من يقود اجتماع «أوبك» المقبل.. الصقور أم الحمائم؟

تاريخ الإضافة الأربعاء 29 تشرين الأول 2014 - 6:46 ص    عدد الزيارات 680    التعليقات 0

        

من يقود اجتماع «أوبك» المقبل.. الصقور أم الحمائم؟
حرب أسعار النفط تتأرجح بين السياسة والاقتصاد
الخبر: وائل مهدي
سنين طويلة حاولت فيها السعودية عبر وزير بترولها علي النعيمي أن تبعد منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) عن الخلافات السياسية التي كانت مهيمنة على اجتماعاتها في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، وأن تجعل مصالح السوق البترولية وأساسيات العرض والطلب محور اجتماعات وزراء المنظمة. وتمكنت السعودية إلى حد كبير من تحقيق هذه التوازن، إلا أن الهبوط الأخير في أسعار النفط يبدو أنه سيعيد الجميع إلى المربع السابق.

من كراكاس إلى طهران علت أصوات بعض رؤساء الدول الأعضاء في المنظمة، وبدأ الجميع يصدرون الأوامر إلى وزراء البترول في حكوماتهم، طالبين منهم التدخل لدعم الأسعار ورفعها. هذا الأمر سيجعل الوزراء أمام مهمة صعبة في الاجتماع المقبل، فمن جهة يجب على «أوبك» أن تفكر في السوق البترولية من ناحية اقتصادية وتجارية صرفة وتحمي حصتها السوقية حتى لو اضطرت للقبول بأسعار أقل، ومن الجهة الأخرى لن يروق للرؤساء أيضا تقبل أن يروا ميزانيات دولهم تهبط بصورة صاروخية بعد أن فقدت الأسعار نحو 25 في المائة من قيمتها خلال هذا الشهر مقارنة بشهر يونيو (حزيران) الماضي وأصبحت تتداول عند مستويات مقاربة لـ80 دولارا للبرميل.

وتعاني دول «أوبك» اليوم من إشكالية كبيرة جدا اسمها «سعر تعادل الميزانية» الذي أصبح يؤرق الجميع. وسعر تعادل الميزانية هو سعر برميل النفط الذي تحتاجه كل دولة حتى لا تشهد ميزانيتها عجزا ماليا وتضطر إلى الاستدانة أو استخدام موارد أخرى كالاحتياطات المالية لتغطية وسد العجز. وبسبب ازدياد اعتماد دول «أوبك» على النفط مصدرا رئيسا للدخل وفشل العديد من الدول في تقليل الاعتماد عليه، أصبح الكل رهين تقلبات الأسعار، وسياساتهم مرهونة بمصير البرميل.

* صراع الحمائم والصقور

* ويوجد داخل منظمة «أوبك» فريقان من الدول؛ الفريق الأول معروف بـ«الحمائم»، وهم الذين يريدون أسعارا معقولة لا تؤثر على الطلب من المستهلكين، ويقود هذا الفريق السعودية، ويضم دول الخليج الأخرى إضافة إلى أنغولا. أما الفريق الآخر فيعرف باسم «الصقور»، وهم الذين يريدون أسعار نفط عالية بغض النظر عن أي عوامل أخرى، ويرون أن على المستهلكين خاصة في الدول المتقدمة أن يتخلوا عما يسمونه «طمعهم» ويتشاركوا الثروة مع الدول الأقل نموا التي يتكون منها كل أعضاء «أوبك». ويضم فريق الصقور كلا من إيران والعراق وفنزويلا ونيجيريا إضافة إلى دول أخرى.

وعندما يجتمع الفريقان في فيينا الشهر المقبل، سيكون أمام الحمائم مهمة صعبة بإقناع الصقور بأي أمر سوى خفض إنتاج المنظمة وبالتالي رفع الأسعار. وهنا تكمن المشكلة. ومشكلة «أوبك» الأزلية ليست في قدرة المنظمة على خفض الإنتاج؛ بل في البحث عمن سيبدأ في تخفيض إنتاجه أولا. وفي حالات قليلة يتفق الجميع على الخفض كما حدث في اجتماع وهران في الجزائر عام 2008 عندما تكسرت الأسعار وهبطت من 147 دولارا في يوليو (تموز) من ذلك العام إلى مستويات عند 40 دولارا. وقرر وزراء «أوبك» في ذلك الاجتماع خفض الإنتاج بنحو 4.2 مليون برميل يوميا، وهو أعلى خفض تتخذه في قرار واحد خلال تاريخها. ولكن روح وهران لن تحضر في فيينا في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، حيث تدل كل الإشارات التي أرسلها الصقور والحمائم على أن الاجتماع لن يكون سهلا.

