3 رؤساء يتنازعون ليبيا لا يشبهون 3 خلفاء تشاركوا حكم المسلمين

تاريخ الإضافة السبت 18 نيسان 2015 - 7:22 ص    عدد الزيارات 822    التعليقات 0

        

 

3 رؤساء يتنازعون ليبيا لا يشبهون 3 خلفاء تشاركوا حكم المسلمين
سعاد الوحيدي ... * أكاديمية ليبية - مركز الدراسات والأبحاث الشرقية في باريس
يؤسس المشهد السياسي الليبي عشية لقاء الصخيرات بالمغرب (الذي ينتظره الشعب كآخر فرصة للقفز على تقسيم البلد، وبغض النظر عن الصراعات المسلحة ذات المحركات المتباينة) لخريطة سياسية نادرة لم تتكرر كثيراً في تاريخ الدول الوطنية العربية (بالمعنى السياسي للكلمة)، حيث نجد، وبعد الإطاحة برابع (معيتيق)، ثلاثة رؤساء يرى كل منهم مشروعية تسميته على هذا النحو (رئيس وزراء الحكومة الليبية الموقتة في البيضاء شرق البلاد/ ورئيس الوزراء المُنصب من المؤتمر الوطني المنتهية ولايته في العاصمة طرابلس/ وعلي زيدان رئيس الوزراء الذي حجب عنه المؤتمر الثقة، في تعارض مع رأي نيابة النقض الذي يقضى بعدم شرعية ذلك). ورغم غياب الأخير عن خريطة التقسيمات «الحوكمية»، إلا أنه يملك حضوراً مؤثراً على الأرض –بما يهم تحليلنا هنا- وفق جملة من التحالفات السياسية والقبلية، باعتباره رمزاً له دلالته بين قبائل الوسط الليبي وجنوبه.
وفي تاريخ الدولة الإسلامية، وُجدت في مرحلة صعبة من مراحل صيرورتها، حالة بذاتها لتقاسم ثلاثة خلفاء حكم الأمة. ثلاثة رجال عظام، وثلاثة «دواوين حكم» خرافية المنتج والحراك، وذلك رغم ما يبلوره هذا الوضع في ذاته من تفاصيل مأساة تقسيم الأمة وتهديد الصراعات وتفاقم الفتنة. حيث لم تهنأ الخلافة العباسية في بغداد بالسلطة المطلقة بعد انتزاعها الحكم من الأمويين، (الذين كانوا قد انتزعوه من قبل من آل البيت)، هؤلاء الذين سيتحركون من شمال أفريقيا (من مدينة المهدية بالتحديد وسط تونس البوعزيزي)، لينتقلوا عبر الشمال الأفريقي لتأسيس دولة الخلافة الفاطمية في القاهرة. وفي سياق مواز، بدوافع مختلفة، سيتمكن الأمويين من استعادة بعض من مطالبهم في الحكم عبر قيام الخلافة الأموية في الأندلس... هكذا في الوقت نفسه، عبر ثلاث جغرافيات متباعدة، عرفت الدولة الإسلامية وفق هذا المعنى ثلاث خلافات... (وليس ثلاث دول منفصلة وفق التصور السياسي المعاصر)، وثلاثة خلفاء، كل يرى في نفسه الحق في الحكم وقيادة الأمة. وأياً كان مذهب التحليلات التي من شأنها أن تفكك تفاصيل هذا الوضع، إلا أن نتائجه تاريخياً، كانت على درجة من الأهمية والنوعية، بالقياس إلى ذلك الموروث الحضاري الاستثنائي الذي خلفته «المرحلة» في مختلف عواصم هذه «الخلافات»... حيث تنافس كل خليفة على أن يثبت للأمة أنه الأجدر بحكمها، فانتصروا للمعارف والعلوم والثقافة والمعمار والبناء والتشديد... للحضارة. وإن العصر الذهبي للقاهرة الفاطمية، أو الأندلس الأموية، أو بغداد العباسية، لأبرز شهادة على هذا المنتج الخالد لعظمة أمة وعظمة قادة... ولكن بالعودة الى الشأن الليبي، وقد تمزق هذا البلد الجميل والرهيب المحيا بين هؤلاء الثلاثة... أي منتج يتم؟ أي حدث نراه يتحقق؟
