عين الرمانة وشلل الفتيان والشبان المتضامنين في أحيائها الداخلية

تاريخ الإضافة الأحد 15 تشرين الثاني 2009 - 10:17 ص    عدد الزيارات 1360    التعليقات 0

        

العريض، صنين، البريد، المازدا، فضّول، غنوم، شكور، الصنوبرة، المراية، القزيلي وغيرها من احياء عين الرمانة وشوارعها التي تكررت اسماؤها في نشرات الاخبار ايام الحرب الاهلية، لكل منها اليوم شلته من الفتيان والشبان. الشلة الواحدة جامعها  انتماؤها الى الحي او الشارع، اضافة الى جامع آخر يوحد هذه الشلل في اوقات ومناسبات، هو انتماؤها الى المنطقة.
 

معظم هؤلاء الشبان والفتيان وفد الى عين الرمانة مع اسرته من الاطراف، في اوقات مختلفة، وبعضهم نزح اليها كما نزح أبناء القرى والارياف الفقيرة الى العاصمة وضواحيها بعد تهجيرهم من قراهم ابان الحرب الاهلية.
يشكل المهجّرون العدد الاكبر من سكان عين الرمانة، وأغلبهم من الجنوب وتحديداً من قرى الشريط الحدودي وشرق صيدا وقضاء جزين، ومن منطقتي عاليه والشوف. وهم استقروا في منطقة لا تقل خطورة عن قراهم.

 

الشلل وأسماء الاماكن

شبان عين الرمانة الموزعون على التقاطعات والشوارع الداخلية الضيقة، لا يزال طريق صيدا القديمة يشكل حداً فاصلاً بين احيائهم واحياء الضاحية الجنوبية المقابلة، فيعيشون حالاً دائمة من الترقب والحذر. يمكن لكل غريب عن المنطقة وعابر في شوارعها أن يلاحظ نظرات الريبة والحذر في عيون الشبان، وخصوصا حين مرور دراجات نارية أو سيارات ذات زجاج داكن أو "مفيّمة". تراوح أعمار الشبان ما بين السادسة عشرة والثلاثين. يبدأ انتشارهم في الشوارع عند زوايا البنايات، ابتداء من ساعات المساء الاولى. وهذا تقليد شعبي في عين الرمانة وسابق للحرب اللبنانية، كما في غيرها من الاحياء الشعبية. فأحياء عين الرمانة التابعة لبيروت الادارية، تشبه القرى في بعض ملامح حياتها الاجتماعية. فالالفة بين أهلها وأبنائها قائمة على التعارف والتضامن المحليين. اما التعاون والتضامن بين شلل شبان احيائها، فقوامهما التحادث والتسلية وتمضية الوقت في فترات بعد الظهر والمساء. بعض  الشبان يتخذ من المقاهي والارصفة مكاناً للتجمع والتلاقي. وهؤلاء من أبناء الطبقات ما دون المتوسطة أو الفقيرة. وتجمعهم على النواصي وعند زوايا البنايات مرتبط بحالة اقتصادية. فالشاب الذي يريد تمضية بعض الوقت والتسلية هو في الاساس عاجز عن ارتياد المطاعم والملاهي الليلية ودور السينما، فيلجأ الى أبناء حيه الذين يتجمعون في نقاط محددة، فباتوا من رواد هذه الاماكن وارتبطوا بها ارتباطا حميماً، وصاروا يعرفون بأسمائها. فشبان القزيلي مثلاً، على ما يسميهم الاهالي وشبان الاحياء الاخرى، هم الذين يجلسون على بضعة كراسي أمام محل القزيلي الذي يبيع البوظة والقهوة. اما شباب شكور فيتجمعون أمام محطة البنزين التي يملكها آل شكّور. وهناك ايضاً شباب صنين الذين يتخذون من محمصة صنين ورصيفها في مواجهة شارع أسعد الاسعد في الضاحية الجنوبية، مكانا للقاءاتهم.
 حال شباب عين الرمانة شبيهة بحال كل شباب الاحياء الذين يلتقون مساء في شوارع احيائهم. والحال نفسها تنطبق على بعض احياء الاشرفية، مثل كرم الزيتون وحيّ السريان وأحياء برج حمود والدورة. وأبناء عين الرمانة هم ابناء عين الرمانة، كما يعرفون عن انفسهم. فإذا سألت أحدهم من أي منطقة هو، يجيبك بأنه من عين الرمانة، ولو كانت سجلات قيده في الشمال او الجنوب أو الجبل. وحتى لو كان منزله وأقرباؤه هناك في تلك القرى، فهو يفاخر بانتمائه الى عين الرمانة.

