها الى استهدافهم في كل مناسبة عالمية تطرح داخل محافل منظمة الأمم المتحدة.

بالطبع لا أحد أقدر على اعطاء جواب شاف على هذه التساؤلات اكثر من الادارة الروسية نفسها، ولكن يهم «المستقبل» في هذا التحقيق تسليط الضوء على العلاقة بين الروس والجاليات المسلمة الموجودة داخل الاتحاد الروسي وفي محيطه الشرق اوروبي والغرب آسيوي من اجل فهم اعمق لطبيعة هذه العلاقة خاصة ان روسيا تخوض اليوم حربا باردة جديدة ضد الغرب وتحتاج في هذه الفترة بالذات الى كل نفوذ اقليمي ممكن. فلماذا تصر روسيا بقرارات كالفيتو ضد ابادة البوسنيين اثارة عداء بينها وبين مسلمي الجوار مانحة الدول الغربية الفرصة لإستقطاب تأييد هذه الجاليات في المواجهة الدائرة بين الطرفين؟.

تاريخ الصراعات الطويلة في القرون المنصرمة بين المسلمين والكنيسة الأورثوذوكسية على تقاسم السلطة والنفوذ في المنطقة الاوراسية قد يكون السبب الجوهري للنفور وانعدام الثقة التي لا يزال الروس يشعرون بهما تجاه المسلمين. وهو ما يفسر نوعا ما الاضطهاد الدوري الذي تعرض له المسلمون في الاتحاد السوفياتي السابق والعلاقة السيئة بين الادارة الروسية الحالية واغلب الجاليات الاسلامية في شرق اوروبا. وتتطرق «المستقبل» في هذا التحقيق (على مدى أجزاء) الى العلاقة الروسية ـ الاسلامية في شرق اوروبا وغرب آسيا. فبعد جولة تاريخية منذ نشأة الامبراطورية الروسية وصولا الى احداث الحرب العالمية الأولى في الجزء الأول، يفصل هذا الجزء الثاني العلاقة بين الروس والمسلمين خلال العقود السبعة التي عاشها الاتحاد السوفياتي.

عهد لينين وريكوف

سعى البولشفيون خلال تحضير ثورتهم الشهيرة ضد روسيا القيصرية الى حشد تأييد كبير لهم في اوساط الجاليات المضطهدة من قبل القياصرة والكنيسة الاورثوذوكسية، وفي مقدم هؤلاء الجالية الاسلامية. فالبولشفيون عندما وضعوا، ابان الحرب الاهلية الروسية، استراتيجية لبناء دولتهم الجديدة التي اضحت بعد الثورة تعرف بالاتحاد السوفياتي نظروا الى ديموغرافية المناطق المحيطة بموسكو ووجدوا عشرات الملايين من المسلمين الذين قاسوا الأمرين جراء سياسة القمع والتنكيل التي انتهجتها ضدهم الكنيسة والحكم القيصري، وادركوا ان استقطاب هذه الجالية لدعم ثورتهم سيكون خطوة حاسمة في تحقيق النصر المأمول ضد القياصرة. ولعل الخطاب الذي توجه به فلاديمير لينين الى المسلمين في 24 تشرين الثاني 1917 ووزع على شكل مناشير وصلت الى كل بيت مسلم في الامبراطورية الروسية خير دليل على مدى الاهمية التي اولاها البولشفيون لكسب تأييد الجالية الاسلامية. وهذا ما قاله لينين حينها «مسلمو روسيا، يا من تعرضت مساجدكم ومصلياتكم للتدمير، يا من تعرضت معتقداتكم للتشهير وحرمتم من حرية ممارستها تحت سياسة القمع القيصرية، سنحمي معتقداتكم وحرية شعائركم الى الابد. اريد منكم ان توقنوا ان حقوقكم مصانة مثل اي جالية روسية اخرى تحت حماية الثورة».