ففي الخليج أرسلت السعودية إلى السوق إشارات عديدة هذا الشهر بأنها لن تتخلى عن حصتها السوقية ولن تخفض الإنتاج وستقبل بأي سعر من أجل موازنة السوق والإبقاء على حصتها ثابتة. ثم لحقتها الكويت التي أعلنت بشكل صريح ورسمي على لسان وزير نفطها علي العمير أنها لن تقدم تنازلات تضر بمصالح الكويت الاقتصادية.

* فنزويلا تسبق الجميع في القلق

* ولكن في معسكر الصقور كان الأمر مختلفا.. ففي فنزويلا التي كانت أول من يعبر عن قلقه من هبوط أسعار النفط، تحدث الرئيس نيكولاس مادورو مباشرة عن الوضع وطلب من وزير الخارجية رافاييل راميريز أن يخاطب «أوبك» لعقد اجتماع استثنائي في محاولة لوقف تراجع سعر برميل النفط الذي سجل في الأشهر الأخيرة.

وقال راميريز الذي كان حتى أوائل الشهر الماضي وزيرا للنفط ومديرا عاما للشركة الوطنية للنفط، في مؤتمر صحافي في كراكاس: «إنني مقتنع بأن ذلك (أي الهبوط) ليس بسبب الأسواق؛ بل بتلاعب في الأسعار من أجل خلق مشكلات اقتصادية للدول الكبرى المنتجة للنفط». وكان سعر برميل النفط الفنزويلي يبلغ في المعدل 94.99 دولار في 2014، مقابل 98.08 دولار في 2013 و103.42 في 2012.

وأكد راميريز أنه «لا أحد يريد أن يتراجع سعر البرميل إلى أقل من 100 دولار للبرميل»، موضحا أن طلب عقد اجتماع استثنائي سيقدم خلال اجتماع مقرر أصلا لـ«أوبك» في 27 نوفمبر المقبل في فيينا. وتابع أن تراجع الأسعار ناجم عن زيادة في إنتاج الدول غير الأعضاء في «أوبك»، ملمحا إلى النفط الصخري الذي تعد الولايات المتحدة المنتج الأول له في العالم.

ولم ينتظر مادورو كثيرا حتى أعاد راميريز إلى مهمة تولي ملف «أوبك»، وهو ما سيضع الوزير في مهمة صعبة لكسب ثقة قائده والشعب الفنزويلي. ومن الطبيعي في هذه الظروف أن تظهر فنزويلا موقفا متشددا حيال خفض إنتاج «أوبك» لرفع الأسعار.

* إيران ترفع صوتها

* ورغم أن إيران لا ترى حاجة ملحة لعقد اجتماع استثنائي للمنظمة، فإنها لحقت بفنزويلا في المطالبة برفع الأسعار. ونقلت وكالة «مهر» الإيرانية هذا الأسبوع تصريحا لمسؤول نفطي إيراني هو محمد باقر نوباخت قال فيه إن الرئيس الإيراني حسن روحاني طلب الأسبوع الماضي من وزير النفط بيجان نامدار زنغنه استخدام «أدوات الدبلوماسية النفطية» من أجل وقف هبوط الأسعار.

وتحاول إيران الظهور بمظهر مغاير للصقور وبأنها هادئة، على عكس فنزويلا، حيث نشرت وكالة أخبار «شانا» الإيرانية وهي الوكالة الرسمية لوزارة النفط الإيرانية خبرا أول من أمس تقول فيه إن الرئيس روحاني استمع لشرح تفصيلي من الوزير زنغنه عن الأسباب السياسية والاقتصادية وراء هبوط الأسعار الحالي، إلا أن الدولة لا ترى أي حاجة لعقد اجتماع طارئ.