 

هاجس الخوف

"نحن نعيش في هاجس الخوف من الاعتداء على منطقتنا، لذا نحن نراقب الشوارع". هذا ما يجيب به أحد شباب الاحياء في عين الرمانة لدى سؤاله عن أسباب مكوثه في الشارع مع شلة من صحبه. وهو يضيف بأن شعورهم بالامان وترك الشارع قد يؤدي الى دخول أبناء الشياح الى الحي في صورة مباغتة. هذا الخوف القديم والمتجدد هو  ظاهرة قائمة وتتضخم في دولة سقطت خطوط تماسها منذ ما يقارب عشرين سنة، وبقيت رواسبها حية على جهتي طريق صيدا القديمة الذي ظل عرضة للتوتر في اوقات كثيرة متباعدة، منذ نهاية الحرب. فمع كل حادثة أمنية أو سياسية أو اجتماعية أو حتى اقتصادية، يعود هذا الخط الى الغليان ويقفر من المارة وتقفل المحال التجارية الواقعة على جانبيه.
تنخفض وتيرة التجمعات والاستنفار في احياء عين الرمانة وفق الظروف السائدة في البلاد. فالتوترات التي سادت ما بين الاعوام 2005 و2009 كانت تجعل من عين الرمانة ساحة متأهبة.
ومع كل حادثة كان شبان عين الرمانة وفتيانها يضاعفون حضورهم عند التقاطعات والمداخل المؤدية الى منطقتهم. فعشية 14 شباط من كل عام تشهد حركة ناشطة لشبان الاحياء اثناء التحضيرات لهذه المناسبة التي تشارك فيها الاغلبية الساحقة من سكان المنطقة. وهذه حالهم ايضاً في  قداس الشهداء الذي تقيمه "القوات اللبنانية" في أيلول من كل عام. فيبدأ رصد المارة والسيارات الغريبة قبل أيام من تاريخ الاحتفال. وكلما احتفل "حزب الله" في مناسبة من مناسباته يخاف شبان عين الرمانة من ان يؤدي احتفال شبان الاحياء المقابلة في الضاحية الجنوبية، الى ان تصيبهم رصاصات الابتهاج، منذ ان درجت عادة اطلاق الرصاص ابتهاجاً اثناء  خطب الأمين العام للحزب واطلالاته التلفزيونية. أما في الايام العادية فيعود "انتشار" شباب عين الرمانة الى حالته الروتينية. ويقول رجل من أبناء المنطقة ممن عاصروا شبان عين الرمانة منذ الستينات عندما كان فتيّاً، ثم مسؤولاً عسكرياً بارزاً فيها اثناء الحروب الملبننة قبل أن يصبح أحد أبرز الموجهين والمرشدين لمعظم الشبان، يقول هذا الرجل ان ما يفعله الشبان من تجمع ومراقبة وحماية،  غير نابع من قرارات حزبية أو منظمة. فالشبان يتنادون بصفة فردية لأنهم اعتادوا على ذلك حتى في مرحلة الوصاية السورية، عندما كانت الاحزاب الموجودة في عين الرمانة محظورة وغير منظمة وغير قادرة على التحرك العلني. ويستطرد قائلاً إن المشكلة ليست مشكلة أحزاب بل مشكلة منطقتين، بغض النظر عن الاطراف السياسية المسيطرة.

 

