«النظام من الإيمان»: 3 أسابيع ولو كره المخالفون

تاريخ الإضافة السبت 2 كانون الثاني 2010 - 8:51 ص    عدد الزيارات 1183    التعليقات 0

        

النظام من الإيمان»: 3 أسابيع ولو كره المخالفون

 

\"مقاومةمقاومة الناس للنظام أتية من لامبالاة الدولة بهم كما يقولون (هيثم الموسوي)بعد 3 أسابيع على دخول الضاحية تجربة «النظام من الإيمان» بمبادرة من جمعية «قيم» التابعة لحزب الله، أين أصبحت الحملة التي دشّنت أمس أوّل نشاطاتها في «قمع التعديات على الأملاك العامة»؟

راجانا حمية
صراخ هائل يعلو داخل خيمة «الإكسبرس» عند الرصيف المواجه لمستديرة الكوكودي. فجأةً، يصبح الصراخ خارجاً. فيصبح مسموعاً بوضوح أكبر. صرخات بكلمات مبعثرة، لم يكن مفهوماً منها سوى «روق، روق، إلنا سنين على الرصيف، اليوم جايين تطبقوا علينا النظام؟». كانت الساعة تشير إلى العاشرة صباحاً. لم يكن الرجل الغاضب قد «استفتح» بعد، حين وقف صاحب الجرافة الصغيرة أمامه فجأةً، يدعوه إلى التنحّي ريثما.. «يمسح» خيمة الكافيتريا المرتجلة، تنفيذاً لأمر بلدية برج البراجنة بقمع التعديات على الأملاك العامة. وهو «الأمر» الأول بعد 3 أسابيع من انطلاق حملة «النظام من الإيمان».
لا حلول «حبّية» إذاً. فبعد إنذارين تلقّاهما شهاب المولى، صاحب الخيمة المخالفة، لم يعد في يده حيلة سوى الصراخ للدفاع «عن لقمة عيش 3 عائلات» حسب قوله. وقف أمام الجرافة وشرطة البلدية وقوى الأمن، والخوف يقفز من عينيه. يدور حوار أقرب إلى حوار الطرشان بين الشرطي البلدي والرجل الذي توسّله إمهاله فرصة عيد «فيها شوية صيد». لكن الشرطي كان مصرّاً على سؤاله ما إذا كان يعتبر خيمته مخالفة أم لا. فما كان من الأخير إلا القول «يا خيّي، شو خلصت المخالفات بأمة محمد، ما عاد في إلّا أنا؟». أجابه الشرطي غاضباً «شو رأيك إنّو أمة محمد بدها تبلّش من عندك».
لم يستسلم المولى إلّا بعدما نزع الشرطي جزءاً بسيطاً من الخيمة، وحرّر إنذاراً، هو الثالث، يتعهّد بموجبه المولى نزع خيمته بعد عشرة أيام، وإلّا فسيُحوّله إلى المدّعي العام.
يتوجّه المكلّفون تطبيق النظام نحو مخالفة أخرى غير بعيدة. فهنا، بين المخالفة والمخالفة، مخالفة. ترتفع الصرخات نفسها: «وين البديل؟». «ليش النظام بس علينا؟». «نحن لسنا ضد القانون، ولكن فليطبّق القانون على اللي فوق قبل ما ينزل لعندنا». «أين كانت الدولة منذ 25 عاماً عندما أسّسنا أعمالنا المخالفة؟».
لم يكن يوم أمس مشجّعاً للحملة. فبرغم الإنذارات الموجّهة إلى المخالفين منذ فترة، وبرغم اعتراف هؤلاء بمخالفتهم، فإن التجاوب لم يكن على قدر التوقّعات. كان عليهم المواجهة رغم اعترافهم بخطئهم. مواجهة قد تطول «بعض الشيء»، يقول المنسّق العام للحملة الأهلية للمساهمة في تطبيق النظام العام، حسين فضل الله. يعرف الرجل أن الطريق طويلة «فمن المبكر القول إن الضاحية ستتغيّر بمجرّد أننا أطلقنا الحملة».