لكن نداء لينين لم يلق آذانا صاغية لدى كافة مسلمي الامبراطوية، فجزء من هولاء ولا سيما في الشطر الآسيوي كان بدأ منذ العام 1916 انتفاضة خاصة به ضد القياصرة في ظل الفوضى الداخلية التي عمت الامبراطورية الروسية ابان الحرب العالمية الاولى ولجوء الجيش الروسي الى ارغام الشبان المسلمين على الخدمة العسكرية. وابرز الحركات الاسلامية التي حاولت الحصول على استقلال المناطق الاسلامية في آسيا هي الوسطى الحركة البازماشية. وحاول المسلمون التركستان في تلك المنطقة بناء دولة مستقلة لهم في مدينة خوقند الواقعة في وادي فرغانة الممتد على طول الحدود المشتركة لثلاث دول تعرف اليوم بأوزبكستان وقرغيزيستان وطاجكستان. لكن استقلالهم المزعوم لم يطل امده، اذ شن البولشفيون هجوما عنيفا على خوقند في شباط 1918 ادى الى مجزرة ضخمة سفكت فيها دماء نحو 25 الفا من المسلمين الانفصاليين. وادت تلك المجزرة الى غضب عارم في اوساط مسلمين آخرين في تلك المنطقة ما ادى الى انتفاضة ضد البولشفيين الروس تمكن خلالها المسلمون البازماشيون من استرداد الجزء الاكبر من وادي فرغانة واغلب اراضي تركستان. واستمر البازماشيون في ادارة شؤون دويلتهم قرابة الخمس سنوات، لكن البولشفيين بعدما نجحوا في انقلابهم على القياصرة وارساء قواعد دولتهم الجديدة الاتحاد السوفياتي في العام 1922 امروا الجيش الأحمر بتكثيف حملاته العسكرية على معقل البازماشيين وعمدوا الى اثارة النعرات القومية في صفوف المسلمين بين قرغزي وطاجيكي وكازاخي واوزبكي.

وبحلول العام 1923 جف الدعم الذي كانت تلقاه الحركة البازماشية من قبل اهالي المنطقة الذين اغرتهم الوعود الشيوعية بحياة وظروف معيشية افضل في احضان الاتحاد السوفياتي وفر قادة الحركة الى افغانستان خوفا على حياتهم من بطش الجيش الاحمر. فيما بقيت بعض الفصائل المسلحة التي كانت تشن من حين لآخر هجمات ميليشيوية ضد الجيش السوفياتي والقوى الامنية واستمر هذا النوع من المناوشات الى حين اختفاء الحركة البازماشية كليا في عام 1936.

اما في المناطق الاسلامية الاخرى في الشطرين الاوراسي والاوروبي فأوفى لينين بعهده لبرهة مع الجاليات الاسلامية في تلك المناطق وسمح لهم بطباعة المصاحف وبناء عدد محدد من المساجد واتاح لهم حرية العبادة الى حين. الا ان لينين لم يكن الملاك الحارس الذي منى بعض المسلمين كالتاتار انفسهم به. فإبان ترؤسه حكومة ما كان يعرف قبيل ولادة الاتحاد السوفياتي بـ«جمهورية روسيا السوفياتية الاتحادية الاشتراكية» في عامي 1921 و1922 سمح بفرض حصار غذائي على اقليم تتارستان ومنطقة الفولغا والاورال استهدافا للمسلمين هناك ما ادى الى مقتل مليوني مسلم جوعا. وفي الاعوام التالية نقل الجيش الاحمر العديد من المواطنين من الاثنية الروسية للاستيطان مكان العائلات المسلمة التي قتلها الجوع ما ادى الى تغيير ديموغرافي سكاني هائل في تلك المنطقة التي بعدما كانت نسبة المسلمين فيها نحو 95 في المئة نقصت الى النصف تقريبا واصبحت زهاء50 في المئة. وبعد وفاة لينين عام 1924 واستلام اليكسي ريكوف ادارة شؤون الاتحاد السوفياتي واجه السوفيات تحديا من نوع جديد في تتارستان حيث انتشرت بعض التيارات الالحادية مثل «اتحاد التاتار الذي لا رب له». وبدأ هؤلاء يطالبون باستقلال ذاتي لتتارستان داخل الاتحاد السوفياتي ما دفع بريكوف الى اصدار اوامره باعتقال بعض قادة هذه الحركات وتحجيمها لسببين الاول رفض اعطاء اي خصوصية لتتارستان او اي اقليم آخر والثاني اعراب حسن نية تجاه المسلمين بأن الالحاد في وسطهم لن يتم اعطاؤه اي ميزة من قبل السلطات السوفياتية.