قبل 2005 وبعدها

  تكمن المفارقة في عين الرمانة في قلّة الحوادث التي وقعت ما بعد 2005، أي في فترة الازمات السياسية والامنية التي تلت اغتيال الرئيس الحريري وجلاء الجيش السوري عن لبنان. وذلك مقارنة بالفترة التي سبقتها، أي منذ اوائل التسعينيات وحتى 2005، ايام كانت قبضة القوى الامنية أشدّ قوة وفاعلية. قبل 2005 كانت الحوادث بين الشياح وعين الرمانة شبه يومية، بحسب روايات كثيرين من الشبان، لكنها كانت تظل مكتومة غير معلنة، رغم وقوع عدد من الجرحى في الشجارات الكثيرة بين شبان المنطقتين. وبعض الشبان يقول ان تلك الحوادث كانت روتينية. لكن الامر اختلف بعد انتفاضة الاستقلال في 2005. فأعداد الشبان في عين الرمانة تقلص وتناقص، وبات وجودهم عادياً يقتصر على قلة من المياومين في الاحياء فقط. ويقول مسؤول عسكري سابق أن الوضع السياسي والامني الذي سبق ثورة الارز انعكس على معنويات أبناء المنطقة. فشوكة الشبان كانت مكسورة والعيون كانت مسلطة عليهم قبل 2005، بسبب هويتهم الحزبية والسياسية. فعين الرمانة اشتهرت بولائها لـ"القوات اللبنانية"، وهي تشكّل خزانها البشري الاكبر، وعدد كبير من أبنائها كانوا من ضبّاط ومقاتلي القوات، وفي كل حادثة ومناسبة، وبعد كل شجار فردي أو جماعي مع شبان الشياح الذين كانوا يدخلون الى المنطقة، كانت تحدث اعتقالات بالجملة في عين الرمانة، مع ما ينتج عن ذلك من اعادة فتح ملفات لا علاقة لها بالشجارات الحاصلة، بل تعود الى زمن الحرب وتترافق مع اتهامات عدة أبرزها القيام بنشاطات سياسية محظورة. فكان شبان عين الرمانة غالباً ما يتجنبون التدخل في رد التحرشات والشجارات. أما بعد 14 آذار 2005 وجلاء الجيش السوري وعودة التوازن النسبي بين القوى السياسية اللبنانية، فقد تنفس شبان عين الرمانة الصعداء، وقلّ خوفهم وحذرهم، وصاروا لا يهابون مواجهة الشبان الذين يدخلون الى المنطقة ويتحرشون بهم ويستثيرونهم، رغم ان الأجهزة الامنية الرسمية تملك صلاحيات تمكنها من حرية التحرك في عين الرمانة أكثر من المنطقة المقابلة التابعة لـ"المربع الامني" الذي تعجز اجهزة الأمن الرسمية عن اتخاذ الاجراءات اللازمة لتوقيف المشاغبين ووضع حدّ لتحرشاتهم وتصرفاتهم الشاذة، على ما روى رجل مسن في عين الرمانة. هذا فيما يقول احد الشبان: "لم نعد لقمة سائغة كما في السابق ولم يعد هناك من مجال لاستفرادنا بالطريقة التي كانت تحصل على أيدي النظام الامني السابق وأعوانه".

 

حوادث مشهودة

انخفاض حدة التوتر بين المنطقتين المتقابلتين في السنوات الاخيرة، انعكس نقصاً في أعداد شبان الاحياء الذين يحتشدون في نقاط التجمع في عين الرمانة. واذا كان لا مجال لذكر الحوادث التي كانت تحصل من دون الاعلان عنها قبل "عودة التوازن" الى البلاد، لكثرتها، فإن شبانا كثيرين في عين الرمانة لا تغيب عن ذاكرتهم الحوادث المعدودة التي حصلت في السنوات الاربع الماضية. وأبرزها الحادثة الاخيرة التي انعكست جواً من التوتر العام في البلاد، بعد مقتل الشاب جورج أبو ماضي على أيدي بعض شبان دخلوا من جهة الشياح الى محلة صنين المحاذية لطريق صيدا القديمة في عين الرمانة، بعد اشكال روتيني كان قد حصل بين شبان من المنطقتين. هذه الحادثة لم تكن الاولى، لكنها كانت الاقسى، لا سيما ان الجيش اللبناني كان قد أخلى مواقعه في منطقة ساخنة لا مجال لتوقيت التوتر الامني فيها. وقد ترافقت الحادثة مع انتقادات واسعة للجيش من الاهالي  الذين يعتبرون أنه كان على الجيش أن يبقي وجوده ثابتاً في تلك المنطقة، وخصوصاً بعد أن قدمت البلدية للجيش اللبناني مبنى يمكن استعماله ثكنة عسكرية، حرصاً على استتباب الامن في تلك الاحياء والشوارع.
 أما الحادثة الأكبر التي سبقت مقتل الشاب أبو ماضي فكانت في شباط 2008 يوم عمد عدد من شبان الشياح الى قطع الطرق واشعال الاطارات احتجاجاً على انقطاع التيار الكهربائي في منطقتهم، فاتخذ الاحتجاج طابعاً دموياً ذهب في اتجاهين. الاتجاه الاول تجلى في الاشتباك بين متظاهري الشياح والجيش اللبناني الذي جرى تحميله تبعات النتائج التي ترتبت على قيامه بواجبه لاعادة النظام. أما الاتجاه الثاني فتجلى في ان الاحتجاج المعيشي لشبان الشياح كاد أن يتحول الى جبهة مفتوحة مع شبان عين الرمانة، بعد توسع رقعة المتظاهرين لتصل الى حدود احياء عين الرمانة. فحماسة المتظاهرين قابلها استنفار من  شبان عين الرمانة الذين انتشروا على طول طريق صيدا القديمة، فحصلت بعض الاشتباكات التي أدت الى عدد من الاصابات في صفوف الطرفين.
 أما الحادثة الاغرب والتي لا تعني في أي شكل من الاشكال لا شباب عين الرمانة ولا غيرهم من المواطنين، فحدثت في حزيران 2006 عندما عمدت مجموعات من الشياح الى الدخول الى تخوم عين الرمانة  على اثر برنامج "بسمات وطن" الذي بثّته شاشة المؤسسة اللبنانية للارسال. حينذاك اقدمت مجموعات من شبان الشياح على افتعال عدد من الاشكالات مع شبان عين الرمانة، فسقط عدد من الجرحى في صفوف الطرفين، اضافة الى اضرار جسيمة اصابت السيارات وواجهات الابنية والمحال التجارية.
هذه الحوادث كانت أبرز ما حصل في السنوات الاخيرة، ونجم عنها وقوع عدد من الجرحى. والسمة البارزة في هذه الحوادث تتجلي في دخول زمر من الشياح الى أحياء عين الرمانة التي كان شبانها مستعدين للدفاع عن احيائهم، متمتعين بقدرة لا بأس بها على التعبئة والحشد. ذلك ان دقائق قليلة بعد كل شجار تكون كافية ليحتشد الشبان بكثافة في نقاط التوتر.

