ما هو العامل المشترك بين المسلح الوحيد الناجي من هجمات مومباي والعقل المدبر المفترض لهجمات مومباي؟ الإجابة.. بنجاب باكستان

تاريخ الإضافة الإثنين 7 كانون الأول 2009 - 6:52 ص    عدد الزيارات 1182    التعليقات 0

        

\"\"
طلاب في إحدى المدارس الدينية في منطقة البنجاب في باكستان (أ.ب)

إسلام آباد: عمر فاروق
ما هو العامل المشترك بين أجمل كساب (المسلح الوحيد ا لناجي من هجمات مومباي الإرهابية)، وزاكيور رحمن لاكفي (العقل المدبر المفترض لهجمات مومباي الإرهابية)، وحافظ محمد سعيد (الرئيس السابق لحركة عسكر طيبة)؟ الإجابة: الجغرافيا. الجغرافيا هي العامل المشترك. فبخلاف خلفيتهم المسلحة، والروابط المزعومة بالهجمات الإرهابية في مومباي، فإنهم جميعا يأتون من مقاطعة البنجاب بباكستان، وهي من أغنى المناطق بها وأكثرها ازدحاما.

ومنذ العام الماضي، كانت أسماء القادة المسلحين من منطقة البنجاب تهيمن على رموز حركة طالبان القادمين من المناطق القبلية بباكستان، مثل بيت الله محسود وحكيم الله محسود. ويعود السبب في ذلك إلى أن وسائل الإعلام الباكستانية كان عليها أن تقدم تغطية إعلامية متوازنة للهجمات الإرهابية التي تحدث في البنجاب وإسلام آباد عاصمة باكستان (والتي تعد جزءا من البنجاب ثقافيا وجغرافيا)، وفي معظم الأحيان كانت الهجمات الإرهابية التي تحدث في البنجاب تستحوذ على مساحة أكبر في وسائل الإعلام المطبوعة والإلكترونية أكثر مما يستحوذ عليه الموقف المتأجج في المناطق القبلية.

فقد اشتعل فندق الماريوت التاريخي في إسلام آباد، كما أن فريق الكريكيت الأجنبي الوحيد الذي وافق على أن يلعب في باكستان تعرض للإرهاب على يد المسلحين في قلب لاهور. وقد حوصرت قوات الشرطة على يد رجال يحملون البنادق والقنابل اليدوية في مركز التدريب في ماناوان. وفي الوقت الذي كان فيه مسلحو حركة طالبان من المناطق القبلية يلعبون دورا محوريا في التخطيط لتلك الهجمات، نفذ معظمها السكان المحليون بمنطقة البنجاب.

وفي الهجوم الأخير الذي تعرض له مقر قيادة الجيش في راوالبندي، كان يقود مجموعة المهاجمين موظف سابق ساخط من الفيلق الطبي التابع للجيش ينحدر كذلك من منطقة البنجاب. وقد تم تقسيم المجموعة التي تتكون من عشرة أشخاص إلى خمس مجموعات تشتمل كل منها على أشخاص من المناطق القبلية والبنجاب.

وتنحدر معظم النخبة السياسية والعسكرية من البنجاب التي يقطنها أكثر من 60% من السكان في البلاد. وتعد تلك المنطقة من أكثر المناطق نفوذا على المستوى السياسي والاقتصادي في البلاد. ومع تزايد المراكز الحضرية، أصبحت منطقة البنجاب مركزا رئيسيا للنشاطات التجارية والصناعية.

وفي الوقت نفسه، فإن هناك روابط قوية تربط مجتمع البنجاب بحركات الإحياء الإسلامية عبر التاريخ. فيقول نديم مالك، عالم الاجتماع الباكستاني الذي يدرس في جامعة ملبورن: «من الناحية التاريخية، بدأت معظم الحركات الإحيائية الدينية في مناطق الشمال التي كانت تخضع للاحتلال البريطاني وازدهرت في البنجاب». ومن جهة أخرى، فإن جذور الإرهاب الطائفي ترجع إلى المراكز الحضرية في البنجاب. كما أن معظم هذه المؤسسات الإرهابية الطائفية (التي تنحدر من الحركات الإحيائية الإسلامية في الهند البريطانية في القرن التاسع عشر) لها قواعد في المدن في البنجاب.

ولكن على أي حال، فإن تلك الحركات الإحيائية الدينية والمنظمات الطائفية ظلت دائما على هامش التيار الرئيسي للسياسة في البنجاب. فيقول فسيح الرحمن، الصحافي المرموق والمعلق السياسي: «لم ينجح أي حزب سياسي ديني خلال الستين عاما الماضية في باكستان في الانتخابات في البنجاب حتى لمرة واحدة».

ولكن هذه المنظمات المسلحة الطائفية ذات الصلات القوية بالأحزاب السياسية الدينية أصبحت تمثل خطرا على السلام في البنجاب، التي يعد استقرارها ذا أهمية قصوى للاستقرار الشامل في باكستان.