عهد مولوتوف وستالين

القدر الضئيل من التنفس الذي تنعمت به الجالية الاسلامية في عهدي لينين وريكوف سرعان ما انقرض تماما مع وصول فياشيسلاف مولوتوف الى رئاسة الحكومة السوفياتية، وان كانت حالة الاضطهاد التي سادت خلال ولاية الزعيم المذكور لم تقتصر فقط على المسلمين انما على طبقة العمال عموما والمزارعين خصوصا. فقد امر مولوتوف بجمع المنتجات والمحاصيل بشكل جماعي ووضع اغلب الاموال والعائدات الناتجة عن جهود عامة الشعب في خدمة تسريع آليات التصنيع الروسية ولا سيما المتخصص منها في القطاع العسكري. وضاعف مولوتوف ظاهرة امتصاص الادارة السوفياتية لطاقات شعبها وثروته في منتصف ثلاثينات القرن المنصرم وذلك في اطار سعيه والامين العام للحزب الشيوعي جوزف ستالين الى انتاج اسلحة متطورة املا في مضاهاة القدرات العسكرية النخبوية الاستثنائية التي بدأت المانيا النازية تتباهى بها. وكانت حصيلة عقد من استعباد الشعب السوفياتي بما فيه الجاليات الاسلامية ان ضرب الجوع شرائح واسعة من هذا الشعب ومات منه ما يتراوح بين 5 ملايين و11 مليون نسمة في معسكرات العمل حتى الموت التي امر بإنشائها مولوتوف وستالين في سبيل رفع شأن القدرات العسكرية لدولتهم.

ولم تقتصر معاناة المسلمين في تلك الفترة على ارسال رجالهم الى معسكرات الموت تلك، بل بدأ ستالين الذي كان الآمر الناهي في تلك الفترة (حتى عند وجود مولوتوف في رئاسة الحكومة بين عامي 1930 و1941) بإقفال المساجد وتحويلها الى مخازن ولا سيما في منطقة آسيا الوسطى حيث قام الشيوعيون بإحراق القرآن والكتب الدينية وقتل رجال الدين ومصادرة الاوقاف. وأدى هجوم الشيوعيين على المسلمات اللواتي يرتدين البرقع الى زيادة شعبية هذا اللباس تحديا منهن لديكتاتورية موسكو.

ومع استلام ستالين رئاسة الحكومة ابان الحرب العالمية الثانية عام 1941، اتهم الديكتاتور السوفياتي المسلمين في الاتحاد بالخيانة والتآمر مع النازيين ضد موسكو، فقام خلال عامي 1943 و1944 بترحيل الجاليات الاسلامية على انواعها التاتار والشيشان والانغوش والبلغار والاتراك المسخيت والقراشاي من القرم وشمال القوقاز الى المناطق النائية في سيبيريا او الى الاقاليم الاسلامية في آسيا الوسطى وذلك لمنع اي قدرة لهم على التواصل مع النازيين او اي عدو آخر يشارك في الحرب ضد السوفيات. ويقول مؤرخون ان 32 الف جندي سوفياتي اشرفوا على ترحيل نحو 196 الف تاتاري مسلم من شبه جزيرة القرم (ابان احتلال الالمان اجزاء منها) الى آسيا الوسطى وقد قتل قرابة الـ45 في المئة من هؤلاء اي زهاء 90 الف مسلم خلال عمليات التهجير القسرية تلك.