ولكن مهما اتسمت إيران بالهدوء، فإن الضغط على ميزانيتها قائم. وتقول أكثر من جهة اقتصادية وبحثية إن إيران ستحتاج إلى سعر نفط عند 130 إلى 140 دولار للبرميل حتى تتمكن من معادلة ميزانيتها بسبب ارتفاع الإنفاق وقلة الكمية التي تبيعها نتيجة للحظر المفروض على نفطها من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

ورغم أن فنزويلا تبدي قلقها حيال هبوط الأسعار، فإنها تحاول في الوقت نفسه أن تبدو غير مهتمة به من خلال التصريحات الرسمية.

وقال الرئيس الفنزويلي مادورو السبت الماضي إن ميزانية فنزويلا لعام 2015 ستقوم على أساس توقع وصول سعر النفط إلى 60 دولارا للبرميل، ولكنه كرر توقعاته بارتفاع الأسعار. وتخفض فنزويلا بشكل روتيني تقديراتها لأسعار النفط عند تخطيطها لميزانيتها للسماح بمزيد من الإنفاق فيما بعد بقيود أقل على الميزانية. وقدرت ميزانية فنزويلا لعام 2014 أسعار النفط أيضا بنحو 60 دولارا. وقال: «انظروا.. النفط يمكن أن يهبط إلى 40 دولارا، وسأضمن للشعب كل حقوقه الاجتماعية وحقوقه في التعليم والصحة والطعام والحياة. لدينا القدرة المالية لتمويل كل المشروعات التي يحتاجها الشعب».

* أسعار التعادل تضغط

* إيران ليست الدولة الوحيدة التي تعاني من ارتفاع أسعار التعادل في ميزانيتها؛ إذ إن هذا تطور أصاب الجميع في «أوبك» في السنوات الثلاث الأخيرة منذ أن بدأت أسعار النفط في الصعود. ووصل سعر سلة «أوبك» أمس إلى مستوى أقل بكثير مما تحتاجه العديد من الدول الأعضاء في المنظمة حتى تتعادل ميزانيتها ولا تسجل عجزا ماليا.

وأعلنت المنظمة أن سعر السلة التي تستخدمها لقياس أسعار النفط الخام لدولها الأعضاء قد هبط يوم الخميس الماضي إلى أقل من 83 دولارا للبرميل، وهذا هو أدنى مستوى له منذ 2010 حاذيا حذو الهبوط في أسعار القياس العالمية للنفط. وتحتاج دول «أوبك» إلى أن تبقي سعر سلتها في المتوسط عند 105 دولارات هذا العام حتى لا تسجل ميزانيتها أي عجز مالي، بحسب تقديرات نشرتها أول من أمس مؤسسة الاستثمارات البترولية العربية (أبيكورب)، التي تتخذ من الدمام مقرا لها وتمتلكها الدول العربية المصدرة للبترول.

وتضم سلة «أوبك» 12 نوعا من خامات النفط من الدول الأعضاء تتراوح من خام «مريات» الفنزويلي الثقيل إلى خام «صحاري» الجزائري الخفيف، وتشمل خام «العربي» الخفيف السعودي. ومن المرجح أن تواصل أسعار السلة التراجع ليوم الجمعة بعد مزيد من الهبوط في أسعار العقود الآجلة للنفط.

ولا تشكل الأسعار الحالية قلقا كبيرا لدول الخليج الأعضاء في المنظمة وهي: السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت وقطر نظرا لتمتعها باحتياطات مالية عالية، كما أن الأسعار التي تحتاجها لمعادلة الميزانية هذا العام ليست مرتفعة كباقي الدول في المنظمة مثل العراق وفنزويلا وإيران. وتحتاج السعودية، بحسب تقديرات من مصادر مختلفة، إلى أن يظل متوسط سعر نفط «برنت» عند مستوى 93 دولارا للبرميل هذا العام، إلا أن البنك الأهلي التجاري يرى أنها ستحتاج إلى 87.5 دولار لتعادل الميزانية ولا تسجل عجزا مع نمو الإنفاق الحقيقي هذا العام إلى 953 مليار ريال، وهو أعلى بما يقارب 100 مليار ريال عن الإنفاق المتوقع خلال العام الحالي الذي قدرته وزارة المالية في بداية العام.