ما يمكن التأكد منه، ومهما حاول البعض تغطية الشمس بغربال، أن الخراب قد تفوق -منذ ساعة الخلاف- على العمران، وأن الوفيات قد تفوقت على الولادات. وقد صار البلد مقسماً الى جغرافيتين إن لم نقل «جغرافيات»، والى تيارين إن لم نقل تيارات، لكل منها ثوابت تتعارض جزئياً أو كلياً مع الأخرى، على النحو الذي صار يصعب معه، وفق هذا المناخ القائم، تصور إمكان لتحقق أي صلح أو إصلاح من شأنه أن ينتصر للبلد.
وقد أحال عصف التجاذب المتعارض المتطرف بين هذه الأطراف البلد إلى حالة سياسية/ واقتصادية من الجمود (ومن التناقص الديموغرافي الرهيب قتلاً أو فراراً من أرض الوطن). وتحولت ربوع ليبيا الجميلة في أغلبها مرتعاً للذئاب والغربان و «الدواعش» الضالة. لقد فتح الصراع بين رفاق الثورة بالأمس الباب أمام العدو الحقيقي لينال منهم جميعاً. (وأقصد هنا بالذات بقايا نظام الطاغية، المتحالف مع الدواعش/ في حالة مشابهة لما يدور هذه الآونة في اليمن في سياق تحالف علي عبدالله صالح مع الحوثيين)، هذه هي حقيقة الوضع في ليبيا ساعة بداية المفاوضات الليبية/ الليبية الأخيرة في الصخيرات.
وعلى رغم تفهم التحليل المعني بدوافع أطراف الشرعية المتمثلة في البرلمان، في حربها ضد الإرهاب، (ومثالها قبل «داعش» كانت «أنصار الشريعة»)، إلا أن الإشكالية في ليبيا أن طبيعة هذه المواجهة قد أغفلت في هذا السياق عوامل مهمة من التاريخ والجغرافيا، ومشروعية المشاركة في الثورة التي أطاحت نظام الطاغية القذافي من أطراف النزاع جميعهم (وهذا ينطبق على شريحة واسعة من الكتلة التي التفت حول رموز «أنصار الشريعة») من جهة، وكيف أن حقيقة محركات الشعب للثورة ضد نظام القذافي، كانت بالدرجة الأولى الانتصار لشهداء بوسليم (الذين لعبت انتفاضة أمهاتهم وزوجاتهم وبناتهم دور المحرك والشرارة الحقيقة لانتفاضة شعب بكامله ضد الطغيان)، وهؤلاء كان منهم رموز السلفية المتشددة، كما كان منهم رموز الشيوعية في أقصى تطرفها السياسي. وكان رفض الشعب الليبي التام لعصف القهر والظلم والتنكيل والسجون والمنافي ضد كل هؤلاء، شكّل «الأسمنت» الذي جمع بين أطياف «المعارضات الليبية»، بما أسس في حينها لحراك شعبي عارم، كان له أن يصنع صفحة عظيمة من صفحات نضال الشعوب.
وبالتالي سيصعب اليوم على الشارع الليبي الذي كان قد شارك عن بكرة أبيه في ثورة قامت ضد القمع، أن يتفهم لجوء ثوار اليوم إلى الأساليب القامعة، العاصفة والمدمرة ذاتها التي كان يقوم بها نظام الطاغية بحق حرية الآخر واختياراته... (وأياً كان الطرف الظالم أو القامع/ حيث إن إشكالات الحرية أياً كانت، لا تحل إلا بمزيد من الحرية.. التي من شأن صيرورتها وحدها أن تنتهي إلى التمييز النوعي للمشهد النهائي).
تيار سياسي جديد