وقد أثبتت حركة طالبان أنها قادرة على التكيف مع الظروف الجديدة كي تتمكن من تعزيز قوتها وتوسيع نطاق العمليات التي تقوم بها وكانت البنجاب آخر قواعدها.

ووفقا لقوات الشرطة الباكستانية والمسؤولين الحكوميين فإن ما يربط حركة طالبان البنجاب ـ مجموعة من المنظمات المسلحة الخارجة عن القانون والتي تعتمد على العنف الطائفي والتي تقاتل في الجزء الخاضع للهند من كشمير ـ وبعض الأعضاء من جماعة تحريك طالبان الباكستانية أنها جميعا أصبحت تمثل خطرا رئيسيا على البلاد. ويبدو أن تلك الشراكة تساعد طالبان على مد نفوذها جنوبا إلى مدن البنجاب، مثل ديرة غازي خان، ميانوالي، وبهكر؛ حيث إن قطاعا كبيرا من المواطنين ينتمون لحركة الديو بندي (إحدى الحركات الإسلامية الإحيائية التي نشأت في القرن التاسع عشر في الهند البريطانية) فبالتالي ربما تكون أكثر عرضة للتجنيد أو أنها على الأقل متعاطفة مع معتقدات حركات طالبان.

ويعتقد المسؤولون في باكستان أن حركة تحريك طالبان في البنجاب توفر الملاذ والمعلومات المتعلقة بمدن البنجاب إلى مسلحي القبائل كي يتمكنوا من تنفيذ العمليات الإرهابية. وفي المقابل يقدم مسلحو حركة طالبان الملجأ إلى طالبان البنجاب الذين يتعرضون لمطاردة الشرطة الباكستانية والاستخبارات منذ عام 2002 عندما منعت حكومة الرئيس السابق برويز مشرف المنظمات المسلحة.

ويذكر المسؤولون الباكستانيون أمثلة محددة للتعاون بين مسلحي القبائل وحركة طالبان البنجاب. فمثلا؛ كانت السيارة التي تم استخدامها في تفجير الماريوت في سبتمبر (أيلول) 2008 من جهنك في جنوبي البنجاب، بينما كان المفجر الانتحاري والمتفجرات من جنوب وزيرستان.

بالإضافة إلى أن المسلحين في عملية فريق الكريكيت السريلانكي كانوا قادمين من المناطق القبلية، بينما كان هؤلاء الذين قدموا العون والملجأ من لاهور وديرة غازي خان.

وقد كشفت التحقيقات في كلا الهجومين أن منظمة عسكر جنجوي المسلحة الطائفية التي تتمركز في البنجاب كانت خلف تلك الهجمات وكانت تتبع توجيهات بيت الله محسود.

يذكر أن حركة عسكر جنجوي ـ المجموعة الطائفية التي تورطت في قتل قيادات الشيعة في باكستان ـ كانت تمثل نقطة مركزية بالنسبة للمسلحين من البنجاب نظرا لأنها تعد الأكثر خبرة في شن الهجمات على الأهداف الغربية في باكستان.

وقد وجه المحققون الباكستانيون اتهامات لحركة عسكر جنجوي في الهجمات الإرهابية على القنصلية الأميركية في كراتشي في مايو (أيار) 2002، والهجمات على الكنيسة في إسلام آباد مارس (آذار) 2002.

ويقول المحللون إن التعاون الوثيق بين حركة تحريك طالبان الباكستانية والحركة المسلحة المتمركزة في البنجاب ليس مفاجئا على الإطلاق، حيث أن كلتيهما كانت تشترك في معسكرات التدريب وبعض المدربين في أفغانستان خلال فترة حكم طالبان هناك، إلا أن التعاون بينهما الذي لم يبدأ إلا قبل عام واحد كان أمرا جديدا تماما.

ويقول مسؤولون إن هذا التعاون يحتمل أن يعود إلى 2001 عندما حظر الرئيس الباكستاني السابق برويز مشرف التنظيمات المسلحة التي تتخذ من البنجاب مقرا لها، مثل عسكر طيبة وجيش محمد وحركة الجهاد الإسلامي وجماعة الأنصار. وهربت الكثير من هذه التنظيمات إلى شمال وجنوب وزيرستان، وأسست بعد ذلك معسكرات تدريب جديدة للمجندين الجدد القادمين من البنجاب.

ويعتقد مسؤولون في الأمن الباكستاني أن إنهاء هذا التعاون هو مفتاح لهزيمتها. وقال مسؤول: «من السهل تحديد هوية المسلحين القبليين وتمييزهم عن السكان في البنجاب بسبب اللغة، وسيكون من الصعوبة بمكان بالنسبة لهم أن يلوذوا بمدن البنجاب».

وخلال الأعوام الستين الماضية منذ الاستقلال، شهدت محافظة البنجاب الباكستانية تطورا اقتصاديا غير منتظم داخل الكثير من المناطق. وتبدد بعض المناطق المتطورة والتي تشهد رخاء في البنجاب الفكرة الاجتماعية التي تربط بين التطرف الديني والفقر وقلة التنمية.