 

مختار الشياح

 "معارك الشوارع" التي تقع داخل احياء عين الرمانة، لا يقتصر المشاركون فيها على فتيان الشارع العاطلين عن العمل أو الدراسة، كما هي العادة في اي مجتمع له شارعه وزمره من الفتيان والشبان. فالجميع يشارك، من طلاب الجامعات الذين باتوا يشكلون عدداً كبيراً من الشباب في عين الرمانة، الى المتخرجين الذين بدأوا يمارسون مهنهم. وفي هذا السياق يخبر مختار الشياح ادمون عيراني أنه عندما جرى الاعتداء على السيارات والاملاك ليلة احتجاج جمهور "حزب الله" على برنامج "بسمات وطن"، لم يستطع ثني ابنه الذي يتابع  دراسة الطب في احدى جامعات باريس والذي صودف وجوده خلال اجازته السنوية في لبنان، عن التوجه الى نقطة التجمع لمساندة شبان منطقته. المختار عيراني يعتبر ان هذه الظاهرة ليست جديدة، والتضامن بين شبان عين الرمانة هو أمر طبيعي لأن الجميع معني بكل حادثة تتعرض لها المنطقة. ويرفض المختار تسمية الشياح- عين الرمانة ويعتبر ان المنطقة المعروفة اليوم بعين الرمانة هي الشياح، ويقول إن طريق صيدا القديمة هي الفاصل بين الشياح والغبيري وليس بين الشياح وعين الرمانة، لأن عين الرمانة ادارياً وتاريخياً هي حيّ من احياء فرن الشباك وليست المنطقة المعروفة اليوم بعين الرمانة. ويضيف عيراني ان بوسطة عين الرمانة الشهيرة التي اطلقت شرارة الحرب الاهلية في 13 نيسان 1975 لم تكن في عين الرمانة بل في الشياح. والشياح يبلغ عدد اعضاء بلديتها 18 مارونياً، اضافة الى خمسة مخاتير من الموارنة. وذكر المختار أن اسم عين الرمانة أطلق على احياء الشياح الواقعة في الناحية الشرقية من طريق صيدا القديمة مع انطلاق الحرب الاهلية، لتمييزها عن أحياء الشياح الواقعة في الناحية الغربية. وهذه تضمّ الحيّ الابيض الذي ألحق اليوم بمربع "حزب الله" الامني، اضافة الى بئر العبد ومحيط كنيسة مار مخايل، وذلك بعدما هجر اهالي هذه الاحياء احياءهم،  قبل أن يبيعوا املاكهم الى أبناء الطائفة الشيعية الذين يقيمون بأعداد كبيرة في احياء تلك المنطقة اليوم.