محو الصورة الخاطئة عن الضاحية العصيّة على الدولة ولو غابت

إذاً، ثمة مواجهة. لكن، لا بد منها. فقد كبرت «الملفّات»، وباتت الحاجة ضرورية إلى توجيه ثقافي تعوّل عليه «قيم» كثيراً لضاحية جديدة. فضاحية كهذه عاشت التهميش والحرمان بسبب لا مبالاة «ذوي القربى» عقوداً متتالية، لم يعد بإمكانها الانفراد بمشاكلها وفقرها. فاقت الهموم قدرة الضاحية على سترها. بتعبير آخر، طافت. وحدها، لم تعد قادرة على المواجهة. لذلك، كان يوم أمس «الاستثنائي». بحضوره الأمني بمختلف ألوانه، ولذلك أيضاً، سيفهم الكثيرون رسالة الحملة على أنها «دعوة علنية للدولة للدخول أولاً، وممارسة دورها في تطبيق القانون، أو على الأقل المشاركة وتقاسم المسؤولية مع من تابعوا شؤون الضاحية في ذروة غيابها» حسب فضل الله. ولكن مع ذلك يرفض الرجل جعل حضور الدولة علانية في الضاحية، هدفاً وحيداً للحملة، مبرّراً قوله بأنه «يجب ألّا تسيطر علينا فكرة الحرمان كمسوّغ لمخالفة القانون. هذا واجب على المواطن». يسوق فضل الله تبريراً آخر لا يقلّ تصميماً عن الأول: «محو الصورة الخاطئة عن الضاحية العصيّة على الدولة»، فيشير إلى أنه «حتى لو كانت الدولة مقصّرة تجاه الضاحية، وربما ستبقى على هذا المسار، فإن ذلك لا يعطينا الحق في أن نصبّ جام غضبنا على مبادئ النظام العام، أو بعضنا بعضاً». لكن، كيف سيتقبّل المواطن فكرة الالتزام بنظام، مقابل اللاشيء الذي تبادره به الدولة، وهي الغائبة كليّاً، اللهم إلّا عن تحرير المخالفات؟ وكيف ستجري توعية هذا المواطن على نظام لم يعتده، بحجة الحرمان، وأرسى بدلاً منه «نظاماً» هو أقرب إلى فوضى الفقر واللاشرعية؟ هنا، كان لا بدّ لـ «قيم» من الابتكار، فكان ..الإيمان. ضربة موفّقة. استعانت «قيم» بالإيمان لتقريب ابن الضاحية، الملتزم غالباً، من النظام الذي ستشارك الدولة في تعزيزه. ما يعني ضرب «عصفورين بحجر واحد»: تعزيز النظام وحضور الدولة. لكن، السؤال هو: لمَ لا يكون الالتزام بالنظام انطلاقاً من مبدأ الإيمان ..بالقانون؟ لمَ الثقافة الدينية أساساً في موضوع لا يحتمل أكثر من الالتزام بمبدأ واجب؟ ولئن كان التساؤل مشروعاً، فإنّ من الصعب في مجتمع كالضاحية الجنوبية «اتّهام» قيم بأنها تروّج لثقافة النظام العام عن طريق ديني، ذلك أن الجمعية المتفرعة من «حزب الله»، لن تجد سبيلاً أفضل لإنجاح حملتها سوى هذا الطريق. جميعهم هناك، أو لنقُل الغالبية، حتى مخالفو يوم أمس، مؤمنون أن «قيم» مضطرّة إلى استعمال لغة الدين للتوعية. بإيضاح أكثر، يقول سمير خريس أحد السكان القدامى في المنطقة «إن أكثر شيء قد يتقبّله الإنسان هو دينه، فإن فرض الدين النظام فعلينا الالتزام». وبإصرار أكثر، تؤكّد زينب زعيتر أن «النظام في الأساس ينطلق من المبادئ التي يحددها الدين، وأي شخص يطبّق دينه فمن الطبيعي أنه سيكون قادراً على تطبيق النظام العام».
يشير هذا الإصرار إلى أن غير الملتزمين دينياً لن يجدوا ربما ما يشجعهم على احترام النظام، وخصوصاً مع تأكيد محمد عبادي، ابن الضاحية الآخر، أن حزب الله بحملته يتوجه لـ«يللي بيخصّوه». وعلى هذا الأساس، يستنتج عبادي أن «اللي ما بيخصّوه، أكيد ما بيلتزموا». لكن، هل هذا صحيح؟ لا يبدو الأمر كذلك. فغالبية أهل الضاحية يراهنون على عودة الدولة «معزّزة مكرّمة» إلى أرضها هنا، المطلوب «حمايتنا من السارقين على دراجاتهم النارية»، تقول حنان علي، كما أنّه مطلوب منها «تنظيم حركة السير» و«قمع المخالفات والتعديات على الأملاك العامة» و«معاملة الضاحية كغيرها من المناطق المسؤولة عنها». مطلوب منها اختصار المسافة بين الدولة والمواطن، بحيث تحل المخالفة سلمياً لا بـ«لعلعة الرصاص» من الطرفين. مطلوب منها الكثير، يقول فضل الله. فعلى المدى القصير، تتوخّى الحملة: توعية أبناء الضاحية على ثقافة الالتزام وتعويدهم إيّاها. والسعي لدى الدولة إلى القيام بمبادرات عملانية، كان نشاط أمس أولى حلقاتها، على أن تستكمل قيم ملفات المياه والكهرباء وقطاع النقل شيئاً فشيئاً. ملفات سيغوص فيها الجميع: قيم ومن ورائها حزب الله والبلديات والدولة أيضاً. وهذا ما تريده الجمعية، التي تضع نفسها في خانة «الوسيط الحريص بين المواطن والدولة». لكن، بين هذه الدولة وهذا المواطن علاقة مزمنة من فقدان الثقة، لذلك تأمل قيم في بداية مرحلة جديدة من «الصلح» مع الدولة «ألا تُحَلّ الخلافات على طريقة مار مخايل وحي السلم».
 