الحرب الباردة

بعد انتصار الاتحاد السوفياتي والحلفاء في الحرب العالمية الثانية، قرر ستالين قبل وفاته عام 1953 تخفيف القمع على الحريات الدينية فأعيد فتح بعض الكنائس والمساجد، ولكن خلفه نيكيتا خروتشيف اعاد ابتداء من العام 1958 سياسة تفضيل الالحاد وانتهاك حقوق المتدينين بمن فيهم المسلمون لدفعهم نحو الالحاد وقام بإغلاق 1000 مسجد في انحاء الاتحاد من اصل 1500 . لكن هذه القيود وعمليات التضييق رفعت مجددا ابان ولاية ليونيد بريجنيف بين عامي 1964 و1982.

ورغم التغييرات الديموغرافية التي استهدفت الجالية المسلمة السوفياتية في عهدي لينين وستالين، كان عدد الجمهوريات ذات الغالبية الاسلامية 6 من اصل 15 جمهورية شكلت الاتحاد السوفياتي السياسي منذ عام 1956 حتى تفككه عام 1991. وهذه الجمهوريات: 5 ذات غالبية سنية هي اوزبكستان وكازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان وتركمنستان وواحدة ذات غالبية شيعية هي اذربيجان.

وشهد عهد خروتشيف ولادة حلف وارسو عام 1955 الذي ضم الى جانب الاتحاد السوفياتي كلا من البانيا وبلغاريا وبولندا وتشيكسلوفاكيا والمانيا الشرقية وهنغاريا ورومانيا. والبانيا بلد ذو غالبية مسلمة كان حليفا لأدولف هتلر ابان الحرب العالمية الثانية، وكانت تيرانا ترى في الاتحاد السوفياتي ندا جديدا للمعسكر الغربي ومن هذا المنطلق وافقت على التوقبع على ميثاق وارسو. لكن تقرب خروتشيف من الغربيين في السنوات الاخيرة من ولايته وبدء الخصومة الشيوعية بين العملاقين السوفياتي والصيني أثار حفيظة الشيوعيين الالبان الذين قرروا في عام 1961 تعليق عضويتهم في حلف وارسو احتجاجا على التغير الطارئ في سياسة موسكو وتعبيرا عن انحيازهم لصالح الشيوعية الصينية، وما لبثت البانيا ان خرجت رسميا من ذلك الحلف في عام 1968.

بلد آخر ذو جالية اسلامية معتبرة في محيط الاتحاد السوفياتي كان يوغوسلافيا التي فضلت عام 1948 انهاء تحالفها مع السوفيات والحياد تحت قيادة جوزيف بروز تيتو وعدم الانحياز لا شرقا ولا غربا. فكان تيتو يوجه الانتقادات بالتساوي الى حلفي وارسو وشمال الاطلسي (ناتو). وقام تيتو في السبعينات بمنح الدويلات اليوغوسلافية نوعا من الاستقلال الذاتي بما في ذلك الجمهوريات ذات الغالبية المسلمة ككوسوفو والبوسنة والجبل الاسود، الامر الذي مهد لاحقا بعد وفاة تيتو الى اندلاع الحرب الاهلية اليوغوسلافية التي انتهت بمجازر عرقية ودينية وتفكك يوغوسلافيا الى دول عدة.

حرب افغانستان

في شباط 1979 اقدمت مجموعة «سيتامي ميلي» الافغانية الشيعية المتأثرة بانطلاق الثورة الاسلامية في ايران على خطف السفير الاميركي في كابول ادولف دوبس ما ادى الى تدخل القوات الحكومية الافغانية الاشتراكية بالتنسيق مع مستشارين عسكريين سوفيات عسكريا ضد المجموعة في محاولة كان المفترض منها تحرير دوبس، ولكن العملية انتهت بمقتل السفير الاميركي. تلك الواقعة دفعت الاميركيين نحو عداء مباشر مع السوفيات في المنطقة فعمدوا الى مد نفوذهم الى داخل الادارة الافغانية الموالية لموسكو، ونتج عن هذا التدخل الاميركي انقسامات وانقلابات داخل المجلس الثوري الذي كان يدير افغانستان برغبة واشراف السوفيات. وانتهت المعمعة في ايلول 1979 بانقلاب قام به حفيظ الله امين عميل الاستخبارات الاميركية (بحسب بعض المصادر) داخل المجلس انتهى باغتيال نور محمد تراقي الذي كان يرأس المجلس بموالاة تامة لموسكو.