وقد جاء أجمل كساب من منطقة في البنجاب بها نشاط اقتصادي، فقريته غنية في القطاع الزراعي وبها الكثير من الصناعات التي تعتمد على الزراعة التي توفر وظائف بصورة منتظمة للعدد المتنامي من السكان الشباب. وبالصورة نفسها، هناك مناطق غنية اقتصاديا في البنجاب أصبحت مفرخا للتطرف الديني.

ومن الأمثلة على ذلك كبيروالا، التي تقع قريبا من مدينة فريدكوت التي نشأ فيها أجمل كساب، وتقع كبيروالا في قلب حزام القطن الذي يوجد فيه الكثير من مصانع حلج القطن. ويوجد في المدينة واحدة من أكبر مدارس حركة ديو بندي وتعرف المدينة بالاتجاهات الطائفية داخلها.

وعلى الجانب الآخر، لا يمكن أن تدلل منطقة أخرى على الارتباط المباشر بين التطرف الديني والفقر وقلة التنمية أكثر من الأجزاء الجنوبية من البنجاب. وتقريبا لا يوجد قطاع صناعي هنا ولا يوجد سوى عدد قليل من الوظائف المكتبية في القطاعين العام والخاص. ويسيطر على القطاع الزراعي زعماء قبليون.

وفي عام 2008، استهدف مفجر انتحاري تجمعا دينيا في مدينة درا غازي خان، وهي مدينة تقع في جنوب البنجاب، وأدى ذلك إلى مقتل أكثر من 30 شخصا. ويقول محققون إن قاري إسماعيل ومصطفى قويساني، اللذين ألقي القبض عليهما بسبب الهجوم، خططا له بدعم من بيت الله محسود. وتتلامس الحدود الشمالية من جنوب البنجاب مع جنوب وزيرستان، التي تعد المعقل الرئيس لحركة طالبان. وتعيش قبيلة قيسري بالقرب من جنوب وزيرستان، ويقول زعيمها مير بادش خان قيسراني، وهو عضو في المجلس التشريعي الإقليمي في البنجاب، إن بعضا من رجال قبيلته يعبرون إلى منطقة القبائل وأفغانستان للمشاركة في القتال.

ولم تكن المدرسة الفكرية، التي تتبعها حركة ديو بندي (وهي الحركة الإسلامية الإحيائية التي تعود إلى الهند البريطاني في القرن التاسع عشر والتي ينتمي إليها معظم التنظيمات المسلحة والطائفية)، تحظى بشعبية كبيرة في البنجاب. ومع ذلك، تنتشر مدارس ديو بندي في مختلف أنحاء البنجاب، وبعض منها معروف بتفريخ أشهر الإرهابيين والمسلحين في العالم.

والمثال الأبرز على ذلك هو راشد رؤوف، وهو باكستاني يحمل الجنسية البريطانية، زُعم تورطه في التخطيط لمؤامرة استهدفت تفجير طائرات ركاب في الهواء. وقد ألقي القبض عليه في باكستان وبقي قيد الحجز لدى الهيئات الأمنية الباكستانية على مدار أكثر من عام، ولكنه هرب من يد الشرطة وتمكن من الوصول إلى منطقة القبائل الباكستانية حيث قتلته طائرة تعمل دون طيار خلال العام الماضي. وقد درس رشيد رؤوف الشريعة الإسلامية في إحدى مدارس ديو بندي بمدينة تقع في جنوب البنجاب.

ويقدم حق نواز جنجوي، مؤسس عسكر جنجوي، مثالا آخر، حيث أسس في الثمانينات من القرن الماضي تنظيم عسكر جنجوي، وهو تنظيم مسلح طائفي تورط في مقتل المئات من القادة الشيعة وعدد من الهجمات غرب باكستان. ودرس أيضا في إحدى مدارس ديو بندي في كبيروالا، وهي مدينة صناعية في البنجاب.

ومنذ عام واحد جذبت حركة طالبان البنجاب، كما أصبحت تعرف في وسائل الإعلام الدولية والباكستانية، باهتمام الجيش والاستخبارات الأميركية بها، حيث إنها أسست قواعد عبر الحدود في أفغانستان. وتركز الهجمات الأميركية باستخدام الطيارات التي تعمل من دون طيار منذ عام في منطقة القبائل الباكستانية على استهداف عناصر طالبان البنجاب المختبئة في المناطق القبلية بالقرب من الحدود الأفغانية. ولا يمكن أن تكون مصادفة أن قللت الحكومة الباكستانية من معارضتها لهجمات الطائرات الأميركية التي تعمل من دون طيار خلال 8 ـ 12 شهرا الأخيرة. وربما أصبح هناك اعتراف بأهمية استهداف طالبان البنجاب في إطار الجهود الدولية المبذولة في مجال مكافحة الإرهاب، ولكن جاء ذلك متأخرا.

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,778,135

عدد الزوار: 6,914,518

المتواجدون الآن: 111