 

التضامن وتبعات الحرب

يمكن تشبيه أبناء عين الرمانة عند خروجهم من أحياء منطقتهم والتقائهم في أماكن العمل أو في الجامعات، بأبناء القرى الذين ما أن يصادف أحدهم الأخير، حتى تنشأ بينهما علاقة محلية وبلدية أو مناطقية حميمة تجعلهما مرتبطين معنوياً، من دون سابق معرفة. فاجتماع طلاب عين الرمانة حول طاولة واحدة في كافيتيريا الجامعة يعتبر طبيعياً، حتى ولو أن العلاقة بينهم لم تكن قائمة في عين الرمانة، ولا هي مستمرة لاحقاً في منطقتهم.
فهم يتعارفون عبر شبكات، وخصوصاً في فترات الانتخابات الطالبية، عندما تقوم خلايا الاحزاب باحصاء مناصريها. وفي هذا الاطار يقول أحد شبان عين الرمانة، وهو من الناشطين في مصلحة طلاب "القوات اللبنانية"، أن التصنيف السياسي البديهي للطلاب الذين يسكنون في عين الرمانة، هو في خانة قوى الرابع عشر من آذار عموماً، و"القوات" خصوصاً.
تقوم هذه الروابط بين الشبان على شعور أهلي ترسخ في زمن سابق، يعود الى أيام الحرب القاسية التي عاشتها عين الرمانة. وبعد توقف الحرب استمر هذا الشعور. فشظايا رصاص الابتهاج الذي أصبح تقليداً بعد العام 2005 والذي كان يطلق عشوائياً عند اطلالات امين عام حزب الله التلفزيوية، كانت تؤدي أحياناً الى اصابة مواطنين وممتلكاتهم. هذه الممارسة التي تهدف، وفق شباب عين الرمانة، الى توجيه رسائل من "الحزب" الى الداخل اللبناني، ولدت حالاً من النقمة لديهم. وهذا ما حملهم على اطلاق الرصاص غزيراً في عين الرمانة ليلة سنة عام 2006. ودأب الشبان على تلك العادة منذ ذلك الحين بهدف "تثبيت الوجود" وللردّ على التحدّي بتحدٍّ آخر. وفي احدى المرات، وعلى أثر مؤتمر صحافي لرئيس "الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع في نيسان 2007، والذي تضمن ردّاً على كلام للسيد نصرالله، أطلق بعض الشبان في عين الرمانة النيران عشوائياً ومن دون أي قرار حزبي، وفق الجهات الحزبية الفاعلة في المنطقة. وهذا أدى الى استنفار القوى الامنية الرسمية وغير الرسمية في المنطقة وعلى تخومها. لكن العمل هذا لم يتكرّر ولم يصبح عادة، بسبب تدخل "القوات اللبنانية" التي عملت على منع تكراره، كيلا يعتاده المواطنون في كل مناسبة ولمنع تعميمه على باقي المناطق.
يعيش مجتمع عين الرمانة حالاً من القسوة التي اعتادها بعض أهله منذ أيام الحرب. فسكان المنطقة حملوا البنادق منذ ساعات الحرب الاولى، بحكم إقامتهم على خط التماس، ولأن الاحزاب والمنظمات المسلحة، وخصوصاً مقاتلي الكتائب و"نمور الاحرار" وفي مرحلة لاحقة "القوات اللبنانية"، كانت فاعلة في تلك المنطقة. فالشرارة الاولى بدأت على أرضهم يوم 13 نيسان 1975.  ويقول المسؤول العسكري السابق إنه كان في الحادية عشرة من عمره يوم اندلعت الحرب، مما دفعه الى حمل السلاح منذ ذلك الحين. ويضيف بأن أبناء عين الرمانة أصبحوا مقاتلين، وبات من النادر أن تخلو عائلة من مقاتل واحد على الاقل. أما النازحون الى عين الرمانة، فقد كانوا بدورهم ممن قاسوا مرارة الحرب في قراهم والتهجير منها. فكان التحاقهم بالمنظمات المسلحة أمراً طبيعياً. فعسكرة مجتمع عين الرمانة جعل من أبنائها يعيشون في أجواء لم تنته آثارها مع انتهاء الحرب. والروح العسكرية بقيت آثارها في نفوس القسم الاكبر من الشباب والرجال. فـ"الجبهة اللبنانية" في أيام الحرب أطلقت اسم "مثلث الصمود" على عين الرمانة ومنطقتي التحويطة وفرن الشباك، نظراً لصمودها الذي دام شهوراً في مواجهة  حصار الجيش السوري وقصفه، من دون أن يستطيع دخول المنطقة.
 

رياض طوق 

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,725,154

عدد الزوار: 6,910,553

المتواجدون الآن: 91