برنامج «قيم» الإنمائي

 

\"\"تستهدف حملة «النظام من الإيمان» محورين يسيران جنباً إلى جنب، وهما التوعية والبرامج العملانية. في المحور الأول، تقوم لجان البنايات ومندوبو الحملة بتنظيم لقاءات في الأحياء لترويج ثقافة النظام العام. وتسعى الحملة، بالتعاون مع وزارة التربية، إلى إدخال الفكرة في البرامج التربوية. في المحور الثاني، تعمل قيم على حل ملفات خدماتية منها الكهرباء والمياه وقطاع النقل وقمع المخالفات. على صعيد الكهرباء، نجحت قيم في «انتزاع» قرارٍ من مؤسسة كهرباء لبنان «يسمح للمقيمين على أملاك غير شرعية بوضع عداداتٍ للكهرباء». قرار من شأنه أن «يقلّص عدد المحولات المنفجرة بسبب خطوط التعليق العشوائية».
كما تستعد قيم وبلديات الضاحية لإقامة محطة تحويل في المنطقة توفّر لها 500 ميغاوات. وفي ملف المياه، دعت الجمعية شركة المياه لصيانة الشبكات المهترئة، وضخ كميات إضافية من المياه، وتنفيذ بعض المشاريع. وبالنسبة إلى تنظيم قطاع النقل، تعدّ قيم، بالتعاون مع اتحاد البلديات خطة سير جديدة.

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,067,776

عدد الزوار: 6,751,162

المتواجدون الآن: 94