هذا الإيمان العميق بمطلب الحرية والعدالة والديموقراطية في ليبيا، هو سبب ظهور تيار جديد، يرفض كلياً/ أو جزئياً، خيارات الأطراف المتصارعة. إنه التيار الرافض للتقسيم، والرافض للحرب، والرافض للقفز على ثورة قدمت قوافل الشهداء من أروع شابات الوطن وشبانه. وعلى رغم إن هذا التيار يبدو الأكثر صمتاً مع قعقعة السيوف وأصوات الانفجارات وما يتعرض له الشارع «المدني» من قمع وإرهاب وترهيب، إلا أنه اليوم المؤثر بالمعنى الحقيقي للكلمة باتجاه خيارات «الأمل» والمصالحة وتقريب الشقة بين «الإخوة الأعداء»، والدفع بكل الليبيين للعمل يداً بيد لترسيم معالم دولة الحق والقانون التي من أجلها كانت الثورة. هذا التيار يرى إن ما يدور في حكومة البيضاء كالذي يدور في حكومة طرابلس، على رغم ما قد يحمل بعض مواقف الطرفين من صواب، يحمل الكثير من الأخطاء والخطايا والمغالطات وأخذ الوطن نحو هاوية الهلاك. وإنه بقدر ما يوجد في خيارات البرلمان (المهاجر لطبرق) أو قراراته من استجابة لانتظارات الليبيين، يرى فيها أيضاً الكثير من الأخطاء والتهاون بحق الوحدة الوطنية. وإن ما يدور في أروقة المؤتمر الوطني -المنتهية ولايته-، صواباً كان أو خطأ، يفقد صدقيته، لأنه يدور بالكامل خارج فلك الشرعية، وهنا يكمن كامل الإشكال.
والشارع الليبي يرى اليوم أن مشروعية التصدي للإرهاب -التي لا يملك إلا الوقوف معها- قد انزلقت وفق تداعيات الحروب والمعارك والمواجهات العسكرية الضروس بين الأطراف، إلى خانة من الممارسات فاقت بالظلم والقهر والتعذيب والتشريد ما قام به القذافي خلال سنوات حكمه الـ42 الحالكة، وأن الوضع العام -خارج أي بعد تعبوي- لم يعد قابلاً للتحمل، مع تفش موجع للجهوية عند كل الأطراف، وتراكم قراراتها الخاطئة وتجاوزاتها التي صارت تزكم رائحتها الأنوف والتراكمات التي تهدد بانفجار عاصف قد يطيح مستقبل البلد والولد.
وبالتالي، فإن الحل يكمن عند هذا التيار خارج هذه المحاولات السابقة، ويجب أن يتأتى بالأحرى في حضن الوطن، ومن أجل الوطن. الحل الذي يعقد الليبيون الأمل على تحققه عبر الحوار الذي يتم اليوم في المغرب، والذي يُنتظر أن يُنتج «حكومة توافق وطني» تنتصر لمسار العدالة الانتقالية (القانون الذي أقره المؤتمر الوطني، وأقره البرلمان)... لن يفلت معها ظالم من عقاب، ولا مظلوم من رد اعتبار. تنهض لجبر الضرر وإصلاح المؤسسات... والتي من شأنها بصورة أساسية أن تسحب الشرعية المطلقة من أي طرف، وتعطي بالضرورة لليبيا شرعية واحدة هي شرعية دولة العدل والقانون.
تبقى النقطة المضئية التي ما فتئت تلمع وسط حلكة اليأس الليبي، والتي من شأنها أن تقود هذا «الأمل» للتحقق، هي تواصل أعمال لجنة صياغة الدستور، الذي ستستند إليه آليات الشرعية المستقبلية، على رغم الخلافات والاختلافات، وبالتالي، لعل موعد ليبيا في «الصخيرات» مع التصالح، خطوة وطنية باتجاه زركشة وثيقة «الدستور» الضامن بلا أدنى شك لتجذر «التوافق» في تربة الوطن.
 

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 154,059,311

عدد الزوار: 6,932,667

المتواجدون الآن: 83