الروس لم يثقوا بأمين رغم اعلانه في خطاباته السياسية تأييده وموالاته لموسكو حتى انه طلب من الجيش السوفياتي دعمه بالاسلحة الثقيلة لحماية الحدود الافغانية الشمالية. وبحسب المصادر السوفياتية فإن امين كان عميلا اميركيا ولهذا السبب قامت عناصر من الاستخبارات السوفياتية «كاي جي بي» عند دخول وحدات الفرقة 40 من الجيش السوفياتي الى افغانستان في كانون الاول 1979 بارتداء ازياء جنود افغان ودخول قصر تاج بيك في العملية التي عرفت باسم «العاصفة 333» واغتالت امين.

وبدأت منذ ذلك الحين حرب الاحتلال السوفياتي لأفغانستان التي دامت نحو10 سنوات الى حين انسحاب الجيش السوفياتي من تلك البلاد في شباط 1989. وتكبد السوفيات خسائر فادحة في تلك الحرب بسبب وعورة الجبال الافغانية وعدم قدرة الجنود السوفيات على مقارعة مجموعات المجاهدين الاسلاميين الذين كانوا يتلقون الدعم المالي والعسكري من كل من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة وبريطانيا والصين وباكستان. ولقي 14435 جنديا سوفياتيا حتفهم في تلك الحرب التي دقت اول مسمار في نعش الاتحاد السوفياتي الذي تفكك رسميا بعد اقل من عامين على مغادرة جيشه الاراضي الافغانية. اما الخسائر في صفوف تحالف المجاهدين السنة والشيعة فقدرت بنحو 80 الف قتيل. لكن الخسائر الافظع كانت من نصيب المدنيين الافغان الذين قتل منهم ما بين 850 الفا ومليون ونصف المليون ضحية، وشرد الملايين منهم الى دول الجوار كإيران وباكستان.

الخلاصة

استمر في عصر الاتحاد السوفياتي مسلسل المجازر التاريخية التي ارتكبها الروس بحق المسلمين، ولعل التاتار كانوا الجالية الاسلامية الاكثر استهدافا بسياسة التطهير العرقي والتغيير الديموغرافي التي انتهجها لينين وستالين على السواء. ولولا قتل ملايين المسلمين في انحاء الاتحاد السوفياتي خلال سبعة عقود من الزمن لكانت التركيبات الديموغرافية للدول التي ولدت عند انفراط الاتحاد مختلفة ولربما كان هناك اليوم دولة مستقلة تدعى تتارستان بدلا من بقائها ولاية في وسط روسيا الاتحادية يصعب عليها الاستقلال بسبب موقعها الجغرافي المحاط بولايات روسية من جميع الجهات.

ورغم محاولات لينين في بدايات الثورة البولشفية تحقيق وعوده للمسلمين بحريات اكبر وتحسين اوضاعهم عما كانت عليه ايام روسيا القيصرية، الا ان الارقام والاحصائيات المسجلة ما قبل قيام الاتحاد السوفياتي والارقام التي سجلت عند تفككه تشير الى ان السوفيات ضاعفوا حجم المجازر التي استهدفت المسلمين. فعدد المساجد والمراكز الاسلامية انحدر من 27 الفا في عام 1917 الى 500 مسجد فقط في سبعينات القرن الفائت، قبل ان تسمح الادارات السوفياتية الاخيرة ايام يوري اندروبوف وقسطنطين تشرننكو وميخائيل غورباتشيف ببناء المزيد من المساجد والمدارس الدينية من جديد.

وعند انفراط عقد الاتحاد السوفياتي كان عدد المسلمين السوفيات نحو 50 مليون نسمة من اصل زهاء 293 مليون نسمة هم اجمالي عدد سكان الاتحاد. وكان الاسلام رسميا الديانة الثانية في البلاد بعد المسيحية الاورثوذوكسية.
 
 

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,780,594

عدد الزوار: 6,914,651

المتواجدون الآن: 116