ولكن مصرف «دويتشه بنك» الألماني أصدر تقريرا الأسبوع الماضي وضع فيه أسعار النفط التي تحتاجها دول «أوبك» عند مستويات عالية جدا. وتلاقي تقديرات «دويتشه بنك» قبولا واسعا في الصناعة.

وبحسب تقديرات «دويتشه» الألماني، فإن السعودية ستحتاج إلى متوسط سعر نفط يبلغ 99 دولارا لميزانية 2014، فيما ستحتاج الكويت إلى 75 دولارا، والإمارات إلى 80 دولارا. وستحتاج نيجيريا إلى 126 دولارا، فيما ستحتاج فنزويلا إلى 162 دولارا، وهو الأعلى بين كل «أوبك».

* الاجتماع الوزاري المقبل

* وتنتظر السوق بشغف معرفة ماذا ستفعله دول «أوبك» في الاجتماع المقبل؛ حيث تتعالى الأصوات المنادية بضرورة تخفيض المنظمة سقف إنتاجها البالغ 30 مليون برميل يوميا كي لا يزيد الفائض من إنتاج النفط في السوق كثيرا ويؤدي إلى استمرار هبوط الأسعار.

وفي ما يخص «أوبك»، قالت المنظمة في تقريرها هذا الشهر إنها لم تغير توقعاتها للطلب على نفطها هذا العام أو العام المقبل عن توقعاتها في الشهر الماضي. وتتوقع المنظمة أن يبلغ الطلب على نفط الدول الأعضاء فيها نحو 29.5 مليون برميل يوميا هذا العام، و29.2 مليون برميل يوميا خلال العام المقبل. وكلا التوقعين أقل من سقف الإنتاج الذي وضعته المنظمة والبالغ 30 مليون برميل يوميا. وأوضحت المنظمة في تقريرها الشهري بناء على توقعات مصادرها الخاصة أن تكون دول «أوبك» الـ12 قد أنتجت 30.4 مليون برميل يوميا في الشهر الماضي، أي بزيادة 400 ألف برميل عن سقف الإنتاج للمنظمة وبزيادة مماثلة عما أنتجته في شهر أغسطس (آب) الماضي. وجاءت غالبية هذه الزيادة من ليبيا بواقع 250 ألف برميل يوميا، تليها زيادة من العراق قدرها 134 ألف برميل يوميا.

وقال تقرير «أوبك» إن هبوط الأسعار أكثر من 20 دولارا للبرميل منذ نهاية يونيو (حزيران) الماضي، يعكس ضعف الطلب ووفرة المعروض، لكنه اتفق مع رؤية الأعضاء الخليجيين الرئيسيين في المنظمة بقوله إن الطلب في الشتاء سينعش السوق. وأضاف التقرير الصادر من مقر المنظمة في فيينا: «هذه الزيادة في الطلب ستؤدي إلى ارتفاع مشتريات المصافي من الخام، ومن ثم تدعم سوق النفط الخام أيضا في الأشهر المقبلة». ولن يكون الاجتماع المقبل سهلا، ولا يتصور أحد أن تقوم السعودية أو دول الخليج بخفض إنتاجها والتفريط في حصتها السوقية، كما تقول شركة «إنيرجي اسبكتس» اللندنية للأبحاث في تقرير صدر أمس. وقالت الشركة إن صمت السعودية جعل كثيرين يقلقون حيال خطوتها المقبلة التي لا تبدو واضحة. واعتبر التقرير أن المملكة ستتخلى عن دورها التقليدي في «أوبك» لضبط الأسعار والإنتاج وستهتم بمصلحتها وحصتها السوقية فقط. ويقول أحد المصادر في «أوبك» لـ«الشرق الأوسط»: «في الحقيقة الوضع صعب جدا، ولا أتصور أن السعودية ستفرط في حصتها لحساب أي أحد وستقبل بأي سعر تفرضه السوق. ولهذا يجب أن يكون هناك تنسيق حقيقي بين كل الدول أو ليتحمل الجميع الألم مع نزول الأسعار أكثر».

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,234,329

عدد الزوار: 6,941,532

المتواجدون الآن: 127